أ.د. خالد واصف الوزني
أستاذ الاقتصاد والسياسات العامة
كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية
ينظر الكثير من صنّاع القرار إلى أنَّ مشكلة البطالة هي في رقمها أو معدلها، في حين أنَّ حقيقة الأمر تقول إنَّ مشكلة البطالة في هيكلها وأسبابها. ذلك أنَّ معالجة البطالة، وخاصة بين الشباب اليوم، هي في استيعاب القوى العاملة المعطَّلة في سوق العمل المحلي المتاح والكامن، وهو أمر يقوم على توفير المعرفة والمهارة والكفاءة المطلوبة في ذلك السوق في الوقت الحالي وفي المستقبل. على صعيد آخر، يفزع الكثير من صنّاع القرار من رقم البطالة ويخيفه ذلك، فيلجأ إلى الحلول السريعة القائمة على إحلال العمالة الوطنية مكان العمالة الوافدة، حتى وإن تدَّنت متطلبات عمل القوى البشرية الوافدة من حيث المستويات العلمية أو التأهيل أو حتى المهارة، وهو ما يمكن تسميته تخفيض مستوى ومهارة القوى العاملة المحلية، أو تثبيط المهارات الوطنية، Skills Downscaling، وهو من أسهل ما يمكن القيام به لتنظيف رقم البطالة، ولكنه من أخطر ما يمكن القيام به على المستوى الاقتصادي، بل والاجتماعي والثقافي والنفسي على الأفراد. صانع القرار في بعض الدول يهمه أن يقول إنه خفض رقم البطالة، فيسعى إلى حلين اثنين سهلين، ولكنهما حلول خطيرة ومؤلمة للمواطن وللوطن. الحل الأول: تصدير العمالة، وهي عملية تُريح صانع القرار من بعض الأفراد، ولكنها تعني خسارة العقول، بل ويمكن القول إحباط الأهل بفراق الأبناء بعد كل التعب والجهد في إيصالهم إلى ذاك المستوى العلمي، بما فيها بيع العقار والأراضي والاستدانة وغيرها، وفوق كل ذلك هجرة الثقافات نحو ثقافات جديدة، قد لا يكون جميعها مناسباً للوطن. لو كان الحل في تصدير البشر، ولو كان البشر عبئاً على التنمية والنمو، لكانت الصين أكبر مُصَدِّرٍ لهم، ولكن الصين أكبر مُصَدِّر لمنتجات وخدمات البشر. الحل الثاني: تشغيل العمالة في مهن تقل عن مستوياتهم العلمية والمهارية عبر إحلال العمالة مكان العمالة الوافدة متدنية المهارات والتعليم والمعرفة، وذلك بدعوى مكافحة ثقافة العيب. والحقيقة أنَّ ما يتم هو عيب في الثقافة وفي السياسة، الأساس أن ينظر صنّاع القرار إلى رفع كفاءة العمالة الوطنية، وليس تثبيط هممها ومعرفتها ومهاراتها. الأساس أن يتمَّ تأهيلها لبدء مشاريع فردية ومشتركة، أو البحث وتحفيز وجذب استثمارات في مشاريع كبرى ومتوسطة يتم استقطابها، وتتطلَّب مهارات متقدمة، ويتم على أساسها رفع كفاءة العمالة الوطنية للوصول إلى ذلك المستوى والعمل فيه، وهو ما يتطلَّب مزيداً من الاستثمار في الإنسان ورفع كفاءته ومهاراته، وهو ما يرفع من ثقافته ومعرفته وحبه للوطن وتمسُّكه به. قد يتطلَّب ذلك نفقات إضافية على الدولة، ولكنها ليست نفقات ضائعة، بل هي استثمار في الإنسان، وهي استثمارات ستُسترَدُّ بعد انخراط تلك القوى في العمل، والتحوُّل من متلقّين للدعم إلى دافعين للضرائب. سياسات العمل والتشغيل في كثير من الدول يجب أن تتحوَّل من فكر التخلص من العمالة الوطنية المُعطَّلة، بتهجيرها أو تثبيط مهاراتها، إلى فكر تأهيل القوى البشرية وتطوير قدراتها وربطها بالوطن، ومن فكر تهجير العقول إلى اكتسابها وسبر غور مكتنزاتها.
