اخبار اليوم - في الصباح الباكر من كل يوم، ينشغل الصياد حامد الزطمة (٤٩ عاما) بتجهيز شباكه، أمام خيمته قبالة شاطىء بحر رفح جنوب قطاع غزة، استعدادا للانطلاق بمركبه لصيد الأسماك لتحصيل لقمة عيش أسرته.
يساعد الزطمة، في تجهيز شباك الصيد، زوجته مريم، فيما يرافقه في صيد الأسماك ابنه محمد الذي لا يتجاوز السبعة أعوام وهو واحد من بين سته أبناء. وتعيش عائلة الزطمة في هذه الخيمة، منذ أن نزحت من منزلها في مدينة غزة مع اشتداد القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر الماضي.
استشهد اثنين من أبناء الزطمة هما: ابنه البكر خميس (١٩ عاما)، ومرام (١٤ عاما) عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية منزله في شهر نوفمبر الماضي.
وما إن ينتهي الزطمة من تجهيز شباكه ومركبه، حتى يبدأ بالتجديف برفقه طفله محمد، ليرمي الشباك على مسافة لا تبعد سوى نحو ٢٠٠-٣٠٠ متر داخل مياه البحر بسبب انتشار الزوارق الحربية الإسرائيلية على مسافة ليست بعيدة عن شاطئ البحر. يقول الزطمة وهو يراقب بعينيه حركة هذه الزوارق: 'هذه المهنة باتت محفوفة بمخاطر عالية، لقد تعرضت لإطلاق نار مباشر من الزوارق في مرتين سابقتين'.
وأشار إلى أنه نجا وطفله محمد من موت محقق عند ظهيرة يوم 6 يناير الماضي، حيث أطلقت الزوارق عليهما النار بشكل مباشر وبكثافة. وأضاف: 'لقد كانت الطلقات النارية ترتطم بجدار مركبنا، وبعضها كنا نسمع أزيزها وهي تمر من جانب رؤوسنا.. لقد نجانا الله في تلك الحادثة'.
قاطعه طفله محمد ليقول: 'حينها احتميت داخل حضن والدي الذي ضمني بذراعيه لحمايتي'.
وأضاف: 'كنت أبكي من الخوف وعلمت أنني لن أعيش بعد هذا اليوم'. رغم هذه المخاطر، إلا أن عائلة الزطمة لا تملك خيارا بديلا عن الصيد لتوفير الطعام، ودخل مالي بسيط يوفر احتياجاتها الأساسية.
واستشهد صيادان فلسطينيان برصاص بحرية الاحتلال قبالة ساحل خانيونس، في ٢٦ فبراير الماضي، خلال محاولتهم صيد الأسماك وتوفير لقمة عيش لأسرهم. وفي ١٠ فبراير الماضي، استشهد صياد وأصيب آخر بنيران زوارق الاحتلال قبالة ساحل دير البلح وسط قطاع غزة.
قبل غروب الشمس بنحو ساعتين، يمضي الزطمة وطفله محمد إلى البحر مجددا لجمع شباكه، واستكشاف ما تم صيده من أسماك. وما إن تحط مركبته شاطىء البحر محملة بالأسماك حتى يتجمع من حوله النازحون سعيا لشراء السمك. يقول الزطمة 'الكمية التي اصطيادها بسيطة جدا لا تتعدى الستة كيلو جرامات في كل مرة، أبيع نصفها للنازحين، وأحمل النصف الآخر لعائلتي'.
قبل الحرب، كانت مهنة الصيد مصدر رزق أساسي لنحو 4000 صيادا في قطاع غزة، وكانت دولة الاحتلال تقيد حدود قوارب الصيد بستة أميال فقط من شاطئ البحر، وتطلق الزوارق الحربية النار على أي صياد يعبر تلك الحدود. خلال الحرب، دمرت الغارات الإسرائيلية معظم قوارب الصيد، وبات معظم الصيادين عاطلين عن العمل ونازحين في مخيمات الإيواء في جنوب قطاع غزة.
وخلال الأسابيع الأخيرة، نجح صيادون بالعودة لصيد السمك لتوفير الطعام لأسرهم، ولكن بشكل محدود وعلى مسافة قريبة من شاطىء البحر خوفا من الموت برصاص الزوارق الإسرائيلية. ويستخدم الصيادون اليوم مراكب صغيرة تعمل بالمجداف، ويتجنبون المراكب التي تعمل بالمحرك خوفا من لفت انتباه الزوارق الإسرائيلية، فضلا عن عدم توفر الوقود لتشغيل المحرك.
