إنّ ممّا يُبتلى به النّاس بكثرةٍ على مرّ العصور سوءُ الظنِّ ببعضهم البعض، حتّى كاد ذلك أنْ يُذهِب علاقاتهم الاجتماعيّة، ويُقطّع أواصر المَحبّة، ويُفشي السّوء والبغضاء بينهم، ولقد حثّ الله عزّ وجل على اجتناب سوء الظنّ بالآخرين، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا﴾.
مفهوم سوء الظن
بالإمكان تعريفُ سوء الظنِّ بأنّه مَظنّة جانب الشرّ وتغليبه على جانب الخير، في حين أنّ الموضوع الذي وقع فيه سوء الظنّ قد يَحتمل الجانبين معاً دون تغليبٍ لأحدهما، حيث قال ابن القيم: (سوء الظن هو امتلاء القلب بالظّنون السّيئة بالنّاس حتى يطفح على اللسان والجوارح)، وقال ابن كثير: (سوء الظنّ هو التّهمة والتخوّن للأهل والأقارب والنّاس في غير مَحلِّه).
كما يُمكن أن يُعرّف سوء الظنّ أيضاً بأنّه الخوض في الخيال المُسيء والخطأ في حالة مُواجهة فعلٍ يُمكن أن يكون له تفسيرين، صحيح وخاطئ؛ كمن رأى رجلاً مع امرأةٍ غريبة فخاض في خياله دون تبيُّن، وحلّل أنّ المرأة أجنبيّة عن الرّجل وليست من محارمه، وبدأ في التخيّل أنّ هذا الرّجل يُريد لها السّوء وارتكاب الفاحشة معها، بينما ربّى الإسلام أبناءه على إحسان الظنّ؛ فربما تكون على قرابة معه كأخته أو عمّته أو زوجته.
رُوِيَ أنّه لمّا نظر الرّسول عليه الصّلاة والسّلام إلى الكعبة قال: (مرحباً بك من بيت ما أعظمك وأعظم حُرْمَتك، ولَلْمؤمن أعظم حُرْمَة عند الله منكِ، إنَّ الله حرَّم منكِ واحدة، وحرَّم من المُؤمن ثلاثاً: دمه، وماله، وأن يُظنَّ به ظنَّ السَّوء).
سوء الظنّ في القرآن الكريم
لقد تحدّثت آيات كريمة عدّة عن هذا المرض الأخلاقيّ الذي مزّق المجتمعات، ومنها: ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً﴾، وتتحدّث هذه الآية عن سوء الظنّ الذي يتعلّق بالربوبيّة والمُقدّسات الإلهية؛ فتُبيّن أنّ سوء الظنّ الواقع من هؤلاء النّاس هو أنّهم يتّهمون الله في خلقه وحكمه، ويظنون السّوء بالرّسول عليه الصّلاة والسّلام وصحابته.
وممّا لا شكّ فيه أنّ سوء الظنّ بالله تعالى يختلف اختلافاً كُليّاً عن سوء الظنّ بالآخرين؛ لأنّ سوء الظنّ بالآخرين سينتهي غالباً بالوقوع في الإثم أو التصرّف بشكل خاطئ مع الطّرف الآخر، بينما سوء الظنّ بالله تعالى يُؤدّي إلى اهتزاز ركائزَ الإيمان وأركان التّوحيد في قلب المؤمن، أو على الأقل سيكون دافعاً ومُحفّزاً لذلك؛ لأنّ الظنّ بأنّ الله تعالى قد يُخلِف وعده لهو واقع في دائرة الكفر، فإخلاف الوعد ينشأ إمّا من الجهل، أو عن عجز، أو عن كذب، وتعالى الله عن هذه الصّفات.
﴿بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا﴾، يقول تعالى للأعراب المُعتذِرين إلى الرّسول عليه الصّلاة والسّلام عند مُنصَرَفِه يوم فتح مكة إذ قالوا: (شغلتنا أموالنا وأهلونا)، ما تخلّفتم خلاف رسول الله عليه الصّلاة والسّلام وقعدتم عن صحبته من أجل شغلكم بأموالكم وأهليكم، بل تخلّفتم بعده في منازلكم ظنّاً منكم أنّ رسول الله ومن معه من أصحابه سيهلكون فلا يرجعون إليكم أبداً باستئصال العدو إيّاهم، وزيّن الشّيطان ذلك في قلوبكم وحسّنه، وصحّحه عندكم حتى حَسُن عندكم التخلّف عنه، فقعدتم عن صحبته (وظننتم ظنّ السّوء).
