معضلة البطالة في الأردن: أين يكمن الحل؟
أخبار اليوم - تالا الفقيه - تعاني شريحة كبيرة من الشباب الأردني من البطالة التي باتت تؤثر في نحو مباشر على المستوى المعيشي، وتزيد نسب الفقر. في الوقت الذي تمتلك فيه البلاد موارد طبيعية تؤهلها لتطوير قطاعي الزراعة والصناعة، يلاحظ أن هذه القطاعات لا تجذب الشباب بالشكل المتوقع. في هذا التحقيق، نحاول فهم أسباب عزوف الشباب الأردني عن التوجه نحو الزراعة والصناعة، مع تسليط الضوء على العقبات والتحديات التي تواجههم.
ثقافة العمل والبحث عن الوظائف المكتبية: هل تغيرت الأولويات؟
تعد البطالة من أبرز القضايا التي تواجه الشباب الأردني اليوم. ولكن لماذا لا يُقبل هؤلاء الشباب على العمل في قطاعي الزراعة والصناعة؟ يرى خبراء أن السبب يعود جزئياً إلى التغير في ثقافة العمل بين الأجيال. يقول الدكتور خالد العطيات، أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية: 'هناك ثقافة شائعة بين الشباب بأن العمل في المكاتب أو الوظائف الإدارية هو الخيار الأفضل والأنسب. للأسف، هذا التوجه يجعل القطاعات الحيوية مثل الزراعة والصناعة أقل جاذبية، على الرغم من الفرص المتاحة.'
وتؤكد الطالبة الجامعية ليلى، خريجة تخصص التسويق: 'بعد التخرج، نميل جميعاً للبحث عن وظائف مكتبية، أو في القطاع الخاص، دون التفكير في العمل اليدوي أو الميداني. البعض يرى أن العمل في الزراعة أو المصانع لا يحقق الطموح، أو لا يوفر بيئة عمل مناسبة.'
ضعف التوجيه والتثقيف المهني: غياب الوعي بالفرص المتاحة
يرى بعض الشباب أن قلة التوجيه المهني وغياب التوعية بالفرص الموجودة في القطاعين الزراعي والصناعي هو أحد الأسباب الرئيسية للعزوف. يقول المهندس الزراعي سامر: 'الشباب لا يدركون أهمية القطاع الزراعي والصناعي في بناء الاقتصاد. المدارس والجامعات لا تسلط الضوء بدرجة كافية على هذه المجالات كمسار مهني ناجح.'
ويضيف أن المدارس والجامعات يجب أن تؤدي دوراً أكبر في تعريف الطلاب بمميزات العمل في هذه القطاعات وتوجيههم نحو التخصصات المرتبطة بها. كما ينبغي توفير التدريب والتأهيل المناسبين ليكون الشباب مؤهلين للدخول في هذه المجالات بثقة.
العقبات المالية واللوجستية: تحديات الدخول في السوق
حتى لو قرر بعض الشباب التوجه نحو الزراعة أو الصناعة، يواجهون تحديات مالية ولوجستية تجعل من الصعب عليهم بدء مشاريعهم الخاصة أو العمل في هذه القطاعات. يقول أحمد، خريج الهندسة الصناعية، إنه فكر في بدء مشروع صغير في قطاع التصنيع الغذائي، لكنه تراجع بسبب التكاليف الباهظة والإجراءات البيروقراطية المعقدة. 'البدء بمشروع زراعي أو صناعي يحتاج إلى رأس مال كبير وتسهيلات من الحكومة، وهو ما لا يتوفر للشباب.'
كما يشير إلى أن بعض المناطق الزراعية والصناعية في الأردن تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة، مما يزيد صعوبة الاستفادة من هذه الفرص.
الافتقار إلى الابتكار والتكنولوجيا: ضرورة تحديث القطاعين
على الرغم من أن الزراعة والصناعة يمثلان فرصًا كبيرة للنمو الاقتصادي، إلا أن هذه القطاعات لا تزال تعاني نقصاً في التكنولوجيا والابتكار. تقول المهندسة الزراعية دانا: 'الزراعة التقليدية لم تعد مجدية للشباب. نحتاج إلى الابتكار في الزراعة من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الزراعة المائية والزراعة الذكية.'
