أخبار اليوم - عواد الفالح - في السنوات الأخيرة، أصبح الزواج في الأردن حلمًا يصعب تحقيقه لكثير من الشباب والشابات. ارتفاع تكاليف الزواج وتعقيدات العادات والتقاليد، إضافةً إلى التقليد الأعمى لأنماط الاحتفالات الفخمة في المسلسلات والأفلام، أسهمت في ارتفاع سن الزواج بشكل واضح.
هذه الظاهرة دفعت العديد من الشباب إلى تأجيل خطوة الزواج، حتى يتمكنوا من تحقيق الاستقرار المالي، في ظل تزايد الأعباء المالية المترتبة على متطلبات الزواج، سواء قبل أو بعد الحفل.
تجربة الزواج في زمن كورونا: البساطة ممكنة
خلال جائحة كورونا، تغيّرت قواعد الزواج بشكل غير متوقع. مع قيود التجمعات، لجأ الكثيرون إلى إقامة حفلات بسيطة ومحدودة بحضور أقرب المقربين فقط. تقول نور محمد، شابة تزوجت خلال الجائحة: 'كان زواجي بسيطًا، بدون قاعات كبيرة أو مكياج فاخر. كانت مناسبة سعيدة، والأهم أنها خففت علينا الكثير من التكاليف'. ومع أن تجربة الجائحة قدمت درسًا في التبسيط، إلا أن العودة إلى الحياة الطبيعية إعادة تكاليف الزواج إلى مستوياتها السابقة.
أسباب ارتفاع سن الزواج: أعباء متزايدة وواقع اقتصادي صعب
تشير الإحصائيات إلى أن معدل سن الزواج في الأردن ارتفع بشكل واضح، ويرى الخبراء أن السبب الرئيسي يكمن في تزايد تكاليف الزواج التي تشمل الحفلات الفخمة، المكياج المكلف، وشراء الذهب، إلى جانب النفقات المعيشية المرتفعة بعد الزواج.
يقول محمد، شاب مخطوب منذ عامين: 'تكاليف الزواج لم تعد تقتصر على حفلة الزفاف، بل تمتد إلى التفاصيل الدقيقة مثل تجهيز القاعة، المكياج الفاخر للعروس، وشراء الذهب الذي وصل سعر الغرام منه إلى 55 دينارًا. بات الزواج أمرًا مرهقًا نفسيًا وماليًا، لدرجة أنني أشعر وكأنني أُعدُّ نفسي لسباق مالي أكثر من كونه مرحلة انتقالية في حياتي'.
من جانبها، تضيف سارة، فتاة مخطوبة في العشرينات من العمر: 'عندما بدأت التحضير لزفافي، أدركت أن متطلبات العرس أصبحت أشبه بسباق للتباهي، بدءًا من حجز قاعة ضخمة وانتهاءً بتفاصيل المكياج التي تشبه نجمات المسلسلات التركية. تقليد هذه التفاصيل أصبح هو المعيار الاجتماعي، وأي خروج عن هذه القاعدة يُعتبر تقصيرًا أو تهاونًا في حق العروس'.
دور العادات والتقاليد في تعقيد الزواج: هل يمكن التخفيف؟
تلعب العادات والتقاليد الاجتماعية دورًا كبيرًا في رفع تكاليف الزواج، حيث تشمل متطلبات قد تكون عبئًا على العريس وعائلته. الجاهات الكبيرة، الولائم المكلفة، وتلبيسة الذهب الثقيلة، كلها عناصر تفرضها العادات الاجتماعية.
يقول أبو أحمد، أب لأربعة أبناء: 'أعرف أن التقاليد جزء مهم من هويتنا، لكن أحيانًا نشعر بأنها أصبحت حاجزًا أمام زواج أبنائنا، الجاهات الكبيرة تتطلب ميزانية ضخمة، ومظاهر الاحتفالات أصبحت مبالغًا فيها، مما يضع ضغوطًا هائلة على العائلات'.
بدوره، يرى عماد، شاب متزوج منذ عامين، أن التقاليد الحالية تحتاج إلى تعديل: 'عندما كنت أخطط لحفلة زواجي، شعرت أنني مضطر للالتزام بتقاليد العائلة حتى لو كانت مكلفة. رغبت في إقامة حفل بسيط، لكن التوقعات من الأهل والمجتمع جعلتني أدفع أكثر مما كنت أتوقع. يجب أن نتبنى ثقافة جديدة تركز على البساطة وتقليل التكاليف عوضا عن هذه المظاهر'.