يقول: وظننتم أنّ الله لن ينصر مُحمداً - عليه الصّلاة والسّلام - وأصحابه المُؤمنين على أعدائهم، وأنّ العدو سيقهرهم ويغلبهم فيُقتَلوا.[١٠] ﴿وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ﴾، يؤكّد الله تعالى في هذه الآية أنّ الظنّ لا يُجدي شيئاً، ولا يقوم أبداً مقام الحق.
أقسام سوء الظن
يمكن تقسيم سوء الظن إلى قسمين كلاهما من الكبائر، هما:
سوء الظن بالله تعالى: وهو أن يظنّ الإنسان بالله ظنّاً لا يليق بمقامه تعالى؛ كمن يظنّ في قلبه أنّ الله لن يغفر له ولن يصفح عنه، ويدخل ضمنه كلّ ظن يُخالف كمال قدرة الله وسعة رحمته، وهو أكبر ذنباً من اليأس والقنوط من رحمة الله؛ لأنّه يأس وقنوط وتَعَدٍّ على كمال الله للظنّ به ظناً لا يليق بكرمه ورحمته.
سوء الظّن بالمسلمين: وهو ممّا لا يُقبل أيضاً وممّا يُعاقب فاعله لكونه من الكبائر؛ إذ يُلصق بالمسلم ما لا علاقة له به إنّما حكم بمجرّد تهيّؤات وخيالات، وهو ممّا سيَحمِلُ مُسيء الظنّ على احتقار من أساء الظنّ به، وعلى عدم القيام بحقوقه وإطالة اللّسان عليه .
آثار سوء الظّن
إنّ لسوءِ الظنّ مآلٌ وآثارٌ سلبية؛ فقد تعزلُ الفرد عن مُجتمعه، وتجعله خائفاً منهم مُعتقداً أنّهم قد يمسّونه بسوء في أي وقت، فيُفضّل البقاء مُنعزلاً بذاته نفسيّاً واجتماعيّاً، ممّا قد يُؤدّي بشخصيّته وثقته بنفسه مع مرور الأيام.
ومن هذه الآثار:
سبب للوقوع في الشّرك والبدعة والضّلال: بسوء الظّن بالله سبب في الوقوع في الشّرك، قال ابن القيم: (الشّرك والتّعطيل مبنيّان على سوء الظّن بالله تعالى... لأنّ الشّرك هضمٌ لحقّ الربوبيّة، وتنقيص لعظمة الله، وسوء ظنّ به، ولهذا قال إبراهيم إمام الحنفاء لخصمائه من المشركين: ﴿أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. وقال المقريزيّ: (اعلم أنك إذا تأمّلت جميع طوائف الضّلال والبدع وجدتَ أصل ضلالهم راجعاً إلى شيئين: أحدهما:.. الظنّ بالله ظنّ السّوء).
أنها صفة كل مُبطل ومُبتدع: قال تعالى: ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ﴾. قال ابن القيم: (كلُّ مُبطل وكافر ومُبتدع مقهور مُستذلّ، فهو يظنّ بربّه هذا الظنّ، وأنّه أولى بالنّصر والظّفر والعلوّ من خصومه، فأكثر الخلق بل كلّهم إلا من شاء الله يظنّون بالله غير الحقّ ظنّ السّوء، وإن غالب بني آدم يعتقد أنّه مبخوس الحقّ ناقص الحظّ، وأنّه يستحقّ فوق ما أعطاه الله ولسان حاله يقول: ظلمني ربيّ ومنعني ما أستحقّه. ونفسه تشهد عليه بذلك، وهو بلسانه يُنكره، ولا يتجاسر على التّصريح به، ومن فتّش نفسه وتغلغل في معرفة دفائنها وطواياها رأى ذلك فيها كامناً ككمون النّار في الزّناد).
سبب في استحقاق لعنة الله وغضبه : قال ابن القيم: (توعَّد الله سبحانه الظّانين به ظنَّ السّوء بما لم يتوعّد به غيرهم)، كما قال تعالى: (عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا﴾.
سبب للمُشكلات العائليّة: من أسباب المشاكل العائليّة سوء الظنّ من أحدهما، وغضبه قبل التذكّر والتثبّت؛ فيقع النّزاع وربما حصل فراق، ثم تبيّن الأمر خلاف الظّن).
