قضية لا تتعلق بمجلس النواب الحالي، وإنما تتعداه إلى كافة المجالس النيابية السابقة، وعلى مدى عقود عديدة، فالمناقشات التي تجري تحت القبة تشبه إلى حد كبير” المناكفات”، حيث يدخل الكثير من النواب في حديث عن كل شيء ما عدا الموازنة.
فنادرا ما تستمع إلى كلمة تدخل في تفاصيل الإيرادات وكيفية تقديرها، والنفقات ووجهة نظره في آلية تحديدها. ورأيه في آلية بناء مشروع الموازنة، وتحديد موقفه تبعا لذلك.
فالغالبية العظمى من الكلمات التي يلقيها النواب حول الموازنة، تتحدث عن نقد وهجوم على الحكومة واتهامها بالعجز، وتكون مفتوحة لأي مواضيع أخرى بما في ذلك آلية استقبال الوزراء للنواب، والشح في عمليات التوظيف وغير ذلك من أمور.
ويستعرض في شقها الآخر مجموعة المطالب لمنطقته الانتخابية مع علمه الأكيد بأنه من المستحيل إضافة مبالغ لتحقيق تلك المطالب ما لم تكن مرصودة أصلا، وأنه لا يحق للمجلس إضافة أي نفقات، وأن صلاحياته تقتصر على التخفيض الذي يتحاشاه المجلس ولجنته المالية خوفا من أن تمس عملية التخفيض رواتب الموظفين.
واللافت هنا، أن حدة الهجوم تتناسب عكسيا مع مدى تجاوب الحكومة مع المطالب اليومية للنواب، فكلما كان التجاوب كبيرا، خفت حدة الهجوم، وكلما انخفض منسوب الاستجابة زادت حدته.
كل ذلك لا يعني احتمالية إقدام المجلس على رفض الموازنة، فالغالبية العظمى من أعضاء المجلس يفرقون بين النقد الشديد للحكومة، ولمشروع الموازنة وبين إقرارها، ولا ينكرون أن كلماتهم تعتبر مناسبة للتواصل بين النواب وقواعدهم الانتخابية، من خلال استعراض أسماء وقضايا ومطالب تلك المناطق بأسلوب لا يخلو من الحدة والهجوم على الحكومة واتهامها بالتقصير في تلبية متطلبات قواعدهم الانتخابية، ويضطرون للتوقف عند حدودهم الدستورية التي تتوقف عند صلاحية تخفيض النفقات وليس زيادتها.
في المقابل، هناك من يرى أن إعداد الموازنة العامة من قبل الحكومات المتعاقبة ما يزال يتم بنفس الطريقة وبنفس الأسلوب، محكوما بجملة من الإشكالات التي تمتد ما بين محدودية الموارد المالية، وارتفاع المديونية وكلفتها، وارتفاع قيمة الدعم للقمح والأعلاف، ومخصصات المعونة الوطنية والرواتب وغيرها من نفقات أقلها النفقات الرأسمالية.
يضاف إلى ذلك أن عملية تشكيل اللجان تتم وفقا لأسلوب الانتخاب، بحيث يحق لأي نائب أن يرشح نفسه لعضوية أو حتى رئاسة أي لجنة، بغض النظر عن تخصصه، وما إذا كان ملما بذلك التخصص الأمر الذي ينعكس على مستوى المناقشات في مجالات متخصصة على مستوى اللجنة ليس فقط في المواضيع المالية، بل وحتى في العديد من المجالات في لجان أخرى لا بد من مناقشتها في عدة قراءات تبدأ باللجنة المختصة.
كل ذلك يجعل من المهم جدا أن يعمل المجلس على إرساء بعض الأسس لتتحول إلى أعراف برلمانية تنظم الكثير من الحدود التي ليس عليها نصوص قانونية.
والأهم من ذلك كله، أن يعاد النظر في صلاحيات النواب فيما يخص الموازنة العامة، وبما يعطي المجلس الحق في إبداء توجهاته وقناعاته وإرسال قراءاته إلى الحكومة للأخذ بما هو ممكن منها عند إعداد الموازنة.
وبعكس ذلك أعتقد أن” المناكفات” ستتواصل إلى ما لا نهاية.
