مصطفى ريالات
رئيس تحرير جريدة الدستور
حمل لقاء سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد مع قناة العربية، مضامين مهمة ودلالات عميقة، مستنداً إلى رؤية مستقبلية عملية وواقعية تحاكي آمال وطموحات الجيل الجديد، متناولاً بعقل نيّر العديد من القضايا السياسية والاقتصادية على الصعيدين المحلي والإقليمي، وكذلك جوانب تعكس فكر سمو الأمير ولمحات من حياته الشخصية التي تقدم للمرة الأولى للجمهور الأردني والعربي.
وقد تحدث سمو ولي العهد في هذا اللقاء الأول من نوعه بكل صراحة وعفوية، وعكس حديثه إيماناً كبيراً بمركزية القضية الفلسطينية، التي طالما بقيت حاضرة على أجندة ولقاءات جلالة الملك عبدالله الثاني في مختلف المحافل، مثلما تناول سموه التطورات في قطاع غزة وأهمية التقارب العربي، ومستقبل ملف اللاجئين السوريين والعلاقات التاريخية مع المملكة العربية السعودية وكذلك العلاقة مع إيران.
لقد قدم سمو ولي العهد رؤية شاملة في عدد من القضايا المهمة في الشأن المحلي بما فيها الهوية الوطنية والتحديث السياسي، وأكد أن الكفاءة معيار لبناء الثقة بمن حوله، ونظرته لدوره كولي للعهد، وتطرق إلى علاقة مؤسسة القصر بالمواطنين، مثلما حملت المقابلة عدداً من الأمثلة التاريخية التي عكست إدراك الأمير لمحطات مفصلية في مسيرة الدولة، واستطاع احتواء عدد من الأسئلة المثيرة للجدل وتقديم إجابات متزنة وعقلانية.
وتميز لقاء سمو ولي العهد بإظهار جانب شخصي وإنساني لا يعرفه الكثير من المتابعين عن حياة سمو الأمير، بما فيها لمحات من تجارب عاشها كمنتسب للقوات المسلحة، وخلال فترة دراسته في ساندهيرست، وحياته العائلية مع جلالة الملك وجلالة الملكة.
واستعرض سمو ولي العهد في الجانب الأول من اللقاء أبرز الظروف الصعبة التي واجهها الأردن في الخمسة والعشرين عاما الأخيرة التي أمضاها جلالة الملك في موقع القيادة، ومن هذه الظروف الأزمات التي لحقت بالدول المحيطة وتسببت بخسائر اقتصادية كبيرة مثل انقطاع الغاز المصري وإغلاق الحدود التجارية مع سوريا، وسلط سموه الضوء على نهج جلالة الملك في القيادة، الذي يرتكز على الصدق والالتزام بالمبادئ، كما أوضح أن ما يميز الأردن هو الاتزان وضبط النفس والعقلانية في التعامل مع الظروف الصعبة، وقد بدا هذا جلياً في عدد من اللحظات التاريخية التي فضلت فيها القيادة الحفاظ على مصالح الأردنيين على المدى الطويل، بدلاً من اللجوء للقرارات الشعبوية.
وعن ثقة الأسرة الدولية بالأردن والمكانة التي يحظى بها، تطرق سمو الأمير للعلاقات الدولية المتميزة التي يتمتع بها الأردن، والتي أكسبته احتراماً ومكانةً على الصعيد الدولي، وأرسى دعائمها جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، وطورها وعززها جلالة الملك عبدالله الثاني. وبالرغم من الإشادة بمنعة واستقرار الأردن، وقدرته على الخروج سالماً معافى من الكثير من المحطات الصعبة إقليمياً ودولياً، إلا أن سموه كان واضحاً في رؤيته للمستقبل بأن العمل المضاعف مطلوب للفترة المقبلة لزيادة الاكتفاء الذاتي، وتطوير الاقتصاد، وجلب الاستثمار، وفتح أسواق جديدة، ورفع الكفاءة في القطاع العام.
وحيث إن القضية الفلسطينية بقيت محور اهتمام الهاشميين، فقد عبر سمو الأمير عن الألم والغضب والصدمة التي شعر بها جراء المشاهد المروعة القادمة من غزة، وعبر عن فقدان شعوب المنطقة ثقتها بمصداقية المجتمع الدولي متسائلاً عن عدد الأبرياء الذين يجب أن يفقدوا حياتهم قبل أن يتحرك العالم.
