أ.د. خالد واصف الوزني
أستاذ الاقتصاد والسياسات العامة
كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية
في خطاب، منذ عدة أيام، لمديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا في خلوة لقادة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، وهو منتدى عالمي يضم في عضويته 21 دولة، أشارت إلى أن العالم بدأ بالفعل يخرج نحوانفراجة اقتصادية، دون أن يضطر للدخول في دوامة ركود طويل. وأن التوجه العالمي خلال الفترة القادمة هو نحو تخفيف السياسات التشددية، عبر تخفيض أسعار الفائدة وتحريك عجلة الاستثمار. بيد إنَّ هذا التوجُّه لن يؤتي أكله دون استهداف أمرين أساسيين من قبل صنّاع القرار. الأمر الأول يتمثل في ضبط المالية العامة، تحوطاً لصدمات قد تأتي في أي وقت، وتحُّولاً نحو الإنفاق الرأسمالي، وليس الجاري، تحفيزاً للنمو ودعماً للاقتصاد. والأمر الثاني يكمن في ضرورة تبني سياسات مُحفِّزة للنمو، داعمة للاستثمار، مولدة للوظائف، ومعززة للإنتاجية العامة والخاصة. وفي كلا الأمرين فإنَّ المحددات الأساسية تكمن في التوجه نحو اقتصاد أخضر، يراعي البيئة، واقتصاد رقمي يعزز التحولات العالمية في الرقمنة، والذكاء الاصطناعي. التوجهات التي وضعتها مديرة الصندوق تضع الحكومات حول العالم أمام تحدٍ مهمٍ في ظل البدء في إعداد الموازنات العامة في العديد من دول العالم. وفي هذا السياق يمكن القول إنَّ ضبط الموازنات العامة هو المحدد الرئيس للحديث عن كفاءة الحكومات، لأنَّ كفاءة الحكومة تكمن في حسن استغلال الموارد المتاحة، وحسن توظيفها، وفي حسن وضع أولويات الإنفاق العام وتوجيه. والحديث هنا عن أمرين: ترشيد الإنفاق الجاري، عبر أولويات حقيقية شفافة وعادلة ونوعية، وتوجيه الإنفاق الرأسمالي نحو مشاريع حقيقية، تؤدي إلى تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار، والتوظيف، والتوسع، دون أن تخلق مشاريع وهمية، ظاهرها رأسمالي، وباطنها نفقات جارية، أو نفقات جارية مُبطنة بزي رأسمالي تنكشف عورتها بمجرد أن تبدأ بالتشغيل، لتكون أكثر عبئاً على الموازنة العامة بما تولده من نفقات جارية ثقيلة ودائمة وغير منتجة. كفاءة الحكومات تتمثّل في حسن تخصيص الموارد، وحسن وضع الأولويات، وحسن بناء الخطط المالية، أي الموازنات العامة. فالحقائق حول الموازنات العامة تقول إنّ الثابت الوحيد في الموازنات هي النفقة، وليس الإيراد، لأنّ الإيرادات العامة تُبنى على فرضيات اقتصادية، قد تتحقق، وقد يتم تضخيمها، أو قد يشوبها الخطأ البشري المقصود أو غير المقصود. أما النفقات، فهي أمر يصبح نافذاً، بمجرد أن يتم إقراره ضمن مساره الدستوري لكل دولة. المحصّلة أن كفاءة الحكومات في المرحلة المقبلة تكمن في ضبط ماليتها العامة، وقدرتها على تحفيز وتنشيط الاقتصاد عبر القطاع الخاص المولد للوظائف القائم على استقطاب التقنيات الحديثة واستخدامها، والقائم أيضاً على الريادة والابتكار، وكل ذلك يتطلب خريطة عمل حكومية، وخريطة استثمارية، وممكّنات عمل تجعل الاقتصاد يتحرك بمرونة ورشاقة عالية.
