أخبار اليوم - اجتاحت مشاعر الفقد الطفلين حمزة وعبيدة الشيخ إلى حد لا يقويان معه على الكلام، ويقاومان بلا جدوى شريط ذكريات لا يفارقهما، منذ أن استشهدت أسرتهما ونجيا وحدهما من مجزرة 'إسرائيلية' قبل عام.
شريد الذهن في أحد مراكز الإيواء بحي الشجاعية شرق غزة، يعيش حمزة مع أخيه عبيدة أوقاتًا صعبة، وقد نكأ حلول شهر رمضان بعيدًا عن أسرتهما جراحًا غائرة وأوجاعًا لا تندمل.
يحاول حمزة (13 عاما) ترتيب كلماته لكن ثمة حالة نفسية صعبة تسيطر عليه. يقول لصحيفة 'فلسطين' عن بداية 'قصة العذاب: 'كنا قاعدين أنا وعبيدة وأبويا وأمي وأختي على السفرة بدنا ناكل أول لقمة.. وقعت الدار'.
وهذه هي إحدى الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ومسحت عائلات غزية بأكملها من السجل المدني في خضم حرب الإبادة الجماعية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 التي أسفرت عن استشهاد وإصابة نحو 160 ألف غزي، معظمهم نساء وأطفال.
وكان منزل عائلة الشيخ مكونا من أربعة طوابق سوته طائرات الاحتلال بالأرض على رؤوس من فيه العام الماضي.
وفجأة وجد حمزة، الذي كان مع أسرته في الطابق الثالث، نفسه تحت الأنقاض مع إخوته وأمه وأبيه.
وجاء ذلك ليفاقم المأساة التي عاشها حمزة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية وغيرت مسارات حياته واصطدمت بها طموحاته، حتى انقطع قسرا عن الدراسة وتملكه الخوف حتى من الخروج للشارع.
'كل ما كنا نسمع صاروخ كنا نخاف منه'، يشرح حمزة بذلك حالة انعدام الأمان التي تسبب بها الاحتلال مع استهدافه المدنيين ومنازلهم، قبل أن تسفر غارة جوية عن فاجعة لم يتوقعها يوما.
ورغم أن حمزة وشقيقه عبيدة (11 عاما) لا تسعفهما شدة المأساة في الحديث، فإن عينيهما تنطقان بمشاعر حزينة تتملكهما، وهما يتخيلان كيف كانا يقضيان الوقت مع أختهما أميرة (ثلاثة أعوام) ووالديهما في مثل هذا الشهر.
وأدت الغارة التي نجا منها عبيدة إلى مشكلات صحية بيده، بينما بترت يد حمزة بعدما تضاعفت حالته الصحية وأصيب بالغرغرينا.
تشرد آخر
في مركز الإيواء بالشجاعية، لا يملك حمزة وعبيدة سوى الأمل بالعلاج بالخارج، لكنهما غير متأكدين من قدرتهما على مواجهة فقد أسرتهما.
وتنعدم هناك مقومات عيشهما، كحال معظم الغزيين الذين دمرت حرب الإبادة الجماعية منازلهم، وشردتهم في مراكز الإيواء التي لم تسلم أيضا من القصف والمجازر.
أمجد الشيخ عم حمزة وعبيدة، هو شاهد على تبعات المجزرة التي أودت بحياة ستة أفراد من عائلته بينهم أخوه هيثم والد الطفلين وزوجته وابنته.
ويرافق أمجد (30 عاما) ابني أخيه في مركز الإيواء، مثقلا بتفاصيل موجعة عن حادثة لن ينساها يوما.
وكان الشاب يعمل لتوفير لقمة العيش لعائلته في بداية المجاعة التي تسببت بها حرب الإبادة، وقعت الغارة الجوية.
تتسلل الدموع من عيني أمجد، قائلا لـ 'فلسطين أون لاين': كان والد حمزة وعبيدة موجودا في المنزل حينها، وعند آذان الظهر نفذ الاحتلال أحزمة نارية عنيفة، دفعتني إلى الركض بشكل هستيري وقلبي يقودني لمكان مجهول لكن إحساسي أن المستهدف هو بيتنا.
