ما أنْ يُوقِظُني أهلي للسحور وكأنّي تَفَتَّحْتُ مثل الشَّرْنَقَةِ، أستيقظُ مُتَهالِكاً بعد نومٍ لا يَسُدُّ الرَّمق.. أو أفضل ما يُقال أنَّها غفوة وليست سُبَات، أتعاركُ مع لُقَيْمَات معدودات بتثاقل.. عينايَ خامِلتين.. وذراعي بالكاد ترتفعُ نحو فمي، ثمَّ أحتسي كوب شاي على عَجَلَة.. ورَشفَات ماء مُتقطعة.. تصبح غزيرة مع اقتراب أذان الفجر الثاني.
أُصلِّي الفجر سريعاً، ثمَّ أعودُ إلى فراشي مُتلهِفاً لعلي أحظى بغفوة دَسِمة قبل الذهابِ إلى الدوامِ، أتَقلَّبُ ذات اليمين.. وذات الشِّمال حتى لا أتذكرُ متى قررتُ أنْ أنسى أنِّي فكرتُ بما يستحقُ التفكير، تمرُّ بعدها لحظات.. ثمَّ يَصْدحُ مُنبه هاتفي مِراراً.. وتكراراً.. وكأنَّهُ النَّفْخُ في الصّور.. وكأنَّهُ البعث من النّشور!!..
في كل صباحٍ من أيام رمضان تتطايرُ القرارات الباهتة في رأسي.. وأَتُوهُ في التَّردداتِ : هل أطلبُ إجازةً وأرْجِعُ نحو الفِراش..أو أُقَدِّمُ استقالتي وأرْجِعُ نحو الحياةِ.. (هههههههه) ..في النهاية ينتصرُ الدوام على كل تلك التُّرَّهَات.. فأرتدي ملابسي مُنْتَفِضاً.. وأذْرَعُ نحو الشارع مُسرعاً إلى مواصلات الدوام.
الموظفون.. الطلاب.. الناس.. كلهم خارجونَ في الصباح وكأنَّهم (مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ)، قاموا من نومهم للتو ولِسانُ حالِهم يقول (مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا)، فتراهم واقفين وأرواحهم نائمة (وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ).. حينها اسألُ نفسي وأنا أنظرُ إليهم : هل تستحقُ الحياة كل ذلك العَنَاء.؟!.
في رمضان تُصَفَّدْ الشياطين.. لماذا لا يُصَفَّدْ الدّوام أيضاً، في الرمَضَانات الماضية - حِينَ لمْ يَكُنْ هنالكَ دوام- كان وِرْدي من القرآن الكريم أكثر .. ونومي أفضل .. ومعنوياتي شاهقة.. ومشاعري فضفاضة.. وعلاقاتي الإجتماعية أحسن، ما المانع لو صارت أيام الدوام أربعة بدل خمسة، ما المانع لو كان هذا الشهر لله وحدهُ.؟!.
على أيةِ حال.. أرْجِعُ إلى داري ظُهراً.. أُصلِّي الظهر.. ثمَّ أَشْرعُ بالقراءةِ في المصحف الشريف..أقرأُ حتى تُصبح جُفُوني ثقيلة ولا أستطيع رفعهُما، ثُمّ أنغَمِسُ في فراشي مُستسلِماً لنومٍ عميق.. مثل نوم الطفل الجائع بعد جُرعة حليب ثقيلة!!..
استقيظُ على مُنبه هاتفي حوالي الخامسة والنَّصف مساءً، رائحة الطَّهو المُنبعثة من المطبخ هي أول ما استنشِقهُ.. وقتها أقِفُ على قدماي مع إحساسٍ بدوخةٍ مسائية، ثمَّ أُصلِّي العَصْر.. وبعدها لا أعرفُ كيفُ يَنْفلِتُ مِنِّي باقي النَّهار مع أُفُول قُرص الشمس تحت الأُفق.
ثمّ تَسْتأنِفُ مرحلةُ الغُروبِ فَعالِيَّاتها:صلاة المغرب وبعدها الإفطار، في بداية رمضان كانت شهيتي على الطعامِ مُنخفِضَةٍ.. ولكن ومع مرور الأيام أستعدتُ شراهتي وأصبحتُ اتناول عشرينَ لقمة (كحد أدنى) في كل مرةٍ.. يُسْتَثنى من ذلك رَشَفَات الشُّورَبة وبعض النَّثْرِيات (كالسَّمْبُوسَك والكِبَّة وغيرها).
