بقلم: الدكتور محمد المناصير
إن هويتنا الأردنية الجامعة موجودة منذ آلاف السنين وهي غير الهوية التي يريدها دعاة الصهيونية والوطن البديل، ومن يريد طمس الهوية الأردنية الوطنية والهوية الوطنية الفلسطينية، فعبارة الهوية الوطنية الجامعة تعني وجود هويات وعنصريات وشعوب مختلفة تعيش في الأردن. فليعلم الجميع أننا في الأردن كلنا أردنيون، وفي فلسطين كلنا فلسطينيون، فمن يعيش على أرض الأردن، ويحمل جنسيتها بموجب الدستور فهو أردني، فلا داعي لكلمة هوية جامعة لمواطني الوطن الواحد، فهويتنا جميعا هوية أردنية، وليست جامعة لأحد غير أردني فلا تفرقوا أبناء الوطن الواحد، ولا توجد في الأردن عنصرية ولا أزمة هوية؛ لأن من فاء إلى الأردن أخذ جنسيتها طواعية، وعاش فيها آمنا مطمئنا وكثيرون استغنوا وأثروا في تراب الأردن.
إن هذا الشعب العظيم والوطن الأعظم استقبل الهجرات العربية من اليمن والجزيرة العربية منذ أكثر من عشرة آلاف عام.. واستقبل من اخرجوا من الحجاز وسورية والعراق بعد انتهاء حكمهم هناك..
واستقبل الأردنيون من فاء إلى هذا الحمى من فلسطين والجزائر وليبيا والعراق وبلاد شنقيط ومصر وسورية ولبنان واليمن، ومن أخرجتهم القيصرية الروسية، ومن أخرجهم الاستعمار الفرنسي والإيطالي والبرتغالي، ومن خرجوا خوفا على دينهم من يوغسلافيا السابقة والبوسنة والهرسك وألبانيا وكردستان وبخاري وأرمينية، وكل من خرج بدينه أو بوطنيته أو ظلم في بلاده بكل ترحاب وطيب خاطر..
وأصبح القادمون حكاما فيه من أول يوم قامت فيه الإمارة، ولا يضير هذا أهل الأردن فهم الأنصار والآخرون المهاجرين.. ولكن من حق أهل البلاد العيش الكريم والحصول على حقوقهم وتحسين معيشتهم وإشراكهم في حكم بلادهم وإعطائهم حقوقهم أسوة بالآخرين، لا بل هم الأحق بإدارة بلادهم.. فقد سمعنا مصطلحات عنصرية في أقطار عربية تعطي أولوية لا أخلاقية البلاد الأصليين، إلا هذا الحمى الذي أعطى الجنسية طواعية لكل من فاء إليه لا بل أعطى أولوية للعمالة العربية، ولم يطرح مصطلح الأردن؛ لأن القادمين عرب مسلمون انتقلوا من وطنهم إلى وطنهم، مع أن البعض لا يعرف من وطنه الأردن إلى جواز السفر كهدف وظيفي لديه ومصلحة ذاتية مؤقتة إلى أن يحصل على الجنسية الأجنبية..
لقد هاجر الجميع إلى الأردن من وطنهم إلى وطنهم.. على الرحب والسعة، فقد ترك أهل البلاد بيوتهم للمهاجرين إليه وهم إخوة الأردنيين، وجاهد الأردنيون مع الشعوب المظلومة في ليبيا والجزائر وتونس وسورية والعراق وفلسطين، وقد كان الأردنيون أول من تنبه بوعيهم المبكر للخطر الصهيوني، وعقدوا المؤتمرات لمعارضة وعد بلفور ومشروع سايكس بيكو والهجرة اليهودية، وخاضوا المعارك ضد المستعمرين والمغتصبين اليهود والصهاينة قبل قيام الإمارة في سمخ وتل الثعالب وبيسان، وبعدها في عام 1948م وعام 1967م ومعركة الكرامة الفاصلة عام 1968م، واستقبل الأردنيون ثوار العرب والقوميين العرب من كافة أقطارهم حتى الأحزاب العربية وجدت في الأردن وطنا قوميا جامعا لهم..
