أخبار اليوم - تالا الفقيه - التهرب الضريبي ليس مجرد مصطلح اقتصادي أو قضية إدارية؛ بل هو ظاهرة تُلقي بظلالها الثقيلة على الاقتصاد الوطني وحياة المواطنين اليومية.
في بلد يواجه تحديات اقتصادية متزايدة، يُعتبر التهرب الضريبي أحد أبرز العقبات التي تُعيق التنمية، وتزيد الأعباء المالية على المواطن، الذي يتحمل في نهاية المطاف الفاتورة الأكبر.
أثر التهرب الضريبي على الاقتصاد الوطني
التهرب الضريبي يعني أن جزءًا كبيرًا من الإيرادات التي يُفترض أن تدخل خزينة الدولة يُصبح خارج إطار القانون. هذه الإيرادات، التي كان يمكن استخدامها في تحسين الخدمات العامة مثل الصحة، التعليم، البنية التحتية، والبرامج الاجتماعية، تضيع بسبب ممارسات غير قانونية من بعض القطاعات والأفراد.
وفقًا للخبراء الاقتصاديين، التهرب الضريبي يُحدث خللًا في توزيع الأعباء الضريبية، حيث يتحمل المواطن الملتزم بالقوانين جزءًا من التكاليف التي يُفترض أن تغطيها الإيرادات الضريبية المفقودة.
هذا يعني فرض ضرائب أعلى على الفئات الملتزمة، مما يزيد الضغط المالي على الطبقة المتوسطة والمحدودة الدخل.
المواطن هو الضحية الأكبر
غياب الفوترة في العديد من القطاعات يُمثل أحد الأوجه الواضحة للتهرب الضريبي.
منذ أن يبدأ المواطن يومه حتى يعود إلى منزله، يقوم بعمليات شرائية عديدة، سواء كانت من متاجر التجزئة، المطاعم، أو المراكز الخدمية.
الغالبية العظمى من هذه العمليات تتم دون الحصول على فواتير، يدفع المواطن مبالغ مالية كبيرة، دون أن يمتلك أي وثيقة تثبت ما دفعه، ما يحرمه من حقه في الشفافية، ويُضعف موقفه أمام أي نزاعات.
يقول أحد المواطنين:
'أذهب إلى الطبيب، وأدفع مبالغ مرتفعة جدًا مقابل الاستشارة والعلاج، لكنني لا أحصل على فاتورة. هذا ليس فقط تهربًا ضريبيًا، بل ظلم لي كمريض، فأنا لا أملك أي دليل يثبت ما دفعت أو الخدمة التي تلقيتها.'
مواطن آخر يرى أن غياب الفوترة يجعل الأمر أشبه بالفوضى:
'أغلب مشترياتنا اليومية، سواء من الأسواق أو حتى المحلات الكبيرة، تتم دون فاتورة، هذا يثير تساؤلات عن مصير الأموال المدفوعة، وكيف يمكن لدولة أن تُخطط اقتصاديًا إذا كانت الإيرادات غير موثقة؟'
انعكاسات اجتماعية واقتصادية
التهرب الضريبي لا يُضعف الاقتصاد فقط، بل يُعمّق التفاوت الاجتماعي، ويُفقد المواطنين الثقة بالنظام الاقتصادي.
عندما يرى المواطن أن بعض القطاعات أو الأفراد يتهربون من دفع الضرائب، بينما تُفرض عليه ضرائب إضافية لتغطية الفجوة، يشعر بالظلم وفقدان العدالة.
هذا الواقع يخلق نوعًا من الإحباط لدى المواطنين الذين يلتزمون بالقوانين، حيث يصف أحدهم الأمر بقوله:
'من المؤسف أن الملتزم بالقوانين يتحمل عبء الآخرين. الضرائب التي أدفعها تُستخدم لتغطية الفجوات الناتجة عن التهرب الضريبي، بدلًا من تحسين الخدمات العامة.'
الحلول المطلوبة
للحد من التهرب الضريبي وآثاره السلبية، يجب تعزيز نظام الفوترة بإلزام جميع القطاعات، وخاصة القطاعات الحيوية مثل الطب والتعليم والتجارة، بإصدار فواتير لكل معاملة، وتوعية المواطنين بأهمية طلب الفواتير لضمان حقوقهم.
