رخّص الله -سبحانه وتعالى- للمُسافر رخصاً عديدةً، ومنها ما هو مُختصٌّ بطريقة الصَّلاة؛ حيث يُسنُّ للمُسافر أن يَقصُر الصّلاة الرُّباعية فيُصلّيها ركعتين بدلاً من أربعِ ركعات، وبناءً على ذلك، يُصلّي المُسافر صلاة الظُّهر، والعَصر، والعشاء ركعتين فقط ما دام مسافراً، ويُصلِّي المغرب ثلاث ركعات في السَّفر وثلاث في الحضر؛ لأنَّ صلاة المغرب لا تُقصر، ويُصلِّي صلاة الفجر ركعتين في السَّفر كما يُصلِّيها في الحضر.
ويُسنُّ أيضاً للمسافر بالإضافة للقصر؛ أن يجمع بين الصَّلوات المفروضة إذا جدَّ به السّير، وإن نزل في بلدٍ أو مكانٍ ما فيجمع على حسب الحاجة، بحيث يجمع بين صلاة الظُّهر والعصر، وبين صلاة المغرب والعشاء في وقت أحد هذه الصَّلوات، على أن يكون أداء الصَّلاة المجموعة مُرتَّباً؛ فيبدأ بالظُّهر ثم العصر عند جمعهما، سواءً كان الجمع تقديماً في وقت الظُّهر أو تأخيراً في وقت العصر، كما يبدأ بأداء صلاة المغرب قبل العشاء سواءً كان ذلك جمعُ تقديمٍ في وقت المَغرب، أو جمع تأخيٍر في وقت العشاء.
كما أنّ له الاختيار بين جَمع التَّقديم والتَّأخير في حال نزوله، أمَّا إن كان سائراً؛ فيُسنُّ إذا غابت الشَّمس قبل رحيله أن يَجمع بين صلاة المغرب والعشاء جمعَ تقديم -أي في وقت صلاة المغرب-، أمَّا إن رحل قبل غياب الشّمس فيَجمع بين المغرب والعشاء جَمع تأخير -أي في وقت صلاة العشاء-، كذلك إذا زالت الشَّمس قبل أن يرحل فيَجمع بين الظُّهر والعصر جمع تقديم، أمَّا إن بدأ بالسَّير قبل زوال الشَّمس يجمع بينهما جمعَ تأخير.
صلاة السّنن في السفر يُسنّ للمسافر أن يُصلِّي قبل الفجر ركعتين سُنَّة الفجر؛ لأنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يكن يتركهما أبداً وإن كان في سفر، كما يُصلِّي الوتر كذلك، لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي في السَّفَرِ علَى رَاحِلَتِهِ، حَيْثُ تَوَجَّهَتْ به يُومِئُ إيمَاءً صَلَاةَ اللَّيْلِ، إلَّا الفَرَائِضَ ويُوتِرُ علَى رَاحِلَتِهِ)؛ مما يدلُّ على عدم ترك النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لصلاة الوتر حتَّى في حال السّفر.
أمَّا بالنِّسبة للسُّنن الرَّواتب؛ فيُسنُّ ألَّا يُصلِّيها المسافر في سفره؛ ودليلُ ذلك حديث ابن عمر أيضاً -رضي الله عنهما- قال: (صَحِبْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في السَّفَرِ، فَلَمْ يَزِدْ علَى رَكْعَتَيْنِ حتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمْ يَزِدْ علَى رَكْعَتَيْنِ حتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَصَحِبْتُ عُمَرَ، فَلَمْ يَزِدْ علَى رَكْعَتَيْنِ حتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، ثُمَّ صَحِبْتُ عُثْمَانَ، فَلَمْ يَزِدْ علَى رَكْعَتَيْنِ حتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ).
أمَّا صلاة التَّطوّع؛ مثل صلاة الضُّحى، وصلاة قيام اللّيل وغيرها، فتُشرع في السَّفر كما هو الحال في الحضر، حيث اتَّفق العلماء على استحباب النَّوافل المُطلقة في حال السَّفر.
