عبدالسلام الطراونة
شاهدت المقابلة التي اجريت بمناسبة اليوبيل الفضي مع سمو الأمير الحسين ولي العهد من قبل قناة (العربية) عدة مرات.. وقرأتها مكتوبة مراتٍ عديدةً بعين الصحفي الذي تعاطى مع الحرف واهميته ودلالاته ومراميه البعيدة والقريبة عبر عدة عقود.. واستمعت الى المقابلة بكافة ابعادها ومفاصلها عبر الراديو كإذاعي يرى بعين اذنه نبرة الحديث ووتيرة الطرح وصدق الكلام وصولا الى الهدف المبتغى..
وايقنت بعد هذا كله ان اميرنا المحبوب قد فتح الله عليه اثناء المقابلة وكان يقود دفة الحديث باقتدار واضح مستشهدا بالحقائق والارقام والتواريخ, اذ كان يقول ما يعني ويعني ما يقول.. وبدا هذا الامر واضحا من خلال التساوق بين مبنى الحديث ومعناه عبر مرسالهما وهو الحرف الواثق والصريح الذي ينطلق من لسان موهوب وتراث مكسوب ووجدان صادق اكتسب الحكمة والحنكة وبعد النظر من الجد الملك الحسين طيب الله ثراه مثلما اخذ نبرة الحديث وشجاعة الطرح وعسكرية الاداء من الوالد الملك عبد الله الثاني ابن الحسين.
ولعل من البدهي القول بأنني امتلأت غبطة واعجابا بحديث الحسين والذي بدا كما لو انه كان يتلو من كتاب مفتوح تلك الحقائق والارقام وعبارات الصبر وجميل الكلام, مثلما امتلأ وجداني بتقدير بالغ للأمير ولما قاله مشفوعًا بالتمنيات بان يضع المسؤولون على كافة مستوياتهم, خطاب الامير أمام ناظرهم كخارطة طريق بالغة الاهمية يذاكرون دلالاتها ويحفظون دروسها وعبرها عن ظهر قلب, ويعرضون معانيها القريبة والبعيدة من خلال المؤتمرات والندوات واللقاءات على كافة الصعد الوطنية والاقليمية والدولية.
وتوقفت مليًا, يا صاحب السمو, عند عدد من المفاصل والمعاني والدلالات التي وردت في حديثكم ولعل اولها جرعة الحزن البالغ والبادي على محياكم والغضب الساطع في قلبكم, تلك المعاني التي عبر عنها بوحكم الشفيف ازاء ما يجري من مذابح في غزة وظلم واحتلال يمارس في وضح النهار في فلسطين المحتلة وعلى مرأى ومسمعٍ من القريب والبعيد و' العالم المتحضر' على حد سواء!
وثانيهما موضوع التكامل العربي الذي اكدتم يا سمو الامير على ضرورته واهميته دون ان تحمل الاخرين من بني قومنا جميلاً ولو من قبيل التلميح بان الثورة العربية الكبرى والتي اطلقها جدكم ملك العرب الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه قامت في الاصل من اجل تحقيق التكامل العربي ووحدة الامة العربية وحريتها وسيادتها الكاملة.
أما ثالث الموضوعات. يا سمو الامير، فقد كان التعليم والذي اوردتموه في اكثر من موقع خلال المقابلة.. فالتعليم كان البوابة الرحبة والمشرعة لنهضة العديد من الدول التي كانت ترزح تحت وطأة الفقر والعوز فأصبحت صاحبة نهضة صناعية واقتصادية باهرة.. وخير مثال على ذلك دول نمور آسيا الخمس وفي المقدمة منها ماليزيا وإندونيسيا.. فقد حجزت هذه الدول لها مكانة مرموقة في صفوف نمور آسيا من خلال بوابة التعليم والتعليم وحده! ويسوقني الحديث يا سمو الامير الى الخوض في موضوع اعادة خدمة العلم الذي ركزتم على ضرورة تحقيقه من اجل غرس بذرو الانضباطية في نفوس شبابنا وصقل شخصياتهم بطريقة امنة وسليمة بحيث تقف على تخوم الجدية والصرامة والتربية العسكرية وصولا الى ترسيخ التصاقهم بالأرض والذود عنها بالمهج والارواح.
وليس سرًا القول بأن حركة اعدائنا, اقصد الحركة الصهيونية قد قامت نظريا وعمليًا على ركني الارض والانسان.. وقام الصهاينة بالاستيلاء على ارضنا العربية الفلسطينية واحتلالها بالتواطؤ مع دول الغرب من اجل توفير الشق الاول الغائب والمفقود اصلا في معادلة الحركة الصهيونية وهو الارض! لكن الصمود الفلسطيني الأسطوري استطاع بحول الله ان يبطل فاعلية المشروع الاستيطاني الصهيوني ويجعل منه مشروعًا استعماريا مكلفا يستحيل تنفيذه على ارض الواقع.
وأود أن اضيف بهذا الصدد تجارب على الصعيد العربي من مثل تشكيلة الحرس القومي في بعض الاقطار العربية..
وهنا يتبادر الى الذهن سؤال وطني ومشروع ومفاده: ما الذي يحول دون اعادة خدمة العلم في بلدنا العزيز لكي يصبح شبابنا بمثابة حرس وطني اردني بحق وحقيق وذراع مساندة لجيشنا العربي الذي نحب وعظم الرقبة لنظامنا ووطننا الذي نعشق؟.
