أخبار اليوم
فطرة حب الحياة
من فطرة النفس البشرية حب الحياة وكراهية الموت ، فكما قالت ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها :« كلنا نكره الموت » غير أن أمنية البقاء على قيد الحياة وكراهية الموت لا تغير في الأمر شيء ، فالموت محتم على العباد جميعا .
ومن العباد من يترك الدنيا لقاء الآخرة ومنهم من يترك الآخر لأجل الدنيا ،ومن يترك الدنيا لأجل الآخرة ولقاء الله تعالى ،أحب الله لقائه ، ومن آثرها وركن إليها كره الموت وخاف من لقاء الله تعالى بذنوبه . فعن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله ﷺ : « مَن أحَبَّ لقاءَ اللهِ أحَبَّ اللهُ لقاءَه ومَن كرِه لقاءَ اللهِ كرِه اللهُ لقاءَه ». فقالت عائشةُ: إنَّا نكرَهُ الموتَ فذاك كراهيتُنا لقاءَ اللهِ ؟ فقال النَّبيُّ ﷺ: «لا ولكنَّ المؤمنَ إذا حُضِر فبُشِّر بما أمامه أحَبَّ لقاءَ اللهِ وأحَبَّ اللهُ لقاءَه وإنَّ الكافرَ إذا حُضِرَ فبُشِّر بما أمامَه كرِه لقاءَ اللهِ وكرِه اللهُ لقاءَه» . تخريج صحيح إبن حبان
وقال تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ}[إبراهيم: 3]
فالحياة الدنيا ما هي إلا دار فناء وزوال ، وكان النبي ﷺ أزهد الناس بها ، لعلمه بحقيقتها وبأنها دار قناء وزوال ، فما هي إلا مرحلة ليتزود فيها العبد بالأعمال الصالحة والطاعات ليرضي الله تعالى ويعيش الحياة الباقية في جنة الله عز وجل ، النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم أزهدَ الناسِ في الدُّنيا؛ لِعلمِه بحَقيقتِها وأنَّها دارُ فَناءٍ، وليسَت باقيةً، وإنَّما هي مَرحَلةٌ يتَزوَّدُ فيها المسلِمُ مِن الأعمالِ الصَّالحةِ والطَّاعاتِ؛ حتَّى يَعيشَ الحياةَ الباقيةَ في جَنَّةِ اللهِ عزَّ وجلَّ. شبه النبي ﷺ مكوثنا في هذه الحياة الدنيا فعن بن عباس رضي الله عنهما قال : أن رسول الله ﷺ دخل عليه عمر وهو على حصير قد أثر في جنبه فقال: يا نبي الله لو اتخذت فراشاً أوثر من هذا فقال: « مالي وللدُّنيا ما مَثَلي ومَثَلُ الدُّنيا إلَّا كراكبٍ سارَ في يومٍ صائفٍ فاستظلَّ تحتَ شجرةٍ ساعةً من نهارٍ ثمَّ راحَ وتَرَكها » .رواه أحمد
والدنيا هينة عند الله عز وجل ، ولا تعدل مثقال ذرة ولا تساوي شيئا ، فعن سهل بن سعد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لو كانت الدُّنيا تعدِلُ عند اللهِ جناحَ بعوضةٍ ما سقَى كافرًا منها شرْبةَ ماءٍ » .الترغيب والترهيب
أوصاف الدنيا في القرآن الكريم
كما أن الله تعالى ما ذكر في كتابه الدنيا إلا ذامًا لها ,ومن الأوصاف التي وصفها بها :
دار لعب ولهو : ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ [الأنعام: ٣٢]
﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: ٦٤]
دار ضلال وطغيان لمن يفتن بها:﴿ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾[ الكهف : ١٠٤]
﴿فَأَمّا مَن طَغىوَآثَرَ الحَياةَ الدُّنيافَإِنَّ الجَحيمَ هِيَ المَأوى﴾ [النازعات: ٣٧-٣٩]
متاع الغرور: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾[آل عمران: ١٥٨]
متاع الدنيا قليل مقارنة بالآخرة :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ ﴾ [التوبة: ٣٨]