حكم جمع وقصر الصلاة للمسافر
حكم قصر الصلاة في السفر قَصرُ الصَّلاة الرُّباعية في حال السَّفر مشروعٌ بلا خلاف بين أهل العلم؛ ودليل مشروعيته القرآن، والسُنَّة، والإجماع، فمِن القرآن الكريم قوله -تعالى-: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا)، والقصر جائزٌ في السَّفر في حال الخَوف وعدمه، حيث كان الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقصر الصَّلاة وهو حاجٌ، ومعتمرٌ، وغازٍ محارب؛ فلم يقتصر الأمر على الغزوات التي تتضمّن الخوف بل تعدَّته إلى مُطلق السّفر، وقد قال النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بهَا علَيْكُم، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ)، كما أنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- والصَّحابة من بعده داوموا عليها.
وأمَّا الإجماع؛ فيُعدُّ القصر من الأمور المَعلومة من الدِّين بالضَّرورة، وقد أجمعت الأمَّة عليه؛ وبناءً على ذلك يُسنُّ الأخذ بهذه الرُّخصة، والعمل بها أفضل وأولى من تركها، بل إنَّ بعض أهل العلم كرِه إكمال الصَّلاة وعدم قصرها في حال السَّفر؛ بسبب شدَّة مُداومة النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وصحابته الكرام عليها.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ المُعتبر في القَصر المَكان وليس الزَّمان؛ فلو نسيَ المُسافر صلاةً في الحضر وتذكَّرها في السَّفر فإنَّه يقصُرها، وإن ذكر صلاة سفرٍ في الحضر أتمَّها، وإذا دخل وقتُ الصَّلاة ثمَّ سافر فله أن يقصُرها، وإن دخل وقتُ الصَّلاة في سفره ثمَّ عاد إلى بلده فعليه أن يتمَّها ولا يجوز له قصرُها.
والقَصر مشروعٌ في كل سفرٍ تُقَصر في مثله الصَّلاة؛ سواءً كان السَّفر واجباً كالحجِّ والعُمرة والجِهاد، أو مستحبَّاً كالسَّفر لزيارة الوالدين، أو مباحاً كالسَّفر للنُّزهة، وقد تنوَّعت آراء العُلماء في حكم القصر هل هو رُخصَةٌ -اختياريٌّ- أم عزيمةٌ -واجبٌ-؛ فقال الحنفيَّة بوجوب القَصر في حال السَّفر، وأنَّ فرض المسافر ركعتين فقط ولا يجوز له الزَّيادة عليهما، وقال المالكيَّة إنَّ القصر سُنَّة مؤكَّدة؛ لمُداومة النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- على فعله؛ حيث لم يرد عنه -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّه أتمَّ صلاةً قط في حال سفره، وقال الشافعيَّة والحنابلة إنَّ القصر رخصةٌ على سبيل التَّخيير؛ فللمسافر أن يقصر أو أن يُتمّ، إلا أنَّ القصر أفضل من الإتمام لمُدوامة النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عليه.
حكم جمع الصلاة في السفر
يُسنُّ جمع الصَّلاة في السَّفر والحضر إذا وُجد سببه ودعت الحاجة له؛ لأنَّه من رُخص الله -تعالى-، والله يحب أن تؤتى رخصه، كما أنَّ فيه اقتداء بالنَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وفيه تخفيف على المسافر لِما في السَّفر من المشقَّة، ومن أدلَّة مشروعيَّة الجمع في السَّفر حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجْمَعُ بيْنَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ إذَا جَدَّ به السَّيْرُ)، وذهب الشافعيَّة والحنابلة إلى اشتراط السَّفر الطّويل والمباح لجواز الجمع، بخلاف المالكيَّة الذين أجازوا الجَمع بغض النَّظر عن طول مسافة السَّفر.