وتشير إلى أن التكنولوجيا لا تعني فقط تطوير الأساليب الزراعية، بل أيضًا تحسين عمليات التصنيع وزيادة كفاءة الإنتاج. 'يجب على الحكومة والشركات الخاصة الاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا في هذه القطاعات لتجعلها أكثر جاذبية للشباب الباحثين عن فرص عمل.'
التدخلات الحكومية المطلوبة: دعم وتشجيع الشباب
يؤكد الخبراء أن هناك حاجة ملحة لتدخل حكومي يدعم الشباب، ويشجعهم على الانخراط في الزراعة والصناعة. يقترح الدكتور العطيات بعض التدابير التي قد تساعد على تحفيز الشباب على التوجه نحو هذه القطاعات: 'يجب أن تتدخل الحكومة بتقديم حوافز مالية وتسهيلات ضريبية لمن يقررون بدء مشاريع زراعية أو صناعية. كما ينبغي توفير قروض ميسرة، إضافة إلى إنشاء مراكز تدريب متخصصة لتأهيل الشباب.'
من جهته، يرى المزارع عيسى أن دعم الحكومة للقطاع الزراعي سيكون خطوة مهمة لتشجيع الشباب. 'الشباب لن يتوجهوا للزراعة إذا استمر الوضع كما هو. يحتاجون إلى الدعم والتمكين ليتمكنوا من الاستفادة من هذا القطاع المهم.'
التحدي والفرصة
بينما يعاني الشباب الأردني من ارتفاع معدلات البطالة والفقر، يبدو أن القطاعين الزراعي والصناعي قد يقدمان حلاً مستداماً إذا تم تفعيل الدعم والتوجيه المناسبين. عزوف الشباب عن هذين القطاعين لا يعود إلى قلة الفرص، بل إلى نقص الوعي بالتحديات والفرص التي يحملها العمل فيهما. يتطلب الأمر تغييرات في الثقافة المجتمعية، وإصلاحات حكومية لدعم الشباب، وتحفيز الابتكار في هذه القطاعات لتحقيق التنمية الاقتصادية المطلوبة.
الخبير الاقتصادي: تحديات تواجه القطاع الزراعي.. العائد المالي من الزراعة يعتبر منخفضا
الخبير الاقتصادي مازن ارشيد قال أن أحد الأسباب الرئيسية لعدم إقبال الشباب على قطاع الزراعة هو التحديات المرتبطة به حيث يُعتبر الأردن من أكثر الدول افتقارًا للمياه، مما يؤثر سلبًا على الإنتاج الزراعي، علاوة على ذلك، فإن العائد المالي من الزراعة يعتبر منخفضًا مقارنة بقطاعات أخرى، ووفقًا لوزارة الزراعة، يساهم القطاع الزراعي بحوالي 5.5% فقط من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022، وهذا يقلل من جاذبية هذا القطاع للشباب الباحثين عن فرص مالية أفضل.
ارشيد: معظم الصناعات تعتمد على التكنولوجيا التقليدية، ولا توفر فرصًا كافية.
فيما يتعلق بـقطاع الصناعة، أشار ارشيد أن هذا المجال يواجه تحديات مثل نقص الاستثمار وضعف البنية التحتية، على الرغم من أن الصناعة تساهم بحوالي 18% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن معظم الصناعات تعتمد على التكنولوجيا التقليدية، ولا توفر فرصًا كافية للتطوير المهني، مضيفا أن هنالك نقصاً في البرامج التدريبية التي تؤهل الشباب للانخراط في المجالات الصناعية المتقدمة.
العوامل الثقافية.. يميل الشباب الأردني إلى الوظائف المكتبية
أكد ارشيد أن العوامل الثقافية تؤدي دورًا أيضًا، حيث يميل الشباب الأردني إلى تفضيل الوظائف المكتبية والقطاعات الخدمية على الأعمال اليدوية أو التقنية؛ حيث إن التعليم الجامعي الأكاديمي يُعتبر الخيار الأول لدى الكثيرين، مما يؤدي إلى فائض في بعض التخصصات الجامعية ونقص في العمالة الماهرة في القطاعات الإنتاجية، مشيرا أن إحصائيات وزارة التعليم العالي أظهرت أن 60% من خريجي الجامعات في عام 2022 تخصصوا في مجالات لا تتوافق مع احتياجات السوق المحلي.