أما أن يؤتى بمن لا يخافون على الأردن من سماسرة الأراضي لبيعها للعدو، ومن يستولي على الأراضي في شرق الأردن لصالح المشروع الصهيوني، ومن يؤتى به لتطوير الاقتصاد وما سمى الخصخصة التي دمرت اقتصاد الوطن وزادت المديونية أضعافا مضاعفة، ومن اتخذ من الأردن مسرحا لبائعي الدخان والمخدرات والتهريب والفاسدين والحرامية وأمثالهم ممن نهبوا ثروات البلاد، وباعوا مؤسساته وشركاته الوطنية الناجحة، فهذا أمر يرفضه الأردنيون وهو حديثهم اليومي، وإن لم يفصح به أهل البلاد، ولكن يتداولونه في مجالسهم يوميا.. وللعلم هذا سبب رد الأردنيين على دعاة الهوية الجامعة أن الوطن أصبح بالنسبة للكثيرين حقيبة سفر..
ألم يعلم هؤلاء أن أهل غرب فلسطين عندما ينتقلون إلى الأردن لم يغادروا وطنهم الأصلي، فكلنا أردنيون ويبدو أنهم لم يقرأوا التاريخ، وانجرفوا وراء خارطة سايكس بيكو، فليعلم هؤلاء أن عاصمة الأردن لأكثر من 850 عاما كانت مدينة طبرية وموانئ الأردن عكا وحيفا وصور، ومرج ابن عامر والجليل والجولان كانت أردنية منذ أن كتب التاريخ، فنصف فلسطين كان أردنيًا وأجزاء من سورية ولبنان على مدى التاريخ، منذ العهد اليوناني والروماني وعهود الإسلام كلها إلى العهد المملوكي كانت الأردن دولة، فهوية الأردنيين إسلامية عربية قومية جامعة عبر التاريخ.. لا يهادنون في ذلك ولا يقايضون..
ففي الأردن حاربت ممالك الأردن اليهود قبل عشرة آلاف عام وانتصروا عليهم، وسجل الملك المؤابي مشيع انتصاراته عليهم على مسلته الموجودة الآن في متحف اللوفر، أما ملك عمون، فقد طرد رسل اليهود، وحلق نصف لحاهم وأعادهم خائبين، وشارك أهل الأردن بحصار القدس، حين سبى البابليون اليهود، وفي الأردن بنى الأنباط حضارة اضطرت روما أن تعطيهم حكما ذاتيا وتحترم دولتهم، وشهد الأردن أول دخول للإسلام طوعا فقد صالح الرسول -صلى الله عليه وسلم- أهل الأردن في أذرح وأيلة والجرباء بجنوبي الأردن، وفي الأردن جرت أول معركة للرسول -صلى الله عليه وسلم- خارج الجزيرة العربية وهي معركة مؤتة، وفي الأردن استلم الأمويون الحكم في تحكيم أذرح بين الخليفة علي والي الشام معاوية، ومن الحميمة في جنوب الأردن انطلقت الدعوة العباسية، وقامت دولتهم وانطلقت من الحميمة نحو الكوفة وخراسان، ووصلت إلى أطراف الأرض، وعلى أرض الأردن دعم الأردنيون انتقال الحكم من الفرع السفياني إلى الفرع المرواني الأموي بعد أن كادت نار الفتنة أن تنتشر.. فيقول شاعرهم:
لولا الله وأهل الأردن انقسمت // نار الجماعة يوم المرج نيرانا.
ومن الأردن انطلق الفاتحون إلى شمال إفريقية والأندلس مع موسى بن نصير ابن وادي الأردن، ومن الأردن انطلقت جحافل صلاح الدين لفتح فلسطين والقدس، وكان جل جيشه من أهل البلقاء والأردن والعشائر الأردنية.
ومن الكرك بالأردن حكمت الشام ومصر حين نقل الناصر محمد مقر حكم دولة المماليك إلى الكرك، وأصبحت عاصمة الدولة فترة من الزمن قبل أن يصالحه أمراء المماليك ويعود للقاهرة، ومن الأردن تمكن الناصر محمد بجيش من أهل الأردن من تحرير عكا من فلول الصليبيين.
فأصحاب هذا الحمى لهم الحق بأخذ حقوقهم والمحافظة على هويتهم وعدم التلاعب بالألفاظ والكلمات لتغيير الهوية الأردنية ربما لصالح الوطن البديل ومخططات العدو الصهيوني لصالح إقامة إسرائيل الكبرى..
والسؤول هو هل الوحدة الوطنية الأردنية مهددة بالتشظّي، وهل الهوية الوطنية بعد 100 عام من تأسيس الدولة لم تتضح معالمها بعد!؟ لتزداد الحاجة إلى توضيح الرؤية حول الهوية الجامعة لتبديد الهواجس الموجودة عند الناس.
