د. صبري ربيحات
منذ اتخاذها عاصمة للامارة وحتى اوائل السبعينيات من القرن الماضي كانت عمان تشبه أهلها في جمالها وانسها وبساطتها ...يتوزع أهلها على الجبال المحيطة برأس العين وعلى طول مجرى السيل الذي يخترق تضاريسها فيشطرها الى شرقية وغربية...
في عمان كان المسجد الحسيني الكبير أبرز المعالم والمدرج الروماني أوسع وارحب مسارح المدينة والقلعة مرصد المدينة المشرف على كل جنباتها وحواريها والشوارع الممتدة من وسطها نحو السلط ووادي السير عصب الحركة نحو الشمال والغرب وطلوع المصدار المؤدي الى سفريات الجنوب وموقف السرافيس في الساحة الهاشمية مكتظة بمئات السيارات التي تنقل الناس بين مساكنهم واعمالهم ومحطات تسليتهم وتثقيفم وتسوقهم...
المدرج الروماني كان منارة ثقافية وتنويرية وفضاء للتلاقي والحوار بين الحضارات ...وخلال الاوقات التي يسمح لي بأن اتي الى عمان في أواخر الصيف من كل عام كنت امضي كل مساء على مدرجات هذا الفضاء الرحب اتابع وبشغف المتعطش الى المعرفة والاستكشاف والتعلم اللامدرسي ...
لقد تابعت وقبل ان أتم الثانية عشر من العمر و في احدى الامسيات العمانية على ادراج هذا الصرح العملاق مسرحية حلم ليلة صيف لوليام شكبير ....
بالنسبة ليافع مثلي كانت التجربة ملهمة ومثيرة فقد كانت الاولى في حياتي والاغرب لطالب قادم من واحدة من ابعد قرى الاردن عن المراكز الحضريه خصوصا وانها باللغة الإنجليزية التي لم أعرف الكثير مما كان يقوله الابطال الذين ارتدوا ملابس تشبه تلك التي كان يرتديها الانجليز في القرن السادس عشر ...
مباريات الملاكمة والمصارعة التي ينضمها متعهدوا المناسبات والاحتفالات كانت تتوالى على خشبة مسرح المدرج فهناك تعرفنا على الدسوقي والطنبور ومسفر الطفيلي وغيرهم من الملاكمين والمصارعين العرب والإدارية والاوروبيون الذين شاركوا في عشرات المباريات التي امتعتنا ومكنتنا من التعرف على قواعد وشروط هذه الرياضات.
خلف المدرج العملاق وعلى المساحة المبسطة في ابط جبل الجوفة أنشأت مدرسة الأمير حسن الثانوية التي اصبحت احد اهم مدارس العاصمة وابرز مدارس الجزء الشرقي من العاصمة ياتيها الطلبة من الجوفة والاشرفية والتاج ويقطع البعض السيل شرقا للالتحاق بها.
الملاعب والساحات المحيطة بها تجمع الطلبة القادمين من خلفيات متضايقة لينصهروا في جماعات رفاهية وفرق يسودها الالفة والمحبة بدلا من التوتر والخلافات.
الرحلات اليومية الى قلب العاصمة لتذوق ساندويشات فلافل ابو فؤاد او كنافة المنها النابلسية او للعبة بلياردو في دخلة سينما فلسطين كانت مشاوير اعتيادية قد يتخللها دخول الى احدى قاعات السينما التي غطت ملصقات افلامها نصف جدران المدينة .
لقد كانت عمان حنونة ودافئة وصديقة لانسانها تشعر في كل صباح انك تألف نصف وجوه المارة ونتبادل التحية والابتسامة مع النصف الاخر .
اليوم اظن ان المدينة لم تعد كما كانت' فلا الربع ربعي ولا الخلان خلاني ' لقد اشتهيت مرارا ان استعيد مذاق ساندويشة الفلافل التي يقدمها مطعم ابو فؤاد و كنا لا ننهي يومنا دون أن ناخذ نصيبنا منها....
عدت الى نفس المكان ووقفت في نفس الزاوية وبيدي نقود اكثر من الذي كانت بعشرات المرات لكن المذاق اختفى والرغبة تلاشت.
