عند التجول بين أرفف وممرات متاجر البقالة والسلع الغذائية، سوف تقع عيناك على ملصق 'عضوي' أو 'أورجانيك' (Organic) الموجود على عبوات بعض السلع الغذائية. بعضنا يُنفق قدرا كبيرا من المال للحصول على هذه الأطعمة، معتقدين أنها صحية أكثر من الأطعمة الأخرى التقليدية بحسب ما تروج له الشركات، لكن هل هذا الاعتقاد صحيح حقا؟
تُعرِّف الموسوعة البريطانية الأغذية العضوية بأنها الأغذية الطازجة التي تنتجها طرق الزراعة العضوية، وهي الزراعة التي لا تعتمد على المواد الكيميائية الاصطناعية، مثل مبيدات الآفات والأسمدة التي يصنعها الإنسان، والتي لا تتضمن استخدام تقنيات التعديل الوراثي. وتشمل الأطعمة العضوية المنتجات الطازجة واللحوم ومنتجات الألبان.(1)
في الولايات المتحدة الأميركية، يجب أن يفي إنتاج الأطعمة العضوية المعتمدة من وزارة الزراعة الأميركية بمجموعة محددة جدا من المعايير، بما في ذلك الحد الأدنى من استخدام المواد الكيميائية، والتغذية والرعاية المنظمة للماشية، وتجنب الهندسة الوراثية. في أميركا، تنطبق هذه المعايير على أي منتج زراعي يحمل ملصق 'عضوي'، سواء كان هذا المنتج من الفواكه أو الخضراوات أو منتجات الألبان والبيض والدواجن واللحوم والأسماك والأرز والحبوب وحتى بعض المنسوجات الطبيعية منذ أواخر القرن العشرين، نما سوق الأغذية العضوية بشكل كبير، ونشأت صناعة يُقدَّر حجمها بمليارات الدولارات، تقوم على أنظمة إنتاج ومعالجة وتوزيع المنتجات العضوية. في هذا الصدد، تشير البيانات الصادرة عن وزارة الزراعة الأميركية أن الإنفاق السنوي على الأطعمة والمشروبات العضوية ارتفع من نحو مليار دولار إلى 28 مليار دولار خلال عشرين عاما، بدءا من منتصف التسعينيات وحتى عام 2015. ورغم كون تكلفة الأطعمة العضوية تصل إلى ثلاثة أضعاف نظيرتها التقليدية، فإن عدد الأشخاص الذين يدفعون أموالهم مقابل الحصول على ما يعتقدون أنه أفضل الأطعمة المتاحة في تزايد مستمر.
ورغم رواج هذه الصناعة وإقبال الكثيرين عليها، فإن الأطعمة العضوية لا تزال موضوعا للنقاش والجدل، فمن جانبهم يقول المؤيدون إن الأطعمة العضوية غالبا ما تكون طازجة أكثر من نظيراتها التقليدية، كما أنها تخلو من المواد الكيميائية التي ارتبطت بمشكلات صحية متعددة، هذا بخلاف كونها أكثر صداقة للبيئة وتدعم التنوع البيولوجي، نظرا لأنها تتجنب استخدام الإضافات الكيميائية مثل مبيدات الآفات القاتلة للملقحات المفيدة، بما في ذلك النحل المسؤول عن إنتاج العسل. لكن على الجانب الآخر، هناك أخطاء شائعة في الفهم تتعلق بهذه المسألة، على سبيل المثال، يعتقد بعض الناس أن الزراعة العضوية تنتج أطعمة أكثر صحية من نظيرتها التقليدية، لكن البحوث والتجارب لم تستطع العثور على أي دليل على أن الأطعمة العضوية أكثر صحية بأي شكل من الأشكال.
مثلا، قام مشروع بحثي مستقل في المملكة المتحدة بمراجعة منهجية 162 مقالا دارت حول المقارنة بين المحاصيل العضوية والمحاصيل غير العضوية، نُشرت بين عامي 1958 و2008. احتوت هذه المقالات على ما مجموعه 3558 مقارنة لمحتوى العناصر الغذائية والمواد الأخرى في الأغذية العضوية والأغذية المنتجة تقليديا.