فهويتنا أردنية عربية إسلامية إلى أن تزال حدود الاستعمار، ويطرد الصهاينة من بلادنا، ونعود وطنا عربيا إسلاميا جامعا.. وأعتقد جازما أن مخططات ودعاة الهوية الجامعة ستفشل؛ لأنها في خدمة المشروع الصهيوني والوطن البديل والمنطقة الاقتصادية المشتركة ومشروع البولينكس.
ولم يكن الأردن وأهله يوما على هامش التاريخ، بل كان مركزه ورحاه، فليست أرضا بلا شعب ولا وطنا بديلا ولا صحراء خالية كما أرادها مشروع روتنبرغ الصهيوني، وواقع حال الأردنيين يقول لا لطمس الهوية الأردنية واستبدالها بالهوية الأردنية الجامعة، تمهيدا لجعل الأردن وطنا بديلا تنفيذا لمخططات مشبوهة، فكل من يقيم على أرض الأردن أردني إلى أن تحرر أرضه والأردنيون بعشائرهم ومكوناتهم الاجتماعية هم الأنصار للمهاجرين كلهم الذين أفادوا إليهم من خارج الوطن فكلنا أردنيون مع الاحتفاظ بحق كل مكون وعدم تذويبه أو إلغائه على حساب الآخرين.
بقلم: الدكتور محمد المناصير
إن هويتنا الأردنية الجامعة موجودة منذ آلاف السنين وهي غير الهوية التي يريدها دعاة الصهيونية والوطن البديل، ومن يريد طمس الهوية الأردنية الوطنية والهوية الوطنية الفلسطينية، فعبارة الهوية الوطنية الجامعة تعني وجود هويات وعنصريات وشعوب مختلفة تعيش في الأردن. فليعلم الجميع أننا في الأردن كلنا أردنيون، وفي فلسطين كلنا فلسطينيون، فمن يعيش على أرض الأردن، ويحمل جنسيتها بموجب الدستور فهو أردني، فلا داعي لكلمة هوية جامعة لمواطني الوطن الواحد، فهويتنا جميعا هوية أردنية، وليست جامعة لأحد غير أردني فلا تفرقوا أبناء الوطن الواحد، ولا توجد في الأردن عنصرية ولا أزمة هوية؛ لأن من فاء إلى الأردن أخذ جنسيتها طواعية، وعاش فيها آمنا مطمئنا وكثيرون استغنوا وأثروا في تراب الأردن.
إن هذا الشعب العظيم والوطن الأعظم استقبل الهجرات العربية من اليمن والجزيرة العربية منذ أكثر من عشرة آلاف عام.. واستقبل من اخرجوا من الحجاز وسورية والعراق بعد انتهاء حكمهم هناك..
واستقبل الأردنيون من فاء إلى هذا الحمى من فلسطين والجزائر وليبيا والعراق وبلاد شنقيط ومصر وسورية ولبنان واليمن، ومن أخرجتهم القيصرية الروسية، ومن أخرجهم الاستعمار الفرنسي والإيطالي والبرتغالي، ومن خرجوا خوفا على دينهم من يوغسلافيا السابقة والبوسنة والهرسك وألبانيا وكردستان وبخاري وأرمينية، وكل من خرج بدينه أو بوطنيته أو ظلم في بلاده بكل ترحاب وطيب خاطر..
وأصبح القادمون حكاما فيه من أول يوم قامت فيه الإمارة، ولا يضير هذا أهل الأردن فهم الأنصار والآخرون المهاجرين.. ولكن من حق أهل البلاد العيش الكريم والحصول على حقوقهم وتحسين معيشتهم وإشراكهم في حكم بلادهم وإعطائهم حقوقهم أسوة بالآخرين، لا بل هم الأحق بإدارة بلادهم.. فقد سمعنا مصطلحات عنصرية في أقطار عربية تعطي أولوية لا أخلاقية البلاد الأصليين، إلا هذا الحمى الذي أعطى الجنسية طواعية لكل من فاء إليه لا بل أعطى أولوية للعمالة العربية، ولم يطرح مصطلح الأردن؛ لأن القادمين عرب مسلمون انتقلوا من وطنهم إلى وطنهم، مع أن البعض لا يعرف من وطنه الأردن إلى جواز السفر كهدف وظيفي لديه ومصلحة ذاتية مؤقتة إلى أن يحصل على الجنسية الأجنبية..
