د. عاصم منصور
تابعنا خلال الأيام الماضية الجدل الدائر حول قرار الحكومة الأخير، والمتمثل في إيقاف الإعفاءات الطبية التي كانت تُمنح من قبل رئاسة الوزراء وإعادتها إلى حيث كانت تُمنح سابقاً من خلال الديوان الملكي ووزارة الصحة، ولم يكن مفاجئا للمتابعين والعالمين ببواطن الأمور أن يكون صوت السادة النواب هو الأعلى في الاحتجاج على هذا القرار؛ فهم المتضرر الرئيسي من هذا القرار، فليس سراً أن الممارسة السابقة كانت نتيجة تفاهمات ضمنية بين الحكومات المتعاقبة والنواب تقضي بمنحهم هذا الامتياز، وهذا ما دفع بالبعض إلى الطلب بتحديد كوتا للنواب لضمان «العدالة» في توزيع الإعفاءات فيما بينهم في ظاهرة لم أجد لها مثيلاً في جميع دول العالم.
فالنواب وتحت الضغط الذي يواجهونه من قبل ناخبيهم كانوا في منتهى الصراحة خلال نقاشهم للموضوع تحت القبة حيث صرح معظمهم أو ألمح إلى أن الإعفاءات الطبية هي المنجز الوحيد المتبقي لديهم لتقديمه لقواعدهم الانتخابية.
قرار الحكومة الأخير هو خطوة منقوصة لإعادة الأمور إلى نصابها، فالممارسات السابقة لا تتفق مع مبادئ الدولة الحديثة ولا دولة المؤسسات أو مبدأ الحوكمة الرشيدة وفصل السلطات، لكن اكتمال هذه الخطوة يقتضي أن تتبعها أخرى تؤسس لمظلة موحدة للتحويلات الطبية، تحكمها أسس طبية واضحة وشفافة تراعي مصلحة المريض، وتستأنس برأي مقدمي الخدمة وتتعامل معهم بروح الشراكة لا المنافسة والمناكفة ولا تتجاوز الميزانية المرصودة لهذا الغرض.
لقد لجأت الحكومة لهذه الخطوة المتأخرة وهي تعي تماما الكلفة السياسة التي ستترتب عليها من خلال توتر علاقتها مع مجلس النواب الذي خاض هذه المعركة التي يراها مصيرية كما لم يخض أيا من معاركه السابقة، لكن تضخم المديونية الحكومية تحت بند المعالجات لم يعد بالإمكان السكوت عليه وكان على الدوام محل انتقاد المؤسسات الدولية المانحة كما أن هذه الديون الضخمة باتت تهدد كينونة معظم المؤسسات الطبية التي كانت للأسف الغائب الأكبر عن هذا الجدل ولم يُؤخذ رأيها في أمر هو من صلب اختصاصها.
لا يمكن لخطوة الحكومة في إعادة النظر في الإعفاءات الطبية الصادرة عن رئاسة الوزراء أن تكتمل دون إعادة النظر بمجمل القطاع الصحي من خلال الجدية في تطبيق الرعاية الصحية الشاملة لجميع الأردنيين والمقيمين على الأرض الأردنية، تشمل تحديدا للصلاحيات والواجبات، وتقوم برصد الميزانيات المناسبة من خلال مصادر تمويل تشاركية تحقق مبدأ الاستدامة والعدالة وتحقيق العدالة.
الإعفاءات الطبية ليست أكثر من عرض لمرض مزمن أشد خطورة، وهو القصور في منظومتنا الصحية الذي نتج عن التسويف الذي مارسناه عبر العقود الماضية، ونتيجة إحجامنا عن خوض غمار إصلاح حقيقي عميق في بنية قطاعنا الصحي وأي محاولة للتعامل معها خارج هذا الإطار هو تغميس خارج الصحن.
إننا ندفع اليوم ضريبة غياب الرؤية، وإحجام المسؤولين المتعاقبين عن اتخاذ قرارات جريئة لكنها ضرورية لأي برنامج إصلاحي وتعاملهم مع هذا القطاع الحيوي والمهم على مبدأ تسيير الأعمال وإطفاء الحرائق!! فأي إصلاح حقيقي يبدأ بالتزام سياسي، وجرأة في الطرح، وشمولية في النظرة.
من الظلم تحميل حكومة بعينها أو وزير ما مسؤولية ما وصلنا إليه اليوم؛ فهذا التشوه جاء نتيجة تراكم الأخطاء ولا يمكن أن يحل بين عشية وضحاها، ولا من خلال اجتماعات بروتوكولية ينتهي أثرها بمغادرة الحاضرين قاعة الاجتماعات. لا أعلم حتى اللحظة إن كانت الحكومة ستصمد أمام هجمة النواب المضادة أم أنها ستغلب مصلحتها الآنية وتتراجع عن قرارها، ولا نملك هنا إلا أن ندعو الله لها أن يثبتها عند السؤال.