للمفاجأة، لم تجد المراجعة أي دليل على الإطلاق على أي اختلافات في محتوى أكثر من 15 عنصرا غذائيا مختلفا، بما في ذلك فيتامين سي، والكاروتين، والكالسيوم. نصت نتائج هذه المراجعة، التي نُشرت عام 2008 وحُدِّثت في عام 2010 على ما يلي: 'من المراجعة المنهجية للأدبيات المنشورة المتاحة حاليا، يتضح أن هناك نقصا في الأدلة على الجودة الغذائية والآثار الصحية الإيجابية التي تنتج عن استهلاك المواد الغذائية المنتجة عضويا'. أكدت دراسات أخرى أن الفروق في مستويات المغذيات والملوثات بين الأطعمة العضوية وغير العضوية لا تكاد تذكر، باستثناء الفوسفور، فقد كانت مستويات الفوسفور أعلى بكثير في المنتجات العضوية من المنتجات التقليدية، لكنَّ الباحثين يؤكدون هنا أن هذا الاختلاف قد لا يكون مهما من الناحية الصحية ولا يُعزز الجودة الغذائية. من ناحية أخرى، كانت مخاطر التلوث بمخلفات مبيدات الآفات وغيرها من الملوثات أقل بين المنتجات العضوية مقارنة بالمنتجات التقليدية، لكن الاختلافات في مخاطر تجاوز الحد الأقصى المسموح به من هذه الملوثات كانت صغيرة. مثلا، لم تختلف مخاطر الإصابة بمرض الإشريكية القولونية 'E.coli' بين المنتجات العضوية والتقليدية. كذلك أوضحت الدراسات أن التلوث البكتيري للدجاج الذي يباع بالتجزئة شائع بشكل متساو في المنتجات العضوية وغير العضوية. الأهم من كل ذلك ربما أن المنتجات التي تحمل عبارة 'عضوي' قد لا تحتوي على مكونات طبيعية بشكل كامل كما تسوق الشركات، فمثلا، في الولايات المتحدة الأميركية، يمكن أن تحتوي المنتجات التي تحمل ملصق 'مصنوعة من مكونات عضوية' على أقل من 70% من المحتوى العضوي. هنا يجب أن تعرف أن كيس رقائق الذرة المُدون عليه كلمة 'عضوي' يكون مصنوعا من الذرة العضوية والزيوت غير العضوية، ورغم ذلك، يظل المنتج مصنفا ضمن قوائم الطعام العضوي لأن الجزء المُعالج منه لا يزال يلبي المعايير الحكومية.
إهدار للمال؟! في ضوء ذلك، لعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن إنفاق المزيد من الأموال من أجل استهلاك المنتجات العضوية ما هو إلا حيلة لإهدار المال. هذه الحقيقة خلصت إليها دراسة أجرتها جامعة ستانفورد عام 2012 قامت على تحليل تلوي هو الأكثر شمولا حتى حينه للدراسات التي تقارن الأطعمة العضوية والتقليدية، حيث لم يجد الباحثون دليلا قويا على أن الأطعمة العضوية مغذية أكثر أو تحمل مخاطر صحية أقل من البدائل التقليدية. تقول دينا برافاتا، الباحثة الرئيسية في الدراسة: 'إذا كنت شخصا بالغا وتتخذ قرارا يعتمد فقط على صحتك، فيجب أن تعرف هنا أنه لا يوجد فرق كبير بين الأطعمة العضوية والتقليدية'.
خلال عملها، كشفت برافاتا عما وصفته بـ'مجموعة دراسات مربكة'، بما في ذلك بعض الدراسات التي لم تكن صارمة للغاية، والتي تظهر بشكل أساسي في المنشورات الدعائية والتجارية.
في هذا السياق، يُخبرنا تقرير نشرته مجلة 'ساينتفك أميركان' (Scientific ِAmerican) أن الجوانب الدعائية للأطعمة العضوية قد تكون زائفة تماما أو على الأقل غير حقيقية بالقدر الذي قد يعتقده البعض، يوضح التقرير أن هناك الكثير من الخرافات حول الأطعمة العضوية، والكثير من طرق الدعاية الداعمة التي نادرا ما تُفهَم بالكيفية الصحيحة. من هذه الخرافات أن المزارع العضوية لا تستخدم المبيدات الحشرية. هنا، توضح رابطة التربة، وهي هيئة في المملكة المتحدة، أنها حينما سألت المستهلكين عن سبب شرائهم للأغذية العضوية، قال 95% منهم إن السبب الرئيسي وراء هذا هو تجنب المبيدات الحشرية. يعتقد هؤلاء المستهلكون وغيرهم أن الزراعة العضوية تنطوي على استخدام القليل من مبيدات الآفات أو عدم استخدامها على الإطلاق. يُشير التقرير إلى أن هذا الأمر ليس صحيحا، فالزراعة العضوية مثل أشكال الزراعة الأخرى، تستخدم مبيدات الآفات ومبيدات الفطريات لمنع الآفات والفطريات من تدمير محاصيلها.(4) في الولايات المتحدة الأميركية مثلا، يضمن ملصق 'عضوي 100%' تحقيق مواصفات تعريف وزارة الزراعة الأميركية، التي تتضمن أن يكون المنتج قد زُرع بأسمدة خالية من المكونات الاصطناعية أو مياه الصرف الصحي، لكن ذلك لا يعني بالضرورة عدم وجود مبيدات حشرية أو مبيدات أعشاب في عملية الإنتاج.
يؤكد التقرير أن هناك أكثر من 20 مادة كيميائية شائعة الاستخدام في زراعة ومعالجة المحاصيل العضوية التي تمت الموافقة عليها من قِبَل المعايير العضوية الأميركية، هذا بخلاف أن مبيدات الآفات العضوية تُستخدم بشكل مكثف أكثر من المبيدات الاصطناعية بسبب انخفاض مستويات فعاليتها. في الواقع، فإن ما يجعل الزراعة العضوية مختلفة عن الزراعة التقليدية ليس تقليل استخدام المبيدات أو عدم استخدامها، بل يكمن الاختلاف في أصل وتكوين المبيدات المستخدمة، فمبيدات الآفات العضوية مشتقة من مصادر طبيعية ومعالجة بشكل طفيف قبل استخدامها. هذا يختلف عن المبيدات المستخدمة في الزراعة التقليدية، التي عادة ما تكون اصطناعية تماما.