وفي هذا السياق أكد سموه أن الأردن يخوض معركة دبلوماسية وسياسية منذ بداية الأزمة، وشدد على التزام الأردن بمساعدة الأشقاء الفلسطينيين بالرغم من الكلف السياسية والاقتصادية، وأن الأردن القوي هو القادر على مناصرة القضية الفلسطينية.
وفي معرض الحديث عن فرص تسوية الصراع العربي الإسرائيلي، أكد سمو ولي العهد أنه منذ مبادرة السلام العربية عام ???? كان هناك إجماع عربي على أن منح الفلسطينيين حقوقهم وإنهاء الاحتلال هو الشرط لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مشدداً على أن السلام الحقيقي الذي تقبله الشعوب هو الذي يلبي حقوق الشعب الفلسطيني.
وبالانتقال للشأن العربي، حملت المقابلة رؤية إيجابية ومنفتحة على التكامل العربي الواقعي البعيد عن الشعارات العاطفية الرنانة، إذ أكد سمو الأمير على المنافع السياسية والأمنية والاقتصادية التي من الممكن أن تنعكس إيجابياً على المنطقة بأسرها في حال ازداد التعاون العربي، مؤكداً أن الأردن منفتح دائماً على العمل مع أشقائه العرب.
وحول العلاقات مع الشقيقة المملكة العربية السعودية، حملت المقابلة رسائل تأكيدية من سمو الأمير على العلاقات التاريخية والمستقبل المشترك الذي يجمع البلدين، والعلاقة الشخصية التي تربط سموه مع سمو الأمير محمد بن سلمان، وعن لقاءات غير رسمية تعقد كل عدة أشهر، وإعجابه برؤية الأمير محمد الطموحة والتي من الممكن أن تنعكس إيجابيا على جميع دول المنطقة.
وبخصوص العلاقة مع إيران، وتعليقاً من سموه على التقارب الأخير بين عدد من دول المنطقة وإيران، أكد سمو الأمير على رغبة جميع الدول العربية بأن تكون لها علاقات طيبة مع إيران مبنية على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الآخر، كما أكد سموه على استمرار الحوار الأردني الإيراني للتعامل مع كافة القضايا، مذكراً بأن المنطقة مشبعة بالتوترات وسوف تستفيد من معالجة أسباب التوتر.
وهذا الموقف الدبلوماسي من إيران لم يتعارض مع رسائل حازمة من سمو الأمير أكدت التزام الأردن بحماية أمن شعبه وأرضه من أي محاولة لزعزعة الاستقرار، وقراره بألا يتحول الأردن إلى ساحة لتصفية الحسابات إقليمياً.
وحيث تشهد حدودنا الشمالية والشرقية محاولات منظمة لتهريب السلاح والمخدرات، حمل اللقاء تأكيداً من سمو ولي العهد على جاهزية الأردن للتصدي لأي تعد على سيادته، مذكراً بأن طريقة ووتيرة محاولات تهريب الأسلحة والمخدرات هي استهداف واضح للأمن الوطني الأردني، قائلاً في هذا الملف المتعلق بالشأن السوري ومستقبل اللاجئين، إن مستقبل اللاجئين السوريين هو في عودتهم الطوعية لوطنهم، وإن الأردن يعمل مع عدة جهات لإيجاد الظروف الملائمة لهذا الحل، مشدداً على ضرورة تحمل المجتمع الدولي لواجباته تجاه اللاجئين السوريين.
وإذ يبقى شباب الوطن على سلم أولويات جلالة الملك المفدى، فقد تحدث سمو ولي العهد عن أهمية التعليم التقني والمهني، مستعرضاً العمل المنجز في هذا الملف الذي يهدف لتوفير فرص عمل للشباب بدخل أكبر في الأردن وخارجه، وبفترات تأهيل وتدريب أقصر من التخصصات التقليدية، وأشاد بتغيير «ثقافة العيب» وزيادة الإقبال على هذا المسار التعليمي.
وفي الجانب الاقتصادي، أكد سمو الأمير أهمية الاقتصاد كأولوية لكل الحكومات، وبدا واضحاً أن سمو الأمير الشاب، المتحمس للمستقبل، يعي تماماً أهمية الاقتصاد في إدارة العمل العام وتلبية طموحات الناس، وركز على الأهداف العملية في الجانب الاقتصادي مثل تحديث القطاع العام وزيادة الكفاءة وتطوير البيئة الاستثمارية ورفد الطاقات البشرية بالتدريب والتأهيل.
