صالح الشراب العبادي
السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣ كانت النقطة الفصل في إقليم الشرق الأوسط، فقد اقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي وقوات الدعم الغربي الأمريكي الأوروبي وبدعم ضمني من بعض الدول العربية قطاع غزة.. عملت الحرب ما عملت من قتل وتشريد وتجويع وتعطيش، وأحدثت إبادة جماعية تاريخية مستمرة حتى هذه اللحظة.. على إثر مقاومة الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على الحق الفلسطيني منذ ٦٠ عاماً..
لقد احتلت إسرائيل غزة وعزلها وتقسيمها إلى ثلاث مناطق، أسست فيها قيادات عسكرية، وخاصة منطقة شمال وادي غزة (محور نتساريم)، التي تشمل محافظة غزة وما حولها. حوّلت هذه المنطقة إلى منطقة خالية من السكان بعد عمليات التهجير القسري والتطوعي والتدمير الكامل للممتلكات العامة والخاصة المدنية. كما أسست محور ديفيد على محور فيلادلفيا (صلاح الدين) الممتد من رفح إلى كرم أبو سالم، واحتلت هذا المحور، وأغلقت المنفذ الحدودي مع مصر، ضاربة اتفاقية فيلادلفيا الملحقة لاتفاقية كامب ديفيد عرض الحائط..
سيطرت إسرائيل على منتصف القطاع بالقصف المستمر (المخيمات وخان يونس)،
توحدت الساحات في مقاومة الاحتلال والحرب من قبل حزب الله، والضفة، اليمن، وفصائل العراق برئاسة إيران راعية المقاومة كما تدعي، أدى ذلك إلى احتلالها الشريط الحدودي مع لبنان ورفضها الانسحاب، معتبرة إياها منطقة عازلة، ومتذرعة بعدم انسحاب حزب الله شمال نهر الليطاني. كذلك احتلت منطقة عازلة مع سوريا بعمق 14 كيلومترًا وطول 75 كيلومترًا، ممتدة من زيزون إلى جبل الشيخ، مسيطرة بذلك على روافد المياه المهمة جداُ، والتي ترفد نهر اليرموك وبالتالي حرمان الأردن (سد الوحدة) من حصص المياه المتفق عليها، مصادر المياه التي ستكون الحرب على تلك المنابع والروافد؛ نظرا لافتقار المنطقة إلى المياه وشحها والتي ستنذر بسنوات عجاف..
في الضفة الغربية، تواصل إسرائيل عملياتها ضد المقاومة وضد الشعب الفلسطيني ككل ومواصلة تثبيت الاحتلال بالمستوطنات ضاربة اتفاقية السلام بينها وبين السلطة الفلسطينية عرض الحائط، إضافة إلى الاقتحامات للقدس والمسجد الأقصى تحديداً والبدء ببناء الكنيس اليهودي مكانه أو حوله، مهددة بنزوح عشرات الآلاف من الفلسطينيين خارج الضفة الغربية، ويصرح بذلك علناً وزرائهم بدون خجل أو وجل.،
عملت إسرائيل على قصقصة أذرع إيران ذراعًا تلو الآخر، خاصة في لبنان وسوريا، مع اعتقادها أنها تفعل الشيء نفسه في غزة، بينما توجه أنظارها الآن إلى العراق واليمن.
في الوقت نفسه تقوم إسرائيل، وتسعى لجعل التطبيع هدفًا استراتيجيًا، خاصة مع دول الخليج العربي، وتهيئة بيئة مناسبة للاستثمار والدفاع المشترك. وفي الوقت ذاته، تعمل على تعزيز اتفاقيات السلام مع كل من الأردن ومصر كما يحلون لها وكما هي تنظر إلى هذه الاتفاقيات، وليس كما جاء بها، وأكبر دليل احتلال محور فيلادلفيا بين غزة ومصر، والمستوطنات التي بنتها في الضفة الغربية ومحاولة تهجير الفلسطينيين إلى الأردن..
استقبلت الدول العربية (بعضها) إلى إيجاد بيئة دينية مشتركة تُعرف بـ” الديانة الإبراهيمية”، للدخول في التعايش المشترك من أوسع أبوابه. إضافة إلى سعي إسرائيل لتحقيق توازن اقتصادي عبر طريق البخور، الممتد من الهند إلى الإمارات، فالسعودية، مرورًا بالأردن وفلسطين، وصولًا إلى البحر المتوسط. كما تهدف إلى استمرار التجارة الدولية مع الدول العربية والإسلامية، وخاصة تركيا، في الوقت الذي تصرف به غاز غزة علانية..