لسنوات طويلة ورُبما لعقود، طُرح افتراض أن مبيدات الآفات التي تتكون بشكل طبيعي في نباتات معينة هي بطريقة ما أفضل بالنسبة لنا وللبيئة من المبيدات التي صنعها الإنسان. لكن بعد إجراء المزيد من الأبحاث حول مدى سُمّية هذه المبيدات، اتضح أن هذا الافتراض ليس صحيحا، حيث وُجد أن العديد من مبيدات الآفات الطبيعية تُشكِّل مخاطر صحية ليست هينة. مثلا: استُخدم مبيد الروتينون (Rotenone) على نطاق واسع في الولايات المتحدة، ولأنه طبيعي المنشأ، ويوجد بشكل طبيعي في جذور وسيقان عدد صغير من النباتات شبه الاستوائية، فقد كان يُعَدُّ آمنا وعضويا. ومع ذلك، أظهرت الأبحاث أن الروتينون خطير للغاية لأنه يقتل الآفات من خلال مهاجمة الميتوكوندريا، مراكز الطاقة لجميع الخلايا الحية. وجدت الأبحاث أن التعرض للروتينون تسبب في ظهور أعراض شبيهة بمرض باركنسون في الفئران، ولديه القدرة على قتل العديد من أنواع الكائنات الحية، بما في ذلك البشر. بناء على هذه النتائج توقف استخدام الروتينون مبيدا للآفات بالفعل في الولايات المتحدة اعتبارا من عام 2005.
هل يجب عليّ شراء طعام عضوي؟ الخلاصة إذن هي أن التقارير والدراسات الأكثر موثوقية تخبرنا أن الأطعمة العضوية والتقليدية متطابقة بشكل متساوٍ في القيمة الغذائية، حيث لا توجد أدلة كافية تشير إلى أن إحدى طرق الزراعة تجعل الطعام أكثر فائدة من الطرق الأخرى.
ماذا إذن عن الجوانب البيئية؟ الكثير من المؤيدين للأطعمة العضوية كانوا قد وجَّهوا انتقاداتهم لدراسة ستانفورد السابق الإشارة إليها والتي لم تجد أي فائدة غذائية للأطعمة العضوية، وهم يقولون إن الأمر لا يتعلق بما تحتويه الأطعمة العضوية، بل بما لا تحتويه، موضحين أن تجنب بقايا المبيدات هو السبب الأول وراء شراء الناس للأطعمة العضوية. ربما يكون هذا صحيحا جزئيا لكنْ هناك ملاحظتان لا يمكن تجاهلهما، الأولى هي أن كل الطعام في السوق لا يتخطى النسب الضارة من بقايا المبيدات الحشرية (كان عضويا أم لا)، والثانية أن فارق السعر (الذي عادة ما يكون أضعافا) لا يمكن تبريره مع هذه الفروق الطفيفة التي لا تكاد تذكر، ما يجعل الأغذية والمنتجات العضوية أقرب إلى موجة دعائية أكثر بكثير من كونها أسلوب حياة صحي أو نمط معيشة أكثر استدامة من الناحية البيئية.
الجزيرة
عند التجول بين أرفف وممرات متاجر البقالة والسلع الغذائية، سوف تقع عيناك على ملصق 'عضوي' أو 'أورجانيك' (Organic) الموجود على عبوات بعض السلع الغذائية. بعضنا يُنفق قدرا كبيرا من المال للحصول على هذه الأطعمة، معتقدين أنها صحية أكثر من الأطعمة الأخرى التقليدية بحسب ما تروج له الشركات، لكن هل هذا الاعتقاد صحيح حقا؟
تُعرِّف الموسوعة البريطانية الأغذية العضوية بأنها الأغذية الطازجة التي تنتجها طرق الزراعة العضوية، وهي الزراعة التي لا تعتمد على المواد الكيميائية الاصطناعية، مثل مبيدات الآفات والأسمدة التي يصنعها الإنسان، والتي لا تتضمن استخدام تقنيات التعديل الوراثي. وتشمل الأطعمة العضوية المنتجات الطازجة واللحوم ومنتجات الألبان.(1)
في الولايات المتحدة الأميركية، يجب أن يفي إنتاج الأطعمة العضوية المعتمدة من وزارة الزراعة الأميركية بمجموعة محددة جدا من المعايير، بما في ذلك الحد الأدنى من استخدام المواد الكيميائية، والتغذية والرعاية المنظمة للماشية، وتجنب الهندسة الوراثية. في أميركا، تنطبق هذه المعايير على أي منتج زراعي يحمل ملصق 'عضوي'، سواء كان هذا المنتج من الفواكه أو الخضراوات أو منتجات الألبان والبيض والدواجن واللحوم والأسماك والأرز والحبوب وحتى بعض المنسوجات الطبيعية منذ أواخر القرن العشرين، نما سوق الأغذية العضوية بشكل كبير، ونشأت صناعة يُقدَّر حجمها بمليارات الدولارات، تقوم على أنظمة إنتاج ومعالجة وتوزيع المنتجات العضوية. في هذا الصدد، تشير البيانات الصادرة عن وزارة الزراعة الأميركية أن الإنفاق السنوي على الأطعمة والمشروبات العضوية ارتفع من نحو مليار دولار إلى 28 مليار دولار خلال عشرين عاما، بدءا من منتصف التسعينيات وحتى عام 2015. ورغم كون تكلفة الأطعمة العضوية تصل إلى ثلاثة أضعاف نظيرتها التقليدية، فإن عدد الأشخاص الذين يدفعون أموالهم مقابل الحصول على ما يعتقدون أنه أفضل الأطعمة المتاحة في تزايد مستمر.