يجب تطبيق قوانين صارمة على الجهات التي تتهرب من إصدار الفواتير مع فرض عقوبات واضحة ورادعة. تعزيز الوعي المجتمعي حول أهمية الالتزام الضريبي، ودوره في تحسين الخدمات العامة، يُعتبر خطوة أساسية لضمان الالتزام وتعزيز الثقافة القانونية والاقتصادية.
التهرب الضريبي ليس مجرد خرق للقانون، بل هو إساءة مباشرة للمجتمع بأكمله.
كل دينار يُتهرب من دفعه كضريبة هو دينار يُحرم منه قطاع الصحة أو التعليم أو الخدمات التي تخدم المواطن بشكل مباشر.
المواطن بدوره مطالب بأن يكون واعيًا بحقوقه، وأن يُطالب بالفواتير لضمان الشفافية والمساهمة في بناء اقتصاد أقوى وأكثر عدالة.
الخبير الاقتصادي مازن ارشيد قال إنه يعد التهرب الضريبي من أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني، حيث تشير التقديرات إلى أن نسبة التهرب الضريبي تشكل ما يقارب 15% إلى 20% من إجمالي الإيرادات الضريبية المحتملة، مشيرا أن هذا التهرب يؤدي إلى فقدان مئات الملايين من الدنانير سنويًا، مما يقلل من قدرة الدولة على تمويل مشاريعها التنموية وتقديم الخدمات الأساسية.
وأوضح أرشيد أن أحد أبرز مظاهر التهرب يظهر في القطاعات التجارية والخدمية، حيث يقوم العديد من التجار وأصحاب الأعمال بتجنب إصدار الفواتير الرسمية أو خفض القيم الفعلية في الفواتير التي تُصْدَر، مبينا أن تظهر تقارير أن حوالي 30% من المنشآت الصغيرة والمتوسطة تتجنب التسجيل في نظام الفوترة الوطني، مما يسهم بشكل كبير في توسيع الاقتصاد غير الرسمي الذي يمثل حاليًا نسبة تتجاوز 25% من الناتج المحلي الإجمالي.
في قطاع المهن الحرة، مثل الأطباء والمحامين، أكد أن هناك أيضًا نسب كبيرة من التهرب الضريبي؛ بسبب عدم الالتزام بإصدار الفواتير للخدمات المقدمة. تشير التقديرات إلى أن هذا القطاع وحده يُسهم في فقدان ما يزيد عن خمسين مليون دينار سنويًا. علاوة على ذلك، قطاع المطاعم والمقاهي يُعد من أكثر القطاعات التي يُلاحظ فيها التهرب الضريبي، حيث يُسجل فقط جزء صغير من مبيعاتها في النظام الرسمي.
وبين أرشيد أن الحكومة اتخذت إجراءات عديدة لتعزيز الالتزام بنظام الفوترة الوطني، مثل إطلاق النظام الإلكتروني وتطبيق 'فواتيري' الذي يهدف إلى تحسين الشفافية وزيادة مشاركة المواطنين. وتشير البيانات إلى أن الإجراءات الصارمة قد رفعت نسبة الالتزام الضريبي في بعض القطاعات بنسبة 10% في العام الماضي، إلا أن التهرب لا يزال يمثل فجوة كبيرة بحاجة إلى معالجة جذرية.
قال الناطق الإعلامي باسم دائرة ضريبة الدخل والمبيعات موسى الطراونة أن جميع القطاعات سجلت بنظام الفوترة وعملية التسجيل مستمرة حتى الآن.
ويذكر أن دائرة ضريبة الدخل والمبيعات أصدرت تطبيقاً إلكترونيا على الهاتف النقال تحت اسم 'مكافحة التهرب الضريبي'، وإن هذا التطبيق يتيح للمواطنين المشاركة في إجراءات مكافحة التهرب الضريبي من خلال التبليغ عن أي حالات تهرب ضريبي وأي حالات مخالفة لقانون ضريبة الدخل والضريبة العامة على المبيعات التي تُرْتَكَب من التجار والصناعيين ومؤدي الخدمات والمهنيين، كما يتيح التطبيق للأشخاص تحميل أية وثائق وفواتير وصور تدعم المعلومة التي يُبَلَّغ عنها.