أ.د. خالد واصف الوزني
أستاذ الاقتصاد والسياسات العامة
كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية
ينظر الكثير من صنّاع القرار إلى أنَّ مشكلة البطالة هي في رقمها أو معدلها، في حين أنَّ حقيقة الأمر تقول إنَّ مشكلة البطالة في هيكلها وأسبابها. ذلك أنَّ معالجة البطالة، وخاصة بين الشباب اليوم، هي في استيعاب القوى العاملة المعطَّلة في سوق العمل المحلي المتاح والكامن، وهو أمر يقوم على توفير المعرفة والمهارة والكفاءة المطلوبة في ذلك السوق في الوقت الحالي وفي المستقبل. على صعيد آخر، يفزع الكثير من صنّاع القرار من رقم البطالة ويخيفه ذلك، فيلجأ إلى الحلول السريعة القائمة على إحلال العمالة الوطنية مكان العمالة الوافدة، حتى وإن تدَّنت متطلبات عمل القوى البشرية الوافدة من حيث المستويات العلمية أو التأهيل أو حتى المهارة، وهو ما يمكن تسميته تخفيض مستوى ومهارة القوى العاملة المحلية، أو تثبيط المهارات الوطنية، Skills Downscaling، وهو من أسهل ما يمكن القيام به لتنظيف رقم البطالة، ولكنه من أخطر ما يمكن القيام به على المستوى الاقتصادي، بل والاجتماعي والثقافي والنفسي على الأفراد. صانع القرار في بعض الدول يهمه أن يقول إنه خفض رقم البطالة، فيسعى إلى حلين اثنين سهلين، ولكنهما حلول خطيرة ومؤلمة للمواطن وللوطن. الحل الأول: تصدير العمالة، وهي عملية تُريح صانع القرار من بعض الأفراد، ولكنها تعني خسارة العقول، بل ويمكن القول إحباط الأهل بفراق الأبناء بعد كل التعب والجهد في إيصالهم إلى ذاك المستوى العلمي، بما فيها بيع العقار والأراضي والاستدانة وغيرها، وفوق كل ذلك هجرة الثقافات نحو ثقافات جديدة، قد لا يكون جميعها مناسباً للوطن. لو كان الحل في تصدير البشر، ولو كان البشر عبئاً على التنمية والنمو، لكانت الصين أكبر مُصَدِّرٍ لهم، ولكن الصين أكبر مُصَدِّر لمنتجات وخدمات البشر. الحل الثاني: تشغيل العمالة في مهن تقل عن مستوياتهم العلمية والمهارية عبر إحلال العمالة مكان العمالة الوافدة متدنية المهارات والتعليم والمعرفة، وذلك بدعوى مكافحة ثقافة العيب. والحقيقة أنَّ ما يتم هو عيب في الثقافة وفي السياسة، الأساس أن ينظر صنّاع القرار إلى رفع كفاءة العمالة الوطنية، وليس تثبيط هممها ومعرفتها ومهاراتها. الأساس أن يتمَّ تأهيلها لبدء مشاريع فردية ومشتركة، أو البحث وتحفيز وجذب استثمارات في مشاريع كبرى ومتوسطة يتم استقطابها، وتتطلَّب مهارات متقدمة، ويتم على أساسها رفع كفاءة العمالة الوطنية للوصول إلى ذلك المستوى والعمل فيه، وهو ما يتطلَّب مزيداً من الاستثمار في الإنسان ورفع كفاءته ومهاراته، وهو ما يرفع من ثقافته ومعرفته وحبه للوطن وتمسُّكه به. قد يتطلَّب ذلك نفقات إضافية على الدولة، ولكنها ليست نفقات ضائعة، بل هي استثمار في الإنسان، وهي استثمارات ستُسترَدُّ بعد انخراط تلك القوى في العمل، والتحوُّل من متلقّين للدعم إلى دافعين للضرائب. سياسات العمل والتشغيل في كثير من الدول يجب أن تتحوَّل من فكر التخلص من العمالة الوطنية المُعطَّلة، بتهجيرها أو تثبيط مهاراتها، إلى فكر تأهيل القوى البشرية وتطوير قدراتها وربطها بالوطن، ومن فكر تهجير العقول إلى اكتسابها وسبر غور مكتنزاتها.