وتجدر الإشارة إلى وجود أربعةِ شروطٍ لصحَّة جمع التَّقديم وهي:
البدء بالصَّلاة الأولى (الظَُهر أو المغرب).
نيَّة الجمع؛ ويُفضّل أن تتمَّ في بداية الصَّلاة الأولى وتجوز إلى حين السَّلام من الصَّلاة الأولى.
الموالاة بين الصَّلاتين؛ أي عدم الفصل بينهما بزمنٍ طويل.
دوام السَّفر أثناء الصَّلاة الأولى كاملةً والبدء بالثَّانية أيضاً وهو مسافرٌ؛ فإن وصل إلى بلده قبل البدء بالثَّانية انتهى السَّفر ولم يعد الجمعُ جائزاً.
وأمَّا شروط الصِّحة لجمع التَّأخير فهي:
نيَّة الجمع في وقت الصَّلاة الأولى.
دوام السَّفر إلى تمام الصَّلاتين عند الشَّافعية، وعند الحنابلة إلى حين دخول وقت الثَّانية.
الصلوات التي تُجمع وتُقصر في السفر الصَّلوات التي تُقصر في السَّفر هي صلاة الظُّهر، والعصر، والعشاء، وأمَّا صلاتيِّ المغرب والفجر فلا تُقصران، وبناءً على ذلك تؤدَّى صلاة الظُّهر، والعصر، والعشاء ركعتين في حال السَّفر، وتبقى صلاتيِّ الفجر والمغرب على حالِهما، أما سبب اقتصار القَصر على الصَّلاة الرُّباعية دون الثُّلاثية والثُّنائية فذلك لأنه إذا قُصرت صلاة الفجر يبقي من الصَّلاة ركعة واحدة، ولا نظير لها في الفرض، وإذا قُصرت صلاة المغرب والتي تعد وتر النَّهار -كما رود في الحديث الشريف- بطلَ كونها وتراً، ولأنَّ القصر هو سقوط نِصف الصَّلاة، وبعد سقوط نِصف صلاة الفجر والمغرب لا يَبقى نِصفٌ مشروع.
وبالنِّسبة للجمع؛ فإنَّ الصَّلوات التي تُجمع هي: صلاتيِّ الظُّهر والعصر معاً، وصلاتيِّ المغرب والعشاء معاً، ويتمُّ ذلك في وقت أحدهما، فإن كان في وقت الصَّلاة الأولى -الظُّهر أو المغرب- سُميِّ جمع التَّقديم، وإن كان في وقت الصَّلاة الثَّانية -العصر أو العشاء- سُميِّ جمع التَّأخير. لكنّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يداوم عليه مثل قصر الصَّلاة.
رخّص الله -سبحانه وتعالى- للمُسافر رخصاً عديدةً، ومنها ما هو مُختصٌّ بطريقة الصَّلاة؛ حيث يُسنُّ للمُسافر أن يَقصُر الصّلاة الرُّباعية فيُصلّيها ركعتين بدلاً من أربعِ ركعات، وبناءً على ذلك، يُصلّي المُسافر صلاة الظُّهر، والعَصر، والعشاء ركعتين فقط ما دام مسافراً، ويُصلِّي المغرب ثلاث ركعات في السَّفر وثلاث في الحضر؛ لأنَّ صلاة المغرب لا تُقصر، ويُصلِّي صلاة الفجر ركعتين في السَّفر كما يُصلِّيها في الحضر.
ويُسنُّ أيضاً للمسافر بالإضافة للقصر؛ أن يجمع بين الصَّلوات المفروضة إذا جدَّ به السّير، وإن نزل في بلدٍ أو مكانٍ ما فيجمع على حسب الحاجة، بحيث يجمع بين صلاة الظُّهر والعصر، وبين صلاة المغرب والعشاء في وقت أحد هذه الصَّلوات، على أن يكون أداء الصَّلاة المجموعة مُرتَّباً؛ فيبدأ بالظُّهر ثم العصر عند جمعهما، سواءً كان الجمع تقديماً في وقت الظُّهر أو تأخيراً في وقت العصر، كما يبدأ بأداء صلاة المغرب قبل العشاء سواءً كان ذلك جمعُ تقديمٍ في وقت المَغرب، أو جمع تأخيٍر في وقت العشاء.
