السؤال:
ما حكم من قال إنه لا يؤمن بالقرآن الكريم وهو في حالة غضب شديد، وهل يخرج من ملة الإسلام حيث كان هذا الأمر بسبب نقاش حاد مع الغير؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يجب على المسلم أن يؤمن بالقرآن الكريم، وأن يعظمه وأن يجعله محل الاحترام والتوقير، قال الله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب} [الحج: 32]، ويجب عليه أن يبتعد عن كلّ لفظ أو فعل أو اعتقاد ينافي احترام القرآن وتعظيمه، لأن ذلك قد يؤول به إلى الكفر أو الردة والعياذ بالله تعالى، مع الانتباه إلى أن الحكم بكفر فلان أو ردّته هو حكم قضائي، يفتقر إلى دعوى وبينات ومناقشات، وليس موكولاً إلى آحاد الناس وعوامهم؛ وقد حذّر سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم من سلوك منهج التكفير، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهِ أَحَدُهُمَا) رواه الشيخان، ففرق بين قولنا: هذا الفعل كفر، وقولنا: هذا الشخص كافر؛ لأننا في الأولى نبين ما يوقع في الكفر، وفي الثانية نحكم على الأشخاص، والحكم على الأشخاص يحتاج إلى قاضٍ.
أما التلفظ بعدم الإيمان بالقرآن الكريم، فيعد من كلمات الكفر والرّدة، والخروج عن الإسلام والملة، قال شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله: 'وأجمعت الأمة على وجوب تعظيم القرآن على الإطلاق وتنزيهه وصيانته، وأجمعوا على أنّ من استخفّ بالقرآن، أو بشيءٍ منه، أو بالمصحف، أو ألقاه في قاذورة، أو كذَّب بشيء مما جاء به من حكم أو خبر، أو نفى ما أثبته، أو أثبت ما نفاه، أو شك في شيء من ذلك، وهو عالم به؛ كفر' [المجموع 2/ 170]، بل إن عدم الإيمان بآية من آيات القرآن كفر وردة؛ قال الإمام الشربيني رحمه الله: 'القول فيما يوجب الردّة: فمن نفى الصّانع وهو الله سبحانه وتعالى، وهم الدهريون الزاعمون أنّ العالم لم يزل موجوداً كذلك بلا صانع، أو نفى الرسل بأن قال لم يرسلهم الله تعالى، أو نفى نبوة نبي، أو كذب رسولاً أو نبياً أو سبّه أو استخفّ به أو باسمه، أو باسم الله أو بأمره أو وعده، أو جحد آية من القرآن... كفر فِي جميع هذه المسائل المذكورة' [الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 2/ 551].
فقول كلمة الكفر السابقة عن قصد واختيار ووعي وإدراك يوقع قائله في الكفر والردة، وأمّا إن كان فاقد العقل، أو مكرهاً، فلا يقع به كفر أو ردة، قال قاضي القضاة الإمام الماوردي الشافعي رحمه الله: 'فأما إذا أظهر المسلم كلمة الكفر ولم يُعلم إكراهه عليها ولا اعتقاده لها؛ فإن كان في دار الإسلام حكم بكفره وردته؛ لأنّ دار الإسلام لا إكراه فيها، وإن كان في دار الحرب روعيت حاله، فإن تلفظ بها وهو على صفة الإكراه في قيد أو حبس فالظاهر من حاله أنه تلفظ بكلمة الكفر مكرهاً، فلا يحكم بردته إلا أن يعلم اعتقاده للكفر وإن كان على صفة الاختيار مخلى السبيل فالظاهر من حاله أنه تلفظ بكلمة الكفر مختاراً فيحكم بردته، إلا أن يعلم أنه قالها مكرهاً' [الحاوي الكبير 13/ 449].
وأما إن سبق لسانه إلى كلمة الكفر ولم يكن نطقه بها عن قصد فلا شيء عليه، وعلل الإمام الشيرازي رحمه الله ذلك بقوله: 'لأن ما سبق إليه اللسان من غير قصد لا يؤاخذ به، كما لو سبق لسانه إلى كلمة الكفر' [المهذب 3/ 94].
