د. هديل شقير/ دكتوراة في الإعلام السياسي
وعيتُ على نموذج الأميرة ديانا أيقونةً وجد فيها محبّيها حول العالم ما يندر وجوده في أفراد العائلات الحاكمة، وتحديداً لدى الأميرات والملكات، وهو القرب من الشعب، هذا العنصر الذي يجب أن يكون حاضراً في العلاقة بين الحاكم والشعب، ولكنه يغيب غالباً. مؤخراً في دراستي للنماذج القيادية النسائية حول العالم، تعمّقتُ في شخصية ديانا ففهمتُ وأنا ناضجة ما لم أفهمهُ وأنا طفلة، أنّ الأميرة النموذج التي طالما أحببتها لحنانها وعاطفتها الغريبة على مجتمعها عانت في حياتها لِما كان ينقصها من قوة الشخصية ووضوح الكينونة. بهذا، بدا لي أنّ الجمع بين القرب والعاطفة من جانب وقوة الشخصية والحضور من جانب آخر مهمةٌ صعبة. ولكن الصعب ممكن، وهو الممكن الذي حققته الملكة رانيا.
جاء وثائقي 'رفيقة دربه' ليستعرض حياة الملكة رانيا بتفاصيل من رحلتها الشخصية ومساعيها العامة. بنظرة معمقة لأهم محطات حياة الملكة، قدّم الفيلم محتوى غني تم جمعه وإعداده بإتقان مميز، وبإخراج محترف بكل تفاصيله الفنية، هذا بالنظر إلى الفيلم من ناحيةِ الإنتاج التلفزيوني، أمّا من ناحية الرسالة الإعلامية، فقد نجح الفيلم برسم ملامح شخصية الملكة كقائدة عالمية يسمو الجانب الإنساني في حضورها وتتحصّن خطاباتها ومواقفها بالمنطق والقوة.
لأكن صريحة، أُعجبت بالفيلم؛ فرغم أنّ جميع ما ورد في العمل نعرفه كأردنيين، ولكن ظهور المواقف والقصص مجتمعةً يجعل لها أثراً مختلفاً. نعم نحتاج لما يذكّرنا بما لدينا لنفخر به، لأننا ننسى الخير ومن ينتهجونه، لأننا بارعون في المقارنات التي تسيء إلينا وترفعُ من قدرِ غيرنا، لأننا أعمياءُ عن الجميلِ فينا، نمسك المجهر بحثاً عن الأخطاء. لكلِّ هذا، نحتاج أحياناً لما يُقدّم لنا الصورة في إطار. أمّا المشككين بكلّ جميلٍ وصادق، علينا ألاّ نكترث برأيهم ولا ننتظرَ فيهم ومنهم أثر، نحن بالأصل لا ننتظر منهم رجع الصدى، فهم بقوقعتهم يسمعون صدى أصواتهم الحاقدة فقط؛ لم يقدّموا شيئاً ومع ذلك ينظّرون ويطالبون وينتقدون. ليس فيهِم مَن ناصر القضايا الإنسانية، ليس فيهم من واجه الغرب بأخطائه وحمل على عاتقه تفنيد سردية الاحتلال الإسرائيلي بهذا الإصرار والنجاح الذي لزمته الملكة منذ الأحداث الأخيرة.
في الفيلم لقطات من مناسبات جمعت الملكة بالشعب، على مدى 25 عاماً، من الملفت فيها كيف يقتربُ الناس لاحتضانها دون حذر، ويحاورونها كما لو أنهم أصدقاء، كيف لمثلِ هذه المشاعر على طولِ هذا الزمن ألاّ تكون صادقة! مما يجعلها بحقّ رفيقة درب جلالة الملك الذي عاصرنا كلَّ شيبةٍ في شعره، ورفيقة درب جيلٍ من الأردنيين.
النماذج الغربية والعربية تؤكّد لنا أنّ ملكة الأردن مختلفة عن السائد والمعتاد، مختلفة ليس إلاّ لأنّها إنسانة بكلّ ما تحمله الكلمة من عاطفة وقوة.