كما أنّ له الاختيار بين جَمع التَّقديم والتَّأخير في حال نزوله، أمَّا إن كان سائراً؛ فيُسنُّ إذا غابت الشَّمس قبل رحيله أن يَجمع بين صلاة المغرب والعشاء جمعَ تقديم -أي في وقت صلاة المغرب-، أمَّا إن رحل قبل غياب الشّمس فيَجمع بين المغرب والعشاء جَمع تأخير -أي في وقت صلاة العشاء-، كذلك إذا زالت الشَّمس قبل أن يرحل فيَجمع بين الظُّهر والعصر جمع تقديم، أمَّا إن بدأ بالسَّير قبل زوال الشَّمس يجمع بينهما جمعَ تأخير.
صلاة السّنن في السفر يُسنّ للمسافر أن يُصلِّي قبل الفجر ركعتين سُنَّة الفجر؛ لأنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يكن يتركهما أبداً وإن كان في سفر، كما يُصلِّي الوتر كذلك، لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي في السَّفَرِ علَى رَاحِلَتِهِ، حَيْثُ تَوَجَّهَتْ به يُومِئُ إيمَاءً صَلَاةَ اللَّيْلِ، إلَّا الفَرَائِضَ ويُوتِرُ علَى رَاحِلَتِهِ)؛ مما يدلُّ على عدم ترك النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لصلاة الوتر حتَّى في حال السّفر.
أمَّا بالنِّسبة للسُّنن الرَّواتب؛ فيُسنُّ ألَّا يُصلِّيها المسافر في سفره؛ ودليلُ ذلك حديث ابن عمر أيضاً -رضي الله عنهما- قال: (صَحِبْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في السَّفَرِ، فَلَمْ يَزِدْ علَى رَكْعَتَيْنِ حتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمْ يَزِدْ علَى رَكْعَتَيْنِ حتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَصَحِبْتُ عُمَرَ، فَلَمْ يَزِدْ علَى رَكْعَتَيْنِ حتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، ثُمَّ صَحِبْتُ عُثْمَانَ، فَلَمْ يَزِدْ علَى رَكْعَتَيْنِ حتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ).
أمَّا صلاة التَّطوّع؛ مثل صلاة الضُّحى، وصلاة قيام اللّيل وغيرها، فتُشرع في السَّفر كما هو الحال في الحضر، حيث اتَّفق العلماء على استحباب النَّوافل المُطلقة في حال السَّفر.
حكم جمع وقصر الصلاة للمسافر
حكم قصر الصلاة في السفر قَصرُ الصَّلاة الرُّباعية في حال السَّفر مشروعٌ بلا خلاف بين أهل العلم؛ ودليل مشروعيته القرآن، والسُنَّة، والإجماع، فمِن القرآن الكريم قوله -تعالى-: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا)، والقصر جائزٌ في السَّفر في حال الخَوف وعدمه، حيث كان الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقصر الصَّلاة وهو حاجٌ، ومعتمرٌ، وغازٍ محارب؛ فلم يقتصر الأمر على الغزوات التي تتضمّن الخوف بل تعدَّته إلى مُطلق السّفر، وقد قال النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بهَا علَيْكُم، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ)، كما أنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- والصَّحابة من بعده داوموا عليها.