وفي هذا الإطار، رأى سمو ولي العهد أن موقع الأردن وسط منطقة ملتهبة في الإقليم، سيشكل في المستقبل فرصة ليكون للأردن دور محوري مهم، خصوصاً إذا ما تحسنت الظروف الأمنية في الإقليم، إذ يمكن للمملكة أن تلعب دوراً لوجستياً وتجارياً مهماً في ربط الدول بعض ببعض.
وبخصوص قطاع تكنولوجيا المعلومات، أكد سمو الأمير على نظرة جلالة الملك الاستباقية في مطلع الألفية الثانية، لقطاع تكنولوجيا المعلومات، حول أهمية الاستثمار في القطاع، مشيرًا إلى مكانة المملكة المتقدمة والرائدة في هذا القطاع، كما أكد أن الأردن مكان مناسب لتأسيس الشركات ومكاتب الدعم التقني والفني التكنولوجي، وذلك بسبب موقع الأردن المميز، ووجود بنية تحتية قوية فيه، ووجود تحفيزات ضريبية وتشريعات يمكن أن تستفيد منها الشركات الدولية الراغبة بالاستثمار في المنطقة، دون أن يغفل أهمية ملف السياحة، حيث كان للترويج السياحي نصيب من اللقاء، وقد تم إجراء جزء من المقابلة في غابات عجلون، بالإضافة لرسائل حول قطاع السياحة ومميزات الأردن التاريخية والحضارية والطبيعية.
خلاصة القول أن المقابلة حملت مضامين ورسائل تؤكد أن مظلة الهوية الأردنية، التي ترتكز على حب الأردن والانتماء إليه، هي الأولوية، بغض النظر عن الأصول والمنابت. وقد قدم سموه رسالة مهمة في مسألة التحديث السياسي حين أبدى رفضه وصم الناس بناء على آرائهم، وتأكيده على أن النقد البناء مظهر صحي، وأنه منفتح على جميع الأردنيين بغض النظر عن مواقفهم الفكرية، وتأكيده أن الكفاءة والنتائج في العمل هي المعيار الأساس في تقييمه للأشخاص بغض النظر عن التوجهات السياسية، مشدداً على أن المرحلة تتطلب تقديم برامج عمل ذات أهداف محددة وواضحة في قضايا الشأن العام مثل الصحة والتعليم والاقتصاد.
لقد عبر سمو الأمير بنظرة ثاقبة، وشعور نبيل، ووعي وفهم عميقين، عن إدراك لألم الناس، وشعورهم بغياب العدالة ومعاناتهم مع الفقر والبطالة وإيمانه بأنهم يستحقون الأفضل، ليقدم في رسالته الختامية، فهمه العميق للمخاطر والتحديات الحقيقية التي تواجه العالم، مع نظرة مستقبلية، مبنية على الإيمان بقدرات الأجيال القادمة ذات العقول والمهارات، والانفتاح على التغيير والتفاؤل بأن الأردن لا بد أن يكون في مكان أفضل.
مصطفى ريالات
رئيس تحرير جريدة الدستور
حمل لقاء سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد مع قناة العربية، مضامين مهمة ودلالات عميقة، مستنداً إلى رؤية مستقبلية عملية وواقعية تحاكي آمال وطموحات الجيل الجديد، متناولاً بعقل نيّر العديد من القضايا السياسية والاقتصادية على الصعيدين المحلي والإقليمي، وكذلك جوانب تعكس فكر سمو الأمير ولمحات من حياته الشخصية التي تقدم للمرة الأولى للجمهور الأردني والعربي.
وقد تحدث سمو ولي العهد في هذا اللقاء الأول من نوعه بكل صراحة وعفوية، وعكس حديثه إيماناً كبيراً بمركزية القضية الفلسطينية، التي طالما بقيت حاضرة على أجندة ولقاءات جلالة الملك عبدالله الثاني في مختلف المحافل، مثلما تناول سموه التطورات في قطاع غزة وأهمية التقارب العربي، ومستقبل ملف اللاجئين السوريين والعلاقات التاريخية مع المملكة العربية السعودية وكذلك العلاقة مع إيران.
لقد قدم سمو ولي العهد رؤية شاملة في عدد من القضايا المهمة في الشأن المحلي بما فيها الهوية الوطنية والتحديث السياسي، وأكد أن الكفاءة معيار لبناء الثقة بمن حوله، ونظرته لدوره كولي للعهد، وتطرق إلى علاقة مؤسسة القصر بالمواطنين، مثلما حملت المقابلة عدداً من الأمثلة التاريخية التي عكست إدراك الأمير لمحطات مفصلية في مسيرة الدولة، واستطاع احتواء عدد من الأسئلة المثيرة للجدل وتقديم إجابات متزنة وعقلانية.
