أخبار اليوم - الصمت الذي يخيم على المنازل ليس في مجمله رضا، هناك صمت من نوع آخر يسود في كثير من البيوت فيفقدها قيمة الحياة، الطلاق الصامت او ربما العاطفي؛ لا تواصل ولا تفاعل عقلي ولا نفسي ولا جسدي، بل وينفرد كل من قطبي مؤسسة الزواج بحياة عقلية ونفسية واجتماعية خاصة، فيستمر الزواج شكلا، وينتهي مضمونا.
الانفصال الصامت أو الانفصال العاطفي بين الأزواج واقع موجود في مجتمعنا. وعلى الرغم من درجة خطورته على الحياة الأسرية إلاّ أنه ظل ضمن المواضيع المسكوت عنها، لاعتبارات عدة، حياة تمضي ويبقى عقد الزواج سارياً بين الزوجين ولكن كلاً منهما يعيش بمعزل عن الآخر، وقد لا يجتمعان إلا في المناسبات الاجتماعية أو الرسمية خوفاً من لقب مطلق أو مطلقة خاصة إذا كان هناك أولاد.
فتكون النتيجة حالة من الطلاق التي تستمر فيها العلاقة الزوجيَّة أمام الناس فقط، لكنَّها منقطعة الخيوط بصورة شبه كاملة في الحياة الخاصة للزوجين.
هل يعيش الازواج هذه الحالة؟
ما هي الاسباب ؟
هل من حلول؟
هل فاقم «الهاتف الذكي « هذه الحالة؟
تقول العشرينية امل عمارة « ظاهرة الطلاق الصامت أو الطلاق العاطفي أصبحت ظاهرة منتشرة و لكن لا نعرف النسبة الحقيقية في مجتمعنا التونسي لأنها سرية لا تخص إلا الزوجين....وهي ظاهرة مرضية سلبية على الأبناء خاصة....و الطلاق أجدر في هذه الحالة و لكن يا ترى لماذا يتخذ الزوجان هذه الطريقة و لا ينفصلان نهائيا و لا يتحملان مسؤوليتهما امام الملأ...؟».
ما ذنب الهواتف ؟
فيما ترى سماح زوجة وام لثلاثة اطفال ان الهواتف الذكية بما تحتويه من تطبيقات تتيح التواصل مع من هم خارج جدار غرف المنزل واطلاعهم على حياة من هم داخل البيت الواحد في كل لحظة لها دور في زيادة نسبة الطلاق العاطفي بين الأزواج.
تقول «ما تحتويه هذه الهواتف من وسائل الهاء مثل منصات وسائل التواصل الاجتماعي، الألعاب، والمحتوى الترفيهي، تؤدي بالضرورة إلى انشغال أحد الزوجين أو كليهما عن التواصل الفعلي مع بعضهما البعض. هذا الإلهاء قد يقلل من جودة الوقت الذي يقضيه الزوجان معًا ويؤدي إلى تباعد عاطفي».
وتضيف « لا نبالغ ان قلنا بأن التواصل هذا قد زاد من عاملين مهم عدم وجودهما لتكون مؤسسة الزواج في أحسن حالاتها « الغيرة والشك». لا أقول بأن هذه السلوكيات لم تكن موجودة قبل لكن الاستخدام المكثف للهواتف الذكية والذي يصل كما نرى اليوم «حد الادمان» قد يثير الشكوك والغيرة بين الزوجين، خاصة إذا كانت هناك رسائل نصية أو مكالمات مشبوهة. هذه الشكوك يمكن أن تؤدي إلى تآكل الثقة، وهي عنصر أساسي في أي علاقة صحية».
صوت للاولاد
ويرى الاربعيني عصام القزاز ان الطلاق الصامت برضا الطرفين دون تضرر أحدهما أفضل من الطلاق الورقي.
يقول»الطلاق بالعرف القائم على الشرع أفضل من دخول متاهات نفسية وسلوكية وايضا المحاكم وأقل المميزات سرعة الفصل. والدخول للمحاكم أفضل من طرق المواجهة غير المنضبطة والشد والجذب وربما وصلنا للعراك.
