الدكتور حازم رحاحلة
استهل مقالي بإجابة خبيرة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية على تساؤل مدير إحدى جلسات ورشة البحر الميت عندما سألها حول نظرتها للآفاق الاستثمارية المستقبلية للمملكة، فكانت إجابتها «هذا يعتمد عليكم». ربما هذه الخلاصة الأساسية التي يمكن استنباطها من كامل أعمال الورشة التي تم تنظيمها لاستعراض منجزات البرنامج التنفيذي للرؤية الاقتصادية، ولعل الخبيرة في حرج أن تجيب بصراحة بأنه لا من إجراءات جديدة ملفتة تستدعي التوقع بتحسن وتيرة جذب الاقتصاد الأردني لاستثمارات جديدة في الفترة المقبلة.
بدون أدنى شك، فإن قدرتنا على التطور والازدهار ستكون مرتبطة بمدى جديتنا في تنفيذ مسارات الإصلاح الثلاثة، السياسي والاقتصادي والإداري وأي تفاوت في وتيرة إنجاز أي منها سيضعف الأخرى. لكن دعونا نتحدث هنا بصراحة، فلم تتضمن الورشة الإشارة إلى أي إجراء عملي مرتبط بتحقيق الرؤية الاقتصادية، على الإطلاق، وانما تركزت مداخلات الحكومة على استعراض التحديات جنبا إلى جنب مع الإيجابيات، وكلاهما ليس لهما علاقة مباشرة بالرؤية، فكما هي التحديات والمشاكل تراكمية فكذلك هي الإيجابيات. فلنترك الجائحة وقدرة الحكومة على مواجهة تداعياتها، فنهج إدارتها كان مختلفا ومستوى التشابك مع شركاء الحكومة كان أعمق.
وحتى نتحدث بلغة الأرقام والمعطيات دعونا على سبيل المثال نتناول النمو الاقتصادي، فقد جاءت أرقامه الفعلية مقاربة لمعدلات النمو الاقتصادي المتوقعة من قبل صندوق النقد الدولي في تموز العام الماضي، أي في أوج الظروف الجيوسياسية العالمية الصعبة وقبل إطلاق البرنامج التنفيذي للرؤية الاقتصادية. وكذلك الحال بالنسبة للسياسة المالية التي على الرغم من الإصلاحات الضريبية المتحققة إلا أنها ليست بأفضل حال مما كانت عليه في السنوات السابقة، فالآن أصبح لدينا مفاهيم مختلفة للعجز والدين، فكنا نتحدث عن عجز مالي كلي سابقا والآن نسلط الضوء على عجز أولي الذي يستثني مدفوعات الفائدة الآخذة بالارتفاع سنة بعد سنة. كما أن الأرقام التي يتم الحديث عنها لسوق بعض الإنجازات فهي لا تعطي الصورة المكتملة عن أوضاعنا الاقتصادية والمالية، فعلى سبيل المثال، عجز الموازنة العام لعام 2022 بحسب البيانات المالية المنشورة يقل عن العجز الفعلي الذي يمكن استنباطه الحساب الختامي وبنحو 590 مليون دينار، وهذا الفرق يعزى إلى المصروفات خارج الموازنة وهي بالمناسبة مصروفات مستحقة وضرورية إلا أن المخصصات المرصودة لم تغطها. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار المتأخرات التي لا تظهر في البيانات المالية، فالفروقات ستزيد حتما. وبمعزل عن تأثير هذه المتأخرات على المالية العامة، فهي أدخلت بعض الأنشطة الحيوية بأزمات خانقة، فمستشفى كمستشفى الملك المؤسس الذي كان يعد صرحا طبيا يفتخر به ويخدم أكثر من ثلث سكان المملكة أصبح يترنح بسبب المتأخرات المستحقة على الحكومة والأمر ذاته يندرج على مستشفى الجامعة الأردنية وعلى غيره من الجهات الدائنة.
بعد عام على تنفيذ البرنامج التنفيذي، تتفاقم مشكلات سوق العمل في ظل غياب رؤية واضحة لمعالجة اختلالاته، والأمر ذاته ينطبق على سياساتنا التجارية والصناعية التي تكررت مطالبات عدد من ممثليها بأننا بحاجة الى المزيد من السياسات والتدابير، على صيغة «ذلك يعتمد عليكم». حتى الخدمات الإلكترونية فهناك حاجة لإعادة النظر بمفهومها، فهي ليست غاية بحد ذاتها وانما وسيلة للتبسيط وتخفيف الأعباء على متلقي الخدمة، فهي ان لم تكن مرتبطة بإعادة هندسة متكاملة للإجراءات وتبسيطها، فما هي الا اختصار لخطوة واحدة ضمن سلسلة من الخطوات.