الحياة الدنيا حياة التمتع بالملذات المنقطعة : ﴿يا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾ [ غافر: ٣٩]
مثل الماء إذا نزل على أرض : ﴿إنما مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾[يونس: ٢٤]
لا تساوي شيئاً بالنسبة الى الآخرة :﴿ وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾[القصص: ٦٠]
الحرص على الدنيا
إن الحرص على الدنيا واتباع الهوى من موجبات العذاب، والخوف من الله وعدم اتباع الهوى من موجبات الرحمة والفوز بالجنة، قال سبحانه وتعالى: ﴿فأما مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾[النازعات: ٣٧-٤١]
كما أن الله يفتح أبواب رزقه للناس امتحاناً لإيمانهم ، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنْ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ » ، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [ الأنعام : ٤٤ ]» . رواه أحمد
ومن أراد الفوز بالآخرة فعليه بتقوى الله وتقديم الآخرة على الدنيا والسعي لها ، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً﴾[الإسراء: ١٩]
وقال سبحانه:﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾[آل عمران: ١٨٥]
كما وعد الله سبحانه وتعالى عباده بجنات تجري من تحتها الأنهار، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وهذا خير من الدنيا وما فيها من شهوات من نساء وبنين وأموال وزرع وغير ذلك من متاع زائل، قال سبحانه وتعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾[آل عمران: ١٤-١٥]
البقاء حي بعد الموت
ان المؤمن يتمنى أن لا يأتيه الموت وتطول حياته، ليعمُر دينه ودنياه، ويزداد طاعةً وإقبالاً على مولاه، فعنْ أَبي هُريرة: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «لا يَتَمَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ، إِمَّا مُحسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدادُ، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ» متفقٌ عَلَيْه
فالموت الحقيقي هو موت القلب والعقل والضمير، كما قال الله تعالى: ﴿أومن كان ميتاً فأحييناه﴾، وقوله جل شأنه: ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾، فمثل هؤلاء هم أحياء بأجسادهم لكنهم موتى بعدم الانتفاع بشيء من حياتهم لآخرتهم.
والحياة الحقيقية هي التي تكون ذاتَ أثرٍ في نفسها ، كما قال الله تعالى في شأن الشهداء: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾، فهؤلاء أحياء بعد موتهم بما تركوا من أثر في حماية الدين والدنيا.
وكذلك يبقى حيًا بعد موته من بقي له أثرُ بصالح عمله من علم ينتفع به، أو عملِ خير ينتفع به ، أو جعل شيء من ماله وقفا لله تعالى، يحبس أصله ويبقى نفعه، وأجره وذكره، مثل الوقف على المشاريع الخيرية والمساجد والمدارس والمستشفيات وغيرها.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : « إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له » .صحيح مسلم
أخبار اليوم
فطرة حب الحياة
من فطرة النفس البشرية حب الحياة وكراهية الموت ، فكما قالت ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها :« كلنا نكره الموت » غير أن أمنية البقاء على قيد الحياة وكراهية الموت لا تغير في الأمر شيء ، فالموت محتم على العباد جميعا .