تأتي بعد ذلك فَقرة الإرتماء مع كاسة الشَّاي، الشَّاي وحدهُ لا يكفي- إذا لمْ يُرافِقُهُ النَّعناع أو عِرق ميرمِيَّة أو (حِزّْ) ليمون - فإنِّهُ لا يفي بالغرض.. رشفة.. ثم الثانية.. ثم الثالثة.. فالرابعة.. وقتها يَنْعَدِلُ المِزاج.. وتَنْخَمِدُ الأفكار.. وتُدْرِكُ حينها أنَّ الأرض كُرَوية.. وأنَّ أيام الأسبوع سبعة.. وأنَّ عدد أصابع اليدين عشرة.. وأنَّ هنالكَ فرق بين الجَمَادات والكائنات الحيّة.. مع كل تلك الرشفات تعودُ لك الحياة.. وتدرك أنّ الحياة ذائبة في الشاي الذي تشربه..!!.
ثمَّ أنهضُ إلى صلاة العِشاء والتراويح وأنا مُثْقل البطن والرأس.. تَنْطلِقُ من حلقي (ترعتين) قبل الدخول إلى المسجد حتى يَتسنَّى لِثُلث النَّفَس في المعده أنْ يرتاح من الضغط قليلاً.. ثمّ أُحاول التركيز في الصلاة ونسيان كل ما حصلَ معي في يومي، بالنِّسبة لي ومنذُ طفولتي بَقِيتُ أعتبرُ صلاة التراويح هي العَلامَة المُمَيزة لشهر رمضان.. بل هي نكهة رمضان.. وحلاوة ليالِيه.
بعد صلاة التروايح يبدأ التَّسامر مع الأهل وتناول الحلويات وعلى رأسها (القطايف)، في هذا الرمضان لا أدري لماذا تَقاعَسَتْ حياتي الإجتماعية أكثر.. وصِرتُ أقْتَصِرُ جلساتي على أهلي فقط، وربما دعوتُ الله هذه السنة أنْ يُبَلِّغنا رمضان (لا عازِمِين.. ولا مَعْزُومِين)..!!.
تنتهي مراسم اليوم عندي قرابة الساعة الثانية صباحاً، أضبطُ منبه هاتفي قبل السحور بنصف ساعة.. يواصل منبه هاتفي وَفائَهُ لي خلال هذا الشهر.. هذا الشهر الذي كان (النّوم المُتَقطِّع) هو أصعب طُقوسِه بالنسبة لي.!!، أنامُ وأنا أترقَّبُ يوماً جديداً من رمضان لعلهُ يكونُ أقل وطأةً من سابِقِه.. أنامُ وأنا أُردِّدُ: لا حول ولا قوة إلا باللّه.. ومع الله.. وللّه.
عبدالله محمد الغويري
٢٠٢٣/٤/٨
١٧ رمضان/١٤٤٤
ما أنْ يُوقِظُني أهلي للسحور وكأنّي تَفَتَّحْتُ مثل الشَّرْنَقَةِ، أستيقظُ مُتَهالِكاً بعد نومٍ لا يَسُدُّ الرَّمق.. أو أفضل ما يُقال أنَّها غفوة وليست سُبَات، أتعاركُ مع لُقَيْمَات معدودات بتثاقل.. عينايَ خامِلتين.. وذراعي بالكاد ترتفعُ نحو فمي، ثمَّ أحتسي كوب شاي على عَجَلَة.. ورَشفَات ماء مُتقطعة.. تصبح غزيرة مع اقتراب أذان الفجر الثاني.
أُصلِّي الفجر سريعاً، ثمَّ أعودُ إلى فراشي مُتلهِفاً لعلي أحظى بغفوة دَسِمة قبل الذهابِ إلى الدوامِ، أتَقلَّبُ ذات اليمين.. وذات الشِّمال حتى لا أتذكرُ متى قررتُ أنْ أنسى أنِّي فكرتُ بما يستحقُ التفكير، تمرُّ بعدها لحظات.. ثمَّ يَصْدحُ مُنبه هاتفي مِراراً.. وتكراراً.. وكأنَّهُ النَّفْخُ في الصّور.. وكأنَّهُ البعث من النّشور!!..