إلى جوار الصياد الزطمة، كان الصياد علاء قشطة من سكان مدينة رفح، ينادي على الناس قائلا: 'كيلو سمك الغزلان بمائة شيقلا'.
لقد كان سعر الكيلو من هذا السمك قبل الحرب لا يتجاوز ٢٥ شيقلا. يرجع قشطة ارتفاع أسعار الأسماك إلى عدة أسباب، أبرزها مخاطر التعرض لإطلاق النار من الزوارق الإسرائيلية.
وسبق وأن تعرض قشطة لإطلاق النار عليه من الزوارق ثلاثة مرات، ويقول: 'في إحدى تلك المرات شعرت أنني ميت لا محالة، فقفزت في البحر واحتميت بالمركب خوفا من أن تصيبني الرصاصات'.
وأفاد بأن شقيقه أصيب برصاصة في الكتف، بينما كان يساعده في جمع الشباك من المياه تمهيدا للعودة إلى الشاطئ. وأضاف: 'ليس هناك مسافة معينة لإطلاق النار، فقد يتم إطلاق النار عليك من مسافة ١٠ متر عن الشاطىء، أو ١٠٠ متر، ولكن في كل الأحوال لا يمكنك تجاوز مسافة تزيد عن ٣٠٠ مترا عن الشاطىء'.
عدم توفر أصناف أخرى من اللحوم مثل اللحم البقري والدواجن في الأسواق المحلية، بسبب منع إسرائيل الحركة التجارية من وإلى قطاع غزة، ساهم أيضا في ارتفاع أسعار الأسماك- بحسب قشطة.
ويقول الرجل عن ذلك: 'الناس تتخوف من شراء ما يتوفر من لحوم المواشي في الأسواق، خوفا من أن يكون لحم حمير وليس لحما بقريا'. في ٢ مارس الجاري، أُعلن في رفح عن القبض على أحدهم يذبح حمارا ويبيع لحمه في السوق، فيما تسود اشاعات شعبية تفيد بأن بعض باعة اللحوم يقومون بذبح الكلاب وبيعها على أساس أنها لحم ضأن. إضافة إلى ذلك، فإن الارتفاع الكبير للطلب وانخفاض كميات المعروض من الأسماك يعد أهم أسباب ارتفاع سعرها- وفق الصياد قشطة. وبسبب سياسة دولة الاحتلال الرامية للزج بالنازحين من شمال قطاع غزة إلى مدينة رفح جنوب القطاع، بات يعيش في رفح اليوم نحو ١.٣ مليون نسمة، بعدما كان عدد سكانها لا يتجاوز ٣٠٠ ألف نسمة قبل الحرب. وقال نقيب الصيادين الفلسطينيين بغزة، نزار عياش لموقع 'فلسطين أون لاين': 'إن الصياد الفلسطيني هدفا عسكريا لقوات جيش الاحتلال في هذه الحرب البشعة'.
وأوضح أن الصيادين يجازفون بحياتهم من أجل توفير لقمة عيش أطفالهم. وأشار إلى أن الصيادين اليوم يصطادون كميات بسيطة من الأسماك لا تتجاوز ١٠٠ كيلو جرامات من الأسماك وهي كمية لا تكفي لسد احتياج عشرات الأسر. وبين عياش أن قطاع غزة كان ينتج من الأسماك قبل الحرب نحو ٥٠٠٠ طن سنويا.
وحصدت هذه الحرب حتى اليوم أرواح ما لا يقل عن ٣١ ألف فلسطيني، ٧٢٪ منهم من الأطفال والنساء- وفقا لبيانات وزارة الصحة بغزة. وأكد عياش أن انتهاكات دولة الاحتلال بحق قطاع الصيد الذي يضم ١٥٠٠ مركب صيد، ليست وليدة الحرب، بل هي انتهاكات ممتدة على مدار عقود من الزمن. وأبرز هذه الانتهاكات –بحسب نقيب للصيادين- اعتقال الصيادين، وتدمير مراكبهم، وعدم السماح بإدخال المواد والأجهزة الضرورية لصيانة المراكب. وطالب عياش بالعمل الفوري على وقف العدوان ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عام ٢٠٠٧ وترميم ما دمره جيش الاحتلال بحق قطاع الصيد.