تكاليف المكياج والحفلات: هل من مجال للتخفيض؟
ترتفع تكلفة تجهيز العروس بشكل واضح في الأردن، حيث يصل سعر المكياج الاحترافي للعروس إلى حوالي 500 دينار، مما يشكل عبئًا كبيرًا على الشريكين. تقول ليلى، متخصصة في التجميل: 'تسعى العديد من العرائس للحصول على إطلالة شبيهة بنجمات المسلسلات التركية، وهو ما يتطلب تكلفة عالية تشمل استخدام مستحضرات تجميل باهظة وخدمات خاصة'.
أما حفلات الزفاف، فهي تمثل التحدي الأكبر في مشهد الزواج. يمكن أن تصل تكلفة الحفل الواحد إلى ما بين 10,000 و30,000 دينار، مما يجعل من الصعب على الشباب تحمل هذه الأعباء بمفردهم.
يقول رائد، شاب متزوج حديثًا: 'لقد اضطررت للاستدانة من أجل إقامة حفل زفاف ضخم؛ لأن التوقعات المجتمعية كانت عالية جدًا. أشعر الآن بأنني أدفع ثمن ليلة واحدة على حساب سنوات قادمة من الاستقرار المادي'.
الذهب الروسي كحل بديل: خيار مؤقت أم استبدال دائم؟
في ظل الارتفاع الكبير في سعر الذهب، يلجأ بعض الشباب إلى شراء الذهب الروسي كبديل عن الذهب الأصلي، لتلبية متطلبات التقاليد دون إفلاس.
تقول حنان، شابة مخطوبة: 'اخترنا الذهب الروسي لأنه أقل تكلفة بكثير، ويحقق نفس الشكل والمظهر، لكن المشكلة تكمن في نظرة المجتمع إليه باعتباره بديلًا مؤقتًا وغير أصيل'.
نفقات المعيشة بعد الزواج: عبء آخر على كاهل الشباب
إلى جانب تكلفة الزواج، تأتي نفقات المعيشة المرتفعة لتزيد تعقيد الأمور. إيجارات المنازل، فواتير الكهرباء والماء، ونفقات الطعام والمواصلات، كلها عوامل تدفع الشباب إلى التفكير مليًا قبل اتخاذ قرار الزواج. يقول فادي، شاب متزوج منذ عام: 'بعد الزواج، أدركت أن التحدي الأكبر ليس في تكاليف العرس، بل في تكاليف الحياة اليومية. أصبحنا أنا وزوجتي نعمل معًا لتغطية النفقات'.
الحلول المقترحة: نحو زواج أقل تكلفة وأكثر بساطة
يرى العديد من الشباب والمختصين أن الحل يكمن في تغيير الثقافة الاجتماعية حول الزواج، والعودة إلى نمط الحياة البسيط الذي كان سائدًا في الماضي. يقترح بعض الشباب الاكتفاء بالاحتفالات العائلية الصغيرة، وتخصيص الأموال التي كانت تُنفق على الجاهات الكبيرة والحفلات الضخمة لتأسيس منزل الزوجية أو لتلبية الاحتياجات الأساسية للعائلة.
تقول رشا الخطيب، مستشارة اجتماعية: 'يجب أن نتبنى مفهوم الزواج كالتزام بين شريكين لبناء حياة مستقرة، وليس كمناسبة للتباهي بالمظاهر. يمكن تقليص الجاهات، وتخفيض تكاليف الحفلات، وتوجيه الأموال نحو ما هو أكثر فائدة للزوجين بعد الزواج'.
خاتمة: نحو تبسيط متطلبات الزواج لتحقيق الاستقرار
في ظل هذا المشهد المتعقد، تبدو الحاجة ملحة لتغيير الثقافة الاجتماعية المتعلقة بالزواج. الحلول تشمل تبني نهج أكثر بساطة وتركيزًا على تأسيس حياة مستقرة، بعيدًا عن الأعباء المالية المترتبة على الاحتفالات والتقاليد المبالغ فيها. ربما يحتاج الأمر إلى تعاون من الأهل والمجتمع، وتشجيع المبادرات التي تدعم الزواج البسيط والمستدام للشباب الأردنيين.