وأمَّا الإجماع؛ فيُعدُّ القصر من الأمور المَعلومة من الدِّين بالضَّرورة، وقد أجمعت الأمَّة عليه؛ وبناءً على ذلك يُسنُّ الأخذ بهذه الرُّخصة، والعمل بها أفضل وأولى من تركها، بل إنَّ بعض أهل العلم كرِه إكمال الصَّلاة وعدم قصرها في حال السَّفر؛ بسبب شدَّة مُداومة النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وصحابته الكرام عليها.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ المُعتبر في القَصر المَكان وليس الزَّمان؛ فلو نسيَ المُسافر صلاةً في الحضر وتذكَّرها في السَّفر فإنَّه يقصُرها، وإن ذكر صلاة سفرٍ في الحضر أتمَّها، وإذا دخل وقتُ الصَّلاة ثمَّ سافر فله أن يقصُرها، وإن دخل وقتُ الصَّلاة في سفره ثمَّ عاد إلى بلده فعليه أن يتمَّها ولا يجوز له قصرُها.
والقَصر مشروعٌ في كل سفرٍ تُقَصر في مثله الصَّلاة؛ سواءً كان السَّفر واجباً كالحجِّ والعُمرة والجِهاد، أو مستحبَّاً كالسَّفر لزيارة الوالدين، أو مباحاً كالسَّفر للنُّزهة، وقد تنوَّعت آراء العُلماء في حكم القصر هل هو رُخصَةٌ -اختياريٌّ- أم عزيمةٌ -واجبٌ-؛ فقال الحنفيَّة بوجوب القَصر في حال السَّفر، وأنَّ فرض المسافر ركعتين فقط ولا يجوز له الزَّيادة عليهما، وقال المالكيَّة إنَّ القصر سُنَّة مؤكَّدة؛ لمُداومة النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- على فعله؛ حيث لم يرد عنه -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّه أتمَّ صلاةً قط في حال سفره، وقال الشافعيَّة والحنابلة إنَّ القصر رخصةٌ على سبيل التَّخيير؛ فللمسافر أن يقصر أو أن يُتمّ، إلا أنَّ القصر أفضل من الإتمام لمُدوامة النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عليه.
حكم جمع الصلاة في السفر
يُسنُّ جمع الصَّلاة في السَّفر والحضر إذا وُجد سببه ودعت الحاجة له؛ لأنَّه من رُخص الله -تعالى-، والله يحب أن تؤتى رخصه، كما أنَّ فيه اقتداء بالنَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وفيه تخفيف على المسافر لِما في السَّفر من المشقَّة، ومن أدلَّة مشروعيَّة الجمع في السَّفر حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجْمَعُ بيْنَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ إذَا جَدَّ به السَّيْرُ)، وذهب الشافعيَّة والحنابلة إلى اشتراط السَّفر الطّويل والمباح لجواز الجمع، بخلاف المالكيَّة الذين أجازوا الجَمع بغض النَّظر عن طول مسافة السَّفر.
وتجدر الإشارة إلى وجود أربعةِ شروطٍ لصحَّة جمع التَّقديم وهي:
البدء بالصَّلاة الأولى (الظَُهر أو المغرب).
نيَّة الجمع؛ ويُفضّل أن تتمَّ في بداية الصَّلاة الأولى وتجوز إلى حين السَّلام من الصَّلاة الأولى.
الموالاة بين الصَّلاتين؛ أي عدم الفصل بينهما بزمنٍ طويل.
دوام السَّفر أثناء الصَّلاة الأولى كاملةً والبدء بالثَّانية أيضاً وهو مسافرٌ؛ فإن وصل إلى بلده قبل البدء بالثَّانية انتهى السَّفر ولم يعد الجمعُ جائزاً.
وأمَّا شروط الصِّحة لجمع التَّأخير فهي:
نيَّة الجمع في وقت الصَّلاة الأولى.
دوام السَّفر إلى تمام الصَّلاتين عند الشَّافعية، وعند الحنابلة إلى حين دخول وقت الثَّانية.