من مداخل الشّيطان الموقعة في كبائر الذّنوب سبب في مرض القلب، وعلامة على خبث الباطن: قال الغزالي: (مهما رأيت إنساناً يُسيء الظنّ بالنّاس طالباً للعيوب فاعلم أنّه خبيث الباطن، وأنَّ ذلك خبثه يترشح منه، وإنّما رأى غيره من حيث هو، فإنّ المُؤمن يطلب المعاذير، والمُنافق يطلب العيوب، والمُؤمن سليم الصدر في حقّ كافّة الخلق).
لا نفع من عباداته ما دام يظنّ السّوء بغيره: لأنّ ظنّ السّوء يُعتبر من الذّنوب والآثام، وعلى المسلم أن يُصلح نفسه قبل أن يظنّ بالنّاس ظنّاً ليس في محلّه، فيؤثم نفسه، ويظلم النّاس، وعليه أن يتجنّب إطلاق الحكم على غيره من الافراد، وأن يتقي التسرّع، فإن أتاهُ عن أخيه شيء سيّء فعليه ألّا يُصدّقه وينفيه عنه، بل وعليه ألّا يُعطي الفرصة لعينيه التّصديق ولا لعقله التّفكير في ذلك، فما لم يَرَهُ بعينيه فهو ليس مُتثبّتاً منه، لأجل ذلك لا يجب أن يُصدّقه.
طرق علاج سوء الظن تتنوع طرق علاج سوء الظّن، ومنها:
تنشئة الفرد على حسن الظّن، بدءاً من الأسرة، ثمّ المدرسة، والإعلام، والمسجد، والأصدقاء، وذلك من خلال نماذج القدوة الحسنة في السلوك، والموعظة الحسنة، والترغيب والترهيب في التربية، والحوار الهادف مع الفرد، وغيرها من الطرق السليمة التي لها دور هام في تنشئة الفرد.
سلامة الصدر من البغض، والكراهية، والغلّ، والحسد، ويكون ذلك بالإقبال على قراءة القرآن الكريم، وتدبّره، والدعاء بسلامة القلب من الأحقاد والضغائن، وإفشاء السلام بين الناس، والابتعاد عن الوقوع في الذنوب والمعاصي، ونظر النفس إلى من هو أدنى منها، وعدم النظر إلى من هو أعلى منها في الصحة والعافية.
البعد عن مواطن الريبة والشبهات.
توطين النفس وتهيئتها وتكييفها على حُسن الظّن.
تنمية الأخوّة الصادقة بين الناس.
التثبت والتبيّن من الأمور، وعدم الاستعجال في الحكم عليها. اختيار الأصدقاء الصالحين، الذين يعينون النفس على طاعة الله واجتناب سوء الظن.
المحافظة على أداء الصلوات الخمس في جماعةٍ.
إنّ ممّا يُبتلى به النّاس بكثرةٍ على مرّ العصور سوءُ الظنِّ ببعضهم البعض، حتّى كاد ذلك أنْ يُذهِب علاقاتهم الاجتماعيّة، ويُقطّع أواصر المَحبّة، ويُفشي السّوء والبغضاء بينهم، ولقد حثّ الله عزّ وجل على اجتناب سوء الظنّ بالآخرين، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا﴾.
مفهوم سوء الظن
بالإمكان تعريفُ سوء الظنِّ بأنّه مَظنّة جانب الشرّ وتغليبه على جانب الخير، في حين أنّ الموضوع الذي وقع فيه سوء الظنّ قد يَحتمل الجانبين معاً دون تغليبٍ لأحدهما، حيث قال ابن القيم: (سوء الظن هو امتلاء القلب بالظّنون السّيئة بالنّاس حتى يطفح على اللسان والجوارح)، وقال ابن كثير: (سوء الظنّ هو التّهمة والتخوّن للأهل والأقارب والنّاس في غير مَحلِّه).
كما يُمكن أن يُعرّف سوء الظنّ أيضاً بأنّه الخوض في الخيال المُسيء والخطأ في حالة مُواجهة فعلٍ يُمكن أن يكون له تفسيرين، صحيح وخاطئ؛ كمن رأى رجلاً مع امرأةٍ غريبة فخاض في خياله دون تبيُّن، وحلّل أنّ المرأة أجنبيّة عن الرّجل وليست من محارمه، وبدأ في التخيّل أنّ هذا الرّجل يُريد لها السّوء وارتكاب الفاحشة معها، بينما ربّى الإسلام أبناءه على إحسان الظنّ؛ فربما تكون على قرابة معه كأخته أو عمّته أو زوجته.