عندما وصل إلى البيت كان الناس يغادرون من حجم الدمار -يتابع حديثه- ويخبرونه بأن من المستحيل وجود شخص حي تحت أنقاضه، ويطلبون منه المغادرة أيضا.
لكن أمجد الذي تتعلق روحه بأفراد عائلته، رفض الرحيل، وصمم على خوض معاناة النبش بأظفاره لعله ينقذ أحدهم.
يتنهد كأنما تطبق على صدره صخرة، ويقول: بدأت البحث، وسمعت صرخة والدتي ووالدي، كان هذا أول وآخر صوت وصلني، ثم بدأت أنادي الناس: هناك أحياء، ولم يكن أحد قادرا على استيعاب ذلك من هول الدمار.
وقبل وقوع هذه المجزرة كان أمجد وعائلته يرفضون الانصياع لمطالبات جيش الاحتلال بالتوجه إلى جنوب القطاع الذي زعم أنه 'آمن' لكنه استهدف فيه أيضا البشر والحجر والشجر.
من بين من انتشلهم أمجد آنذاك أخته التي انهار عليها السقف وتمكنت بعد معاناة من السفر مع والدتها لتلقي العلاج في الخارج.
لكن هذا ليس حال بقية أفراد أسرته ومنهم هيثم الذي فارق الحياة، إلى جانب شقيقته عبير التي كانت تتحضر لحفل زفافها واستشهدت أيضا.
ونجح أمجد في البداية بانتشال 80% من أفراد عائلته، وبعد سبعة شهور من المحاولات تحت القصف والنيران تمكن من انتشال البقية.
وإبان وقوع المجزرة، كان الاحتلال يستهدف المستشفيات ومنها المستشفى الأهلي العربي 'المعمداني' الذي مثل الوصول إليه مغامرة وسط حصار مطبق.
وكان المصير الوحيد الذي ينتظر أفراد عائلته المصابين من جراء استهداف الاحتلال المنظومة الصحية هو الموت ببطء.
يتابع أمجد: 'انتظرت استشهادهم واحدا تلو الآخر، بينما ظل حمزة ينزف إلى أن فقدنا الأمل بعلاجه لكن حضر أحد الأطباء وركب له بلاتين مؤقت...ولصعوبة الحالة ومضاعفاتها أصيب بالغرغرينا وبترت يده'.
كان اليوم الأول من رمضان 'حزينا جدا' على حمزة وعبيدة، وقد تأثرا بإصابة نفسية إلى جانب جراحهما العضوية، كما يقول عمهما.
يصف أمجد ابن أخيه عبيدة بأنه 'مغيب تماما منذ وقوع المجزرة' ولا يستطيع الحديث أو الإجابة عن الأسئلة لدرجة أنه فصل من المدرسة، وهو بحاجة للعلاج النفسي والجسدي في الخارج وينتظر الفرصة مع شقيقه.
لكن سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على معبر رفح من الجانب الفلسطيني وخرقه اتفاق وقف العدوان على غزة يصعب سفر حمزة وعبيدة ومعهما آلاف المصابين والمرضى.
ونتيجة لعدم توفر فرصة العلاج المناسبة منذ الإصابة، تسبب نمو العظام على نحو غير سليم في مشكلات إضافية بيده.
أما حمزة فهو يبكي فور استيقاظه صباحا، وأكثر ما يؤلم عمه هو طلبه المتكرر: 'إما أن تحضر لي أبي أو أمي أو تعيد إلي يدي'.
ولا يجد أمجد سبيلا لمواساتهم أمام فاجعة تأكل روحه هو أيضا في كل وقت، وتعجز أمامها قدرتهم جميعا على التحمل، لاسيما في شهر رمضان الذي اعتادوا فيه على الاجتماع في أجواء أسرية دافئة.
