كان يحلو للبعض أن يسمي 'غلاكسو لابراتوريز' (Glaxo Laboratories) جامعة غلاكسو، لأن الشركة البريطانية الصغيرة اشتهرت ببحوث صيدلانية فائقة لكنها نادراً ما أثمرت أدوية مدرّة للأرباح.
دام ذلك إلى أن أنتج علماؤها جزيئاً سمّوه رانيتيدين (ranitidine) وسجلت الشركة براءة اختراعه في الولايات المتحدة عام 1978.
كان ذاك الجزيء جديداً لكنه لم يأتِ ابتكاراً بحد ذاته، فقد كان علماء 'غلاكسو' يسعون لمحاكاة دواء آخر ثبتت فعاليته كعلاج للقرحة والحرقة، وهذا أمر درج عليه العلماء أحياناً. لقد طوّروا عقار رانيتيدين بسرعة وتحققت منه إدارة الغذاء والدواء على عجالة، ثم طرحته 'غلاكسو' تحت الاسم التجاري: 'زانتاك' (Zantac).
سوّقت 'غلاكسو' للدواء الجديد على أنه أفضل وأسلم من عقار 'تاغاميت' (Tagamet)، وهو العقار الذي استوحت منتجها منه. سرعان ما أطاح 'زنتاك' بغريمه 'تاغاميت' عن عرشه وأصبح الأكثر مبيعاً في العالم بين الأدوية التي تتطلب وصفة.
عوّلت 'غلاكسو' لسنوات على 'زانتاك' الذي جلب لها نصف مبيعاتها ونصف أرباحها تقريباً. فازت الشركة بجائزة من الملكة إليزابيث الثانية التي أسبغت على رئيس الشركة التنفيذي لقب فارس.
لقد صنع 'زانتاك' للشركة مجدها وثروتها، كما موّل تحوّلها إلى هيئتها المعاصرة التي شكلتها سلسلة اندماجات واستحواذات وانفصالات أصبحت إثرها شركة 'جي أس كيه' (GSK)، التي تقدّر قيمتها اليوم بحوالي 73 مليار دولار.
بين أكثر أدويتها مبيعاً عقاران لتثبيط الاكتئاب هما 'باكسيل' (Paxil) و'ويلبوترين' (Wellbutrin) ولقاح الهربس النطاقي 'شينغريكس' (Shingrix).
لكن 'زانتاك' لم يعد من بين تلك العقاقير، فقد اكتُشف في 2019 أن مستويات عالية من مادة يرجح أنها مسرطنة تشوبه. لم يكن ذلك صدفةً أو غلطة طالت بضع دفعات من الدواء، بل ظهر أن السمّ يسببه مكونه الفعال الأساسي: رانيتيدين.
سحبت الشركة الصانعة والمنظمات الصحية حول العالم الدواء من الأسواق، وحظرته إدارة الغذاء والدواء تماماً في 2020، بالتالي لم يعد يحق لأي شركة أن تصنعه ولا يُنصح أحد بتناوله.
تبيّن أن المادة المسرطنة هي ثنائي ميثيل نتروزامين (NDMA)، التي كانت تضاف فيما مضى إلى وقود الصواريخ، وهي تُستخدم الآن حصرياً لإصابة جرذان المختبرات بالسرطانات عمداً. قالت وكالة الغذاء والدواء إن استهلاك كميات صغيرة من هذه المادة لا يسبب ضرراً ، إلا أن الاختبارات كشفت عن وجود كميات كبيرة من (NDMA) في رانيتيدين، وأنه قادر على إفراز مزيد منها مع مرور الوقت. بالتالي، بدا أن تناول أي جرعة منه يشكل خطراً.
تلقت 'غلاكسو' تحذيرات شتّى من علماء عاملين لديها ومن باحثين مستقلين بشأن خطر رانيتيدين المحتمل وذلك منذ طرحه ولغاية سحبه من الأسواق. ترد هذه التحذيرات التي تكررت على مدى أربعة عقود في مئات الوثائق التي أتت في آلاف الصفحات، لكن لم يسبق نشر كثير منها.
راجعت بلومبرغ بزنيسويك مستندات مقدمة أمام المحكمة ما يزال بعضها غير علني، إضافة إلى عدد من الدراسات البحثية وسجلات إدارة الغذاء والدواء الأميركية وطلبات ترخيص أدوية جديدة، حصلت عليها بموجب طلب استند إلى قانون حرية المعلومات.