ورغم رواج هذه الصناعة وإقبال الكثيرين عليها، فإن الأطعمة العضوية لا تزال موضوعا للنقاش والجدل، فمن جانبهم يقول المؤيدون إن الأطعمة العضوية غالبا ما تكون طازجة أكثر من نظيراتها التقليدية، كما أنها تخلو من المواد الكيميائية التي ارتبطت بمشكلات صحية متعددة، هذا بخلاف كونها أكثر صداقة للبيئة وتدعم التنوع البيولوجي، نظرا لأنها تتجنب استخدام الإضافات الكيميائية مثل مبيدات الآفات القاتلة للملقحات المفيدة، بما في ذلك النحل المسؤول عن إنتاج العسل. لكن على الجانب الآخر، هناك أخطاء شائعة في الفهم تتعلق بهذه المسألة، على سبيل المثال، يعتقد بعض الناس أن الزراعة العضوية تنتج أطعمة أكثر صحية من نظيرتها التقليدية، لكن البحوث والتجارب لم تستطع العثور على أي دليل على أن الأطعمة العضوية أكثر صحية بأي شكل من الأشكال.
مثلا، قام مشروع بحثي مستقل في المملكة المتحدة بمراجعة منهجية 162 مقالا دارت حول المقارنة بين المحاصيل العضوية والمحاصيل غير العضوية، نُشرت بين عامي 1958 و2008. احتوت هذه المقالات على ما مجموعه 3558 مقارنة لمحتوى العناصر الغذائية والمواد الأخرى في الأغذية العضوية والأغذية المنتجة تقليديا.
للمفاجأة، لم تجد المراجعة أي دليل على الإطلاق على أي اختلافات في محتوى أكثر من 15 عنصرا غذائيا مختلفا، بما في ذلك فيتامين سي، والكاروتين، والكالسيوم. نصت نتائج هذه المراجعة، التي نُشرت عام 2008 وحُدِّثت في عام 2010 على ما يلي: 'من المراجعة المنهجية للأدبيات المنشورة المتاحة حاليا، يتضح أن هناك نقصا في الأدلة على الجودة الغذائية والآثار الصحية الإيجابية التي تنتج عن استهلاك المواد الغذائية المنتجة عضويا'. أكدت دراسات أخرى أن الفروق في مستويات المغذيات والملوثات بين الأطعمة العضوية وغير العضوية لا تكاد تذكر، باستثناء الفوسفور، فقد كانت مستويات الفوسفور أعلى بكثير في المنتجات العضوية من المنتجات التقليدية، لكنَّ الباحثين يؤكدون هنا أن هذا الاختلاف قد لا يكون مهما من الناحية الصحية ولا يُعزز الجودة الغذائية. من ناحية أخرى، كانت مخاطر التلوث بمخلفات مبيدات الآفات وغيرها من الملوثات أقل بين المنتجات العضوية مقارنة بالمنتجات التقليدية، لكن الاختلافات في مخاطر تجاوز الحد الأقصى المسموح به من هذه الملوثات كانت صغيرة. مثلا، لم تختلف مخاطر الإصابة بمرض الإشريكية القولونية 'E.coli' بين المنتجات العضوية والتقليدية. كذلك أوضحت الدراسات أن التلوث البكتيري للدجاج الذي يباع بالتجزئة شائع بشكل متساو في المنتجات العضوية وغير العضوية. الأهم من كل ذلك ربما أن المنتجات التي تحمل عبارة 'عضوي' قد لا تحتوي على مكونات طبيعية بشكل كامل كما تسوق الشركات، فمثلا، في الولايات المتحدة الأميركية، يمكن أن تحتوي المنتجات التي تحمل ملصق 'مصنوعة من مكونات عضوية' على أقل من 70% من المحتوى العضوي. هنا يجب أن تعرف أن كيس رقائق الذرة المُدون عليه كلمة 'عضوي' يكون مصنوعا من الذرة العضوية والزيوت غير العضوية، ورغم ذلك، يظل المنتج مصنفا ضمن قوائم الطعام العضوي لأن الجزء المُعالج منه لا يزال يلبي المعايير الحكومية.
