د. ليث كمال نصراوين
أعلنت الهيئة المستقلة للانتخاب قبل أيام عن مجموع المبالغ المالية التي ستتقاضاها الأحزاب السياسية كدعم مالي لها جراء مشاركتها في الانتخابات النيابية الأخيرة والنتائج التي حصلت عليها، وذلك تطبيقا لنظام المساهمة المالية في دعم الأحزاب السياسية رقم (15) لسنة 2023، الصادر استنادا لقانون الأحزاب السياسية النافذ لعام 2022.
إن القوانين الوطنية الناظمة لشؤون الأحزاب السياسية كانت دائما ما تفرض على الحكومات المتعاقبة أن تخصص جزءا من موازنتها السنوية لدعم الأحزاب الأردنية وذلك بموجب نصوص تشريعية واضحة وصريحة، آخرها المادة (27) من قانون الأحزاب السياسية الحالي التي تنص على أن 'يتم تخصيص بند في الموازنة العامة للدولة للمساهمة في دعم الأحزاب من أموال الخزينة، وتحدَّد شروط تقديم الدعم ومقداره وأوجه وإجراءات صرفه بموجب نظام يصدر لهذه الغاية'.
إن الدعم الرسمي للأحزاب السياسية هو حق لها وليست مكرمة أو منَّه من الحكومة؛ فالأحزاب السياسية تمارس نشاطا عاما يتمثل في تكوين الإرادة المجتمعية للأفراد وتثقيفهم في الحياة السياسية، وهو ما يمكن اعتباره نشاطا ذا نفع عام تكون الحكومة ملزمة بدعمه ماديا ومعنويا.
وقد تمثل موقف المشرع الأردني من الدعم الحكومي للأحزاب السياسية في تكريس هذا المبدأ في صلب القانون ومن ثم الإحالة إلى نظام خاص يصدر لهذه الغاية يتضمن أحكاما تفصيلية حول آلية تقديم هذا الدعم ومقداره وشروط استحقاقه. فهذه المسائل كافة قد تقرر إعطاء الحكومة الصلاحية المطلقة في تنظيمها بموجب نظام خاص تصدره لهذه الغاية، والذي يمكن إعادة النظر فيه بأي وقت باعتباره من الأنظمة التنفيذية التي يصدرها مجلس الوزراء بموافقة الملك عملا بأحكام المادة (31) من الدستور.
وعليه، فقد يرى البعض أنه كان الأجدر بالمشرع الأردني أن يُضمّن قانون الأحزاب السياسية نفسه نصوصا خاصة بتنظيم إجراءات الدعم الحكومي للأحزاب السياسية من حيث تحديد مقداره والأسس الخاصة بمنحه أو حجبه، وذلك بدلا من تحديد هذه المعايير بموجب نظام خاص يصدر عن مجلس الوزراء.
في المقابل، فإن ما يبعث الطمأنينة بأن الدعم الرسمي للأحزاب السياسية لن يخضع لميول وأهواء حكومية أن الهيئة المستقلة للانتخاب قد أُسند إليها الاختصاص الدستوري بالإشراف على الأحزاب السياسية ومتابعة شؤونها. فما حققته هذه الهيئة من انجازات متتالية منذ نشأتها في عام 2012 والتي تكللت بالنجاح الباهر في إدارة الانتخابات النيابية الأخيرة والإشراف عليها، سيكفل التوزيع العادل للدعم الحكومي على الأحزاب السياسية.
وما يعزز من القول بأن التمويل الرسمي للأحزاب السياسية سيراعي مبادئ العدالة والمساواة، أن الأسس التي تقرر بموجبها صرف الدعم المالي واضحة ومحددة، حيث يمكن تقسيم المساهمة المالية التي تقدمها الحكومة للأحزاب السياسية إلى نوعين اثنين؛ مبالغ مالية ثابتة تصرف لجميع الأحزاب السياسية القائمة بالتساوي، ومثالها المساهمة المالية لتغطية نفقات المؤتمر العام للحزب السياسي وفق شروط معينة، وتلك الأموال التي تصرف لجميع الأحزاب التي تقرر الاندماج مع بعضها البعض وفق أحكام القانون.
أما النوع الثاني من المساهمات المالية المقررة للأحزاب السياسية، فترتبط ارتباطا وثيقا بما تحققه هذه الأحزاب من نتائج في الانتخابات النيابية التي تخوضها أو أي انتخابات محلية أخرى. فهناك مبالغ مالية يستحقها الحزب السياسي إذا حقق (50%) فأكثر من نسبة الحسم (العتبة) من عدد أصوات المقترعين في الدائرة الانتخابية العامة، وعن كل مقعد نيابي يفوز به في الانتخابات النيابية أو الانتخابات المحلية ومجالس المحافظات ومجلس أمانة عمان الكبرى، على أن يضاف إليها نسبة (20%) في حال كان العضو الفائز إمرأة أو من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (25) و(35) سنة، أو من الأشخاص ذوي الإعاقة.