لكن في المقابل لا تتوانى إسرائيل عن طمس حل الدولتين نهائيًا وجعله مستحيلاً، وبذلك استحالة قيام دولة فلسطينية مستقلة من خلال حلول تدعمها الولايات المتحدة على حساب الأردن ومصر، وهو ما يواجه معارضة شديدة من الدول العربية والأوروبية.
على الرغم من اتهام إسرائيل بأنها تواجه عزلة دولية وشعبية، إلا أنها حصلت على دعم غربي غير محدود، جعلها تبدو كدولة ديمقراطية وسط أنظمة استبدادية كما تدعي وجعلها دولة ردعية. كما استفادت من محور التطبيع مع بعض الدول العربية والإسلامية، الذي منحها عمقًا سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا، في الوقت الذي تحاول تجاهل محور المفاوضات والدبلوماسية التقليدية وكذلك وإنهاء محور المقاومة.
كذلك، لاقت فكرة “الديانة الإبراهيمية” دعمًا كبيرًا، لا سيما في بعض دول الخليج، حيث يُنظر إليها كوسيلة لتقريب الثقافات والحضارات الدينية، بدعم غربي متميز والولوج إلى الدول العربية من خلال مفاهيم جديدة للدين..
أما على الصعيد العسكري، فقد استمرت إسرائيل في تنفيذ عملياتها دون رادع، رغم المجازر والإبادة التي ارتكبتها في قطاع غزة وجنوب لبنان..
من الناحية العسكرية، ظهرت إخفاقات واضحة في عدة محاور:
1. فشل الدفاعات الجوية المتطورة، مثل القبة الحديدية ومقلاع داوود، في التصدي للهجمات الصاروخية المتوسطة والبعيدة المدى، ما أجبر إسرائيل على تطوير نظام دفاعي جديد وطلبه بشكل عاجل، إضافة إلى طلب مستمر للأسلحة المتطورة للتعويض الدائم وكذاك الذخائر، وعلى نظام البركة الملآنة...
2. استمرار سقوط الصواريخ في مناطق حيوية مثل حيفا وتل أبيب وقواعدها العسكرية، خاصة الصواريخ المطلقة من اليمن، مع استمرار لإطلاق الصواريخ من غزة معلنة دائماً صمودها ووقوفها، رغم تعرضها للحصار والقتل والاغتيالات..
3. عدم عودة النازحين الإسرائيليين إلى غلاف غزة وشمال فلسطين حتى الآن مما يكبد إسرائيل تكاليف باهظة.،
4. اختراق الطائرات المسيّرة المجال الإسرائيلي، خاصة من قبل حزب الله، رغم محدودية تأثيرها.
إضافة إلى فشلها الذريع في تحقيق الأهداف المعلنة التي وضعتها للحرب لغاية اليوم.
لقد أظهرت التقارير والتحاليل من كبار المسؤولين الحياديين العسكريين والسياسيين إنه لأول مرة تواجه قوات الجيش الإسرائيلي استنزافاً في قدرتها وتراجع في تميز عملياتها العسكرية وانخفاض شديد حرفية ضباطها وجنودها، وذلك بسبب ضعف الوازع القتالي وفقدان مبادئ العقيدة القتالية التي تأسست عليها وهي، الردع، والحرب الخاطفة، الحسم السريع، التفوق الإعلامي العسكري.. الذي قوبل بأعلام المقاومة وبعض الإعلام العربي وكذلك الغربي، والذي أظهر هشاشة إسرائيل وضعفها..
الأحداث العسكرية المبالغ فيها أسهمت في تعقيد الوضع الداخلي لإسرائيل، وظهر ذلك في:
1. نزوح المجتمعات الإسرائيلية من المناطق الحدودية.
2. الهجرة الخارجية التي تجاوزت 100 ألف شخص، مع تزايد العدد.
3. العيش في الملاجئ وتحت الأرض لفترات طويلة.
4. ارتفاع الكلفة المالية للحرب وغلاء الأسعار.
5. زيادة الأمراض النفسية بين السكان، والهروب من التجنيد، مع تسجيل عدد كبير من القتلى بين الجنود والضباط.
النجاحات المحدودة لإسرائيل
1. استمرار الدعم الغربي، لا سيما الأمريكي والذي لولاه لما استمرت إسرائيل بالحرب طيلة هذه المدة.
2. تعزيز ومحاولة عدم انهيار العلاقات الإقليمية من خلال التطبيع مع بعض الدول العربية، والتي تسعى إلى إنهاء ما يسمى استراتيجية المقاومة الفلسطينية..