أخبار اليوم - تالا الفقيه - التهرب الضريبي ليس مجرد مصطلح اقتصادي أو قضية إدارية؛ بل هو ظاهرة تُلقي بظلالها الثقيلة على الاقتصاد الوطني وحياة المواطنين اليومية.
في بلد يواجه تحديات اقتصادية متزايدة، يُعتبر التهرب الضريبي أحد أبرز العقبات التي تُعيق التنمية، وتزيد الأعباء المالية على المواطن، الذي يتحمل في نهاية المطاف الفاتورة الأكبر.
أثر التهرب الضريبي على الاقتصاد الوطني
التهرب الضريبي يعني أن جزءًا كبيرًا من الإيرادات التي يُفترض أن تدخل خزينة الدولة يُصبح خارج إطار القانون. هذه الإيرادات، التي كان يمكن استخدامها في تحسين الخدمات العامة مثل الصحة، التعليم، البنية التحتية، والبرامج الاجتماعية، تضيع بسبب ممارسات غير قانونية من بعض القطاعات والأفراد.
وفقًا للخبراء الاقتصاديين، التهرب الضريبي يُحدث خللًا في توزيع الأعباء الضريبية، حيث يتحمل المواطن الملتزم بالقوانين جزءًا من التكاليف التي يُفترض أن تغطيها الإيرادات الضريبية المفقودة.
هذا يعني فرض ضرائب أعلى على الفئات الملتزمة، مما يزيد الضغط المالي على الطبقة المتوسطة والمحدودة الدخل.
المواطن هو الضحية الأكبر
غياب الفوترة في العديد من القطاعات يُمثل أحد الأوجه الواضحة للتهرب الضريبي.
منذ أن يبدأ المواطن يومه حتى يعود إلى منزله، يقوم بعمليات شرائية عديدة، سواء كانت من متاجر التجزئة، المطاعم، أو المراكز الخدمية.
الغالبية العظمى من هذه العمليات تتم دون الحصول على فواتير، يدفع المواطن مبالغ مالية كبيرة، دون أن يمتلك أي وثيقة تثبت ما دفعه، ما يحرمه من حقه في الشفافية، ويُضعف موقفه أمام أي نزاعات.
يقول أحد المواطنين:
'أذهب إلى الطبيب، وأدفع مبالغ مرتفعة جدًا مقابل الاستشارة والعلاج، لكنني لا أحصل على فاتورة. هذا ليس فقط تهربًا ضريبيًا، بل ظلم لي كمريض، فأنا لا أملك أي دليل يثبت ما دفعت أو الخدمة التي تلقيتها.'
مواطن آخر يرى أن غياب الفوترة يجعل الأمر أشبه بالفوضى:
'أغلب مشترياتنا اليومية، سواء من الأسواق أو حتى المحلات الكبيرة، تتم دون فاتورة، هذا يثير تساؤلات عن مصير الأموال المدفوعة، وكيف يمكن لدولة أن تُخطط اقتصاديًا إذا كانت الإيرادات غير موثقة؟'
انعكاسات اجتماعية واقتصادية
التهرب الضريبي لا يُضعف الاقتصاد فقط، بل يُعمّق التفاوت الاجتماعي، ويُفقد المواطنين الثقة بالنظام الاقتصادي.
عندما يرى المواطن أن بعض القطاعات أو الأفراد يتهربون من دفع الضرائب، بينما تُفرض عليه ضرائب إضافية لتغطية الفجوة، يشعر بالظلم وفقدان العدالة.
هذا الواقع يخلق نوعًا من الإحباط لدى المواطنين الذين يلتزمون بالقوانين، حيث يصف أحدهم الأمر بقوله:
'من المؤسف أن الملتزم بالقوانين يتحمل عبء الآخرين. الضرائب التي أدفعها تُستخدم لتغطية الفجوات الناتجة عن التهرب الضريبي، بدلًا من تحسين الخدمات العامة.'
الحلول المطلوبة
للحد من التهرب الضريبي وآثاره السلبية، يجب تعزيز نظام الفوترة بإلزام جميع القطاعات، وخاصة القطاعات الحيوية مثل الطب والتعليم والتجارة، بإصدار فواتير لكل معاملة، وتوعية المواطنين بأهمية طلب الفواتير لضمان حقوقهم.