نقص في الحوافز والتسهيلات المقدمة للشباب لدخول القطاعات المهنية
من ناحية أخرى، أوضح ارشيد أن هناك نقصاً في الحوافز والتسهيلات المقدمة للشباب لدخول هذه القطاعات، حيث إن القروض الزراعية والصناعية قد تكون بفوائد مرتفعة أو بشروط صعبة، مما يثني الشباب عن البدء بمشاريع خاصة، بالإضافة إلى أن عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة يؤثر في الاستثمارات، ويقلل من فرص النمو في هذه القطاعات.
قال مدير اتحاد المزارعين محمود العوران أن هنالك معيقات للعمل تواجه القطاع الزراعي بشقيه الإنتاج النباتي والحيواني مثل الموسمية وخصوصية العمل في القطاع الزراعي، مؤكدا أن غياب الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي عن القطاع سبب كبير بعدم إقبال الشباب عليه.
وأشار العوران أن الاعتماد الكبير على العمالة الوافدة أصبحت مرهقة للقطاع، مبينا أنه أصبح من الضروري.
إحلال العمالة المحلية عوضا عن العمالة الوافدة.
وفي نهاية الحديث دعا العوران إلى ضرورة وجود تعاون بين وزارة العمل ومؤسسة التدريب المهني، حتى يُدَرَّب الأفراد للعمل في القطاع الزراعي.
معضلة البطالة في الأردن: أين يكمن الحل؟
أخبار اليوم - تالا الفقيه - تعاني شريحة كبيرة من الشباب الأردني من البطالة التي باتت تؤثر في نحو مباشر على المستوى المعيشي، وتزيد نسب الفقر. في الوقت الذي تمتلك فيه البلاد موارد طبيعية تؤهلها لتطوير قطاعي الزراعة والصناعة، يلاحظ أن هذه القطاعات لا تجذب الشباب بالشكل المتوقع. في هذا التحقيق، نحاول فهم أسباب عزوف الشباب الأردني عن التوجه نحو الزراعة والصناعة، مع تسليط الضوء على العقبات والتحديات التي تواجههم.
ثقافة العمل والبحث عن الوظائف المكتبية: هل تغيرت الأولويات؟
تعد البطالة من أبرز القضايا التي تواجه الشباب الأردني اليوم. ولكن لماذا لا يُقبل هؤلاء الشباب على العمل في قطاعي الزراعة والصناعة؟ يرى خبراء أن السبب يعود جزئياً إلى التغير في ثقافة العمل بين الأجيال. يقول الدكتور خالد العطيات، أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية: 'هناك ثقافة شائعة بين الشباب بأن العمل في المكاتب أو الوظائف الإدارية هو الخيار الأفضل والأنسب. للأسف، هذا التوجه يجعل القطاعات الحيوية مثل الزراعة والصناعة أقل جاذبية، على الرغم من الفرص المتاحة.'
وتؤكد الطالبة الجامعية ليلى، خريجة تخصص التسويق: 'بعد التخرج، نميل جميعاً للبحث عن وظائف مكتبية، أو في القطاع الخاص، دون التفكير في العمل اليدوي أو الميداني. البعض يرى أن العمل في الزراعة أو المصانع لا يحقق الطموح، أو لا يوفر بيئة عمل مناسبة.'
ضعف التوجيه والتثقيف المهني: غياب الوعي بالفرص المتاحة
يرى بعض الشباب أن قلة التوجيه المهني وغياب التوعية بالفرص الموجودة في القطاعين الزراعي والصناعي هو أحد الأسباب الرئيسية للعزوف. يقول المهندس الزراعي سامر: 'الشباب لا يدركون أهمية القطاع الزراعي والصناعي في بناء الاقتصاد. المدارس والجامعات لا تسلط الضوء بدرجة كافية على هذه المجالات كمسار مهني ناجح.'
ويضيف أن المدارس والجامعات يجب أن تؤدي دوراً أكبر في تعريف الطلاب بمميزات العمل في هذه القطاعات وتوجيههم نحو التخصصات المرتبطة بها. كما ينبغي توفير التدريب والتأهيل المناسبين ليكون الشباب مؤهلين للدخول في هذه المجالات بثقة.