في كل صباحٍ من أيام رمضان تتطايرُ القرارات الباهتة في رأسي.. وأَتُوهُ في التَّردداتِ : هل أطلبُ إجازةً وأرْجِعُ نحو الفِراش..أو أُقَدِّمُ استقالتي وأرْجِعُ نحو الحياةِ.. (هههههههه) ..في النهاية ينتصرُ الدوام على كل تلك التُّرَّهَات.. فأرتدي ملابسي مُنْتَفِضاً.. وأذْرَعُ نحو الشارع مُسرعاً إلى مواصلات الدوام.
الموظفون.. الطلاب.. الناس.. كلهم خارجونَ في الصباح وكأنَّهم (مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ)، قاموا من نومهم للتو ولِسانُ حالِهم يقول (مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا)، فتراهم واقفين وأرواحهم نائمة (وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ).. حينها اسألُ نفسي وأنا أنظرُ إليهم : هل تستحقُ الحياة كل ذلك العَنَاء.؟!.
في رمضان تُصَفَّدْ الشياطين.. لماذا لا يُصَفَّدْ الدّوام أيضاً، في الرمَضَانات الماضية - حِينَ لمْ يَكُنْ هنالكَ دوام- كان وِرْدي من القرآن الكريم أكثر .. ونومي أفضل .. ومعنوياتي شاهقة.. ومشاعري فضفاضة.. وعلاقاتي الإجتماعية أحسن، ما المانع لو صارت أيام الدوام أربعة بدل خمسة، ما المانع لو كان هذا الشهر لله وحدهُ.؟!.
على أيةِ حال.. أرْجِعُ إلى داري ظُهراً.. أُصلِّي الظهر.. ثمَّ أَشْرعُ بالقراءةِ في المصحف الشريف..أقرأُ حتى تُصبح جُفُوني ثقيلة ولا أستطيع رفعهُما، ثُمّ أنغَمِسُ في فراشي مُستسلِماً لنومٍ عميق.. مثل نوم الطفل الجائع بعد جُرعة حليب ثقيلة!!..
استقيظُ على مُنبه هاتفي حوالي الخامسة والنَّصف مساءً، رائحة الطَّهو المُنبعثة من المطبخ هي أول ما استنشِقهُ.. وقتها أقِفُ على قدماي مع إحساسٍ بدوخةٍ مسائية، ثمَّ أُصلِّي العَصْر.. وبعدها لا أعرفُ كيفُ يَنْفلِتُ مِنِّي باقي النَّهار مع أُفُول قُرص الشمس تحت الأُفق.
ثمّ تَسْتأنِفُ مرحلةُ الغُروبِ فَعالِيَّاتها:صلاة المغرب وبعدها الإفطار، في بداية رمضان كانت شهيتي على الطعامِ مُنخفِضَةٍ.. ولكن ومع مرور الأيام أستعدتُ شراهتي وأصبحتُ اتناول عشرينَ لقمة (كحد أدنى) في كل مرةٍ.. يُسْتَثنى من ذلك رَشَفَات الشُّورَبة وبعض النَّثْرِيات (كالسَّمْبُوسَك والكِبَّة وغيرها).
تأتي بعد ذلك فَقرة الإرتماء مع كاسة الشَّاي، الشَّاي وحدهُ لا يكفي- إذا لمْ يُرافِقُهُ النَّعناع أو عِرق ميرمِيَّة أو (حِزّْ) ليمون - فإنِّهُ لا يفي بالغرض.. رشفة.. ثم الثانية.. ثم الثالثة.. فالرابعة.. وقتها يَنْعَدِلُ المِزاج.. وتَنْخَمِدُ الأفكار.. وتُدْرِكُ حينها أنَّ الأرض كُرَوية.. وأنَّ أيام الأسبوع سبعة.. وأنَّ عدد أصابع اليدين عشرة.. وأنَّ هنالكَ فرق بين الجَمَادات والكائنات الحيّة.. مع كل تلك الرشفات تعودُ لك الحياة.. وتدرك أنّ الحياة ذائبة في الشاي الذي تشربه..!!.
ثمَّ أنهضُ إلى صلاة العِشاء والتراويح وأنا مُثْقل البطن والرأس.. تَنْطلِقُ من حلقي (ترعتين) قبل الدخول إلى المسجد حتى يَتسنَّى لِثُلث النَّفَس في المعده أنْ يرتاح من الضغط قليلاً.. ثمّ أُحاول التركيز في الصلاة ونسيان كل ما حصلَ معي في يومي، بالنِّسبة لي ومنذُ طفولتي بَقِيتُ أعتبرُ صلاة التراويح هي العَلامَة المُمَيزة لشهر رمضان.. بل هي نكهة رمضان.. وحلاوة ليالِيه.