المصدر / فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - اجتاحت مشاعر الفقد الطفلين حمزة وعبيدة الشيخ إلى حد لا يقويان معه على الكلام، ويقاومان بلا جدوى شريط ذكريات لا يفارقهما، منذ أن استشهدت أسرتهما ونجيا وحدهما من مجزرة 'إسرائيلية' قبل عام.
شريد الذهن في أحد مراكز الإيواء بحي الشجاعية شرق غزة، يعيش حمزة مع أخيه عبيدة أوقاتًا صعبة، وقد نكأ حلول شهر رمضان بعيدًا عن أسرتهما جراحًا غائرة وأوجاعًا لا تندمل.
يحاول حمزة (13 عاما) ترتيب كلماته لكن ثمة حالة نفسية صعبة تسيطر عليه. يقول لصحيفة 'فلسطين' عن بداية 'قصة العذاب: 'كنا قاعدين أنا وعبيدة وأبويا وأمي وأختي على السفرة بدنا ناكل أول لقمة.. وقعت الدار'.
وهذه هي إحدى الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ومسحت عائلات غزية بأكملها من السجل المدني في خضم حرب الإبادة الجماعية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 التي أسفرت عن استشهاد وإصابة نحو 160 ألف غزي، معظمهم نساء وأطفال.
وكان منزل عائلة الشيخ مكونا من أربعة طوابق سوته طائرات الاحتلال بالأرض على رؤوس من فيه العام الماضي.
وفجأة وجد حمزة، الذي كان مع أسرته في الطابق الثالث، نفسه تحت الأنقاض مع إخوته وأمه وأبيه.
وجاء ذلك ليفاقم المأساة التي عاشها حمزة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية وغيرت مسارات حياته واصطدمت بها طموحاته، حتى انقطع قسرا عن الدراسة وتملكه الخوف حتى من الخروج للشارع.
'كل ما كنا نسمع صاروخ كنا نخاف منه'، يشرح حمزة بذلك حالة انعدام الأمان التي تسبب بها الاحتلال مع استهدافه المدنيين ومنازلهم، قبل أن تسفر غارة جوية عن فاجعة لم يتوقعها يوما.
ورغم أن حمزة وشقيقه عبيدة (11 عاما) لا تسعفهما شدة المأساة في الحديث، فإن عينيهما تنطقان بمشاعر حزينة تتملكهما، وهما يتخيلان كيف كانا يقضيان الوقت مع أختهما أميرة (ثلاثة أعوام) ووالديهما في مثل هذا الشهر.
وأدت الغارة التي نجا منها عبيدة إلى مشكلات صحية بيده، بينما بترت يد حمزة بعدما تضاعفت حالته الصحية وأصيب بالغرغرينا.
تشرد آخر
في مركز الإيواء بالشجاعية، لا يملك حمزة وعبيدة سوى الأمل بالعلاج بالخارج، لكنهما غير متأكدين من قدرتهما على مواجهة فقد أسرتهما.
وتنعدم هناك مقومات عيشهما، كحال معظم الغزيين الذين دمرت حرب الإبادة الجماعية منازلهم، وشردتهم في مراكز الإيواء التي لم تسلم أيضا من القصف والمجازر.
أمجد الشيخ عم حمزة وعبيدة، هو شاهد على تبعات المجزرة التي أودت بحياة ستة أفراد من عائلته بينهم أخوه هيثم والد الطفلين وزوجته وابنته.
ويرافق أمجد (30 عاما) ابني أخيه في مركز الإيواء، مثقلا بتفاصيل موجعة عن حادثة لن ينساها يوما.
وكان الشاب يعمل لتوفير لقمة العيش لعائلته في بداية المجاعة التي تسببت بها حرب الإبادة، وقعت الغارة الجوية.
تتسلل الدموع من عيني أمجد، قائلا لـ 'فلسطين أون لاين': كان والد حمزة وعبيدة موجودا في المنزل حينها، وعند آذان الظهر نفذ الاحتلال أحزمة نارية عنيفة، دفعتني إلى الركض بشكل هستيري وقلبي يقودني لمكان مجهول لكن إحساسي أن المستهدف هو بيتنا.
