سهم محمد العبادي
في الأردن، أصبح لقب 'خبير' أشبه بالميدالية الذهبية التي تُعلق على صدور المتحدثين أمام الإعلام.
فجأة، ودون مقدمات، انفجر لدينا بركان من الخبراء، يغطي كل التخصصات والميادين، من الاقتصاد إلى الطقس، ومن السياسة إلى الطبخ، بل وحتى في 'التحليل الفارغ'.
يكفي أن تُطلق بضع عبارات معقدة وبنبرة واثقة لتجد نفسك قد انتقلت من خانة 'الناشط' إلى خانة 'الخبير المرموق'.
المشكلة ليست في الكلمة بحد ذاتها، بل في الكيفية التي يتم بها توزيعها وكأنها شاورما مجانية.
يكفي أن تحضر دورتين على زوم، أو تقرأ تقريرًا مترجمًا، أو تحفظ بضعة مصطلحات من نوع 'إعادة الهيكلة' و'التنمية المستدامة' لتصبح خبيرًا يُشار إليه بالبنان.
ولكن أين الإنجاز؟ وأين النتائج؟ لا أحد يعلم، سوى 'معدة الفيسبوك' التي لا تهضم إلا الكلمات المصفوفة.
بالمناسبة، المواطن البسيط الذي يتابع هؤلاء الخبراء على التلفاز أو وسائل التواصل، يبحث عن بصيص أمل، حل بسيط يُخرجه من دوامة الغلاء والضرائب المتصاعدة.
لكن بدلاً من الحلول الواقعية، يُفاجأ بمحاضرة 'أكاديمية' عن ضرورة 'إعادة برمجة السياسات النقدية وفقًا للمعطيات الإقليمية'، أو نصيحة عن 'ترسيخ الحوكمة كحل مستدام للأزمة الاقتصادية'.
تخيل أن يكون في ثلاجتك بصلة واحدة و'حبتين بندورة'، وتسمع خبيرًا يشرح لك أن الحل هو في 'تحقيق نمو اقتصادي عبر الشراكات الاستراتيجية'!
هذه الفوضى جعلتنا نخسر الثقة حتى في الخبراء الحقيقيين، أصبحنا نتساءل 'هل هذا الرجل خبير فعلاً، أم مجرد ناطق باسم نفسه؟' الكارثة أن صوت هؤلاء 'المتفذلكين' صار أعلى من صوت من يعملون في الميدان بصمت، الذين لا يملكون الوقت للظهور الإعلامي؛ لأنهم مشغولون بحل المشكلات على أرض الواقع.
أذكر مرة أنني كنت أتابع برنامجًا تلفزيونيًا، وظهر خبير يتحدث عن 'ضرورة ترسيخ مفهوم الفوائض الإنتاجية لمواجهة تحديات السوق العالمي،' بالله عليك، ماذا يفهم المواطن من هذه الجملة؟ يريد شيئًا بسيطًا، كيف يُسدد فاتورة الكهرباء؟ كيف يشتري كيلو البندورة؟ كيف يشتري وجبة شاورما لأولاده؟ الإجابة واضحة، لن يجدها في كلمات هذا الخبير!
الخبير الحقيقي ليس بحاجة إلى منصة إعلامية ليُثبت نفسه، لأن الإنجازات الحقيقية تتحدث عنه، في المقابل، 'الخبير الورقي' يعيش على الهواء والكلمات الرنانة فقط، يُشبه 'شيفًا' يُحدثك عن وصفة طبخ عالمية، وفي النهاية لا يستطيع قلي بيضة، دون أن يحرقها.
إذا أردنا إصلاح هذا المشهد، علينا أن نضع تعريفًا حقيقيًا لكلمة 'خبير'، الخبرة تُقاس بالإنجاز، لا بالكلام، الخبير هو من يملك حلولًا قابلة للتطبيق، لا من يُصدر بيانات مليئة بالمصطلحات.
أما من يعيش على 'تنظيراته' فقط، فأرجوكم أعطوه فرصة ليُمارس شغفه في صمت، بعيدًا عن أعيننا وآذاننا.
لو كان هناك خبير حقيقي وسط هذا الضجيج، فليتفضل إلى الساحة، وليبدأ بإعداد 'لزاقية' بلدية محترمة، لأن هذا ربما سيكون الإنجاز الوحيد الذي يُمكن قياسه وتقييمه، بعيدًا عن عبارات 'السياسات المالية المرنة'! ومصطلحات 'التشخيص' الخطابي.