ولا يعذر المسلم بالغضب، بل يؤاخذ في أقواله وأفعاله، إلا إذا فقد عقلة تماماً فكان لا يعي ما يقول، وقد سئل شيخ الإسلام الإمام الشهاب الرملي رحمه الله عن 'الحلف بالطلاق حال الغضب الشديد المخرج عن الإشعار: هل يقع عليه أم لا؟ وهل يفرق بين التعليق والتنجيز أم لا؟ وهل يصدق الحالف في دعواه شدة الغضب وعدم الإشعار؟ فأجاب: بأنه لا اعتبار بالغضب فيها، نعم إن كان زائل العقل عذر' [فتاوى الرملي 3/ 273].
وعليه؛ يجب على المسلم الابتعاد عن الألفاظ المكفرة، ومن وقع في شيء منها فليبادر إلى تجديد إيمانه بعقد القلب على التصديق بـ 'لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله'، مؤمناً بالقرآن الكريم، متلفظاً بالشهادتين مع الندم عما كان، والعزم على عدم العودة إليه. والله تعالى أعلم.
ائرة الإفتاء الأردنية
رقم الفتوى: 3794
السؤال:
ما حكم من قال إنه لا يؤمن بالقرآن الكريم وهو في حالة غضب شديد، وهل يخرج من ملة الإسلام حيث كان هذا الأمر بسبب نقاش حاد مع الغير؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يجب على المسلم أن يؤمن بالقرآن الكريم، وأن يعظمه وأن يجعله محل الاحترام والتوقير، قال الله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب} [الحج: 32]، ويجب عليه أن يبتعد عن كلّ لفظ أو فعل أو اعتقاد ينافي احترام القرآن وتعظيمه، لأن ذلك قد يؤول به إلى الكفر أو الردة والعياذ بالله تعالى، مع الانتباه إلى أن الحكم بكفر فلان أو ردّته هو حكم قضائي، يفتقر إلى دعوى وبينات ومناقشات، وليس موكولاً إلى آحاد الناس وعوامهم؛ وقد حذّر سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم من سلوك منهج التكفير، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهِ أَحَدُهُمَا) رواه الشيخان، ففرق بين قولنا: هذا الفعل كفر، وقولنا: هذا الشخص كافر؛ لأننا في الأولى نبين ما يوقع في الكفر، وفي الثانية نحكم على الأشخاص، والحكم على الأشخاص يحتاج إلى قاضٍ.
أما التلفظ بعدم الإيمان بالقرآن الكريم، فيعد من كلمات الكفر والرّدة، والخروج عن الإسلام والملة، قال شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله: 'وأجمعت الأمة على وجوب تعظيم القرآن على الإطلاق وتنزيهه وصيانته، وأجمعوا على أنّ من استخفّ بالقرآن، أو بشيءٍ منه، أو بالمصحف، أو ألقاه في قاذورة، أو كذَّب بشيء مما جاء به من حكم أو خبر، أو نفى ما أثبته، أو أثبت ما نفاه، أو شك في شيء من ذلك، وهو عالم به؛ كفر' [المجموع 2/ 170]، بل إن عدم الإيمان بآية من آيات القرآن كفر وردة؛ قال الإمام الشربيني رحمه الله: 'القول فيما يوجب الردّة: فمن نفى الصّانع وهو الله سبحانه وتعالى، وهم الدهريون الزاعمون أنّ العالم لم يزل موجوداً كذلك بلا صانع، أو نفى الرسل بأن قال لم يرسلهم الله تعالى، أو نفى نبوة نبي، أو كذب رسولاً أو نبياً أو سبّه أو استخفّ به أو باسمه، أو باسم الله أو بأمره أو وعده، أو جحد آية من القرآن... كفر فِي جميع هذه المسائل المذكورة' [الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 2/ 551].
