أخبار اليوم - رافضا الخضوع لأوامر الإخلاء الإسرائيلية، يصر الفلسطيني إبراهيم عودة (42 عاما) على البقاء في مخيم جباليا للاجئين رغم العملية العسكرية البرية المتواصلة منذ صباح الأحد.
الفلسطيني عودة، الذي يقيم حاليا في خيمة نصبها بأحد مراكز الإيواء داخل المخيم إثر فقدانه منزله واثنين من أبنائه خلال حرب الإبادة الجماعية المتواصلة على القطاع، يقول إنه لن يغادر المخيم إلا “للسماء” حتّى وإن كلفه البقاء حياته.
ويمكث عودة داخل خيمة النزوح برفقة زوجته وأبنائه الأربعة، إلى جانب المئات من أبناء مخيم جباليا الرافضين لمغادرته رغم المخاطر المحدقة بأرواحهم في ظل الحصار الإسرائيلي للمخيم.
ويقول عودة: “يحاول الاحتلال دفعنا إلى للهجرة والنزوح لمناطق جنوب قطاع غزة بعد عام من صمودنا بالشمال وخسارتنا منازلنا وأعمالنا”.
واعتبر إخلاء المخيم أمرا “بعيد المنال” وسط إصرار أهالي المخيم على البقاء فيه مرددين أنهم “لن يخرجوا من أماكن سكنهم في الشمال إلا نحو السماء”، وفق قوله.
والأحد، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء عملية عسكرية برية في جباليا، بذريعة “منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة”، وذلك بعد ساعات من بدء هجمة شرسة على المناطق الشرقية والغربية لشمالي القطاع منها جباليا هي الأعنف منذ مايو/ أيار الماضي.
وهذه العملية البرية الثالثة التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جباليا شمال القطاع منذ بداية حرب الإبادة الجماعية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وخلال العمليات السابقة، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلية وأصابت مئات الفلسطينيين في قصف جوي ومدفعي وإطلاق نار داخل المخيم، إضافة لتدميرها وحرقها مئات المنازل.
خطة الإخلاء
والاثنين، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي بتهجير الفلسطينيين من 3 بلدات شمال قطاع غزة، في خطوة تبدو تطبيقا غير معلن لـ”خطة الجنرالات” التي تهدف لتفريغ شمال القطاع وفرض حصار مطبق عليه تمهيدا للاستيطان فيه.
وبالتزامن مع الذكرى الأولى لبدء حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وجه متحدث جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، في منشور على منصة إكس تحذيرا “إلى سكان بيت حانون وجباليا وبيت لاهيا” ونشر خارطة للمناطق المطلوب إخلائها.
وقال أدرعي: “عليكم إخلاء هذه المناطق فورا نحو المنطقة الإنسانية المستحدثة في المواصي” في خان يونس جنوبي قطاع غزة.
وتشبه الخارطة التي نشرها أدرعي الأحد خارطة “خطة الجنرالات” التي صاغها قادة سابقون في جيش الاحتلال الإسرائيلي محسوبون على اليمين، بزعامة الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي غيؤرا آيلاند.
وتم الكشف عن “خطة الجنرالات” مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، وتقضي بتهجير جميع الفلسطينيين من شمال القطاع ضمن مهلة تستمر أسبوعا قبل فرض حصار على المنطقة ووضع المقاتلين الفلسطينيين فيها بين خيار الموت أو الاستسلام.
ولم تعلن الحكومة الإسرائيلية تبني الخطة، لكن هيئة البث (رسمية) ذكرت في سبتمبر أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) يبحث هذه الخطة.
والأحد ذكرت إذاعة جيش الاحتلال أنه “لا توجد حاليا أي علاقة بين العملية العسكرية البرية التي بدأت في جباليا وبين تنفيذ خطة الأبطال أو خطة الجزيرة (الجنرالات)”.
وتابعت: “هذه عملية عسكرية بحتة، وهي منفصلة تماما عن العملية السياسية، وحتى هذه المرحلة لم يحسم المستوى السياسي أي تنفيذ لخطة سياسية شمال قطاع غزة”.
لا مكان آمن
وفي تعقيبه على أوامر الإخلاء، يقول عودة إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يحاول “إيهام أهالي الشمال بوجود أماكن آمنة في الجنوب لكن تواصل جرائمه هناك وقتله المتعمد للنازحين يفضح هذه الكذبة”.