يجب تطبيق قوانين صارمة على الجهات التي تتهرب من إصدار الفواتير مع فرض عقوبات واضحة ورادعة. تعزيز الوعي المجتمعي حول أهمية الالتزام الضريبي، ودوره في تحسين الخدمات العامة، يُعتبر خطوة أساسية لضمان الالتزام وتعزيز الثقافة القانونية والاقتصادية.
التهرب الضريبي ليس مجرد خرق للقانون، بل هو إساءة مباشرة للمجتمع بأكمله.
كل دينار يُتهرب من دفعه كضريبة هو دينار يُحرم منه قطاع الصحة أو التعليم أو الخدمات التي تخدم المواطن بشكل مباشر.
المواطن بدوره مطالب بأن يكون واعيًا بحقوقه، وأن يُطالب بالفواتير لضمان الشفافية والمساهمة في بناء اقتصاد أقوى وأكثر عدالة.
الخبير الاقتصادي مازن ارشيد قال إنه يعد التهرب الضريبي من أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني، حيث تشير التقديرات إلى أن نسبة التهرب الضريبي تشكل ما يقارب 15% إلى 20% من إجمالي الإيرادات الضريبية المحتملة، مشيرا أن هذا التهرب يؤدي إلى فقدان مئات الملايين من الدنانير سنويًا، مما يقلل من قدرة الدولة على تمويل مشاريعها التنموية وتقديم الخدمات الأساسية.
وأوضح أرشيد أن أحد أبرز مظاهر التهرب يظهر في القطاعات التجارية والخدمية، حيث يقوم العديد من التجار وأصحاب الأعمال بتجنب إصدار الفواتير الرسمية أو خفض القيم الفعلية في الفواتير التي تُصْدَر، مبينا أن تظهر تقارير أن حوالي 30% من المنشآت الصغيرة والمتوسطة تتجنب التسجيل في نظام الفوترة الوطني، مما يسهم بشكل كبير في توسيع الاقتصاد غير الرسمي الذي يمثل حاليًا نسبة تتجاوز 25% من الناتج المحلي الإجمالي.
في قطاع المهن الحرة، مثل الأطباء والمحامين، أكد أن هناك أيضًا نسب كبيرة من التهرب الضريبي؛ بسبب عدم الالتزام بإصدار الفواتير للخدمات المقدمة. تشير التقديرات إلى أن هذا القطاع وحده يُسهم في فقدان ما يزيد عن خمسين مليون دينار سنويًا. علاوة على ذلك، قطاع المطاعم والمقاهي يُعد من أكثر القطاعات التي يُلاحظ فيها التهرب الضريبي، حيث يُسجل فقط جزء صغير من مبيعاتها في النظام الرسمي.
وبين أرشيد أن الحكومة اتخذت إجراءات عديدة لتعزيز الالتزام بنظام الفوترة الوطني، مثل إطلاق النظام الإلكتروني وتطبيق 'فواتيري' الذي يهدف إلى تحسين الشفافية وزيادة مشاركة المواطنين. وتشير البيانات إلى أن الإجراءات الصارمة قد رفعت نسبة الالتزام الضريبي في بعض القطاعات بنسبة 10% في العام الماضي، إلا أن التهرب لا يزال يمثل فجوة كبيرة بحاجة إلى معالجة جذرية.
قال الناطق الإعلامي باسم دائرة ضريبة الدخل والمبيعات موسى الطراونة أن جميع القطاعات سجلت بنظام الفوترة وعملية التسجيل مستمرة حتى الآن.
ويذكر أن دائرة ضريبة الدخل والمبيعات أصدرت تطبيقاً إلكترونيا على الهاتف النقال تحت اسم 'مكافحة التهرب الضريبي'، وإن هذا التطبيق يتيح للمواطنين المشاركة في إجراءات مكافحة التهرب الضريبي من خلال التبليغ عن أي حالات تهرب ضريبي وأي حالات مخالفة لقانون ضريبة الدخل والضريبة العامة على المبيعات التي تُرْتَكَب من التجار والصناعيين ومؤدي الخدمات والمهنيين، كما يتيح التطبيق للأشخاص تحميل أية وثائق وفواتير وصور تدعم المعلومة التي يُبَلَّغ عنها.