والطلاق بذاته أفضل من كون الزوجة تصبح معلقة او مهملة او العكس ايضا بالنسبة للزوج. والأفضل من كل ذلك أن يتحمل كل من الطرفين للآخر ولو بأنصاف حلول ورضا».
يضيف «وأتمنى في كل هذه الحالات أن يكون للأولاد من يتكلم ويعبر عنهم وعن طلباتهم. ففي كثير من الحالات يتكلم الكبار عن حقوقهم بينما الأولاد لا صوت لهم ولا لهم من يعبر عنهم».
الطلاق الصامت .. درجات
ويرى سامي نصر، الدكتور في علم الاجتماع ان «الصامت» هنا تشير إلى معنيين يرافقان هذا النوع من الطلاق:
المعنى الأول، يتجلى في غياب الحوار والتواصل بين الطرفين أو ما يعبّر عنه بعض المختصين في العلاقات الزوجية بــ»ظاهرة الخرسان» كأحد أهم مؤشرات هذا النوع من الطلاق (من باب تسمية الشيء بأبرز ما فيه)، أي لم يعد يجد كل طرف أي رغبة في الحديث مع الطرف الآخر، فيغيّم الصمت والخرسان عليهما.
المعنى الثاني، يتجلى في إخفاء تلك القطيعة خارج البيت، ليصبحا كموظفين في الحياة الزوجيَّة تجمعهما لقاءات عابرة والتزامات ماديَّة للحفاظ على شكلهما الاجتماعي والأسري أمام الآخرين، وذلك خوفاً من لقب مُطلِّق أو مطلَّقة، وخصوصاً لقب مُطلَّقة للزوجة؛ ولتجنّب نظرة مجتمعنا القاصِرة للمطلَّقات. وهذه الحالة قد لا يعرف عنها أحدٌ خارج الزوجين، فأمام العائلة والأصدقاء؛ يكونان وكأنهما أكثر من حبيبين، ولكن في خلوتهما؛ يخلعان قناع العائلة ويعودان إلى وجه الفراق القبيح.
لذلك هناك استحالة في الحصول على إحصائيات وأرقام حول هذه الظاهرة على الرغم من تفشيها وتفاقمها.
وعن جواب لسؤال «هل هي مجرّد ظاهرة عابرة (ظرفية) أم انها تدوم؟
قال د. سامي قد تكون مجرّد ظاهرة عابرة نسميها «طلاق صامت من درجة أولى» يمكن أن يكون مجرّد ظاهرة عابرة، سحابة تغيّم لفترات معينة على الحياة الزوجية، ينجح الطرفان في تجاوزها، فكل العلاقات الزوجية تنتابها من حين أو لآخر خلافات نتيجة ضغوط الحياة اليومية والمعيشية، الروتين، اختلاف في التنشئة الاجتماعية بين الطرفين، خاصة في بدايات عمر الزواج.
في هذه الحالة ينتج شبه قطيعة كثيرا ما تكون وقتية وظرفية لنعبّر عنها بطلاق صامت من الدرجة الأولى، بل حتى الطلاق الصامت من الدرجة الثانية عادة ما تسبقه قطيعات مؤقتة. البعد الوقتي والظرفي.
لكن، يضيف د.سامي « اذا تواترت وتكررت الانقطاعات، فإن الطلاق الصامت من الدرجة الأولى قد يتطوّر وتتفاقم الخلافات ويتحوّل إلى طلاق صامت من الدرجة الثانية».
هل من حلول ؟
وبحسب د.صالح بركات تشير الدراسات أن سبعا من كل عشر سيدات في الاردن يعانين من صمت الأزواج، وانعدام المشاعر بعد مرور أكثر من خمس سنوات على الزواج. وتشير الأرقام إلى أن 68% من حالات الانفصال العاطفي تكون بسبب معاناة المرأة او الرجل من غياب التواصل العاطفي وانعدام المشاعر، وعدم التعبير عن العواطف بين الزوجين، وعدم وجود حوار يربط بينهما. هذه الاعراض تؤدي الى شيوع ما يسمى بالطلاق العاطفي او الطلاق الصامت.