اخبار اليوم - في الصباح الباكر من كل يوم، ينشغل الصياد حامد الزطمة (٤٩ عاما) بتجهيز شباكه، أمام خيمته قبالة شاطىء بحر رفح جنوب قطاع غزة، استعدادا للانطلاق بمركبه لصيد الأسماك لتحصيل لقمة عيش أسرته.
يساعد الزطمة، في تجهيز شباك الصيد، زوجته مريم، فيما يرافقه في صيد الأسماك ابنه محمد الذي لا يتجاوز السبعة أعوام وهو واحد من بين سته أبناء. وتعيش عائلة الزطمة في هذه الخيمة، منذ أن نزحت من منزلها في مدينة غزة مع اشتداد القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر الماضي.
استشهد اثنين من أبناء الزطمة هما: ابنه البكر خميس (١٩ عاما)، ومرام (١٤ عاما) عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية منزله في شهر نوفمبر الماضي.
وما إن ينتهي الزطمة من تجهيز شباكه ومركبه، حتى يبدأ بالتجديف برفقه طفله محمد، ليرمي الشباك على مسافة لا تبعد سوى نحو ٢٠٠-٣٠٠ متر داخل مياه البحر بسبب انتشار الزوارق الحربية الإسرائيلية على مسافة ليست بعيدة عن شاطئ البحر. يقول الزطمة وهو يراقب بعينيه حركة هذه الزوارق: 'هذه المهنة باتت محفوفة بمخاطر عالية، لقد تعرضت لإطلاق نار مباشر من الزوارق في مرتين سابقتين'.
وأشار إلى أنه نجا وطفله محمد من موت محقق عند ظهيرة يوم 6 يناير الماضي، حيث أطلقت الزوارق عليهما النار بشكل مباشر وبكثافة. وأضاف: 'لقد كانت الطلقات النارية ترتطم بجدار مركبنا، وبعضها كنا نسمع أزيزها وهي تمر من جانب رؤوسنا.. لقد نجانا الله في تلك الحادثة'.
قاطعه طفله محمد ليقول: 'حينها احتميت داخل حضن والدي الذي ضمني بذراعيه لحمايتي'.
وأضاف: 'كنت أبكي من الخوف وعلمت أنني لن أعيش بعد هذا اليوم'. رغم هذه المخاطر، إلا أن عائلة الزطمة لا تملك خيارا بديلا عن الصيد لتوفير الطعام، ودخل مالي بسيط يوفر احتياجاتها الأساسية.
واستشهد صيادان فلسطينيان برصاص بحرية الاحتلال قبالة ساحل خانيونس، في ٢٦ فبراير الماضي، خلال محاولتهم صيد الأسماك وتوفير لقمة عيش لأسرهم. وفي ١٠ فبراير الماضي، استشهد صياد وأصيب آخر بنيران زوارق الاحتلال قبالة ساحل دير البلح وسط قطاع غزة.
قبل غروب الشمس بنحو ساعتين، يمضي الزطمة وطفله محمد إلى البحر مجددا لجمع شباكه، واستكشاف ما تم صيده من أسماك. وما إن تحط مركبته شاطىء البحر محملة بالأسماك حتى يتجمع من حوله النازحون سعيا لشراء السمك. يقول الزطمة 'الكمية التي اصطيادها بسيطة جدا لا تتعدى الستة كيلو جرامات في كل مرة، أبيع نصفها للنازحين، وأحمل النصف الآخر لعائلتي'.
قبل الحرب، كانت مهنة الصيد مصدر رزق أساسي لنحو 4000 صيادا في قطاع غزة، وكانت دولة الاحتلال تقيد حدود قوارب الصيد بستة أميال فقط من شاطئ البحر، وتطلق الزوارق الحربية النار على أي صياد يعبر تلك الحدود. خلال الحرب، دمرت الغارات الإسرائيلية معظم قوارب الصيد، وبات معظم الصيادين عاطلين عن العمل ونازحين في مخيمات الإيواء في جنوب قطاع غزة.
وخلال الأسابيع الأخيرة، نجح صيادون بالعودة لصيد السمك لتوفير الطعام لأسرهم، ولكن بشكل محدود وعلى مسافة قريبة من شاطىء البحر خوفا من الموت برصاص الزوارق الإسرائيلية. ويستخدم الصيادون اليوم مراكب صغيرة تعمل بالمجداف، ويتجنبون المراكب التي تعمل بالمحرك خوفا من لفت انتباه الزوارق الإسرائيلية، فضلا عن عدم توفر الوقود لتشغيل المحرك.
