التأمل فى اسماء الله الحسنى من اسباب زيادة الايمان والثبات على الطاعة وقال اهل العلم الصبور هو من صبر الله على عباده: أنهم يعملون المعاصي والسيئات فلا يعاجلهم بالعقوبة، بل يترك لهم الفرصة تلو الفرصة لعلهم يتوبوا إليه ويعودوا إليه، وهو -سبحانه- قادر على معاجلتهم بالعقوبة لكنه يصبر رحمة منه...
معاشر المؤمنين: إن العلم بأسماء الله الحسنى وصفاته يزرع في القلب الأدب مع الله والحياء منه، فالأدب مع الله -جل وعز- هو القيام بدينه والتأدب بآدابه ظاهرًا وباطنًا، ولا يستقيم لأحد قط الأدب مع الله إلا بثلاثة أشياء: معرفته بأسمائه وصفاته، ومعرفته بدينه وشرعه وما يحب وما يكره، ونفس مستعدة قابلة لينة، متهيئة لقبول الحق علمًا وعملاً وحالاً.
وإن من أسماء الله التي ينبغي أن نتعلمها وندرك معانيها وآثارها اسم الله الصبور, واسم الصبور مأخوذ من قوله -صلى الله عليه وسلم-: 'ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله، يدَّعُون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم'(رواه البخاري)، وفي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: 'ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله؛ إنهم ليجعلون له ولدًا وشريكًا وهو يرزقهم ويعافيهم'(متفق عليه).
قال الخطابي -رحمه الله-: 'الصَّبُوْرُ: هُوَ الذِي لا يُعَاجِلُ العُصَاةَ بِالِانْتِقَامِ مِنْهُمْ، بَلْ يُؤَخِّرُ ذَلِكَ إلَى أجَلٍ مُسَمَّى، وَيُمْهِلُهُم لِوَقْتٍ مَعْلُوْم'.
وقال ابن حجر في الفتح: 'والصبور الذي لا يستعجل في مؤاخذة العصاة، أو الذي لا تحمله العجلة على المنازعة إلى الفعل قبل أوانه'.
وقال ابن القيم: 'وَصَبْرُهُ تَعَالَى يُفَارِقُ صبرَ المخلوقِ ولا يُمَاثِلُهُ منْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ، منها: أنَّهُ على قدرةٍ تَامَّةٍ, ومنها: أنَّهُ لا يَخَافُ الغَوْثَ، والعبدُ إِنَّمَا يَسْتَعْجِلُ لِخَوْفِ الغوثِ, ومنها: أنَّهُ لا يَلْحَقُهُ بِصَبْرِهِ أَلَمٌ ولا حزنٌ ولا نقصٌ بوجهٍ ما'.
عباد الله: ما أعظم صبر الله على عباده، وما أطول إمهال الله، ولو أنه أخذ الناس بأول الجرم وابتداء الإثم، ما ترك على الأرض من أحدٍ أبدًا، عدلاً منه وقسطًا، ولكنه غفور رحيم، رؤوف كريم، صبور؛ قال العزيز العليم: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً)[الكهف: 58].
وصبر الله على العباد له صور متعددة: فمن ذلك صبره على كفر العباد بربهم ومسبتهم له والقول عليه بما ليس فيه وما ليس له، قال الله -تعالى- عن هؤلاء: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا) [مريم: 88 –91].
وثبت أيضًا في الصحيح قال الله -تعالى-: 'كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون عليَّ من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله: إن لي ولدًا وأنا الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد'(البخاري).
ومن صبره -سبحانه وتعالى- على عباده: صبره على من اتخذ الأنداد والشركاء يعبدونهم من دونه، فلا يعاجلهم بالعقوبة ويترك لهم الفرصة ويمهلهم, فإذا ما عادوا إليه قبل توبتهم وإلا أخذهم أخذ عزيز مقتدر بعد أن يقيم عليهم الحجة والبرهان, فهناك من يطلب من المخلوق ما لا يقدر عليه إلا الخالق، سواء أكان هذا المخلوق حيًا أم ميتًا، نبيًا أم وليًا، أو ملكًا أم جنيًا أم غيرهم، كأن يطلب منه شفاء مريضه، أو نصره على الأعداء، أو كشف كربة، أو أن يغيثه، أو أن يعيذه، وغير ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله، فهذا كله شرك أكبر مخرج من الملة بإجماع المسلمين؛ لأنه دعا غير الله واستغاث به واستعاذ به، وهذا كله عبادة لا يجوز أن تصرف لغير الله بإجماع المسلمين، وصرفها لغيره شرك؛ لأنه اعتقد في هذا المخلوق ما لا يقدر عليه إلا الله -سبحانه وتعالى-، وهناك من لا يحتكم إلى دينه وشرعه ويتخذ من قوانين الأرض منهجًا ومثلاً ونبراسًا؛ ومنهج الله هو أقوم وخير وأبقى.