أما عن (دقة الصدر) وأسلوب الفزعة الفارغة على الصعد المحلية والعربية والدولية فأننا نشاطر سموكم النفور من دقة الصدر الفارغة هذه لأنها تشكل نوعا من الاستعراض الخالي من المضمون والذي لا يفيد الوطن والناس بشيء!..
وبالمناسبة فقد اعتدنا, يا صاحب السمو, على (دقة الصدر) الفارغة والتي اورثت لنا غصة في الصدر لا يمكن نسيانها.. وهذا الدقة الصدرية اعطاها الناس في بلدنا ومن قبيل التندر عنوانًا عريضا يقول: (عندك..وما انا عندك) اي عندك ولست عندك! وقد وصف الامام ابو حامد الغزالي في العام 501 هـ اصحاب (الدقة الصدرية) بانهم اشبه بالغيوم الكاذبة التي تبدو وتظهر ولكنها لا تندي ولا تمطر! والتفاصيل موجودة في ثنايا صفحات كتابه بعنوان (التبر المسبوك).
وثمة موضوع طرحتموه يا صاحب السمو وكان مؤطرًا بالصدق ومعطرا بالصراحة وهو التحديث والتطوير السياسي مع ما يستتبع من تطور حزبي وموضوعة الموالاة والمعارضة كذلك.. فقد اثلج صدورنا رفض سموكم لتسمية موالاة ومعارضة من حيث المبدأ لان تماسك شعبنا ووحدته الوطنية يحولان دون التعاطي مع هذه المفردة الفرعية.. وابهج خاطر الجميع قول سموكم من انه ليس بالضرورة ان يكون الموالي متشددا وقولكم ايضا ان المعارض جزء من الوطن وتظل وطنيته كاملة غير منقوصة..
وابهج الخاطر واشاع الطمأنينة في النفوس تأكيدك بانك لا تؤيد وصم الناس بناء على آرائهم ومواقفهم اذا كانت مدروسة وتهدف للصالح العام.
وازاء حديثكم المؤطر بالصراحة فإنني أجد لزاما علي أن أصارح سموكم بأن واقع الامور الحزبية على الساحة الأردنية يقول: إن لدينا نمطين أو صنفين من الاحزاب من حيث التعاطي والتعامل من قبل الجهات المعنية.
الصنف الاول ويشمل احزابا اطلق عليه من قبيل التندر (ابناء الداية) لانهم يحظون بالدلال والاسناد المعنوي والدعم المادي, أما الصنف الثاني وهو (ابناء الجارية) فهو الذي ينتظم احزابا تواجه الصدود والمعاملة القاسية لا بل العين الحمراء من قبل بعض الجهات المعنية رغم انها احزاب وطنية تعمل في وضح النهار وتحت سقف القانون والنظام وتحب الوطن وقيادة الوطن فما الداعي للتنغيص عليها!.
وأود أن أستدرك, يا صاحب السمو, وأقول إنني لست حزبيًا ولم انخرط في صفوف اي حزب على الساحة الاردنية وان دافعي للحديث عن الصعاب التي تواجه بعض الاحزاب ينطلق من قناعة تامة بضرورة اعطائها حق الوجود والتعبير عن الرأي وقناعتي الأكيدة بأن بلدنا الاردن يحظى بقيادة هاشمية حكيمة لا يظلم عندها احد.
واستأذن سموكم بان اعرج في الحديث لمفصل جانبي خلال المقابلة حين طرح المذيع ربما دون قصد سؤالا غير موفق يتعلق بأحداث ايلول المؤسفة في العام 1970 م.. وكم كان جوابكم حصيفًا وموقف سموكم حكيمًا وصارمًا في الوقت ذاته عنما قلت بصريح العبارة:
(نحن لا نقبل ان يكون الاردن اسيرا لازمة حدثت قبل 50 عاما وهي في مجملها ازمة بين النظام والفوضى.. فالأردن بلد قوي ومتماسك ونحن ننظر الى المستقبل المنشود والغد الافضل بكل ثقة وتفاؤل ولا نعود الى الوراء والى حالة مضت وانقضت قبل نصف قرن من الزمن).
واعترف يا سمو الامير بأن القلب صفق لك قبل ان تصفق اليدان.
وفي الختام.. فقد طرح سمو ولي العهد جملة من القضايا والافكار والمبادئ الثمينة عبر حوالي 50 دقيقة ولامس حديثه اسماعنا ودخل قلوبنا لأنه يعير عن دواخلنا في حين عجز المسؤولون عبر حقب طويلة عن ايصالها بالشكل الامثل كما فعل سمو الامير!!..
وأود أن أزيد بان سموه طرح المشاكل والحلول في الوقت ذاته, من هنا بات لزاما ان يقوم المسؤولون والنواب والاعلاميون والصحفيون والمحبون للوطن بأدوارهم لعرض هذه الافكار وترجمة الرؤى التي طرحها سموه لما فيه خير الوطن والمواطن.
وعلى ضوء حديث ولي العهد فان اسئلة مشروعة تطرح نفسها وادرجها فيما يلي:
لماذا لا يصار الى تشكيل لجنة متابعة رسمية وشعبية هدفها الاتصال والتنسيق مع الجهات المعنية لوضع الافكار والرؤى موضع التنفيذ الفعلي وبما ينعكس على مصلحة الوطن والمواطن؟، ما الذي يمنع من اعادة خدمة العلم واعادة انتاج معسكرات الحسين التي تحمل اسما غاليا ومضمونا وطنيا جليلا؟، ما الذي يحول دون ان يقوم المرشحون للانتخابات النيابية ومشاريع النواب الذين يذرعون حاليا الأرض طولا وعرضا سعيًا لأصوات الناخبين وان يقوموا بالاستفادة من رؤى وافكار الامير وتضمين هذه الافكار ضمن برامج انتخابية تنفع الوطن والناس بدل الاسطوانة المشروخة التي صدعوا رؤوسنا بها ويقول مطلعها (بناء على رغبة الاهل والعشيرة رشحت نفسي للانتخابات النيابية) مع ان الاهل والعشيرة براء من هذه الرغبة؟!.