أ.د. خالد واصف الوزني
أستاذ الاقتصاد والسياسات العامة
كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية
ينظر الكثير من صنّاع القرار إلى أنَّ مشكلة البطالة هي في رقمها أو معدلها، في حين أنَّ حقيقة الأمر تقول إنَّ مشكلة البطالة في هيكلها وأسبابها. ذلك أنَّ معالجة البطالة، وخاصة بين الشباب اليوم، هي في استيعاب القوى العاملة المعطَّلة في سوق العمل المحلي المتاح والكامن، وهو أمر يقوم على توفير المعرفة والمهارة والكفاءة المطلوبة في ذلك السوق في الوقت الحالي وفي المستقبل. على صعيد آخر، يفزع الكثير من صنّاع القرار من رقم البطالة ويخيفه ذلك، فيلجأ إلى الحلول السريعة القائمة على إحلال العمالة الوطنية مكان العمالة الوافدة، حتى وإن تدَّنت متطلبات عمل القوى البشرية الوافدة من حيث المستويات العلمية أو التأهيل أو حتى المهارة، وهو ما يمكن تسميته تخفيض مستوى ومهارة القوى العاملة المحلية، أو تثبيط المهارات الوطنية، Skills Downscaling، وهو من أسهل ما يمكن القيام به لتنظيف رقم البطالة، ولكنه من أخطر ما يمكن القيام به على المستوى الاقتصادي، بل والاجتماعي والثقافي والنفسي على الأفراد. صانع القرار في بعض الدول يهمه أن يقول إنه خفض رقم البطالة، فيسعى إلى حلين اثنين سهلين، ولكنهما حلول خطيرة ومؤلمة للمواطن وللوطن. الحل الأول: تصدير العمالة، وهي عملية تُريح صانع القرار من بعض الأفراد، ولكنها تعني خسارة العقول، بل ويمكن القول إحباط الأهل بفراق الأبناء بعد كل التعب والجهد في إيصالهم إلى ذاك المستوى العلمي، بما فيها بيع العقار والأراضي والاستدانة وغيرها، وفوق كل ذلك هجرة الثقافات نحو ثقافات جديدة، قد لا يكون جميعها مناسباً للوطن. لو كان الحل في تصدير البشر، ولو كان البشر عبئاً على التنمية والنمو، لكانت الصين أكبر مُصَدِّرٍ لهم، ولكن الصين أكبر مُصَدِّر لمنتجات وخدمات البشر. الحل الثاني: تشغيل العمالة في مهن تقل عن مستوياتهم العلمية والمهارية عبر إحلال العمالة مكان العمالة الوافدة متدنية المهارات والتعليم والمعرفة، وذلك بدعوى مكافحة ثقافة العيب. والحقيقة أنَّ ما يتم هو عيب في الثقافة وفي السياسة، الأساس أن ينظر صنّاع القرار إلى رفع كفاءة العمالة الوطنية، وليس تثبيط هممها ومعرفتها ومهاراتها. الأساس أن يتمَّ تأهيلها لبدء مشاريع فردية ومشتركة، أو البحث وتحفيز وجذب استثمارات في مشاريع كبرى ومتوسطة يتم استقطابها، وتتطلَّب مهارات متقدمة، ويتم على أساسها رفع كفاءة العمالة الوطنية للوصول إلى ذلك المستوى والعمل فيه، وهو ما يتطلَّب مزيداً من الاستثمار في الإنسان ورفع كفاءته ومهاراته، وهو ما يرفع من ثقافته ومعرفته وحبه للوطن وتمسُّكه به. قد يتطلَّب ذلك نفقات إضافية على الدولة، ولكنها ليست نفقات ضائعة، بل هي استثمار في الإنسان، وهي استثمارات ستُسترَدُّ بعد انخراط تلك القوى في العمل، والتحوُّل من متلقّين للدعم إلى دافعين للضرائب. سياسات العمل والتشغيل في كثير من الدول يجب أن تتحوَّل من فكر التخلص من العمالة الوطنية المُعطَّلة، بتهجيرها أو تثبيط مهاراتها، إلى فكر تأهيل القوى البشرية وتطوير قدراتها وربطها بالوطن، ومن فكر تهجير العقول إلى اكتسابها وسبر غور مكتنزاتها.
التعليقات