وتميز لقاء سمو ولي العهد بإظهار جانب شخصي وإنساني لا يعرفه الكثير من المتابعين عن حياة سمو الأمير، بما فيها لمحات من تجارب عاشها كمنتسب للقوات المسلحة، وخلال فترة دراسته في ساندهيرست، وحياته العائلية مع جلالة الملك وجلالة الملكة.
واستعرض سمو ولي العهد في الجانب الأول من اللقاء أبرز الظروف الصعبة التي واجهها الأردن في الخمسة والعشرين عاما الأخيرة التي أمضاها جلالة الملك في موقع القيادة، ومن هذه الظروف الأزمات التي لحقت بالدول المحيطة وتسببت بخسائر اقتصادية كبيرة مثل انقطاع الغاز المصري وإغلاق الحدود التجارية مع سوريا، وسلط سموه الضوء على نهج جلالة الملك في القيادة، الذي يرتكز على الصدق والالتزام بالمبادئ، كما أوضح أن ما يميز الأردن هو الاتزان وضبط النفس والعقلانية في التعامل مع الظروف الصعبة، وقد بدا هذا جلياً في عدد من اللحظات التاريخية التي فضلت فيها القيادة الحفاظ على مصالح الأردنيين على المدى الطويل، بدلاً من اللجوء للقرارات الشعبوية.
وعن ثقة الأسرة الدولية بالأردن والمكانة التي يحظى بها، تطرق سمو الأمير للعلاقات الدولية المتميزة التي يتمتع بها الأردن، والتي أكسبته احتراماً ومكانةً على الصعيد الدولي، وأرسى دعائمها جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، وطورها وعززها جلالة الملك عبدالله الثاني. وبالرغم من الإشادة بمنعة واستقرار الأردن، وقدرته على الخروج سالماً معافى من الكثير من المحطات الصعبة إقليمياً ودولياً، إلا أن سموه كان واضحاً في رؤيته للمستقبل بأن العمل المضاعف مطلوب للفترة المقبلة لزيادة الاكتفاء الذاتي، وتطوير الاقتصاد، وجلب الاستثمار، وفتح أسواق جديدة، ورفع الكفاءة في القطاع العام.
وحيث إن القضية الفلسطينية بقيت محور اهتمام الهاشميين، فقد عبر سمو الأمير عن الألم والغضب والصدمة التي شعر بها جراء المشاهد المروعة القادمة من غزة، وعبر عن فقدان شعوب المنطقة ثقتها بمصداقية المجتمع الدولي متسائلاً عن عدد الأبرياء الذين يجب أن يفقدوا حياتهم قبل أن يتحرك العالم.
وفي هذا السياق أكد سموه أن الأردن يخوض معركة دبلوماسية وسياسية منذ بداية الأزمة، وشدد على التزام الأردن بمساعدة الأشقاء الفلسطينيين بالرغم من الكلف السياسية والاقتصادية، وأن الأردن القوي هو القادر على مناصرة القضية الفلسطينية.
وفي معرض الحديث عن فرص تسوية الصراع العربي الإسرائيلي، أكد سمو ولي العهد أنه منذ مبادرة السلام العربية عام ???? كان هناك إجماع عربي على أن منح الفلسطينيين حقوقهم وإنهاء الاحتلال هو الشرط لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مشدداً على أن السلام الحقيقي الذي تقبله الشعوب هو الذي يلبي حقوق الشعب الفلسطيني.
وبالانتقال للشأن العربي، حملت المقابلة رؤية إيجابية ومنفتحة على التكامل العربي الواقعي البعيد عن الشعارات العاطفية الرنانة، إذ أكد سمو الأمير على المنافع السياسية والأمنية والاقتصادية التي من الممكن أن تنعكس إيجابياً على المنطقة بأسرها في حال ازداد التعاون العربي، مؤكداً أن الأردن منفتح دائماً على العمل مع أشقائه العرب.
وحول العلاقات مع الشقيقة المملكة العربية السعودية، حملت المقابلة رسائل تأكيدية من سمو الأمير على العلاقات التاريخية والمستقبل المشترك الذي يجمع البلدين، والعلاقة الشخصية التي تربط سموه مع سمو الأمير محمد بن سلمان، وعن لقاءات غير رسمية تعقد كل عدة أشهر، وإعجابه برؤية الأمير محمد الطموحة والتي من الممكن أن تنعكس إيجابيا على جميع دول المنطقة.