د. عاصم منصور
تابعنا خلال الأيام الماضية الجدل الدائر حول قرار الحكومة الأخير، والمتمثل في إيقاف الإعفاءات الطبية التي كانت تُمنح من قبل رئاسة الوزراء وإعادتها إلى حيث كانت تُمنح سابقاً من خلال الديوان الملكي ووزارة الصحة، ولم يكن مفاجئا للمتابعين والعالمين ببواطن الأمور أن يكون صوت السادة النواب هو الأعلى في الاحتجاج على هذا القرار؛ فهم المتضرر الرئيسي من هذا القرار، فليس سراً أن الممارسة السابقة كانت نتيجة تفاهمات ضمنية بين الحكومات المتعاقبة والنواب تقضي بمنحهم هذا الامتياز، وهذا ما دفع بالبعض إلى الطلب بتحديد كوتا للنواب لضمان «العدالة» في توزيع الإعفاءات فيما بينهم في ظاهرة لم أجد لها مثيلاً في جميع دول العالم.
فالنواب وتحت الضغط الذي يواجهونه من قبل ناخبيهم كانوا في منتهى الصراحة خلال نقاشهم للموضوع تحت القبة حيث صرح معظمهم أو ألمح إلى أن الإعفاءات الطبية هي المنجز الوحيد المتبقي لديهم لتقديمه لقواعدهم الانتخابية.
قرار الحكومة الأخير هو خطوة منقوصة لإعادة الأمور إلى نصابها، فالممارسات السابقة لا تتفق مع مبادئ الدولة الحديثة ولا دولة المؤسسات أو مبدأ الحوكمة الرشيدة وفصل السلطات، لكن اكتمال هذه الخطوة يقتضي أن تتبعها أخرى تؤسس لمظلة موحدة للتحويلات الطبية، تحكمها أسس طبية واضحة وشفافة تراعي مصلحة المريض، وتستأنس برأي مقدمي الخدمة وتتعامل معهم بروح الشراكة لا المنافسة والمناكفة ولا تتجاوز الميزانية المرصودة لهذا الغرض.
لقد لجأت الحكومة لهذه الخطوة المتأخرة وهي تعي تماما الكلفة السياسة التي ستترتب عليها من خلال توتر علاقتها مع مجلس النواب الذي خاض هذه المعركة التي يراها مصيرية كما لم يخض أيا من معاركه السابقة، لكن تضخم المديونية الحكومية تحت بند المعالجات لم يعد بالإمكان السكوت عليه وكان على الدوام محل انتقاد المؤسسات الدولية المانحة كما أن هذه الديون الضخمة باتت تهدد كينونة معظم المؤسسات الطبية التي كانت للأسف الغائب الأكبر عن هذا الجدل ولم يُؤخذ رأيها في أمر هو من صلب اختصاصها.
لا يمكن لخطوة الحكومة في إعادة النظر في الإعفاءات الطبية الصادرة عن رئاسة الوزراء أن تكتمل دون إعادة النظر بمجمل القطاع الصحي من خلال الجدية في تطبيق الرعاية الصحية الشاملة لجميع الأردنيين والمقيمين على الأرض الأردنية، تشمل تحديدا للصلاحيات والواجبات، وتقوم برصد الميزانيات المناسبة من خلال مصادر تمويل تشاركية تحقق مبدأ الاستدامة والعدالة وتحقيق العدالة.
الإعفاءات الطبية ليست أكثر من عرض لمرض مزمن أشد خطورة، وهو القصور في منظومتنا الصحية الذي نتج عن التسويف الذي مارسناه عبر العقود الماضية، ونتيجة إحجامنا عن خوض غمار إصلاح حقيقي عميق في بنية قطاعنا الصحي وأي محاولة للتعامل معها خارج هذا الإطار هو تغميس خارج الصحن.
إننا ندفع اليوم ضريبة غياب الرؤية، وإحجام المسؤولين المتعاقبين عن اتخاذ قرارات جريئة لكنها ضرورية لأي برنامج إصلاحي وتعاملهم مع هذا القطاع الحيوي والمهم على مبدأ تسيير الأعمال وإطفاء الحرائق!! فأي إصلاح حقيقي يبدأ بالتزام سياسي، وجرأة في الطرح، وشمولية في النظرة.
من الظلم تحميل حكومة بعينها أو وزير ما مسؤولية ما وصلنا إليه اليوم؛ فهذا التشوه جاء نتيجة تراكم الأخطاء ولا يمكن أن يحل بين عشية وضحاها، ولا من خلال اجتماعات بروتوكولية ينتهي أثرها بمغادرة الحاضرين قاعة الاجتماعات. لا أعلم حتى اللحظة إن كانت الحكومة ستصمد أمام هجمة النواب المضادة أم أنها ستغلب مصلحتها الآنية وتتراجع عن قرارها، ولا نملك هنا إلا أن ندعو الله لها أن يثبتها عند السؤال.