وحتى لا نسهب بالسلبية، فدعونا نفكر جميعا بسبل الارتقاء بآليات تنفيذ الخطة التنفيذية للرؤية الاقتصادية، التي اعتقد بأن أساس المشكلة يكمن فيها. فجانب منها نسخة مرادفة للرؤية الاقتصادية، كالذي فسر الماء بعد الجهد بالماء، فهي تفتقر لبرامج تنفيذية حقيقية وحتى البرامج المحدودة التي تضمنتها فهي لا ترتقي الى مستوى مستهدفات الرؤية وتمثل استجرارا لبرامج سابقة ومستمرة. وهنا قد يتطلب الأمر إجراء مراجعة شاملة للبرنامج التنفيذي وإعادة إنتاجه بطريقة مهنية وببرامج واضحة المعالم وبمخرجات قابلة للقياس والمتابعة.
واستكمالا لذلك، فهناك حاجة أيضا لإعادة النظر في اطار حاكمية الخطة التنفيذية للرؤية الاقتصادية، بحيث تتولى جهة محايدة من خارج الجسم الحكومي متابعة تنفيذ الخطة ورفع تقارير دورية لجلالة الملك عن التقدم الفعلي في تنفيذها، وأيضا لمجلس الأمة لتمكينه الاطلاع بدوره الرقابي وممارسة صلاحياته الدستورية.
فيما يتعلق بالبرامج التنفيذية لتحقيق الرؤية فهناك حاجة فعلية لحصر كافة إجراءات المكاسب السريعة خصوصا تلك التي لا تتطلب تمويلات إضافية كبيرة، وتنفيذها ضمن حزم تحفيزية وتصحيحية.
وبكل تأكيد، فإن الجلوس مع القطاع الخاص وكافة الشركاء والاستماع اليهم جيد والبحث المشترك في الحلول الممكنة وتنفيذها على أرض الواقع بعيدا عن البيروقراطية الحكومية التي استشهد بمرارة أحد المشاركين بمثال عليها في الجلسة الختامية للورشة، يعد جزءا أساسيا من الحل.
في النهاية علينا أن نثق بأن الفرص كثيرة وان عظمت التحديات، وكل ما نحتاجه هو إرادة حكومية حقيقية وقدرات تفكيرية غير تقليدية، وهناك إشكالية حاليا في إحداهما على الأقل. فالمترادفات لا تصنع الفرق ورؤيتنا الاقتصادية الواعدة لا تحتمل المزيد من «سنوات الضياع».
الدكتور حازم رحاحلة
استهل مقالي بإجابة خبيرة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية على تساؤل مدير إحدى جلسات ورشة البحر الميت عندما سألها حول نظرتها للآفاق الاستثمارية المستقبلية للمملكة، فكانت إجابتها «هذا يعتمد عليكم». ربما هذه الخلاصة الأساسية التي يمكن استنباطها من كامل أعمال الورشة التي تم تنظيمها لاستعراض منجزات البرنامج التنفيذي للرؤية الاقتصادية، ولعل الخبيرة في حرج أن تجيب بصراحة بأنه لا من إجراءات جديدة ملفتة تستدعي التوقع بتحسن وتيرة جذب الاقتصاد الأردني لاستثمارات جديدة في الفترة المقبلة.
بدون أدنى شك، فإن قدرتنا على التطور والازدهار ستكون مرتبطة بمدى جديتنا في تنفيذ مسارات الإصلاح الثلاثة، السياسي والاقتصادي والإداري وأي تفاوت في وتيرة إنجاز أي منها سيضعف الأخرى. لكن دعونا نتحدث هنا بصراحة، فلم تتضمن الورشة الإشارة إلى أي إجراء عملي مرتبط بتحقيق الرؤية الاقتصادية، على الإطلاق، وانما تركزت مداخلات الحكومة على استعراض التحديات جنبا إلى جنب مع الإيجابيات، وكلاهما ليس لهما علاقة مباشرة بالرؤية، فكما هي التحديات والمشاكل تراكمية فكذلك هي الإيجابيات. فلنترك الجائحة وقدرة الحكومة على مواجهة تداعياتها، فنهج إدارتها كان مختلفا ومستوى التشابك مع شركاء الحكومة كان أعمق.