3. إطلاق مشاريع اقتصادية ودينية لتعزيز مكانتها.
إسرائيل لم تنجح في تحقيق الردع العسكري التقليدي، حيث كانت وما زالت الهجمات الصاروخية من إيران (في هجومين سابقين)، وصواريخ حزب الله، والحوثيين، وفصائل المقاومة في غزة. كما فشلت في استعادة الأمن لمناطق الجنوب والشمال.
على الرغم من ذلك، فإن إسرائيل تعتمد على الردع النووي الذي يوفر لها قوة إضافية أمام الدول العربية.
رغم نجاحات إسرائيل في بعض الجوانب الاستراتيجية، إلا أن الإخفاقات العسكرية والأمنية الكبيرة، إلى جانب التحديات الداخلية، جعلتها تواجه وضعًا معقدًا في المنطقة. في المقابل، يبقى الصراع مستمرًا دون بوادر لحلول جذرية.
لا تزال بوادر الحلول تظهر وتختفي وخاصة الهدنة أو الصفقة أو الاتفاقية فيما بين حماس وإسرائيل منذ ١٥ شهراً، تلك السردية الإسرائيلية التي تكتب نصها إسرائيل بفصول مأساوية من قصف وتدمير واغتيالات وضحايا بالجمعة للقطاع، وتجويع وتعطيش.. وآخرها شروطها بإيجاد مناطق آمنة على حدود القطاع الأمر الذي سيؤدي إلى خلق عدة مناطق آمنة في كل من لبنان وسوريا، والذي يعتبر نوعاً جديداً من الاحتلال..
منذ بداية الحرب انبرت كل من مصر وقطر إلى إيجاد أرضية للهدنة والصفقة وهي الآن تسابق الزمن في إيجاد حل سياسي للأزمة قبل تولي الرئيس الأمريكي سلطاته السياسية، والذي كل يوم يخرج بتهديد أن الشرق الأوسط سيواجه نيران جهنم إذا لم يعد الأسرى الإسرائيليون متناسياً ما يواجه الشعب الفلسطيني في غزة والضفة من إبادة جماعية وكوارث وتهجير قسري داخلي وخارجي..
لقد كشفت عورة إسرائيل، وتحطمت استراتجيتها الحربية والقتالية، واستنزفت قوتها على يد المقاومة الفلسطينية..
الواقع الآن على الدول العربية مواجهة قرار القيادة السياسية الأمريكية وما تنوي إسرائيل القيام به خلال المرحلة التالية للحرب.. فالمستقبل يزخر بالمفاجآت على مستوى الإقليم بشكل عام، وعلى مستوى الدول العربية الحدودية مع فلسطين المحتلة، وها هي لبنان بعد حرب الله ينتخب رئيساً له، وتنتهج سياسة جديدة، وها هي سوريا قد تخلصت من للنظام السوري، لتنفتح على العالم كله بسرعة فائقة.. والعراق تنتظر واليمن تقصف بالطائرات الإسرائيلية بدعم أمريكي بريطاني.. وظهور بوادر اليوم التالي في غزة،
نحن أمام متغيرات متسارعة..
صالح الشراب العبادي
السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣ كانت النقطة الفصل في إقليم الشرق الأوسط، فقد اقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي وقوات الدعم الغربي الأمريكي الأوروبي وبدعم ضمني من بعض الدول العربية قطاع غزة.. عملت الحرب ما عملت من قتل وتشريد وتجويع وتعطيش، وأحدثت إبادة جماعية تاريخية مستمرة حتى هذه اللحظة.. على إثر مقاومة الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على الحق الفلسطيني منذ ٦٠ عاماً..
لقد احتلت إسرائيل غزة وعزلها وتقسيمها إلى ثلاث مناطق، أسست فيها قيادات عسكرية، وخاصة منطقة شمال وادي غزة (محور نتساريم)، التي تشمل محافظة غزة وما حولها. حوّلت هذه المنطقة إلى منطقة خالية من السكان بعد عمليات التهجير القسري والتطوعي والتدمير الكامل للممتلكات العامة والخاصة المدنية. كما أسست محور ديفيد على محور فيلادلفيا (صلاح الدين) الممتد من رفح إلى كرم أبو سالم، واحتلت هذا المحور، وأغلقت المنفذ الحدودي مع مصر، ضاربة اتفاقية فيلادلفيا الملحقة لاتفاقية كامب ديفيد عرض الحائط..