إلى جوار الصياد الزطمة، كان الصياد علاء قشطة من سكان مدينة رفح، ينادي على الناس قائلا: 'كيلو سمك الغزلان بمائة شيقلا'.
لقد كان سعر الكيلو من هذا السمك قبل الحرب لا يتجاوز ٢٥ شيقلا. يرجع قشطة ارتفاع أسعار الأسماك إلى عدة أسباب، أبرزها مخاطر التعرض لإطلاق النار من الزوارق الإسرائيلية.
وسبق وأن تعرض قشطة لإطلاق النار عليه من الزوارق ثلاثة مرات، ويقول: 'في إحدى تلك المرات شعرت أنني ميت لا محالة، فقفزت في البحر واحتميت بالمركب خوفا من أن تصيبني الرصاصات'.
وأفاد بأن شقيقه أصيب برصاصة في الكتف، بينما كان يساعده في جمع الشباك من المياه تمهيدا للعودة إلى الشاطئ. وأضاف: 'ليس هناك مسافة معينة لإطلاق النار، فقد يتم إطلاق النار عليك من مسافة ١٠ متر عن الشاطىء، أو ١٠٠ متر، ولكن في كل الأحوال لا يمكنك تجاوز مسافة تزيد عن ٣٠٠ مترا عن الشاطىء'.
عدم توفر أصناف أخرى من اللحوم مثل اللحم البقري والدواجن في الأسواق المحلية، بسبب منع إسرائيل الحركة التجارية من وإلى قطاع غزة، ساهم أيضا في ارتفاع أسعار الأسماك- بحسب قشطة.
ويقول الرجل عن ذلك: 'الناس تتخوف من شراء ما يتوفر من لحوم المواشي في الأسواق، خوفا من أن يكون لحم حمير وليس لحما بقريا'. في ٢ مارس الجاري، أُعلن في رفح عن القبض على أحدهم يذبح حمارا ويبيع لحمه في السوق، فيما تسود اشاعات شعبية تفيد بأن بعض باعة اللحوم يقومون بذبح الكلاب وبيعها على أساس أنها لحم ضأن. إضافة إلى ذلك، فإن الارتفاع الكبير للطلب وانخفاض كميات المعروض من الأسماك يعد أهم أسباب ارتفاع سعرها- وفق الصياد قشطة. وبسبب سياسة دولة الاحتلال الرامية للزج بالنازحين من شمال قطاع غزة إلى مدينة رفح جنوب القطاع، بات يعيش في رفح اليوم نحو ١.٣ مليون نسمة، بعدما كان عدد سكانها لا يتجاوز ٣٠٠ ألف نسمة قبل الحرب. وقال نقيب الصيادين الفلسطينيين بغزة، نزار عياش لموقع 'فلسطين أون لاين': 'إن الصياد الفلسطيني هدفا عسكريا لقوات جيش الاحتلال في هذه الحرب البشعة'.
وأوضح أن الصيادين يجازفون بحياتهم من أجل توفير لقمة عيش أطفالهم. وأشار إلى أن الصيادين اليوم يصطادون كميات بسيطة من الأسماك لا تتجاوز ١٠٠ كيلو جرامات من الأسماك وهي كمية لا تكفي لسد احتياج عشرات الأسر. وبين عياش أن قطاع غزة كان ينتج من الأسماك قبل الحرب نحو ٥٠٠٠ طن سنويا.
وحصدت هذه الحرب حتى اليوم أرواح ما لا يقل عن ٣١ ألف فلسطيني، ٧٢٪ منهم من الأطفال والنساء- وفقا لبيانات وزارة الصحة بغزة. وأكد عياش أن انتهاكات دولة الاحتلال بحق قطاع الصيد الذي يضم ١٥٠٠ مركب صيد، ليست وليدة الحرب، بل هي انتهاكات ممتدة على مدار عقود من الزمن. وأبرز هذه الانتهاكات –بحسب نقيب للصيادين- اعتقال الصيادين، وتدمير مراكبهم، وعدم السماح بإدخال المواد والأجهزة الضرورية لصيانة المراكب. وطالب عياش بالعمل الفوري على وقف العدوان ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عام ٢٠٠٧ وترميم ما دمره جيش الاحتلال بحق قطاع الصيد.