بعد صلاة التروايح يبدأ التَّسامر مع الأهل وتناول الحلويات وعلى رأسها (القطايف)، في هذا الرمضان لا أدري لماذا تَقاعَسَتْ حياتي الإجتماعية أكثر.. وصِرتُ أقْتَصِرُ جلساتي على أهلي فقط، وربما دعوتُ الله هذه السنة أنْ يُبَلِّغنا رمضان (لا عازِمِين.. ولا مَعْزُومِين)..!!.
تنتهي مراسم اليوم عندي قرابة الساعة الثانية صباحاً، أضبطُ منبه هاتفي قبل السحور بنصف ساعة.. يواصل منبه هاتفي وَفائَهُ لي خلال هذا الشهر.. هذا الشهر الذي كان (النّوم المُتَقطِّع) هو أصعب طُقوسِه بالنسبة لي.!!، أنامُ وأنا أترقَّبُ يوماً جديداً من رمضان لعلهُ يكونُ أقل وطأةً من سابِقِه.. أنامُ وأنا أُردِّدُ: لا حول ولا قوة إلا باللّه.. ومع الله.. وللّه.
عبدالله محمد الغويري
٢٠٢٣/٤/٨
١٧ رمضان/١٤٤٤
ما أنْ يُوقِظُني أهلي للسحور وكأنّي تَفَتَّحْتُ مثل الشَّرْنَقَةِ، أستيقظُ مُتَهالِكاً بعد نومٍ لا يَسُدُّ الرَّمق.. أو أفضل ما يُقال أنَّها غفوة وليست سُبَات، أتعاركُ مع لُقَيْمَات معدودات بتثاقل.. عينايَ خامِلتين.. وذراعي بالكاد ترتفعُ نحو فمي، ثمَّ أحتسي كوب شاي على عَجَلَة.. ورَشفَات ماء مُتقطعة.. تصبح غزيرة مع اقتراب أذان الفجر الثاني.
أُصلِّي الفجر سريعاً، ثمَّ أعودُ إلى فراشي مُتلهِفاً لعلي أحظى بغفوة دَسِمة قبل الذهابِ إلى الدوامِ، أتَقلَّبُ ذات اليمين.. وذات الشِّمال حتى لا أتذكرُ متى قررتُ أنْ أنسى أنِّي فكرتُ بما يستحقُ التفكير، تمرُّ بعدها لحظات.. ثمَّ يَصْدحُ مُنبه هاتفي مِراراً.. وتكراراً.. وكأنَّهُ النَّفْخُ في الصّور.. وكأنَّهُ البعث من النّشور!!..
في كل صباحٍ من أيام رمضان تتطايرُ القرارات الباهتة في رأسي.. وأَتُوهُ في التَّردداتِ : هل أطلبُ إجازةً وأرْجِعُ نحو الفِراش..أو أُقَدِّمُ استقالتي وأرْجِعُ نحو الحياةِ.. (هههههههه) ..في النهاية ينتصرُ الدوام على كل تلك التُّرَّهَات.. فأرتدي ملابسي مُنْتَفِضاً.. وأذْرَعُ نحو الشارع مُسرعاً إلى مواصلات الدوام.
الموظفون.. الطلاب.. الناس.. كلهم خارجونَ في الصباح وكأنَّهم (مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ)، قاموا من نومهم للتو ولِسانُ حالِهم يقول (مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا)، فتراهم واقفين وأرواحهم نائمة (وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ).. حينها اسألُ نفسي وأنا أنظرُ إليهم : هل تستحقُ الحياة كل ذلك العَنَاء.؟!.
في رمضان تُصَفَّدْ الشياطين.. لماذا لا يُصَفَّدْ الدّوام أيضاً، في الرمَضَانات الماضية - حِينَ لمْ يَكُنْ هنالكَ دوام- كان وِرْدي من القرآن الكريم أكثر .. ونومي أفضل .. ومعنوياتي شاهقة.. ومشاعري فضفاضة.. وعلاقاتي الإجتماعية أحسن، ما المانع لو صارت أيام الدوام أربعة بدل خمسة، ما المانع لو كان هذا الشهر لله وحدهُ.؟!.
