عبدالله محمد الغويري.
قرص الشمس بدأ يهوي خلف جبال بيرين الغربية.. عتمة الغروب الباردة راحت تكتسح المشهد بالتدريج.. ثَمَّة غيمة شتوية يتيمة في صفحة السماء.. الروائح من المطابخ تطفح في الأجواء لِتعلن أنَّ وجبة الإفطار ناضجة وجاهزة للوليمة.. بعض صحون الطعام راحت تَتَنقَّل بين المنازل لِتبادل النكهات والبَرَكات بين الجيران.. ثمار التمر مضطربة حول بعضها على (مشمّع السُّفْرة).. وأكواب الماء باسِطة ذراعيها صوب الأفواه الظمأى بتأهبٍ.
عندما يبدأ أَذَان المغرب يطغى الصمت.. وتخشع الأصوات.. ويتوغل السكون بين الممرات والبيوت فلا تسمع وقتها سوى صوت مضغ اللُّقَيْمات - وتضارب المَعَالق على (سدور الرُّز) أو (زُبْديات الشُّوربة) .. بعد عشرين دقيقة ترتخي عضلات الأشخاص ويرتمونَ على الفِراش كالجُثث الهامدة ولكن بعيون مفتوحة .. يُوقِظهُم صوت طرطقة كاسات الشاي وهي قادمة من المطبخ في (صِينية ستانلس) تراكمت عليها - عروق رفيعة من النعنع والميرمية والزَّعتر - وأحياناً غُصن عَتيق وملتوي من (الشِّيْح) .. يرتشِفونَ كأس الشاي الأول .. ثم الثاني.. فالثالث.. بالإضافةِ إلى فناجين من (القهوة السادة) في الفواصل بين كاسات الشاي.
يخرجونَ صوب مسجد بيرين لتأدية صلاة العِشاء والتراويح.. ويلاحِظونَ أنَّ الغيمة الباردة اليتيمة لم تعد وحدها وأصبح هنالِك حولها مجموعة غيوم مُكَدَّسة.. درجات الحرارة تنخفض داخل المسجد - صوبات الغاز (رومو) هي مصدر الدفء الوحيد في المسجد.. يُقِيم (الحاجّ محمود منيزل الغويري رحمه الله) - الصلاة.. ثم يتولى (جدي الشيخ فلاح عقيل الغويري رحمه الله) - الإمِامَة.
لا زِلْتُ أتذكر تلك الترانيم الجماعية بين كل أربع ركعات في صلاة التروايح.. عندما يبدأ بها (الشيخ فلاح) وهو يُردِّد : (سبوحٌ.. قدوسٌ.. رب الملائكة والروح. حتى يصل إلى : سبحان الله وحده.. صدقَ وعده.. ونصرَ عبده.. وأعز جنده.. وهزم الأحزاب وحده.. لا شيء قبله ولا شيء بعده..).. يهتز المسجد برمتهِ من موجات الترديد الجماعي حتى تشعر وكأنَّ جسدك يرتفع ويهبط من تأثير تلك الموجات الروحانية.
تنقضي الصلاة.. حينها تكون الغيوم الباردة قد بدأت تسِحُّ بالأمطار والبَرَد .. يهرعونَ إلى بيوتهم وقد تبلَّلت ملابسهم.. يبحثونَ عن الإنكماش في سهراتهم الدافئة - وهم يلتهِمونَ (حبَّات القطايف) المقليّة والغيْر مُغلَّفة بورق (الفاين) - وذلك حتى يتسنَّى للأصابع أنْ تبقى دَبِقة لفترة لا يُستهان بها.. عندها يبدأ الذهن بالتخمين بمقدار الثواب الذي حصل عليهِ الشخص في ذلك اليوم الرمضاني الشتوي..!!.
عبدالله محمد الغويري.
قرص الشمس بدأ يهوي خلف جبال بيرين الغربية.. عتمة الغروب الباردة راحت تكتسح المشهد بالتدريج.. ثَمَّة غيمة شتوية يتيمة في صفحة السماء.. الروائح من المطابخ تطفح في الأجواء لِتعلن أنَّ وجبة الإفطار ناضجة وجاهزة للوليمة.. بعض صحون الطعام راحت تَتَنقَّل بين المنازل لِتبادل النكهات والبَرَكات بين الجيران.. ثمار التمر مضطربة حول بعضها على (مشمّع السُّفْرة).. وأكواب الماء باسِطة ذراعيها صوب الأفواه الظمأى بتأهبٍ.
عندما يبدأ أَذَان المغرب يطغى الصمت.. وتخشع الأصوات.. ويتوغل السكون بين الممرات والبيوت فلا تسمع وقتها سوى صوت مضغ اللُّقَيْمات - وتضارب المَعَالق على (سدور الرُّز) أو (زُبْديات الشُّوربة) .. بعد عشرين دقيقة ترتخي عضلات الأشخاص ويرتمونَ على الفِراش كالجُثث الهامدة ولكن بعيون مفتوحة .. يُوقِظهُم صوت طرطقة كاسات الشاي وهي قادمة من المطبخ في (صِينية ستانلس) تراكمت عليها - عروق رفيعة من النعنع والميرمية والزَّعتر - وأحياناً غُصن عَتيق وملتوي من (الشِّيْح) .. يرتشِفونَ كأس الشاي الأول .. ثم الثاني.. فالثالث.. بالإضافةِ إلى فناجين من (القهوة السادة) في الفواصل بين كاسات الشاي.