سيطرت إسرائيل على منتصف القطاع بالقصف المستمر (المخيمات وخان يونس)،
توحدت الساحات في مقاومة الاحتلال والحرب من قبل حزب الله، والضفة، اليمن، وفصائل العراق برئاسة إيران راعية المقاومة كما تدعي، أدى ذلك إلى احتلالها الشريط الحدودي مع لبنان ورفضها الانسحاب، معتبرة إياها منطقة عازلة، ومتذرعة بعدم انسحاب حزب الله شمال نهر الليطاني. كذلك احتلت منطقة عازلة مع سوريا بعمق 14 كيلومترًا وطول 75 كيلومترًا، ممتدة من زيزون إلى جبل الشيخ، مسيطرة بذلك على روافد المياه المهمة جداُ، والتي ترفد نهر اليرموك وبالتالي حرمان الأردن (سد الوحدة) من حصص المياه المتفق عليها، مصادر المياه التي ستكون الحرب على تلك المنابع والروافد؛ نظرا لافتقار المنطقة إلى المياه وشحها والتي ستنذر بسنوات عجاف..
في الضفة الغربية، تواصل إسرائيل عملياتها ضد المقاومة وضد الشعب الفلسطيني ككل ومواصلة تثبيت الاحتلال بالمستوطنات ضاربة اتفاقية السلام بينها وبين السلطة الفلسطينية عرض الحائط، إضافة إلى الاقتحامات للقدس والمسجد الأقصى تحديداً والبدء ببناء الكنيس اليهودي مكانه أو حوله، مهددة بنزوح عشرات الآلاف من الفلسطينيين خارج الضفة الغربية، ويصرح بذلك علناً وزرائهم بدون خجل أو وجل.،
عملت إسرائيل على قصقصة أذرع إيران ذراعًا تلو الآخر، خاصة في لبنان وسوريا، مع اعتقادها أنها تفعل الشيء نفسه في غزة، بينما توجه أنظارها الآن إلى العراق واليمن.
في الوقت نفسه تقوم إسرائيل، وتسعى لجعل التطبيع هدفًا استراتيجيًا، خاصة مع دول الخليج العربي، وتهيئة بيئة مناسبة للاستثمار والدفاع المشترك. وفي الوقت ذاته، تعمل على تعزيز اتفاقيات السلام مع كل من الأردن ومصر كما يحلون لها وكما هي تنظر إلى هذه الاتفاقيات، وليس كما جاء بها، وأكبر دليل احتلال محور فيلادلفيا بين غزة ومصر، والمستوطنات التي بنتها في الضفة الغربية ومحاولة تهجير الفلسطينيين إلى الأردن..
استقبلت الدول العربية (بعضها) إلى إيجاد بيئة دينية مشتركة تُعرف بـ” الديانة الإبراهيمية”، للدخول في التعايش المشترك من أوسع أبوابه. إضافة إلى سعي إسرائيل لتحقيق توازن اقتصادي عبر طريق البخور، الممتد من الهند إلى الإمارات، فالسعودية، مرورًا بالأردن وفلسطين، وصولًا إلى البحر المتوسط. كما تهدف إلى استمرار التجارة الدولية مع الدول العربية والإسلامية، وخاصة تركيا، في الوقت الذي تصرف به غاز غزة علانية..
لكن في المقابل لا تتوانى إسرائيل عن طمس حل الدولتين نهائيًا وجعله مستحيلاً، وبذلك استحالة قيام دولة فلسطينية مستقلة من خلال حلول تدعمها الولايات المتحدة على حساب الأردن ومصر، وهو ما يواجه معارضة شديدة من الدول العربية والأوروبية.
على الرغم من اتهام إسرائيل بأنها تواجه عزلة دولية وشعبية، إلا أنها حصلت على دعم غربي غير محدود، جعلها تبدو كدولة ديمقراطية وسط أنظمة استبدادية كما تدعي وجعلها دولة ردعية. كما استفادت من محور التطبيع مع بعض الدول العربية والإسلامية، الذي منحها عمقًا سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا، في الوقت الذي تحاول تجاهل محور المفاوضات والدبلوماسية التقليدية وكذلك وإنهاء محور المقاومة.
كذلك، لاقت فكرة “الديانة الإبراهيمية” دعمًا كبيرًا، لا سيما في بعض دول الخليج، حيث يُنظر إليها كوسيلة لتقريب الثقافات والحضارات الدينية، بدعم غربي متميز والولوج إلى الدول العربية من خلال مفاهيم جديدة للدين..
أما على الصعيد العسكري، فقد استمرت إسرائيل في تنفيذ عملياتها دون رادع، رغم المجازر والإبادة التي ارتكبتها في قطاع غزة وجنوب لبنان..
