د.خالد الوزني
أستاذ الاقتصاد والسياسات العامة / كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية
جائزة نوبل في الاقتصاد للعام 2024 ذهبت إلى دارون أسيموغلو، وسايمون جونسون، وجيمس روبنسون، تقديرًا لأبحاثهم حول تأثير المؤسسات العامة في الوصول إلى التنمية الاقتصادية، وذلك باستخدام الأدوات السياسية والاقتصادية وصولاً إلى الازدهار.
ولعل كتاب أسيموغو، وروبنسون، الموسوم”Why Nations Fail: The Origins of Power, Prosperity, and Poverty” -(لماذا تفشل الأمم: أصول السلطة والرخاء والفقر)- يُلخص أفكار العلماء الثلاثة حول دور مؤسسات الدولة في تحقيق الازدهار، وفي مكافحة الفقر وتحقيق الرخاء الاقتصادي للمجتمع.
ما قدمه العلماء الثلاثة في هذا المجال هو تقسيم دور الحكومات في إدارة شأن الاقتصاد إلى نوعين: دور الراعية، أو الرعائية، أو سمّها الرعوية، مستخدمين مصطلح الحكومات الدامجة أو الشمولية Inclusive Government، مقابل دور الجابية، أو الجبائية، أو حكومة الخراج والجباية، Extractive Government.
ولعل الاستنتاج العام من أعمال العلماء الثلاثة يتمثل في إنّ التدخل الحكومي الرعائي، أو الرعوي، الفعّال يتطلب أربعة ممكنات: الأول تشريعات واضحة وعادلة، والثاني رقابلة مستقلة شفافة تحقق تنافسية استثمارية عادلة بين أطراف الاقتصاد، والثالث سياسات اقتصادية مرنة، تدعم النمو وتعزز الاستقرار التشريعي، والاستباقية الابتكارية الريادية، والممكن الرابع، والأهم، تحفيز الابتكار وريادة الأعمال بما يعزز تنشيط الاقتصاد الانتاجي على حساب الاعتماد على الاقتصاد الريعي الجبائي.
المُمكنات الأربعة السابقة تشكل الوصفة الحقيقية لتنيظم الاقتصاد بفعّالية وكفاءة عالية، دون أن تشكل البيروقراطية الحكومية أي إعاقة لديناميكية السوق، ما يعني الوصول إلى تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وعادلة. الحكومات الدامجة، أو الراعية، أو الرعائية موجودة اليوم في كثير من دول العالم، وحققت نجاحات نوعية كبيرة على مستوى الاقتصاد العالمي، وقد ظهر منها بشكل ملحوظ سينغافورة، وكندا، والسويد، واليابان، وحتى ألمانيا، وتُمثل دولة الإمارات العربية نموذج نوعي لمثل هذه الاقتصادات، بما تسعى إليه من تصفير البيروقراطية، ومن استرايتجية وطنية للذكاء الاصطناعي، ومن تحفيز كبير للابتكار والريادة، واستشراف المستقبل.
في حين تشكل دول مثل كوريا الشمالية، وفنزويلا، وزيمبابوي، نماذج للدول القائمة على الجبائية، والخراج المالي، وعدم الشمول.
الشاهد إنّ الاقتصادات اليوم تتجه نحو شراكة حقيقية مع القطاع الخاص للوصول إلى تحقيق تنمية لا مركزية حقيقية، تخدم أهداف الطرفين، في تحسين جودة الحياة بالنسبة للحكومات، وفي تحقيق العوائد المُجزية بالنسبة للقطاع الخاص. وبالرغم من ذلك تعمل كثير من الدول على زيادة الجبائية والخراج، على حساب الرعائية والشمولية، متناسية النظريات الاقتصادية الحديثة المُمثلة في منحنى لافر Laffer Curve، حيث تناقص غلة التحصيل بعد مستوى معين من العبء الضريبي، أو المقولات الاقتصادية التاريخية والتي جاءت على لسان إبن خلدون التي تعني 'نهاية الحكومات في زيادة الجبايات'. مع ملاحظة أن الجبائية الحديثة في الحكومات تمثلت ليس فقط في زيادة نسب الضرائب وعبئها، بل في مزاحمة القطاع الخاص على ما يتوفر من موارد تمويل محلية أو خارجية، حتى باتت الحكومات أكثر شراهة في التهام الدين، من الداخل والخارج، من أي قطاع خاص مهما كانت طبيعة عمله، أو شكل حاجته للتمويل.