ويضيف «حينما يحصل الجفاف فهذا يعني أن المشاعر الإيجابية دفنت بركام المشاعر السلبية القديمة!. من أكبر معاول الهدم للعلاقة الزوجية وللأسرة كاملة جفاف المشاعر بين الزوجين. الزواج - ذلك الميثاق الغليظ - تعتريه كثير من الظروف والعواصف فيثبت أمامها ليؤكد أنه متين أمام كل الظروف إذا بُني على الحب والتفاهم والحوار والإرادة، ليَثبت دون أن يتأثر بكل من حوله، والزوجان هما المحرك الرئيس لحياتهما، وحينما تستحيل الحياة بينهما إلى جليد عاطفي وقحط في المشاعر تبدأ المشاكل في الظهور، ويقل الشعور بالأمان بينهما، وتتحول الحياة من ربيع المشاعر إلى خريف بائس وشتاء قارس، وخاصة أن جفاف المشاعر يُفضي إلى الطلاق العاطفي وهو من أسباب الطلاق حسب بعض الدراسات.
أخبار اليوم - الصمت الذي يخيم على المنازل ليس في مجمله رضا، هناك صمت من نوع آخر يسود في كثير من البيوت فيفقدها قيمة الحياة، الطلاق الصامت او ربما العاطفي؛ لا تواصل ولا تفاعل عقلي ولا نفسي ولا جسدي، بل وينفرد كل من قطبي مؤسسة الزواج بحياة عقلية ونفسية واجتماعية خاصة، فيستمر الزواج شكلا، وينتهي مضمونا.
الانفصال الصامت أو الانفصال العاطفي بين الأزواج واقع موجود في مجتمعنا. وعلى الرغم من درجة خطورته على الحياة الأسرية إلاّ أنه ظل ضمن المواضيع المسكوت عنها، لاعتبارات عدة، حياة تمضي ويبقى عقد الزواج سارياً بين الزوجين ولكن كلاً منهما يعيش بمعزل عن الآخر، وقد لا يجتمعان إلا في المناسبات الاجتماعية أو الرسمية خوفاً من لقب مطلق أو مطلقة خاصة إذا كان هناك أولاد.
فتكون النتيجة حالة من الطلاق التي تستمر فيها العلاقة الزوجيَّة أمام الناس فقط، لكنَّها منقطعة الخيوط بصورة شبه كاملة في الحياة الخاصة للزوجين.
هل يعيش الازواج هذه الحالة؟
ما هي الاسباب ؟
هل من حلول؟
هل فاقم «الهاتف الذكي « هذه الحالة؟
تقول العشرينية امل عمارة « ظاهرة الطلاق الصامت أو الطلاق العاطفي أصبحت ظاهرة منتشرة و لكن لا نعرف النسبة الحقيقية في مجتمعنا التونسي لأنها سرية لا تخص إلا الزوجين....وهي ظاهرة مرضية سلبية على الأبناء خاصة....و الطلاق أجدر في هذه الحالة و لكن يا ترى لماذا يتخذ الزوجان هذه الطريقة و لا ينفصلان نهائيا و لا يتحملان مسؤوليتهما امام الملأ...؟».
ما ذنب الهواتف ؟
فيما ترى سماح زوجة وام لثلاثة اطفال ان الهواتف الذكية بما تحتويه من تطبيقات تتيح التواصل مع من هم خارج جدار غرف المنزل واطلاعهم على حياة من هم داخل البيت الواحد في كل لحظة لها دور في زيادة نسبة الطلاق العاطفي بين الأزواج.