لماذا لا يصار الى تشكيل لجنة شعبية لتقييم اداء وبرامج النواب الذين نوليهم ثقتنا نحن ابناء الشعب والتي بموجبها يمنحون الثقة للحكومة او التلويح بحجبها عن الحكومة.. فمن يحاسب هؤلاء الذين يحاسبون الحكومة بموجب وكالة منا نحن ابناء الشعب والامة التي تعتبر مصدر السلطات؟.
ما الذي يحول دون ان يقوم الاعلاميون والصحفيون بالشروع في برامج استقصائية مادتها الافكار والمبادئ والرؤى التي تضمنها حديث ولي العهد؟.
لماذا لا تقوم المنظمات غير الحكومية بإقامة ندوات و مؤتمرات تستقي عناوينها ومضامينها من الافكار والمبادئ التي طرحها الامير بدل ان تصدع معظمها رؤوسنا صباح مساء بندوات اغلبها هلامي العنوان والمحتوى ولا يمت معظم هذه الندوات بصلة للمواضيع ذات الصلة باهتمامات الوطن والمواطنين؟.
ما الذي يحول دون تفويض بعض اراضي الدولة للشباب المجتهدين والمهندسين الزراعيين من اجل استثمارها لإنتاج القمح والغلال وتوفير فرص العمل لشبابنا الذين يقبعون تحت اتون ونار البطالة وعيونهم مفتوحة دون عمل وهاجسهم الوحيد هو الهجرة الى الخارج؟.
وفي ختام الختام أقول : حلق بنا الطيار الماهر والامير القريب من نبض قلوبنا ولي العهد المحبوب عبر حوالي 50 دقيقة في اجواء الماضي والحاضر والمستقبل.. زوادتنا البوح الجميل.. ودليلنا الحقائق والارقام .. والامل والالم.. والصبر والجميل نحو قضايا الوطن والامة.. ووجهتنا كانت الى الغد الافضل بحول الله .. نعم حلق بنا اميرنا الغالي وهو يحتل القلوب قبل الاسماع ربما لأنه يعرف مفاتيح قلوبنا والوجع الكامن داخلها اكثر من مسؤولي الحكومات المتعاقبة عبر سنوات طويلة والتي ظلت اسماعنا وقلوبنا موصدة امام تصريحاتهم وأقوالهممع استثناء واحد ووحيد وهو الشهيد (وصفي التل) الذي عرف وجعنا وداوى جرحنا وكانت مفاتيح قلوبنا في يمناه.. فقد ظل هؤلاء المسؤولون يجهلون اسرار ومفاتيح افئدتنا ولا يكترثون لنبض قلوبنا ووجع جوارحنا وبؤس قلوبنا في غالب الاحيان!!.
سيحط شراع الرحلة الميمونة رحلة الامل بصحبة اميرنا المحبوب ورحلة القلوب مع قيادتنا الهاشمية نحو الشمس والذرى وبلوغ العلياء لان الاردن والمجد توأمان ولان العناية الالهية والسواعد المخلصة تحمي الوطن والانجاز.
وللحديث بقية يا صاحب السمو..
عبدالسلام الطراونة
شاهدت المقابلة التي اجريت بمناسبة اليوبيل الفضي مع سمو الأمير الحسين ولي العهد من قبل قناة (العربية) عدة مرات.. وقرأتها مكتوبة مراتٍ عديدةً بعين الصحفي الذي تعاطى مع الحرف واهميته ودلالاته ومراميه البعيدة والقريبة عبر عدة عقود.. واستمعت الى المقابلة بكافة ابعادها ومفاصلها عبر الراديو كإذاعي يرى بعين اذنه نبرة الحديث ووتيرة الطرح وصدق الكلام وصولا الى الهدف المبتغى..
وايقنت بعد هذا كله ان اميرنا المحبوب قد فتح الله عليه اثناء المقابلة وكان يقود دفة الحديث باقتدار واضح مستشهدا بالحقائق والارقام والتواريخ, اذ كان يقول ما يعني ويعني ما يقول.. وبدا هذا الامر واضحا من خلال التساوق بين مبنى الحديث ومعناه عبر مرسالهما وهو الحرف الواثق والصريح الذي ينطلق من لسان موهوب وتراث مكسوب ووجدان صادق اكتسب الحكمة والحنكة وبعد النظر من الجد الملك الحسين طيب الله ثراه مثلما اخذ نبرة الحديث وشجاعة الطرح وعسكرية الاداء من الوالد الملك عبد الله الثاني ابن الحسين.
ولعل من البدهي القول بأنني امتلأت غبطة واعجابا بحديث الحسين والذي بدا كما لو انه كان يتلو من كتاب مفتوح تلك الحقائق والارقام وعبارات الصبر وجميل الكلام, مثلما امتلأ وجداني بتقدير بالغ للأمير ولما قاله مشفوعًا بالتمنيات بان يضع المسؤولون على كافة مستوياتهم, خطاب الامير أمام ناظرهم كخارطة طريق بالغة الاهمية يذاكرون دلالاتها ويحفظون دروسها وعبرها عن ظهر قلب, ويعرضون معانيها القريبة والبعيدة من خلال المؤتمرات والندوات واللقاءات على كافة الصعد الوطنية والاقليمية والدولية.