ويستكمل قائلا: “في نفس اليوم الذي بدأ فيه اجتياح مخيم جباليا وطالبنا بالإخلاء نحو الجنوب ارتكب مجزرة في المنطقة الإنسانية بمدينة دير البلح وقصف مسجداً يضم نازحين آمنين”.
وفجر الأحد، قتل 26 فلسطينياً وأصيب العشرات، في مجزرتين إسرائيليتين استهدفتا مدرسة ابن رشد في بلدة الزوايدة ومسجد “شهداء الأقصى” في دير البلح واللذان يؤويان نازحين وسط قطاع غزة، وفق بيانات وزارة الصحة بالقطاع.
الشاب الفلسطيني مريد أحمد (26 عاماً) من مخيم جباليا يشاطر عودة الرأي، ويقول: “رفضنا الإخلاء منذ أيام الحرب الأولى قبل أن نخسر أي من ممتلكاتنا أو أحبائنا، فكيف لنا أن نقبله الآن؟، خاصة مع استمرار الجرائم الإسرائيلية بحق أهلنا النازحين في الجنوب”.
ويعتقد أحمد أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتمد على “مبدأ الضغط العسكري على أهالي جباليا بشكل عام لدفعهم للنزوح نحو الجنوب”.
ويضيف: “هذه السياسة أثبتت فشلها والدليل هو إصرار الناس على عدم مغادرة منازلهم إلى مناطق أخرى رغم اقتراب آليات الجيش الإسرائيلي منهم بشكل واضح”.
وتمسك الآلاف من أهالي شمال قطاع غزة بخيار البقاء بمنازلهم وعدم النزوح للمناطق الجنوبية، منذ يوم 14 أكتوبر/ تشرين الأول لعام 2023، حينما أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي أول أمر إخلاء لهم.
ومن أصل 1.2 مليون نسمة كانوا يقطنون محافظتي غزة والشمال يوجد حاليا نحو 700 ألف نسمة رفضوا النزوح إلى جنوب القطاع، وفق بيانات رسمية فلسطينية.
حصار “الشمال”
منذ بداية العملية العسكرية الأخيرة، عمد جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى فرض حصار خانق على محافظة شمال قطاع غزة خاصة منطقة جباليا، مستهدفا كل من يحاول الخروج منها، ما أدى لإصابة عدد من المواطنين.
ويتوغل جيش الاحتلال حالياً، في مناطق متفرقة من مخيم جباليا انطلاقا من السياج الشرقي، وفي محيط منطقة دوار أبو شرخ (غرب المخيم)، فضلا عن توغله بمحيط حي دوار “التوام” شمال غرب القطاع، بحسب شهود عيان.
ومع أوامر الإخلاء حاول بعض المواطنين الخروج من جباليا لكنهم تعرضوا لاستهدافات إسرائيلية.
الفلسطيني أسعد النادي، من سكان بلدة جباليا، قال إنه “حاول النزوح من المخيم برفقة عائلته للنجاة من بطش الاحتلال، نحو منطقة آمنة غرب مدينة غزة إلا أنهم تعرضوا للاستهداف ما أسفر عن إصابة نجله محمد (16 عاما)”.
وتابع: “بصعوبة بالغة تمكنت من نقل محمد الذي أصيب برصاص في قدمه أطلقته صوبه مسيرة إسرائيلية، حيث حملته على كتفي حتى وصلت به أول سيارة إسعاف وتم نقله لمستشفى المعمداني لتلقي العلاج”.
ورغم الاستهداف المباشر والخوف المتواصل جراء هذه الجرائم المتصاعدة، إلا أن النادي قرر عدم النزوح إلى مناطق جنوب القطاع بشكل قاطع وذلك بعد “صموده في جباليا لمدة عام كامل”.
وأشار إلى أنه من الممكن أن ينزح ويتنقل داخل محافظتي غزة والشمال لكنه لن ينتقل أبدا إلى الجنوب، “إذ أن النازحين الذين فروا نحو المناطق الجنوبية بداية حرب الإبادة، لم يتمكنوا من العودة لغزة والشمال حتى اليوم.
وتأتي هذه العملية العسكرية في الشمال بالتزامن مع مرور عام كامل من إطلاق إسرائيل، بدعم أمريكي، حرب إبادة جماعية في غزة، أسفرت عن أكثر من 139 ألف شهيد وجريح فلسطيني، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال “الإبادة الجماعية” وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.