أخبار اليوم - تالا الفقيه - التهرب الضريبي ليس مجرد مصطلح اقتصادي أو قضية إدارية؛ بل هو ظاهرة تُلقي بظلالها الثقيلة على الاقتصاد الوطني وحياة المواطنين اليومية.
في بلد يواجه تحديات اقتصادية متزايدة، يُعتبر التهرب الضريبي أحد أبرز العقبات التي تُعيق التنمية، وتزيد الأعباء المالية على المواطن، الذي يتحمل في نهاية المطاف الفاتورة الأكبر.
أثر التهرب الضريبي على الاقتصاد الوطني
التهرب الضريبي يعني أن جزءًا كبيرًا من الإيرادات التي يُفترض أن تدخل خزينة الدولة يُصبح خارج إطار القانون. هذه الإيرادات، التي كان يمكن استخدامها في تحسين الخدمات العامة مثل الصحة، التعليم، البنية التحتية، والبرامج الاجتماعية، تضيع بسبب ممارسات غير قانونية من بعض القطاعات والأفراد.
وفقًا للخبراء الاقتصاديين، التهرب الضريبي يُحدث خللًا في توزيع الأعباء الضريبية، حيث يتحمل المواطن الملتزم بالقوانين جزءًا من التكاليف التي يُفترض أن تغطيها الإيرادات الضريبية المفقودة.
هذا يعني فرض ضرائب أعلى على الفئات الملتزمة، مما يزيد الضغط المالي على الطبقة المتوسطة والمحدودة الدخل.
المواطن هو الضحية الأكبر
غياب الفوترة في العديد من القطاعات يُمثل أحد الأوجه الواضحة للتهرب الضريبي.
منذ أن يبدأ المواطن يومه حتى يعود إلى منزله، يقوم بعمليات شرائية عديدة، سواء كانت من متاجر التجزئة، المطاعم، أو المراكز الخدمية.
الغالبية العظمى من هذه العمليات تتم دون الحصول على فواتير، يدفع المواطن مبالغ مالية كبيرة، دون أن يمتلك أي وثيقة تثبت ما دفعه، ما يحرمه من حقه في الشفافية، ويُضعف موقفه أمام أي نزاعات.
يقول أحد المواطنين:
'أذهب إلى الطبيب، وأدفع مبالغ مرتفعة جدًا مقابل الاستشارة والعلاج، لكنني لا أحصل على فاتورة. هذا ليس فقط تهربًا ضريبيًا، بل ظلم لي كمريض، فأنا لا أملك أي دليل يثبت ما دفعت أو الخدمة التي تلقيتها.'
مواطن آخر يرى أن غياب الفوترة يجعل الأمر أشبه بالفوضى:
'أغلب مشترياتنا اليومية، سواء من الأسواق أو حتى المحلات الكبيرة، تتم دون فاتورة، هذا يثير تساؤلات عن مصير الأموال المدفوعة، وكيف يمكن لدولة أن تُخطط اقتصاديًا إذا كانت الإيرادات غير موثقة؟'
انعكاسات اجتماعية واقتصادية
التهرب الضريبي لا يُضعف الاقتصاد فقط، بل يُعمّق التفاوت الاجتماعي، ويُفقد المواطنين الثقة بالنظام الاقتصادي.
عندما يرى المواطن أن بعض القطاعات أو الأفراد يتهربون من دفع الضرائب، بينما تُفرض عليه ضرائب إضافية لتغطية الفجوة، يشعر بالظلم وفقدان العدالة.
هذا الواقع يخلق نوعًا من الإحباط لدى المواطنين الذين يلتزمون بالقوانين، حيث يصف أحدهم الأمر بقوله:
'من المؤسف أن الملتزم بالقوانين يتحمل عبء الآخرين. الضرائب التي أدفعها تُستخدم لتغطية الفجوات الناتجة عن التهرب الضريبي، بدلًا من تحسين الخدمات العامة.'
الحلول المطلوبة
للحد من التهرب الضريبي وآثاره السلبية، يجب تعزيز نظام الفوترة بإلزام جميع القطاعات، وخاصة القطاعات الحيوية مثل الطب والتعليم والتجارة، بإصدار فواتير لكل معاملة، وتوعية المواطنين بأهمية طلب الفواتير لضمان حقوقهم.