سهم محمد العبادي
في الأردن، أصبح لقب 'خبير' أشبه بالميدالية الذهبية التي تُعلق على صدور المتحدثين أمام الإعلام.
فجأة، ودون مقدمات، انفجر لدينا بركان من الخبراء، يغطي كل التخصصات والميادين، من الاقتصاد إلى الطقس، ومن السياسة إلى الطبخ، بل وحتى في 'التحليل الفارغ'.
يكفي أن تُطلق بضع عبارات معقدة وبنبرة واثقة لتجد نفسك قد انتقلت من خانة 'الناشط' إلى خانة 'الخبير المرموق'.
المشكلة ليست في الكلمة بحد ذاتها، بل في الكيفية التي يتم بها توزيعها وكأنها شاورما مجانية.
يكفي أن تحضر دورتين على زوم، أو تقرأ تقريرًا مترجمًا، أو تحفظ بضعة مصطلحات من نوع 'إعادة الهيكلة' و'التنمية المستدامة' لتصبح خبيرًا يُشار إليه بالبنان.
ولكن أين الإنجاز؟ وأين النتائج؟ لا أحد يعلم، سوى 'معدة الفيسبوك' التي لا تهضم إلا الكلمات المصفوفة.
بالمناسبة، المواطن البسيط الذي يتابع هؤلاء الخبراء على التلفاز أو وسائل التواصل، يبحث عن بصيص أمل، حل بسيط يُخرجه من دوامة الغلاء والضرائب المتصاعدة.
لكن بدلاً من الحلول الواقعية، يُفاجأ بمحاضرة 'أكاديمية' عن ضرورة 'إعادة برمجة السياسات النقدية وفقًا للمعطيات الإقليمية'، أو نصيحة عن 'ترسيخ الحوكمة كحل مستدام للأزمة الاقتصادية'.
تخيل أن يكون في ثلاجتك بصلة واحدة و'حبتين بندورة'، وتسمع خبيرًا يشرح لك أن الحل هو في 'تحقيق نمو اقتصادي عبر الشراكات الاستراتيجية'!
هذه الفوضى جعلتنا نخسر الثقة حتى في الخبراء الحقيقيين، أصبحنا نتساءل 'هل هذا الرجل خبير فعلاً، أم مجرد ناطق باسم نفسه؟' الكارثة أن صوت هؤلاء 'المتفذلكين' صار أعلى من صوت من يعملون في الميدان بصمت، الذين لا يملكون الوقت للظهور الإعلامي؛ لأنهم مشغولون بحل المشكلات على أرض الواقع.
أذكر مرة أنني كنت أتابع برنامجًا تلفزيونيًا، وظهر خبير يتحدث عن 'ضرورة ترسيخ مفهوم الفوائض الإنتاجية لمواجهة تحديات السوق العالمي،' بالله عليك، ماذا يفهم المواطن من هذه الجملة؟ يريد شيئًا بسيطًا، كيف يُسدد فاتورة الكهرباء؟ كيف يشتري كيلو البندورة؟ كيف يشتري وجبة شاورما لأولاده؟ الإجابة واضحة، لن يجدها في كلمات هذا الخبير!
الخبير الحقيقي ليس بحاجة إلى منصة إعلامية ليُثبت نفسه، لأن الإنجازات الحقيقية تتحدث عنه، في المقابل، 'الخبير الورقي' يعيش على الهواء والكلمات الرنانة فقط، يُشبه 'شيفًا' يُحدثك عن وصفة طبخ عالمية، وفي النهاية لا يستطيع قلي بيضة، دون أن يحرقها.
إذا أردنا إصلاح هذا المشهد، علينا أن نضع تعريفًا حقيقيًا لكلمة 'خبير'، الخبرة تُقاس بالإنجاز، لا بالكلام، الخبير هو من يملك حلولًا قابلة للتطبيق، لا من يُصدر بيانات مليئة بالمصطلحات.
أما من يعيش على 'تنظيراته' فقط، فأرجوكم أعطوه فرصة ليُمارس شغفه في صمت، بعيدًا عن أعيننا وآذاننا.
لو كان هناك خبير حقيقي وسط هذا الضجيج، فليتفضل إلى الساحة، وليبدأ بإعداد 'لزاقية' بلدية محترمة، لأن هذا ربما سيكون الإنجاز الوحيد الذي يُمكن قياسه وتقييمه، بعيدًا عن عبارات 'السياسات المالية المرنة'! ومصطلحات 'التشخيص' الخطابي.