من الناحية العسكرية، ظهرت إخفاقات واضحة في عدة محاور:
1. فشل الدفاعات الجوية المتطورة، مثل القبة الحديدية ومقلاع داوود، في التصدي للهجمات الصاروخية المتوسطة والبعيدة المدى، ما أجبر إسرائيل على تطوير نظام دفاعي جديد وطلبه بشكل عاجل، إضافة إلى طلب مستمر للأسلحة المتطورة للتعويض الدائم وكذاك الذخائر، وعلى نظام البركة الملآنة...
2. استمرار سقوط الصواريخ في مناطق حيوية مثل حيفا وتل أبيب وقواعدها العسكرية، خاصة الصواريخ المطلقة من اليمن، مع استمرار لإطلاق الصواريخ من غزة معلنة دائماً صمودها ووقوفها، رغم تعرضها للحصار والقتل والاغتيالات..
3. عدم عودة النازحين الإسرائيليين إلى غلاف غزة وشمال فلسطين حتى الآن مما يكبد إسرائيل تكاليف باهظة.،
4. اختراق الطائرات المسيّرة المجال الإسرائيلي، خاصة من قبل حزب الله، رغم محدودية تأثيرها.
إضافة إلى فشلها الذريع في تحقيق الأهداف المعلنة التي وضعتها للحرب لغاية اليوم.
لقد أظهرت التقارير والتحاليل من كبار المسؤولين الحياديين العسكريين والسياسيين إنه لأول مرة تواجه قوات الجيش الإسرائيلي استنزافاً في قدرتها وتراجع في تميز عملياتها العسكرية وانخفاض شديد حرفية ضباطها وجنودها، وذلك بسبب ضعف الوازع القتالي وفقدان مبادئ العقيدة القتالية التي تأسست عليها وهي، الردع، والحرب الخاطفة، الحسم السريع، التفوق الإعلامي العسكري.. الذي قوبل بأعلام المقاومة وبعض الإعلام العربي وكذلك الغربي، والذي أظهر هشاشة إسرائيل وضعفها..
الأحداث العسكرية المبالغ فيها أسهمت في تعقيد الوضع الداخلي لإسرائيل، وظهر ذلك في:
1. نزوح المجتمعات الإسرائيلية من المناطق الحدودية.
2. الهجرة الخارجية التي تجاوزت 100 ألف شخص، مع تزايد العدد.
3. العيش في الملاجئ وتحت الأرض لفترات طويلة.
4. ارتفاع الكلفة المالية للحرب وغلاء الأسعار.
5. زيادة الأمراض النفسية بين السكان، والهروب من التجنيد، مع تسجيل عدد كبير من القتلى بين الجنود والضباط.
النجاحات المحدودة لإسرائيل
1. استمرار الدعم الغربي، لا سيما الأمريكي والذي لولاه لما استمرت إسرائيل بالحرب طيلة هذه المدة.
2. تعزيز ومحاولة عدم انهيار العلاقات الإقليمية من خلال التطبيع مع بعض الدول العربية، والتي تسعى إلى إنهاء ما يسمى استراتيجية المقاومة الفلسطينية..
3. إطلاق مشاريع اقتصادية ودينية لتعزيز مكانتها.
إسرائيل لم تنجح في تحقيق الردع العسكري التقليدي، حيث كانت وما زالت الهجمات الصاروخية من إيران (في هجومين سابقين)، وصواريخ حزب الله، والحوثيين، وفصائل المقاومة في غزة. كما فشلت في استعادة الأمن لمناطق الجنوب والشمال.
على الرغم من ذلك، فإن إسرائيل تعتمد على الردع النووي الذي يوفر لها قوة إضافية أمام الدول العربية.
رغم نجاحات إسرائيل في بعض الجوانب الاستراتيجية، إلا أن الإخفاقات العسكرية والأمنية الكبيرة، إلى جانب التحديات الداخلية، جعلتها تواجه وضعًا معقدًا في المنطقة. في المقابل، يبقى الصراع مستمرًا دون بوادر لحلول جذرية.
لا تزال بوادر الحلول تظهر وتختفي وخاصة الهدنة أو الصفقة أو الاتفاقية فيما بين حماس وإسرائيل منذ ١٥ شهراً، تلك السردية الإسرائيلية التي تكتب نصها إسرائيل بفصول مأساوية من قصف وتدمير واغتيالات وضحايا بالجمعة للقطاع، وتجويع وتعطيش.. وآخرها شروطها بإيجاد مناطق آمنة على حدود القطاع الأمر الذي سيؤدي إلى خلق عدة مناطق آمنة في كل من لبنان وسوريا، والذي يعتبر نوعاً جديداً من الاحتلال..