وتوقفت مليًا, يا صاحب السمو, عند عدد من المفاصل والمعاني والدلالات التي وردت في حديثكم ولعل اولها جرعة الحزن البالغ والبادي على محياكم والغضب الساطع في قلبكم, تلك المعاني التي عبر عنها بوحكم الشفيف ازاء ما يجري من مذابح في غزة وظلم واحتلال يمارس في وضح النهار في فلسطين المحتلة وعلى مرأى ومسمعٍ من القريب والبعيد و' العالم المتحضر' على حد سواء!
وثانيهما موضوع التكامل العربي الذي اكدتم يا سمو الامير على ضرورته واهميته دون ان تحمل الاخرين من بني قومنا جميلاً ولو من قبيل التلميح بان الثورة العربية الكبرى والتي اطلقها جدكم ملك العرب الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه قامت في الاصل من اجل تحقيق التكامل العربي ووحدة الامة العربية وحريتها وسيادتها الكاملة.
أما ثالث الموضوعات. يا سمو الامير، فقد كان التعليم والذي اوردتموه في اكثر من موقع خلال المقابلة.. فالتعليم كان البوابة الرحبة والمشرعة لنهضة العديد من الدول التي كانت ترزح تحت وطأة الفقر والعوز فأصبحت صاحبة نهضة صناعية واقتصادية باهرة.. وخير مثال على ذلك دول نمور آسيا الخمس وفي المقدمة منها ماليزيا وإندونيسيا.. فقد حجزت هذه الدول لها مكانة مرموقة في صفوف نمور آسيا من خلال بوابة التعليم والتعليم وحده! ويسوقني الحديث يا سمو الامير الى الخوض في موضوع اعادة خدمة العلم الذي ركزتم على ضرورة تحقيقه من اجل غرس بذرو الانضباطية في نفوس شبابنا وصقل شخصياتهم بطريقة امنة وسليمة بحيث تقف على تخوم الجدية والصرامة والتربية العسكرية وصولا الى ترسيخ التصاقهم بالأرض والذود عنها بالمهج والارواح.
وليس سرًا القول بأن حركة اعدائنا, اقصد الحركة الصهيونية قد قامت نظريا وعمليًا على ركني الارض والانسان.. وقام الصهاينة بالاستيلاء على ارضنا العربية الفلسطينية واحتلالها بالتواطؤ مع دول الغرب من اجل توفير الشق الاول الغائب والمفقود اصلا في معادلة الحركة الصهيونية وهو الارض! لكن الصمود الفلسطيني الأسطوري استطاع بحول الله ان يبطل فاعلية المشروع الاستيطاني الصهيوني ويجعل منه مشروعًا استعماريا مكلفا يستحيل تنفيذه على ارض الواقع.
وأود أن اضيف بهذا الصدد تجارب على الصعيد العربي من مثل تشكيلة الحرس القومي في بعض الاقطار العربية..
وهنا يتبادر الى الذهن سؤال وطني ومشروع ومفاده: ما الذي يحول دون اعادة خدمة العلم في بلدنا العزيز لكي يصبح شبابنا بمثابة حرس وطني اردني بحق وحقيق وذراع مساندة لجيشنا العربي الذي نحب وعظم الرقبة لنظامنا ووطننا الذي نعشق؟.
أما عن (دقة الصدر) وأسلوب الفزعة الفارغة على الصعد المحلية والعربية والدولية فأننا نشاطر سموكم النفور من دقة الصدر الفارغة هذه لأنها تشكل نوعا من الاستعراض الخالي من المضمون والذي لا يفيد الوطن والناس بشيء!..
وبالمناسبة فقد اعتدنا, يا صاحب السمو, على (دقة الصدر) الفارغة والتي اورثت لنا غصة في الصدر لا يمكن نسيانها.. وهذا الدقة الصدرية اعطاها الناس في بلدنا ومن قبيل التندر عنوانًا عريضا يقول: (عندك..وما انا عندك) اي عندك ولست عندك! وقد وصف الامام ابو حامد الغزالي في العام 501 هـ اصحاب (الدقة الصدرية) بانهم اشبه بالغيوم الكاذبة التي تبدو وتظهر ولكنها لا تندي ولا تمطر! والتفاصيل موجودة في ثنايا صفحات كتابه بعنوان (التبر المسبوك).
وثمة موضوع طرحتموه يا صاحب السمو وكان مؤطرًا بالصدق ومعطرا بالصراحة وهو التحديث والتطوير السياسي مع ما يستتبع من تطور حزبي وموضوعة الموالاة والمعارضة كذلك.. فقد اثلج صدورنا رفض سموكم لتسمية موالاة ومعارضة من حيث المبدأ لان تماسك شعبنا ووحدته الوطنية يحولان دون التعاطي مع هذه المفردة الفرعية.. وابهج خاطر الجميع قول سموكم من انه ليس بالضرورة ان يكون الموالي متشددا وقولكم ايضا ان المعارض جزء من الوطن وتظل وطنيته كاملة غير منقوصة..
وابهج الخاطر واشاع الطمأنينة في النفوس تأكيدك بانك لا تؤيد وصم الناس بناء على آرائهم ومواقفهم اذا كانت مدروسة وتهدف للصالح العام.