رُوِيَ أنّه لمّا نظر الرّسول عليه الصّلاة والسّلام إلى الكعبة قال: (مرحباً بك من بيت ما أعظمك وأعظم حُرْمَتك، ولَلْمؤمن أعظم حُرْمَة عند الله منكِ، إنَّ الله حرَّم منكِ واحدة، وحرَّم من المُؤمن ثلاثاً: دمه، وماله، وأن يُظنَّ به ظنَّ السَّوء).
سوء الظنّ في القرآن الكريم
لقد تحدّثت آيات كريمة عدّة عن هذا المرض الأخلاقيّ الذي مزّق المجتمعات، ومنها: ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً﴾، وتتحدّث هذه الآية عن سوء الظنّ الذي يتعلّق بالربوبيّة والمُقدّسات الإلهية؛ فتُبيّن أنّ سوء الظنّ الواقع من هؤلاء النّاس هو أنّهم يتّهمون الله في خلقه وحكمه، ويظنون السّوء بالرّسول عليه الصّلاة والسّلام وصحابته.
وممّا لا شكّ فيه أنّ سوء الظنّ بالله تعالى يختلف اختلافاً كُليّاً عن سوء الظنّ بالآخرين؛ لأنّ سوء الظنّ بالآخرين سينتهي غالباً بالوقوع في الإثم أو التصرّف بشكل خاطئ مع الطّرف الآخر، بينما سوء الظنّ بالله تعالى يُؤدّي إلى اهتزاز ركائزَ الإيمان وأركان التّوحيد في قلب المؤمن، أو على الأقل سيكون دافعاً ومُحفّزاً لذلك؛ لأنّ الظنّ بأنّ الله تعالى قد يُخلِف وعده لهو واقع في دائرة الكفر، فإخلاف الوعد ينشأ إمّا من الجهل، أو عن عجز، أو عن كذب، وتعالى الله عن هذه الصّفات.
﴿بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا﴾، يقول تعالى للأعراب المُعتذِرين إلى الرّسول عليه الصّلاة والسّلام عند مُنصَرَفِه يوم فتح مكة إذ قالوا: (شغلتنا أموالنا وأهلونا)، ما تخلّفتم خلاف رسول الله عليه الصّلاة والسّلام وقعدتم عن صحبته من أجل شغلكم بأموالكم وأهليكم، بل تخلّفتم بعده في منازلكم ظنّاً منكم أنّ رسول الله ومن معه من أصحابه سيهلكون فلا يرجعون إليكم أبداً باستئصال العدو إيّاهم، وزيّن الشّيطان ذلك في قلوبكم وحسّنه، وصحّحه عندكم حتى حَسُن عندكم التخلّف عنه، فقعدتم عن صحبته (وظننتم ظنّ السّوء).
يقول: وظننتم أنّ الله لن ينصر مُحمداً - عليه الصّلاة والسّلام - وأصحابه المُؤمنين على أعدائهم، وأنّ العدو سيقهرهم ويغلبهم فيُقتَلوا.[١٠] ﴿وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ﴾، يؤكّد الله تعالى في هذه الآية أنّ الظنّ لا يُجدي شيئاً، ولا يقوم أبداً مقام الحق.
أقسام سوء الظن
يمكن تقسيم سوء الظن إلى قسمين كلاهما من الكبائر، هما:
سوء الظن بالله تعالى: وهو أن يظنّ الإنسان بالله ظنّاً لا يليق بمقامه تعالى؛ كمن يظنّ في قلبه أنّ الله لن يغفر له ولن يصفح عنه، ويدخل ضمنه كلّ ظن يُخالف كمال قدرة الله وسعة رحمته، وهو أكبر ذنباً من اليأس والقنوط من رحمة الله؛ لأنّه يأس وقنوط وتَعَدٍّ على كمال الله للظنّ به ظناً لا يليق بكرمه ورحمته.