أخبار اليوم - رافضا الخضوع لأوامر الإخلاء الإسرائيلية، يصر الفلسطيني إبراهيم عودة (42 عاما) على البقاء في مخيم جباليا للاجئين رغم العملية العسكرية البرية المتواصلة منذ صباح الأحد.
الفلسطيني عودة، الذي يقيم حاليا في خيمة نصبها بأحد مراكز الإيواء داخل المخيم إثر فقدانه منزله واثنين من أبنائه خلال حرب الإبادة الجماعية المتواصلة على القطاع، يقول إنه لن يغادر المخيم إلا “للسماء” حتّى وإن كلفه البقاء حياته.
ويمكث عودة داخل خيمة النزوح برفقة زوجته وأبنائه الأربعة، إلى جانب المئات من أبناء مخيم جباليا الرافضين لمغادرته رغم المخاطر المحدقة بأرواحهم في ظل الحصار الإسرائيلي للمخيم.
ويقول عودة: “يحاول الاحتلال دفعنا إلى للهجرة والنزوح لمناطق جنوب قطاع غزة بعد عام من صمودنا بالشمال وخسارتنا منازلنا وأعمالنا”.
واعتبر إخلاء المخيم أمرا “بعيد المنال” وسط إصرار أهالي المخيم على البقاء فيه مرددين أنهم “لن يخرجوا من أماكن سكنهم في الشمال إلا نحو السماء”، وفق قوله.
والأحد، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء عملية عسكرية برية في جباليا، بذريعة “منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة”، وذلك بعد ساعات من بدء هجمة شرسة على المناطق الشرقية والغربية لشمالي القطاع منها جباليا هي الأعنف منذ مايو/ أيار الماضي.
وهذه العملية البرية الثالثة التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جباليا شمال القطاع منذ بداية حرب الإبادة الجماعية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وخلال العمليات السابقة، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلية وأصابت مئات الفلسطينيين في قصف جوي ومدفعي وإطلاق نار داخل المخيم، إضافة لتدميرها وحرقها مئات المنازل.
خطة الإخلاء
والاثنين، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي بتهجير الفلسطينيين من 3 بلدات شمال قطاع غزة، في خطوة تبدو تطبيقا غير معلن لـ”خطة الجنرالات” التي تهدف لتفريغ شمال القطاع وفرض حصار مطبق عليه تمهيدا للاستيطان فيه.
وبالتزامن مع الذكرى الأولى لبدء حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وجه متحدث جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، في منشور على منصة إكس تحذيرا “إلى سكان بيت حانون وجباليا وبيت لاهيا” ونشر خارطة للمناطق المطلوب إخلائها.
وقال أدرعي: “عليكم إخلاء هذه المناطق فورا نحو المنطقة الإنسانية المستحدثة في المواصي” في خان يونس جنوبي قطاع غزة.
وتشبه الخارطة التي نشرها أدرعي الأحد خارطة “خطة الجنرالات” التي صاغها قادة سابقون في جيش الاحتلال الإسرائيلي محسوبون على اليمين، بزعامة الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي غيؤرا آيلاند.
وتم الكشف عن “خطة الجنرالات” مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، وتقضي بتهجير جميع الفلسطينيين من شمال القطاع ضمن مهلة تستمر أسبوعا قبل فرض حصار على المنطقة ووضع المقاتلين الفلسطينيين فيها بين خيار الموت أو الاستسلام.
ولم تعلن الحكومة الإسرائيلية تبني الخطة، لكن هيئة البث (رسمية) ذكرت في سبتمبر أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) يبحث هذه الخطة.
والأحد ذكرت إذاعة جيش الاحتلال أنه “لا توجد حاليا أي علاقة بين العملية العسكرية البرية التي بدأت في جباليا وبين تنفيذ خطة الأبطال أو خطة الجزيرة (الجنرالات)”.
وتابعت: “هذه عملية عسكرية بحتة، وهي منفصلة تماما عن العملية السياسية، وحتى هذه المرحلة لم يحسم المستوى السياسي أي تنفيذ لخطة سياسية شمال قطاع غزة”.
لا مكان آمن
وفي تعقيبه على أوامر الإخلاء، يقول عودة إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يحاول “إيهام أهالي الشمال بوجود أماكن آمنة في الجنوب لكن تواصل جرائمه هناك وقتله المتعمد للنازحين يفضح هذه الكذبة”.