وازاء حديثكم المؤطر بالصراحة فإنني أجد لزاما علي أن أصارح سموكم بأن واقع الامور الحزبية على الساحة الأردنية يقول: إن لدينا نمطين أو صنفين من الاحزاب من حيث التعاطي والتعامل من قبل الجهات المعنية.
الصنف الاول ويشمل احزابا اطلق عليه من قبيل التندر (ابناء الداية) لانهم يحظون بالدلال والاسناد المعنوي والدعم المادي, أما الصنف الثاني وهو (ابناء الجارية) فهو الذي ينتظم احزابا تواجه الصدود والمعاملة القاسية لا بل العين الحمراء من قبل بعض الجهات المعنية رغم انها احزاب وطنية تعمل في وضح النهار وتحت سقف القانون والنظام وتحب الوطن وقيادة الوطن فما الداعي للتنغيص عليها!.
وأود أن أستدرك, يا صاحب السمو, وأقول إنني لست حزبيًا ولم انخرط في صفوف اي حزب على الساحة الاردنية وان دافعي للحديث عن الصعاب التي تواجه بعض الاحزاب ينطلق من قناعة تامة بضرورة اعطائها حق الوجود والتعبير عن الرأي وقناعتي الأكيدة بأن بلدنا الاردن يحظى بقيادة هاشمية حكيمة لا يظلم عندها احد.
واستأذن سموكم بان اعرج في الحديث لمفصل جانبي خلال المقابلة حين طرح المذيع ربما دون قصد سؤالا غير موفق يتعلق بأحداث ايلول المؤسفة في العام 1970 م.. وكم كان جوابكم حصيفًا وموقف سموكم حكيمًا وصارمًا في الوقت ذاته عنما قلت بصريح العبارة:
(نحن لا نقبل ان يكون الاردن اسيرا لازمة حدثت قبل 50 عاما وهي في مجملها ازمة بين النظام والفوضى.. فالأردن بلد قوي ومتماسك ونحن ننظر الى المستقبل المنشود والغد الافضل بكل ثقة وتفاؤل ولا نعود الى الوراء والى حالة مضت وانقضت قبل نصف قرن من الزمن).
واعترف يا سمو الامير بأن القلب صفق لك قبل ان تصفق اليدان.
وفي الختام.. فقد طرح سمو ولي العهد جملة من القضايا والافكار والمبادئ الثمينة عبر حوالي 50 دقيقة ولامس حديثه اسماعنا ودخل قلوبنا لأنه يعير عن دواخلنا في حين عجز المسؤولون عبر حقب طويلة عن ايصالها بالشكل الامثل كما فعل سمو الامير!!..
وأود أن أزيد بان سموه طرح المشاكل والحلول في الوقت ذاته, من هنا بات لزاما ان يقوم المسؤولون والنواب والاعلاميون والصحفيون والمحبون للوطن بأدوارهم لعرض هذه الافكار وترجمة الرؤى التي طرحها سموه لما فيه خير الوطن والمواطن.
وعلى ضوء حديث ولي العهد فان اسئلة مشروعة تطرح نفسها وادرجها فيما يلي:
لماذا لا يصار الى تشكيل لجنة متابعة رسمية وشعبية هدفها الاتصال والتنسيق مع الجهات المعنية لوضع الافكار والرؤى موضع التنفيذ الفعلي وبما ينعكس على مصلحة الوطن والمواطن؟، ما الذي يمنع من اعادة خدمة العلم واعادة انتاج معسكرات الحسين التي تحمل اسما غاليا ومضمونا وطنيا جليلا؟، ما الذي يحول دون ان يقوم المرشحون للانتخابات النيابية ومشاريع النواب الذين يذرعون حاليا الأرض طولا وعرضا سعيًا لأصوات الناخبين وان يقوموا بالاستفادة من رؤى وافكار الامير وتضمين هذه الافكار ضمن برامج انتخابية تنفع الوطن والناس بدل الاسطوانة المشروخة التي صدعوا رؤوسنا بها ويقول مطلعها (بناء على رغبة الاهل والعشيرة رشحت نفسي للانتخابات النيابية) مع ان الاهل والعشيرة براء من هذه الرغبة؟!.
لماذا لا يصار الى تشكيل لجنة شعبية لتقييم اداء وبرامج النواب الذين نوليهم ثقتنا نحن ابناء الشعب والتي بموجبها يمنحون الثقة للحكومة او التلويح بحجبها عن الحكومة.. فمن يحاسب هؤلاء الذين يحاسبون الحكومة بموجب وكالة منا نحن ابناء الشعب والامة التي تعتبر مصدر السلطات؟.
ما الذي يحول دون ان يقوم الاعلاميون والصحفيون بالشروع في برامج استقصائية مادتها الافكار والمبادئ والرؤى التي تضمنها حديث ولي العهد؟.
لماذا لا تقوم المنظمات غير الحكومية بإقامة ندوات و مؤتمرات تستقي عناوينها ومضامينها من الافكار والمبادئ التي طرحها الامير بدل ان تصدع معظمها رؤوسنا صباح مساء بندوات اغلبها هلامي العنوان والمحتوى ولا يمت معظم هذه الندوات بصلة للمواضيع ذات الصلة باهتمامات الوطن والمواطنين؟.