د. عاصم منصور
تابعنا خلال الأيام الماضية الجدل الدائر حول قرار الحكومة الأخير، والمتمثل في إيقاف الإعفاءات الطبية التي كانت تُمنح من قبل رئاسة الوزراء وإعادتها إلى حيث كانت تُمنح سابقاً من خلال الديوان الملكي ووزارة الصحة، ولم يكن مفاجئا للمتابعين والعالمين ببواطن الأمور أن يكون صوت السادة النواب هو الأعلى في الاحتجاج على هذا القرار؛ فهم المتضرر الرئيسي من هذا القرار، فليس سراً أن الممارسة السابقة كانت نتيجة تفاهمات ضمنية بين الحكومات المتعاقبة والنواب تقضي بمنحهم هذا الامتياز، وهذا ما دفع بالبعض إلى الطلب بتحديد كوتا للنواب لضمان «العدالة» في توزيع الإعفاءات فيما بينهم في ظاهرة لم أجد لها مثيلاً في جميع دول العالم.
فالنواب وتحت الضغط الذي يواجهونه من قبل ناخبيهم كانوا في منتهى الصراحة خلال نقاشهم للموضوع تحت القبة حيث صرح معظمهم أو ألمح إلى أن الإعفاءات الطبية هي المنجز الوحيد المتبقي لديهم لتقديمه لقواعدهم الانتخابية.
قرار الحكومة الأخير هو خطوة منقوصة لإعادة الأمور إلى نصابها، فالممارسات السابقة لا تتفق مع مبادئ الدولة الحديثة ولا دولة المؤسسات أو مبدأ الحوكمة الرشيدة وفصل السلطات، لكن اكتمال هذه الخطوة يقتضي أن تتبعها أخرى تؤسس لمظلة موحدة للتحويلات الطبية، تحكمها أسس طبية واضحة وشفافة تراعي مصلحة المريض، وتستأنس برأي مقدمي الخدمة وتتعامل معهم بروح الشراكة لا المنافسة والمناكفة ولا تتجاوز الميزانية المرصودة لهذا الغرض.
لقد لجأت الحكومة لهذه الخطوة المتأخرة وهي تعي تماما الكلفة السياسة التي ستترتب عليها من خلال توتر علاقتها مع مجلس النواب الذي خاض هذه المعركة التي يراها مصيرية كما لم يخض أيا من معاركه السابقة، لكن تضخم المديونية الحكومية تحت بند المعالجات لم يعد بالإمكان السكوت عليه وكان على الدوام محل انتقاد المؤسسات الدولية المانحة كما أن هذه الديون الضخمة باتت تهدد كينونة معظم المؤسسات الطبية التي كانت للأسف الغائب الأكبر عن هذا الجدل ولم يُؤخذ رأيها في أمر هو من صلب اختصاصها.
لا يمكن لخطوة الحكومة في إعادة النظر في الإعفاءات الطبية الصادرة عن رئاسة الوزراء أن تكتمل دون إعادة النظر بمجمل القطاع الصحي من خلال الجدية في تطبيق الرعاية الصحية الشاملة لجميع الأردنيين والمقيمين على الأرض الأردنية، تشمل تحديدا للصلاحيات والواجبات، وتقوم برصد الميزانيات المناسبة من خلال مصادر تمويل تشاركية تحقق مبدأ الاستدامة والعدالة وتحقيق العدالة.
الإعفاءات الطبية ليست أكثر من عرض لمرض مزمن أشد خطورة، وهو القصور في منظومتنا الصحية الذي نتج عن التسويف الذي مارسناه عبر العقود الماضية، ونتيجة إحجامنا عن خوض غمار إصلاح حقيقي عميق في بنية قطاعنا الصحي وأي محاولة للتعامل معها خارج هذا الإطار هو تغميس خارج الصحن.
إننا ندفع اليوم ضريبة غياب الرؤية، وإحجام المسؤولين المتعاقبين عن اتخاذ قرارات جريئة لكنها ضرورية لأي برنامج إصلاحي وتعاملهم مع هذا القطاع الحيوي والمهم على مبدأ تسيير الأعمال وإطفاء الحرائق!! فأي إصلاح حقيقي يبدأ بالتزام سياسي، وجرأة في الطرح، وشمولية في النظرة.
من الظلم تحميل حكومة بعينها أو وزير ما مسؤولية ما وصلنا إليه اليوم؛ فهذا التشوه جاء نتيجة تراكم الأخطاء ولا يمكن أن يحل بين عشية وضحاها، ولا من خلال اجتماعات بروتوكولية ينتهي أثرها بمغادرة الحاضرين قاعة الاجتماعات. لا أعلم حتى اللحظة إن كانت الحكومة ستصمد أمام هجمة النواب المضادة أم أنها ستغلب مصلحتها الآنية وتتراجع عن قرارها، ولا نملك هنا إلا أن ندعو الله لها أن يثبتها عند السؤال.
التعليقات