سوء الظّن بالمسلمين: وهو ممّا لا يُقبل أيضاً وممّا يُعاقب فاعله لكونه من الكبائر؛ إذ يُلصق بالمسلم ما لا علاقة له به إنّما حكم بمجرّد تهيّؤات وخيالات، وهو ممّا سيَحمِلُ مُسيء الظنّ على احتقار من أساء الظنّ به، وعلى عدم القيام بحقوقه وإطالة اللّسان عليه .
آثار سوء الظّن
إنّ لسوءِ الظنّ مآلٌ وآثارٌ سلبية؛ فقد تعزلُ الفرد عن مُجتمعه، وتجعله خائفاً منهم مُعتقداً أنّهم قد يمسّونه بسوء في أي وقت، فيُفضّل البقاء مُنعزلاً بذاته نفسيّاً واجتماعيّاً، ممّا قد يُؤدّي بشخصيّته وثقته بنفسه مع مرور الأيام.
ومن هذه الآثار:
سبب للوقوع في الشّرك والبدعة والضّلال: بسوء الظّن بالله سبب في الوقوع في الشّرك، قال ابن القيم: (الشّرك والتّعطيل مبنيّان على سوء الظّن بالله تعالى... لأنّ الشّرك هضمٌ لحقّ الربوبيّة، وتنقيص لعظمة الله، وسوء ظنّ به، ولهذا قال إبراهيم إمام الحنفاء لخصمائه من المشركين: ﴿أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. وقال المقريزيّ: (اعلم أنك إذا تأمّلت جميع طوائف الضّلال والبدع وجدتَ أصل ضلالهم راجعاً إلى شيئين: أحدهما:.. الظنّ بالله ظنّ السّوء).
أنها صفة كل مُبطل ومُبتدع: قال تعالى: ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ﴾. قال ابن القيم: (كلُّ مُبطل وكافر ومُبتدع مقهور مُستذلّ، فهو يظنّ بربّه هذا الظنّ، وأنّه أولى بالنّصر والظّفر والعلوّ من خصومه، فأكثر الخلق بل كلّهم إلا من شاء الله يظنّون بالله غير الحقّ ظنّ السّوء، وإن غالب بني آدم يعتقد أنّه مبخوس الحقّ ناقص الحظّ، وأنّه يستحقّ فوق ما أعطاه الله ولسان حاله يقول: ظلمني ربيّ ومنعني ما أستحقّه. ونفسه تشهد عليه بذلك، وهو بلسانه يُنكره، ولا يتجاسر على التّصريح به، ومن فتّش نفسه وتغلغل في معرفة دفائنها وطواياها رأى ذلك فيها كامناً ككمون النّار في الزّناد).
سبب في استحقاق لعنة الله وغضبه : قال ابن القيم: (توعَّد الله سبحانه الظّانين به ظنَّ السّوء بما لم يتوعّد به غيرهم)، كما قال تعالى: (عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا﴾.
سبب للمُشكلات العائليّة: من أسباب المشاكل العائليّة سوء الظنّ من أحدهما، وغضبه قبل التذكّر والتثبّت؛ فيقع النّزاع وربما حصل فراق، ثم تبيّن الأمر خلاف الظّن).
من مداخل الشّيطان الموقعة في كبائر الذّنوب سبب في مرض القلب، وعلامة على خبث الباطن: قال الغزالي: (مهما رأيت إنساناً يُسيء الظنّ بالنّاس طالباً للعيوب فاعلم أنّه خبيث الباطن، وأنَّ ذلك خبثه يترشح منه، وإنّما رأى غيره من حيث هو، فإنّ المُؤمن يطلب المعاذير، والمُنافق يطلب العيوب، والمُؤمن سليم الصدر في حقّ كافّة الخلق).
لا نفع من عباداته ما دام يظنّ السّوء بغيره: لأنّ ظنّ السّوء يُعتبر من الذّنوب والآثام، وعلى المسلم أن يُصلح نفسه قبل أن يظنّ بالنّاس ظنّاً ليس في محلّه، فيؤثم نفسه، ويظلم النّاس، وعليه أن يتجنّب إطلاق الحكم على غيره من الافراد، وأن يتقي التسرّع، فإن أتاهُ عن أخيه شيء سيّء فعليه ألّا يُصدّقه وينفيه عنه، بل وعليه ألّا يُعطي الفرصة لعينيه التّصديق ولا لعقله التّفكير في ذلك، فما لم يَرَهُ بعينيه فهو ليس مُتثبّتاً منه، لأجل ذلك لا يجب أن يُصدّقه.
