أخبار اليوم - عواد الفالح - في ليالي الشتاء الطويلة، حيث يملأ الصقيع زوايا المنازل ويغزو العظام، تجلس أم أحمد تحت غطاء قديم، تحاول تدفئة أطفالها الثلاثة الذين يرتجفون من البرد.
في زاوية منزلها المتواضع، تسأل نفسها: 'هل سنتمكن هذا الشتاء من شراء الكاز، أم أننا سنقضي ليالينا في مواجهة البرد بلا حيلة؟'.
ليس حال أم أحمد استثناءً، بل هو صورة تختصر معاناة آلاف العائلات الأردنية التي باتت ترى الشتاء عبئًا ثقيلًا، في ظل ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء، وتراجع دور الجمعيات الخيرية وأهل الخير الذين كانوا يومًا شريان حياة في مثل هذه الظروف.
شتاء ثقيل وكاز بعيد المنال
'الكاز أصبح رفاهية'، يقول أبو خالد، وهو عامل مياومة يعيش في أحد أحياء عمّان الشرقية.
'في الماضي كنا نملأ خزان المدفأة بالكاز، ونعيش الشتاء بسلام، أما اليوم، فبالكاد أستطيع شراء لتر أو لترين كل أسبوع، وما أن نشغل المدفأة لساعات قليلة حتى نجد أنفسنا أمام خزان فارغ'.
ويضيف أبو خالد: 'أصبحنا نخاف من الشتاء أكثر من أي شيء آخر، لأن الكاز غالٍ، والكهرباء أغلى، ولا نملك أي خيار سوى ارتداء ملابسنا الثقيلة والبقاء تحت الحرامات طوال اليوم'.
غياب الجمعيات وأهل الخير
في الماضي، كانت الجمعيات الخيرية وأهل الخير يدعمون الأسر الفقيرة بتوفير الكاز والحرامات وحتى الملابس الشتوية، لكن هذا الدعم تراجع بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
تقول أم علي، وهي أرملة تعيل خمسة أطفال: 'كنت أعتمد على الجمعية الخيرية في منطقتنا التي كانت تقدم لنا عبوات الكاز وبعض الحرامات، لكنها توقفت عن المجيء منذ عامين، اليوم لا أجد من يساعدني، وأطفالي ينامون وهم يرتدون كل ملابسهم الشتوية حتى لا يشعروا بالبرد'.
أما أبو سمير، الذي يعيش في مخيم البقعة، فيقول: 'الجمعيات التي كانت تقدم لنا المساعدات بالكاد تعمل الآن. معظمها يعاني نقص التمويل، وأهل الخير الذين كانوا يدعموننا أصبحوا أقل بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة'.
المدافئ صامتة والأطفال يرتجفون
بينما تشهد المدافئ صمتًا قاتلًا في كثير من المنازل، يواجه الأطفال معركة يومية مع البرد القارس.
تقول أم يزن، وهي أم لطفلين: 'لا أستطيع تشغيل المدفأة الكهربائية؛ لأن الفاتورة ستكون كابوسًا، نعتمد فقط على الحرامات والملابس الثقيلة، لكن حتى هذا لا يكفي في ليالي الشتاء الطويلة'.
وتضيف: 'أطفالي يسألونني دائمًا لماذا لا نستطيع إشعال المدفأة، ولا أجد إجابة سوى أنني أطلب منهم الصبر والدعاء بأن ينتهي الشتاء سريعًا'.
حلول مطلوبة
في ظل هذه المعاناة، تبدو الحاجة ملحّة إلى مبادرات مجتمعية تسد الفجوة التي خلفها غياب الجمعيات وأهل الخير، يمكن إطلاق مبادرات محلية مثل بنوك الدفء، حيث تُجْمَع الأغطية والملابس الشتوية المستعملة وفرزها وتوزيعها على الأسر المحتاجة.
تعزيز الدعم المباشر للجمعيات الخيرية ضرورة ملحة، من خلال تشجيع التبرعات المحلية والدولية والعمل على إعادة بناء الثقة بين الجمعيات والمتبرعين. كما يمكن تشجيع الشباب على تنظيم حملات لجمع التبرعات وتوزيعها بشكل مباشر داخل الأحياء الأكثر حاجة.