وحتى نتحدث بلغة الأرقام والمعطيات دعونا على سبيل المثال نتناول النمو الاقتصادي، فقد جاءت أرقامه الفعلية مقاربة لمعدلات النمو الاقتصادي المتوقعة من قبل صندوق النقد الدولي في تموز العام الماضي، أي في أوج الظروف الجيوسياسية العالمية الصعبة وقبل إطلاق البرنامج التنفيذي للرؤية الاقتصادية. وكذلك الحال بالنسبة للسياسة المالية التي على الرغم من الإصلاحات الضريبية المتحققة إلا أنها ليست بأفضل حال مما كانت عليه في السنوات السابقة، فالآن أصبح لدينا مفاهيم مختلفة للعجز والدين، فكنا نتحدث عن عجز مالي كلي سابقا والآن نسلط الضوء على عجز أولي الذي يستثني مدفوعات الفائدة الآخذة بالارتفاع سنة بعد سنة. كما أن الأرقام التي يتم الحديث عنها لسوق بعض الإنجازات فهي لا تعطي الصورة المكتملة عن أوضاعنا الاقتصادية والمالية، فعلى سبيل المثال، عجز الموازنة العام لعام 2022 بحسب البيانات المالية المنشورة يقل عن العجز الفعلي الذي يمكن استنباطه الحساب الختامي وبنحو 590 مليون دينار، وهذا الفرق يعزى إلى المصروفات خارج الموازنة وهي بالمناسبة مصروفات مستحقة وضرورية إلا أن المخصصات المرصودة لم تغطها. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار المتأخرات التي لا تظهر في البيانات المالية، فالفروقات ستزيد حتما. وبمعزل عن تأثير هذه المتأخرات على المالية العامة، فهي أدخلت بعض الأنشطة الحيوية بأزمات خانقة، فمستشفى كمستشفى الملك المؤسس الذي كان يعد صرحا طبيا يفتخر به ويخدم أكثر من ثلث سكان المملكة أصبح يترنح بسبب المتأخرات المستحقة على الحكومة والأمر ذاته يندرج على مستشفى الجامعة الأردنية وعلى غيره من الجهات الدائنة.
بعد عام على تنفيذ البرنامج التنفيذي، تتفاقم مشكلات سوق العمل في ظل غياب رؤية واضحة لمعالجة اختلالاته، والأمر ذاته ينطبق على سياساتنا التجارية والصناعية التي تكررت مطالبات عدد من ممثليها بأننا بحاجة الى المزيد من السياسات والتدابير، على صيغة «ذلك يعتمد عليكم». حتى الخدمات الإلكترونية فهناك حاجة لإعادة النظر بمفهومها، فهي ليست غاية بحد ذاتها وانما وسيلة للتبسيط وتخفيف الأعباء على متلقي الخدمة، فهي ان لم تكن مرتبطة بإعادة هندسة متكاملة للإجراءات وتبسيطها، فما هي الا اختصار لخطوة واحدة ضمن سلسلة من الخطوات.
وحتى لا نسهب بالسلبية، فدعونا نفكر جميعا بسبل الارتقاء بآليات تنفيذ الخطة التنفيذية للرؤية الاقتصادية، التي اعتقد بأن أساس المشكلة يكمن فيها. فجانب منها نسخة مرادفة للرؤية الاقتصادية، كالذي فسر الماء بعد الجهد بالماء، فهي تفتقر لبرامج تنفيذية حقيقية وحتى البرامج المحدودة التي تضمنتها فهي لا ترتقي الى مستوى مستهدفات الرؤية وتمثل استجرارا لبرامج سابقة ومستمرة. وهنا قد يتطلب الأمر إجراء مراجعة شاملة للبرنامج التنفيذي وإعادة إنتاجه بطريقة مهنية وببرامج واضحة المعالم وبمخرجات قابلة للقياس والمتابعة.