يجب تطبيق قوانين صارمة على الجهات التي تتهرب من إصدار الفواتير مع فرض عقوبات واضحة ورادعة. تعزيز الوعي المجتمعي حول أهمية الالتزام الضريبي، ودوره في تحسين الخدمات العامة، يُعتبر خطوة أساسية لضمان الالتزام وتعزيز الثقافة القانونية والاقتصادية.
التهرب الضريبي ليس مجرد خرق للقانون، بل هو إساءة مباشرة للمجتمع بأكمله.
كل دينار يُتهرب من دفعه كضريبة هو دينار يُحرم منه قطاع الصحة أو التعليم أو الخدمات التي تخدم المواطن بشكل مباشر.
المواطن بدوره مطالب بأن يكون واعيًا بحقوقه، وأن يُطالب بالفواتير لضمان الشفافية والمساهمة في بناء اقتصاد أقوى وأكثر عدالة.
الخبير الاقتصادي مازن ارشيد قال إنه يعد التهرب الضريبي من أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني، حيث تشير التقديرات إلى أن نسبة التهرب الضريبي تشكل ما يقارب 15% إلى 20% من إجمالي الإيرادات الضريبية المحتملة، مشيرا أن هذا التهرب يؤدي إلى فقدان مئات الملايين من الدنانير سنويًا، مما يقلل من قدرة الدولة على تمويل مشاريعها التنموية وتقديم الخدمات الأساسية.
وأوضح أرشيد أن أحد أبرز مظاهر التهرب يظهر في القطاعات التجارية والخدمية، حيث يقوم العديد من التجار وأصحاب الأعمال بتجنب إصدار الفواتير الرسمية أو خفض القيم الفعلية في الفواتير التي تُصْدَر، مبينا أن تظهر تقارير أن حوالي 30% من المنشآت الصغيرة والمتوسطة تتجنب التسجيل في نظام الفوترة الوطني، مما يسهم بشكل كبير في توسيع الاقتصاد غير الرسمي الذي يمثل حاليًا نسبة تتجاوز 25% من الناتج المحلي الإجمالي.
في قطاع المهن الحرة، مثل الأطباء والمحامين، أكد أن هناك أيضًا نسب كبيرة من التهرب الضريبي؛ بسبب عدم الالتزام بإصدار الفواتير للخدمات المقدمة. تشير التقديرات إلى أن هذا القطاع وحده يُسهم في فقدان ما يزيد عن خمسين مليون دينار سنويًا. علاوة على ذلك، قطاع المطاعم والمقاهي يُعد من أكثر القطاعات التي يُلاحظ فيها التهرب الضريبي، حيث يُسجل فقط جزء صغير من مبيعاتها في النظام الرسمي.
وبين أرشيد أن الحكومة اتخذت إجراءات عديدة لتعزيز الالتزام بنظام الفوترة الوطني، مثل إطلاق النظام الإلكتروني وتطبيق 'فواتيري' الذي يهدف إلى تحسين الشفافية وزيادة مشاركة المواطنين. وتشير البيانات إلى أن الإجراءات الصارمة قد رفعت نسبة الالتزام الضريبي في بعض القطاعات بنسبة 10% في العام الماضي، إلا أن التهرب لا يزال يمثل فجوة كبيرة بحاجة إلى معالجة جذرية.
قال الناطق الإعلامي باسم دائرة ضريبة الدخل والمبيعات موسى الطراونة أن جميع القطاعات سجلت بنظام الفوترة وعملية التسجيل مستمرة حتى الآن.
ويذكر أن دائرة ضريبة الدخل والمبيعات أصدرت تطبيقاً إلكترونيا على الهاتف النقال تحت اسم 'مكافحة التهرب الضريبي'، وإن هذا التطبيق يتيح للمواطنين المشاركة في إجراءات مكافحة التهرب الضريبي من خلال التبليغ عن أي حالات تهرب ضريبي وأي حالات مخالفة لقانون ضريبة الدخل والضريبة العامة على المبيعات التي تُرْتَكَب من التجار والصناعيين ومؤدي الخدمات والمهنيين، كما يتيح التطبيق للأشخاص تحميل أية وثائق وفواتير وصور تدعم المعلومة التي يُبَلَّغ عنها.
التعليقات