كل عامٍ والملكة بخير
د. هديل شقير/ دكتوراة في الإعلام السياسي
وعيتُ على نموذج الأميرة ديانا أيقونةً وجد فيها محبّيها حول العالم ما يندر وجوده في أفراد العائلات الحاكمة، وتحديداً لدى الأميرات والملكات، وهو القرب من الشعب، هذا العنصر الذي يجب أن يكون حاضراً في العلاقة بين الحاكم والشعب، ولكنه يغيب غالباً. مؤخراً في دراستي للنماذج القيادية النسائية حول العالم، تعمّقتُ في شخصية ديانا ففهمتُ وأنا ناضجة ما لم أفهمهُ وأنا طفلة، أنّ الأميرة النموذج التي طالما أحببتها لحنانها وعاطفتها الغريبة على مجتمعها عانت في حياتها لِما كان ينقصها من قوة الشخصية ووضوح الكينونة. بهذا، بدا لي أنّ الجمع بين القرب والعاطفة من جانب وقوة الشخصية والحضور من جانب آخر مهمةٌ صعبة. ولكن الصعب ممكن، وهو الممكن الذي حققته الملكة رانيا.
جاء وثائقي 'رفيقة دربه' ليستعرض حياة الملكة رانيا بتفاصيل من رحلتها الشخصية ومساعيها العامة. بنظرة معمقة لأهم محطات حياة الملكة، قدّم الفيلم محتوى غني تم جمعه وإعداده بإتقان مميز، وبإخراج محترف بكل تفاصيله الفنية، هذا بالنظر إلى الفيلم من ناحيةِ الإنتاج التلفزيوني، أمّا من ناحية الرسالة الإعلامية، فقد نجح الفيلم برسم ملامح شخصية الملكة كقائدة عالمية يسمو الجانب الإنساني في حضورها وتتحصّن خطاباتها ومواقفها بالمنطق والقوة.
لأكن صريحة، أُعجبت بالفيلم؛ فرغم أنّ جميع ما ورد في العمل نعرفه كأردنيين، ولكن ظهور المواقف والقصص مجتمعةً يجعل لها أثراً مختلفاً. نعم نحتاج لما يذكّرنا بما لدينا لنفخر به، لأننا ننسى الخير ومن ينتهجونه، لأننا بارعون في المقارنات التي تسيء إلينا وترفعُ من قدرِ غيرنا، لأننا أعمياءُ عن الجميلِ فينا، نمسك المجهر بحثاً عن الأخطاء. لكلِّ هذا، نحتاج أحياناً لما يُقدّم لنا الصورة في إطار. أمّا المشككين بكلّ جميلٍ وصادق، علينا ألاّ نكترث برأيهم ولا ننتظرَ فيهم ومنهم أثر، نحن بالأصل لا ننتظر منهم رجع الصدى، فهم بقوقعتهم يسمعون صدى أصواتهم الحاقدة فقط؛ لم يقدّموا شيئاً ومع ذلك ينظّرون ويطالبون وينتقدون. ليس فيهِم مَن ناصر القضايا الإنسانية، ليس فيهم من واجه الغرب بأخطائه وحمل على عاتقه تفنيد سردية الاحتلال الإسرائيلي بهذا الإصرار والنجاح الذي لزمته الملكة منذ الأحداث الأخيرة.
في الفيلم لقطات من مناسبات جمعت الملكة بالشعب، على مدى 25 عاماً، من الملفت فيها كيف يقتربُ الناس لاحتضانها دون حذر، ويحاورونها كما لو أنهم أصدقاء، كيف لمثلِ هذه المشاعر على طولِ هذا الزمن ألاّ تكون صادقة! مما يجعلها بحقّ رفيقة درب جلالة الملك الذي عاصرنا كلَّ شيبةٍ في شعره، ورفيقة درب جيلٍ من الأردنيين.
النماذج الغربية والعربية تؤكّد لنا أنّ ملكة الأردن مختلفة عن السائد والمعتاد، مختلفة ليس إلاّ لأنّها إنسانة بكلّ ما تحمله الكلمة من عاطفة وقوة.