ما الذي يحول دون تفويض بعض اراضي الدولة للشباب المجتهدين والمهندسين الزراعيين من اجل استثمارها لإنتاج القمح والغلال وتوفير فرص العمل لشبابنا الذين يقبعون تحت اتون ونار البطالة وعيونهم مفتوحة دون عمل وهاجسهم الوحيد هو الهجرة الى الخارج؟.
وفي ختام الختام أقول : حلق بنا الطيار الماهر والامير القريب من نبض قلوبنا ولي العهد المحبوب عبر حوالي 50 دقيقة في اجواء الماضي والحاضر والمستقبل.. زوادتنا البوح الجميل.. ودليلنا الحقائق والارقام .. والامل والالم.. والصبر والجميل نحو قضايا الوطن والامة.. ووجهتنا كانت الى الغد الافضل بحول الله .. نعم حلق بنا اميرنا الغالي وهو يحتل القلوب قبل الاسماع ربما لأنه يعرف مفاتيح قلوبنا والوجع الكامن داخلها اكثر من مسؤولي الحكومات المتعاقبة عبر سنوات طويلة والتي ظلت اسماعنا وقلوبنا موصدة امام تصريحاتهم وأقوالهممع استثناء واحد ووحيد وهو الشهيد (وصفي التل) الذي عرف وجعنا وداوى جرحنا وكانت مفاتيح قلوبنا في يمناه.. فقد ظل هؤلاء المسؤولون يجهلون اسرار ومفاتيح افئدتنا ولا يكترثون لنبض قلوبنا ووجع جوارحنا وبؤس قلوبنا في غالب الاحيان!!.
سيحط شراع الرحلة الميمونة رحلة الامل بصحبة اميرنا المحبوب ورحلة القلوب مع قيادتنا الهاشمية نحو الشمس والذرى وبلوغ العلياء لان الاردن والمجد توأمان ولان العناية الالهية والسواعد المخلصة تحمي الوطن والانجاز.
وللحديث بقية يا صاحب السمو..
عبدالسلام الطراونة
شاهدت المقابلة التي اجريت بمناسبة اليوبيل الفضي مع سمو الأمير الحسين ولي العهد من قبل قناة (العربية) عدة مرات.. وقرأتها مكتوبة مراتٍ عديدةً بعين الصحفي الذي تعاطى مع الحرف واهميته ودلالاته ومراميه البعيدة والقريبة عبر عدة عقود.. واستمعت الى المقابلة بكافة ابعادها ومفاصلها عبر الراديو كإذاعي يرى بعين اذنه نبرة الحديث ووتيرة الطرح وصدق الكلام وصولا الى الهدف المبتغى..
وايقنت بعد هذا كله ان اميرنا المحبوب قد فتح الله عليه اثناء المقابلة وكان يقود دفة الحديث باقتدار واضح مستشهدا بالحقائق والارقام والتواريخ, اذ كان يقول ما يعني ويعني ما يقول.. وبدا هذا الامر واضحا من خلال التساوق بين مبنى الحديث ومعناه عبر مرسالهما وهو الحرف الواثق والصريح الذي ينطلق من لسان موهوب وتراث مكسوب ووجدان صادق اكتسب الحكمة والحنكة وبعد النظر من الجد الملك الحسين طيب الله ثراه مثلما اخذ نبرة الحديث وشجاعة الطرح وعسكرية الاداء من الوالد الملك عبد الله الثاني ابن الحسين.
ولعل من البدهي القول بأنني امتلأت غبطة واعجابا بحديث الحسين والذي بدا كما لو انه كان يتلو من كتاب مفتوح تلك الحقائق والارقام وعبارات الصبر وجميل الكلام, مثلما امتلأ وجداني بتقدير بالغ للأمير ولما قاله مشفوعًا بالتمنيات بان يضع المسؤولون على كافة مستوياتهم, خطاب الامير أمام ناظرهم كخارطة طريق بالغة الاهمية يذاكرون دلالاتها ويحفظون دروسها وعبرها عن ظهر قلب, ويعرضون معانيها القريبة والبعيدة من خلال المؤتمرات والندوات واللقاءات على كافة الصعد الوطنية والاقليمية والدولية.
وتوقفت مليًا, يا صاحب السمو, عند عدد من المفاصل والمعاني والدلالات التي وردت في حديثكم ولعل اولها جرعة الحزن البالغ والبادي على محياكم والغضب الساطع في قلبكم, تلك المعاني التي عبر عنها بوحكم الشفيف ازاء ما يجري من مذابح في غزة وظلم واحتلال يمارس في وضح النهار في فلسطين المحتلة وعلى مرأى ومسمعٍ من القريب والبعيد و' العالم المتحضر' على حد سواء!
وثانيهما موضوع التكامل العربي الذي اكدتم يا سمو الامير على ضرورته واهميته دون ان تحمل الاخرين من بني قومنا جميلاً ولو من قبيل التلميح بان الثورة العربية الكبرى والتي اطلقها جدكم ملك العرب الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه قامت في الاصل من اجل تحقيق التكامل العربي ووحدة الامة العربية وحريتها وسيادتها الكاملة.