ومن صبر الله على عباده: أنهم يعملون المعاصي والسيئات؛ فلا يعاجلهم بالعقوبة، بل يترك لهم الفرصة تلو الفرصة لعلهم يتوبوا إليه ويعودوا إليه، وهو -سبحانه- قادر على معاجلتهم بالعقوبة لكنه يصبر رحمة منه, عن عبدالرحمن بن جبير -رضي الله عنه- قال: 'أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- شيخ كبير هرم، سقط حاجباه على عينيه، وهو مدعم على عصا -أي: متكئٌ على عصا- حتى قام بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم - فقال: أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها، لم يترك داجة ولا حاجة إلا أتاها، لو قسمت خطيئته على أهل الأرض لأوبقَتْهم -لأهلكَتْهم- أَلَهُ من توبة؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: 'هل أسلمت؟' قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، قال: 'تفعل الخيرات، وتترك السيئات، فيجعلهن الله لك كلهن خيرات'، قال: وغدراتي وفجراتي يا رسول الله؟! قال: 'نعم، وغدراتك وفجراتك'، فقال: الله أكبر، الله أكبر، ثم ادعم على عصاه، فلم يزل يردِّد: الله أكبر، حتى توارى عن الأنظار'(صحَّحه الألباني).
التأمل فى اسماء الله الحسنى من اسباب زيادة الايمان والثبات على الطاعة وقال اهل العلم الصبور هو من صبر الله على عباده: أنهم يعملون المعاصي والسيئات فلا يعاجلهم بالعقوبة، بل يترك لهم الفرصة تلو الفرصة لعلهم يتوبوا إليه ويعودوا إليه، وهو -سبحانه- قادر على معاجلتهم بالعقوبة لكنه يصبر رحمة منه...
معاشر المؤمنين: إن العلم بأسماء الله الحسنى وصفاته يزرع في القلب الأدب مع الله والحياء منه، فالأدب مع الله -جل وعز- هو القيام بدينه والتأدب بآدابه ظاهرًا وباطنًا، ولا يستقيم لأحد قط الأدب مع الله إلا بثلاثة أشياء: معرفته بأسمائه وصفاته، ومعرفته بدينه وشرعه وما يحب وما يكره، ونفس مستعدة قابلة لينة، متهيئة لقبول الحق علمًا وعملاً وحالاً.
وإن من أسماء الله التي ينبغي أن نتعلمها وندرك معانيها وآثارها اسم الله الصبور, واسم الصبور مأخوذ من قوله -صلى الله عليه وسلم-: 'ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله، يدَّعُون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم'(رواه البخاري)، وفي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: 'ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله؛ إنهم ليجعلون له ولدًا وشريكًا وهو يرزقهم ويعافيهم'(متفق عليه).
قال الخطابي -رحمه الله-: 'الصَّبُوْرُ: هُوَ الذِي لا يُعَاجِلُ العُصَاةَ بِالِانْتِقَامِ مِنْهُمْ، بَلْ يُؤَخِّرُ ذَلِكَ إلَى أجَلٍ مُسَمَّى، وَيُمْهِلُهُم لِوَقْتٍ مَعْلُوْم'.
وقال ابن حجر في الفتح: 'والصبور الذي لا يستعجل في مؤاخذة العصاة، أو الذي لا تحمله العجلة على المنازعة إلى الفعل قبل أوانه'.
وقال ابن القيم: 'وَصَبْرُهُ تَعَالَى يُفَارِقُ صبرَ المخلوقِ ولا يُمَاثِلُهُ منْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ، منها: أنَّهُ على قدرةٍ تَامَّةٍ, ومنها: أنَّهُ لا يَخَافُ الغَوْثَ، والعبدُ إِنَّمَا يَسْتَعْجِلُ لِخَوْفِ الغوثِ, ومنها: أنَّهُ لا يَلْحَقُهُ بِصَبْرِهِ أَلَمٌ ولا حزنٌ ولا نقصٌ بوجهٍ ما'.
عباد الله: ما أعظم صبر الله على عباده، وما أطول إمهال الله، ولو أنه أخذ الناس بأول الجرم وابتداء الإثم، ما ترك على الأرض من أحدٍ أبدًا، عدلاً منه وقسطًا، ولكنه غفور رحيم، رؤوف كريم، صبور؛ قال العزيز العليم: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً)[الكهف: 58].