طرق علاج سوء الظن تتنوع طرق علاج سوء الظّن، ومنها:
تنشئة الفرد على حسن الظّن، بدءاً من الأسرة، ثمّ المدرسة، والإعلام، والمسجد، والأصدقاء، وذلك من خلال نماذج القدوة الحسنة في السلوك، والموعظة الحسنة، والترغيب والترهيب في التربية، والحوار الهادف مع الفرد، وغيرها من الطرق السليمة التي لها دور هام في تنشئة الفرد.
سلامة الصدر من البغض، والكراهية، والغلّ، والحسد، ويكون ذلك بالإقبال على قراءة القرآن الكريم، وتدبّره، والدعاء بسلامة القلب من الأحقاد والضغائن، وإفشاء السلام بين الناس، والابتعاد عن الوقوع في الذنوب والمعاصي، ونظر النفس إلى من هو أدنى منها، وعدم النظر إلى من هو أعلى منها في الصحة والعافية.
البعد عن مواطن الريبة والشبهات.
توطين النفس وتهيئتها وتكييفها على حُسن الظّن.
تنمية الأخوّة الصادقة بين الناس.
التثبت والتبيّن من الأمور، وعدم الاستعجال في الحكم عليها. اختيار الأصدقاء الصالحين، الذين يعينون النفس على طاعة الله واجتناب سوء الظن.
المحافظة على أداء الصلوات الخمس في جماعةٍ.
إنّ ممّا يُبتلى به النّاس بكثرةٍ على مرّ العصور سوءُ الظنِّ ببعضهم البعض، حتّى كاد ذلك أنْ يُذهِب علاقاتهم الاجتماعيّة، ويُقطّع أواصر المَحبّة، ويُفشي السّوء والبغضاء بينهم، ولقد حثّ الله عزّ وجل على اجتناب سوء الظنّ بالآخرين، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا﴾.
مفهوم سوء الظن
بالإمكان تعريفُ سوء الظنِّ بأنّه مَظنّة جانب الشرّ وتغليبه على جانب الخير، في حين أنّ الموضوع الذي وقع فيه سوء الظنّ قد يَحتمل الجانبين معاً دون تغليبٍ لأحدهما، حيث قال ابن القيم: (سوء الظن هو امتلاء القلب بالظّنون السّيئة بالنّاس حتى يطفح على اللسان والجوارح)، وقال ابن كثير: (سوء الظنّ هو التّهمة والتخوّن للأهل والأقارب والنّاس في غير مَحلِّه).
كما يُمكن أن يُعرّف سوء الظنّ أيضاً بأنّه الخوض في الخيال المُسيء والخطأ في حالة مُواجهة فعلٍ يُمكن أن يكون له تفسيرين، صحيح وخاطئ؛ كمن رأى رجلاً مع امرأةٍ غريبة فخاض في خياله دون تبيُّن، وحلّل أنّ المرأة أجنبيّة عن الرّجل وليست من محارمه، وبدأ في التخيّل أنّ هذا الرّجل يُريد لها السّوء وارتكاب الفاحشة معها، بينما ربّى الإسلام أبناءه على إحسان الظنّ؛ فربما تكون على قرابة معه كأخته أو عمّته أو زوجته.
رُوِيَ أنّه لمّا نظر الرّسول عليه الصّلاة والسّلام إلى الكعبة قال: (مرحباً بك من بيت ما أعظمك وأعظم حُرْمَتك، ولَلْمؤمن أعظم حُرْمَة عند الله منكِ، إنَّ الله حرَّم منكِ واحدة، وحرَّم من المُؤمن ثلاثاً: دمه، وماله، وأن يُظنَّ به ظنَّ السَّوء).
سوء الظنّ في القرآن الكريم
لقد تحدّثت آيات كريمة عدّة عن هذا المرض الأخلاقيّ الذي مزّق المجتمعات، ومنها: ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً﴾، وتتحدّث هذه الآية عن سوء الظنّ الذي يتعلّق بالربوبيّة والمُقدّسات الإلهية؛ فتُبيّن أنّ سوء الظنّ الواقع من هؤلاء النّاس هو أنّهم يتّهمون الله في خلقه وحكمه، ويظنون السّوء بالرّسول عليه الصّلاة والسّلام وصحابته.