على أيةِ حال.. أرْجِعُ إلى داري ظُهراً.. أُصلِّي الظهر.. ثمَّ أَشْرعُ بالقراءةِ في المصحف الشريف..أقرأُ حتى تُصبح جُفُوني ثقيلة ولا أستطيع رفعهُما، ثُمّ أنغَمِسُ في فراشي مُستسلِماً لنومٍ عميق.. مثل نوم الطفل الجائع بعد جُرعة حليب ثقيلة!!..
استقيظُ على مُنبه هاتفي حوالي الخامسة والنَّصف مساءً، رائحة الطَّهو المُنبعثة من المطبخ هي أول ما استنشِقهُ.. وقتها أقِفُ على قدماي مع إحساسٍ بدوخةٍ مسائية، ثمَّ أُصلِّي العَصْر.. وبعدها لا أعرفُ كيفُ يَنْفلِتُ مِنِّي باقي النَّهار مع أُفُول قُرص الشمس تحت الأُفق.
ثمّ تَسْتأنِفُ مرحلةُ الغُروبِ فَعالِيَّاتها:صلاة المغرب وبعدها الإفطار، في بداية رمضان كانت شهيتي على الطعامِ مُنخفِضَةٍ.. ولكن ومع مرور الأيام أستعدتُ شراهتي وأصبحتُ اتناول عشرينَ لقمة (كحد أدنى) في كل مرةٍ.. يُسْتَثنى من ذلك رَشَفَات الشُّورَبة وبعض النَّثْرِيات (كالسَّمْبُوسَك والكِبَّة وغيرها).
تأتي بعد ذلك فَقرة الإرتماء مع كاسة الشَّاي، الشَّاي وحدهُ لا يكفي- إذا لمْ يُرافِقُهُ النَّعناع أو عِرق ميرمِيَّة أو (حِزّْ) ليمون - فإنِّهُ لا يفي بالغرض.. رشفة.. ثم الثانية.. ثم الثالثة.. فالرابعة.. وقتها يَنْعَدِلُ المِزاج.. وتَنْخَمِدُ الأفكار.. وتُدْرِكُ حينها أنَّ الأرض كُرَوية.. وأنَّ أيام الأسبوع سبعة.. وأنَّ عدد أصابع اليدين عشرة.. وأنَّ هنالكَ فرق بين الجَمَادات والكائنات الحيّة.. مع كل تلك الرشفات تعودُ لك الحياة.. وتدرك أنّ الحياة ذائبة في الشاي الذي تشربه..!!.
ثمَّ أنهضُ إلى صلاة العِشاء والتراويح وأنا مُثْقل البطن والرأس.. تَنْطلِقُ من حلقي (ترعتين) قبل الدخول إلى المسجد حتى يَتسنَّى لِثُلث النَّفَس في المعده أنْ يرتاح من الضغط قليلاً.. ثمّ أُحاول التركيز في الصلاة ونسيان كل ما حصلَ معي في يومي، بالنِّسبة لي ومنذُ طفولتي بَقِيتُ أعتبرُ صلاة التراويح هي العَلامَة المُمَيزة لشهر رمضان.. بل هي نكهة رمضان.. وحلاوة ليالِيه.
بعد صلاة التروايح يبدأ التَّسامر مع الأهل وتناول الحلويات وعلى رأسها (القطايف)، في هذا الرمضان لا أدري لماذا تَقاعَسَتْ حياتي الإجتماعية أكثر.. وصِرتُ أقْتَصِرُ جلساتي على أهلي فقط، وربما دعوتُ الله هذه السنة أنْ يُبَلِّغنا رمضان (لا عازِمِين.. ولا مَعْزُومِين)..!!.
تنتهي مراسم اليوم عندي قرابة الساعة الثانية صباحاً، أضبطُ منبه هاتفي قبل السحور بنصف ساعة.. يواصل منبه هاتفي وَفائَهُ لي خلال هذا الشهر.. هذا الشهر الذي كان (النّوم المُتَقطِّع) هو أصعب طُقوسِه بالنسبة لي.!!، أنامُ وأنا أترقَّبُ يوماً جديداً من رمضان لعلهُ يكونُ أقل وطأةً من سابِقِه.. أنامُ وأنا أُردِّدُ: لا حول ولا قوة إلا باللّه.. ومع الله.. وللّه.
عبدالله محمد الغويري
٢٠٢٣/٤/٨
١٧ رمضان/١٤٤٤
التعليقات