إهدار للمال؟! في ضوء ذلك، لعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن إنفاق المزيد من الأموال من أجل استهلاك المنتجات العضوية ما هو إلا حيلة لإهدار المال. هذه الحقيقة خلصت إليها دراسة أجرتها جامعة ستانفورد عام 2012 قامت على تحليل تلوي هو الأكثر شمولا حتى حينه للدراسات التي تقارن الأطعمة العضوية والتقليدية، حيث لم يجد الباحثون دليلا قويا على أن الأطعمة العضوية مغذية أكثر أو تحمل مخاطر صحية أقل من البدائل التقليدية. تقول دينا برافاتا، الباحثة الرئيسية في الدراسة: 'إذا كنت شخصا بالغا وتتخذ قرارا يعتمد فقط على صحتك، فيجب أن تعرف هنا أنه لا يوجد فرق كبير بين الأطعمة العضوية والتقليدية'.
خلال عملها، كشفت برافاتا عما وصفته بـ'مجموعة دراسات مربكة'، بما في ذلك بعض الدراسات التي لم تكن صارمة للغاية، والتي تظهر بشكل أساسي في المنشورات الدعائية والتجارية.
في هذا السياق، يُخبرنا تقرير نشرته مجلة 'ساينتفك أميركان' (Scientific ِAmerican) أن الجوانب الدعائية للأطعمة العضوية قد تكون زائفة تماما أو على الأقل غير حقيقية بالقدر الذي قد يعتقده البعض، يوضح التقرير أن هناك الكثير من الخرافات حول الأطعمة العضوية، والكثير من طرق الدعاية الداعمة التي نادرا ما تُفهَم بالكيفية الصحيحة. من هذه الخرافات أن المزارع العضوية لا تستخدم المبيدات الحشرية. هنا، توضح رابطة التربة، وهي هيئة في المملكة المتحدة، أنها حينما سألت المستهلكين عن سبب شرائهم للأغذية العضوية، قال 95% منهم إن السبب الرئيسي وراء هذا هو تجنب المبيدات الحشرية. يعتقد هؤلاء المستهلكون وغيرهم أن الزراعة العضوية تنطوي على استخدام القليل من مبيدات الآفات أو عدم استخدامها على الإطلاق. يُشير التقرير إلى أن هذا الأمر ليس صحيحا، فالزراعة العضوية مثل أشكال الزراعة الأخرى، تستخدم مبيدات الآفات ومبيدات الفطريات لمنع الآفات والفطريات من تدمير محاصيلها.(4) في الولايات المتحدة الأميركية مثلا، يضمن ملصق 'عضوي 100%' تحقيق مواصفات تعريف وزارة الزراعة الأميركية، التي تتضمن أن يكون المنتج قد زُرع بأسمدة خالية من المكونات الاصطناعية أو مياه الصرف الصحي، لكن ذلك لا يعني بالضرورة عدم وجود مبيدات حشرية أو مبيدات أعشاب في عملية الإنتاج.
يؤكد التقرير أن هناك أكثر من 20 مادة كيميائية شائعة الاستخدام في زراعة ومعالجة المحاصيل العضوية التي تمت الموافقة عليها من قِبَل المعايير العضوية الأميركية، هذا بخلاف أن مبيدات الآفات العضوية تُستخدم بشكل مكثف أكثر من المبيدات الاصطناعية بسبب انخفاض مستويات فعاليتها. في الواقع، فإن ما يجعل الزراعة العضوية مختلفة عن الزراعة التقليدية ليس تقليل استخدام المبيدات أو عدم استخدامها، بل يكمن الاختلاف في أصل وتكوين المبيدات المستخدمة، فمبيدات الآفات العضوية مشتقة من مصادر طبيعية ومعالجة بشكل طفيف قبل استخدامها. هذا يختلف عن المبيدات المستخدمة في الزراعة التقليدية، التي عادة ما تكون اصطناعية تماما.
لسنوات طويلة ورُبما لعقود، طُرح افتراض أن مبيدات الآفات التي تتكون بشكل طبيعي في نباتات معينة هي بطريقة ما أفضل بالنسبة لنا وللبيئة من المبيدات التي صنعها الإنسان. لكن بعد إجراء المزيد من الأبحاث حول مدى سُمّية هذه المبيدات، اتضح أن هذا الافتراض ليس صحيحا، حيث وُجد أن العديد من مبيدات الآفات الطبيعية تُشكِّل مخاطر صحية ليست هينة. مثلا: استُخدم مبيد الروتينون (Rotenone) على نطاق واسع في الولايات المتحدة، ولأنه طبيعي المنشأ، ويوجد بشكل طبيعي في جذور وسيقان عدد صغير من النباتات شبه الاستوائية، فقد كان يُعَدُّ آمنا وعضويا. ومع ذلك، أظهرت الأبحاث أن الروتينون خطير للغاية لأنه يقتل الآفات من خلال مهاجمة الميتوكوندريا، مراكز الطاقة لجميع الخلايا الحية. وجدت الأبحاث أن التعرض للروتينون تسبب في ظهور أعراض شبيهة بمرض باركنسون في الفئران، ولديه القدرة على قتل العديد من أنواع الكائنات الحية، بما في ذلك البشر. بناء على هذه النتائج توقف استخدام الروتينون مبيدا للآفات بالفعل في الولايات المتحدة اعتبارا من عام 2005.