ويستكمل قائلا: “في نفس اليوم الذي بدأ فيه اجتياح مخيم جباليا وطالبنا بالإخلاء نحو الجنوب ارتكب مجزرة في المنطقة الإنسانية بمدينة دير البلح وقصف مسجداً يضم نازحين آمنين”.
وفجر الأحد، قتل 26 فلسطينياً وأصيب العشرات، في مجزرتين إسرائيليتين استهدفتا مدرسة ابن رشد في بلدة الزوايدة ومسجد “شهداء الأقصى” في دير البلح واللذان يؤويان نازحين وسط قطاع غزة، وفق بيانات وزارة الصحة بالقطاع.
الشاب الفلسطيني مريد أحمد (26 عاماً) من مخيم جباليا يشاطر عودة الرأي، ويقول: “رفضنا الإخلاء منذ أيام الحرب الأولى قبل أن نخسر أي من ممتلكاتنا أو أحبائنا، فكيف لنا أن نقبله الآن؟، خاصة مع استمرار الجرائم الإسرائيلية بحق أهلنا النازحين في الجنوب”.
ويعتقد أحمد أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتمد على “مبدأ الضغط العسكري على أهالي جباليا بشكل عام لدفعهم للنزوح نحو الجنوب”.
ويضيف: “هذه السياسة أثبتت فشلها والدليل هو إصرار الناس على عدم مغادرة منازلهم إلى مناطق أخرى رغم اقتراب آليات الجيش الإسرائيلي منهم بشكل واضح”.
وتمسك الآلاف من أهالي شمال قطاع غزة بخيار البقاء بمنازلهم وعدم النزوح للمناطق الجنوبية، منذ يوم 14 أكتوبر/ تشرين الأول لعام 2023، حينما أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي أول أمر إخلاء لهم.
ومن أصل 1.2 مليون نسمة كانوا يقطنون محافظتي غزة والشمال يوجد حاليا نحو 700 ألف نسمة رفضوا النزوح إلى جنوب القطاع، وفق بيانات رسمية فلسطينية.
حصار “الشمال”
منذ بداية العملية العسكرية الأخيرة، عمد جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى فرض حصار خانق على محافظة شمال قطاع غزة خاصة منطقة جباليا، مستهدفا كل من يحاول الخروج منها، ما أدى لإصابة عدد من المواطنين.
ويتوغل جيش الاحتلال حالياً، في مناطق متفرقة من مخيم جباليا انطلاقا من السياج الشرقي، وفي محيط منطقة دوار أبو شرخ (غرب المخيم)، فضلا عن توغله بمحيط حي دوار “التوام” شمال غرب القطاع، بحسب شهود عيان.
ومع أوامر الإخلاء حاول بعض المواطنين الخروج من جباليا لكنهم تعرضوا لاستهدافات إسرائيلية.
الفلسطيني أسعد النادي، من سكان بلدة جباليا، قال إنه “حاول النزوح من المخيم برفقة عائلته للنجاة من بطش الاحتلال، نحو منطقة آمنة غرب مدينة غزة إلا أنهم تعرضوا للاستهداف ما أسفر عن إصابة نجله محمد (16 عاما)”.
وتابع: “بصعوبة بالغة تمكنت من نقل محمد الذي أصيب برصاص في قدمه أطلقته صوبه مسيرة إسرائيلية، حيث حملته على كتفي حتى وصلت به أول سيارة إسعاف وتم نقله لمستشفى المعمداني لتلقي العلاج”.
ورغم الاستهداف المباشر والخوف المتواصل جراء هذه الجرائم المتصاعدة، إلا أن النادي قرر عدم النزوح إلى مناطق جنوب القطاع بشكل قاطع وذلك بعد “صموده في جباليا لمدة عام كامل”.
وأشار إلى أنه من الممكن أن ينزح ويتنقل داخل محافظتي غزة والشمال لكنه لن ينتقل أبدا إلى الجنوب، “إذ أن النازحين الذين فروا نحو المناطق الجنوبية بداية حرب الإبادة، لم يتمكنوا من العودة لغزة والشمال حتى اليوم.
وتأتي هذه العملية العسكرية في الشمال بالتزامن مع مرور عام كامل من إطلاق إسرائيل، بدعم أمريكي، حرب إبادة جماعية في غزة، أسفرت عن أكثر من 139 ألف شهيد وجريح فلسطيني، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال “الإبادة الجماعية” وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.