منذ بداية الحرب انبرت كل من مصر وقطر إلى إيجاد أرضية للهدنة والصفقة وهي الآن تسابق الزمن في إيجاد حل سياسي للأزمة قبل تولي الرئيس الأمريكي سلطاته السياسية، والذي كل يوم يخرج بتهديد أن الشرق الأوسط سيواجه نيران جهنم إذا لم يعد الأسرى الإسرائيليون متناسياً ما يواجه الشعب الفلسطيني في غزة والضفة من إبادة جماعية وكوارث وتهجير قسري داخلي وخارجي..
لقد كشفت عورة إسرائيل، وتحطمت استراتجيتها الحربية والقتالية، واستنزفت قوتها على يد المقاومة الفلسطينية..
الواقع الآن على الدول العربية مواجهة قرار القيادة السياسية الأمريكية وما تنوي إسرائيل القيام به خلال المرحلة التالية للحرب.. فالمستقبل يزخر بالمفاجآت على مستوى الإقليم بشكل عام، وعلى مستوى الدول العربية الحدودية مع فلسطين المحتلة، وها هي لبنان بعد حرب الله ينتخب رئيساً له، وتنتهج سياسة جديدة، وها هي سوريا قد تخلصت من للنظام السوري، لتنفتح على العالم كله بسرعة فائقة.. والعراق تنتظر واليمن تقصف بالطائرات الإسرائيلية بدعم أمريكي بريطاني.. وظهور بوادر اليوم التالي في غزة،
نحن أمام متغيرات متسارعة..
صالح الشراب العبادي
السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣ كانت النقطة الفصل في إقليم الشرق الأوسط، فقد اقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي وقوات الدعم الغربي الأمريكي الأوروبي وبدعم ضمني من بعض الدول العربية قطاع غزة.. عملت الحرب ما عملت من قتل وتشريد وتجويع وتعطيش، وأحدثت إبادة جماعية تاريخية مستمرة حتى هذه اللحظة.. على إثر مقاومة الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على الحق الفلسطيني منذ ٦٠ عاماً..
لقد احتلت إسرائيل غزة وعزلها وتقسيمها إلى ثلاث مناطق، أسست فيها قيادات عسكرية، وخاصة منطقة شمال وادي غزة (محور نتساريم)، التي تشمل محافظة غزة وما حولها. حوّلت هذه المنطقة إلى منطقة خالية من السكان بعد عمليات التهجير القسري والتطوعي والتدمير الكامل للممتلكات العامة والخاصة المدنية. كما أسست محور ديفيد على محور فيلادلفيا (صلاح الدين) الممتد من رفح إلى كرم أبو سالم، واحتلت هذا المحور، وأغلقت المنفذ الحدودي مع مصر، ضاربة اتفاقية فيلادلفيا الملحقة لاتفاقية كامب ديفيد عرض الحائط..
سيطرت إسرائيل على منتصف القطاع بالقصف المستمر (المخيمات وخان يونس)،
توحدت الساحات في مقاومة الاحتلال والحرب من قبل حزب الله، والضفة، اليمن، وفصائل العراق برئاسة إيران راعية المقاومة كما تدعي، أدى ذلك إلى احتلالها الشريط الحدودي مع لبنان ورفضها الانسحاب، معتبرة إياها منطقة عازلة، ومتذرعة بعدم انسحاب حزب الله شمال نهر الليطاني. كذلك احتلت منطقة عازلة مع سوريا بعمق 14 كيلومترًا وطول 75 كيلومترًا، ممتدة من زيزون إلى جبل الشيخ، مسيطرة بذلك على روافد المياه المهمة جداُ، والتي ترفد نهر اليرموك وبالتالي حرمان الأردن (سد الوحدة) من حصص المياه المتفق عليها، مصادر المياه التي ستكون الحرب على تلك المنابع والروافد؛ نظرا لافتقار المنطقة إلى المياه وشحها والتي ستنذر بسنوات عجاف..
في الضفة الغربية، تواصل إسرائيل عملياتها ضد المقاومة وضد الشعب الفلسطيني ككل ومواصلة تثبيت الاحتلال بالمستوطنات ضاربة اتفاقية السلام بينها وبين السلطة الفلسطينية عرض الحائط، إضافة إلى الاقتحامات للقدس والمسجد الأقصى تحديداً والبدء ببناء الكنيس اليهودي مكانه أو حوله، مهددة بنزوح عشرات الآلاف من الفلسطينيين خارج الضفة الغربية، ويصرح بذلك علناً وزرائهم بدون خجل أو وجل.،
عملت إسرائيل على قصقصة أذرع إيران ذراعًا تلو الآخر، خاصة في لبنان وسوريا، مع اعتقادها أنها تفعل الشيء نفسه في غزة، بينما توجه أنظارها الآن إلى العراق واليمن.
