أخبار اليوم - دراسة مهمة أعدها البروفيسور قاسم الدويري أستاذ الطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا وشملت باحثين وأطباء في جامعة قطر وجامعة حمدان بن محمد بالإمارات وجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، واشتمل البحث على استبانات من 849 طالبا وطالبة طب في ثلاث جامعات أردنية هي الأردنية والعلوم والتكنولوجيا واليرموك. نشرت الدراسة في 2022 بمجلة هليون، وهي تقرع الجرس بخطورة ما يحدث قبل أن يصبح الأردن مثل بعض الدول ذات التعليم الطبي التجاري.
تبين الدراسة وجود هبوط مستمر بمستوى جودة التعليم الطبي لأسباب مختلفة، أهمّهما الاعداد الهائلة المقبولة للدراسة التي أصبحت عشرين ضعف ما كان يقبل قبل عشرين عاما، وعزوف الأطباء الأردنيين عن التدريس بالجامعات الأكاديمية، وعدم قدرة المستشفيات التعليمية والمستشفيات المتعاقدة على التماشي مع الأعداد الضخمة.
الدراسة تعكس التعليم الطبي ما بعد الكورونا، حيث تقول مثلا إن نسبة حضور المحاضرات بإحدى الجامعات الثلاث
هي 60 %، وأن نسبة اكتظاظ كبيرة في «الراوندات»، وهناك استياء عام بين الطلاب من جودة «الراوندات» السريرية، ويبدو أن هناك تركيزا على حفظ الكتب والمحاضرات دون التركيز على التعليم السريريّ، خاصة في المقبولين بالتعليم الموازي والدولي، وكانت نسبة العينة %40 قبول عادي، و40 % موازي، و20 % دولي. خارج هذه الجامعات الثلاث قد يكون أكثر سوءا بكليات الطب.
الدراسة تؤكدها مشاهدات زملاء في الولايات المتحدة من خلال تعاملهم مع طلبة، والتحدث مع طلبة سابقين بكليات الطب الأردنية، إذ يبدو أن معدل دوام الطالب في السنوات السريرية بالأردن في بعض التخصصات حوالي ساعتين، يأتي الساعة التاسعة صباحاً ويغادر الدوام 11 صباحاً وأحياناً الواحدة بعد الظهر، وهذا قد لا يعمم ولكن يبدو أنه منتشر حسب التخصص والمساق وحسب كلية الطب والجامعة، وتتفاوت شدة التعليم وصرامته والإشراف على العملية التعليمية بصورة كبيرة بين كليات الطب المختلفة. وفي بعض الكليات الطبية قد يكون الدوام ساعة يوميا.
«الراوندات» الصباحية متفاوتة، وبعضها وهمي بعدد ضخم يقوده المقيم الذي هو نفسه بحاجة لتعليم وإشراف، ولا يوجد لبعض الطلاب متسع داخل غرف المرضى، ولا تفاعل حقيقيا، وبعض الاستشاريين بعيدون عن الطلاب، والمقيمون من يقومون بعملية التدريس بصورة أساسية.
في إحدى كليات الطب الأردنية تخسر الدفعة 50 % من طلابها ما بين السنة الأولى وحتى السادسة نتيجة الرسوب وعدم إكمال المواد، ما قد يعكس أسبابا مالية وسوء اختيار للطلاب والضغط المجتمعي لدراسة الطب، الذي بينته الدراسة بالقول إن نسبة الضغط المجتمعي أعلى في التعليم الموازي والدولي، ولكن يبدو أن ذلك مصدر رزق جيد للجامعات رغم الفوضى التي تحدثها بعملية التعليم وضعف التعليم السريري.
ركزت الدراسة على شبه انعدام البحث العلمي في كليات الطب الأردنية، ما يجعل طلبة الطب الأردنيين أقل تنفسية مع طلبة الطب من الهند ودول أخرى، وإخراج أطباء غير مهتمين بالبحث العلمي.