عندما وصل إلى البيت كان الناس يغادرون من حجم الدمار -يتابع حديثه- ويخبرونه بأن من المستحيل وجود شخص حي تحت أنقاضه، ويطلبون منه المغادرة أيضا.
لكن أمجد الذي تتعلق روحه بأفراد عائلته، رفض الرحيل، وصمم على خوض معاناة النبش بأظفاره لعله ينقذ أحدهم.
يتنهد كأنما تطبق على صدره صخرة، ويقول: بدأت البحث، وسمعت صرخة والدتي ووالدي، كان هذا أول وآخر صوت وصلني، ثم بدأت أنادي الناس: هناك أحياء، ولم يكن أحد قادرا على استيعاب ذلك من هول الدمار.
وقبل وقوع هذه المجزرة كان أمجد وعائلته يرفضون الانصياع لمطالبات جيش الاحتلال بالتوجه إلى جنوب القطاع الذي زعم أنه 'آمن' لكنه استهدف فيه أيضا البشر والحجر والشجر.
من بين من انتشلهم أمجد آنذاك أخته التي انهار عليها السقف وتمكنت بعد معاناة من السفر مع والدتها لتلقي العلاج في الخارج.
لكن هذا ليس حال بقية أفراد أسرته ومنهم هيثم الذي فارق الحياة، إلى جانب شقيقته عبير التي كانت تتحضر لحفل زفافها واستشهدت أيضا.
ونجح أمجد في البداية بانتشال 80% من أفراد عائلته، وبعد سبعة شهور من المحاولات تحت القصف والنيران تمكن من انتشال البقية.
وإبان وقوع المجزرة، كان الاحتلال يستهدف المستشفيات ومنها المستشفى الأهلي العربي 'المعمداني' الذي مثل الوصول إليه مغامرة وسط حصار مطبق.
وكان المصير الوحيد الذي ينتظر أفراد عائلته المصابين من جراء استهداف الاحتلال المنظومة الصحية هو الموت ببطء.
يتابع أمجد: 'انتظرت استشهادهم واحدا تلو الآخر، بينما ظل حمزة ينزف إلى أن فقدنا الأمل بعلاجه لكن حضر أحد الأطباء وركب له بلاتين مؤقت...ولصعوبة الحالة ومضاعفاتها أصيب بالغرغرينا وبترت يده'.
كان اليوم الأول من رمضان 'حزينا جدا' على حمزة وعبيدة، وقد تأثرا بإصابة نفسية إلى جانب جراحهما العضوية، كما يقول عمهما.
يصف أمجد ابن أخيه عبيدة بأنه 'مغيب تماما منذ وقوع المجزرة' ولا يستطيع الحديث أو الإجابة عن الأسئلة لدرجة أنه فصل من المدرسة، وهو بحاجة للعلاج النفسي والجسدي في الخارج وينتظر الفرصة مع شقيقه.
لكن سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على معبر رفح من الجانب الفلسطيني وخرقه اتفاق وقف العدوان على غزة يصعب سفر حمزة وعبيدة ومعهما آلاف المصابين والمرضى.
ونتيجة لعدم توفر فرصة العلاج المناسبة منذ الإصابة، تسبب نمو العظام على نحو غير سليم في مشكلات إضافية بيده.
أما حمزة فهو يبكي فور استيقاظه صباحا، وأكثر ما يؤلم عمه هو طلبه المتكرر: 'إما أن تحضر لي أبي أو أمي أو تعيد إلي يدي'.
ولا يجد أمجد سبيلا لمواساتهم أمام فاجعة تأكل روحه هو أيضا في كل وقت، وتعجز أمامها قدرتهم جميعا على التحمل، لاسيما في شهر رمضان الذي اعتادوا فيه على الاجتماع في أجواء أسرية دافئة.