د. صبري ربيحات
منذ اتخاذها عاصمة للامارة وحتى اوائل السبعينيات من القرن الماضي كانت عمان تشبه أهلها في جمالها وانسها وبساطتها ...يتوزع أهلها على الجبال المحيطة برأس العين وعلى طول مجرى السيل الذي يخترق تضاريسها فيشطرها الى شرقية وغربية...
في عمان كان المسجد الحسيني الكبير أبرز المعالم والمدرج الروماني أوسع وارحب مسارح المدينة والقلعة مرصد المدينة المشرف على كل جنباتها وحواريها والشوارع الممتدة من وسطها نحو السلط ووادي السير عصب الحركة نحو الشمال والغرب وطلوع المصدار المؤدي الى سفريات الجنوب وموقف السرافيس في الساحة الهاشمية مكتظة بمئات السيارات التي تنقل الناس بين مساكنهم واعمالهم ومحطات تسليتهم وتثقيفم وتسوقهم...
المدرج الروماني كان منارة ثقافية وتنويرية وفضاء للتلاقي والحوار بين الحضارات ...وخلال الاوقات التي يسمح لي بأن اتي الى عمان في أواخر الصيف من كل عام كنت امضي كل مساء على مدرجات هذا الفضاء الرحب اتابع وبشغف المتعطش الى المعرفة والاستكشاف والتعلم اللامدرسي ...
لقد تابعت وقبل ان أتم الثانية عشر من العمر و في احدى الامسيات العمانية على ادراج هذا الصرح العملاق مسرحية حلم ليلة صيف لوليام شكبير ....
بالنسبة ليافع مثلي كانت التجربة ملهمة ومثيرة فقد كانت الاولى في حياتي والاغرب لطالب قادم من واحدة من ابعد قرى الاردن عن المراكز الحضريه خصوصا وانها باللغة الإنجليزية التي لم أعرف الكثير مما كان يقوله الابطال الذين ارتدوا ملابس تشبه تلك التي كان يرتديها الانجليز في القرن السادس عشر ...
مباريات الملاكمة والمصارعة التي ينضمها متعهدوا المناسبات والاحتفالات كانت تتوالى على خشبة مسرح المدرج فهناك تعرفنا على الدسوقي والطنبور ومسفر الطفيلي وغيرهم من الملاكمين والمصارعين العرب والإدارية والاوروبيون الذين شاركوا في عشرات المباريات التي امتعتنا ومكنتنا من التعرف على قواعد وشروط هذه الرياضات.
خلف المدرج العملاق وعلى المساحة المبسطة في ابط جبل الجوفة أنشأت مدرسة الأمير حسن الثانوية التي اصبحت احد اهم مدارس العاصمة وابرز مدارس الجزء الشرقي من العاصمة ياتيها الطلبة من الجوفة والاشرفية والتاج ويقطع البعض السيل شرقا للالتحاق بها.
الملاعب والساحات المحيطة بها تجمع الطلبة القادمين من خلفيات متضايقة لينصهروا في جماعات رفاهية وفرق يسودها الالفة والمحبة بدلا من التوتر والخلافات.
الرحلات اليومية الى قلب العاصمة لتذوق ساندويشات فلافل ابو فؤاد او كنافة المنها النابلسية او للعبة بلياردو في دخلة سينما فلسطين كانت مشاوير اعتيادية قد يتخللها دخول الى احدى قاعات السينما التي غطت ملصقات افلامها نصف جدران المدينة .
لقد كانت عمان حنونة ودافئة وصديقة لانسانها تشعر في كل صباح انك تألف نصف وجوه المارة ونتبادل التحية والابتسامة مع النصف الاخر .
اليوم اظن ان المدينة لم تعد كما كانت' فلا الربع ربعي ولا الخلان خلاني ' لقد اشتهيت مرارا ان استعيد مذاق ساندويشة الفلافل التي يقدمها مطعم ابو فؤاد و كنا لا ننهي يومنا دون أن ناخذ نصيبنا منها....
عدت الى نفس المكان ووقفت في نفس الزاوية وبيدي نقود اكثر من الذي كانت بعشرات المرات لكن المذاق اختفى والرغبة تلاشت.