المقال يدق ناقوس الخطر بوزارة التعليم العالي والدولة، وأتمنى أن لا يؤخذ الموضوع بصورة عاطفية بل بصورة بحثية وتحليلية، فهناك حلول معروفة وعديدة لإيقاف نزيف العملية التعليمية في الطب، خصوصا أنه يوجود آلاف الأطباء الأردنيين في الولايات المتحدة وأوروبا وكندا، ولكن هناك تخوف اليوم من انهيار منظومة التعليم إن لم يتم التصدي لهذه المشاكل التي زادت بصورة كبيرة ما بعد جائحة كورونا.
من هذه الحلول ضبط الأعداد المقبولة، وتقليل الموازي والدولي، وضبط التعليم السريري، وتوزيع أكبر على المستشفيات الخاصة، وضبط عملية فتح كليات طب أكثر، واستخدام الأطباء الأردنيين في أوروبا وأميركا أكثر في تعليم الطب في الأردن عن طريق التعليم عن بعد، وإعطاء القاب تعليمية إذا ساهموا في التعليم مثل أطباء مساندين أو سريريين، وفتح قنوات أكثر بين كليات الطب الأردنية والمستشفيات الأميركية والأوروبية.
كما أن فتح قنوات بين الأردن وأطباء أردنيين في الولايات المتحدة وأوروبا يفتح آفاق البحث العلمي والطبي المشترك، وهذه القضايا بحاجة إلى فريق عمل Task Force للتشخيص الجيد وتقديم اقتراحات للحلول !
حمى الله الأردن وحفظه نبراساً للتعليم والمستوى الطبي المتميز عبر عقود في العالم العربي.
الغد
أخبار اليوم - دراسة مهمة أعدها البروفيسور قاسم الدويري أستاذ الطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا وشملت باحثين وأطباء في جامعة قطر وجامعة حمدان بن محمد بالإمارات وجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، واشتمل البحث على استبانات من 849 طالبا وطالبة طب في ثلاث جامعات أردنية هي الأردنية والعلوم والتكنولوجيا واليرموك. نشرت الدراسة في 2022 بمجلة هليون، وهي تقرع الجرس بخطورة ما يحدث قبل أن يصبح الأردن مثل بعض الدول ذات التعليم الطبي التجاري.
تبين الدراسة وجود هبوط مستمر بمستوى جودة التعليم الطبي لأسباب مختلفة، أهمّهما الاعداد الهائلة المقبولة للدراسة التي أصبحت عشرين ضعف ما كان يقبل قبل عشرين عاما، وعزوف الأطباء الأردنيين عن التدريس بالجامعات الأكاديمية، وعدم قدرة المستشفيات التعليمية والمستشفيات المتعاقدة على التماشي مع الأعداد الضخمة.
الدراسة تعكس التعليم الطبي ما بعد الكورونا، حيث تقول مثلا إن نسبة حضور المحاضرات بإحدى الجامعات الثلاث
هي 60 %، وأن نسبة اكتظاظ كبيرة في «الراوندات»، وهناك استياء عام بين الطلاب من جودة «الراوندات» السريرية، ويبدو أن هناك تركيزا على حفظ الكتب والمحاضرات دون التركيز على التعليم السريريّ، خاصة في المقبولين بالتعليم الموازي والدولي، وكانت نسبة العينة %40 قبول عادي، و40 % موازي، و20 % دولي. خارج هذه الجامعات الثلاث قد يكون أكثر سوءا بكليات الطب.
الدراسة تؤكدها مشاهدات زملاء في الولايات المتحدة من خلال تعاملهم مع طلبة، والتحدث مع طلبة سابقين بكليات الطب الأردنية، إذ يبدو أن معدل دوام الطالب في السنوات السريرية بالأردن في بعض التخصصات حوالي ساعتين، يأتي الساعة التاسعة صباحاً ويغادر الدوام 11 صباحاً وأحياناً الواحدة بعد الظهر، وهذا قد لا يعمم ولكن يبدو أنه منتشر حسب التخصص والمساق وحسب كلية الطب والجامعة، وتتفاوت شدة التعليم وصرامته والإشراف على العملية التعليمية بصورة كبيرة بين كليات الطب المختلفة. وفي بعض الكليات الطبية قد يكون الدوام ساعة يوميا.