الصلوات التي تُجمع وتُقصر في السفر الصَّلوات التي تُقصر في السَّفر هي صلاة الظُّهر، والعصر، والعشاء، وأمَّا صلاتيِّ المغرب والفجر فلا تُقصران، وبناءً على ذلك تؤدَّى صلاة الظُّهر، والعصر، والعشاء ركعتين في حال السَّفر، وتبقى صلاتيِّ الفجر والمغرب على حالِهما، أما سبب اقتصار القَصر على الصَّلاة الرُّباعية دون الثُّلاثية والثُّنائية فذلك لأنه إذا قُصرت صلاة الفجر يبقي من الصَّلاة ركعة واحدة، ولا نظير لها في الفرض، وإذا قُصرت صلاة المغرب والتي تعد وتر النَّهار -كما رود في الحديث الشريف- بطلَ كونها وتراً، ولأنَّ القصر هو سقوط نِصف الصَّلاة، وبعد سقوط نِصف صلاة الفجر والمغرب لا يَبقى نِصفٌ مشروع.
وبالنِّسبة للجمع؛ فإنَّ الصَّلوات التي تُجمع هي: صلاتيِّ الظُّهر والعصر معاً، وصلاتيِّ المغرب والعشاء معاً، ويتمُّ ذلك في وقت أحدهما، فإن كان في وقت الصَّلاة الأولى -الظُّهر أو المغرب- سُميِّ جمع التَّقديم، وإن كان في وقت الصَّلاة الثَّانية -العصر أو العشاء- سُميِّ جمع التَّأخير. لكنّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يداوم عليه مثل قصر الصَّلاة.
رخّص الله -سبحانه وتعالى- للمُسافر رخصاً عديدةً، ومنها ما هو مُختصٌّ بطريقة الصَّلاة؛ حيث يُسنُّ للمُسافر أن يَقصُر الصّلاة الرُّباعية فيُصلّيها ركعتين بدلاً من أربعِ ركعات، وبناءً على ذلك، يُصلّي المُسافر صلاة الظُّهر، والعَصر، والعشاء ركعتين فقط ما دام مسافراً، ويُصلِّي المغرب ثلاث ركعات في السَّفر وثلاث في الحضر؛ لأنَّ صلاة المغرب لا تُقصر، ويُصلِّي صلاة الفجر ركعتين في السَّفر كما يُصلِّيها في الحضر.
ويُسنُّ أيضاً للمسافر بالإضافة للقصر؛ أن يجمع بين الصَّلوات المفروضة إذا جدَّ به السّير، وإن نزل في بلدٍ أو مكانٍ ما فيجمع على حسب الحاجة، بحيث يجمع بين صلاة الظُّهر والعصر، وبين صلاة المغرب والعشاء في وقت أحد هذه الصَّلوات، على أن يكون أداء الصَّلاة المجموعة مُرتَّباً؛ فيبدأ بالظُّهر ثم العصر عند جمعهما، سواءً كان الجمع تقديماً في وقت الظُّهر أو تأخيراً في وقت العصر، كما يبدأ بأداء صلاة المغرب قبل العشاء سواءً كان ذلك جمعُ تقديمٍ في وقت المَغرب، أو جمع تأخيٍر في وقت العشاء.
كما أنّ له الاختيار بين جَمع التَّقديم والتَّأخير في حال نزوله، أمَّا إن كان سائراً؛ فيُسنُّ إذا غابت الشَّمس قبل رحيله أن يَجمع بين صلاة المغرب والعشاء جمعَ تقديم -أي في وقت صلاة المغرب-، أمَّا إن رحل قبل غياب الشّمس فيَجمع بين المغرب والعشاء جَمع تأخير -أي في وقت صلاة العشاء-، كذلك إذا زالت الشَّمس قبل أن يرحل فيَجمع بين الظُّهر والعصر جمع تقديم، أمَّا إن بدأ بالسَّير قبل زوال الشَّمس يجمع بينهما جمعَ تأخير.