وبخصوص العلاقة مع إيران، وتعليقاً من سموه على التقارب الأخير بين عدد من دول المنطقة وإيران، أكد سمو الأمير على رغبة جميع الدول العربية بأن تكون لها علاقات طيبة مع إيران مبنية على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الآخر، كما أكد سموه على استمرار الحوار الأردني الإيراني للتعامل مع كافة القضايا، مذكراً بأن المنطقة مشبعة بالتوترات وسوف تستفيد من معالجة أسباب التوتر.
وهذا الموقف الدبلوماسي من إيران لم يتعارض مع رسائل حازمة من سمو الأمير أكدت التزام الأردن بحماية أمن شعبه وأرضه من أي محاولة لزعزعة الاستقرار، وقراره بألا يتحول الأردن إلى ساحة لتصفية الحسابات إقليمياً.
وحيث تشهد حدودنا الشمالية والشرقية محاولات منظمة لتهريب السلاح والمخدرات، حمل اللقاء تأكيداً من سمو ولي العهد على جاهزية الأردن للتصدي لأي تعد على سيادته، مذكراً بأن طريقة ووتيرة محاولات تهريب الأسلحة والمخدرات هي استهداف واضح للأمن الوطني الأردني، قائلاً في هذا الملف المتعلق بالشأن السوري ومستقبل اللاجئين، إن مستقبل اللاجئين السوريين هو في عودتهم الطوعية لوطنهم، وإن الأردن يعمل مع عدة جهات لإيجاد الظروف الملائمة لهذا الحل، مشدداً على ضرورة تحمل المجتمع الدولي لواجباته تجاه اللاجئين السوريين.
وإذ يبقى شباب الوطن على سلم أولويات جلالة الملك المفدى، فقد تحدث سمو ولي العهد عن أهمية التعليم التقني والمهني، مستعرضاً العمل المنجز في هذا الملف الذي يهدف لتوفير فرص عمل للشباب بدخل أكبر في الأردن وخارجه، وبفترات تأهيل وتدريب أقصر من التخصصات التقليدية، وأشاد بتغيير «ثقافة العيب» وزيادة الإقبال على هذا المسار التعليمي.
وفي الجانب الاقتصادي، أكد سمو الأمير أهمية الاقتصاد كأولوية لكل الحكومات، وبدا واضحاً أن سمو الأمير الشاب، المتحمس للمستقبل، يعي تماماً أهمية الاقتصاد في إدارة العمل العام وتلبية طموحات الناس، وركز على الأهداف العملية في الجانب الاقتصادي مثل تحديث القطاع العام وزيادة الكفاءة وتطوير البيئة الاستثمارية ورفد الطاقات البشرية بالتدريب والتأهيل.
وفي هذا الإطار، رأى سمو ولي العهد أن موقع الأردن وسط منطقة ملتهبة في الإقليم، سيشكل في المستقبل فرصة ليكون للأردن دور محوري مهم، خصوصاً إذا ما تحسنت الظروف الأمنية في الإقليم، إذ يمكن للمملكة أن تلعب دوراً لوجستياً وتجارياً مهماً في ربط الدول بعض ببعض.
وبخصوص قطاع تكنولوجيا المعلومات، أكد سمو الأمير على نظرة جلالة الملك الاستباقية في مطلع الألفية الثانية، لقطاع تكنولوجيا المعلومات، حول أهمية الاستثمار في القطاع، مشيرًا إلى مكانة المملكة المتقدمة والرائدة في هذا القطاع، كما أكد أن الأردن مكان مناسب لتأسيس الشركات ومكاتب الدعم التقني والفني التكنولوجي، وذلك بسبب موقع الأردن المميز، ووجود بنية تحتية قوية فيه، ووجود تحفيزات ضريبية وتشريعات يمكن أن تستفيد منها الشركات الدولية الراغبة بالاستثمار في المنطقة، دون أن يغفل أهمية ملف السياحة، حيث كان للترويج السياحي نصيب من اللقاء، وقد تم إجراء جزء من المقابلة في غابات عجلون، بالإضافة لرسائل حول قطاع السياحة ومميزات الأردن التاريخية والحضارية والطبيعية.