أخبار اليوم - رافضا الخضوع لأوامر الإخلاء الإسرائيلية، يصر الفلسطيني إبراهيم عودة (42 عاما) على البقاء في مخيم جباليا للاجئين رغم العملية العسكرية البرية المتواصلة منذ صباح الأحد.
الفلسطيني عودة، الذي يقيم حاليا في خيمة نصبها بأحد مراكز الإيواء داخل المخيم إثر فقدانه منزله واثنين من أبنائه خلال حرب الإبادة الجماعية المتواصلة على القطاع، يقول إنه لن يغادر المخيم إلا “للسماء” حتّى وإن كلفه البقاء حياته.
ويمكث عودة داخل خيمة النزوح برفقة زوجته وأبنائه الأربعة، إلى جانب المئات من أبناء مخيم جباليا الرافضين لمغادرته رغم المخاطر المحدقة بأرواحهم في ظل الحصار الإسرائيلي للمخيم.
ويقول عودة: “يحاول الاحتلال دفعنا إلى للهجرة والنزوح لمناطق جنوب قطاع غزة بعد عام من صمودنا بالشمال وخسارتنا منازلنا وأعمالنا”.
واعتبر إخلاء المخيم أمرا “بعيد المنال” وسط إصرار أهالي المخيم على البقاء فيه مرددين أنهم “لن يخرجوا من أماكن سكنهم في الشمال إلا نحو السماء”، وفق قوله.
والأحد، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء عملية عسكرية برية في جباليا، بذريعة “منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة”، وذلك بعد ساعات من بدء هجمة شرسة على المناطق الشرقية والغربية لشمالي القطاع منها جباليا هي الأعنف منذ مايو/ أيار الماضي.
وهذه العملية البرية الثالثة التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جباليا شمال القطاع منذ بداية حرب الإبادة الجماعية في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وخلال العمليات السابقة، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلية وأصابت مئات الفلسطينيين في قصف جوي ومدفعي وإطلاق نار داخل المخيم، إضافة لتدميرها وحرقها مئات المنازل.
خطة الإخلاء
والاثنين، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي بتهجير الفلسطينيين من 3 بلدات شمال قطاع غزة، في خطوة تبدو تطبيقا غير معلن لـ”خطة الجنرالات” التي تهدف لتفريغ شمال القطاع وفرض حصار مطبق عليه تمهيدا للاستيطان فيه.
وبالتزامن مع الذكرى الأولى لبدء حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وجه متحدث جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، في منشور على منصة إكس تحذيرا “إلى سكان بيت حانون وجباليا وبيت لاهيا” ونشر خارطة للمناطق المطلوب إخلائها.
وقال أدرعي: “عليكم إخلاء هذه المناطق فورا نحو المنطقة الإنسانية المستحدثة في المواصي” في خان يونس جنوبي قطاع غزة.
وتشبه الخارطة التي نشرها أدرعي الأحد خارطة “خطة الجنرالات” التي صاغها قادة سابقون في جيش الاحتلال الإسرائيلي محسوبون على اليمين، بزعامة الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي غيؤرا آيلاند.
وتم الكشف عن “خطة الجنرالات” مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، وتقضي بتهجير جميع الفلسطينيين من شمال القطاع ضمن مهلة تستمر أسبوعا قبل فرض حصار على المنطقة ووضع المقاتلين الفلسطينيين فيها بين خيار الموت أو الاستسلام.
ولم تعلن الحكومة الإسرائيلية تبني الخطة، لكن هيئة البث (رسمية) ذكرت في سبتمبر أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) يبحث هذه الخطة.
والأحد ذكرت إذاعة جيش الاحتلال أنه “لا توجد حاليا أي علاقة بين العملية العسكرية البرية التي بدأت في جباليا وبين تنفيذ خطة الأبطال أو خطة الجزيرة (الجنرالات)”.
وتابعت: “هذه عملية عسكرية بحتة، وهي منفصلة تماما عن العملية السياسية، وحتى هذه المرحلة لم يحسم المستوى السياسي أي تنفيذ لخطة سياسية شمال قطاع غزة”.
لا مكان آمن
وفي تعقيبه على أوامر الإخلاء، يقول عودة إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يحاول “إيهام أهالي الشمال بوجود أماكن آمنة في الجنوب لكن تواصل جرائمه هناك وقتله المتعمد للنازحين يفضح هذه الكذبة”.