العقبات المالية واللوجستية: تحديات الدخول في السوق
حتى لو قرر بعض الشباب التوجه نحو الزراعة أو الصناعة، يواجهون تحديات مالية ولوجستية تجعل من الصعب عليهم بدء مشاريعهم الخاصة أو العمل في هذه القطاعات. يقول أحمد، خريج الهندسة الصناعية، إنه فكر في بدء مشروع صغير في قطاع التصنيع الغذائي، لكنه تراجع بسبب التكاليف الباهظة والإجراءات البيروقراطية المعقدة. 'البدء بمشروع زراعي أو صناعي يحتاج إلى رأس مال كبير وتسهيلات من الحكومة، وهو ما لا يتوفر للشباب.'
كما يشير إلى أن بعض المناطق الزراعية والصناعية في الأردن تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة، مما يزيد صعوبة الاستفادة من هذه الفرص.
الافتقار إلى الابتكار والتكنولوجيا: ضرورة تحديث القطاعين
على الرغم من أن الزراعة والصناعة يمثلان فرصًا كبيرة للنمو الاقتصادي، إلا أن هذه القطاعات لا تزال تعاني نقصاً في التكنولوجيا والابتكار. تقول المهندسة الزراعية دانا: 'الزراعة التقليدية لم تعد مجدية للشباب. نحتاج إلى الابتكار في الزراعة من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الزراعة المائية والزراعة الذكية.'
وتشير إلى أن التكنولوجيا لا تعني فقط تطوير الأساليب الزراعية، بل أيضًا تحسين عمليات التصنيع وزيادة كفاءة الإنتاج. 'يجب على الحكومة والشركات الخاصة الاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا في هذه القطاعات لتجعلها أكثر جاذبية للشباب الباحثين عن فرص عمل.'
التدخلات الحكومية المطلوبة: دعم وتشجيع الشباب
يؤكد الخبراء أن هناك حاجة ملحة لتدخل حكومي يدعم الشباب، ويشجعهم على الانخراط في الزراعة والصناعة. يقترح الدكتور العطيات بعض التدابير التي قد تساعد على تحفيز الشباب على التوجه نحو هذه القطاعات: 'يجب أن تتدخل الحكومة بتقديم حوافز مالية وتسهيلات ضريبية لمن يقررون بدء مشاريع زراعية أو صناعية. كما ينبغي توفير قروض ميسرة، إضافة إلى إنشاء مراكز تدريب متخصصة لتأهيل الشباب.'
من جهته، يرى المزارع عيسى أن دعم الحكومة للقطاع الزراعي سيكون خطوة مهمة لتشجيع الشباب. 'الشباب لن يتوجهوا للزراعة إذا استمر الوضع كما هو. يحتاجون إلى الدعم والتمكين ليتمكنوا من الاستفادة من هذا القطاع المهم.'
التحدي والفرصة
بينما يعاني الشباب الأردني من ارتفاع معدلات البطالة والفقر، يبدو أن القطاعين الزراعي والصناعي قد يقدمان حلاً مستداماً إذا تم تفعيل الدعم والتوجيه المناسبين. عزوف الشباب عن هذين القطاعين لا يعود إلى قلة الفرص، بل إلى نقص الوعي بالتحديات والفرص التي يحملها العمل فيهما. يتطلب الأمر تغييرات في الثقافة المجتمعية، وإصلاحات حكومية لدعم الشباب، وتحفيز الابتكار في هذه القطاعات لتحقيق التنمية الاقتصادية المطلوبة.
الخبير الاقتصادي: تحديات تواجه القطاع الزراعي.. العائد المالي من الزراعة يعتبر منخفضا
الخبير الاقتصادي مازن ارشيد قال أن أحد الأسباب الرئيسية لعدم إقبال الشباب على قطاع الزراعة هو التحديات المرتبطة به حيث يُعتبر الأردن من أكثر الدول افتقارًا للمياه، مما يؤثر سلبًا على الإنتاج الزراعي، علاوة على ذلك، فإن العائد المالي من الزراعة يعتبر منخفضًا مقارنة بقطاعات أخرى، ووفقًا لوزارة الزراعة، يساهم القطاع الزراعي بحوالي 5.5% فقط من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022، وهذا يقلل من جاذبية هذا القطاع للشباب الباحثين عن فرص مالية أفضل.