خلاصة القول أن المقابلة حملت مضامين ورسائل تؤكد أن مظلة الهوية الأردنية، التي ترتكز على حب الأردن والانتماء إليه، هي الأولوية، بغض النظر عن الأصول والمنابت. وقد قدم سموه رسالة مهمة في مسألة التحديث السياسي حين أبدى رفضه وصم الناس بناء على آرائهم، وتأكيده على أن النقد البناء مظهر صحي، وأنه منفتح على جميع الأردنيين بغض النظر عن مواقفهم الفكرية، وتأكيده أن الكفاءة والنتائج في العمل هي المعيار الأساس في تقييمه للأشخاص بغض النظر عن التوجهات السياسية، مشدداً على أن المرحلة تتطلب تقديم برامج عمل ذات أهداف محددة وواضحة في قضايا الشأن العام مثل الصحة والتعليم والاقتصاد.
لقد عبر سمو الأمير بنظرة ثاقبة، وشعور نبيل، ووعي وفهم عميقين، عن إدراك لألم الناس، وشعورهم بغياب العدالة ومعاناتهم مع الفقر والبطالة وإيمانه بأنهم يستحقون الأفضل، ليقدم في رسالته الختامية، فهمه العميق للمخاطر والتحديات الحقيقية التي تواجه العالم، مع نظرة مستقبلية، مبنية على الإيمان بقدرات الأجيال القادمة ذات العقول والمهارات، والانفتاح على التغيير والتفاؤل بأن الأردن لا بد أن يكون في مكان أفضل.
مصطفى ريالات
رئيس تحرير جريدة الدستور
حمل لقاء سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد مع قناة العربية، مضامين مهمة ودلالات عميقة، مستنداً إلى رؤية مستقبلية عملية وواقعية تحاكي آمال وطموحات الجيل الجديد، متناولاً بعقل نيّر العديد من القضايا السياسية والاقتصادية على الصعيدين المحلي والإقليمي، وكذلك جوانب تعكس فكر سمو الأمير ولمحات من حياته الشخصية التي تقدم للمرة الأولى للجمهور الأردني والعربي.
وقد تحدث سمو ولي العهد في هذا اللقاء الأول من نوعه بكل صراحة وعفوية، وعكس حديثه إيماناً كبيراً بمركزية القضية الفلسطينية، التي طالما بقيت حاضرة على أجندة ولقاءات جلالة الملك عبدالله الثاني في مختلف المحافل، مثلما تناول سموه التطورات في قطاع غزة وأهمية التقارب العربي، ومستقبل ملف اللاجئين السوريين والعلاقات التاريخية مع المملكة العربية السعودية وكذلك العلاقة مع إيران.
لقد قدم سمو ولي العهد رؤية شاملة في عدد من القضايا المهمة في الشأن المحلي بما فيها الهوية الوطنية والتحديث السياسي، وأكد أن الكفاءة معيار لبناء الثقة بمن حوله، ونظرته لدوره كولي للعهد، وتطرق إلى علاقة مؤسسة القصر بالمواطنين، مثلما حملت المقابلة عدداً من الأمثلة التاريخية التي عكست إدراك الأمير لمحطات مفصلية في مسيرة الدولة، واستطاع احتواء عدد من الأسئلة المثيرة للجدل وتقديم إجابات متزنة وعقلانية.
وتميز لقاء سمو ولي العهد بإظهار جانب شخصي وإنساني لا يعرفه الكثير من المتابعين عن حياة سمو الأمير، بما فيها لمحات من تجارب عاشها كمنتسب للقوات المسلحة، وخلال فترة دراسته في ساندهيرست، وحياته العائلية مع جلالة الملك وجلالة الملكة.
واستعرض سمو ولي العهد في الجانب الأول من اللقاء أبرز الظروف الصعبة التي واجهها الأردن في الخمسة والعشرين عاما الأخيرة التي أمضاها جلالة الملك في موقع القيادة، ومن هذه الظروف الأزمات التي لحقت بالدول المحيطة وتسببت بخسائر اقتصادية كبيرة مثل انقطاع الغاز المصري وإغلاق الحدود التجارية مع سوريا، وسلط سموه الضوء على نهج جلالة الملك في القيادة، الذي يرتكز على الصدق والالتزام بالمبادئ، كما أوضح أن ما يميز الأردن هو الاتزان وضبط النفس والعقلانية في التعامل مع الظروف الصعبة، وقد بدا هذا جلياً في عدد من اللحظات التاريخية التي فضلت فيها القيادة الحفاظ على مصالح الأردنيين على المدى الطويل، بدلاً من اللجوء للقرارات الشعبوية.
