أخبار اليوم - في ساحة منزله المتضرر جزئيًا في مدينة غزة، يتفقد الحاج أبو لؤي الكردي (58 عامًا) برميل المياه الأزرق الذي أعاده مؤخرًا إلى الخدمة، بعدما تمزق بفعل شظايا صاروخ إسرائيلي أصاب منزلًا مجاورًا. على سطح البرميل، تبدو آثار اللحام واضحة بلونها الداكن وملمسها الخشن.
يقول الكردي لصحيفة 'فلسطين': 'قبل الحرب، لم نكن نعير البرميل اهتمامًا. إذا تعطل، نشتري غيره. اليوم، أصبح أثمن ما نملك'، مشيرًا إلى أن عائلته المكوّنة من سبعة أفراد تعتمد عليه في كل ما يتعلق بالمياه: الشرب، والاستحمام، والطهي. ويضيف: 'حين بدأ يتسرب الماء من 13 فتحة، شعرت أننا في ورطة حقيقية'.
يوضح الكردي أن تكلفة شراء برميل جديد – في حال توفر – تفوق 1000 شيكل، وهو مبلغ لا يستطيع توفيره بعدما فقد عمله في مجال البناء 'الأسواق فارغة، والاحتلال يمنع إدخال الأدوات البلاستيكية أو معدات الصيانة. حتى أولئك الباعة البسطاء الذين كانوا يوفرون البراميل، توقفوا عن العمل'.
لكن في لحظة يأس، حضر شاب من الحي، يحمل معه موقدًا صغيرًا وقارورة غاز، وشرع في إذابة قطع من البلاستيك فوق الثقوب لإغلاقها.
يقول الكردي: 'بقي الشاب يعمل ثلاث ساعات، يذيب ويضغط ويصقل، ولم يطلب شيئًا في البداية، فقط قال: دعني أساعدكم، فالماء لا يمكن الاستغناء عنه'، يتابع أبو لؤي وهو يبتسم: 'هؤلاء الشبان أبطال. أنقذونا من العطش فعليًا. لم تكن هناك بدائل، وكل شيء باهظ الثمن. أعتبرهم خط الدفاع الأول عن الماء، في وقت أصبحت فيه كل قطرة ثمينة'.
مهنة وليدة الحرب
في الجهة المقابلة من الحكاية، يعمل غسان أبو يوسف (18 عامًا) يوميًا منذ ساعات الصباح وحتى غروب الشمس في إصلاح براميل المياه، متنقلًا بين البيوت المدمرة والخيام في مدينة غزة.
يقول أبو يوسف لـ'فلسطين': 'اضطررت للبحث عن أي مهنة قد تساعدني وتساعد الآخرين. عندما تعطّل البرميل لديّ، قررت إصلاحه بنفسي مستخدمًا قداحة ومسمارًا ساخنًا، ومع الوقت طوّرت أدواتي. اشتريت موقد لحام صغيرًا وعبوة غاز، وجمعت قطع بلاستيك من براميل تالفة'.
يحمل أبو يوسف أدواته في كيس قماشي، ويصلح يوميًا ما بين خمس إلى عشر براميل، معظمها تضررت بفعل الشظايا أو انصهرت بفعل الحرارة. يبدأ عمله بفرش قطعة قماش على الأرض لوضع أدواته: موقد لحام يعمل بالغاز، مفكّات، شفرات معدنية، وقطع بلاستيك. يحدد مواضع الثقوب بدقة، ثم يذيب البلاستيك تدريجيًا ويطبّقه على الشقوق باستخدام مفك ساخن.
'لا يجوز إذابة البلاستيك بسرعة أو ببطء شديد. يجب توزيع الحرارة بدقة لتغلق الشق دون أن تضعف جسم البرميل'، يوضح أبو يوسف بينما يتحسس مكان الإصلاح للتأكد من التماسك. في بعض الحالات، يطلب من صاحب البرميل مساعدته من الداخل لضغط البلاستيك. 'صارت بيني وبين البراميل ألفة'، يضحك.
بعد الانتهاء، يجفف موضع الإصلاح ويطلب تعبئة تجريبية. 'إذا لم تتسرّب المياه، أقول له: أصبح صالحًا للحياة من جديد'، يقول بفخر: 'الناس ينادونني بـ(الطبيب البيطري للبراميل)، وما كان أحد يتخيل أن إصلاح برميل قد يساوي حياة'.