سهم محمد العبادي
في الأردن، أصبح لقب 'خبير' أشبه بالميدالية الذهبية التي تُعلق على صدور المتحدثين أمام الإعلام.
فجأة، ودون مقدمات، انفجر لدينا بركان من الخبراء، يغطي كل التخصصات والميادين، من الاقتصاد إلى الطقس، ومن السياسة إلى الطبخ، بل وحتى في 'التحليل الفارغ'.
يكفي أن تُطلق بضع عبارات معقدة وبنبرة واثقة لتجد نفسك قد انتقلت من خانة 'الناشط' إلى خانة 'الخبير المرموق'.
المشكلة ليست في الكلمة بحد ذاتها، بل في الكيفية التي يتم بها توزيعها وكأنها شاورما مجانية.
يكفي أن تحضر دورتين على زوم، أو تقرأ تقريرًا مترجمًا، أو تحفظ بضعة مصطلحات من نوع 'إعادة الهيكلة' و'التنمية المستدامة' لتصبح خبيرًا يُشار إليه بالبنان.
ولكن أين الإنجاز؟ وأين النتائج؟ لا أحد يعلم، سوى 'معدة الفيسبوك' التي لا تهضم إلا الكلمات المصفوفة.
بالمناسبة، المواطن البسيط الذي يتابع هؤلاء الخبراء على التلفاز أو وسائل التواصل، يبحث عن بصيص أمل، حل بسيط يُخرجه من دوامة الغلاء والضرائب المتصاعدة.
لكن بدلاً من الحلول الواقعية، يُفاجأ بمحاضرة 'أكاديمية' عن ضرورة 'إعادة برمجة السياسات النقدية وفقًا للمعطيات الإقليمية'، أو نصيحة عن 'ترسيخ الحوكمة كحل مستدام للأزمة الاقتصادية'.
تخيل أن يكون في ثلاجتك بصلة واحدة و'حبتين بندورة'، وتسمع خبيرًا يشرح لك أن الحل هو في 'تحقيق نمو اقتصادي عبر الشراكات الاستراتيجية'!
هذه الفوضى جعلتنا نخسر الثقة حتى في الخبراء الحقيقيين، أصبحنا نتساءل 'هل هذا الرجل خبير فعلاً، أم مجرد ناطق باسم نفسه؟' الكارثة أن صوت هؤلاء 'المتفذلكين' صار أعلى من صوت من يعملون في الميدان بصمت، الذين لا يملكون الوقت للظهور الإعلامي؛ لأنهم مشغولون بحل المشكلات على أرض الواقع.
أذكر مرة أنني كنت أتابع برنامجًا تلفزيونيًا، وظهر خبير يتحدث عن 'ضرورة ترسيخ مفهوم الفوائض الإنتاجية لمواجهة تحديات السوق العالمي،' بالله عليك، ماذا يفهم المواطن من هذه الجملة؟ يريد شيئًا بسيطًا، كيف يُسدد فاتورة الكهرباء؟ كيف يشتري كيلو البندورة؟ كيف يشتري وجبة شاورما لأولاده؟ الإجابة واضحة، لن يجدها في كلمات هذا الخبير!
الخبير الحقيقي ليس بحاجة إلى منصة إعلامية ليُثبت نفسه، لأن الإنجازات الحقيقية تتحدث عنه، في المقابل، 'الخبير الورقي' يعيش على الهواء والكلمات الرنانة فقط، يُشبه 'شيفًا' يُحدثك عن وصفة طبخ عالمية، وفي النهاية لا يستطيع قلي بيضة، دون أن يحرقها.
إذا أردنا إصلاح هذا المشهد، علينا أن نضع تعريفًا حقيقيًا لكلمة 'خبير'، الخبرة تُقاس بالإنجاز، لا بالكلام، الخبير هو من يملك حلولًا قابلة للتطبيق، لا من يُصدر بيانات مليئة بالمصطلحات.
أما من يعيش على 'تنظيراته' فقط، فأرجوكم أعطوه فرصة ليُمارس شغفه في صمت، بعيدًا عن أعيننا وآذاننا.
لو كان هناك خبير حقيقي وسط هذا الضجيج، فليتفضل إلى الساحة، وليبدأ بإعداد 'لزاقية' بلدية محترمة، لأن هذا ربما سيكون الإنجاز الوحيد الذي يُمكن قياسه وتقييمه، بعيدًا عن عبارات 'السياسات المالية المرنة'! ومصطلحات 'التشخيص' الخطابي.
التعليقات