أخبار اليوم - عواد الفالح - في السنوات الأخيرة، أصبح الزواج في الأردن حلمًا يصعب تحقيقه لكثير من الشباب والشابات. ارتفاع تكاليف الزواج وتعقيدات العادات والتقاليد، إضافةً إلى التقليد الأعمى لأنماط الاحتفالات الفخمة في المسلسلات والأفلام، أسهمت في ارتفاع سن الزواج بشكل واضح.
هذه الظاهرة دفعت العديد من الشباب إلى تأجيل خطوة الزواج، حتى يتمكنوا من تحقيق الاستقرار المالي، في ظل تزايد الأعباء المالية المترتبة على متطلبات الزواج، سواء قبل أو بعد الحفل.
تجربة الزواج في زمن كورونا: البساطة ممكنة
خلال جائحة كورونا، تغيّرت قواعد الزواج بشكل غير متوقع. مع قيود التجمعات، لجأ الكثيرون إلى إقامة حفلات بسيطة ومحدودة بحضور أقرب المقربين فقط. تقول نور محمد، شابة تزوجت خلال الجائحة: 'كان زواجي بسيطًا، بدون قاعات كبيرة أو مكياج فاخر. كانت مناسبة سعيدة، والأهم أنها خففت علينا الكثير من التكاليف'. ومع أن تجربة الجائحة قدمت درسًا في التبسيط، إلا أن العودة إلى الحياة الطبيعية إعادة تكاليف الزواج إلى مستوياتها السابقة.
أسباب ارتفاع سن الزواج: أعباء متزايدة وواقع اقتصادي صعب
تشير الإحصائيات إلى أن معدل سن الزواج في الأردن ارتفع بشكل واضح، ويرى الخبراء أن السبب الرئيسي يكمن في تزايد تكاليف الزواج التي تشمل الحفلات الفخمة، المكياج المكلف، وشراء الذهب، إلى جانب النفقات المعيشية المرتفعة بعد الزواج.
يقول محمد، شاب مخطوب منذ عامين: 'تكاليف الزواج لم تعد تقتصر على حفلة الزفاف، بل تمتد إلى التفاصيل الدقيقة مثل تجهيز القاعة، المكياج الفاخر للعروس، وشراء الذهب الذي وصل سعر الغرام منه إلى 55 دينارًا. بات الزواج أمرًا مرهقًا نفسيًا وماليًا، لدرجة أنني أشعر وكأنني أُعدُّ نفسي لسباق مالي أكثر من كونه مرحلة انتقالية في حياتي'.
من جانبها، تضيف سارة، فتاة مخطوبة في العشرينات من العمر: 'عندما بدأت التحضير لزفافي، أدركت أن متطلبات العرس أصبحت أشبه بسباق للتباهي، بدءًا من حجز قاعة ضخمة وانتهاءً بتفاصيل المكياج التي تشبه نجمات المسلسلات التركية. تقليد هذه التفاصيل أصبح هو المعيار الاجتماعي، وأي خروج عن هذه القاعدة يُعتبر تقصيرًا أو تهاونًا في حق العروس'.
دور العادات والتقاليد في تعقيد الزواج: هل يمكن التخفيف؟
تلعب العادات والتقاليد الاجتماعية دورًا كبيرًا في رفع تكاليف الزواج، حيث تشمل متطلبات قد تكون عبئًا على العريس وعائلته. الجاهات الكبيرة، الولائم المكلفة، وتلبيسة الذهب الثقيلة، كلها عناصر تفرضها العادات الاجتماعية.
يقول أبو أحمد، أب لأربعة أبناء: 'أعرف أن التقاليد جزء مهم من هويتنا، لكن أحيانًا نشعر بأنها أصبحت حاجزًا أمام زواج أبنائنا، الجاهات الكبيرة تتطلب ميزانية ضخمة، ومظاهر الاحتفالات أصبحت مبالغًا فيها، مما يضع ضغوطًا هائلة على العائلات'.
بدوره، يرى عماد، شاب متزوج منذ عامين، أن التقاليد الحالية تحتاج إلى تعديل: 'عندما كنت أخطط لحفلة زواجي، شعرت أنني مضطر للالتزام بتقاليد العائلة حتى لو كانت مكلفة. رغبت في إقامة حفل بسيط، لكن التوقعات من الأهل والمجتمع جعلتني أدفع أكثر مما كنت أتوقع. يجب أن نتبنى ثقافة جديدة تركز على البساطة وتقليل التكاليف عوضا عن هذه المظاهر'.