وممّا لا شكّ فيه أنّ سوء الظنّ بالله تعالى يختلف اختلافاً كُليّاً عن سوء الظنّ بالآخرين؛ لأنّ سوء الظنّ بالآخرين سينتهي غالباً بالوقوع في الإثم أو التصرّف بشكل خاطئ مع الطّرف الآخر، بينما سوء الظنّ بالله تعالى يُؤدّي إلى اهتزاز ركائزَ الإيمان وأركان التّوحيد في قلب المؤمن، أو على الأقل سيكون دافعاً ومُحفّزاً لذلك؛ لأنّ الظنّ بأنّ الله تعالى قد يُخلِف وعده لهو واقع في دائرة الكفر، فإخلاف الوعد ينشأ إمّا من الجهل، أو عن عجز، أو عن كذب، وتعالى الله عن هذه الصّفات.
﴿بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا﴾، يقول تعالى للأعراب المُعتذِرين إلى الرّسول عليه الصّلاة والسّلام عند مُنصَرَفِه يوم فتح مكة إذ قالوا: (شغلتنا أموالنا وأهلونا)، ما تخلّفتم خلاف رسول الله عليه الصّلاة والسّلام وقعدتم عن صحبته من أجل شغلكم بأموالكم وأهليكم، بل تخلّفتم بعده في منازلكم ظنّاً منكم أنّ رسول الله ومن معه من أصحابه سيهلكون فلا يرجعون إليكم أبداً باستئصال العدو إيّاهم، وزيّن الشّيطان ذلك في قلوبكم وحسّنه، وصحّحه عندكم حتى حَسُن عندكم التخلّف عنه، فقعدتم عن صحبته (وظننتم ظنّ السّوء).
يقول: وظننتم أنّ الله لن ينصر مُحمداً - عليه الصّلاة والسّلام - وأصحابه المُؤمنين على أعدائهم، وأنّ العدو سيقهرهم ويغلبهم فيُقتَلوا.[١٠] ﴿وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ۖ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ﴾، يؤكّد الله تعالى في هذه الآية أنّ الظنّ لا يُجدي شيئاً، ولا يقوم أبداً مقام الحق.
أقسام سوء الظن
يمكن تقسيم سوء الظن إلى قسمين كلاهما من الكبائر، هما:
سوء الظن بالله تعالى: وهو أن يظنّ الإنسان بالله ظنّاً لا يليق بمقامه تعالى؛ كمن يظنّ في قلبه أنّ الله لن يغفر له ولن يصفح عنه، ويدخل ضمنه كلّ ظن يُخالف كمال قدرة الله وسعة رحمته، وهو أكبر ذنباً من اليأس والقنوط من رحمة الله؛ لأنّه يأس وقنوط وتَعَدٍّ على كمال الله للظنّ به ظناً لا يليق بكرمه ورحمته.
سوء الظّن بالمسلمين: وهو ممّا لا يُقبل أيضاً وممّا يُعاقب فاعله لكونه من الكبائر؛ إذ يُلصق بالمسلم ما لا علاقة له به إنّما حكم بمجرّد تهيّؤات وخيالات، وهو ممّا سيَحمِلُ مُسيء الظنّ على احتقار من أساء الظنّ به، وعلى عدم القيام بحقوقه وإطالة اللّسان عليه .
آثار سوء الظّن
إنّ لسوءِ الظنّ مآلٌ وآثارٌ سلبية؛ فقد تعزلُ الفرد عن مُجتمعه، وتجعله خائفاً منهم مُعتقداً أنّهم قد يمسّونه بسوء في أي وقت، فيُفضّل البقاء مُنعزلاً بذاته نفسيّاً واجتماعيّاً، ممّا قد يُؤدّي بشخصيّته وثقته بنفسه مع مرور الأيام.
ومن هذه الآثار:
سبب للوقوع في الشّرك والبدعة والضّلال: بسوء الظّن بالله سبب في الوقوع في الشّرك، قال ابن القيم: (الشّرك والتّعطيل مبنيّان على سوء الظّن بالله تعالى... لأنّ الشّرك هضمٌ لحقّ الربوبيّة، وتنقيص لعظمة الله، وسوء ظنّ به، ولهذا قال إبراهيم إمام الحنفاء لخصمائه من المشركين: ﴿أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. وقال المقريزيّ: (اعلم أنك إذا تأمّلت جميع طوائف الضّلال والبدع وجدتَ أصل ضلالهم راجعاً إلى شيئين: أحدهما:.. الظنّ بالله ظنّ السّوء).