نداء للتكافل
الناشط الاجتماعي أحمد عبد الله يؤكد أن التكافل الاجتماعي هو الحل الوحيد لتخفيف معاناة الأسر المتضررة.
'كل شخص يمكنه المساهمة، سواء بعبوة كاز أو حرام قديم أو حتى قطعة ملابس. المبادرات الفردية والجماعية قادرة على صنع فارق كبير في حياة العائلات الفقيرة، خصوصًا في فصل الشتاء'.
ويضيف: 'أهل الخير موجودون، لكنهم بحاجة إلى دعوة صادقة للعودة إلى مد يد العون، لأن كل دعم مهما كان بسيطًا يمكن أن ينقذ عائلة من معاناة البرد القارس'.
البرد امتحان إنساني
الشتاء ليس مجرد فصل من فصول السنة، بل هو اختبار حقيقي لإنسانية المجتمع. وبين الصقيع القارس ومعاناة الأسر الفقيرة، يبقى السؤال: هل سنترك المحتاجين يواجهون البرد وحدهم، أم أن دفء القلوب سيكون أقوى من برد الظروف؟
الشتاء يرحل، لكن أثره يبقى. وما أجمل أن يكون هذا الأثر دفئًا صنعه أهل الخير والتكافل الاجتماعي.
أخبار اليوم - عواد الفالح - في ليالي الشتاء الطويلة، حيث يملأ الصقيع زوايا المنازل ويغزو العظام، تجلس أم أحمد تحت غطاء قديم، تحاول تدفئة أطفالها الثلاثة الذين يرتجفون من البرد.
في زاوية منزلها المتواضع، تسأل نفسها: 'هل سنتمكن هذا الشتاء من شراء الكاز، أم أننا سنقضي ليالينا في مواجهة البرد بلا حيلة؟'.
ليس حال أم أحمد استثناءً، بل هو صورة تختصر معاناة آلاف العائلات الأردنية التي باتت ترى الشتاء عبئًا ثقيلًا، في ظل ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء، وتراجع دور الجمعيات الخيرية وأهل الخير الذين كانوا يومًا شريان حياة في مثل هذه الظروف.
شتاء ثقيل وكاز بعيد المنال
'الكاز أصبح رفاهية'، يقول أبو خالد، وهو عامل مياومة يعيش في أحد أحياء عمّان الشرقية.
'في الماضي كنا نملأ خزان المدفأة بالكاز، ونعيش الشتاء بسلام، أما اليوم، فبالكاد أستطيع شراء لتر أو لترين كل أسبوع، وما أن نشغل المدفأة لساعات قليلة حتى نجد أنفسنا أمام خزان فارغ'.
ويضيف أبو خالد: 'أصبحنا نخاف من الشتاء أكثر من أي شيء آخر، لأن الكاز غالٍ، والكهرباء أغلى، ولا نملك أي خيار سوى ارتداء ملابسنا الثقيلة والبقاء تحت الحرامات طوال اليوم'.
غياب الجمعيات وأهل الخير
في الماضي، كانت الجمعيات الخيرية وأهل الخير يدعمون الأسر الفقيرة بتوفير الكاز والحرامات وحتى الملابس الشتوية، لكن هذا الدعم تراجع بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
تقول أم علي، وهي أرملة تعيل خمسة أطفال: 'كنت أعتمد على الجمعية الخيرية في منطقتنا التي كانت تقدم لنا عبوات الكاز وبعض الحرامات، لكنها توقفت عن المجيء منذ عامين، اليوم لا أجد من يساعدني، وأطفالي ينامون وهم يرتدون كل ملابسهم الشتوية حتى لا يشعروا بالبرد'.
أما أبو سمير، الذي يعيش في مخيم البقعة، فيقول: 'الجمعيات التي كانت تقدم لنا المساعدات بالكاد تعمل الآن. معظمها يعاني نقص التمويل، وأهل الخير الذين كانوا يدعموننا أصبحوا أقل بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة'.