تكاليف المكياج والحفلات: هل من مجال للتخفيض؟
ترتفع تكلفة تجهيز العروس بشكل واضح في الأردن، حيث يصل سعر المكياج الاحترافي للعروس إلى حوالي 500 دينار، مما يشكل عبئًا كبيرًا على الشريكين. تقول ليلى، متخصصة في التجميل: 'تسعى العديد من العرائس للحصول على إطلالة شبيهة بنجمات المسلسلات التركية، وهو ما يتطلب تكلفة عالية تشمل استخدام مستحضرات تجميل باهظة وخدمات خاصة'.
أما حفلات الزفاف، فهي تمثل التحدي الأكبر في مشهد الزواج. يمكن أن تصل تكلفة الحفل الواحد إلى ما بين 10,000 و30,000 دينار، مما يجعل من الصعب على الشباب تحمل هذه الأعباء بمفردهم.
يقول رائد، شاب متزوج حديثًا: 'لقد اضطررت للاستدانة من أجل إقامة حفل زفاف ضخم؛ لأن التوقعات المجتمعية كانت عالية جدًا. أشعر الآن بأنني أدفع ثمن ليلة واحدة على حساب سنوات قادمة من الاستقرار المادي'.
الذهب الروسي كحل بديل: خيار مؤقت أم استبدال دائم؟
في ظل الارتفاع الكبير في سعر الذهب، يلجأ بعض الشباب إلى شراء الذهب الروسي كبديل عن الذهب الأصلي، لتلبية متطلبات التقاليد دون إفلاس.
تقول حنان، شابة مخطوبة: 'اخترنا الذهب الروسي لأنه أقل تكلفة بكثير، ويحقق نفس الشكل والمظهر، لكن المشكلة تكمن في نظرة المجتمع إليه باعتباره بديلًا مؤقتًا وغير أصيل'.
نفقات المعيشة بعد الزواج: عبء آخر على كاهل الشباب
إلى جانب تكلفة الزواج، تأتي نفقات المعيشة المرتفعة لتزيد تعقيد الأمور. إيجارات المنازل، فواتير الكهرباء والماء، ونفقات الطعام والمواصلات، كلها عوامل تدفع الشباب إلى التفكير مليًا قبل اتخاذ قرار الزواج. يقول فادي، شاب متزوج منذ عام: 'بعد الزواج، أدركت أن التحدي الأكبر ليس في تكاليف العرس، بل في تكاليف الحياة اليومية. أصبحنا أنا وزوجتي نعمل معًا لتغطية النفقات'.
الحلول المقترحة: نحو زواج أقل تكلفة وأكثر بساطة
يرى العديد من الشباب والمختصين أن الحل يكمن في تغيير الثقافة الاجتماعية حول الزواج، والعودة إلى نمط الحياة البسيط الذي كان سائدًا في الماضي. يقترح بعض الشباب الاكتفاء بالاحتفالات العائلية الصغيرة، وتخصيص الأموال التي كانت تُنفق على الجاهات الكبيرة والحفلات الضخمة لتأسيس منزل الزوجية أو لتلبية الاحتياجات الأساسية للعائلة.
تقول رشا الخطيب، مستشارة اجتماعية: 'يجب أن نتبنى مفهوم الزواج كالتزام بين شريكين لبناء حياة مستقرة، وليس كمناسبة للتباهي بالمظاهر. يمكن تقليص الجاهات، وتخفيض تكاليف الحفلات، وتوجيه الأموال نحو ما هو أكثر فائدة للزوجين بعد الزواج'.
خاتمة: نحو تبسيط متطلبات الزواج لتحقيق الاستقرار
في ظل هذا المشهد المتعقد، تبدو الحاجة ملحة لتغيير الثقافة الاجتماعية المتعلقة بالزواج. الحلول تشمل تبني نهج أكثر بساطة وتركيزًا على تأسيس حياة مستقرة، بعيدًا عن الأعباء المالية المترتبة على الاحتفالات والتقاليد المبالغ فيها. ربما يحتاج الأمر إلى تعاون من الأهل والمجتمع، وتشجيع المبادرات التي تدعم الزواج البسيط والمستدام للشباب الأردنيين.