إعادة البراميل للحياة
في خيمة صغيرة قرب مدرسة تابعة للأونروا غرب مدينة غزة، تجلس أم وسيم، وهي أم لخمسة أطفال، أمام برميل ماء مثقوب حاولت مرارًا تغطيته بقطع قماش وأغطية بلاستيكية دون جدوى. تقول بينما تحاول تهدئة صغيرها: 'كل يومين يفرغ البرميل قبل أن يحين دورنا في تعبئته من الصهاريج. الماء يضيع من الشقوق، والمرة القادمة قد لا نتمكن من تعبئته مجددًا'.
قبل أن تسمع عن مهنة إصلاح البراميل، كانت أم وسيم تخزن المياه في عبوات زيت فارغة وعبوات صغيرة 'كنت أحمل الجالونات أنا وأولادي ونتنقل بين الخيام، لكن لا شيء يكفي'، تضيف وهي تشير إلى البرميل الذي أصلحه أحد الشبان مؤخرًا.
'حين حضر الشاب وبدأ بإذابة البلاستيك، كنت أراقبه كأنه يصنع سحرًا'، تقول مبتسمة، ثم تتابع بجدية: 'فعليًا هو سحر. أعاد لنا البرميل للحياة. صرت أستحم أطفالي، أطبخ، وأنظف، دون قلق من تسرب المياه'.
وتختم: 'هؤلاء الشبان ليسوا مجرد عمال، إنهم منقذون. لولاهم، لكنا عانينا كثيرًا. براميل المياه أصبحت أثمن من الذهب، ومن يستطيع العيش بلا ماء؟'.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - في ساحة منزله المتضرر جزئيًا في مدينة غزة، يتفقد الحاج أبو لؤي الكردي (58 عامًا) برميل المياه الأزرق الذي أعاده مؤخرًا إلى الخدمة، بعدما تمزق بفعل شظايا صاروخ إسرائيلي أصاب منزلًا مجاورًا. على سطح البرميل، تبدو آثار اللحام واضحة بلونها الداكن وملمسها الخشن.
يقول الكردي لصحيفة 'فلسطين': 'قبل الحرب، لم نكن نعير البرميل اهتمامًا. إذا تعطل، نشتري غيره. اليوم، أصبح أثمن ما نملك'، مشيرًا إلى أن عائلته المكوّنة من سبعة أفراد تعتمد عليه في كل ما يتعلق بالمياه: الشرب، والاستحمام، والطهي. ويضيف: 'حين بدأ يتسرب الماء من 13 فتحة، شعرت أننا في ورطة حقيقية'.
يوضح الكردي أن تكلفة شراء برميل جديد – في حال توفر – تفوق 1000 شيكل، وهو مبلغ لا يستطيع توفيره بعدما فقد عمله في مجال البناء 'الأسواق فارغة، والاحتلال يمنع إدخال الأدوات البلاستيكية أو معدات الصيانة. حتى أولئك الباعة البسطاء الذين كانوا يوفرون البراميل، توقفوا عن العمل'.
لكن في لحظة يأس، حضر شاب من الحي، يحمل معه موقدًا صغيرًا وقارورة غاز، وشرع في إذابة قطع من البلاستيك فوق الثقوب لإغلاقها.
يقول الكردي: 'بقي الشاب يعمل ثلاث ساعات، يذيب ويضغط ويصقل، ولم يطلب شيئًا في البداية، فقط قال: دعني أساعدكم، فالماء لا يمكن الاستغناء عنه'، يتابع أبو لؤي وهو يبتسم: 'هؤلاء الشبان أبطال. أنقذونا من العطش فعليًا. لم تكن هناك بدائل، وكل شيء باهظ الثمن. أعتبرهم خط الدفاع الأول عن الماء، في وقت أصبحت فيه كل قطرة ثمينة'.
مهنة وليدة الحرب
في الجهة المقابلة من الحكاية، يعمل غسان أبو يوسف (18 عامًا) يوميًا منذ ساعات الصباح وحتى غروب الشمس في إصلاح براميل المياه، متنقلًا بين البيوت المدمرة والخيام في مدينة غزة.
يقول أبو يوسف لـ'فلسطين': 'اضطررت للبحث عن أي مهنة قد تساعدني وتساعد الآخرين. عندما تعطّل البرميل لديّ، قررت إصلاحه بنفسي مستخدمًا قداحة ومسمارًا ساخنًا، ومع الوقت طوّرت أدواتي. اشتريت موقد لحام صغيرًا وعبوة غاز، وجمعت قطع بلاستيك من براميل تالفة'.