وفي جميع الأحوال، فقد حدد نظام المساهمة المالية في دعم الأحزاب السياسية الحالي سقفا أعلى للمبالغ المالية التي يمكن أن يتقاضاها الحزب السياسي بواقع (120) ألف دينار، وذلك من أجل توفير الفرص الكافية لباقي الأحزاب السياسية لكي يكون لها نصيب من الدعم الحكومي الذي يجري تخصيصه في الموازنة السنوية للدولة.
وبهذا يكون النظام الحالي قد اختلف تماما عن نظام المساهمة المالي في دعم الأحزاب السياسية لعام 2019 الذي كان يخصص مبالغ مالية بناء على أسس غير فاعلة ولا تشجع الأحزاب على العمل، أهمها صرف دعم مالي سنوي حده الأعلى (10000) دينار كنسبة من قيمة اشتراكات الأعضاء في الحزب السياسي المحصلة والمودعة في البنوك، ومبلغ (7000) دينار سنويا لتغطية مصاريف إعلام الحزب من مطبوعات وصحف ومواقع الكترونية متخصصة.
إن هذه المبالغ المالية التي كان تصرف للأحزاب السياسية في السابق لم تكن تميز بين الحزب العامل النشيط والآخر الذي كان يتعمد على هذه الأموال لضمان بقائه على قيد الحياة دون القيام أي إنجاز يذكر.
د. ليث كمال نصراوين
أعلنت الهيئة المستقلة للانتخاب قبل أيام عن مجموع المبالغ المالية التي ستتقاضاها الأحزاب السياسية كدعم مالي لها جراء مشاركتها في الانتخابات النيابية الأخيرة والنتائج التي حصلت عليها، وذلك تطبيقا لنظام المساهمة المالية في دعم الأحزاب السياسية رقم (15) لسنة 2023، الصادر استنادا لقانون الأحزاب السياسية النافذ لعام 2022.
إن القوانين الوطنية الناظمة لشؤون الأحزاب السياسية كانت دائما ما تفرض على الحكومات المتعاقبة أن تخصص جزءا من موازنتها السنوية لدعم الأحزاب الأردنية وذلك بموجب نصوص تشريعية واضحة وصريحة، آخرها المادة (27) من قانون الأحزاب السياسية الحالي التي تنص على أن 'يتم تخصيص بند في الموازنة العامة للدولة للمساهمة في دعم الأحزاب من أموال الخزينة، وتحدَّد شروط تقديم الدعم ومقداره وأوجه وإجراءات صرفه بموجب نظام يصدر لهذه الغاية'.
إن الدعم الرسمي للأحزاب السياسية هو حق لها وليست مكرمة أو منَّه من الحكومة؛ فالأحزاب السياسية تمارس نشاطا عاما يتمثل في تكوين الإرادة المجتمعية للأفراد وتثقيفهم في الحياة السياسية، وهو ما يمكن اعتباره نشاطا ذا نفع عام تكون الحكومة ملزمة بدعمه ماديا ومعنويا.
وقد تمثل موقف المشرع الأردني من الدعم الحكومي للأحزاب السياسية في تكريس هذا المبدأ في صلب القانون ومن ثم الإحالة إلى نظام خاص يصدر لهذه الغاية يتضمن أحكاما تفصيلية حول آلية تقديم هذا الدعم ومقداره وشروط استحقاقه. فهذه المسائل كافة قد تقرر إعطاء الحكومة الصلاحية المطلقة في تنظيمها بموجب نظام خاص تصدره لهذه الغاية، والذي يمكن إعادة النظر فيه بأي وقت باعتباره من الأنظمة التنفيذية التي يصدرها مجلس الوزراء بموافقة الملك عملا بأحكام المادة (31) من الدستور.
وعليه، فقد يرى البعض أنه كان الأجدر بالمشرع الأردني أن يُضمّن قانون الأحزاب السياسية نفسه نصوصا خاصة بتنظيم إجراءات الدعم الحكومي للأحزاب السياسية من حيث تحديد مقداره والأسس الخاصة بمنحه أو حجبه، وذلك بدلا من تحديد هذه المعايير بموجب نظام خاص يصدر عن مجلس الوزراء.
في المقابل، فإن ما يبعث الطمأنينة بأن الدعم الرسمي للأحزاب السياسية لن يخضع لميول وأهواء حكومية أن الهيئة المستقلة للانتخاب قد أُسند إليها الاختصاص الدستوري بالإشراف على الأحزاب السياسية ومتابعة شؤونها. فما حققته هذه الهيئة من انجازات متتالية منذ نشأتها في عام 2012 والتي تكللت بالنجاح الباهر في إدارة الانتخابات النيابية الأخيرة والإشراف عليها، سيكفل التوزيع العادل للدعم الحكومي على الأحزاب السياسية.