ويستكمل قائلا: “في نفس اليوم الذي بدأ فيه اجتياح مخيم جباليا وطالبنا بالإخلاء نحو الجنوب ارتكب مجزرة في المنطقة الإنسانية بمدينة دير البلح وقصف مسجداً يضم نازحين آمنين”.
وفجر الأحد، قتل 26 فلسطينياً وأصيب العشرات، في مجزرتين إسرائيليتين استهدفتا مدرسة ابن رشد في بلدة الزوايدة ومسجد “شهداء الأقصى” في دير البلح واللذان يؤويان نازحين وسط قطاع غزة، وفق بيانات وزارة الصحة بالقطاع.
الشاب الفلسطيني مريد أحمد (26 عاماً) من مخيم جباليا يشاطر عودة الرأي، ويقول: “رفضنا الإخلاء منذ أيام الحرب الأولى قبل أن نخسر أي من ممتلكاتنا أو أحبائنا، فكيف لنا أن نقبله الآن؟، خاصة مع استمرار الجرائم الإسرائيلية بحق أهلنا النازحين في الجنوب”.
ويعتقد أحمد أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتمد على “مبدأ الضغط العسكري على أهالي جباليا بشكل عام لدفعهم للنزوح نحو الجنوب”.
ويضيف: “هذه السياسة أثبتت فشلها والدليل هو إصرار الناس على عدم مغادرة منازلهم إلى مناطق أخرى رغم اقتراب آليات الجيش الإسرائيلي منهم بشكل واضح”.
وتمسك الآلاف من أهالي شمال قطاع غزة بخيار البقاء بمنازلهم وعدم النزوح للمناطق الجنوبية، منذ يوم 14 أكتوبر/ تشرين الأول لعام 2023، حينما أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي أول أمر إخلاء لهم.
ومن أصل 1.2 مليون نسمة كانوا يقطنون محافظتي غزة والشمال يوجد حاليا نحو 700 ألف نسمة رفضوا النزوح إلى جنوب القطاع، وفق بيانات رسمية فلسطينية.
حصار “الشمال”
منذ بداية العملية العسكرية الأخيرة، عمد جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى فرض حصار خانق على محافظة شمال قطاع غزة خاصة منطقة جباليا، مستهدفا كل من يحاول الخروج منها، ما أدى لإصابة عدد من المواطنين.
ويتوغل جيش الاحتلال حالياً، في مناطق متفرقة من مخيم جباليا انطلاقا من السياج الشرقي، وفي محيط منطقة دوار أبو شرخ (غرب المخيم)، فضلا عن توغله بمحيط حي دوار “التوام” شمال غرب القطاع، بحسب شهود عيان.
ومع أوامر الإخلاء حاول بعض المواطنين الخروج من جباليا لكنهم تعرضوا لاستهدافات إسرائيلية.
الفلسطيني أسعد النادي، من سكان بلدة جباليا، قال إنه “حاول النزوح من المخيم برفقة عائلته للنجاة من بطش الاحتلال، نحو منطقة آمنة غرب مدينة غزة إلا أنهم تعرضوا للاستهداف ما أسفر عن إصابة نجله محمد (16 عاما)”.
وتابع: “بصعوبة بالغة تمكنت من نقل محمد الذي أصيب برصاص في قدمه أطلقته صوبه مسيرة إسرائيلية، حيث حملته على كتفي حتى وصلت به أول سيارة إسعاف وتم نقله لمستشفى المعمداني لتلقي العلاج”.
ورغم الاستهداف المباشر والخوف المتواصل جراء هذه الجرائم المتصاعدة، إلا أن النادي قرر عدم النزوح إلى مناطق جنوب القطاع بشكل قاطع وذلك بعد “صموده في جباليا لمدة عام كامل”.
وأشار إلى أنه من الممكن أن ينزح ويتنقل داخل محافظتي غزة والشمال لكنه لن ينتقل أبدا إلى الجنوب، “إذ أن النازحين الذين فروا نحو المناطق الجنوبية بداية حرب الإبادة، لم يتمكنوا من العودة لغزة والشمال حتى اليوم.
وتأتي هذه العملية العسكرية في الشمال بالتزامن مع مرور عام كامل من إطلاق إسرائيل، بدعم أمريكي، حرب إبادة جماعية في غزة، أسفرت عن أكثر من 139 ألف شهيد وجريح فلسطيني، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال “الإبادة الجماعية” وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.
التعليقات