المدافئ صامتة والأطفال يرتجفون
بينما تشهد المدافئ صمتًا قاتلًا في كثير من المنازل، يواجه الأطفال معركة يومية مع البرد القارس.
تقول أم يزن، وهي أم لطفلين: 'لا أستطيع تشغيل المدفأة الكهربائية؛ لأن الفاتورة ستكون كابوسًا، نعتمد فقط على الحرامات والملابس الثقيلة، لكن حتى هذا لا يكفي في ليالي الشتاء الطويلة'.
وتضيف: 'أطفالي يسألونني دائمًا لماذا لا نستطيع إشعال المدفأة، ولا أجد إجابة سوى أنني أطلب منهم الصبر والدعاء بأن ينتهي الشتاء سريعًا'.
حلول مطلوبة
في ظل هذه المعاناة، تبدو الحاجة ملحّة إلى مبادرات مجتمعية تسد الفجوة التي خلفها غياب الجمعيات وأهل الخير، يمكن إطلاق مبادرات محلية مثل بنوك الدفء، حيث تُجْمَع الأغطية والملابس الشتوية المستعملة وفرزها وتوزيعها على الأسر المحتاجة.
تعزيز الدعم المباشر للجمعيات الخيرية ضرورة ملحة، من خلال تشجيع التبرعات المحلية والدولية والعمل على إعادة بناء الثقة بين الجمعيات والمتبرعين. كما يمكن تشجيع الشباب على تنظيم حملات لجمع التبرعات وتوزيعها بشكل مباشر داخل الأحياء الأكثر حاجة.
نداء للتكافل
الناشط الاجتماعي أحمد عبد الله يؤكد أن التكافل الاجتماعي هو الحل الوحيد لتخفيف معاناة الأسر المتضررة.
'كل شخص يمكنه المساهمة، سواء بعبوة كاز أو حرام قديم أو حتى قطعة ملابس. المبادرات الفردية والجماعية قادرة على صنع فارق كبير في حياة العائلات الفقيرة، خصوصًا في فصل الشتاء'.
ويضيف: 'أهل الخير موجودون، لكنهم بحاجة إلى دعوة صادقة للعودة إلى مد يد العون، لأن كل دعم مهما كان بسيطًا يمكن أن ينقذ عائلة من معاناة البرد القارس'.
البرد امتحان إنساني
الشتاء ليس مجرد فصل من فصول السنة، بل هو اختبار حقيقي لإنسانية المجتمع. وبين الصقيع القارس ومعاناة الأسر الفقيرة، يبقى السؤال: هل سنترك المحتاجين يواجهون البرد وحدهم، أم أن دفء القلوب سيكون أقوى من برد الظروف؟
الشتاء يرحل، لكن أثره يبقى. وما أجمل أن يكون هذا الأثر دفئًا صنعه أهل الخير والتكافل الاجتماعي.
أخبار اليوم - عواد الفالح - في ليالي الشتاء الطويلة، حيث يملأ الصقيع زوايا المنازل ويغزو العظام، تجلس أم أحمد تحت غطاء قديم، تحاول تدفئة أطفالها الثلاثة الذين يرتجفون من البرد.
في زاوية منزلها المتواضع، تسأل نفسها: 'هل سنتمكن هذا الشتاء من شراء الكاز، أم أننا سنقضي ليالينا في مواجهة البرد بلا حيلة؟'.
ليس حال أم أحمد استثناءً، بل هو صورة تختصر معاناة آلاف العائلات الأردنية التي باتت ترى الشتاء عبئًا ثقيلًا، في ظل ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء، وتراجع دور الجمعيات الخيرية وأهل الخير الذين كانوا يومًا شريان حياة في مثل هذه الظروف.
شتاء ثقيل وكاز بعيد المنال
'الكاز أصبح رفاهية'، يقول أبو خالد، وهو عامل مياومة يعيش في أحد أحياء عمّان الشرقية.
'في الماضي كنا نملأ خزان المدفأة بالكاز، ونعيش الشتاء بسلام، أما اليوم، فبالكاد أستطيع شراء لتر أو لترين كل أسبوع، وما أن نشغل المدفأة لساعات قليلة حتى نجد أنفسنا أمام خزان فارغ'.