وما يعزز من القول بأن التمويل الرسمي للأحزاب السياسية سيراعي مبادئ العدالة والمساواة، أن الأسس التي تقرر بموجبها صرف الدعم المالي واضحة ومحددة، حيث يمكن تقسيم المساهمة المالية التي تقدمها الحكومة للأحزاب السياسية إلى نوعين اثنين؛ مبالغ مالية ثابتة تصرف لجميع الأحزاب السياسية القائمة بالتساوي، ومثالها المساهمة المالية لتغطية نفقات المؤتمر العام للحزب السياسي وفق شروط معينة، وتلك الأموال التي تصرف لجميع الأحزاب التي تقرر الاندماج مع بعضها البعض وفق أحكام القانون.
أما النوع الثاني من المساهمات المالية المقررة للأحزاب السياسية، فترتبط ارتباطا وثيقا بما تحققه هذه الأحزاب من نتائج في الانتخابات النيابية التي تخوضها أو أي انتخابات محلية أخرى. فهناك مبالغ مالية يستحقها الحزب السياسي إذا حقق (50%) فأكثر من نسبة الحسم (العتبة) من عدد أصوات المقترعين في الدائرة الانتخابية العامة، وعن كل مقعد نيابي يفوز به في الانتخابات النيابية أو الانتخابات المحلية ومجالس المحافظات ومجلس أمانة عمان الكبرى، على أن يضاف إليها نسبة (20%) في حال كان العضو الفائز إمرأة أو من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (25) و(35) سنة، أو من الأشخاص ذوي الإعاقة.
وفي جميع الأحوال، فقد حدد نظام المساهمة المالية في دعم الأحزاب السياسية الحالي سقفا أعلى للمبالغ المالية التي يمكن أن يتقاضاها الحزب السياسي بواقع (120) ألف دينار، وذلك من أجل توفير الفرص الكافية لباقي الأحزاب السياسية لكي يكون لها نصيب من الدعم الحكومي الذي يجري تخصيصه في الموازنة السنوية للدولة.
وبهذا يكون النظام الحالي قد اختلف تماما عن نظام المساهمة المالي في دعم الأحزاب السياسية لعام 2019 الذي كان يخصص مبالغ مالية بناء على أسس غير فاعلة ولا تشجع الأحزاب على العمل، أهمها صرف دعم مالي سنوي حده الأعلى (10000) دينار كنسبة من قيمة اشتراكات الأعضاء في الحزب السياسي المحصلة والمودعة في البنوك، ومبلغ (7000) دينار سنويا لتغطية مصاريف إعلام الحزب من مطبوعات وصحف ومواقع الكترونية متخصصة.
إن هذه المبالغ المالية التي كان تصرف للأحزاب السياسية في السابق لم تكن تميز بين الحزب العامل النشيط والآخر الذي كان يتعمد على هذه الأموال لضمان بقائه على قيد الحياة دون القيام أي إنجاز يذكر.
د. ليث كمال نصراوين
أعلنت الهيئة المستقلة للانتخاب قبل أيام عن مجموع المبالغ المالية التي ستتقاضاها الأحزاب السياسية كدعم مالي لها جراء مشاركتها في الانتخابات النيابية الأخيرة والنتائج التي حصلت عليها، وذلك تطبيقا لنظام المساهمة المالية في دعم الأحزاب السياسية رقم (15) لسنة 2023، الصادر استنادا لقانون الأحزاب السياسية النافذ لعام 2022.
إن القوانين الوطنية الناظمة لشؤون الأحزاب السياسية كانت دائما ما تفرض على الحكومات المتعاقبة أن تخصص جزءا من موازنتها السنوية لدعم الأحزاب الأردنية وذلك بموجب نصوص تشريعية واضحة وصريحة، آخرها المادة (27) من قانون الأحزاب السياسية الحالي التي تنص على أن 'يتم تخصيص بند في الموازنة العامة للدولة للمساهمة في دعم الأحزاب من أموال الخزينة، وتحدَّد شروط تقديم الدعم ومقداره وأوجه وإجراءات صرفه بموجب نظام يصدر لهذه الغاية'.
إن الدعم الرسمي للأحزاب السياسية هو حق لها وليست مكرمة أو منَّه من الحكومة؛ فالأحزاب السياسية تمارس نشاطا عاما يتمثل في تكوين الإرادة المجتمعية للأفراد وتثقيفهم في الحياة السياسية، وهو ما يمكن اعتباره نشاطا ذا نفع عام تكون الحكومة ملزمة بدعمه ماديا ومعنويا.