هل يجب عليّ شراء طعام عضوي؟ الخلاصة إذن هي أن التقارير والدراسات الأكثر موثوقية تخبرنا أن الأطعمة العضوية والتقليدية متطابقة بشكل متساوٍ في القيمة الغذائية، حيث لا توجد أدلة كافية تشير إلى أن إحدى طرق الزراعة تجعل الطعام أكثر فائدة من الطرق الأخرى.
ماذا إذن عن الجوانب البيئية؟ الكثير من المؤيدين للأطعمة العضوية كانوا قد وجَّهوا انتقاداتهم لدراسة ستانفورد السابق الإشارة إليها والتي لم تجد أي فائدة غذائية للأطعمة العضوية، وهم يقولون إن الأمر لا يتعلق بما تحتويه الأطعمة العضوية، بل بما لا تحتويه، موضحين أن تجنب بقايا المبيدات هو السبب الأول وراء شراء الناس للأطعمة العضوية. ربما يكون هذا صحيحا جزئيا لكنْ هناك ملاحظتان لا يمكن تجاهلهما، الأولى هي أن كل الطعام في السوق لا يتخطى النسب الضارة من بقايا المبيدات الحشرية (كان عضويا أم لا)، والثانية أن فارق السعر (الذي عادة ما يكون أضعافا) لا يمكن تبريره مع هذه الفروق الطفيفة التي لا تكاد تذكر، ما يجعل الأغذية والمنتجات العضوية أقرب إلى موجة دعائية أكثر بكثير من كونها أسلوب حياة صحي أو نمط معيشة أكثر استدامة من الناحية البيئية.
الجزيرة
عند التجول بين أرفف وممرات متاجر البقالة والسلع الغذائية، سوف تقع عيناك على ملصق 'عضوي' أو 'أورجانيك' (Organic) الموجود على عبوات بعض السلع الغذائية. بعضنا يُنفق قدرا كبيرا من المال للحصول على هذه الأطعمة، معتقدين أنها صحية أكثر من الأطعمة الأخرى التقليدية بحسب ما تروج له الشركات، لكن هل هذا الاعتقاد صحيح حقا؟
تُعرِّف الموسوعة البريطانية الأغذية العضوية بأنها الأغذية الطازجة التي تنتجها طرق الزراعة العضوية، وهي الزراعة التي لا تعتمد على المواد الكيميائية الاصطناعية، مثل مبيدات الآفات والأسمدة التي يصنعها الإنسان، والتي لا تتضمن استخدام تقنيات التعديل الوراثي. وتشمل الأطعمة العضوية المنتجات الطازجة واللحوم ومنتجات الألبان.(1)
في الولايات المتحدة الأميركية، يجب أن يفي إنتاج الأطعمة العضوية المعتمدة من وزارة الزراعة الأميركية بمجموعة محددة جدا من المعايير، بما في ذلك الحد الأدنى من استخدام المواد الكيميائية، والتغذية والرعاية المنظمة للماشية، وتجنب الهندسة الوراثية. في أميركا، تنطبق هذه المعايير على أي منتج زراعي يحمل ملصق 'عضوي'، سواء كان هذا المنتج من الفواكه أو الخضراوات أو منتجات الألبان والبيض والدواجن واللحوم والأسماك والأرز والحبوب وحتى بعض المنسوجات الطبيعية منذ أواخر القرن العشرين، نما سوق الأغذية العضوية بشكل كبير، ونشأت صناعة يُقدَّر حجمها بمليارات الدولارات، تقوم على أنظمة إنتاج ومعالجة وتوزيع المنتجات العضوية. في هذا الصدد، تشير البيانات الصادرة عن وزارة الزراعة الأميركية أن الإنفاق السنوي على الأطعمة والمشروبات العضوية ارتفع من نحو مليار دولار إلى 28 مليار دولار خلال عشرين عاما، بدءا من منتصف التسعينيات وحتى عام 2015. ورغم كون تكلفة الأطعمة العضوية تصل إلى ثلاثة أضعاف نظيرتها التقليدية، فإن عدد الأشخاص الذين يدفعون أموالهم مقابل الحصول على ما يعتقدون أنه أفضل الأطعمة المتاحة في تزايد مستمر.
ورغم رواج هذه الصناعة وإقبال الكثيرين عليها، فإن الأطعمة العضوية لا تزال موضوعا للنقاش والجدل، فمن جانبهم يقول المؤيدون إن الأطعمة العضوية غالبا ما تكون طازجة أكثر من نظيراتها التقليدية، كما أنها تخلو من المواد الكيميائية التي ارتبطت بمشكلات صحية متعددة، هذا بخلاف كونها أكثر صداقة للبيئة وتدعم التنوع البيولوجي، نظرا لأنها تتجنب استخدام الإضافات الكيميائية مثل مبيدات الآفات القاتلة للملقحات المفيدة، بما في ذلك النحل المسؤول عن إنتاج العسل. لكن على الجانب الآخر، هناك أخطاء شائعة في الفهم تتعلق بهذه المسألة، على سبيل المثال، يعتقد بعض الناس أن الزراعة العضوية تنتج أطعمة أكثر صحية من نظيرتها التقليدية، لكن البحوث والتجارب لم تستطع العثور على أي دليل على أن الأطعمة العضوية أكثر صحية بأي شكل من الأشكال.