ومن العباد من يترك الدنيا لقاء الآخرة ومنهم من يترك الآخر لأجل الدنيا ،ومن يترك الدنيا لأجل الآخرة ولقاء الله تعالى ،أحب الله لقائه ، ومن آثرها وركن إليها كره الموت وخاف من لقاء الله تعالى بذنوبه . فعن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله ﷺ : « مَن أحَبَّ لقاءَ اللهِ أحَبَّ اللهُ لقاءَه ومَن كرِه لقاءَ اللهِ كرِه اللهُ لقاءَه ». فقالت عائشةُ: إنَّا نكرَهُ الموتَ فذاك كراهيتُنا لقاءَ اللهِ ؟ فقال النَّبيُّ ﷺ: «لا ولكنَّ المؤمنَ إذا حُضِر فبُشِّر بما أمامه أحَبَّ لقاءَ اللهِ وأحَبَّ اللهُ لقاءَه وإنَّ الكافرَ إذا حُضِرَ فبُشِّر بما أمامَه كرِه لقاءَ اللهِ وكرِه اللهُ لقاءَه» . تخريج صحيح إبن حبان
وقال تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ}[إبراهيم: 3]
فالحياة الدنيا ما هي إلا دار فناء وزوال ، وكان النبي ﷺ أزهد الناس بها ، لعلمه بحقيقتها وبأنها دار قناء وزوال ، فما هي إلا مرحلة ليتزود فيها العبد بالأعمال الصالحة والطاعات ليرضي الله تعالى ويعيش الحياة الباقية في جنة الله عز وجل ، النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم أزهدَ الناسِ في الدُّنيا؛ لِعلمِه بحَقيقتِها وأنَّها دارُ فَناءٍ، وليسَت باقيةً، وإنَّما هي مَرحَلةٌ يتَزوَّدُ فيها المسلِمُ مِن الأعمالِ الصَّالحةِ والطَّاعاتِ؛ حتَّى يَعيشَ الحياةَ الباقيةَ في جَنَّةِ اللهِ عزَّ وجلَّ. شبه النبي ﷺ مكوثنا في هذه الحياة الدنيا فعن بن عباس رضي الله عنهما قال : أن رسول الله ﷺ دخل عليه عمر وهو على حصير قد أثر في جنبه فقال: يا نبي الله لو اتخذت فراشاً أوثر من هذا فقال: « مالي وللدُّنيا ما مَثَلي ومَثَلُ الدُّنيا إلَّا كراكبٍ سارَ في يومٍ صائفٍ فاستظلَّ تحتَ شجرةٍ ساعةً من نهارٍ ثمَّ راحَ وتَرَكها » .رواه أحمد
والدنيا هينة عند الله عز وجل ، ولا تعدل مثقال ذرة ولا تساوي شيئا ، فعن سهل بن سعد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لو كانت الدُّنيا تعدِلُ عند اللهِ جناحَ بعوضةٍ ما سقَى كافرًا منها شرْبةَ ماءٍ » .الترغيب والترهيب
أوصاف الدنيا في القرآن الكريم
كما أن الله تعالى ما ذكر في كتابه الدنيا إلا ذامًا لها ,ومن الأوصاف التي وصفها بها :
دار لعب ولهو : ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ [الأنعام: ٣٢]
﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: ٦٤]
دار ضلال وطغيان لمن يفتن بها:﴿ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾[ الكهف : ١٠٤]
﴿فَأَمّا مَن طَغىوَآثَرَ الحَياةَ الدُّنيافَإِنَّ الجَحيمَ هِيَ المَأوى﴾ [النازعات: ٣٧-٣٩]
متاع الغرور: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾[آل عمران: ١٥٨]
متاع الدنيا قليل مقارنة بالآخرة :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ ﴾ [التوبة: ٣٨]
الحياة الدنيا حياة التمتع بالملذات المنقطعة : ﴿يا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾ [ غافر: ٣٩]
مثل الماء إذا نزل على أرض : ﴿إنما مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾[يونس: ٢٤]
لا تساوي شيئاً بالنسبة الى الآخرة :﴿ وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾[القصص: ٦٠]
الحرص على الدنيا
إن الحرص على الدنيا واتباع الهوى من موجبات العذاب، والخوف من الله وعدم اتباع الهوى من موجبات الرحمة والفوز بالجنة، قال سبحانه وتعالى: ﴿فأما مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾[النازعات: ٣٧-٤١]
كما أن الله يفتح أبواب رزقه للناس امتحاناً لإيمانهم ، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنْ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ » ، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [ الأنعام : ٤٤ ]» . رواه أحمد
ومن أراد الفوز بالآخرة فعليه بتقوى الله وتقديم الآخرة على الدنيا والسعي لها ، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً﴾[الإسراء: ١٩]
وقال سبحانه:﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾[آل عمران: ١٨٥]
كما وعد الله سبحانه وتعالى عباده بجنات تجري من تحتها الأنهار، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وهذا خير من الدنيا وما فيها من شهوات من نساء وبنين وأموال وزرع وغير ذلك من متاع زائل، قال سبحانه وتعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾[آل عمران: ١٤-١٥]
البقاء حي بعد الموت
ان المؤمن يتمنى أن لا يأتيه الموت وتطول حياته، ليعمُر دينه ودنياه، ويزداد طاعةً وإقبالاً على مولاه، فعنْ أَبي هُريرة: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «لا يَتَمَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ، إِمَّا مُحسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدادُ، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ» متفقٌ عَلَيْه
فالموت الحقيقي هو موت القلب والعقل والضمير، كما قال الله تعالى: ﴿أومن كان ميتاً فأحييناه﴾، وقوله جل شأنه: ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾، فمثل هؤلاء هم أحياء بأجسادهم لكنهم موتى بعدم الانتفاع بشيء من حياتهم لآخرتهم.