أ.د. خالد واصف الوزني
أستاذ الاقتصاد والسياسات العامة
كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية
في خطاب، منذ عدة أيام، لمديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا في خلوة لقادة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، وهو منتدى عالمي يضم في عضويته 21 دولة، أشارت إلى أن العالم بدأ بالفعل يخرج نحوانفراجة اقتصادية، دون أن يضطر للدخول في دوامة ركود طويل. وأن التوجه العالمي خلال الفترة القادمة هو نحو تخفيف السياسات التشددية، عبر تخفيض أسعار الفائدة وتحريك عجلة الاستثمار. بيد إنَّ هذا التوجُّه لن يؤتي أكله دون استهداف أمرين أساسيين من قبل صنّاع القرار. الأمر الأول يتمثل في ضبط المالية العامة، تحوطاً لصدمات قد تأتي في أي وقت، وتحُّولاً نحو الإنفاق الرأسمالي، وليس الجاري، تحفيزاً للنمو ودعماً للاقتصاد. والأمر الثاني يكمن في ضرورة تبني سياسات مُحفِّزة للنمو، داعمة للاستثمار، مولدة للوظائف، ومعززة للإنتاجية العامة والخاصة. وفي كلا الأمرين فإنَّ المحددات الأساسية تكمن في التوجه نحو اقتصاد أخضر، يراعي البيئة، واقتصاد رقمي يعزز التحولات العالمية في الرقمنة، والذكاء الاصطناعي. التوجهات التي وضعتها مديرة الصندوق تضع الحكومات حول العالم أمام تحدٍ مهمٍ في ظل البدء في إعداد الموازنات العامة في العديد من دول العالم. وفي هذا السياق يمكن القول إنَّ ضبط الموازنات العامة هو المحدد الرئيس للحديث عن كفاءة الحكومات، لأنَّ كفاءة الحكومة تكمن في حسن استغلال الموارد المتاحة، وحسن توظيفها، وفي حسن وضع أولويات الإنفاق العام وتوجيه. والحديث هنا عن أمرين: ترشيد الإنفاق الجاري، عبر أولويات حقيقية شفافة وعادلة ونوعية، وتوجيه الإنفاق الرأسمالي نحو مشاريع حقيقية، تؤدي إلى تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار، والتوظيف، والتوسع، دون أن تخلق مشاريع وهمية، ظاهرها رأسمالي، وباطنها نفقات جارية، أو نفقات جارية مُبطنة بزي رأسمالي تنكشف عورتها بمجرد أن تبدأ بالتشغيل، لتكون أكثر عبئاً على الموازنة العامة بما تولده من نفقات جارية ثقيلة ودائمة وغير منتجة. كفاءة الحكومات تتمثّل في حسن تخصيص الموارد، وحسن وضع الأولويات، وحسن بناء الخطط المالية، أي الموازنات العامة. فالحقائق حول الموازنات العامة تقول إنّ الثابت الوحيد في الموازنات هي النفقة، وليس الإيراد، لأنّ الإيرادات العامة تُبنى على فرضيات اقتصادية، قد تتحقق، وقد يتم تضخيمها، أو قد يشوبها الخطأ البشري المقصود أو غير المقصود. أما النفقات، فهي أمر يصبح نافذاً، بمجرد أن يتم إقراره ضمن مساره الدستوري لكل دولة. المحصّلة أن كفاءة الحكومات في المرحلة المقبلة تكمن في ضبط ماليتها العامة، وقدرتها على تحفيز وتنشيط الاقتصاد عبر القطاع الخاص المولد للوظائف القائم على استقطاب التقنيات الحديثة واستخدامها، والقائم أيضاً على الريادة والابتكار، وكل ذلك يتطلب خريطة عمل حكومية، وخريطة استثمارية، وممكّنات عمل تجعل الاقتصاد يتحرك بمرونة ورشاقة عالية.