المصدر / فلسطين أون لاين
أخبار اليوم - اجتاحت مشاعر الفقد الطفلين حمزة وعبيدة الشيخ إلى حد لا يقويان معه على الكلام، ويقاومان بلا جدوى شريط ذكريات لا يفارقهما، منذ أن استشهدت أسرتهما ونجيا وحدهما من مجزرة 'إسرائيلية' قبل عام.
شريد الذهن في أحد مراكز الإيواء بحي الشجاعية شرق غزة، يعيش حمزة مع أخيه عبيدة أوقاتًا صعبة، وقد نكأ حلول شهر رمضان بعيدًا عن أسرتهما جراحًا غائرة وأوجاعًا لا تندمل.
يحاول حمزة (13 عاما) ترتيب كلماته لكن ثمة حالة نفسية صعبة تسيطر عليه. يقول لصحيفة 'فلسطين' عن بداية 'قصة العذاب: 'كنا قاعدين أنا وعبيدة وأبويا وأمي وأختي على السفرة بدنا ناكل أول لقمة.. وقعت الدار'.
وهذه هي إحدى الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ومسحت عائلات غزية بأكملها من السجل المدني في خضم حرب الإبادة الجماعية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 التي أسفرت عن استشهاد وإصابة نحو 160 ألف غزي، معظمهم نساء وأطفال.
وكان منزل عائلة الشيخ مكونا من أربعة طوابق سوته طائرات الاحتلال بالأرض على رؤوس من فيه العام الماضي.
وفجأة وجد حمزة، الذي كان مع أسرته في الطابق الثالث، نفسه تحت الأنقاض مع إخوته وأمه وأبيه.
وجاء ذلك ليفاقم المأساة التي عاشها حمزة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية وغيرت مسارات حياته واصطدمت بها طموحاته، حتى انقطع قسرا عن الدراسة وتملكه الخوف حتى من الخروج للشارع.
'كل ما كنا نسمع صاروخ كنا نخاف منه'، يشرح حمزة بذلك حالة انعدام الأمان التي تسبب بها الاحتلال مع استهدافه المدنيين ومنازلهم، قبل أن تسفر غارة جوية عن فاجعة لم يتوقعها يوما.
ورغم أن حمزة وشقيقه عبيدة (11 عاما) لا تسعفهما شدة المأساة في الحديث، فإن عينيهما تنطقان بمشاعر حزينة تتملكهما، وهما يتخيلان كيف كانا يقضيان الوقت مع أختهما أميرة (ثلاثة أعوام) ووالديهما في مثل هذا الشهر.
وأدت الغارة التي نجا منها عبيدة إلى مشكلات صحية بيده، بينما بترت يد حمزة بعدما تضاعفت حالته الصحية وأصيب بالغرغرينا.
تشرد آخر
في مركز الإيواء بالشجاعية، لا يملك حمزة وعبيدة سوى الأمل بالعلاج بالخارج، لكنهما غير متأكدين من قدرتهما على مواجهة فقد أسرتهما.
وتنعدم هناك مقومات عيشهما، كحال معظم الغزيين الذين دمرت حرب الإبادة الجماعية منازلهم، وشردتهم في مراكز الإيواء التي لم تسلم أيضا من القصف والمجازر.
أمجد الشيخ عم حمزة وعبيدة، هو شاهد على تبعات المجزرة التي أودت بحياة ستة أفراد من عائلته بينهم أخوه هيثم والد الطفلين وزوجته وابنته.
ويرافق أمجد (30 عاما) ابني أخيه في مركز الإيواء، مثقلا بتفاصيل موجعة عن حادثة لن ينساها يوما.
وكان الشاب يعمل لتوفير لقمة العيش لعائلته في بداية المجاعة التي تسببت بها حرب الإبادة، وقعت الغارة الجوية.
تتسلل الدموع من عيني أمجد، قائلا لـ 'فلسطين أون لاين': كان والد حمزة وعبيدة موجودا في المنزل حينها، وعند آذان الظهر نفذ الاحتلال أحزمة نارية عنيفة، دفعتني إلى الركض بشكل هستيري وقلبي يقودني لمكان مجهول لكن إحساسي أن المستهدف هو بيتنا.