وعن ثقة الأسرة الدولية بالأردن والمكانة التي يحظى بها، تطرق سمو الأمير للعلاقات الدولية المتميزة التي يتمتع بها الأردن، والتي أكسبته احتراماً ومكانةً على الصعيد الدولي، وأرسى دعائمها جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، وطورها وعززها جلالة الملك عبدالله الثاني. وبالرغم من الإشادة بمنعة واستقرار الأردن، وقدرته على الخروج سالماً معافى من الكثير من المحطات الصعبة إقليمياً ودولياً، إلا أن سموه كان واضحاً في رؤيته للمستقبل بأن العمل المضاعف مطلوب للفترة المقبلة لزيادة الاكتفاء الذاتي، وتطوير الاقتصاد، وجلب الاستثمار، وفتح أسواق جديدة، ورفع الكفاءة في القطاع العام.
وحيث إن القضية الفلسطينية بقيت محور اهتمام الهاشميين، فقد عبر سمو الأمير عن الألم والغضب والصدمة التي شعر بها جراء المشاهد المروعة القادمة من غزة، وعبر عن فقدان شعوب المنطقة ثقتها بمصداقية المجتمع الدولي متسائلاً عن عدد الأبرياء الذين يجب أن يفقدوا حياتهم قبل أن يتحرك العالم.
وفي هذا السياق أكد سموه أن الأردن يخوض معركة دبلوماسية وسياسية منذ بداية الأزمة، وشدد على التزام الأردن بمساعدة الأشقاء الفلسطينيين بالرغم من الكلف السياسية والاقتصادية، وأن الأردن القوي هو القادر على مناصرة القضية الفلسطينية.
وفي معرض الحديث عن فرص تسوية الصراع العربي الإسرائيلي، أكد سمو ولي العهد أنه منذ مبادرة السلام العربية عام ???? كان هناك إجماع عربي على أن منح الفلسطينيين حقوقهم وإنهاء الاحتلال هو الشرط لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مشدداً على أن السلام الحقيقي الذي تقبله الشعوب هو الذي يلبي حقوق الشعب الفلسطيني.
وبالانتقال للشأن العربي، حملت المقابلة رؤية إيجابية ومنفتحة على التكامل العربي الواقعي البعيد عن الشعارات العاطفية الرنانة، إذ أكد سمو الأمير على المنافع السياسية والأمنية والاقتصادية التي من الممكن أن تنعكس إيجابياً على المنطقة بأسرها في حال ازداد التعاون العربي، مؤكداً أن الأردن منفتح دائماً على العمل مع أشقائه العرب.
وحول العلاقات مع الشقيقة المملكة العربية السعودية، حملت المقابلة رسائل تأكيدية من سمو الأمير على العلاقات التاريخية والمستقبل المشترك الذي يجمع البلدين، والعلاقة الشخصية التي تربط سموه مع سمو الأمير محمد بن سلمان، وعن لقاءات غير رسمية تعقد كل عدة أشهر، وإعجابه برؤية الأمير محمد الطموحة والتي من الممكن أن تنعكس إيجابيا على جميع دول المنطقة.
وبخصوص العلاقة مع إيران، وتعليقاً من سموه على التقارب الأخير بين عدد من دول المنطقة وإيران، أكد سمو الأمير على رغبة جميع الدول العربية بأن تكون لها علاقات طيبة مع إيران مبنية على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الآخر، كما أكد سموه على استمرار الحوار الأردني الإيراني للتعامل مع كافة القضايا، مذكراً بأن المنطقة مشبعة بالتوترات وسوف تستفيد من معالجة أسباب التوتر.
وهذا الموقف الدبلوماسي من إيران لم يتعارض مع رسائل حازمة من سمو الأمير أكدت التزام الأردن بحماية أمن شعبه وأرضه من أي محاولة لزعزعة الاستقرار، وقراره بألا يتحول الأردن إلى ساحة لتصفية الحسابات إقليمياً.