د. صبري ربيحات
منذ اتخاذها عاصمة للامارة وحتى اوائل السبعينيات من القرن الماضي كانت عمان تشبه أهلها في جمالها وانسها وبساطتها ...يتوزع أهلها على الجبال المحيطة برأس العين وعلى طول مجرى السيل الذي يخترق تضاريسها فيشطرها الى شرقية وغربية...
في عمان كان المسجد الحسيني الكبير أبرز المعالم والمدرج الروماني أوسع وارحب مسارح المدينة والقلعة مرصد المدينة المشرف على كل جنباتها وحواريها والشوارع الممتدة من وسطها نحو السلط ووادي السير عصب الحركة نحو الشمال والغرب وطلوع المصدار المؤدي الى سفريات الجنوب وموقف السرافيس في الساحة الهاشمية مكتظة بمئات السيارات التي تنقل الناس بين مساكنهم واعمالهم ومحطات تسليتهم وتثقيفم وتسوقهم...
المدرج الروماني كان منارة ثقافية وتنويرية وفضاء للتلاقي والحوار بين الحضارات ...وخلال الاوقات التي يسمح لي بأن اتي الى عمان في أواخر الصيف من كل عام كنت امضي كل مساء على مدرجات هذا الفضاء الرحب اتابع وبشغف المتعطش الى المعرفة والاستكشاف والتعلم اللامدرسي ...
لقد تابعت وقبل ان أتم الثانية عشر من العمر و في احدى الامسيات العمانية على ادراج هذا الصرح العملاق مسرحية حلم ليلة صيف لوليام شكبير ....
بالنسبة ليافع مثلي كانت التجربة ملهمة ومثيرة فقد كانت الاولى في حياتي والاغرب لطالب قادم من واحدة من ابعد قرى الاردن عن المراكز الحضريه خصوصا وانها باللغة الإنجليزية التي لم أعرف الكثير مما كان يقوله الابطال الذين ارتدوا ملابس تشبه تلك التي كان يرتديها الانجليز في القرن السادس عشر ...
مباريات الملاكمة والمصارعة التي ينضمها متعهدوا المناسبات والاحتفالات كانت تتوالى على خشبة مسرح المدرج فهناك تعرفنا على الدسوقي والطنبور ومسفر الطفيلي وغيرهم من الملاكمين والمصارعين العرب والإدارية والاوروبيون الذين شاركوا في عشرات المباريات التي امتعتنا ومكنتنا من التعرف على قواعد وشروط هذه الرياضات.
خلف المدرج العملاق وعلى المساحة المبسطة في ابط جبل الجوفة أنشأت مدرسة الأمير حسن الثانوية التي اصبحت احد اهم مدارس العاصمة وابرز مدارس الجزء الشرقي من العاصمة ياتيها الطلبة من الجوفة والاشرفية والتاج ويقطع البعض السيل شرقا للالتحاق بها.
الملاعب والساحات المحيطة بها تجمع الطلبة القادمين من خلفيات متضايقة لينصهروا في جماعات رفاهية وفرق يسودها الالفة والمحبة بدلا من التوتر والخلافات.
الرحلات اليومية الى قلب العاصمة لتذوق ساندويشات فلافل ابو فؤاد او كنافة المنها النابلسية او للعبة بلياردو في دخلة سينما فلسطين كانت مشاوير اعتيادية قد يتخللها دخول الى احدى قاعات السينما التي غطت ملصقات افلامها نصف جدران المدينة .
لقد كانت عمان حنونة ودافئة وصديقة لانسانها تشعر في كل صباح انك تألف نصف وجوه المارة ونتبادل التحية والابتسامة مع النصف الاخر .
اليوم اظن ان المدينة لم تعد كما كانت' فلا الربع ربعي ولا الخلان خلاني ' لقد اشتهيت مرارا ان استعيد مذاق ساندويشة الفلافل التي يقدمها مطعم ابو فؤاد و كنا لا ننهي يومنا دون أن ناخذ نصيبنا منها....
عدت الى نفس المكان ووقفت في نفس الزاوية وبيدي نقود اكثر من الذي كانت بعشرات المرات لكن المذاق اختفى والرغبة تلاشت.
التعليقات