والحياة الحقيقية هي التي تكون ذاتَ أثرٍ في نفسها ، كما قال الله تعالى في شأن الشهداء: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾، فهؤلاء أحياء بعد موتهم بما تركوا من أثر في حماية الدين والدنيا.
وكذلك يبقى حيًا بعد موته من بقي له أثرُ بصالح عمله من علم ينتفع به، أو عملِ خير ينتفع به ، أو جعل شيء من ماله وقفا لله تعالى، يحبس أصله ويبقى نفعه، وأجره وذكره، مثل الوقف على المشاريع الخيرية والمساجد والمدارس والمستشفيات وغيرها.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : « إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له » .صحيح مسلم
أخبار اليوم
فطرة حب الحياة
من فطرة النفس البشرية حب الحياة وكراهية الموت ، فكما قالت ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها :« كلنا نكره الموت » غير أن أمنية البقاء على قيد الحياة وكراهية الموت لا تغير في الأمر شيء ، فالموت محتم على العباد جميعا .
ومن العباد من يترك الدنيا لقاء الآخرة ومنهم من يترك الآخر لأجل الدنيا ،ومن يترك الدنيا لأجل الآخرة ولقاء الله تعالى ،أحب الله لقائه ، ومن آثرها وركن إليها كره الموت وخاف من لقاء الله تعالى بذنوبه . فعن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله ﷺ : « مَن أحَبَّ لقاءَ اللهِ أحَبَّ اللهُ لقاءَه ومَن كرِه لقاءَ اللهِ كرِه اللهُ لقاءَه ». فقالت عائشةُ: إنَّا نكرَهُ الموتَ فذاك كراهيتُنا لقاءَ اللهِ ؟ فقال النَّبيُّ ﷺ: «لا ولكنَّ المؤمنَ إذا حُضِر فبُشِّر بما أمامه أحَبَّ لقاءَ اللهِ وأحَبَّ اللهُ لقاءَه وإنَّ الكافرَ إذا حُضِرَ فبُشِّر بما أمامَه كرِه لقاءَ اللهِ وكرِه اللهُ لقاءَه» . تخريج صحيح إبن حبان
وقال تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ}[إبراهيم: 3]
فالحياة الدنيا ما هي إلا دار فناء وزوال ، وكان النبي ﷺ أزهد الناس بها ، لعلمه بحقيقتها وبأنها دار قناء وزوال ، فما هي إلا مرحلة ليتزود فيها العبد بالأعمال الصالحة والطاعات ليرضي الله تعالى ويعيش الحياة الباقية في جنة الله عز وجل ، النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم أزهدَ الناسِ في الدُّنيا؛ لِعلمِه بحَقيقتِها وأنَّها دارُ فَناءٍ، وليسَت باقيةً، وإنَّما هي مَرحَلةٌ يتَزوَّدُ فيها المسلِمُ مِن الأعمالِ الصَّالحةِ والطَّاعاتِ؛ حتَّى يَعيشَ الحياةَ الباقيةَ في جَنَّةِ اللهِ عزَّ وجلَّ. شبه النبي ﷺ مكوثنا في هذه الحياة الدنيا فعن بن عباس رضي الله عنهما قال : أن رسول الله ﷺ دخل عليه عمر وهو على حصير قد أثر في جنبه فقال: يا نبي الله لو اتخذت فراشاً أوثر من هذا فقال: « مالي وللدُّنيا ما مَثَلي ومَثَلُ الدُّنيا إلَّا كراكبٍ سارَ في يومٍ صائفٍ فاستظلَّ تحتَ شجرةٍ ساعةً من نهارٍ ثمَّ راحَ وتَرَكها » .رواه أحمد
والدنيا هينة عند الله عز وجل ، ولا تعدل مثقال ذرة ولا تساوي شيئا ، فعن سهل بن سعد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لو كانت الدُّنيا تعدِلُ عند اللهِ جناحَ بعوضةٍ ما سقَى كافرًا منها شرْبةَ ماءٍ » .الترغيب والترهيب
أوصاف الدنيا في القرآن الكريم
كما أن الله تعالى ما ذكر في كتابه الدنيا إلا ذامًا لها ,ومن الأوصاف التي وصفها بها :
دار لعب ولهو : ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ [الأنعام: ٣٢]
﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾ [العنكبوت: ٦٤]