اخبار اليوم - في الصباح الباكر من كل يوم، ينشغل الصياد حامد الزطمة (٤٩ عاما) بتجهيز شباكه، أمام خيمته قبالة شاطىء بحر رفح جنوب قطاع غزة، استعدادا للانطلاق بمركبه لصيد الأسماك لتحصيل لقمة عيش أسرته.
يساعد الزطمة، في تجهيز شباك الصيد، زوجته مريم، فيما يرافقه في صيد الأسماك ابنه محمد الذي لا يتجاوز السبعة أعوام وهو واحد من بين سته أبناء. وتعيش عائلة الزطمة في هذه الخيمة، منذ أن نزحت من منزلها في مدينة غزة مع اشتداد القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر الماضي.
استشهد اثنين من أبناء الزطمة هما: ابنه البكر خميس (١٩ عاما)، ومرام (١٤ عاما) عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية منزله في شهر نوفمبر الماضي.
وما إن ينتهي الزطمة من تجهيز شباكه ومركبه، حتى يبدأ بالتجديف برفقه طفله محمد، ليرمي الشباك على مسافة لا تبعد سوى نحو ٢٠٠-٣٠٠ متر داخل مياه البحر بسبب انتشار الزوارق الحربية الإسرائيلية على مسافة ليست بعيدة عن شاطئ البحر. يقول الزطمة وهو يراقب بعينيه حركة هذه الزوارق: 'هذه المهنة باتت محفوفة بمخاطر عالية، لقد تعرضت لإطلاق نار مباشر من الزوارق في مرتين سابقتين'.
وأشار إلى أنه نجا وطفله محمد من موت محقق عند ظهيرة يوم 6 يناير الماضي، حيث أطلقت الزوارق عليهما النار بشكل مباشر وبكثافة. وأضاف: 'لقد كانت الطلقات النارية ترتطم بجدار مركبنا، وبعضها كنا نسمع أزيزها وهي تمر من جانب رؤوسنا.. لقد نجانا الله في تلك الحادثة'.
قاطعه طفله محمد ليقول: 'حينها احتميت داخل حضن والدي الذي ضمني بذراعيه لحمايتي'.
وأضاف: 'كنت أبكي من الخوف وعلمت أنني لن أعيش بعد هذا اليوم'. رغم هذه المخاطر، إلا أن عائلة الزطمة لا تملك خيارا بديلا عن الصيد لتوفير الطعام، ودخل مالي بسيط يوفر احتياجاتها الأساسية.
واستشهد صيادان فلسطينيان برصاص بحرية الاحتلال قبالة ساحل خانيونس، في ٢٦ فبراير الماضي، خلال محاولتهم صيد الأسماك وتوفير لقمة عيش لأسرهم. وفي ١٠ فبراير الماضي، استشهد صياد وأصيب آخر بنيران زوارق الاحتلال قبالة ساحل دير البلح وسط قطاع غزة.
قبل غروب الشمس بنحو ساعتين، يمضي الزطمة وطفله محمد إلى البحر مجددا لجمع شباكه، واستكشاف ما تم صيده من أسماك. وما إن تحط مركبته شاطىء البحر محملة بالأسماك حتى يتجمع من حوله النازحون سعيا لشراء السمك. يقول الزطمة 'الكمية التي اصطيادها بسيطة جدا لا تتعدى الستة كيلو جرامات في كل مرة، أبيع نصفها للنازحين، وأحمل النصف الآخر لعائلتي'.
قبل الحرب، كانت مهنة الصيد مصدر رزق أساسي لنحو 4000 صيادا في قطاع غزة، وكانت دولة الاحتلال تقيد حدود قوارب الصيد بستة أميال فقط من شاطئ البحر، وتطلق الزوارق الحربية النار على أي صياد يعبر تلك الحدود. خلال الحرب، دمرت الغارات الإسرائيلية معظم قوارب الصيد، وبات معظم الصيادين عاطلين عن العمل ونازحين في مخيمات الإيواء في جنوب قطاع غزة.
وخلال الأسابيع الأخيرة، نجح صيادون بالعودة لصيد السمك لتوفير الطعام لأسرهم، ولكن بشكل محدود وعلى مسافة قريبة من شاطىء البحر خوفا من الموت برصاص الزوارق الإسرائيلية. ويستخدم الصيادون اليوم مراكب صغيرة تعمل بالمجداف، ويتجنبون المراكب التي تعمل بالمحرك خوفا من لفت انتباه الزوارق الإسرائيلية، فضلا عن عدم توفر الوقود لتشغيل المحرك.