د.خالد الوزني
أستاذ الاقتصاد والسياسات العامة / كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية
جائزة نوبل في الاقتصاد للعام 2024 ذهبت إلى دارون أسيموغلو، وسايمون جونسون، وجيمس روبنسون، تقديرًا لأبحاثهم حول تأثير المؤسسات العامة في الوصول إلى التنمية الاقتصادية، وذلك باستخدام الأدوات السياسية والاقتصادية وصولاً إلى الازدهار.
ولعل كتاب أسيموغو، وروبنسون، الموسوم”Why Nations Fail: The Origins of Power, Prosperity, and Poverty” -(لماذا تفشل الأمم: أصول السلطة والرخاء والفقر)- يُلخص أفكار العلماء الثلاثة حول دور مؤسسات الدولة في تحقيق الازدهار، وفي مكافحة الفقر وتحقيق الرخاء الاقتصادي للمجتمع.
ما قدمه العلماء الثلاثة في هذا المجال هو تقسيم دور الحكومات في إدارة شأن الاقتصاد إلى نوعين: دور الراعية، أو الرعائية، أو سمّها الرعوية، مستخدمين مصطلح الحكومات الدامجة أو الشمولية Inclusive Government، مقابل دور الجابية، أو الجبائية، أو حكومة الخراج والجباية، Extractive Government.
ولعل الاستنتاج العام من أعمال العلماء الثلاثة يتمثل في إنّ التدخل الحكومي الرعائي، أو الرعوي، الفعّال يتطلب أربعة ممكنات: الأول تشريعات واضحة وعادلة، والثاني رقابلة مستقلة شفافة تحقق تنافسية استثمارية عادلة بين أطراف الاقتصاد، والثالث سياسات اقتصادية مرنة، تدعم النمو وتعزز الاستقرار التشريعي، والاستباقية الابتكارية الريادية، والممكن الرابع، والأهم، تحفيز الابتكار وريادة الأعمال بما يعزز تنشيط الاقتصاد الانتاجي على حساب الاعتماد على الاقتصاد الريعي الجبائي.
المُمكنات الأربعة السابقة تشكل الوصفة الحقيقية لتنيظم الاقتصاد بفعّالية وكفاءة عالية، دون أن تشكل البيروقراطية الحكومية أي إعاقة لديناميكية السوق، ما يعني الوصول إلى تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وعادلة. الحكومات الدامجة، أو الراعية، أو الرعائية موجودة اليوم في كثير من دول العالم، وحققت نجاحات نوعية كبيرة على مستوى الاقتصاد العالمي، وقد ظهر منها بشكل ملحوظ سينغافورة، وكندا، والسويد، واليابان، وحتى ألمانيا، وتُمثل دولة الإمارات العربية نموذج نوعي لمثل هذه الاقتصادات، بما تسعى إليه من تصفير البيروقراطية، ومن استرايتجية وطنية للذكاء الاصطناعي، ومن تحفيز كبير للابتكار والريادة، واستشراف المستقبل.
في حين تشكل دول مثل كوريا الشمالية، وفنزويلا، وزيمبابوي، نماذج للدول القائمة على الجبائية، والخراج المالي، وعدم الشمول.
الشاهد إنّ الاقتصادات اليوم تتجه نحو شراكة حقيقية مع القطاع الخاص للوصول إلى تحقيق تنمية لا مركزية حقيقية، تخدم أهداف الطرفين، في تحسين جودة الحياة بالنسبة للحكومات، وفي تحقيق العوائد المُجزية بالنسبة للقطاع الخاص. وبالرغم من ذلك تعمل كثير من الدول على زيادة الجبائية والخراج، على حساب الرعائية والشمولية، متناسية النظريات الاقتصادية الحديثة المُمثلة في منحنى لافر Laffer Curve، حيث تناقص غلة التحصيل بعد مستوى معين من العبء الضريبي، أو المقولات الاقتصادية التاريخية والتي جاءت على لسان إبن خلدون التي تعني 'نهاية الحكومات في زيادة الجبايات'. مع ملاحظة أن الجبائية الحديثة في الحكومات تمثلت ليس فقط في زيادة نسب الضرائب وعبئها، بل في مزاحمة القطاع الخاص على ما يتوفر من موارد تمويل محلية أو خارجية، حتى باتت الحكومات أكثر شراهة في التهام الدين، من الداخل والخارج، من أي قطاع خاص مهما كانت طبيعة عمله، أو شكل حاجته للتمويل.