تقول «ما تحتويه هذه الهواتف من وسائل الهاء مثل منصات وسائل التواصل الاجتماعي، الألعاب، والمحتوى الترفيهي، تؤدي بالضرورة إلى انشغال أحد الزوجين أو كليهما عن التواصل الفعلي مع بعضهما البعض. هذا الإلهاء قد يقلل من جودة الوقت الذي يقضيه الزوجان معًا ويؤدي إلى تباعد عاطفي».
وتضيف « لا نبالغ ان قلنا بأن التواصل هذا قد زاد من عاملين مهم عدم وجودهما لتكون مؤسسة الزواج في أحسن حالاتها « الغيرة والشك». لا أقول بأن هذه السلوكيات لم تكن موجودة قبل لكن الاستخدام المكثف للهواتف الذكية والذي يصل كما نرى اليوم «حد الادمان» قد يثير الشكوك والغيرة بين الزوجين، خاصة إذا كانت هناك رسائل نصية أو مكالمات مشبوهة. هذه الشكوك يمكن أن تؤدي إلى تآكل الثقة، وهي عنصر أساسي في أي علاقة صحية».
صوت للاولاد
ويرى الاربعيني عصام القزاز ان الطلاق الصامت برضا الطرفين دون تضرر أحدهما أفضل من الطلاق الورقي.
يقول»الطلاق بالعرف القائم على الشرع أفضل من دخول متاهات نفسية وسلوكية وايضا المحاكم وأقل المميزات سرعة الفصل. والدخول للمحاكم أفضل من طرق المواجهة غير المنضبطة والشد والجذب وربما وصلنا للعراك.
والطلاق بذاته أفضل من كون الزوجة تصبح معلقة او مهملة او العكس ايضا بالنسبة للزوج. والأفضل من كل ذلك أن يتحمل كل من الطرفين للآخر ولو بأنصاف حلول ورضا».
يضيف «وأتمنى في كل هذه الحالات أن يكون للأولاد من يتكلم ويعبر عنهم وعن طلباتهم. ففي كثير من الحالات يتكلم الكبار عن حقوقهم بينما الأولاد لا صوت لهم ولا لهم من يعبر عنهم».
الطلاق الصامت .. درجات
ويرى سامي نصر، الدكتور في علم الاجتماع ان «الصامت» هنا تشير إلى معنيين يرافقان هذا النوع من الطلاق:
المعنى الأول، يتجلى في غياب الحوار والتواصل بين الطرفين أو ما يعبّر عنه بعض المختصين في العلاقات الزوجية بــ»ظاهرة الخرسان» كأحد أهم مؤشرات هذا النوع من الطلاق (من باب تسمية الشيء بأبرز ما فيه)، أي لم يعد يجد كل طرف أي رغبة في الحديث مع الطرف الآخر، فيغيّم الصمت والخرسان عليهما.
المعنى الثاني، يتجلى في إخفاء تلك القطيعة خارج البيت، ليصبحا كموظفين في الحياة الزوجيَّة تجمعهما لقاءات عابرة والتزامات ماديَّة للحفاظ على شكلهما الاجتماعي والأسري أمام الآخرين، وذلك خوفاً من لقب مُطلِّق أو مطلَّقة، وخصوصاً لقب مُطلَّقة للزوجة؛ ولتجنّب نظرة مجتمعنا القاصِرة للمطلَّقات. وهذه الحالة قد لا يعرف عنها أحدٌ خارج الزوجين، فأمام العائلة والأصدقاء؛ يكونان وكأنهما أكثر من حبيبين، ولكن في خلوتهما؛ يخلعان قناع العائلة ويعودان إلى وجه الفراق القبيح.
لذلك هناك استحالة في الحصول على إحصائيات وأرقام حول هذه الظاهرة على الرغم من تفشيها وتفاقمها.