صلاة السّنن في السفر يُسنّ للمسافر أن يُصلِّي قبل الفجر ركعتين سُنَّة الفجر؛ لأنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يكن يتركهما أبداً وإن كان في سفر، كما يُصلِّي الوتر كذلك، لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي في السَّفَرِ علَى رَاحِلَتِهِ، حَيْثُ تَوَجَّهَتْ به يُومِئُ إيمَاءً صَلَاةَ اللَّيْلِ، إلَّا الفَرَائِضَ ويُوتِرُ علَى رَاحِلَتِهِ)؛ مما يدلُّ على عدم ترك النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لصلاة الوتر حتَّى في حال السّفر.
أمَّا بالنِّسبة للسُّنن الرَّواتب؛ فيُسنُّ ألَّا يُصلِّيها المسافر في سفره؛ ودليلُ ذلك حديث ابن عمر أيضاً -رضي الله عنهما- قال: (صَحِبْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في السَّفَرِ، فَلَمْ يَزِدْ علَى رَكْعَتَيْنِ حتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَصَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمْ يَزِدْ علَى رَكْعَتَيْنِ حتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، وَصَحِبْتُ عُمَرَ، فَلَمْ يَزِدْ علَى رَكْعَتَيْنِ حتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ، ثُمَّ صَحِبْتُ عُثْمَانَ، فَلَمْ يَزِدْ علَى رَكْعَتَيْنِ حتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ).
أمَّا صلاة التَّطوّع؛ مثل صلاة الضُّحى، وصلاة قيام اللّيل وغيرها، فتُشرع في السَّفر كما هو الحال في الحضر، حيث اتَّفق العلماء على استحباب النَّوافل المُطلقة في حال السَّفر.
حكم جمع وقصر الصلاة للمسافر
حكم قصر الصلاة في السفر قَصرُ الصَّلاة الرُّباعية في حال السَّفر مشروعٌ بلا خلاف بين أهل العلم؛ ودليل مشروعيته القرآن، والسُنَّة، والإجماع، فمِن القرآن الكريم قوله -تعالى-: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا)، والقصر جائزٌ في السَّفر في حال الخَوف وعدمه، حيث كان الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقصر الصَّلاة وهو حاجٌ، ومعتمرٌ، وغازٍ محارب؛ فلم يقتصر الأمر على الغزوات التي تتضمّن الخوف بل تعدَّته إلى مُطلق السّفر، وقد قال النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بهَا علَيْكُم، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ)، كما أنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- والصَّحابة من بعده داوموا عليها.
وأمَّا الإجماع؛ فيُعدُّ القصر من الأمور المَعلومة من الدِّين بالضَّرورة، وقد أجمعت الأمَّة عليه؛ وبناءً على ذلك يُسنُّ الأخذ بهذه الرُّخصة، والعمل بها أفضل وأولى من تركها، بل إنَّ بعض أهل العلم كرِه إكمال الصَّلاة وعدم قصرها في حال السَّفر؛ بسبب شدَّة مُداومة النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وصحابته الكرام عليها.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ المُعتبر في القَصر المَكان وليس الزَّمان؛ فلو نسيَ المُسافر صلاةً في الحضر وتذكَّرها في السَّفر فإنَّه يقصُرها، وإن ذكر صلاة سفرٍ في الحضر أتمَّها، وإذا دخل وقتُ الصَّلاة ثمَّ سافر فله أن يقصُرها، وإن دخل وقتُ الصَّلاة في سفره ثمَّ عاد إلى بلده فعليه أن يتمَّها ولا يجوز له قصرُها.
والقَصر مشروعٌ في كل سفرٍ تُقَصر في مثله الصَّلاة؛ سواءً كان السَّفر واجباً كالحجِّ والعُمرة والجِهاد، أو مستحبَّاً كالسَّفر لزيارة الوالدين، أو مباحاً كالسَّفر للنُّزهة، وقد تنوَّعت آراء العُلماء في حكم القصر هل هو رُخصَةٌ -اختياريٌّ- أم عزيمةٌ -واجبٌ-؛ فقال الحنفيَّة بوجوب القَصر في حال السَّفر، وأنَّ فرض المسافر ركعتين فقط ولا يجوز له الزَّيادة عليهما، وقال المالكيَّة إنَّ القصر سُنَّة مؤكَّدة؛ لمُداومة النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- على فعله؛ حيث لم يرد عنه -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّه أتمَّ صلاةً قط في حال سفره، وقال الشافعيَّة والحنابلة إنَّ القصر رخصةٌ على سبيل التَّخيير؛ فللمسافر أن يقصر أو أن يُتمّ، إلا أنَّ القصر أفضل من الإتمام لمُدوامة النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عليه.