في الوقت نفسه تقوم إسرائيل، وتسعى لجعل التطبيع هدفًا استراتيجيًا، خاصة مع دول الخليج العربي، وتهيئة بيئة مناسبة للاستثمار والدفاع المشترك. وفي الوقت ذاته، تعمل على تعزيز اتفاقيات السلام مع كل من الأردن ومصر كما يحلون لها وكما هي تنظر إلى هذه الاتفاقيات، وليس كما جاء بها، وأكبر دليل احتلال محور فيلادلفيا بين غزة ومصر، والمستوطنات التي بنتها في الضفة الغربية ومحاولة تهجير الفلسطينيين إلى الأردن..
استقبلت الدول العربية (بعضها) إلى إيجاد بيئة دينية مشتركة تُعرف بـ” الديانة الإبراهيمية”، للدخول في التعايش المشترك من أوسع أبوابه. إضافة إلى سعي إسرائيل لتحقيق توازن اقتصادي عبر طريق البخور، الممتد من الهند إلى الإمارات، فالسعودية، مرورًا بالأردن وفلسطين، وصولًا إلى البحر المتوسط. كما تهدف إلى استمرار التجارة الدولية مع الدول العربية والإسلامية، وخاصة تركيا، في الوقت الذي تصرف به غاز غزة علانية..
لكن في المقابل لا تتوانى إسرائيل عن طمس حل الدولتين نهائيًا وجعله مستحيلاً، وبذلك استحالة قيام دولة فلسطينية مستقلة من خلال حلول تدعمها الولايات المتحدة على حساب الأردن ومصر، وهو ما يواجه معارضة شديدة من الدول العربية والأوروبية.
على الرغم من اتهام إسرائيل بأنها تواجه عزلة دولية وشعبية، إلا أنها حصلت على دعم غربي غير محدود، جعلها تبدو كدولة ديمقراطية وسط أنظمة استبدادية كما تدعي وجعلها دولة ردعية. كما استفادت من محور التطبيع مع بعض الدول العربية والإسلامية، الذي منحها عمقًا سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا، في الوقت الذي تحاول تجاهل محور المفاوضات والدبلوماسية التقليدية وكذلك وإنهاء محور المقاومة.
كذلك، لاقت فكرة “الديانة الإبراهيمية” دعمًا كبيرًا، لا سيما في بعض دول الخليج، حيث يُنظر إليها كوسيلة لتقريب الثقافات والحضارات الدينية، بدعم غربي متميز والولوج إلى الدول العربية من خلال مفاهيم جديدة للدين..
أما على الصعيد العسكري، فقد استمرت إسرائيل في تنفيذ عملياتها دون رادع، رغم المجازر والإبادة التي ارتكبتها في قطاع غزة وجنوب لبنان..
من الناحية العسكرية، ظهرت إخفاقات واضحة في عدة محاور:
1. فشل الدفاعات الجوية المتطورة، مثل القبة الحديدية ومقلاع داوود، في التصدي للهجمات الصاروخية المتوسطة والبعيدة المدى، ما أجبر إسرائيل على تطوير نظام دفاعي جديد وطلبه بشكل عاجل، إضافة إلى طلب مستمر للأسلحة المتطورة للتعويض الدائم وكذاك الذخائر، وعلى نظام البركة الملآنة...
2. استمرار سقوط الصواريخ في مناطق حيوية مثل حيفا وتل أبيب وقواعدها العسكرية، خاصة الصواريخ المطلقة من اليمن، مع استمرار لإطلاق الصواريخ من غزة معلنة دائماً صمودها ووقوفها، رغم تعرضها للحصار والقتل والاغتيالات..
3. عدم عودة النازحين الإسرائيليين إلى غلاف غزة وشمال فلسطين حتى الآن مما يكبد إسرائيل تكاليف باهظة.،
4. اختراق الطائرات المسيّرة المجال الإسرائيلي، خاصة من قبل حزب الله، رغم محدودية تأثيرها.
إضافة إلى فشلها الذريع في تحقيق الأهداف المعلنة التي وضعتها للحرب لغاية اليوم.