«الراوندات» الصباحية متفاوتة، وبعضها وهمي بعدد ضخم يقوده المقيم الذي هو نفسه بحاجة لتعليم وإشراف، ولا يوجد لبعض الطلاب متسع داخل غرف المرضى، ولا تفاعل حقيقيا، وبعض الاستشاريين بعيدون عن الطلاب، والمقيمون من يقومون بعملية التدريس بصورة أساسية.
في إحدى كليات الطب الأردنية تخسر الدفعة 50 % من طلابها ما بين السنة الأولى وحتى السادسة نتيجة الرسوب وعدم إكمال المواد، ما قد يعكس أسبابا مالية وسوء اختيار للطلاب والضغط المجتمعي لدراسة الطب، الذي بينته الدراسة بالقول إن نسبة الضغط المجتمعي أعلى في التعليم الموازي والدولي، ولكن يبدو أن ذلك مصدر رزق جيد للجامعات رغم الفوضى التي تحدثها بعملية التعليم وضعف التعليم السريري.
ركزت الدراسة على شبه انعدام البحث العلمي في كليات الطب الأردنية، ما يجعل طلبة الطب الأردنيين أقل تنفسية مع طلبة الطب من الهند ودول أخرى، وإخراج أطباء غير مهتمين بالبحث العلمي.
المقال يدق ناقوس الخطر بوزارة التعليم العالي والدولة، وأتمنى أن لا يؤخذ الموضوع بصورة عاطفية بل بصورة بحثية وتحليلية، فهناك حلول معروفة وعديدة لإيقاف نزيف العملية التعليمية في الطب، خصوصا أنه يوجود آلاف الأطباء الأردنيين في الولايات المتحدة وأوروبا وكندا، ولكن هناك تخوف اليوم من انهيار منظومة التعليم إن لم يتم التصدي لهذه المشاكل التي زادت بصورة كبيرة ما بعد جائحة كورونا.
من هذه الحلول ضبط الأعداد المقبولة، وتقليل الموازي والدولي، وضبط التعليم السريري، وتوزيع أكبر على المستشفيات الخاصة، وضبط عملية فتح كليات طب أكثر، واستخدام الأطباء الأردنيين في أوروبا وأميركا أكثر في تعليم الطب في الأردن عن طريق التعليم عن بعد، وإعطاء القاب تعليمية إذا ساهموا في التعليم مثل أطباء مساندين أو سريريين، وفتح قنوات أكثر بين كليات الطب الأردنية والمستشفيات الأميركية والأوروبية.
كما أن فتح قنوات بين الأردن وأطباء أردنيين في الولايات المتحدة وأوروبا يفتح آفاق البحث العلمي والطبي المشترك، وهذه القضايا بحاجة إلى فريق عمل Task Force للتشخيص الجيد وتقديم اقتراحات للحلول !
حمى الله الأردن وحفظه نبراساً للتعليم والمستوى الطبي المتميز عبر عقود في العالم العربي.
الغد
أخبار اليوم - دراسة مهمة أعدها البروفيسور قاسم الدويري أستاذ الطب في جامعة العلوم والتكنولوجيا وشملت باحثين وأطباء في جامعة قطر وجامعة حمدان بن محمد بالإمارات وجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، واشتمل البحث على استبانات من 849 طالبا وطالبة طب في ثلاث جامعات أردنية هي الأردنية والعلوم والتكنولوجيا واليرموك. نشرت الدراسة في 2022 بمجلة هليون، وهي تقرع الجرس بخطورة ما يحدث قبل أن يصبح الأردن مثل بعض الدول ذات التعليم الطبي التجاري.
تبين الدراسة وجود هبوط مستمر بمستوى جودة التعليم الطبي لأسباب مختلفة، أهمّهما الاعداد الهائلة المقبولة للدراسة التي أصبحت عشرين ضعف ما كان يقبل قبل عشرين عاما، وعزوف الأطباء الأردنيين عن التدريس بالجامعات الأكاديمية، وعدم قدرة المستشفيات التعليمية والمستشفيات المتعاقدة على التماشي مع الأعداد الضخمة.