وعن جواب لسؤال «هل هي مجرّد ظاهرة عابرة (ظرفية) أم انها تدوم؟
قال د. سامي قد تكون مجرّد ظاهرة عابرة نسميها «طلاق صامت من درجة أولى» يمكن أن يكون مجرّد ظاهرة عابرة، سحابة تغيّم لفترات معينة على الحياة الزوجية، ينجح الطرفان في تجاوزها، فكل العلاقات الزوجية تنتابها من حين أو لآخر خلافات نتيجة ضغوط الحياة اليومية والمعيشية، الروتين، اختلاف في التنشئة الاجتماعية بين الطرفين، خاصة في بدايات عمر الزواج.
في هذه الحالة ينتج شبه قطيعة كثيرا ما تكون وقتية وظرفية لنعبّر عنها بطلاق صامت من الدرجة الأولى، بل حتى الطلاق الصامت من الدرجة الثانية عادة ما تسبقه قطيعات مؤقتة. البعد الوقتي والظرفي.
لكن، يضيف د.سامي « اذا تواترت وتكررت الانقطاعات، فإن الطلاق الصامت من الدرجة الأولى قد يتطوّر وتتفاقم الخلافات ويتحوّل إلى طلاق صامت من الدرجة الثانية».
هل من حلول ؟
وبحسب د.صالح بركات تشير الدراسات أن سبعا من كل عشر سيدات في الاردن يعانين من صمت الأزواج، وانعدام المشاعر بعد مرور أكثر من خمس سنوات على الزواج. وتشير الأرقام إلى أن 68% من حالات الانفصال العاطفي تكون بسبب معاناة المرأة او الرجل من غياب التواصل العاطفي وانعدام المشاعر، وعدم التعبير عن العواطف بين الزوجين، وعدم وجود حوار يربط بينهما. هذه الاعراض تؤدي الى شيوع ما يسمى بالطلاق العاطفي او الطلاق الصامت.
ويضيف «حينما يحصل الجفاف فهذا يعني أن المشاعر الإيجابية دفنت بركام المشاعر السلبية القديمة!. من أكبر معاول الهدم للعلاقة الزوجية وللأسرة كاملة جفاف المشاعر بين الزوجين. الزواج - ذلك الميثاق الغليظ - تعتريه كثير من الظروف والعواصف فيثبت أمامها ليؤكد أنه متين أمام كل الظروف إذا بُني على الحب والتفاهم والحوار والإرادة، ليَثبت دون أن يتأثر بكل من حوله، والزوجان هما المحرك الرئيس لحياتهما، وحينما تستحيل الحياة بينهما إلى جليد عاطفي وقحط في المشاعر تبدأ المشاكل في الظهور، ويقل الشعور بالأمان بينهما، وتتحول الحياة من ربيع المشاعر إلى خريف بائس وشتاء قارس، وخاصة أن جفاف المشاعر يُفضي إلى الطلاق العاطفي وهو من أسباب الطلاق حسب بعض الدراسات.
أخبار اليوم - الصمت الذي يخيم على المنازل ليس في مجمله رضا، هناك صمت من نوع آخر يسود في كثير من البيوت فيفقدها قيمة الحياة، الطلاق الصامت او ربما العاطفي؛ لا تواصل ولا تفاعل عقلي ولا نفسي ولا جسدي، بل وينفرد كل من قطبي مؤسسة الزواج بحياة عقلية ونفسية واجتماعية خاصة، فيستمر الزواج شكلا، وينتهي مضمونا.
الانفصال الصامت أو الانفصال العاطفي بين الأزواج واقع موجود في مجتمعنا. وعلى الرغم من درجة خطورته على الحياة الأسرية إلاّ أنه ظل ضمن المواضيع المسكوت عنها، لاعتبارات عدة، حياة تمضي ويبقى عقد الزواج سارياً بين الزوجين ولكن كلاً منهما يعيش بمعزل عن الآخر، وقد لا يجتمعان إلا في المناسبات الاجتماعية أو الرسمية خوفاً من لقب مطلق أو مطلقة خاصة إذا كان هناك أولاد.
فتكون النتيجة حالة من الطلاق التي تستمر فيها العلاقة الزوجيَّة أمام الناس فقط، لكنَّها منقطعة الخيوط بصورة شبه كاملة في الحياة الخاصة للزوجين.