ويضيف أبو خالد: 'أصبحنا نخاف من الشتاء أكثر من أي شيء آخر، لأن الكاز غالٍ، والكهرباء أغلى، ولا نملك أي خيار سوى ارتداء ملابسنا الثقيلة والبقاء تحت الحرامات طوال اليوم'.
غياب الجمعيات وأهل الخير
في الماضي، كانت الجمعيات الخيرية وأهل الخير يدعمون الأسر الفقيرة بتوفير الكاز والحرامات وحتى الملابس الشتوية، لكن هذا الدعم تراجع بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
تقول أم علي، وهي أرملة تعيل خمسة أطفال: 'كنت أعتمد على الجمعية الخيرية في منطقتنا التي كانت تقدم لنا عبوات الكاز وبعض الحرامات، لكنها توقفت عن المجيء منذ عامين، اليوم لا أجد من يساعدني، وأطفالي ينامون وهم يرتدون كل ملابسهم الشتوية حتى لا يشعروا بالبرد'.
أما أبو سمير، الذي يعيش في مخيم البقعة، فيقول: 'الجمعيات التي كانت تقدم لنا المساعدات بالكاد تعمل الآن. معظمها يعاني نقص التمويل، وأهل الخير الذين كانوا يدعموننا أصبحوا أقل بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة'.
المدافئ صامتة والأطفال يرتجفون
بينما تشهد المدافئ صمتًا قاتلًا في كثير من المنازل، يواجه الأطفال معركة يومية مع البرد القارس.
تقول أم يزن، وهي أم لطفلين: 'لا أستطيع تشغيل المدفأة الكهربائية؛ لأن الفاتورة ستكون كابوسًا، نعتمد فقط على الحرامات والملابس الثقيلة، لكن حتى هذا لا يكفي في ليالي الشتاء الطويلة'.
وتضيف: 'أطفالي يسألونني دائمًا لماذا لا نستطيع إشعال المدفأة، ولا أجد إجابة سوى أنني أطلب منهم الصبر والدعاء بأن ينتهي الشتاء سريعًا'.
حلول مطلوبة
في ظل هذه المعاناة، تبدو الحاجة ملحّة إلى مبادرات مجتمعية تسد الفجوة التي خلفها غياب الجمعيات وأهل الخير، يمكن إطلاق مبادرات محلية مثل بنوك الدفء، حيث تُجْمَع الأغطية والملابس الشتوية المستعملة وفرزها وتوزيعها على الأسر المحتاجة.
تعزيز الدعم المباشر للجمعيات الخيرية ضرورة ملحة، من خلال تشجيع التبرعات المحلية والدولية والعمل على إعادة بناء الثقة بين الجمعيات والمتبرعين. كما يمكن تشجيع الشباب على تنظيم حملات لجمع التبرعات وتوزيعها بشكل مباشر داخل الأحياء الأكثر حاجة.
نداء للتكافل
الناشط الاجتماعي أحمد عبد الله يؤكد أن التكافل الاجتماعي هو الحل الوحيد لتخفيف معاناة الأسر المتضررة.
'كل شخص يمكنه المساهمة، سواء بعبوة كاز أو حرام قديم أو حتى قطعة ملابس. المبادرات الفردية والجماعية قادرة على صنع فارق كبير في حياة العائلات الفقيرة، خصوصًا في فصل الشتاء'.
ويضيف: 'أهل الخير موجودون، لكنهم بحاجة إلى دعوة صادقة للعودة إلى مد يد العون، لأن كل دعم مهما كان بسيطًا يمكن أن ينقذ عائلة من معاناة البرد القارس'.
البرد امتحان إنساني
الشتاء ليس مجرد فصل من فصول السنة، بل هو اختبار حقيقي لإنسانية المجتمع. وبين الصقيع القارس ومعاناة الأسر الفقيرة، يبقى السؤال: هل سنترك المحتاجين يواجهون البرد وحدهم، أم أن دفء القلوب سيكون أقوى من برد الظروف؟
الشتاء يرحل، لكن أثره يبقى. وما أجمل أن يكون هذا الأثر دفئًا صنعه أهل الخير والتكافل الاجتماعي.
التعليقات