وقد تمثل موقف المشرع الأردني من الدعم الحكومي للأحزاب السياسية في تكريس هذا المبدأ في صلب القانون ومن ثم الإحالة إلى نظام خاص يصدر لهذه الغاية يتضمن أحكاما تفصيلية حول آلية تقديم هذا الدعم ومقداره وشروط استحقاقه. فهذه المسائل كافة قد تقرر إعطاء الحكومة الصلاحية المطلقة في تنظيمها بموجب نظام خاص تصدره لهذه الغاية، والذي يمكن إعادة النظر فيه بأي وقت باعتباره من الأنظمة التنفيذية التي يصدرها مجلس الوزراء بموافقة الملك عملا بأحكام المادة (31) من الدستور.
وعليه، فقد يرى البعض أنه كان الأجدر بالمشرع الأردني أن يُضمّن قانون الأحزاب السياسية نفسه نصوصا خاصة بتنظيم إجراءات الدعم الحكومي للأحزاب السياسية من حيث تحديد مقداره والأسس الخاصة بمنحه أو حجبه، وذلك بدلا من تحديد هذه المعايير بموجب نظام خاص يصدر عن مجلس الوزراء.
في المقابل، فإن ما يبعث الطمأنينة بأن الدعم الرسمي للأحزاب السياسية لن يخضع لميول وأهواء حكومية أن الهيئة المستقلة للانتخاب قد أُسند إليها الاختصاص الدستوري بالإشراف على الأحزاب السياسية ومتابعة شؤونها. فما حققته هذه الهيئة من انجازات متتالية منذ نشأتها في عام 2012 والتي تكللت بالنجاح الباهر في إدارة الانتخابات النيابية الأخيرة والإشراف عليها، سيكفل التوزيع العادل للدعم الحكومي على الأحزاب السياسية.
وما يعزز من القول بأن التمويل الرسمي للأحزاب السياسية سيراعي مبادئ العدالة والمساواة، أن الأسس التي تقرر بموجبها صرف الدعم المالي واضحة ومحددة، حيث يمكن تقسيم المساهمة المالية التي تقدمها الحكومة للأحزاب السياسية إلى نوعين اثنين؛ مبالغ مالية ثابتة تصرف لجميع الأحزاب السياسية القائمة بالتساوي، ومثالها المساهمة المالية لتغطية نفقات المؤتمر العام للحزب السياسي وفق شروط معينة، وتلك الأموال التي تصرف لجميع الأحزاب التي تقرر الاندماج مع بعضها البعض وفق أحكام القانون.
أما النوع الثاني من المساهمات المالية المقررة للأحزاب السياسية، فترتبط ارتباطا وثيقا بما تحققه هذه الأحزاب من نتائج في الانتخابات النيابية التي تخوضها أو أي انتخابات محلية أخرى. فهناك مبالغ مالية يستحقها الحزب السياسي إذا حقق (50%) فأكثر من نسبة الحسم (العتبة) من عدد أصوات المقترعين في الدائرة الانتخابية العامة، وعن كل مقعد نيابي يفوز به في الانتخابات النيابية أو الانتخابات المحلية ومجالس المحافظات ومجلس أمانة عمان الكبرى، على أن يضاف إليها نسبة (20%) في حال كان العضو الفائز إمرأة أو من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (25) و(35) سنة، أو من الأشخاص ذوي الإعاقة.
وفي جميع الأحوال، فقد حدد نظام المساهمة المالية في دعم الأحزاب السياسية الحالي سقفا أعلى للمبالغ المالية التي يمكن أن يتقاضاها الحزب السياسي بواقع (120) ألف دينار، وذلك من أجل توفير الفرص الكافية لباقي الأحزاب السياسية لكي يكون لها نصيب من الدعم الحكومي الذي يجري تخصيصه في الموازنة السنوية للدولة.
وبهذا يكون النظام الحالي قد اختلف تماما عن نظام المساهمة المالي في دعم الأحزاب السياسية لعام 2019 الذي كان يخصص مبالغ مالية بناء على أسس غير فاعلة ولا تشجع الأحزاب على العمل، أهمها صرف دعم مالي سنوي حده الأعلى (10000) دينار كنسبة من قيمة اشتراكات الأعضاء في الحزب السياسي المحصلة والمودعة في البنوك، ومبلغ (7000) دينار سنويا لتغطية مصاريف إعلام الحزب من مطبوعات وصحف ومواقع الكترونية متخصصة.
إن هذه المبالغ المالية التي كان تصرف للأحزاب السياسية في السابق لم تكن تميز بين الحزب العامل النشيط والآخر الذي كان يتعمد على هذه الأموال لضمان بقائه على قيد الحياة دون القيام أي إنجاز يذكر.
التعليقات