أخبار اليوم - عواد الفالح - في السنوات الأخيرة، أصبح الزواج في الأردن حلمًا يصعب تحقيقه لكثير من الشباب والشابات. ارتفاع تكاليف الزواج وتعقيدات العادات والتقاليد، إضافةً إلى التقليد الأعمى لأنماط الاحتفالات الفخمة في المسلسلات والأفلام، أسهمت في ارتفاع سن الزواج بشكل واضح.
هذه الظاهرة دفعت العديد من الشباب إلى تأجيل خطوة الزواج، حتى يتمكنوا من تحقيق الاستقرار المالي، في ظل تزايد الأعباء المالية المترتبة على متطلبات الزواج، سواء قبل أو بعد الحفل.
تجربة الزواج في زمن كورونا: البساطة ممكنة
خلال جائحة كورونا، تغيّرت قواعد الزواج بشكل غير متوقع. مع قيود التجمعات، لجأ الكثيرون إلى إقامة حفلات بسيطة ومحدودة بحضور أقرب المقربين فقط. تقول نور محمد، شابة تزوجت خلال الجائحة: 'كان زواجي بسيطًا، بدون قاعات كبيرة أو مكياج فاخر. كانت مناسبة سعيدة، والأهم أنها خففت علينا الكثير من التكاليف'. ومع أن تجربة الجائحة قدمت درسًا في التبسيط، إلا أن العودة إلى الحياة الطبيعية إعادة تكاليف الزواج إلى مستوياتها السابقة.
أسباب ارتفاع سن الزواج: أعباء متزايدة وواقع اقتصادي صعب
تشير الإحصائيات إلى أن معدل سن الزواج في الأردن ارتفع بشكل واضح، ويرى الخبراء أن السبب الرئيسي يكمن في تزايد تكاليف الزواج التي تشمل الحفلات الفخمة، المكياج المكلف، وشراء الذهب، إلى جانب النفقات المعيشية المرتفعة بعد الزواج.
يقول محمد، شاب مخطوب منذ عامين: 'تكاليف الزواج لم تعد تقتصر على حفلة الزفاف، بل تمتد إلى التفاصيل الدقيقة مثل تجهيز القاعة، المكياج الفاخر للعروس، وشراء الذهب الذي وصل سعر الغرام منه إلى 55 دينارًا. بات الزواج أمرًا مرهقًا نفسيًا وماليًا، لدرجة أنني أشعر وكأنني أُعدُّ نفسي لسباق مالي أكثر من كونه مرحلة انتقالية في حياتي'.
من جانبها، تضيف سارة، فتاة مخطوبة في العشرينات من العمر: 'عندما بدأت التحضير لزفافي، أدركت أن متطلبات العرس أصبحت أشبه بسباق للتباهي، بدءًا من حجز قاعة ضخمة وانتهاءً بتفاصيل المكياج التي تشبه نجمات المسلسلات التركية. تقليد هذه التفاصيل أصبح هو المعيار الاجتماعي، وأي خروج عن هذه القاعدة يُعتبر تقصيرًا أو تهاونًا في حق العروس'.
دور العادات والتقاليد في تعقيد الزواج: هل يمكن التخفيف؟
تلعب العادات والتقاليد الاجتماعية دورًا كبيرًا في رفع تكاليف الزواج، حيث تشمل متطلبات قد تكون عبئًا على العريس وعائلته. الجاهات الكبيرة، الولائم المكلفة، وتلبيسة الذهب الثقيلة، كلها عناصر تفرضها العادات الاجتماعية.
يقول أبو أحمد، أب لأربعة أبناء: 'أعرف أن التقاليد جزء مهم من هويتنا، لكن أحيانًا نشعر بأنها أصبحت حاجزًا أمام زواج أبنائنا، الجاهات الكبيرة تتطلب ميزانية ضخمة، ومظاهر الاحتفالات أصبحت مبالغًا فيها، مما يضع ضغوطًا هائلة على العائلات'.
بدوره، يرى عماد، شاب متزوج منذ عامين، أن التقاليد الحالية تحتاج إلى تعديل: 'عندما كنت أخطط لحفلة زواجي، شعرت أنني مضطر للالتزام بتقاليد العائلة حتى لو كانت مكلفة. رغبت في إقامة حفل بسيط، لكن التوقعات من الأهل والمجتمع جعلتني أدفع أكثر مما كنت أتوقع. يجب أن نتبنى ثقافة جديدة تركز على البساطة وتقليل التكاليف عوضا عن هذه المظاهر'.