هل يعيش الازواج هذه الحالة؟
ما هي الاسباب ؟
هل من حلول؟
هل فاقم «الهاتف الذكي « هذه الحالة؟
تقول العشرينية امل عمارة « ظاهرة الطلاق الصامت أو الطلاق العاطفي أصبحت ظاهرة منتشرة و لكن لا نعرف النسبة الحقيقية في مجتمعنا التونسي لأنها سرية لا تخص إلا الزوجين....وهي ظاهرة مرضية سلبية على الأبناء خاصة....و الطلاق أجدر في هذه الحالة و لكن يا ترى لماذا يتخذ الزوجان هذه الطريقة و لا ينفصلان نهائيا و لا يتحملان مسؤوليتهما امام الملأ...؟».
ما ذنب الهواتف ؟
فيما ترى سماح زوجة وام لثلاثة اطفال ان الهواتف الذكية بما تحتويه من تطبيقات تتيح التواصل مع من هم خارج جدار غرف المنزل واطلاعهم على حياة من هم داخل البيت الواحد في كل لحظة لها دور في زيادة نسبة الطلاق العاطفي بين الأزواج.
تقول «ما تحتويه هذه الهواتف من وسائل الهاء مثل منصات وسائل التواصل الاجتماعي، الألعاب، والمحتوى الترفيهي، تؤدي بالضرورة إلى انشغال أحد الزوجين أو كليهما عن التواصل الفعلي مع بعضهما البعض. هذا الإلهاء قد يقلل من جودة الوقت الذي يقضيه الزوجان معًا ويؤدي إلى تباعد عاطفي».
وتضيف « لا نبالغ ان قلنا بأن التواصل هذا قد زاد من عاملين مهم عدم وجودهما لتكون مؤسسة الزواج في أحسن حالاتها « الغيرة والشك». لا أقول بأن هذه السلوكيات لم تكن موجودة قبل لكن الاستخدام المكثف للهواتف الذكية والذي يصل كما نرى اليوم «حد الادمان» قد يثير الشكوك والغيرة بين الزوجين، خاصة إذا كانت هناك رسائل نصية أو مكالمات مشبوهة. هذه الشكوك يمكن أن تؤدي إلى تآكل الثقة، وهي عنصر أساسي في أي علاقة صحية».
صوت للاولاد
ويرى الاربعيني عصام القزاز ان الطلاق الصامت برضا الطرفين دون تضرر أحدهما أفضل من الطلاق الورقي.
يقول»الطلاق بالعرف القائم على الشرع أفضل من دخول متاهات نفسية وسلوكية وايضا المحاكم وأقل المميزات سرعة الفصل. والدخول للمحاكم أفضل من طرق المواجهة غير المنضبطة والشد والجذب وربما وصلنا للعراك.
والطلاق بذاته أفضل من كون الزوجة تصبح معلقة او مهملة او العكس ايضا بالنسبة للزوج. والأفضل من كل ذلك أن يتحمل كل من الطرفين للآخر ولو بأنصاف حلول ورضا».
يضيف «وأتمنى في كل هذه الحالات أن يكون للأولاد من يتكلم ويعبر عنهم وعن طلباتهم. ففي كثير من الحالات يتكلم الكبار عن حقوقهم بينما الأولاد لا صوت لهم ولا لهم من يعبر عنهم».
الطلاق الصامت .. درجات
ويرى سامي نصر، الدكتور في علم الاجتماع ان «الصامت» هنا تشير إلى معنيين يرافقان هذا النوع من الطلاق:
المعنى الأول، يتجلى في غياب الحوار والتواصل بين الطرفين أو ما يعبّر عنه بعض المختصين في العلاقات الزوجية بــ»ظاهرة الخرسان» كأحد أهم مؤشرات هذا النوع من الطلاق (من باب تسمية الشيء بأبرز ما فيه)، أي لم يعد يجد كل طرف أي رغبة في الحديث مع الطرف الآخر، فيغيّم الصمت والخرسان عليهما.