لقد أظهرت التقارير والتحاليل من كبار المسؤولين الحياديين العسكريين والسياسيين إنه لأول مرة تواجه قوات الجيش الإسرائيلي استنزافاً في قدرتها وتراجع في تميز عملياتها العسكرية وانخفاض شديد حرفية ضباطها وجنودها، وذلك بسبب ضعف الوازع القتالي وفقدان مبادئ العقيدة القتالية التي تأسست عليها وهي، الردع، والحرب الخاطفة، الحسم السريع، التفوق الإعلامي العسكري.. الذي قوبل بأعلام المقاومة وبعض الإعلام العربي وكذلك الغربي، والذي أظهر هشاشة إسرائيل وضعفها..
الأحداث العسكرية المبالغ فيها أسهمت في تعقيد الوضع الداخلي لإسرائيل، وظهر ذلك في:
1. نزوح المجتمعات الإسرائيلية من المناطق الحدودية.
2. الهجرة الخارجية التي تجاوزت 100 ألف شخص، مع تزايد العدد.
3. العيش في الملاجئ وتحت الأرض لفترات طويلة.
4. ارتفاع الكلفة المالية للحرب وغلاء الأسعار.
5. زيادة الأمراض النفسية بين السكان، والهروب من التجنيد، مع تسجيل عدد كبير من القتلى بين الجنود والضباط.
النجاحات المحدودة لإسرائيل
1. استمرار الدعم الغربي، لا سيما الأمريكي والذي لولاه لما استمرت إسرائيل بالحرب طيلة هذه المدة.
2. تعزيز ومحاولة عدم انهيار العلاقات الإقليمية من خلال التطبيع مع بعض الدول العربية، والتي تسعى إلى إنهاء ما يسمى استراتيجية المقاومة الفلسطينية..
3. إطلاق مشاريع اقتصادية ودينية لتعزيز مكانتها.
إسرائيل لم تنجح في تحقيق الردع العسكري التقليدي، حيث كانت وما زالت الهجمات الصاروخية من إيران (في هجومين سابقين)، وصواريخ حزب الله، والحوثيين، وفصائل المقاومة في غزة. كما فشلت في استعادة الأمن لمناطق الجنوب والشمال.
على الرغم من ذلك، فإن إسرائيل تعتمد على الردع النووي الذي يوفر لها قوة إضافية أمام الدول العربية.
رغم نجاحات إسرائيل في بعض الجوانب الاستراتيجية، إلا أن الإخفاقات العسكرية والأمنية الكبيرة، إلى جانب التحديات الداخلية، جعلتها تواجه وضعًا معقدًا في المنطقة. في المقابل، يبقى الصراع مستمرًا دون بوادر لحلول جذرية.
لا تزال بوادر الحلول تظهر وتختفي وخاصة الهدنة أو الصفقة أو الاتفاقية فيما بين حماس وإسرائيل منذ ١٥ شهراً، تلك السردية الإسرائيلية التي تكتب نصها إسرائيل بفصول مأساوية من قصف وتدمير واغتيالات وضحايا بالجمعة للقطاع، وتجويع وتعطيش.. وآخرها شروطها بإيجاد مناطق آمنة على حدود القطاع الأمر الذي سيؤدي إلى خلق عدة مناطق آمنة في كل من لبنان وسوريا، والذي يعتبر نوعاً جديداً من الاحتلال..
منذ بداية الحرب انبرت كل من مصر وقطر إلى إيجاد أرضية للهدنة والصفقة وهي الآن تسابق الزمن في إيجاد حل سياسي للأزمة قبل تولي الرئيس الأمريكي سلطاته السياسية، والذي كل يوم يخرج بتهديد أن الشرق الأوسط سيواجه نيران جهنم إذا لم يعد الأسرى الإسرائيليون متناسياً ما يواجه الشعب الفلسطيني في غزة والضفة من إبادة جماعية وكوارث وتهجير قسري داخلي وخارجي..
لقد كشفت عورة إسرائيل، وتحطمت استراتجيتها الحربية والقتالية، واستنزفت قوتها على يد المقاومة الفلسطينية..
الواقع الآن على الدول العربية مواجهة قرار القيادة السياسية الأمريكية وما تنوي إسرائيل القيام به خلال المرحلة التالية للحرب.. فالمستقبل يزخر بالمفاجآت على مستوى الإقليم بشكل عام، وعلى مستوى الدول العربية الحدودية مع فلسطين المحتلة، وها هي لبنان بعد حرب الله ينتخب رئيساً له، وتنتهج سياسة جديدة، وها هي سوريا قد تخلصت من للنظام السوري، لتنفتح على العالم كله بسرعة فائقة.. والعراق تنتظر واليمن تقصف بالطائرات الإسرائيلية بدعم أمريكي بريطاني.. وظهور بوادر اليوم التالي في غزة،
نحن أمام متغيرات متسارعة..
التعليقات