الدراسة تعكس التعليم الطبي ما بعد الكورونا، حيث تقول مثلا إن نسبة حضور المحاضرات بإحدى الجامعات الثلاث
هي 60 %، وأن نسبة اكتظاظ كبيرة في «الراوندات»، وهناك استياء عام بين الطلاب من جودة «الراوندات» السريرية، ويبدو أن هناك تركيزا على حفظ الكتب والمحاضرات دون التركيز على التعليم السريريّ، خاصة في المقبولين بالتعليم الموازي والدولي، وكانت نسبة العينة %40 قبول عادي، و40 % موازي، و20 % دولي. خارج هذه الجامعات الثلاث قد يكون أكثر سوءا بكليات الطب.
الدراسة تؤكدها مشاهدات زملاء في الولايات المتحدة من خلال تعاملهم مع طلبة، والتحدث مع طلبة سابقين بكليات الطب الأردنية، إذ يبدو أن معدل دوام الطالب في السنوات السريرية بالأردن في بعض التخصصات حوالي ساعتين، يأتي الساعة التاسعة صباحاً ويغادر الدوام 11 صباحاً وأحياناً الواحدة بعد الظهر، وهذا قد لا يعمم ولكن يبدو أنه منتشر حسب التخصص والمساق وحسب كلية الطب والجامعة، وتتفاوت شدة التعليم وصرامته والإشراف على العملية التعليمية بصورة كبيرة بين كليات الطب المختلفة. وفي بعض الكليات الطبية قد يكون الدوام ساعة يوميا.
«الراوندات» الصباحية متفاوتة، وبعضها وهمي بعدد ضخم يقوده المقيم الذي هو نفسه بحاجة لتعليم وإشراف، ولا يوجد لبعض الطلاب متسع داخل غرف المرضى، ولا تفاعل حقيقيا، وبعض الاستشاريين بعيدون عن الطلاب، والمقيمون من يقومون بعملية التدريس بصورة أساسية.
في إحدى كليات الطب الأردنية تخسر الدفعة 50 % من طلابها ما بين السنة الأولى وحتى السادسة نتيجة الرسوب وعدم إكمال المواد، ما قد يعكس أسبابا مالية وسوء اختيار للطلاب والضغط المجتمعي لدراسة الطب، الذي بينته الدراسة بالقول إن نسبة الضغط المجتمعي أعلى في التعليم الموازي والدولي، ولكن يبدو أن ذلك مصدر رزق جيد للجامعات رغم الفوضى التي تحدثها بعملية التعليم وضعف التعليم السريري.
ركزت الدراسة على شبه انعدام البحث العلمي في كليات الطب الأردنية، ما يجعل طلبة الطب الأردنيين أقل تنفسية مع طلبة الطب من الهند ودول أخرى، وإخراج أطباء غير مهتمين بالبحث العلمي.
المقال يدق ناقوس الخطر بوزارة التعليم العالي والدولة، وأتمنى أن لا يؤخذ الموضوع بصورة عاطفية بل بصورة بحثية وتحليلية، فهناك حلول معروفة وعديدة لإيقاف نزيف العملية التعليمية في الطب، خصوصا أنه يوجود آلاف الأطباء الأردنيين في الولايات المتحدة وأوروبا وكندا، ولكن هناك تخوف اليوم من انهيار منظومة التعليم إن لم يتم التصدي لهذه المشاكل التي زادت بصورة كبيرة ما بعد جائحة كورونا.
من هذه الحلول ضبط الأعداد المقبولة، وتقليل الموازي والدولي، وضبط التعليم السريري، وتوزيع أكبر على المستشفيات الخاصة، وضبط عملية فتح كليات طب أكثر، واستخدام الأطباء الأردنيين في أوروبا وأميركا أكثر في تعليم الطب في الأردن عن طريق التعليم عن بعد، وإعطاء القاب تعليمية إذا ساهموا في التعليم مثل أطباء مساندين أو سريريين، وفتح قنوات أكثر بين كليات الطب الأردنية والمستشفيات الأميركية والأوروبية.
كما أن فتح قنوات بين الأردن وأطباء أردنيين في الولايات المتحدة وأوروبا يفتح آفاق البحث العلمي والطبي المشترك، وهذه القضايا بحاجة إلى فريق عمل Task Force للتشخيص الجيد وتقديم اقتراحات للحلول !
حمى الله الأردن وحفظه نبراساً للتعليم والمستوى الطبي المتميز عبر عقود في العالم العربي.
الغد
التعليقات