د.خالد الوزني
أستاذ الاقتصاد والسياسات العامة / كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية
جائزة نوبل في الاقتصاد للعام 2024 ذهبت إلى دارون أسيموغلو، وسايمون جونسون، وجيمس روبنسون، تقديرًا لأبحاثهم حول تأثير المؤسسات العامة في الوصول إلى التنمية الاقتصادية، وذلك باستخدام الأدوات السياسية والاقتصادية وصولاً إلى الازدهار.
ولعل كتاب أسيموغو، وروبنسون، الموسوم”Why Nations Fail: The Origins of Power, Prosperity, and Poverty” -(لماذا تفشل الأمم: أصول السلطة والرخاء والفقر)- يُلخص أفكار العلماء الثلاثة حول دور مؤسسات الدولة في تحقيق الازدهار، وفي مكافحة الفقر وتحقيق الرخاء الاقتصادي للمجتمع.
ما قدمه العلماء الثلاثة في هذا المجال هو تقسيم دور الحكومات في إدارة شأن الاقتصاد إلى نوعين: دور الراعية، أو الرعائية، أو سمّها الرعوية، مستخدمين مصطلح الحكومات الدامجة أو الشمولية Inclusive Government، مقابل دور الجابية، أو الجبائية، أو حكومة الخراج والجباية، Extractive Government.
ولعل الاستنتاج العام من أعمال العلماء الثلاثة يتمثل في إنّ التدخل الحكومي الرعائي، أو الرعوي، الفعّال يتطلب أربعة ممكنات: الأول تشريعات واضحة وعادلة، والثاني رقابلة مستقلة شفافة تحقق تنافسية استثمارية عادلة بين أطراف الاقتصاد، والثالث سياسات اقتصادية مرنة، تدعم النمو وتعزز الاستقرار التشريعي، والاستباقية الابتكارية الريادية، والممكن الرابع، والأهم، تحفيز الابتكار وريادة الأعمال بما يعزز تنشيط الاقتصاد الانتاجي على حساب الاعتماد على الاقتصاد الريعي الجبائي.
المُمكنات الأربعة السابقة تشكل الوصفة الحقيقية لتنيظم الاقتصاد بفعّالية وكفاءة عالية، دون أن تشكل البيروقراطية الحكومية أي إعاقة لديناميكية السوق، ما يعني الوصول إلى تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وعادلة. الحكومات الدامجة، أو الراعية، أو الرعائية موجودة اليوم في كثير من دول العالم، وحققت نجاحات نوعية كبيرة على مستوى الاقتصاد العالمي، وقد ظهر منها بشكل ملحوظ سينغافورة، وكندا، والسويد، واليابان، وحتى ألمانيا، وتُمثل دولة الإمارات العربية نموذج نوعي لمثل هذه الاقتصادات، بما تسعى إليه من تصفير البيروقراطية، ومن استرايتجية وطنية للذكاء الاصطناعي، ومن تحفيز كبير للابتكار والريادة، واستشراف المستقبل.
في حين تشكل دول مثل كوريا الشمالية، وفنزويلا، وزيمبابوي، نماذج للدول القائمة على الجبائية، والخراج المالي، وعدم الشمول.
الشاهد إنّ الاقتصادات اليوم تتجه نحو شراكة حقيقية مع القطاع الخاص للوصول إلى تحقيق تنمية لا مركزية حقيقية، تخدم أهداف الطرفين، في تحسين جودة الحياة بالنسبة للحكومات، وفي تحقيق العوائد المُجزية بالنسبة للقطاع الخاص. وبالرغم من ذلك تعمل كثير من الدول على زيادة الجبائية والخراج، على حساب الرعائية والشمولية، متناسية النظريات الاقتصادية الحديثة المُمثلة في منحنى لافر Laffer Curve، حيث تناقص غلة التحصيل بعد مستوى معين من العبء الضريبي، أو المقولات الاقتصادية التاريخية والتي جاءت على لسان إبن خلدون التي تعني 'نهاية الحكومات في زيادة الجبايات'. مع ملاحظة أن الجبائية الحديثة في الحكومات تمثلت ليس فقط في زيادة نسب الضرائب وعبئها، بل في مزاحمة القطاع الخاص على ما يتوفر من موارد تمويل محلية أو خارجية، حتى باتت الحكومات أكثر شراهة في التهام الدين، من الداخل والخارج، من أي قطاع خاص مهما كانت طبيعة عمله، أو شكل حاجته للتمويل.
التعليقات