يحمل أبو يوسف أدواته في كيس قماشي، ويصلح يوميًا ما بين خمس إلى عشر براميل، معظمها تضررت بفعل الشظايا أو انصهرت بفعل الحرارة. يبدأ عمله بفرش قطعة قماش على الأرض لوضع أدواته: موقد لحام يعمل بالغاز، مفكّات، شفرات معدنية، وقطع بلاستيك. يحدد مواضع الثقوب بدقة، ثم يذيب البلاستيك تدريجيًا ويطبّقه على الشقوق باستخدام مفك ساخن.
'لا يجوز إذابة البلاستيك بسرعة أو ببطء شديد. يجب توزيع الحرارة بدقة لتغلق الشق دون أن تضعف جسم البرميل'، يوضح أبو يوسف بينما يتحسس مكان الإصلاح للتأكد من التماسك. في بعض الحالات، يطلب من صاحب البرميل مساعدته من الداخل لضغط البلاستيك. 'صارت بيني وبين البراميل ألفة'، يضحك.
بعد الانتهاء، يجفف موضع الإصلاح ويطلب تعبئة تجريبية. 'إذا لم تتسرّب المياه، أقول له: أصبح صالحًا للحياة من جديد'، يقول بفخر: 'الناس ينادونني بـ(الطبيب البيطري للبراميل)، وما كان أحد يتخيل أن إصلاح برميل قد يساوي حياة'.
إعادة البراميل للحياة
في خيمة صغيرة قرب مدرسة تابعة للأونروا غرب مدينة غزة، تجلس أم وسيم، وهي أم لخمسة أطفال، أمام برميل ماء مثقوب حاولت مرارًا تغطيته بقطع قماش وأغطية بلاستيكية دون جدوى. تقول بينما تحاول تهدئة صغيرها: 'كل يومين يفرغ البرميل قبل أن يحين دورنا في تعبئته من الصهاريج. الماء يضيع من الشقوق، والمرة القادمة قد لا نتمكن من تعبئته مجددًا'.
قبل أن تسمع عن مهنة إصلاح البراميل، كانت أم وسيم تخزن المياه في عبوات زيت فارغة وعبوات صغيرة 'كنت أحمل الجالونات أنا وأولادي ونتنقل بين الخيام، لكن لا شيء يكفي'، تضيف وهي تشير إلى البرميل الذي أصلحه أحد الشبان مؤخرًا.
'حين حضر الشاب وبدأ بإذابة البلاستيك، كنت أراقبه كأنه يصنع سحرًا'، تقول مبتسمة، ثم تتابع بجدية: 'فعليًا هو سحر. أعاد لنا البرميل للحياة. صرت أستحم أطفالي، أطبخ، وأنظف، دون قلق من تسرب المياه'.
وتختم: 'هؤلاء الشبان ليسوا مجرد عمال، إنهم منقذون. لولاهم، لكنا عانينا كثيرًا. براميل المياه أصبحت أثمن من الذهب، ومن يستطيع العيش بلا ماء؟'.
فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - في ساحة منزله المتضرر جزئيًا في مدينة غزة، يتفقد الحاج أبو لؤي الكردي (58 عامًا) برميل المياه الأزرق الذي أعاده مؤخرًا إلى الخدمة، بعدما تمزق بفعل شظايا صاروخ إسرائيلي أصاب منزلًا مجاورًا. على سطح البرميل، تبدو آثار اللحام واضحة بلونها الداكن وملمسها الخشن.
يقول الكردي لصحيفة 'فلسطين': 'قبل الحرب، لم نكن نعير البرميل اهتمامًا. إذا تعطل، نشتري غيره. اليوم، أصبح أثمن ما نملك'، مشيرًا إلى أن عائلته المكوّنة من سبعة أفراد تعتمد عليه في كل ما يتعلق بالمياه: الشرب، والاستحمام، والطهي. ويضيف: 'حين بدأ يتسرب الماء من 13 فتحة، شعرت أننا في ورطة حقيقية'.
يوضح الكردي أن تكلفة شراء برميل جديد – في حال توفر – تفوق 1000 شيكل، وهو مبلغ لا يستطيع توفيره بعدما فقد عمله في مجال البناء 'الأسواق فارغة، والاحتلال يمنع إدخال الأدوات البلاستيكية أو معدات الصيانة. حتى أولئك الباعة البسطاء الذين كانوا يوفرون البراميل، توقفوا عن العمل'.