يخرجونَ صوب مسجد بيرين لتأدية صلاة العِشاء والتراويح.. ويلاحِظونَ أنَّ الغيمة الباردة اليتيمة لم تعد وحدها وأصبح هنالِك حولها مجموعة غيوم مُكَدَّسة.. درجات الحرارة تنخفض داخل المسجد - صوبات الغاز (رومو) هي مصدر الدفء الوحيد في المسجد.. يُقِيم (الحاجّ محمود منيزل الغويري رحمه الله) - الصلاة.. ثم يتولى (جدي الشيخ فلاح عقيل الغويري رحمه الله) - الإمِامَة.
لا زِلْتُ أتذكر تلك الترانيم الجماعية بين كل أربع ركعات في صلاة التروايح.. عندما يبدأ بها (الشيخ فلاح) وهو يُردِّد : (سبوحٌ.. قدوسٌ.. رب الملائكة والروح. حتى يصل إلى : سبحان الله وحده.. صدقَ وعده.. ونصرَ عبده.. وأعز جنده.. وهزم الأحزاب وحده.. لا شيء قبله ولا شيء بعده..).. يهتز المسجد برمتهِ من موجات الترديد الجماعي حتى تشعر وكأنَّ جسدك يرتفع ويهبط من تأثير تلك الموجات الروحانية.
تنقضي الصلاة.. حينها تكون الغيوم الباردة قد بدأت تسِحُّ بالأمطار والبَرَد .. يهرعونَ إلى بيوتهم وقد تبلَّلت ملابسهم.. يبحثونَ عن الإنكماش في سهراتهم الدافئة - وهم يلتهِمونَ (حبَّات القطايف) المقليّة والغيْر مُغلَّفة بورق (الفاين) - وذلك حتى يتسنَّى للأصابع أنْ تبقى دَبِقة لفترة لا يُستهان بها.. عندها يبدأ الذهن بالتخمين بمقدار الثواب الذي حصل عليهِ الشخص في ذلك اليوم الرمضاني الشتوي..!!.
عبدالله محمد الغويري.
قرص الشمس بدأ يهوي خلف جبال بيرين الغربية.. عتمة الغروب الباردة راحت تكتسح المشهد بالتدريج.. ثَمَّة غيمة شتوية يتيمة في صفحة السماء.. الروائح من المطابخ تطفح في الأجواء لِتعلن أنَّ وجبة الإفطار ناضجة وجاهزة للوليمة.. بعض صحون الطعام راحت تَتَنقَّل بين المنازل لِتبادل النكهات والبَرَكات بين الجيران.. ثمار التمر مضطربة حول بعضها على (مشمّع السُّفْرة).. وأكواب الماء باسِطة ذراعيها صوب الأفواه الظمأى بتأهبٍ.
عندما يبدأ أَذَان المغرب يطغى الصمت.. وتخشع الأصوات.. ويتوغل السكون بين الممرات والبيوت فلا تسمع وقتها سوى صوت مضغ اللُّقَيْمات - وتضارب المَعَالق على (سدور الرُّز) أو (زُبْديات الشُّوربة) .. بعد عشرين دقيقة ترتخي عضلات الأشخاص ويرتمونَ على الفِراش كالجُثث الهامدة ولكن بعيون مفتوحة .. يُوقِظهُم صوت طرطقة كاسات الشاي وهي قادمة من المطبخ في (صِينية ستانلس) تراكمت عليها - عروق رفيعة من النعنع والميرمية والزَّعتر - وأحياناً غُصن عَتيق وملتوي من (الشِّيْح) .. يرتشِفونَ كأس الشاي الأول .. ثم الثاني.. فالثالث.. بالإضافةِ إلى فناجين من (القهوة السادة) في الفواصل بين كاسات الشاي.
يخرجونَ صوب مسجد بيرين لتأدية صلاة العِشاء والتراويح.. ويلاحِظونَ أنَّ الغيمة الباردة اليتيمة لم تعد وحدها وأصبح هنالِك حولها مجموعة غيوم مُكَدَّسة.. درجات الحرارة تنخفض داخل المسجد - صوبات الغاز (رومو) هي مصدر الدفء الوحيد في المسجد.. يُقِيم (الحاجّ محمود منيزل الغويري رحمه الله) - الصلاة.. ثم يتولى (جدي الشيخ فلاح عقيل الغويري رحمه الله) - الإمِامَة.
لا زِلْتُ أتذكر تلك الترانيم الجماعية بين كل أربع ركعات في صلاة التروايح.. عندما يبدأ بها (الشيخ فلاح) وهو يُردِّد : (سبوحٌ.. قدوسٌ.. رب الملائكة والروح. حتى يصل إلى : سبحان الله وحده.. صدقَ وعده.. ونصرَ عبده.. وأعز جنده.. وهزم الأحزاب وحده.. لا شيء قبله ولا شيء بعده..).. يهتز المسجد برمتهِ من موجات الترديد الجماعي حتى تشعر وكأنَّ جسدك يرتفع ويهبط من تأثير تلك الموجات الروحانية.
تنقضي الصلاة.. حينها تكون الغيوم الباردة قد بدأت تسِحُّ بالأمطار والبَرَد .. يهرعونَ إلى بيوتهم وقد تبلَّلت ملابسهم.. يبحثونَ عن الإنكماش في سهراتهم الدافئة - وهم يلتهِمونَ (حبَّات القطايف) المقليّة والغيْر مُغلَّفة بورق (الفاين) - وذلك حتى يتسنَّى للأصابع أنْ تبقى دَبِقة لفترة لا يُستهان بها.. عندها يبدأ الذهن بالتخمين بمقدار الثواب الذي حصل عليهِ الشخص في ذلك اليوم الرمضاني الشتوي..!!.
التعليقات