فقول كلمة الكفر السابقة عن قصد واختيار ووعي وإدراك يوقع قائله في الكفر والردة، وأمّا إن كان فاقد العقل، أو مكرهاً، فلا يقع به كفر أو ردة، قال قاضي القضاة الإمام الماوردي الشافعي رحمه الله: 'فأما إذا أظهر المسلم كلمة الكفر ولم يُعلم إكراهه عليها ولا اعتقاده لها؛ فإن كان في دار الإسلام حكم بكفره وردته؛ لأنّ دار الإسلام لا إكراه فيها، وإن كان في دار الحرب روعيت حاله، فإن تلفظ بها وهو على صفة الإكراه في قيد أو حبس فالظاهر من حاله أنه تلفظ بكلمة الكفر مكرهاً، فلا يحكم بردته إلا أن يعلم اعتقاده للكفر وإن كان على صفة الاختيار مخلى السبيل فالظاهر من حاله أنه تلفظ بكلمة الكفر مختاراً فيحكم بردته، إلا أن يعلم أنه قالها مكرهاً' [الحاوي الكبير 13/ 449].
وأما إن سبق لسانه إلى كلمة الكفر ولم يكن نطقه بها عن قصد فلا شيء عليه، وعلل الإمام الشيرازي رحمه الله ذلك بقوله: 'لأن ما سبق إليه اللسان من غير قصد لا يؤاخذ به، كما لو سبق لسانه إلى كلمة الكفر' [المهذب 3/ 94].
ولا يعذر المسلم بالغضب، بل يؤاخذ في أقواله وأفعاله، إلا إذا فقد عقلة تماماً فكان لا يعي ما يقول، وقد سئل شيخ الإسلام الإمام الشهاب الرملي رحمه الله عن 'الحلف بالطلاق حال الغضب الشديد المخرج عن الإشعار: هل يقع عليه أم لا؟ وهل يفرق بين التعليق والتنجيز أم لا؟ وهل يصدق الحالف في دعواه شدة الغضب وعدم الإشعار؟ فأجاب: بأنه لا اعتبار بالغضب فيها، نعم إن كان زائل العقل عذر' [فتاوى الرملي 3/ 273].
وعليه؛ يجب على المسلم الابتعاد عن الألفاظ المكفرة، ومن وقع في شيء منها فليبادر إلى تجديد إيمانه بعقد القلب على التصديق بـ 'لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله'، مؤمناً بالقرآن الكريم، متلفظاً بالشهادتين مع الندم عما كان، والعزم على عدم العودة إليه. والله تعالى أعلم.
ائرة الإفتاء الأردنية
رقم الفتوى: 3794
السؤال:
ما حكم من قال إنه لا يؤمن بالقرآن الكريم وهو في حالة غضب شديد، وهل يخرج من ملة الإسلام حيث كان هذا الأمر بسبب نقاش حاد مع الغير؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يجب على المسلم أن يؤمن بالقرآن الكريم، وأن يعظمه وأن يجعله محل الاحترام والتوقير، قال الله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب} [الحج: 32]، ويجب عليه أن يبتعد عن كلّ لفظ أو فعل أو اعتقاد ينافي احترام القرآن وتعظيمه، لأن ذلك قد يؤول به إلى الكفر أو الردة والعياذ بالله تعالى، مع الانتباه إلى أن الحكم بكفر فلان أو ردّته هو حكم قضائي، يفتقر إلى دعوى وبينات ومناقشات، وليس موكولاً إلى آحاد الناس وعوامهم؛ وقد حذّر سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم من سلوك منهج التكفير، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهِ أَحَدُهُمَا) رواه الشيخان، ففرق بين قولنا: هذا الفعل كفر، وقولنا: هذا الشخص كافر؛ لأننا في الأولى نبين ما يوقع في الكفر، وفي الثانية نحكم على الأشخاص، والحكم على الأشخاص يحتاج إلى قاضٍ.