لقد هاجر الجميع إلى الأردن من وطنهم إلى وطنهم.. على الرحب والسعة، فقد ترك أهل البلاد بيوتهم للمهاجرين إليه وهم إخوة الأردنيين، وجاهد الأردنيون مع الشعوب المظلومة في ليبيا والجزائر وتونس وسورية والعراق وفلسطين، وقد كان الأردنيون أول من تنبه بوعيهم المبكر للخطر الصهيوني، وعقدوا المؤتمرات لمعارضة وعد بلفور ومشروع سايكس بيكو والهجرة اليهودية، وخاضوا المعارك ضد المستعمرين والمغتصبين اليهود والصهاينة قبل قيام الإمارة في سمخ وتل الثعالب وبيسان، وبعدها في عام 1948م وعام 1967م ومعركة الكرامة الفاصلة عام 1968م، واستقبل الأردنيون ثوار العرب والقوميين العرب من كافة أقطارهم حتى الأحزاب العربية وجدت في الأردن وطنا قوميا جامعا لهم..
أما أن يؤتى بمن لا يخافون على الأردن من سماسرة الأراضي لبيعها للعدو، ومن يستولي على الأراضي في شرق الأردن لصالح المشروع الصهيوني، ومن يؤتى به لتطوير الاقتصاد وما سمى الخصخصة التي دمرت اقتصاد الوطن وزادت المديونية أضعافا مضاعفة، ومن اتخذ من الأردن مسرحا لبائعي الدخان والمخدرات والتهريب والفاسدين والحرامية وأمثالهم ممن نهبوا ثروات البلاد، وباعوا مؤسساته وشركاته الوطنية الناجحة، فهذا أمر يرفضه الأردنيون وهو حديثهم اليومي، وإن لم يفصح به أهل البلاد، ولكن يتداولونه في مجالسهم يوميا.. وللعلم هذا سبب رد الأردنيين على دعاة الهوية الجامعة أن الوطن أصبح بالنسبة للكثيرين حقيبة سفر..
ألم يعلم هؤلاء أن أهل غرب فلسطين عندما ينتقلون إلى الأردن لم يغادروا وطنهم الأصلي، فكلنا أردنيون ويبدو أنهم لم يقرأوا التاريخ، وانجرفوا وراء خارطة سايكس بيكو، فليعلم هؤلاء أن عاصمة الأردن لأكثر من 850 عاما كانت مدينة طبرية وموانئ الأردن عكا وحيفا وصور، ومرج ابن عامر والجليل والجولان كانت أردنية منذ أن كتب التاريخ، فنصف فلسطين كان أردنيًا وأجزاء من سورية ولبنان على مدى التاريخ، منذ العهد اليوناني والروماني وعهود الإسلام كلها إلى العهد المملوكي كانت الأردن دولة، فهوية الأردنيين إسلامية عربية قومية جامعة عبر التاريخ.. لا يهادنون في ذلك ولا يقايضون..
ففي الأردن حاربت ممالك الأردن اليهود قبل عشرة آلاف عام وانتصروا عليهم، وسجل الملك المؤابي مشيع انتصاراته عليهم على مسلته الموجودة الآن في متحف اللوفر، أما ملك عمون، فقد طرد رسل اليهود، وحلق نصف لحاهم وأعادهم خائبين، وشارك أهل الأردن بحصار القدس، حين سبى البابليون اليهود، وفي الأردن بنى الأنباط حضارة اضطرت روما أن تعطيهم حكما ذاتيا وتحترم دولتهم، وشهد الأردن أول دخول للإسلام طوعا فقد صالح الرسول -صلى الله عليه وسلم- أهل الأردن في أذرح وأيلة والجرباء بجنوبي الأردن، وفي الأردن جرت أول معركة للرسول -صلى الله عليه وسلم- خارج الجزيرة العربية وهي معركة مؤتة، وفي الأردن استلم الأمويون الحكم في تحكيم أذرح بين الخليفة علي والي الشام معاوية، ومن الحميمة في جنوب الأردن انطلقت الدعوة العباسية، وقامت دولتهم وانطلقت من الحميمة نحو الكوفة وخراسان، ووصلت إلى أطراف الأرض، وعلى أرض الأردن دعم الأردنيون انتقال الحكم من الفرع السفياني إلى الفرع المرواني الأموي بعد أن كادت نار الفتنة أن تنتشر.. فيقول شاعرهم:
لولا الله وأهل الأردن انقسمت // نار الجماعة يوم المرج نيرانا.