وحيث تشهد حدودنا الشمالية والشرقية محاولات منظمة لتهريب السلاح والمخدرات، حمل اللقاء تأكيداً من سمو ولي العهد على جاهزية الأردن للتصدي لأي تعد على سيادته، مذكراً بأن طريقة ووتيرة محاولات تهريب الأسلحة والمخدرات هي استهداف واضح للأمن الوطني الأردني، قائلاً في هذا الملف المتعلق بالشأن السوري ومستقبل اللاجئين، إن مستقبل اللاجئين السوريين هو في عودتهم الطوعية لوطنهم، وإن الأردن يعمل مع عدة جهات لإيجاد الظروف الملائمة لهذا الحل، مشدداً على ضرورة تحمل المجتمع الدولي لواجباته تجاه اللاجئين السوريين.
وإذ يبقى شباب الوطن على سلم أولويات جلالة الملك المفدى، فقد تحدث سمو ولي العهد عن أهمية التعليم التقني والمهني، مستعرضاً العمل المنجز في هذا الملف الذي يهدف لتوفير فرص عمل للشباب بدخل أكبر في الأردن وخارجه، وبفترات تأهيل وتدريب أقصر من التخصصات التقليدية، وأشاد بتغيير «ثقافة العيب» وزيادة الإقبال على هذا المسار التعليمي.
وفي الجانب الاقتصادي، أكد سمو الأمير أهمية الاقتصاد كأولوية لكل الحكومات، وبدا واضحاً أن سمو الأمير الشاب، المتحمس للمستقبل، يعي تماماً أهمية الاقتصاد في إدارة العمل العام وتلبية طموحات الناس، وركز على الأهداف العملية في الجانب الاقتصادي مثل تحديث القطاع العام وزيادة الكفاءة وتطوير البيئة الاستثمارية ورفد الطاقات البشرية بالتدريب والتأهيل.
وفي هذا الإطار، رأى سمو ولي العهد أن موقع الأردن وسط منطقة ملتهبة في الإقليم، سيشكل في المستقبل فرصة ليكون للأردن دور محوري مهم، خصوصاً إذا ما تحسنت الظروف الأمنية في الإقليم، إذ يمكن للمملكة أن تلعب دوراً لوجستياً وتجارياً مهماً في ربط الدول بعض ببعض.
وبخصوص قطاع تكنولوجيا المعلومات، أكد سمو الأمير على نظرة جلالة الملك الاستباقية في مطلع الألفية الثانية، لقطاع تكنولوجيا المعلومات، حول أهمية الاستثمار في القطاع، مشيرًا إلى مكانة المملكة المتقدمة والرائدة في هذا القطاع، كما أكد أن الأردن مكان مناسب لتأسيس الشركات ومكاتب الدعم التقني والفني التكنولوجي، وذلك بسبب موقع الأردن المميز، ووجود بنية تحتية قوية فيه، ووجود تحفيزات ضريبية وتشريعات يمكن أن تستفيد منها الشركات الدولية الراغبة بالاستثمار في المنطقة، دون أن يغفل أهمية ملف السياحة، حيث كان للترويج السياحي نصيب من اللقاء، وقد تم إجراء جزء من المقابلة في غابات عجلون، بالإضافة لرسائل حول قطاع السياحة ومميزات الأردن التاريخية والحضارية والطبيعية.
خلاصة القول أن المقابلة حملت مضامين ورسائل تؤكد أن مظلة الهوية الأردنية، التي ترتكز على حب الأردن والانتماء إليه، هي الأولوية، بغض النظر عن الأصول والمنابت. وقد قدم سموه رسالة مهمة في مسألة التحديث السياسي حين أبدى رفضه وصم الناس بناء على آرائهم، وتأكيده على أن النقد البناء مظهر صحي، وأنه منفتح على جميع الأردنيين بغض النظر عن مواقفهم الفكرية، وتأكيده أن الكفاءة والنتائج في العمل هي المعيار الأساس في تقييمه للأشخاص بغض النظر عن التوجهات السياسية، مشدداً على أن المرحلة تتطلب تقديم برامج عمل ذات أهداف محددة وواضحة في قضايا الشأن العام مثل الصحة والتعليم والاقتصاد.
لقد عبر سمو الأمير بنظرة ثاقبة، وشعور نبيل، ووعي وفهم عميقين، عن إدراك لألم الناس، وشعورهم بغياب العدالة ومعاناتهم مع الفقر والبطالة وإيمانه بأنهم يستحقون الأفضل، ليقدم في رسالته الختامية، فهمه العميق للمخاطر والتحديات الحقيقية التي تواجه العالم، مع نظرة مستقبلية، مبنية على الإيمان بقدرات الأجيال القادمة ذات العقول والمهارات، والانفتاح على التغيير والتفاؤل بأن الأردن لا بد أن يكون في مكان أفضل.
التعليقات