ارشيد: معظم الصناعات تعتمد على التكنولوجيا التقليدية، ولا توفر فرصًا كافية.
فيما يتعلق بـقطاع الصناعة، أشار ارشيد أن هذا المجال يواجه تحديات مثل نقص الاستثمار وضعف البنية التحتية، على الرغم من أن الصناعة تساهم بحوالي 18% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن معظم الصناعات تعتمد على التكنولوجيا التقليدية، ولا توفر فرصًا كافية للتطوير المهني، مضيفا أن هنالك نقصاً في البرامج التدريبية التي تؤهل الشباب للانخراط في المجالات الصناعية المتقدمة.
العوامل الثقافية.. يميل الشباب الأردني إلى الوظائف المكتبية
أكد ارشيد أن العوامل الثقافية تؤدي دورًا أيضًا، حيث يميل الشباب الأردني إلى تفضيل الوظائف المكتبية والقطاعات الخدمية على الأعمال اليدوية أو التقنية؛ حيث إن التعليم الجامعي الأكاديمي يُعتبر الخيار الأول لدى الكثيرين، مما يؤدي إلى فائض في بعض التخصصات الجامعية ونقص في العمالة الماهرة في القطاعات الإنتاجية، مشيرا أن إحصائيات وزارة التعليم العالي أظهرت أن 60% من خريجي الجامعات في عام 2022 تخصصوا في مجالات لا تتوافق مع احتياجات السوق المحلي.
نقص في الحوافز والتسهيلات المقدمة للشباب لدخول القطاعات المهنية
من ناحية أخرى، أوضح ارشيد أن هناك نقصاً في الحوافز والتسهيلات المقدمة للشباب لدخول هذه القطاعات، حيث إن القروض الزراعية والصناعية قد تكون بفوائد مرتفعة أو بشروط صعبة، مما يثني الشباب عن البدء بمشاريع خاصة، بالإضافة إلى أن عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة يؤثر في الاستثمارات، ويقلل من فرص النمو في هذه القطاعات.
قال مدير اتحاد المزارعين محمود العوران أن هنالك معيقات للعمل تواجه القطاع الزراعي بشقيه الإنتاج النباتي والحيواني مثل الموسمية وخصوصية العمل في القطاع الزراعي، مؤكدا أن غياب الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي عن القطاع سبب كبير بعدم إقبال الشباب عليه.
وأشار العوران أن الاعتماد الكبير على العمالة الوافدة أصبحت مرهقة للقطاع، مبينا أنه أصبح من الضروري.
إحلال العمالة المحلية عوضا عن العمالة الوافدة.
وفي نهاية الحديث دعا العوران إلى ضرورة وجود تعاون بين وزارة العمل ومؤسسة التدريب المهني، حتى يُدَرَّب الأفراد للعمل في القطاع الزراعي.
معضلة البطالة في الأردن: أين يكمن الحل؟
أخبار اليوم - تالا الفقيه - تعاني شريحة كبيرة من الشباب الأردني من البطالة التي باتت تؤثر في نحو مباشر على المستوى المعيشي، وتزيد نسب الفقر. في الوقت الذي تمتلك فيه البلاد موارد طبيعية تؤهلها لتطوير قطاعي الزراعة والصناعة، يلاحظ أن هذه القطاعات لا تجذب الشباب بالشكل المتوقع. في هذا التحقيق، نحاول فهم أسباب عزوف الشباب الأردني عن التوجه نحو الزراعة والصناعة، مع تسليط الضوء على العقبات والتحديات التي تواجههم.
ثقافة العمل والبحث عن الوظائف المكتبية: هل تغيرت الأولويات؟
تعد البطالة من أبرز القضايا التي تواجه الشباب الأردني اليوم. ولكن لماذا لا يُقبل هؤلاء الشباب على العمل في قطاعي الزراعة والصناعة؟ يرى خبراء أن السبب يعود جزئياً إلى التغير في ثقافة العمل بين الأجيال. يقول الدكتور خالد العطيات، أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأردنية: 'هناك ثقافة شائعة بين الشباب بأن العمل في المكاتب أو الوظائف الإدارية هو الخيار الأفضل والأنسب. للأسف، هذا التوجه يجعل القطاعات الحيوية مثل الزراعة والصناعة أقل جاذبية، على الرغم من الفرص المتاحة.'