مثلا، قام مشروع بحثي مستقل في المملكة المتحدة بمراجعة منهجية 162 مقالا دارت حول المقارنة بين المحاصيل العضوية والمحاصيل غير العضوية، نُشرت بين عامي 1958 و2008. احتوت هذه المقالات على ما مجموعه 3558 مقارنة لمحتوى العناصر الغذائية والمواد الأخرى في الأغذية العضوية والأغذية المنتجة تقليديا.
للمفاجأة، لم تجد المراجعة أي دليل على الإطلاق على أي اختلافات في محتوى أكثر من 15 عنصرا غذائيا مختلفا، بما في ذلك فيتامين سي، والكاروتين، والكالسيوم. نصت نتائج هذه المراجعة، التي نُشرت عام 2008 وحُدِّثت في عام 2010 على ما يلي: 'من المراجعة المنهجية للأدبيات المنشورة المتاحة حاليا، يتضح أن هناك نقصا في الأدلة على الجودة الغذائية والآثار الصحية الإيجابية التي تنتج عن استهلاك المواد الغذائية المنتجة عضويا'. أكدت دراسات أخرى أن الفروق في مستويات المغذيات والملوثات بين الأطعمة العضوية وغير العضوية لا تكاد تذكر، باستثناء الفوسفور، فقد كانت مستويات الفوسفور أعلى بكثير في المنتجات العضوية من المنتجات التقليدية، لكنَّ الباحثين يؤكدون هنا أن هذا الاختلاف قد لا يكون مهما من الناحية الصحية ولا يُعزز الجودة الغذائية. من ناحية أخرى، كانت مخاطر التلوث بمخلفات مبيدات الآفات وغيرها من الملوثات أقل بين المنتجات العضوية مقارنة بالمنتجات التقليدية، لكن الاختلافات في مخاطر تجاوز الحد الأقصى المسموح به من هذه الملوثات كانت صغيرة. مثلا، لم تختلف مخاطر الإصابة بمرض الإشريكية القولونية 'E.coli' بين المنتجات العضوية والتقليدية. كذلك أوضحت الدراسات أن التلوث البكتيري للدجاج الذي يباع بالتجزئة شائع بشكل متساو في المنتجات العضوية وغير العضوية. الأهم من كل ذلك ربما أن المنتجات التي تحمل عبارة 'عضوي' قد لا تحتوي على مكونات طبيعية بشكل كامل كما تسوق الشركات، فمثلا، في الولايات المتحدة الأميركية، يمكن أن تحتوي المنتجات التي تحمل ملصق 'مصنوعة من مكونات عضوية' على أقل من 70% من المحتوى العضوي. هنا يجب أن تعرف أن كيس رقائق الذرة المُدون عليه كلمة 'عضوي' يكون مصنوعا من الذرة العضوية والزيوت غير العضوية، ورغم ذلك، يظل المنتج مصنفا ضمن قوائم الطعام العضوي لأن الجزء المُعالج منه لا يزال يلبي المعايير الحكومية.
إهدار للمال؟! في ضوء ذلك، لعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن إنفاق المزيد من الأموال من أجل استهلاك المنتجات العضوية ما هو إلا حيلة لإهدار المال. هذه الحقيقة خلصت إليها دراسة أجرتها جامعة ستانفورد عام 2012 قامت على تحليل تلوي هو الأكثر شمولا حتى حينه للدراسات التي تقارن الأطعمة العضوية والتقليدية، حيث لم يجد الباحثون دليلا قويا على أن الأطعمة العضوية مغذية أكثر أو تحمل مخاطر صحية أقل من البدائل التقليدية. تقول دينا برافاتا، الباحثة الرئيسية في الدراسة: 'إذا كنت شخصا بالغا وتتخذ قرارا يعتمد فقط على صحتك، فيجب أن تعرف هنا أنه لا يوجد فرق كبير بين الأطعمة العضوية والتقليدية'.
خلال عملها، كشفت برافاتا عما وصفته بـ'مجموعة دراسات مربكة'، بما في ذلك بعض الدراسات التي لم تكن صارمة للغاية، والتي تظهر بشكل أساسي في المنشورات الدعائية والتجارية.