وصبر الله على العباد له صور متعددة: فمن ذلك صبره على كفر العباد بربهم ومسبتهم له والقول عليه بما ليس فيه وما ليس له، قال الله -تعالى- عن هؤلاء: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا) [مريم: 88 –91].
وثبت أيضًا في الصحيح قال الله -تعالى-: 'كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون عليَّ من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله: إن لي ولدًا وأنا الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد'(البخاري).
ومن صبره -سبحانه وتعالى- على عباده: صبره على من اتخذ الأنداد والشركاء يعبدونهم من دونه، فلا يعاجلهم بالعقوبة ويترك لهم الفرصة ويمهلهم, فإذا ما عادوا إليه قبل توبتهم وإلا أخذهم أخذ عزيز مقتدر بعد أن يقيم عليهم الحجة والبرهان, فهناك من يطلب من المخلوق ما لا يقدر عليه إلا الخالق، سواء أكان هذا المخلوق حيًا أم ميتًا، نبيًا أم وليًا، أو ملكًا أم جنيًا أم غيرهم، كأن يطلب منه شفاء مريضه، أو نصره على الأعداء، أو كشف كربة، أو أن يغيثه، أو أن يعيذه، وغير ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله، فهذا كله شرك أكبر مخرج من الملة بإجماع المسلمين؛ لأنه دعا غير الله واستغاث به واستعاذ به، وهذا كله عبادة لا يجوز أن تصرف لغير الله بإجماع المسلمين، وصرفها لغيره شرك؛ لأنه اعتقد في هذا المخلوق ما لا يقدر عليه إلا الله -سبحانه وتعالى-، وهناك من لا يحتكم إلى دينه وشرعه ويتخذ من قوانين الأرض منهجًا ومثلاً ونبراسًا؛ ومنهج الله هو أقوم وخير وأبقى.
ومن صبر الله على عباده: أنهم يعملون المعاصي والسيئات؛ فلا يعاجلهم بالعقوبة، بل يترك لهم الفرصة تلو الفرصة لعلهم يتوبوا إليه ويعودوا إليه، وهو -سبحانه- قادر على معاجلتهم بالعقوبة لكنه يصبر رحمة منه, عن عبدالرحمن بن جبير -رضي الله عنه- قال: 'أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- شيخ كبير هرم، سقط حاجباه على عينيه، وهو مدعم على عصا -أي: متكئٌ على عصا- حتى قام بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم - فقال: أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها، لم يترك داجة ولا حاجة إلا أتاها، لو قسمت خطيئته على أهل الأرض لأوبقَتْهم -لأهلكَتْهم- أَلَهُ من توبة؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: 'هل أسلمت؟' قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، قال: 'تفعل الخيرات، وتترك السيئات، فيجعلهن الله لك كلهن خيرات'، قال: وغدراتي وفجراتي يا رسول الله؟! قال: 'نعم، وغدراتك وفجراتك'، فقال: الله أكبر، الله أكبر، ثم ادعم على عصاه، فلم يزل يردِّد: الله أكبر، حتى توارى عن الأنظار'(صحَّحه الألباني).
التأمل فى اسماء الله الحسنى من اسباب زيادة الايمان والثبات على الطاعة وقال اهل العلم الصبور هو من صبر الله على عباده: أنهم يعملون المعاصي والسيئات فلا يعاجلهم بالعقوبة، بل يترك لهم الفرصة تلو الفرصة لعلهم يتوبوا إليه ويعودوا إليه، وهو -سبحانه- قادر على معاجلتهم بالعقوبة لكنه يصبر رحمة منه...
معاشر المؤمنين: إن العلم بأسماء الله الحسنى وصفاته يزرع في القلب الأدب مع الله والحياء منه، فالأدب مع الله -جل وعز- هو القيام بدينه والتأدب بآدابه ظاهرًا وباطنًا، ولا يستقيم لأحد قط الأدب مع الله إلا بثلاثة أشياء: معرفته بأسمائه وصفاته، ومعرفته بدينه وشرعه وما يحب وما يكره، ونفس مستعدة قابلة لينة، متهيئة لقبول الحق علمًا وعملاً وحالاً.
وإن من أسماء الله التي ينبغي أن نتعلمها وندرك معانيها وآثارها اسم الله الصبور, واسم الصبور مأخوذ من قوله -صلى الله عليه وسلم-: 'ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله، يدَّعُون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم'(رواه البخاري)، وفي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: 'ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله؛ إنهم ليجعلون له ولدًا وشريكًا وهو يرزقهم ويعافيهم'(متفق عليه).