كل عامٍ والملكة بخير
د. هديل شقير/ دكتوراة في الإعلام السياسي
وعيتُ على نموذج الأميرة ديانا أيقونةً وجد فيها محبّيها حول العالم ما يندر وجوده في أفراد العائلات الحاكمة، وتحديداً لدى الأميرات والملكات، وهو القرب من الشعب، هذا العنصر الذي يجب أن يكون حاضراً في العلاقة بين الحاكم والشعب، ولكنه يغيب غالباً. مؤخراً في دراستي للنماذج القيادية النسائية حول العالم، تعمّقتُ في شخصية ديانا ففهمتُ وأنا ناضجة ما لم أفهمهُ وأنا طفلة، أنّ الأميرة النموذج التي طالما أحببتها لحنانها وعاطفتها الغريبة على مجتمعها عانت في حياتها لِما كان ينقصها من قوة الشخصية ووضوح الكينونة. بهذا، بدا لي أنّ الجمع بين القرب والعاطفة من جانب وقوة الشخصية والحضور من جانب آخر مهمةٌ صعبة. ولكن الصعب ممكن، وهو الممكن الذي حققته الملكة رانيا.
جاء وثائقي 'رفيقة دربه' ليستعرض حياة الملكة رانيا بتفاصيل من رحلتها الشخصية ومساعيها العامة. بنظرة معمقة لأهم محطات حياة الملكة، قدّم الفيلم محتوى غني تم جمعه وإعداده بإتقان مميز، وبإخراج محترف بكل تفاصيله الفنية، هذا بالنظر إلى الفيلم من ناحيةِ الإنتاج التلفزيوني، أمّا من ناحية الرسالة الإعلامية، فقد نجح الفيلم برسم ملامح شخصية الملكة كقائدة عالمية يسمو الجانب الإنساني في حضورها وتتحصّن خطاباتها ومواقفها بالمنطق والقوة.
لأكن صريحة، أُعجبت بالفيلم؛ فرغم أنّ جميع ما ورد في العمل نعرفه كأردنيين، ولكن ظهور المواقف والقصص مجتمعةً يجعل لها أثراً مختلفاً. نعم نحتاج لما يذكّرنا بما لدينا لنفخر به، لأننا ننسى الخير ومن ينتهجونه، لأننا بارعون في المقارنات التي تسيء إلينا وترفعُ من قدرِ غيرنا، لأننا أعمياءُ عن الجميلِ فينا، نمسك المجهر بحثاً عن الأخطاء. لكلِّ هذا، نحتاج أحياناً لما يُقدّم لنا الصورة في إطار. أمّا المشككين بكلّ جميلٍ وصادق، علينا ألاّ نكترث برأيهم ولا ننتظرَ فيهم ومنهم أثر، نحن بالأصل لا ننتظر منهم رجع الصدى، فهم بقوقعتهم يسمعون صدى أصواتهم الحاقدة فقط؛ لم يقدّموا شيئاً ومع ذلك ينظّرون ويطالبون وينتقدون. ليس فيهِم مَن ناصر القضايا الإنسانية، ليس فيهم من واجه الغرب بأخطائه وحمل على عاتقه تفنيد سردية الاحتلال الإسرائيلي بهذا الإصرار والنجاح الذي لزمته الملكة منذ الأحداث الأخيرة.
في الفيلم لقطات من مناسبات جمعت الملكة بالشعب، على مدى 25 عاماً، من الملفت فيها كيف يقتربُ الناس لاحتضانها دون حذر، ويحاورونها كما لو أنهم أصدقاء، كيف لمثلِ هذه المشاعر على طولِ هذا الزمن ألاّ تكون صادقة! مما يجعلها بحقّ رفيقة درب جلالة الملك الذي عاصرنا كلَّ شيبةٍ في شعره، ورفيقة درب جيلٍ من الأردنيين.
النماذج الغربية والعربية تؤكّد لنا أنّ ملكة الأردن مختلفة عن السائد والمعتاد، مختلفة ليس إلاّ لأنّها إنسانة بكلّ ما تحمله الكلمة من عاطفة وقوة.
كل عامٍ والملكة بخير
التعليقات