ومن الأردن انطلق الفاتحون إلى شمال إفريقية والأندلس مع موسى بن نصير ابن وادي الأردن، ومن الأردن انطلقت جحافل صلاح الدين لفتح فلسطين والقدس، وكان جل جيشه من أهل البلقاء والأردن والعشائر الأردنية.
ومن الكرك بالأردن حكمت الشام ومصر حين نقل الناصر محمد مقر حكم دولة المماليك إلى الكرك، وأصبحت عاصمة الدولة فترة من الزمن قبل أن يصالحه أمراء المماليك ويعود للقاهرة، ومن الأردن تمكن الناصر محمد بجيش من أهل الأردن من تحرير عكا من فلول الصليبيين.
فأصحاب هذا الحمى لهم الحق بأخذ حقوقهم والمحافظة على هويتهم وعدم التلاعب بالألفاظ والكلمات لتغيير الهوية الأردنية ربما لصالح الوطن البديل ومخططات العدو الصهيوني لصالح إقامة إسرائيل الكبرى..
والسؤول هو هل الوحدة الوطنية الأردنية مهددة بالتشظّي، وهل الهوية الوطنية بعد 100 عام من تأسيس الدولة لم تتضح معالمها بعد!؟ لتزداد الحاجة إلى توضيح الرؤية حول الهوية الجامعة لتبديد الهواجس الموجودة عند الناس.
فهويتنا أردنية عربية إسلامية إلى أن تزال حدود الاستعمار، ويطرد الصهاينة من بلادنا، ونعود وطنا عربيا إسلاميا جامعا.. وأعتقد جازما أن مخططات ودعاة الهوية الجامعة ستفشل؛ لأنها في خدمة المشروع الصهيوني والوطن البديل والمنطقة الاقتصادية المشتركة ومشروع البولينكس.
ولم يكن الأردن وأهله يوما على هامش التاريخ، بل كان مركزه ورحاه، فليست أرضا بلا شعب ولا وطنا بديلا ولا صحراء خالية كما أرادها مشروع روتنبرغ الصهيوني، وواقع حال الأردنيين يقول لا لطمس الهوية الأردنية واستبدالها بالهوية الأردنية الجامعة، تمهيدا لجعل الأردن وطنا بديلا تنفيذا لمخططات مشبوهة، فكل من يقيم على أرض الأردن أردني إلى أن تحرر أرضه والأردنيون بعشائرهم ومكوناتهم الاجتماعية هم الأنصار للمهاجرين كلهم الذين أفادوا إليهم من خارج الوطن فكلنا أردنيون مع الاحتفاظ بحق كل مكون وعدم تذويبه أو إلغائه على حساب الآخرين.
بقلم: الدكتور محمد المناصير
إن هويتنا الأردنية الجامعة موجودة منذ آلاف السنين وهي غير الهوية التي يريدها دعاة الصهيونية والوطن البديل، ومن يريد طمس الهوية الأردنية الوطنية والهوية الوطنية الفلسطينية، فعبارة الهوية الوطنية الجامعة تعني وجود هويات وعنصريات وشعوب مختلفة تعيش في الأردن. فليعلم الجميع أننا في الأردن كلنا أردنيون، وفي فلسطين كلنا فلسطينيون، فمن يعيش على أرض الأردن، ويحمل جنسيتها بموجب الدستور فهو أردني، فلا داعي لكلمة هوية جامعة لمواطني الوطن الواحد، فهويتنا جميعا هوية أردنية، وليست جامعة لأحد غير أردني فلا تفرقوا أبناء الوطن الواحد، ولا توجد في الأردن عنصرية ولا أزمة هوية؛ لأن من فاء إلى الأردن أخذ جنسيتها طواعية، وعاش فيها آمنا مطمئنا وكثيرون استغنوا وأثروا في تراب الأردن.
إن هذا الشعب العظيم والوطن الأعظم استقبل الهجرات العربية من اليمن والجزيرة العربية منذ أكثر من عشرة آلاف عام.. واستقبل من اخرجوا من الحجاز وسورية والعراق بعد انتهاء حكمهم هناك..