(الغد)
قضية لا تتعلق بمجلس النواب الحالي، وإنما تتعداه إلى كافة المجالس النيابية السابقة، وعلى مدى عقود عديدة، فالمناقشات التي تجري تحت القبة تشبه إلى حد كبير” المناكفات”، حيث يدخل الكثير من النواب في حديث عن كل شيء ما عدا الموازنة.
فنادرا ما تستمع إلى كلمة تدخل في تفاصيل الإيرادات وكيفية تقديرها، والنفقات ووجهة نظره في آلية تحديدها. ورأيه في آلية بناء مشروع الموازنة، وتحديد موقفه تبعا لذلك.
فالغالبية العظمى من الكلمات التي يلقيها النواب حول الموازنة، تتحدث عن نقد وهجوم على الحكومة واتهامها بالعجز، وتكون مفتوحة لأي مواضيع أخرى بما في ذلك آلية استقبال الوزراء للنواب، والشح في عمليات التوظيف وغير ذلك من أمور.
ويستعرض في شقها الآخر مجموعة المطالب لمنطقته الانتخابية مع علمه الأكيد بأنه من المستحيل إضافة مبالغ لتحقيق تلك المطالب ما لم تكن مرصودة أصلا، وأنه لا يحق للمجلس إضافة أي نفقات، وأن صلاحياته تقتصر على التخفيض الذي يتحاشاه المجلس ولجنته المالية خوفا من أن تمس عملية التخفيض رواتب الموظفين.
واللافت هنا، أن حدة الهجوم تتناسب عكسيا مع مدى تجاوب الحكومة مع المطالب اليومية للنواب، فكلما كان التجاوب كبيرا، خفت حدة الهجوم، وكلما انخفض منسوب الاستجابة زادت حدته.
كل ذلك لا يعني احتمالية إقدام المجلس على رفض الموازنة، فالغالبية العظمى من أعضاء المجلس يفرقون بين النقد الشديد للحكومة، ولمشروع الموازنة وبين إقرارها، ولا ينكرون أن كلماتهم تعتبر مناسبة للتواصل بين النواب وقواعدهم الانتخابية، من خلال استعراض أسماء وقضايا ومطالب تلك المناطق بأسلوب لا يخلو من الحدة والهجوم على الحكومة واتهامها بالتقصير في تلبية متطلبات قواعدهم الانتخابية، ويضطرون للتوقف عند حدودهم الدستورية التي تتوقف عند صلاحية تخفيض النفقات وليس زيادتها.
في المقابل، هناك من يرى أن إعداد الموازنة العامة من قبل الحكومات المتعاقبة ما يزال يتم بنفس الطريقة وبنفس الأسلوب، محكوما بجملة من الإشكالات التي تمتد ما بين محدودية الموارد المالية، وارتفاع المديونية وكلفتها، وارتفاع قيمة الدعم للقمح والأعلاف، ومخصصات المعونة الوطنية والرواتب وغيرها من نفقات أقلها النفقات الرأسمالية.
يضاف إلى ذلك أن عملية تشكيل اللجان تتم وفقا لأسلوب الانتخاب، بحيث يحق لأي نائب أن يرشح نفسه لعضوية أو حتى رئاسة أي لجنة، بغض النظر عن تخصصه، وما إذا كان ملما بذلك التخصص الأمر الذي ينعكس على مستوى المناقشات في مجالات متخصصة على مستوى اللجنة ليس فقط في المواضيع المالية، بل وحتى في العديد من المجالات في لجان أخرى لا بد من مناقشتها في عدة قراءات تبدأ باللجنة المختصة.
كل ذلك يجعل من المهم جدا أن يعمل المجلس على إرساء بعض الأسس لتتحول إلى أعراف برلمانية تنظم الكثير من الحدود التي ليس عليها نصوص قانونية.
والأهم من ذلك كله، أن يعاد النظر في صلاحيات النواب فيما يخص الموازنة العامة، وبما يعطي المجلس الحق في إبداء توجهاته وقناعاته وإرسال قراءاته إلى الحكومة للأخذ بما هو ممكن منها عند إعداد الموازنة.
وبعكس ذلك أعتقد أن” المناكفات” ستتواصل إلى ما لا نهاية.