لكن في لحظة يأس، حضر شاب من الحي، يحمل معه موقدًا صغيرًا وقارورة غاز، وشرع في إذابة قطع من البلاستيك فوق الثقوب لإغلاقها.
يقول الكردي: 'بقي الشاب يعمل ثلاث ساعات، يذيب ويضغط ويصقل، ولم يطلب شيئًا في البداية، فقط قال: دعني أساعدكم، فالماء لا يمكن الاستغناء عنه'، يتابع أبو لؤي وهو يبتسم: 'هؤلاء الشبان أبطال. أنقذونا من العطش فعليًا. لم تكن هناك بدائل، وكل شيء باهظ الثمن. أعتبرهم خط الدفاع الأول عن الماء، في وقت أصبحت فيه كل قطرة ثمينة'.
مهنة وليدة الحرب
في الجهة المقابلة من الحكاية، يعمل غسان أبو يوسف (18 عامًا) يوميًا منذ ساعات الصباح وحتى غروب الشمس في إصلاح براميل المياه، متنقلًا بين البيوت المدمرة والخيام في مدينة غزة.
يقول أبو يوسف لـ'فلسطين': 'اضطررت للبحث عن أي مهنة قد تساعدني وتساعد الآخرين. عندما تعطّل البرميل لديّ، قررت إصلاحه بنفسي مستخدمًا قداحة ومسمارًا ساخنًا، ومع الوقت طوّرت أدواتي. اشتريت موقد لحام صغيرًا وعبوة غاز، وجمعت قطع بلاستيك من براميل تالفة'.
يحمل أبو يوسف أدواته في كيس قماشي، ويصلح يوميًا ما بين خمس إلى عشر براميل، معظمها تضررت بفعل الشظايا أو انصهرت بفعل الحرارة. يبدأ عمله بفرش قطعة قماش على الأرض لوضع أدواته: موقد لحام يعمل بالغاز، مفكّات، شفرات معدنية، وقطع بلاستيك. يحدد مواضع الثقوب بدقة، ثم يذيب البلاستيك تدريجيًا ويطبّقه على الشقوق باستخدام مفك ساخن.
'لا يجوز إذابة البلاستيك بسرعة أو ببطء شديد. يجب توزيع الحرارة بدقة لتغلق الشق دون أن تضعف جسم البرميل'، يوضح أبو يوسف بينما يتحسس مكان الإصلاح للتأكد من التماسك. في بعض الحالات، يطلب من صاحب البرميل مساعدته من الداخل لضغط البلاستيك. 'صارت بيني وبين البراميل ألفة'، يضحك.
بعد الانتهاء، يجفف موضع الإصلاح ويطلب تعبئة تجريبية. 'إذا لم تتسرّب المياه، أقول له: أصبح صالحًا للحياة من جديد'، يقول بفخر: 'الناس ينادونني بـ(الطبيب البيطري للبراميل)، وما كان أحد يتخيل أن إصلاح برميل قد يساوي حياة'.
إعادة البراميل للحياة
في خيمة صغيرة قرب مدرسة تابعة للأونروا غرب مدينة غزة، تجلس أم وسيم، وهي أم لخمسة أطفال، أمام برميل ماء مثقوب حاولت مرارًا تغطيته بقطع قماش وأغطية بلاستيكية دون جدوى. تقول بينما تحاول تهدئة صغيرها: 'كل يومين يفرغ البرميل قبل أن يحين دورنا في تعبئته من الصهاريج. الماء يضيع من الشقوق، والمرة القادمة قد لا نتمكن من تعبئته مجددًا'.
قبل أن تسمع عن مهنة إصلاح البراميل، كانت أم وسيم تخزن المياه في عبوات زيت فارغة وعبوات صغيرة 'كنت أحمل الجالونات أنا وأولادي ونتنقل بين الخيام، لكن لا شيء يكفي'، تضيف وهي تشير إلى البرميل الذي أصلحه أحد الشبان مؤخرًا.
'حين حضر الشاب وبدأ بإذابة البلاستيك، كنت أراقبه كأنه يصنع سحرًا'، تقول مبتسمة، ثم تتابع بجدية: 'فعليًا هو سحر. أعاد لنا البرميل للحياة. صرت أستحم أطفالي، أطبخ، وأنظف، دون قلق من تسرب المياه'.
وتختم: 'هؤلاء الشبان ليسوا مجرد عمال، إنهم منقذون. لولاهم، لكنا عانينا كثيرًا. براميل المياه أصبحت أثمن من الذهب، ومن يستطيع العيش بلا ماء؟'.
فلسطين أون لاين
التعليقات