تشير هذه المستندات إلى أن إدارة الغذاء والدواء قيّمت الخطر المحتمل للسرطان حين أقرت استخدام رانيتيدين، إلا أن 'غلاكسو' كانت قد حجبت عنها دراسة أساسية.
لقد دعمت الشركة على مدى سنين بحوثاً مغلوطة مصممة لتخفيف المخاوف كما اختارت ألّا تنقل الدواء وتخزنه بطرق يجدر أن تقلل الخطر. هكذا باعت 'غلاكسو' دواءً قد يؤذي المرضى، وحاولت أن تبخس أدلة تشير إلى ذلك ولم تصدر أدنى تحذير لأحد.
رفع أكثر من 70 ألف أميركي تناولوا 'زانتاك' أو جنائسه، دعوى ضد الشركة أمام محاكم أميركية لبيعها دواءً يُحتمل أن يكون ملوثاً وخطراً. كان مقرراً أن تبدأ أولى هذه الجلسات في نهاية فبراير أمام محكمة كاليفورنيا العليا في مقاطعة ألاميدا، إلا أنها أُجلت إلى الصيف نظراً لجدول أعمال القاضي.
تخاصم هذه الدعاوى شركات أخرى باعت دواء 'زانتاك' في السنوات اللاحقة وبينها 'فايزر' و'سانوفي'.
كان يحلو للبعض أن يسمي 'غلاكسو لابراتوريز' (Glaxo Laboratories) جامعة غلاكسو، لأن الشركة البريطانية الصغيرة اشتهرت ببحوث صيدلانية فائقة لكنها نادراً ما أثمرت أدوية مدرّة للأرباح.
دام ذلك إلى أن أنتج علماؤها جزيئاً سمّوه رانيتيدين (ranitidine) وسجلت الشركة براءة اختراعه في الولايات المتحدة عام 1978.
كان ذاك الجزيء جديداً لكنه لم يأتِ ابتكاراً بحد ذاته، فقد كان علماء 'غلاكسو' يسعون لمحاكاة دواء آخر ثبتت فعاليته كعلاج للقرحة والحرقة، وهذا أمر درج عليه العلماء أحياناً. لقد طوّروا عقار رانيتيدين بسرعة وتحققت منه إدارة الغذاء والدواء على عجالة، ثم طرحته 'غلاكسو' تحت الاسم التجاري: 'زانتاك' (Zantac).
سوّقت 'غلاكسو' للدواء الجديد على أنه أفضل وأسلم من عقار 'تاغاميت' (Tagamet)، وهو العقار الذي استوحت منتجها منه. سرعان ما أطاح 'زنتاك' بغريمه 'تاغاميت' عن عرشه وأصبح الأكثر مبيعاً في العالم بين الأدوية التي تتطلب وصفة.
عوّلت 'غلاكسو' لسنوات على 'زانتاك' الذي جلب لها نصف مبيعاتها ونصف أرباحها تقريباً. فازت الشركة بجائزة من الملكة إليزابيث الثانية التي أسبغت على رئيس الشركة التنفيذي لقب فارس.
لقد صنع 'زانتاك' للشركة مجدها وثروتها، كما موّل تحوّلها إلى هيئتها المعاصرة التي شكلتها سلسلة اندماجات واستحواذات وانفصالات أصبحت إثرها شركة 'جي أس كيه' (GSK)، التي تقدّر قيمتها اليوم بحوالي 73 مليار دولار.
بين أكثر أدويتها مبيعاً عقاران لتثبيط الاكتئاب هما 'باكسيل' (Paxil) و'ويلبوترين' (Wellbutrin) ولقاح الهربس النطاقي 'شينغريكس' (Shingrix).
لكن 'زانتاك' لم يعد من بين تلك العقاقير، فقد اكتُشف في 2019 أن مستويات عالية من مادة يرجح أنها مسرطنة تشوبه. لم يكن ذلك صدفةً أو غلطة طالت بضع دفعات من الدواء، بل ظهر أن السمّ يسببه مكونه الفعال الأساسي: رانيتيدين.
سحبت الشركة الصانعة والمنظمات الصحية حول العالم الدواء من الأسواق، وحظرته إدارة الغذاء والدواء تماماً في 2020، بالتالي لم يعد يحق لأي شركة أن تصنعه ولا يُنصح أحد بتناوله.