دار ضلال وطغيان لمن يفتن بها:﴿ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾[ الكهف : ١٠٤]
﴿فَأَمّا مَن طَغىوَآثَرَ الحَياةَ الدُّنيافَإِنَّ الجَحيمَ هِيَ المَأوى﴾ [النازعات: ٣٧-٣٩]
متاع الغرور: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾[آل عمران: ١٥٨]
متاع الدنيا قليل مقارنة بالآخرة :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ ﴾ [التوبة: ٣٨]
الحياة الدنيا حياة التمتع بالملذات المنقطعة : ﴿يا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾ [ غافر: ٣٩]
مثل الماء إذا نزل على أرض : ﴿إنما مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾[يونس: ٢٤]
لا تساوي شيئاً بالنسبة الى الآخرة :﴿ وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾[القصص: ٦٠]
الحرص على الدنيا
إن الحرص على الدنيا واتباع الهوى من موجبات العذاب، والخوف من الله وعدم اتباع الهوى من موجبات الرحمة والفوز بالجنة، قال سبحانه وتعالى: ﴿فأما مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾[النازعات: ٣٧-٤١]
كما أن الله يفتح أبواب رزقه للناس امتحاناً لإيمانهم ، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنْ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ » ، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [ الأنعام : ٤٤ ]» . رواه أحمد
ومن أراد الفوز بالآخرة فعليه بتقوى الله وتقديم الآخرة على الدنيا والسعي لها ، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً﴾[الإسراء: ١٩]
وقال سبحانه:﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾[آل عمران: ١٨٥]
كما وعد الله سبحانه وتعالى عباده بجنات تجري من تحتها الأنهار، فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وهذا خير من الدنيا وما فيها من شهوات من نساء وبنين وأموال وزرع وغير ذلك من متاع زائل، قال سبحانه وتعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾[آل عمران: ١٤-١٥]
البقاء حي بعد الموت
ان المؤمن يتمنى أن لا يأتيه الموت وتطول حياته، ليعمُر دينه ودنياه، ويزداد طاعةً وإقبالاً على مولاه، فعنْ أَبي هُريرة: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: «لا يَتَمَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ، إِمَّا مُحسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدادُ، وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ» متفقٌ عَلَيْه
فالموت الحقيقي هو موت القلب والعقل والضمير، كما قال الله تعالى: ﴿أومن كان ميتاً فأحييناه﴾، وقوله جل شأنه: ﴿إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى﴾، فمثل هؤلاء هم أحياء بأجسادهم لكنهم موتى بعدم الانتفاع بشيء من حياتهم لآخرتهم.
والحياة الحقيقية هي التي تكون ذاتَ أثرٍ في نفسها ، كما قال الله تعالى في شأن الشهداء: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾، فهؤلاء أحياء بعد موتهم بما تركوا من أثر في حماية الدين والدنيا.
وكذلك يبقى حيًا بعد موته من بقي له أثرُ بصالح عمله من علم ينتفع به، أو عملِ خير ينتفع به ، أو جعل شيء من ماله وقفا لله تعالى، يحبس أصله ويبقى نفعه، وأجره وذكره، مثل الوقف على المشاريع الخيرية والمساجد والمدارس والمستشفيات وغيرها.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : « إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له » .صحيح مسلم
التعليقات