في هذا السياق، يُخبرنا تقرير نشرته مجلة 'ساينتفك أميركان' (Scientific ِAmerican) أن الجوانب الدعائية للأطعمة العضوية قد تكون زائفة تماما أو على الأقل غير حقيقية بالقدر الذي قد يعتقده البعض، يوضح التقرير أن هناك الكثير من الخرافات حول الأطعمة العضوية، والكثير من طرق الدعاية الداعمة التي نادرا ما تُفهَم بالكيفية الصحيحة. من هذه الخرافات أن المزارع العضوية لا تستخدم المبيدات الحشرية. هنا، توضح رابطة التربة، وهي هيئة في المملكة المتحدة، أنها حينما سألت المستهلكين عن سبب شرائهم للأغذية العضوية، قال 95% منهم إن السبب الرئيسي وراء هذا هو تجنب المبيدات الحشرية. يعتقد هؤلاء المستهلكون وغيرهم أن الزراعة العضوية تنطوي على استخدام القليل من مبيدات الآفات أو عدم استخدامها على الإطلاق. يُشير التقرير إلى أن هذا الأمر ليس صحيحا، فالزراعة العضوية مثل أشكال الزراعة الأخرى، تستخدم مبيدات الآفات ومبيدات الفطريات لمنع الآفات والفطريات من تدمير محاصيلها.(4) في الولايات المتحدة الأميركية مثلا، يضمن ملصق 'عضوي 100%' تحقيق مواصفات تعريف وزارة الزراعة الأميركية، التي تتضمن أن يكون المنتج قد زُرع بأسمدة خالية من المكونات الاصطناعية أو مياه الصرف الصحي، لكن ذلك لا يعني بالضرورة عدم وجود مبيدات حشرية أو مبيدات أعشاب في عملية الإنتاج.
يؤكد التقرير أن هناك أكثر من 20 مادة كيميائية شائعة الاستخدام في زراعة ومعالجة المحاصيل العضوية التي تمت الموافقة عليها من قِبَل المعايير العضوية الأميركية، هذا بخلاف أن مبيدات الآفات العضوية تُستخدم بشكل مكثف أكثر من المبيدات الاصطناعية بسبب انخفاض مستويات فعاليتها. في الواقع، فإن ما يجعل الزراعة العضوية مختلفة عن الزراعة التقليدية ليس تقليل استخدام المبيدات أو عدم استخدامها، بل يكمن الاختلاف في أصل وتكوين المبيدات المستخدمة، فمبيدات الآفات العضوية مشتقة من مصادر طبيعية ومعالجة بشكل طفيف قبل استخدامها. هذا يختلف عن المبيدات المستخدمة في الزراعة التقليدية، التي عادة ما تكون اصطناعية تماما.
لسنوات طويلة ورُبما لعقود، طُرح افتراض أن مبيدات الآفات التي تتكون بشكل طبيعي في نباتات معينة هي بطريقة ما أفضل بالنسبة لنا وللبيئة من المبيدات التي صنعها الإنسان. لكن بعد إجراء المزيد من الأبحاث حول مدى سُمّية هذه المبيدات، اتضح أن هذا الافتراض ليس صحيحا، حيث وُجد أن العديد من مبيدات الآفات الطبيعية تُشكِّل مخاطر صحية ليست هينة. مثلا: استُخدم مبيد الروتينون (Rotenone) على نطاق واسع في الولايات المتحدة، ولأنه طبيعي المنشأ، ويوجد بشكل طبيعي في جذور وسيقان عدد صغير من النباتات شبه الاستوائية، فقد كان يُعَدُّ آمنا وعضويا. ومع ذلك، أظهرت الأبحاث أن الروتينون خطير للغاية لأنه يقتل الآفات من خلال مهاجمة الميتوكوندريا، مراكز الطاقة لجميع الخلايا الحية. وجدت الأبحاث أن التعرض للروتينون تسبب في ظهور أعراض شبيهة بمرض باركنسون في الفئران، ولديه القدرة على قتل العديد من أنواع الكائنات الحية، بما في ذلك البشر. بناء على هذه النتائج توقف استخدام الروتينون مبيدا للآفات بالفعل في الولايات المتحدة اعتبارا من عام 2005.
هل يجب عليّ شراء طعام عضوي؟ الخلاصة إذن هي أن التقارير والدراسات الأكثر موثوقية تخبرنا أن الأطعمة العضوية والتقليدية متطابقة بشكل متساوٍ في القيمة الغذائية، حيث لا توجد أدلة كافية تشير إلى أن إحدى طرق الزراعة تجعل الطعام أكثر فائدة من الطرق الأخرى.
ماذا إذن عن الجوانب البيئية؟ الكثير من المؤيدين للأطعمة العضوية كانوا قد وجَّهوا انتقاداتهم لدراسة ستانفورد السابق الإشارة إليها والتي لم تجد أي فائدة غذائية للأطعمة العضوية، وهم يقولون إن الأمر لا يتعلق بما تحتويه الأطعمة العضوية، بل بما لا تحتويه، موضحين أن تجنب بقايا المبيدات هو السبب الأول وراء شراء الناس للأطعمة العضوية. ربما يكون هذا صحيحا جزئيا لكنْ هناك ملاحظتان لا يمكن تجاهلهما، الأولى هي أن كل الطعام في السوق لا يتخطى النسب الضارة من بقايا المبيدات الحشرية (كان عضويا أم لا)، والثانية أن فارق السعر (الذي عادة ما يكون أضعافا) لا يمكن تبريره مع هذه الفروق الطفيفة التي لا تكاد تذكر، ما يجعل الأغذية والمنتجات العضوية أقرب إلى موجة دعائية أكثر بكثير من كونها أسلوب حياة صحي أو نمط معيشة أكثر استدامة من الناحية البيئية.
الجزيرة
التعليقات
الطعام العضوي "الأورجانيك" .. طريق لحياة صحية أم حيلة لاستنزاف أموالك؟
 
طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور
اظهار التعليقات
التعليقات