قال الخطابي -رحمه الله-: 'الصَّبُوْرُ: هُوَ الذِي لا يُعَاجِلُ العُصَاةَ بِالِانْتِقَامِ مِنْهُمْ، بَلْ يُؤَخِّرُ ذَلِكَ إلَى أجَلٍ مُسَمَّى، وَيُمْهِلُهُم لِوَقْتٍ مَعْلُوْم'.
وقال ابن حجر في الفتح: 'والصبور الذي لا يستعجل في مؤاخذة العصاة، أو الذي لا تحمله العجلة على المنازعة إلى الفعل قبل أوانه'.
وقال ابن القيم: 'وَصَبْرُهُ تَعَالَى يُفَارِقُ صبرَ المخلوقِ ولا يُمَاثِلُهُ منْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ، منها: أنَّهُ على قدرةٍ تَامَّةٍ, ومنها: أنَّهُ لا يَخَافُ الغَوْثَ، والعبدُ إِنَّمَا يَسْتَعْجِلُ لِخَوْفِ الغوثِ, ومنها: أنَّهُ لا يَلْحَقُهُ بِصَبْرِهِ أَلَمٌ ولا حزنٌ ولا نقصٌ بوجهٍ ما'.
عباد الله: ما أعظم صبر الله على عباده، وما أطول إمهال الله، ولو أنه أخذ الناس بأول الجرم وابتداء الإثم، ما ترك على الأرض من أحدٍ أبدًا، عدلاً منه وقسطًا، ولكنه غفور رحيم، رؤوف كريم، صبور؛ قال العزيز العليم: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً)[الكهف: 58].
وصبر الله على العباد له صور متعددة: فمن ذلك صبره على كفر العباد بربهم ومسبتهم له والقول عليه بما ليس فيه وما ليس له، قال الله -تعالى- عن هؤلاء: (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا) [مريم: 88 –91].
وثبت أيضًا في الصحيح قال الله -تعالى-: 'كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون عليَّ من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله: إن لي ولدًا وأنا الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد'(البخاري).
ومن صبره -سبحانه وتعالى- على عباده: صبره على من اتخذ الأنداد والشركاء يعبدونهم من دونه، فلا يعاجلهم بالعقوبة ويترك لهم الفرصة ويمهلهم, فإذا ما عادوا إليه قبل توبتهم وإلا أخذهم أخذ عزيز مقتدر بعد أن يقيم عليهم الحجة والبرهان, فهناك من يطلب من المخلوق ما لا يقدر عليه إلا الخالق، سواء أكان هذا المخلوق حيًا أم ميتًا، نبيًا أم وليًا، أو ملكًا أم جنيًا أم غيرهم، كأن يطلب منه شفاء مريضه، أو نصره على الأعداء، أو كشف كربة، أو أن يغيثه، أو أن يعيذه، وغير ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله، فهذا كله شرك أكبر مخرج من الملة بإجماع المسلمين؛ لأنه دعا غير الله واستغاث به واستعاذ به، وهذا كله عبادة لا يجوز أن تصرف لغير الله بإجماع المسلمين، وصرفها لغيره شرك؛ لأنه اعتقد في هذا المخلوق ما لا يقدر عليه إلا الله -سبحانه وتعالى-، وهناك من لا يحتكم إلى دينه وشرعه ويتخذ من قوانين الأرض منهجًا ومثلاً ونبراسًا؛ ومنهج الله هو أقوم وخير وأبقى.
ومن صبر الله على عباده: أنهم يعملون المعاصي والسيئات؛ فلا يعاجلهم بالعقوبة، بل يترك لهم الفرصة تلو الفرصة لعلهم يتوبوا إليه ويعودوا إليه، وهو -سبحانه- قادر على معاجلتهم بالعقوبة لكنه يصبر رحمة منه, عن عبدالرحمن بن جبير -رضي الله عنه- قال: 'أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- شيخ كبير هرم، سقط حاجباه على عينيه، وهو مدعم على عصا -أي: متكئٌ على عصا- حتى قام بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم - فقال: أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها، لم يترك داجة ولا حاجة إلا أتاها، لو قسمت خطيئته على أهل الأرض لأوبقَتْهم -لأهلكَتْهم- أَلَهُ من توبة؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: 'هل أسلمت؟' قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، قال: 'تفعل الخيرات، وتترك السيئات، فيجعلهن الله لك كلهن خيرات'، قال: وغدراتي وفجراتي يا رسول الله؟! قال: 'نعم، وغدراتك وفجراتك'، فقال: الله أكبر، الله أكبر، ثم ادعم على عصاه، فلم يزل يردِّد: الله أكبر، حتى توارى عن الأنظار'(صحَّحه الألباني).
التعليقات