أ.د. خالد واصف الوزني
أستاذ الاقتصاد والسياسات العامة
كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية
في خطاب، منذ عدة أيام، لمديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا في خلوة لقادة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، وهو منتدى عالمي يضم في عضويته 21 دولة، أشارت إلى أن العالم بدأ بالفعل يخرج نحوانفراجة اقتصادية، دون أن يضطر للدخول في دوامة ركود طويل. وأن التوجه العالمي خلال الفترة القادمة هو نحو تخفيف السياسات التشددية، عبر تخفيض أسعار الفائدة وتحريك عجلة الاستثمار. بيد إنَّ هذا التوجُّه لن يؤتي أكله دون استهداف أمرين أساسيين من قبل صنّاع القرار. الأمر الأول يتمثل في ضبط المالية العامة، تحوطاً لصدمات قد تأتي في أي وقت، وتحُّولاً نحو الإنفاق الرأسمالي، وليس الجاري، تحفيزاً للنمو ودعماً للاقتصاد. والأمر الثاني يكمن في ضرورة تبني سياسات مُحفِّزة للنمو، داعمة للاستثمار، مولدة للوظائف، ومعززة للإنتاجية العامة والخاصة. وفي كلا الأمرين فإنَّ المحددات الأساسية تكمن في التوجه نحو اقتصاد أخضر، يراعي البيئة، واقتصاد رقمي يعزز التحولات العالمية في الرقمنة، والذكاء الاصطناعي. التوجهات التي وضعتها مديرة الصندوق تضع الحكومات حول العالم أمام تحدٍ مهمٍ في ظل البدء في إعداد الموازنات العامة في العديد من دول العالم. وفي هذا السياق يمكن القول إنَّ ضبط الموازنات العامة هو المحدد الرئيس للحديث عن كفاءة الحكومات، لأنَّ كفاءة الحكومة تكمن في حسن استغلال الموارد المتاحة، وحسن توظيفها، وفي حسن وضع أولويات الإنفاق العام وتوجيه. والحديث هنا عن أمرين: ترشيد الإنفاق الجاري، عبر أولويات حقيقية شفافة وعادلة ونوعية، وتوجيه الإنفاق الرأسمالي نحو مشاريع حقيقية، تؤدي إلى تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار، والتوظيف، والتوسع، دون أن تخلق مشاريع وهمية، ظاهرها رأسمالي، وباطنها نفقات جارية، أو نفقات جارية مُبطنة بزي رأسمالي تنكشف عورتها بمجرد أن تبدأ بالتشغيل، لتكون أكثر عبئاً على الموازنة العامة بما تولده من نفقات جارية ثقيلة ودائمة وغير منتجة. كفاءة الحكومات تتمثّل في حسن تخصيص الموارد، وحسن وضع الأولويات، وحسن بناء الخطط المالية، أي الموازنات العامة. فالحقائق حول الموازنات العامة تقول إنّ الثابت الوحيد في الموازنات هي النفقة، وليس الإيراد، لأنّ الإيرادات العامة تُبنى على فرضيات اقتصادية، قد تتحقق، وقد يتم تضخيمها، أو قد يشوبها الخطأ البشري المقصود أو غير المقصود. أما النفقات، فهي أمر يصبح نافذاً، بمجرد أن يتم إقراره ضمن مساره الدستوري لكل دولة. المحصّلة أن كفاءة الحكومات في المرحلة المقبلة تكمن في ضبط ماليتها العامة، وقدرتها على تحفيز وتنشيط الاقتصاد عبر القطاع الخاص المولد للوظائف القائم على استقطاب التقنيات الحديثة واستخدامها، والقائم أيضاً على الريادة والابتكار، وكل ذلك يتطلب خريطة عمل حكومية، وخريطة استثمارية، وممكّنات عمل تجعل الاقتصاد يتحرك بمرونة ورشاقة عالية.
التعليقات