تبيّن أن المادة المسرطنة هي ثنائي ميثيل نتروزامين (NDMA)، التي كانت تضاف فيما مضى إلى وقود الصواريخ، وهي تُستخدم الآن حصرياً لإصابة جرذان المختبرات بالسرطانات عمداً. قالت وكالة الغذاء والدواء إن استهلاك كميات صغيرة من هذه المادة لا يسبب ضرراً ، إلا أن الاختبارات كشفت عن وجود كميات كبيرة من (NDMA) في رانيتيدين، وأنه قادر على إفراز مزيد منها مع مرور الوقت. بالتالي، بدا أن تناول أي جرعة منه يشكل خطراً.
تلقت 'غلاكسو' تحذيرات شتّى من علماء عاملين لديها ومن باحثين مستقلين بشأن خطر رانيتيدين المحتمل وذلك منذ طرحه ولغاية سحبه من الأسواق. ترد هذه التحذيرات التي تكررت على مدى أربعة عقود في مئات الوثائق التي أتت في آلاف الصفحات، لكن لم يسبق نشر كثير منها.
راجعت بلومبرغ بزنيسويك مستندات مقدمة أمام المحكمة ما يزال بعضها غير علني، إضافة إلى عدد من الدراسات البحثية وسجلات إدارة الغذاء والدواء الأميركية وطلبات ترخيص أدوية جديدة، حصلت عليها بموجب طلب استند إلى قانون حرية المعلومات.
تشير هذه المستندات إلى أن إدارة الغذاء والدواء قيّمت الخطر المحتمل للسرطان حين أقرت استخدام رانيتيدين، إلا أن 'غلاكسو' كانت قد حجبت عنها دراسة أساسية.
لقد دعمت الشركة على مدى سنين بحوثاً مغلوطة مصممة لتخفيف المخاوف كما اختارت ألّا تنقل الدواء وتخزنه بطرق يجدر أن تقلل الخطر. هكذا باعت 'غلاكسو' دواءً قد يؤذي المرضى، وحاولت أن تبخس أدلة تشير إلى ذلك ولم تصدر أدنى تحذير لأحد.
رفع أكثر من 70 ألف أميركي تناولوا 'زانتاك' أو جنائسه، دعوى ضد الشركة أمام محاكم أميركية لبيعها دواءً يُحتمل أن يكون ملوثاً وخطراً. كان مقرراً أن تبدأ أولى هذه الجلسات في نهاية فبراير أمام محكمة كاليفورنيا العليا في مقاطعة ألاميدا، إلا أنها أُجلت إلى الصيف نظراً لجدول أعمال القاضي.
تخاصم هذه الدعاوى شركات أخرى باعت دواء 'زانتاك' في السنوات اللاحقة وبينها 'فايزر' و'سانوفي'.
كان يحلو للبعض أن يسمي 'غلاكسو لابراتوريز' (Glaxo Laboratories) جامعة غلاكسو، لأن الشركة البريطانية الصغيرة اشتهرت ببحوث صيدلانية فائقة لكنها نادراً ما أثمرت أدوية مدرّة للأرباح.
دام ذلك إلى أن أنتج علماؤها جزيئاً سمّوه رانيتيدين (ranitidine) وسجلت الشركة براءة اختراعه في الولايات المتحدة عام 1978.
كان ذاك الجزيء جديداً لكنه لم يأتِ ابتكاراً بحد ذاته، فقد كان علماء 'غلاكسو' يسعون لمحاكاة دواء آخر ثبتت فعاليته كعلاج للقرحة والحرقة، وهذا أمر درج عليه العلماء أحياناً. لقد طوّروا عقار رانيتيدين بسرعة وتحققت منه إدارة الغذاء والدواء على عجالة، ثم طرحته 'غلاكسو' تحت الاسم التجاري: 'زانتاك' (Zantac).
سوّقت 'غلاكسو' للدواء الجديد على أنه أفضل وأسلم من عقار 'تاغاميت' (Tagamet)، وهو العقار الذي استوحت منتجها منه. سرعان ما أطاح 'زنتاك' بغريمه 'تاغاميت' عن عرشه وأصبح الأكثر مبيعاً في العالم بين الأدوية التي تتطلب وصفة.