عندما وصل إلى البيت كان الناس يغادرون من حجم الدمار -يتابع حديثه- ويخبرونه بأن من المستحيل وجود شخص حي تحت أنقاضه، ويطلبون منه المغادرة أيضا.
لكن أمجد الذي تتعلق روحه بأفراد عائلته، رفض الرحيل، وصمم على خوض معاناة النبش بأظفاره لعله ينقذ أحدهم.
يتنهد كأنما تطبق على صدره صخرة، ويقول: بدأت البحث، وسمعت صرخة والدتي ووالدي، كان هذا أول وآخر صوت وصلني، ثم بدأت أنادي الناس: هناك أحياء، ولم يكن أحد قادرا على استيعاب ذلك من هول الدمار.
وقبل وقوع هذه المجزرة كان أمجد وعائلته يرفضون الانصياع لمطالبات جيش الاحتلال بالتوجه إلى جنوب القطاع الذي زعم أنه 'آمن' لكنه استهدف فيه أيضا البشر والحجر والشجر.
من بين من انتشلهم أمجد آنذاك أخته التي انهار عليها السقف وتمكنت بعد معاناة من السفر مع والدتها لتلقي العلاج في الخارج.
لكن هذا ليس حال بقية أفراد أسرته ومنهم هيثم الذي فارق الحياة، إلى جانب شقيقته عبير التي كانت تتحضر لحفل زفافها واستشهدت أيضا.
ونجح أمجد في البداية بانتشال 80% من أفراد عائلته، وبعد سبعة شهور من المحاولات تحت القصف والنيران تمكن من انتشال البقية.
وإبان وقوع المجزرة، كان الاحتلال يستهدف المستشفيات ومنها المستشفى الأهلي العربي 'المعمداني' الذي مثل الوصول إليه مغامرة وسط حصار مطبق.
وكان المصير الوحيد الذي ينتظر أفراد عائلته المصابين من جراء استهداف الاحتلال المنظومة الصحية هو الموت ببطء.
يتابع أمجد: 'انتظرت استشهادهم واحدا تلو الآخر، بينما ظل حمزة ينزف إلى أن فقدنا الأمل بعلاجه لكن حضر أحد الأطباء وركب له بلاتين مؤقت...ولصعوبة الحالة ومضاعفاتها أصيب بالغرغرينا وبترت يده'.
كان اليوم الأول من رمضان 'حزينا جدا' على حمزة وعبيدة، وقد تأثرا بإصابة نفسية إلى جانب جراحهما العضوية، كما يقول عمهما.
يصف أمجد ابن أخيه عبيدة بأنه 'مغيب تماما منذ وقوع المجزرة' ولا يستطيع الحديث أو الإجابة عن الأسئلة لدرجة أنه فصل من المدرسة، وهو بحاجة للعلاج النفسي والجسدي في الخارج وينتظر الفرصة مع شقيقه.
لكن سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على معبر رفح من الجانب الفلسطيني وخرقه اتفاق وقف العدوان على غزة يصعب سفر حمزة وعبيدة ومعهما آلاف المصابين والمرضى.
ونتيجة لعدم توفر فرصة العلاج المناسبة منذ الإصابة، تسبب نمو العظام على نحو غير سليم في مشكلات إضافية بيده.
أما حمزة فهو يبكي فور استيقاظه صباحا، وأكثر ما يؤلم عمه هو طلبه المتكرر: 'إما أن تحضر لي أبي أو أمي أو تعيد إلي يدي'.
ولا يجد أمجد سبيلا لمواساتهم أمام فاجعة تأكل روحه هو أيضا في كل وقت، وتعجز أمامها قدرتهم جميعا على التحمل، لاسيما في شهر رمضان الذي اعتادوا فيه على الاجتماع في أجواء أسرية دافئة.
المصدر / فلسطين أون لاين
التعليقات