أما ثالث الموضوعات. يا سمو الامير، فقد كان التعليم والذي اوردتموه في اكثر من موقع خلال المقابلة.. فالتعليم كان البوابة الرحبة والمشرعة لنهضة العديد من الدول التي كانت ترزح تحت وطأة الفقر والعوز فأصبحت صاحبة نهضة صناعية واقتصادية باهرة.. وخير مثال على ذلك دول نمور آسيا الخمس وفي المقدمة منها ماليزيا وإندونيسيا.. فقد حجزت هذه الدول لها مكانة مرموقة في صفوف نمور آسيا من خلال بوابة التعليم والتعليم وحده! ويسوقني الحديث يا سمو الامير الى الخوض في موضوع اعادة خدمة العلم الذي ركزتم على ضرورة تحقيقه من اجل غرس بذرو الانضباطية في نفوس شبابنا وصقل شخصياتهم بطريقة امنة وسليمة بحيث تقف على تخوم الجدية والصرامة والتربية العسكرية وصولا الى ترسيخ التصاقهم بالأرض والذود عنها بالمهج والارواح.
وليس سرًا القول بأن حركة اعدائنا, اقصد الحركة الصهيونية قد قامت نظريا وعمليًا على ركني الارض والانسان.. وقام الصهاينة بالاستيلاء على ارضنا العربية الفلسطينية واحتلالها بالتواطؤ مع دول الغرب من اجل توفير الشق الاول الغائب والمفقود اصلا في معادلة الحركة الصهيونية وهو الارض! لكن الصمود الفلسطيني الأسطوري استطاع بحول الله ان يبطل فاعلية المشروع الاستيطاني الصهيوني ويجعل منه مشروعًا استعماريا مكلفا يستحيل تنفيذه على ارض الواقع.
وأود أن اضيف بهذا الصدد تجارب على الصعيد العربي من مثل تشكيلة الحرس القومي في بعض الاقطار العربية..
وهنا يتبادر الى الذهن سؤال وطني ومشروع ومفاده: ما الذي يحول دون اعادة خدمة العلم في بلدنا العزيز لكي يصبح شبابنا بمثابة حرس وطني اردني بحق وحقيق وذراع مساندة لجيشنا العربي الذي نحب وعظم الرقبة لنظامنا ووطننا الذي نعشق؟.
أما عن (دقة الصدر) وأسلوب الفزعة الفارغة على الصعد المحلية والعربية والدولية فأننا نشاطر سموكم النفور من دقة الصدر الفارغة هذه لأنها تشكل نوعا من الاستعراض الخالي من المضمون والذي لا يفيد الوطن والناس بشيء!..
وبالمناسبة فقد اعتدنا, يا صاحب السمو, على (دقة الصدر) الفارغة والتي اورثت لنا غصة في الصدر لا يمكن نسيانها.. وهذا الدقة الصدرية اعطاها الناس في بلدنا ومن قبيل التندر عنوانًا عريضا يقول: (عندك..وما انا عندك) اي عندك ولست عندك! وقد وصف الامام ابو حامد الغزالي في العام 501 هـ اصحاب (الدقة الصدرية) بانهم اشبه بالغيوم الكاذبة التي تبدو وتظهر ولكنها لا تندي ولا تمطر! والتفاصيل موجودة في ثنايا صفحات كتابه بعنوان (التبر المسبوك).
وثمة موضوع طرحتموه يا صاحب السمو وكان مؤطرًا بالصدق ومعطرا بالصراحة وهو التحديث والتطوير السياسي مع ما يستتبع من تطور حزبي وموضوعة الموالاة والمعارضة كذلك.. فقد اثلج صدورنا رفض سموكم لتسمية موالاة ومعارضة من حيث المبدأ لان تماسك شعبنا ووحدته الوطنية يحولان دون التعاطي مع هذه المفردة الفرعية.. وابهج خاطر الجميع قول سموكم من انه ليس بالضرورة ان يكون الموالي متشددا وقولكم ايضا ان المعارض جزء من الوطن وتظل وطنيته كاملة غير منقوصة..
وابهج الخاطر واشاع الطمأنينة في النفوس تأكيدك بانك لا تؤيد وصم الناس بناء على آرائهم ومواقفهم اذا كانت مدروسة وتهدف للصالح العام.
وازاء حديثكم المؤطر بالصراحة فإنني أجد لزاما علي أن أصارح سموكم بأن واقع الامور الحزبية على الساحة الأردنية يقول: إن لدينا نمطين أو صنفين من الاحزاب من حيث التعاطي والتعامل من قبل الجهات المعنية.
الصنف الاول ويشمل احزابا اطلق عليه من قبيل التندر (ابناء الداية) لانهم يحظون بالدلال والاسناد المعنوي والدعم المادي, أما الصنف الثاني وهو (ابناء الجارية) فهو الذي ينتظم احزابا تواجه الصدود والمعاملة القاسية لا بل العين الحمراء من قبل بعض الجهات المعنية رغم انها احزاب وطنية تعمل في وضح النهار وتحت سقف القانون والنظام وتحب الوطن وقيادة الوطن فما الداعي للتنغيص عليها!.
وأود أن أستدرك, يا صاحب السمو, وأقول إنني لست حزبيًا ولم انخرط في صفوف اي حزب على الساحة الاردنية وان دافعي للحديث عن الصعاب التي تواجه بعض الاحزاب ينطلق من قناعة تامة بضرورة اعطائها حق الوجود والتعبير عن الرأي وقناعتي الأكيدة بأن بلدنا الاردن يحظى بقيادة هاشمية حكيمة لا يظلم عندها احد.
واستأذن سموكم بان اعرج في الحديث لمفصل جانبي خلال المقابلة حين طرح المذيع ربما دون قصد سؤالا غير موفق يتعلق بأحداث ايلول المؤسفة في العام 1970 م.. وكم كان جوابكم حصيفًا وموقف سموكم حكيمًا وصارمًا في الوقت ذاته عنما قلت بصريح العبارة:
(نحن لا نقبل ان يكون الاردن اسيرا لازمة حدثت قبل 50 عاما وهي في مجملها ازمة بين النظام والفوضى.. فالأردن بلد قوي ومتماسك ونحن ننظر الى المستقبل المنشود والغد الافضل بكل ثقة وتفاؤل ولا نعود الى الوراء والى حالة مضت وانقضت قبل نصف قرن من الزمن).