عوّلت 'غلاكسو' لسنوات على 'زانتاك' الذي جلب لها نصف مبيعاتها ونصف أرباحها تقريباً. فازت الشركة بجائزة من الملكة إليزابيث الثانية التي أسبغت على رئيس الشركة التنفيذي لقب فارس.
لقد صنع 'زانتاك' للشركة مجدها وثروتها، كما موّل تحوّلها إلى هيئتها المعاصرة التي شكلتها سلسلة اندماجات واستحواذات وانفصالات أصبحت إثرها شركة 'جي أس كيه' (GSK)، التي تقدّر قيمتها اليوم بحوالي 73 مليار دولار.
بين أكثر أدويتها مبيعاً عقاران لتثبيط الاكتئاب هما 'باكسيل' (Paxil) و'ويلبوترين' (Wellbutrin) ولقاح الهربس النطاقي 'شينغريكس' (Shingrix).
لكن 'زانتاك' لم يعد من بين تلك العقاقير، فقد اكتُشف في 2019 أن مستويات عالية من مادة يرجح أنها مسرطنة تشوبه. لم يكن ذلك صدفةً أو غلطة طالت بضع دفعات من الدواء، بل ظهر أن السمّ يسببه مكونه الفعال الأساسي: رانيتيدين.
سحبت الشركة الصانعة والمنظمات الصحية حول العالم الدواء من الأسواق، وحظرته إدارة الغذاء والدواء تماماً في 2020، بالتالي لم يعد يحق لأي شركة أن تصنعه ولا يُنصح أحد بتناوله.
تبيّن أن المادة المسرطنة هي ثنائي ميثيل نتروزامين (NDMA)، التي كانت تضاف فيما مضى إلى وقود الصواريخ، وهي تُستخدم الآن حصرياً لإصابة جرذان المختبرات بالسرطانات عمداً. قالت وكالة الغذاء والدواء إن استهلاك كميات صغيرة من هذه المادة لا يسبب ضرراً ، إلا أن الاختبارات كشفت عن وجود كميات كبيرة من (NDMA) في رانيتيدين، وأنه قادر على إفراز مزيد منها مع مرور الوقت. بالتالي، بدا أن تناول أي جرعة منه يشكل خطراً.
تلقت 'غلاكسو' تحذيرات شتّى من علماء عاملين لديها ومن باحثين مستقلين بشأن خطر رانيتيدين المحتمل وذلك منذ طرحه ولغاية سحبه من الأسواق. ترد هذه التحذيرات التي تكررت على مدى أربعة عقود في مئات الوثائق التي أتت في آلاف الصفحات، لكن لم يسبق نشر كثير منها.
راجعت بلومبرغ بزنيسويك مستندات مقدمة أمام المحكمة ما يزال بعضها غير علني، إضافة إلى عدد من الدراسات البحثية وسجلات إدارة الغذاء والدواء الأميركية وطلبات ترخيص أدوية جديدة، حصلت عليها بموجب طلب استند إلى قانون حرية المعلومات.
تشير هذه المستندات إلى أن إدارة الغذاء والدواء قيّمت الخطر المحتمل للسرطان حين أقرت استخدام رانيتيدين، إلا أن 'غلاكسو' كانت قد حجبت عنها دراسة أساسية.
لقد دعمت الشركة على مدى سنين بحوثاً مغلوطة مصممة لتخفيف المخاوف كما اختارت ألّا تنقل الدواء وتخزنه بطرق يجدر أن تقلل الخطر. هكذا باعت 'غلاكسو' دواءً قد يؤذي المرضى، وحاولت أن تبخس أدلة تشير إلى ذلك ولم تصدر أدنى تحذير لأحد.
رفع أكثر من 70 ألف أميركي تناولوا 'زانتاك' أو جنائسه، دعوى ضد الشركة أمام محاكم أميركية لبيعها دواءً يُحتمل أن يكون ملوثاً وخطراً. كان مقرراً أن تبدأ أولى هذه الجلسات في نهاية فبراير أمام محكمة كاليفورنيا العليا في مقاطعة ألاميدا، إلا أنها أُجلت إلى الصيف نظراً لجدول أعمال القاضي.
تخاصم هذه الدعاوى شركات أخرى باعت دواء 'زانتاك' في السنوات اللاحقة وبينها 'فايزر' و'سانوفي'.
التعليقات