واستكمالا لذلك، فهناك حاجة أيضا لإعادة النظر في اطار حاكمية الخطة التنفيذية للرؤية الاقتصادية، بحيث تتولى جهة محايدة من خارج الجسم الحكومي متابعة تنفيذ الخطة ورفع تقارير دورية لجلالة الملك عن التقدم الفعلي في تنفيذها، وأيضا لمجلس الأمة لتمكينه الاطلاع بدوره الرقابي وممارسة صلاحياته الدستورية.
فيما يتعلق بالبرامج التنفيذية لتحقيق الرؤية فهناك حاجة فعلية لحصر كافة إجراءات المكاسب السريعة خصوصا تلك التي لا تتطلب تمويلات إضافية كبيرة، وتنفيذها ضمن حزم تحفيزية وتصحيحية.
وبكل تأكيد، فإن الجلوس مع القطاع الخاص وكافة الشركاء والاستماع اليهم جيد والبحث المشترك في الحلول الممكنة وتنفيذها على أرض الواقع بعيدا عن البيروقراطية الحكومية التي استشهد بمرارة أحد المشاركين بمثال عليها في الجلسة الختامية للورشة، يعد جزءا أساسيا من الحل.
في النهاية علينا أن نثق بأن الفرص كثيرة وان عظمت التحديات، وكل ما نحتاجه هو إرادة حكومية حقيقية وقدرات تفكيرية غير تقليدية، وهناك إشكالية حاليا في إحداهما على الأقل. فالمترادفات لا تصنع الفرق ورؤيتنا الاقتصادية الواعدة لا تحتمل المزيد من «سنوات الضياع».
الدكتور حازم رحاحلة
استهل مقالي بإجابة خبيرة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية على تساؤل مدير إحدى جلسات ورشة البحر الميت عندما سألها حول نظرتها للآفاق الاستثمارية المستقبلية للمملكة، فكانت إجابتها «هذا يعتمد عليكم». ربما هذه الخلاصة الأساسية التي يمكن استنباطها من كامل أعمال الورشة التي تم تنظيمها لاستعراض منجزات البرنامج التنفيذي للرؤية الاقتصادية، ولعل الخبيرة في حرج أن تجيب بصراحة بأنه لا من إجراءات جديدة ملفتة تستدعي التوقع بتحسن وتيرة جذب الاقتصاد الأردني لاستثمارات جديدة في الفترة المقبلة.
بدون أدنى شك، فإن قدرتنا على التطور والازدهار ستكون مرتبطة بمدى جديتنا في تنفيذ مسارات الإصلاح الثلاثة، السياسي والاقتصادي والإداري وأي تفاوت في وتيرة إنجاز أي منها سيضعف الأخرى. لكن دعونا نتحدث هنا بصراحة، فلم تتضمن الورشة الإشارة إلى أي إجراء عملي مرتبط بتحقيق الرؤية الاقتصادية، على الإطلاق، وانما تركزت مداخلات الحكومة على استعراض التحديات جنبا إلى جنب مع الإيجابيات، وكلاهما ليس لهما علاقة مباشرة بالرؤية، فكما هي التحديات والمشاكل تراكمية فكذلك هي الإيجابيات. فلنترك الجائحة وقدرة الحكومة على مواجهة تداعياتها، فنهج إدارتها كان مختلفا ومستوى التشابك مع شركاء الحكومة كان أعمق.
وحتى نتحدث بلغة الأرقام والمعطيات دعونا على سبيل المثال نتناول النمو الاقتصادي، فقد جاءت أرقامه الفعلية مقاربة لمعدلات النمو الاقتصادي المتوقعة من قبل صندوق النقد الدولي في تموز العام الماضي، أي في أوج الظروف الجيوسياسية العالمية الصعبة وقبل إطلاق البرنامج التنفيذي للرؤية الاقتصادية. وكذلك الحال بالنسبة للسياسة المالية التي على الرغم من الإصلاحات الضريبية المتحققة إلا أنها ليست بأفضل حال مما كانت عليه في السنوات السابقة، فالآن أصبح لدينا مفاهيم مختلفة للعجز والدين، فكنا نتحدث عن عجز مالي كلي سابقا والآن نسلط الضوء على عجز أولي الذي يستثني مدفوعات الفائدة الآخذة بالارتفاع سنة بعد سنة. كما أن الأرقام التي يتم الحديث عنها لسوق بعض الإنجازات فهي لا تعطي الصورة المكتملة عن أوضاعنا الاقتصادية والمالية، فعلى سبيل المثال، عجز الموازنة العام لعام 2022 بحسب البيانات المالية المنشورة يقل عن العجز الفعلي الذي يمكن استنباطه الحساب الختامي وبنحو 590 مليون دينار، وهذا الفرق يعزى إلى المصروفات خارج الموازنة وهي بالمناسبة مصروفات مستحقة وضرورية إلا أن المخصصات المرصودة لم تغطها. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار المتأخرات التي لا تظهر في البيانات المالية، فالفروقات ستزيد حتما. وبمعزل عن تأثير هذه المتأخرات على المالية العامة، فهي أدخلت بعض الأنشطة الحيوية بأزمات خانقة، فمستشفى كمستشفى الملك المؤسس الذي كان يعد صرحا طبيا يفتخر به ويخدم أكثر من ثلث سكان المملكة أصبح يترنح بسبب المتأخرات المستحقة على الحكومة والأمر ذاته يندرج على مستشفى الجامعة الأردنية وعلى غيره من الجهات الدائنة.