(الغد)
قضية لا تتعلق بمجلس النواب الحالي، وإنما تتعداه إلى كافة المجالس النيابية السابقة، وعلى مدى عقود عديدة، فالمناقشات التي تجري تحت القبة تشبه إلى حد كبير” المناكفات”، حيث يدخل الكثير من النواب في حديث عن كل شيء ما عدا الموازنة.
فنادرا ما تستمع إلى كلمة تدخل في تفاصيل الإيرادات وكيفية تقديرها، والنفقات ووجهة نظره في آلية تحديدها. ورأيه في آلية بناء مشروع الموازنة، وتحديد موقفه تبعا لذلك.
فالغالبية العظمى من الكلمات التي يلقيها النواب حول الموازنة، تتحدث عن نقد وهجوم على الحكومة واتهامها بالعجز، وتكون مفتوحة لأي مواضيع أخرى بما في ذلك آلية استقبال الوزراء للنواب، والشح في عمليات التوظيف وغير ذلك من أمور.
ويستعرض في شقها الآخر مجموعة المطالب لمنطقته الانتخابية مع علمه الأكيد بأنه من المستحيل إضافة مبالغ لتحقيق تلك المطالب ما لم تكن مرصودة أصلا، وأنه لا يحق للمجلس إضافة أي نفقات، وأن صلاحياته تقتصر على التخفيض الذي يتحاشاه المجلس ولجنته المالية خوفا من أن تمس عملية التخفيض رواتب الموظفين.
واللافت هنا، أن حدة الهجوم تتناسب عكسيا مع مدى تجاوب الحكومة مع المطالب اليومية للنواب، فكلما كان التجاوب كبيرا، خفت حدة الهجوم، وكلما انخفض منسوب الاستجابة زادت حدته.
كل ذلك لا يعني احتمالية إقدام المجلس على رفض الموازنة، فالغالبية العظمى من أعضاء المجلس يفرقون بين النقد الشديد للحكومة، ولمشروع الموازنة وبين إقرارها، ولا ينكرون أن كلماتهم تعتبر مناسبة للتواصل بين النواب وقواعدهم الانتخابية، من خلال استعراض أسماء وقضايا ومطالب تلك المناطق بأسلوب لا يخلو من الحدة والهجوم على الحكومة واتهامها بالتقصير في تلبية متطلبات قواعدهم الانتخابية، ويضطرون للتوقف عند حدودهم الدستورية التي تتوقف عند صلاحية تخفيض النفقات وليس زيادتها.
في المقابل، هناك من يرى أن إعداد الموازنة العامة من قبل الحكومات المتعاقبة ما يزال يتم بنفس الطريقة وبنفس الأسلوب، محكوما بجملة من الإشكالات التي تمتد ما بين محدودية الموارد المالية، وارتفاع المديونية وكلفتها، وارتفاع قيمة الدعم للقمح والأعلاف، ومخصصات المعونة الوطنية والرواتب وغيرها من نفقات أقلها النفقات الرأسمالية.
يضاف إلى ذلك أن عملية تشكيل اللجان تتم وفقا لأسلوب الانتخاب، بحيث يحق لأي نائب أن يرشح نفسه لعضوية أو حتى رئاسة أي لجنة، بغض النظر عن تخصصه، وما إذا كان ملما بذلك التخصص الأمر الذي ينعكس على مستوى المناقشات في مجالات متخصصة على مستوى اللجنة ليس فقط في المواضيع المالية، بل وحتى في العديد من المجالات في لجان أخرى لا بد من مناقشتها في عدة قراءات تبدأ باللجنة المختصة.
كل ذلك يجعل من المهم جدا أن يعمل المجلس على إرساء بعض الأسس لتتحول إلى أعراف برلمانية تنظم الكثير من الحدود التي ليس عليها نصوص قانونية.
والأهم من ذلك كله، أن يعاد النظر في صلاحيات النواب فيما يخص الموازنة العامة، وبما يعطي المجلس الحق في إبداء توجهاته وقناعاته وإرسال قراءاته إلى الحكومة للأخذ بما هو ممكن منها عند إعداد الموازنة.
وبعكس ذلك أعتقد أن” المناكفات” ستتواصل إلى ما لا نهاية.
(الغد)
التعليقات