أنها صفة كل مُبطل ومُبتدع: قال تعالى: ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ﴾. قال ابن القيم: (كلُّ مُبطل وكافر ومُبتدع مقهور مُستذلّ، فهو يظنّ بربّه هذا الظنّ، وأنّه أولى بالنّصر والظّفر والعلوّ من خصومه، فأكثر الخلق بل كلّهم إلا من شاء الله يظنّون بالله غير الحقّ ظنّ السّوء، وإن غالب بني آدم يعتقد أنّه مبخوس الحقّ ناقص الحظّ، وأنّه يستحقّ فوق ما أعطاه الله ولسان حاله يقول: ظلمني ربيّ ومنعني ما أستحقّه. ونفسه تشهد عليه بذلك، وهو بلسانه يُنكره، ولا يتجاسر على التّصريح به، ومن فتّش نفسه وتغلغل في معرفة دفائنها وطواياها رأى ذلك فيها كامناً ككمون النّار في الزّناد).
سبب في استحقاق لعنة الله وغضبه : قال ابن القيم: (توعَّد الله سبحانه الظّانين به ظنَّ السّوء بما لم يتوعّد به غيرهم)، كما قال تعالى: (عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا﴾.
سبب للمُشكلات العائليّة: من أسباب المشاكل العائليّة سوء الظنّ من أحدهما، وغضبه قبل التذكّر والتثبّت؛ فيقع النّزاع وربما حصل فراق، ثم تبيّن الأمر خلاف الظّن).
من مداخل الشّيطان الموقعة في كبائر الذّنوب سبب في مرض القلب، وعلامة على خبث الباطن: قال الغزالي: (مهما رأيت إنساناً يُسيء الظنّ بالنّاس طالباً للعيوب فاعلم أنّه خبيث الباطن، وأنَّ ذلك خبثه يترشح منه، وإنّما رأى غيره من حيث هو، فإنّ المُؤمن يطلب المعاذير، والمُنافق يطلب العيوب، والمُؤمن سليم الصدر في حقّ كافّة الخلق).
لا نفع من عباداته ما دام يظنّ السّوء بغيره: لأنّ ظنّ السّوء يُعتبر من الذّنوب والآثام، وعلى المسلم أن يُصلح نفسه قبل أن يظنّ بالنّاس ظنّاً ليس في محلّه، فيؤثم نفسه، ويظلم النّاس، وعليه أن يتجنّب إطلاق الحكم على غيره من الافراد، وأن يتقي التسرّع، فإن أتاهُ عن أخيه شيء سيّء فعليه ألّا يُصدّقه وينفيه عنه، بل وعليه ألّا يُعطي الفرصة لعينيه التّصديق ولا لعقله التّفكير في ذلك، فما لم يَرَهُ بعينيه فهو ليس مُتثبّتاً منه، لأجل ذلك لا يجب أن يُصدّقه.
طرق علاج سوء الظن تتنوع طرق علاج سوء الظّن، ومنها:
تنشئة الفرد على حسن الظّن، بدءاً من الأسرة، ثمّ المدرسة، والإعلام، والمسجد، والأصدقاء، وذلك من خلال نماذج القدوة الحسنة في السلوك، والموعظة الحسنة، والترغيب والترهيب في التربية، والحوار الهادف مع الفرد، وغيرها من الطرق السليمة التي لها دور هام في تنشئة الفرد.
سلامة الصدر من البغض، والكراهية، والغلّ، والحسد، ويكون ذلك بالإقبال على قراءة القرآن الكريم، وتدبّره، والدعاء بسلامة القلب من الأحقاد والضغائن، وإفشاء السلام بين الناس، والابتعاد عن الوقوع في الذنوب والمعاصي، ونظر النفس إلى من هو أدنى منها، وعدم النظر إلى من هو أعلى منها في الصحة والعافية.
البعد عن مواطن الريبة والشبهات.
توطين النفس وتهيئتها وتكييفها على حُسن الظّن.
تنمية الأخوّة الصادقة بين الناس.
التثبت والتبيّن من الأمور، وعدم الاستعجال في الحكم عليها. اختيار الأصدقاء الصالحين، الذين يعينون النفس على طاعة الله واجتناب سوء الظن.
المحافظة على أداء الصلوات الخمس في جماعةٍ.
التعليقات