وتؤكد الطالبة الجامعية ليلى، خريجة تخصص التسويق: 'بعد التخرج، نميل جميعاً للبحث عن وظائف مكتبية، أو في القطاع الخاص، دون التفكير في العمل اليدوي أو الميداني. البعض يرى أن العمل في الزراعة أو المصانع لا يحقق الطموح، أو لا يوفر بيئة عمل مناسبة.'
ضعف التوجيه والتثقيف المهني: غياب الوعي بالفرص المتاحة
يرى بعض الشباب أن قلة التوجيه المهني وغياب التوعية بالفرص الموجودة في القطاعين الزراعي والصناعي هو أحد الأسباب الرئيسية للعزوف. يقول المهندس الزراعي سامر: 'الشباب لا يدركون أهمية القطاع الزراعي والصناعي في بناء الاقتصاد. المدارس والجامعات لا تسلط الضوء بدرجة كافية على هذه المجالات كمسار مهني ناجح.'
ويضيف أن المدارس والجامعات يجب أن تؤدي دوراً أكبر في تعريف الطلاب بمميزات العمل في هذه القطاعات وتوجيههم نحو التخصصات المرتبطة بها. كما ينبغي توفير التدريب والتأهيل المناسبين ليكون الشباب مؤهلين للدخول في هذه المجالات بثقة.
العقبات المالية واللوجستية: تحديات الدخول في السوق
حتى لو قرر بعض الشباب التوجه نحو الزراعة أو الصناعة، يواجهون تحديات مالية ولوجستية تجعل من الصعب عليهم بدء مشاريعهم الخاصة أو العمل في هذه القطاعات. يقول أحمد، خريج الهندسة الصناعية، إنه فكر في بدء مشروع صغير في قطاع التصنيع الغذائي، لكنه تراجع بسبب التكاليف الباهظة والإجراءات البيروقراطية المعقدة. 'البدء بمشروع زراعي أو صناعي يحتاج إلى رأس مال كبير وتسهيلات من الحكومة، وهو ما لا يتوفر للشباب.'
كما يشير إلى أن بعض المناطق الزراعية والصناعية في الأردن تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة، مما يزيد صعوبة الاستفادة من هذه الفرص.
الافتقار إلى الابتكار والتكنولوجيا: ضرورة تحديث القطاعين
على الرغم من أن الزراعة والصناعة يمثلان فرصًا كبيرة للنمو الاقتصادي، إلا أن هذه القطاعات لا تزال تعاني نقصاً في التكنولوجيا والابتكار. تقول المهندسة الزراعية دانا: 'الزراعة التقليدية لم تعد مجدية للشباب. نحتاج إلى الابتكار في الزراعة من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل الزراعة المائية والزراعة الذكية.'
وتشير إلى أن التكنولوجيا لا تعني فقط تطوير الأساليب الزراعية، بل أيضًا تحسين عمليات التصنيع وزيادة كفاءة الإنتاج. 'يجب على الحكومة والشركات الخاصة الاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا في هذه القطاعات لتجعلها أكثر جاذبية للشباب الباحثين عن فرص عمل.'
التدخلات الحكومية المطلوبة: دعم وتشجيع الشباب
يؤكد الخبراء أن هناك حاجة ملحة لتدخل حكومي يدعم الشباب، ويشجعهم على الانخراط في الزراعة والصناعة. يقترح الدكتور العطيات بعض التدابير التي قد تساعد على تحفيز الشباب على التوجه نحو هذه القطاعات: 'يجب أن تتدخل الحكومة بتقديم حوافز مالية وتسهيلات ضريبية لمن يقررون بدء مشاريع زراعية أو صناعية. كما ينبغي توفير قروض ميسرة، إضافة إلى إنشاء مراكز تدريب متخصصة لتأهيل الشباب.'
من جهته، يرى المزارع عيسى أن دعم الحكومة للقطاع الزراعي سيكون خطوة مهمة لتشجيع الشباب. 'الشباب لن يتوجهوا للزراعة إذا استمر الوضع كما هو. يحتاجون إلى الدعم والتمكين ليتمكنوا من الاستفادة من هذا القطاع المهم.'