تكاليف المكياج والحفلات: هل من مجال للتخفيض؟
ترتفع تكلفة تجهيز العروس بشكل واضح في الأردن، حيث يصل سعر المكياج الاحترافي للعروس إلى حوالي 500 دينار، مما يشكل عبئًا كبيرًا على الشريكين. تقول ليلى، متخصصة في التجميل: 'تسعى العديد من العرائس للحصول على إطلالة شبيهة بنجمات المسلسلات التركية، وهو ما يتطلب تكلفة عالية تشمل استخدام مستحضرات تجميل باهظة وخدمات خاصة'.
أما حفلات الزفاف، فهي تمثل التحدي الأكبر في مشهد الزواج. يمكن أن تصل تكلفة الحفل الواحد إلى ما بين 10,000 و30,000 دينار، مما يجعل من الصعب على الشباب تحمل هذه الأعباء بمفردهم.
يقول رائد، شاب متزوج حديثًا: 'لقد اضطررت للاستدانة من أجل إقامة حفل زفاف ضخم؛ لأن التوقعات المجتمعية كانت عالية جدًا. أشعر الآن بأنني أدفع ثمن ليلة واحدة على حساب سنوات قادمة من الاستقرار المادي'.
الذهب الروسي كحل بديل: خيار مؤقت أم استبدال دائم؟
في ظل الارتفاع الكبير في سعر الذهب، يلجأ بعض الشباب إلى شراء الذهب الروسي كبديل عن الذهب الأصلي، لتلبية متطلبات التقاليد دون إفلاس.
تقول حنان، شابة مخطوبة: 'اخترنا الذهب الروسي لأنه أقل تكلفة بكثير، ويحقق نفس الشكل والمظهر، لكن المشكلة تكمن في نظرة المجتمع إليه باعتباره بديلًا مؤقتًا وغير أصيل'.
نفقات المعيشة بعد الزواج: عبء آخر على كاهل الشباب
إلى جانب تكلفة الزواج، تأتي نفقات المعيشة المرتفعة لتزيد تعقيد الأمور. إيجارات المنازل، فواتير الكهرباء والماء، ونفقات الطعام والمواصلات، كلها عوامل تدفع الشباب إلى التفكير مليًا قبل اتخاذ قرار الزواج. يقول فادي، شاب متزوج منذ عام: 'بعد الزواج، أدركت أن التحدي الأكبر ليس في تكاليف العرس، بل في تكاليف الحياة اليومية. أصبحنا أنا وزوجتي نعمل معًا لتغطية النفقات'.
الحلول المقترحة: نحو زواج أقل تكلفة وأكثر بساطة
يرى العديد من الشباب والمختصين أن الحل يكمن في تغيير الثقافة الاجتماعية حول الزواج، والعودة إلى نمط الحياة البسيط الذي كان سائدًا في الماضي. يقترح بعض الشباب الاكتفاء بالاحتفالات العائلية الصغيرة، وتخصيص الأموال التي كانت تُنفق على الجاهات الكبيرة والحفلات الضخمة لتأسيس منزل الزوجية أو لتلبية الاحتياجات الأساسية للعائلة.
تقول رشا الخطيب، مستشارة اجتماعية: 'يجب أن نتبنى مفهوم الزواج كالتزام بين شريكين لبناء حياة مستقرة، وليس كمناسبة للتباهي بالمظاهر. يمكن تقليص الجاهات، وتخفيض تكاليف الحفلات، وتوجيه الأموال نحو ما هو أكثر فائدة للزوجين بعد الزواج'.
خاتمة: نحو تبسيط متطلبات الزواج لتحقيق الاستقرار
في ظل هذا المشهد المتعقد، تبدو الحاجة ملحة لتغيير الثقافة الاجتماعية المتعلقة بالزواج. الحلول تشمل تبني نهج أكثر بساطة وتركيزًا على تأسيس حياة مستقرة، بعيدًا عن الأعباء المالية المترتبة على الاحتفالات والتقاليد المبالغ فيها. ربما يحتاج الأمر إلى تعاون من الأهل والمجتمع، وتشجيع المبادرات التي تدعم الزواج البسيط والمستدام للشباب الأردنيين.
التعليقات