بعد عام على تنفيذ البرنامج التنفيذي، تتفاقم مشكلات سوق العمل في ظل غياب رؤية واضحة لمعالجة اختلالاته، والأمر ذاته ينطبق على سياساتنا التجارية والصناعية التي تكررت مطالبات عدد من ممثليها بأننا بحاجة الى المزيد من السياسات والتدابير، على صيغة «ذلك يعتمد عليكم». حتى الخدمات الإلكترونية فهناك حاجة لإعادة النظر بمفهومها، فهي ليست غاية بحد ذاتها وانما وسيلة للتبسيط وتخفيف الأعباء على متلقي الخدمة، فهي ان لم تكن مرتبطة بإعادة هندسة متكاملة للإجراءات وتبسيطها، فما هي الا اختصار لخطوة واحدة ضمن سلسلة من الخطوات.
وحتى لا نسهب بالسلبية، فدعونا نفكر جميعا بسبل الارتقاء بآليات تنفيذ الخطة التنفيذية للرؤية الاقتصادية، التي اعتقد بأن أساس المشكلة يكمن فيها. فجانب منها نسخة مرادفة للرؤية الاقتصادية، كالذي فسر الماء بعد الجهد بالماء، فهي تفتقر لبرامج تنفيذية حقيقية وحتى البرامج المحدودة التي تضمنتها فهي لا ترتقي الى مستوى مستهدفات الرؤية وتمثل استجرارا لبرامج سابقة ومستمرة. وهنا قد يتطلب الأمر إجراء مراجعة شاملة للبرنامج التنفيذي وإعادة إنتاجه بطريقة مهنية وببرامج واضحة المعالم وبمخرجات قابلة للقياس والمتابعة.
واستكمالا لذلك، فهناك حاجة أيضا لإعادة النظر في اطار حاكمية الخطة التنفيذية للرؤية الاقتصادية، بحيث تتولى جهة محايدة من خارج الجسم الحكومي متابعة تنفيذ الخطة ورفع تقارير دورية لجلالة الملك عن التقدم الفعلي في تنفيذها، وأيضا لمجلس الأمة لتمكينه الاطلاع بدوره الرقابي وممارسة صلاحياته الدستورية.
فيما يتعلق بالبرامج التنفيذية لتحقيق الرؤية فهناك حاجة فعلية لحصر كافة إجراءات المكاسب السريعة خصوصا تلك التي لا تتطلب تمويلات إضافية كبيرة، وتنفيذها ضمن حزم تحفيزية وتصحيحية.
وبكل تأكيد، فإن الجلوس مع القطاع الخاص وكافة الشركاء والاستماع اليهم جيد والبحث المشترك في الحلول الممكنة وتنفيذها على أرض الواقع بعيدا عن البيروقراطية الحكومية التي استشهد بمرارة أحد المشاركين بمثال عليها في الجلسة الختامية للورشة، يعد جزءا أساسيا من الحل.
في النهاية علينا أن نثق بأن الفرص كثيرة وان عظمت التحديات، وكل ما نحتاجه هو إرادة حكومية حقيقية وقدرات تفكيرية غير تقليدية، وهناك إشكالية حاليا في إحداهما على الأقل. فالمترادفات لا تصنع الفرق ورؤيتنا الاقتصادية الواعدة لا تحتمل المزيد من «سنوات الضياع».
التعليقات