التحدي والفرصة
بينما يعاني الشباب الأردني من ارتفاع معدلات البطالة والفقر، يبدو أن القطاعين الزراعي والصناعي قد يقدمان حلاً مستداماً إذا تم تفعيل الدعم والتوجيه المناسبين. عزوف الشباب عن هذين القطاعين لا يعود إلى قلة الفرص، بل إلى نقص الوعي بالتحديات والفرص التي يحملها العمل فيهما. يتطلب الأمر تغييرات في الثقافة المجتمعية، وإصلاحات حكومية لدعم الشباب، وتحفيز الابتكار في هذه القطاعات لتحقيق التنمية الاقتصادية المطلوبة.
الخبير الاقتصادي: تحديات تواجه القطاع الزراعي.. العائد المالي من الزراعة يعتبر منخفضا
الخبير الاقتصادي مازن ارشيد قال أن أحد الأسباب الرئيسية لعدم إقبال الشباب على قطاع الزراعة هو التحديات المرتبطة به حيث يُعتبر الأردن من أكثر الدول افتقارًا للمياه، مما يؤثر سلبًا على الإنتاج الزراعي، علاوة على ذلك، فإن العائد المالي من الزراعة يعتبر منخفضًا مقارنة بقطاعات أخرى، ووفقًا لوزارة الزراعة، يساهم القطاع الزراعي بحوالي 5.5% فقط من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022، وهذا يقلل من جاذبية هذا القطاع للشباب الباحثين عن فرص مالية أفضل.
ارشيد: معظم الصناعات تعتمد على التكنولوجيا التقليدية، ولا توفر فرصًا كافية.
فيما يتعلق بـقطاع الصناعة، أشار ارشيد أن هذا المجال يواجه تحديات مثل نقص الاستثمار وضعف البنية التحتية، على الرغم من أن الصناعة تساهم بحوالي 18% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن معظم الصناعات تعتمد على التكنولوجيا التقليدية، ولا توفر فرصًا كافية للتطوير المهني، مضيفا أن هنالك نقصاً في البرامج التدريبية التي تؤهل الشباب للانخراط في المجالات الصناعية المتقدمة.
العوامل الثقافية.. يميل الشباب الأردني إلى الوظائف المكتبية
أكد ارشيد أن العوامل الثقافية تؤدي دورًا أيضًا، حيث يميل الشباب الأردني إلى تفضيل الوظائف المكتبية والقطاعات الخدمية على الأعمال اليدوية أو التقنية؛ حيث إن التعليم الجامعي الأكاديمي يُعتبر الخيار الأول لدى الكثيرين، مما يؤدي إلى فائض في بعض التخصصات الجامعية ونقص في العمالة الماهرة في القطاعات الإنتاجية، مشيرا أن إحصائيات وزارة التعليم العالي أظهرت أن 60% من خريجي الجامعات في عام 2022 تخصصوا في مجالات لا تتوافق مع احتياجات السوق المحلي.
نقص في الحوافز والتسهيلات المقدمة للشباب لدخول القطاعات المهنية
من ناحية أخرى، أوضح ارشيد أن هناك نقصاً في الحوافز والتسهيلات المقدمة للشباب لدخول هذه القطاعات، حيث إن القروض الزراعية والصناعية قد تكون بفوائد مرتفعة أو بشروط صعبة، مما يثني الشباب عن البدء بمشاريع خاصة، بالإضافة إلى أن عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة يؤثر في الاستثمارات، ويقلل من فرص النمو في هذه القطاعات.
قال مدير اتحاد المزارعين محمود العوران أن هنالك معيقات للعمل تواجه القطاع الزراعي بشقيه الإنتاج النباتي والحيواني مثل الموسمية وخصوصية العمل في القطاع الزراعي، مؤكدا أن غياب الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي عن القطاع سبب كبير بعدم إقبال الشباب عليه.
وأشار العوران أن الاعتماد الكبير على العمالة الوافدة أصبحت مرهقة للقطاع، مبينا أنه أصبح من الضروري.
إحلال العمالة المحلية عوضا عن العمالة الوافدة.
وفي نهاية الحديث دعا العوران إلى ضرورة وجود تعاون بين وزارة العمل ومؤسسة التدريب المهني، حتى يُدَرَّب الأفراد للعمل في القطاع الزراعي.
التعليقات