واستقبل الأردنيون من فاء إلى هذا الحمى من فلسطين والجزائر وليبيا والعراق وبلاد شنقيط ومصر وسورية ولبنان واليمن، ومن أخرجتهم القيصرية الروسية، ومن أخرجهم الاستعمار الفرنسي والإيطالي والبرتغالي، ومن خرجوا خوفا على دينهم من يوغسلافيا السابقة والبوسنة والهرسك وألبانيا وكردستان وبخاري وأرمينية، وكل من خرج بدينه أو بوطنيته أو ظلم في بلاده بكل ترحاب وطيب خاطر..
وأصبح القادمون حكاما فيه من أول يوم قامت فيه الإمارة، ولا يضير هذا أهل الأردن فهم الأنصار والآخرون المهاجرين.. ولكن من حق أهل البلاد العيش الكريم والحصول على حقوقهم وتحسين معيشتهم وإشراكهم في حكم بلادهم وإعطائهم حقوقهم أسوة بالآخرين، لا بل هم الأحق بإدارة بلادهم.. فقد سمعنا مصطلحات عنصرية في أقطار عربية تعطي أولوية لا أخلاقية البلاد الأصليين، إلا هذا الحمى الذي أعطى الجنسية طواعية لكل من فاء إليه لا بل أعطى أولوية للعمالة العربية، ولم يطرح مصطلح الأردن؛ لأن القادمين عرب مسلمون انتقلوا من وطنهم إلى وطنهم، مع أن البعض لا يعرف من وطنه الأردن إلى جواز السفر كهدف وظيفي لديه ومصلحة ذاتية مؤقتة إلى أن يحصل على الجنسية الأجنبية..
لقد هاجر الجميع إلى الأردن من وطنهم إلى وطنهم.. على الرحب والسعة، فقد ترك أهل البلاد بيوتهم للمهاجرين إليه وهم إخوة الأردنيين، وجاهد الأردنيون مع الشعوب المظلومة في ليبيا والجزائر وتونس وسورية والعراق وفلسطين، وقد كان الأردنيون أول من تنبه بوعيهم المبكر للخطر الصهيوني، وعقدوا المؤتمرات لمعارضة وعد بلفور ومشروع سايكس بيكو والهجرة اليهودية، وخاضوا المعارك ضد المستعمرين والمغتصبين اليهود والصهاينة قبل قيام الإمارة في سمخ وتل الثعالب وبيسان، وبعدها في عام 1948م وعام 1967م ومعركة الكرامة الفاصلة عام 1968م، واستقبل الأردنيون ثوار العرب والقوميين العرب من كافة أقطارهم حتى الأحزاب العربية وجدت في الأردن وطنا قوميا جامعا لهم..
أما أن يؤتى بمن لا يخافون على الأردن من سماسرة الأراضي لبيعها للعدو، ومن يستولي على الأراضي في شرق الأردن لصالح المشروع الصهيوني، ومن يؤتى به لتطوير الاقتصاد وما سمى الخصخصة التي دمرت اقتصاد الوطن وزادت المديونية أضعافا مضاعفة، ومن اتخذ من الأردن مسرحا لبائعي الدخان والمخدرات والتهريب والفاسدين والحرامية وأمثالهم ممن نهبوا ثروات البلاد، وباعوا مؤسساته وشركاته الوطنية الناجحة، فهذا أمر يرفضه الأردنيون وهو حديثهم اليومي، وإن لم يفصح به أهل البلاد، ولكن يتداولونه في مجالسهم يوميا.. وللعلم هذا سبب رد الأردنيين على دعاة الهوية الجامعة أن الوطن أصبح بالنسبة للكثيرين حقيبة سفر..
ألم يعلم هؤلاء أن أهل غرب فلسطين عندما ينتقلون إلى الأردن لم يغادروا وطنهم الأصلي، فكلنا أردنيون ويبدو أنهم لم يقرأوا التاريخ، وانجرفوا وراء خارطة سايكس بيكو، فليعلم هؤلاء أن عاصمة الأردن لأكثر من 850 عاما كانت مدينة طبرية وموانئ الأردن عكا وحيفا وصور، ومرج ابن عامر والجليل والجولان كانت أردنية منذ أن كتب التاريخ، فنصف فلسطين كان أردنيًا وأجزاء من سورية ولبنان على مدى التاريخ، منذ العهد اليوناني والروماني وعهود الإسلام كلها إلى العهد المملوكي كانت الأردن دولة، فهوية الأردنيين إسلامية عربية قومية جامعة عبر التاريخ.. لا يهادنون في ذلك ولا يقايضون..