واعترف يا سمو الامير بأن القلب صفق لك قبل ان تصفق اليدان.
وفي الختام.. فقد طرح سمو ولي العهد جملة من القضايا والافكار والمبادئ الثمينة عبر حوالي 50 دقيقة ولامس حديثه اسماعنا ودخل قلوبنا لأنه يعير عن دواخلنا في حين عجز المسؤولون عبر حقب طويلة عن ايصالها بالشكل الامثل كما فعل سمو الامير!!..
وأود أن أزيد بان سموه طرح المشاكل والحلول في الوقت ذاته, من هنا بات لزاما ان يقوم المسؤولون والنواب والاعلاميون والصحفيون والمحبون للوطن بأدوارهم لعرض هذه الافكار وترجمة الرؤى التي طرحها سموه لما فيه خير الوطن والمواطن.
وعلى ضوء حديث ولي العهد فان اسئلة مشروعة تطرح نفسها وادرجها فيما يلي:
لماذا لا يصار الى تشكيل لجنة متابعة رسمية وشعبية هدفها الاتصال والتنسيق مع الجهات المعنية لوضع الافكار والرؤى موضع التنفيذ الفعلي وبما ينعكس على مصلحة الوطن والمواطن؟، ما الذي يمنع من اعادة خدمة العلم واعادة انتاج معسكرات الحسين التي تحمل اسما غاليا ومضمونا وطنيا جليلا؟، ما الذي يحول دون ان يقوم المرشحون للانتخابات النيابية ومشاريع النواب الذين يذرعون حاليا الأرض طولا وعرضا سعيًا لأصوات الناخبين وان يقوموا بالاستفادة من رؤى وافكار الامير وتضمين هذه الافكار ضمن برامج انتخابية تنفع الوطن والناس بدل الاسطوانة المشروخة التي صدعوا رؤوسنا بها ويقول مطلعها (بناء على رغبة الاهل والعشيرة رشحت نفسي للانتخابات النيابية) مع ان الاهل والعشيرة براء من هذه الرغبة؟!.
لماذا لا يصار الى تشكيل لجنة شعبية لتقييم اداء وبرامج النواب الذين نوليهم ثقتنا نحن ابناء الشعب والتي بموجبها يمنحون الثقة للحكومة او التلويح بحجبها عن الحكومة.. فمن يحاسب هؤلاء الذين يحاسبون الحكومة بموجب وكالة منا نحن ابناء الشعب والامة التي تعتبر مصدر السلطات؟.
ما الذي يحول دون ان يقوم الاعلاميون والصحفيون بالشروع في برامج استقصائية مادتها الافكار والمبادئ والرؤى التي تضمنها حديث ولي العهد؟.
لماذا لا تقوم المنظمات غير الحكومية بإقامة ندوات و مؤتمرات تستقي عناوينها ومضامينها من الافكار والمبادئ التي طرحها الامير بدل ان تصدع معظمها رؤوسنا صباح مساء بندوات اغلبها هلامي العنوان والمحتوى ولا يمت معظم هذه الندوات بصلة للمواضيع ذات الصلة باهتمامات الوطن والمواطنين؟.
ما الذي يحول دون تفويض بعض اراضي الدولة للشباب المجتهدين والمهندسين الزراعيين من اجل استثمارها لإنتاج القمح والغلال وتوفير فرص العمل لشبابنا الذين يقبعون تحت اتون ونار البطالة وعيونهم مفتوحة دون عمل وهاجسهم الوحيد هو الهجرة الى الخارج؟.
وفي ختام الختام أقول : حلق بنا الطيار الماهر والامير القريب من نبض قلوبنا ولي العهد المحبوب عبر حوالي 50 دقيقة في اجواء الماضي والحاضر والمستقبل.. زوادتنا البوح الجميل.. ودليلنا الحقائق والارقام .. والامل والالم.. والصبر والجميل نحو قضايا الوطن والامة.. ووجهتنا كانت الى الغد الافضل بحول الله .. نعم حلق بنا اميرنا الغالي وهو يحتل القلوب قبل الاسماع ربما لأنه يعرف مفاتيح قلوبنا والوجع الكامن داخلها اكثر من مسؤولي الحكومات المتعاقبة عبر سنوات طويلة والتي ظلت اسماعنا وقلوبنا موصدة امام تصريحاتهم وأقوالهممع استثناء واحد ووحيد وهو الشهيد (وصفي التل) الذي عرف وجعنا وداوى جرحنا وكانت مفاتيح قلوبنا في يمناه.. فقد ظل هؤلاء المسؤولون يجهلون اسرار ومفاتيح افئدتنا ولا يكترثون لنبض قلوبنا ووجع جوارحنا وبؤس قلوبنا في غالب الاحيان!!.
سيحط شراع الرحلة الميمونة رحلة الامل بصحبة اميرنا المحبوب ورحلة القلوب مع قيادتنا الهاشمية نحو الشمس والذرى وبلوغ العلياء لان الاردن والمجد توأمان ولان العناية الالهية والسواعد المخلصة تحمي الوطن والانجاز.
وللحديث بقية يا صاحب السمو..
التعليقات