إلى جوار الصياد الزطمة، كان الصياد علاء قشطة من سكان مدينة رفح، ينادي على الناس قائلا: 'كيلو سمك الغزلان بمائة شيقلا'.
لقد كان سعر الكيلو من هذا السمك قبل الحرب لا يتجاوز ٢٥ شيقلا. يرجع قشطة ارتفاع أسعار الأسماك إلى عدة أسباب، أبرزها مخاطر التعرض لإطلاق النار من الزوارق الإسرائيلية.
وسبق وأن تعرض قشطة لإطلاق النار عليه من الزوارق ثلاثة مرات، ويقول: 'في إحدى تلك المرات شعرت أنني ميت لا محالة، فقفزت في البحر واحتميت بالمركب خوفا من أن تصيبني الرصاصات'.
وأفاد بأن شقيقه أصيب برصاصة في الكتف، بينما كان يساعده في جمع الشباك من المياه تمهيدا للعودة إلى الشاطئ. وأضاف: 'ليس هناك مسافة معينة لإطلاق النار، فقد يتم إطلاق النار عليك من مسافة ١٠ متر عن الشاطىء، أو ١٠٠ متر، ولكن في كل الأحوال لا يمكنك تجاوز مسافة تزيد عن ٣٠٠ مترا عن الشاطىء'.
عدم توفر أصناف أخرى من اللحوم مثل اللحم البقري والدواجن في الأسواق المحلية، بسبب منع إسرائيل الحركة التجارية من وإلى قطاع غزة، ساهم أيضا في ارتفاع أسعار الأسماك- بحسب قشطة.
ويقول الرجل عن ذلك: 'الناس تتخوف من شراء ما يتوفر من لحوم المواشي في الأسواق، خوفا من أن يكون لحم حمير وليس لحما بقريا'. في ٢ مارس الجاري، أُعلن في رفح عن القبض على أحدهم يذبح حمارا ويبيع لحمه في السوق، فيما تسود اشاعات شعبية تفيد بأن بعض باعة اللحوم يقومون بذبح الكلاب وبيعها على أساس أنها لحم ضأن. إضافة إلى ذلك، فإن الارتفاع الكبير للطلب وانخفاض كميات المعروض من الأسماك يعد أهم أسباب ارتفاع سعرها- وفق الصياد قشطة. وبسبب سياسة دولة الاحتلال الرامية للزج بالنازحين من شمال قطاع غزة إلى مدينة رفح جنوب القطاع، بات يعيش في رفح اليوم نحو ١.٣ مليون نسمة، بعدما كان عدد سكانها لا يتجاوز ٣٠٠ ألف نسمة قبل الحرب. وقال نقيب الصيادين الفلسطينيين بغزة، نزار عياش لموقع 'فلسطين أون لاين': 'إن الصياد الفلسطيني هدفا عسكريا لقوات جيش الاحتلال في هذه الحرب البشعة'.
وأوضح أن الصيادين يجازفون بحياتهم من أجل توفير لقمة عيش أطفالهم. وأشار إلى أن الصيادين اليوم يصطادون كميات بسيطة من الأسماك لا تتجاوز ١٠٠ كيلو جرامات من الأسماك وهي كمية لا تكفي لسد احتياج عشرات الأسر. وبين عياش أن قطاع غزة كان ينتج من الأسماك قبل الحرب نحو ٥٠٠٠ طن سنويا.
وحصدت هذه الحرب حتى اليوم أرواح ما لا يقل عن ٣١ ألف فلسطيني، ٧٢٪ منهم من الأطفال والنساء- وفقا لبيانات وزارة الصحة بغزة. وأكد عياش أن انتهاكات دولة الاحتلال بحق قطاع الصيد الذي يضم ١٥٠٠ مركب صيد، ليست وليدة الحرب، بل هي انتهاكات ممتدة على مدار عقود من الزمن. وأبرز هذه الانتهاكات –بحسب نقيب للصيادين- اعتقال الصيادين، وتدمير مراكبهم، وعدم السماح بإدخال المواد والأجهزة الضرورية لصيانة المراكب. وطالب عياش بالعمل الفوري على وقف العدوان ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عام ٢٠٠٧ وترميم ما دمره جيش الاحتلال بحق قطاع الصيد.
التعليقات