ففي الأردن حاربت ممالك الأردن اليهود قبل عشرة آلاف عام وانتصروا عليهم، وسجل الملك المؤابي مشيع انتصاراته عليهم على مسلته الموجودة الآن في متحف اللوفر، أما ملك عمون، فقد طرد رسل اليهود، وحلق نصف لحاهم وأعادهم خائبين، وشارك أهل الأردن بحصار القدس، حين سبى البابليون اليهود، وفي الأردن بنى الأنباط حضارة اضطرت روما أن تعطيهم حكما ذاتيا وتحترم دولتهم، وشهد الأردن أول دخول للإسلام طوعا فقد صالح الرسول -صلى الله عليه وسلم- أهل الأردن في أذرح وأيلة والجرباء بجنوبي الأردن، وفي الأردن جرت أول معركة للرسول -صلى الله عليه وسلم- خارج الجزيرة العربية وهي معركة مؤتة، وفي الأردن استلم الأمويون الحكم في تحكيم أذرح بين الخليفة علي والي الشام معاوية، ومن الحميمة في جنوب الأردن انطلقت الدعوة العباسية، وقامت دولتهم وانطلقت من الحميمة نحو الكوفة وخراسان، ووصلت إلى أطراف الأرض، وعلى أرض الأردن دعم الأردنيون انتقال الحكم من الفرع السفياني إلى الفرع المرواني الأموي بعد أن كادت نار الفتنة أن تنتشر.. فيقول شاعرهم:
لولا الله وأهل الأردن انقسمت // نار الجماعة يوم المرج نيرانا.
ومن الأردن انطلق الفاتحون إلى شمال إفريقية والأندلس مع موسى بن نصير ابن وادي الأردن، ومن الأردن انطلقت جحافل صلاح الدين لفتح فلسطين والقدس، وكان جل جيشه من أهل البلقاء والأردن والعشائر الأردنية.
ومن الكرك بالأردن حكمت الشام ومصر حين نقل الناصر محمد مقر حكم دولة المماليك إلى الكرك، وأصبحت عاصمة الدولة فترة من الزمن قبل أن يصالحه أمراء المماليك ويعود للقاهرة، ومن الأردن تمكن الناصر محمد بجيش من أهل الأردن من تحرير عكا من فلول الصليبيين.
فأصحاب هذا الحمى لهم الحق بأخذ حقوقهم والمحافظة على هويتهم وعدم التلاعب بالألفاظ والكلمات لتغيير الهوية الأردنية ربما لصالح الوطن البديل ومخططات العدو الصهيوني لصالح إقامة إسرائيل الكبرى..
والسؤول هو هل الوحدة الوطنية الأردنية مهددة بالتشظّي، وهل الهوية الوطنية بعد 100 عام من تأسيس الدولة لم تتضح معالمها بعد!؟ لتزداد الحاجة إلى توضيح الرؤية حول الهوية الجامعة لتبديد الهواجس الموجودة عند الناس.
فهويتنا أردنية عربية إسلامية إلى أن تزال حدود الاستعمار، ويطرد الصهاينة من بلادنا، ونعود وطنا عربيا إسلاميا جامعا.. وأعتقد جازما أن مخططات ودعاة الهوية الجامعة ستفشل؛ لأنها في خدمة المشروع الصهيوني والوطن البديل والمنطقة الاقتصادية المشتركة ومشروع البولينكس.
ولم يكن الأردن وأهله يوما على هامش التاريخ، بل كان مركزه ورحاه، فليست أرضا بلا شعب ولا وطنا بديلا ولا صحراء خالية كما أرادها مشروع روتنبرغ الصهيوني، وواقع حال الأردنيين يقول لا لطمس الهوية الأردنية واستبدالها بالهوية الأردنية الجامعة، تمهيدا لجعل الأردن وطنا بديلا تنفيذا لمخططات مشبوهة، فكل من يقيم على أرض الأردن أردني إلى أن تحرر أرضه والأردنيون بعشائرهم ومكوناتهم الاجتماعية هم الأنصار للمهاجرين كلهم الذين أفادوا إليهم من خارج الوطن فكلنا أردنيون مع الاحتفاظ بحق كل مكون وعدم تذويبه أو إلغائه على حساب الآخرين.
التعليقات