المعنى الثاني، يتجلى في إخفاء تلك القطيعة خارج البيت، ليصبحا كموظفين في الحياة الزوجيَّة تجمعهما لقاءات عابرة والتزامات ماديَّة للحفاظ على شكلهما الاجتماعي والأسري أمام الآخرين، وذلك خوفاً من لقب مُطلِّق أو مطلَّقة، وخصوصاً لقب مُطلَّقة للزوجة؛ ولتجنّب نظرة مجتمعنا القاصِرة للمطلَّقات. وهذه الحالة قد لا يعرف عنها أحدٌ خارج الزوجين، فأمام العائلة والأصدقاء؛ يكونان وكأنهما أكثر من حبيبين، ولكن في خلوتهما؛ يخلعان قناع العائلة ويعودان إلى وجه الفراق القبيح.
لذلك هناك استحالة في الحصول على إحصائيات وأرقام حول هذه الظاهرة على الرغم من تفشيها وتفاقمها.
وعن جواب لسؤال «هل هي مجرّد ظاهرة عابرة (ظرفية) أم انها تدوم؟
قال د. سامي قد تكون مجرّد ظاهرة عابرة نسميها «طلاق صامت من درجة أولى» يمكن أن يكون مجرّد ظاهرة عابرة، سحابة تغيّم لفترات معينة على الحياة الزوجية، ينجح الطرفان في تجاوزها، فكل العلاقات الزوجية تنتابها من حين أو لآخر خلافات نتيجة ضغوط الحياة اليومية والمعيشية، الروتين، اختلاف في التنشئة الاجتماعية بين الطرفين، خاصة في بدايات عمر الزواج.
في هذه الحالة ينتج شبه قطيعة كثيرا ما تكون وقتية وظرفية لنعبّر عنها بطلاق صامت من الدرجة الأولى، بل حتى الطلاق الصامت من الدرجة الثانية عادة ما تسبقه قطيعات مؤقتة. البعد الوقتي والظرفي.
لكن، يضيف د.سامي « اذا تواترت وتكررت الانقطاعات، فإن الطلاق الصامت من الدرجة الأولى قد يتطوّر وتتفاقم الخلافات ويتحوّل إلى طلاق صامت من الدرجة الثانية».
هل من حلول ؟
وبحسب د.صالح بركات تشير الدراسات أن سبعا من كل عشر سيدات في الاردن يعانين من صمت الأزواج، وانعدام المشاعر بعد مرور أكثر من خمس سنوات على الزواج. وتشير الأرقام إلى أن 68% من حالات الانفصال العاطفي تكون بسبب معاناة المرأة او الرجل من غياب التواصل العاطفي وانعدام المشاعر، وعدم التعبير عن العواطف بين الزوجين، وعدم وجود حوار يربط بينهما. هذه الاعراض تؤدي الى شيوع ما يسمى بالطلاق العاطفي او الطلاق الصامت.
ويضيف «حينما يحصل الجفاف فهذا يعني أن المشاعر الإيجابية دفنت بركام المشاعر السلبية القديمة!. من أكبر معاول الهدم للعلاقة الزوجية وللأسرة كاملة جفاف المشاعر بين الزوجين. الزواج - ذلك الميثاق الغليظ - تعتريه كثير من الظروف والعواصف فيثبت أمامها ليؤكد أنه متين أمام كل الظروف إذا بُني على الحب والتفاهم والحوار والإرادة، ليَثبت دون أن يتأثر بكل من حوله، والزوجان هما المحرك الرئيس لحياتهما، وحينما تستحيل الحياة بينهما إلى جليد عاطفي وقحط في المشاعر تبدأ المشاكل في الظهور، ويقل الشعور بالأمان بينهما، وتتحول الحياة من ربيع المشاعر إلى خريف بائس وشتاء قارس، وخاصة أن جفاف المشاعر يُفضي إلى الطلاق العاطفي وهو من أسباب الطلاق حسب بعض الدراسات.
التعليقات