حكم جمع الصلاة في السفر
يُسنُّ جمع الصَّلاة في السَّفر والحضر إذا وُجد سببه ودعت الحاجة له؛ لأنَّه من رُخص الله -تعالى-، والله يحب أن تؤتى رخصه، كما أنَّ فيه اقتداء بالنَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وفيه تخفيف على المسافر لِما في السَّفر من المشقَّة، ومن أدلَّة مشروعيَّة الجمع في السَّفر حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجْمَعُ بيْنَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ إذَا جَدَّ به السَّيْرُ)، وذهب الشافعيَّة والحنابلة إلى اشتراط السَّفر الطّويل والمباح لجواز الجمع، بخلاف المالكيَّة الذين أجازوا الجَمع بغض النَّظر عن طول مسافة السَّفر.
وتجدر الإشارة إلى وجود أربعةِ شروطٍ لصحَّة جمع التَّقديم وهي:
البدء بالصَّلاة الأولى (الظَُهر أو المغرب).
نيَّة الجمع؛ ويُفضّل أن تتمَّ في بداية الصَّلاة الأولى وتجوز إلى حين السَّلام من الصَّلاة الأولى.
الموالاة بين الصَّلاتين؛ أي عدم الفصل بينهما بزمنٍ طويل.
دوام السَّفر أثناء الصَّلاة الأولى كاملةً والبدء بالثَّانية أيضاً وهو مسافرٌ؛ فإن وصل إلى بلده قبل البدء بالثَّانية انتهى السَّفر ولم يعد الجمعُ جائزاً.
وأمَّا شروط الصِّحة لجمع التَّأخير فهي:
نيَّة الجمع في وقت الصَّلاة الأولى.
دوام السَّفر إلى تمام الصَّلاتين عند الشَّافعية، وعند الحنابلة إلى حين دخول وقت الثَّانية.
الصلوات التي تُجمع وتُقصر في السفر الصَّلوات التي تُقصر في السَّفر هي صلاة الظُّهر، والعصر، والعشاء، وأمَّا صلاتيِّ المغرب والفجر فلا تُقصران، وبناءً على ذلك تؤدَّى صلاة الظُّهر، والعصر، والعشاء ركعتين في حال السَّفر، وتبقى صلاتيِّ الفجر والمغرب على حالِهما، أما سبب اقتصار القَصر على الصَّلاة الرُّباعية دون الثُّلاثية والثُّنائية فذلك لأنه إذا قُصرت صلاة الفجر يبقي من الصَّلاة ركعة واحدة، ولا نظير لها في الفرض، وإذا قُصرت صلاة المغرب والتي تعد وتر النَّهار -كما رود في الحديث الشريف- بطلَ كونها وتراً، ولأنَّ القصر هو سقوط نِصف الصَّلاة، وبعد سقوط نِصف صلاة الفجر والمغرب لا يَبقى نِصفٌ مشروع.
وبالنِّسبة للجمع؛ فإنَّ الصَّلوات التي تُجمع هي: صلاتيِّ الظُّهر والعصر معاً، وصلاتيِّ المغرب والعشاء معاً، ويتمُّ ذلك في وقت أحدهما، فإن كان في وقت الصَّلاة الأولى -الظُّهر أو المغرب- سُميِّ جمع التَّقديم، وإن كان في وقت الصَّلاة الثَّانية -العصر أو العشاء- سُميِّ جمع التَّأخير. لكنّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يداوم عليه مثل قصر الصَّلاة.
التعليقات