أما التلفظ بعدم الإيمان بالقرآن الكريم، فيعد من كلمات الكفر والرّدة، والخروج عن الإسلام والملة، قال شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله: 'وأجمعت الأمة على وجوب تعظيم القرآن على الإطلاق وتنزيهه وصيانته، وأجمعوا على أنّ من استخفّ بالقرآن، أو بشيءٍ منه، أو بالمصحف، أو ألقاه في قاذورة، أو كذَّب بشيء مما جاء به من حكم أو خبر، أو نفى ما أثبته، أو أثبت ما نفاه، أو شك في شيء من ذلك، وهو عالم به؛ كفر' [المجموع 2/ 170]، بل إن عدم الإيمان بآية من آيات القرآن كفر وردة؛ قال الإمام الشربيني رحمه الله: 'القول فيما يوجب الردّة: فمن نفى الصّانع وهو الله سبحانه وتعالى، وهم الدهريون الزاعمون أنّ العالم لم يزل موجوداً كذلك بلا صانع، أو نفى الرسل بأن قال لم يرسلهم الله تعالى، أو نفى نبوة نبي، أو كذب رسولاً أو نبياً أو سبّه أو استخفّ به أو باسمه، أو باسم الله أو بأمره أو وعده، أو جحد آية من القرآن... كفر فِي جميع هذه المسائل المذكورة' [الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 2/ 551].
فقول كلمة الكفر السابقة عن قصد واختيار ووعي وإدراك يوقع قائله في الكفر والردة، وأمّا إن كان فاقد العقل، أو مكرهاً، فلا يقع به كفر أو ردة، قال قاضي القضاة الإمام الماوردي الشافعي رحمه الله: 'فأما إذا أظهر المسلم كلمة الكفر ولم يُعلم إكراهه عليها ولا اعتقاده لها؛ فإن كان في دار الإسلام حكم بكفره وردته؛ لأنّ دار الإسلام لا إكراه فيها، وإن كان في دار الحرب روعيت حاله، فإن تلفظ بها وهو على صفة الإكراه في قيد أو حبس فالظاهر من حاله أنه تلفظ بكلمة الكفر مكرهاً، فلا يحكم بردته إلا أن يعلم اعتقاده للكفر وإن كان على صفة الاختيار مخلى السبيل فالظاهر من حاله أنه تلفظ بكلمة الكفر مختاراً فيحكم بردته، إلا أن يعلم أنه قالها مكرهاً' [الحاوي الكبير 13/ 449].
وأما إن سبق لسانه إلى كلمة الكفر ولم يكن نطقه بها عن قصد فلا شيء عليه، وعلل الإمام الشيرازي رحمه الله ذلك بقوله: 'لأن ما سبق إليه اللسان من غير قصد لا يؤاخذ به، كما لو سبق لسانه إلى كلمة الكفر' [المهذب 3/ 94].
ولا يعذر المسلم بالغضب، بل يؤاخذ في أقواله وأفعاله، إلا إذا فقد عقلة تماماً فكان لا يعي ما يقول، وقد سئل شيخ الإسلام الإمام الشهاب الرملي رحمه الله عن 'الحلف بالطلاق حال الغضب الشديد المخرج عن الإشعار: هل يقع عليه أم لا؟ وهل يفرق بين التعليق والتنجيز أم لا؟ وهل يصدق الحالف في دعواه شدة الغضب وعدم الإشعار؟ فأجاب: بأنه لا اعتبار بالغضب فيها، نعم إن كان زائل العقل عذر' [فتاوى الرملي 3/ 273].
وعليه؛ يجب على المسلم الابتعاد عن الألفاظ المكفرة، ومن وقع في شيء منها فليبادر إلى تجديد إيمانه بعقد القلب على التصديق بـ 'لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله'، مؤمناً بالقرآن الكريم، متلفظاً بالشهادتين مع الندم عما كان، والعزم على عدم العودة إليه. والله تعالى أعلم.
ائرة الإفتاء الأردنية
رقم الفتوى: 3794
التعليقات