تعريف فِدية الصيام تُعّرف الفِدية في اللغة والاصطلاح الشرعيّ كما يأتي: الفِدية لغةً: مفردٌ، والجمع منه: فِدْيات، وفدىً، ويُراد بالفِدية عدّة معانٍ؛ منها: المال المُقدّم؛ لتخليص شيءٍ ما، والكفّارة المُقدّمة لله -سبحانه-؛ جزاء التقصير في عبادةٍ ما. الفِدية شرعاً: عِوضٌ يقدّمه العبد المكلّف؛ للتخلّص من مكروهٍ وُجّه إليه.
فدية الصيام في الاصطلاح الشرعيّ: هو عِوض يقدّمه مَن عجز عن الصيام؛ كفّارة لما أفطره.
أسباب وجوب فدية الصيام إفطار الحامل أو المُرضع اتّفق العلماء على جواز إفطار الحامل أو المُرضع في شهر رمضان؛ سواءً خافتا على نفسَيهما، أو ولدَيهما، أو على كلَيهما، إلّا أنّ آرائهم تعدّدت في وجوب الفِدية عليهما، وذهبوا في ذلك إلى عدّة أقوالٍ، بيانها فيما يأتي:
القول الأوّل: قال الحنفيّة بجواز إفطار الحامل والمُرضع؛ خوفاً على النفس، أو الولد، أو كليهما، ويجب عليهما القضاء عند المقدرة، دون ترتّب الفِدية، ولا يَلزمهما الصيام متتابعاً، ولا فرق في المُرضعة إن كانت أُمّاً، أم مُستأجرةً للإرضاع؛ سواءً تعيّن عليها الإرضاع أم لا، ويُقصد بالتعيين: ألّا تُوجَد مُرضعةٌ سواها، واستدلّوا على ذلك بقول الله -تعالى-: (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، وتُقاس كلٌّ من الحامل والمُرضع على المريض، ولم يُوجب الله -سبحانه- على المريض إلّا القضاء، دون فديةٍ، وزيادة الفدية كالزيادة على النصّ.
القول الثاني: قال المالكيّة بجواز الإفطار للحامل أو المُرضع في حالة الخوف على النفس، أو الولد، أو كليهما، وتترتّب الفِدية على المُرضع دون الحامل، وقالوا بوجوب إفطارهما إن خافتا الهلاك، أو الضرر الشديد، ومحلّ جواز إفطار المُرضع التعيين؛ فإن تعيّن عليها الإرضاع، جاز لها الفطر، أمّا إن وُجِدت غيرها، وقَبِلَها الولد، وجب عليها الصيام، وتكون أُجرة المُرضعة من مال الولد إن كان له مال، فإن لم يكن فمن مال أبيه؛ لوجوب نفقته عليه، واستدلّوا بأنّ الحامل كالمريضة تُفطر، وتقضي دون فديةٍ، أمّا المُرضع؛ فإفطارها لغيرها، فتُلزَم بالفِدية والقضاء.
القول الثالث: قال الشافعيّة بوجوب إفطار الحامل أو المُرضع إن خافتا على نفسيهما، أو ولدهما، أو كليهما الضرر الشديد الذي لا يُحتمل، ويجب عليهما القضاء دون الفِدية، إلّا في حالة الخوف على ولدهما فقط؛ فتُلزمان بالقضاء والفِدية، ولا يختلف الحكم سواءً كانت المُرضعة أُمّاً، أو مُستأجرةً، أو مُتبرّعةً، ومَحلّ وجوب الفِطْر على المُرضع إن تعيّن عليها الإرضاع، فإن وُجِدت غيرها، جاز لها الإفطار، وجاز لها الصيام مع ترك الإرضاع، واستدلّوا على رأيهم بقول الله -تعالى-: (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)؛ فعموم الآية يشمل الحامل والمُرضع؛ لأنّهما من الذين يستطيعون الصيام.
القول الرابع: قال الحنابلة بجواز الإفطار للحامل أو المُرضع إن خافتا الضرر على نفسيهما، أو ولديهما، أو كليهما، ويجب عليهما القضاء دون الفِدية إلّا في حالة الخوف على ولدهما فقط، فيجب عليهما القضاء والفِدية، وإن وُجِدت مرضعةٌ أخرى، وقَبِلَها الولد، تُستأجَر إن ملكت الأم الأجرة، أو دفعتها من مال الولد، وبذلك لا تفطر الأم.
تأخير قضاء رمضان إلى دخول رمضان آخرٍ
ذهب جمهور أهل العلم إلى وجوب قضاء ما أفطره المسلم في رمضان قبل حلول رمضان التالي، وإن أُخِّر القضاء إلى حين دخول رمضان التالي، وكان التأخير لعذرٍ ما، فلا يترتّب أيّ إثمٍ، وإنّما القضاء فقط، وإن لم يستطع القضاء؛ بسبب العذر، فلا شيء عليه باتّفاق العلماء، كالمرض، والحمل، والجهل بوجوب القضاء، أو نسيانه، ومَن أخّر قضاء ما أفطره في رمضان حتى دخول رمضان آخرٍ بغير عذرٍ، فإنّه يُعدّ آثماً، ويجب عليه القضاء، وترخّص الحنفية في المسألة، وذهبوا إلى أنّ وجوب قضاء رمضان وجوباً موسعاً، ولا يُقيد بوقت؛ وبناءً عليه لا يأثم المسلم بتأخير القضاء إلى أن يدخل رمضان الثاني، أمّا الفدية؛ فجمهور أهل العلم على وجوبها إضافة إلى القضاء، وتكون بإطعام مسكينٍ عن كلّ يومٍ، في حين ذهب الحنفية إلى وجوب القضاء دون الفدية.
العاجز عن الصيام
اتّفق العلماء على جواز الإفطار في رمضان للعاجز عن الصيام؛ لمرضٍ أو هرمٍ لا يُرجى الشفاء منه، إلّا أنّهم تعدّدت آراءهم في وجوب الفِدية عليه، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما فيما يأتي:
القول الأوّل: قال جمهور العلماء من الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة بوجوب الفِدية على العاجز عن الصيام، واستدلّوا على ذلك بقول الله -تعالى-: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)، فمَن كان قادراً على الصيام، ثمّ عَجِز عنه، فإنّ الفدية تجب عليه.
القول الثاني: قال المالكيّة بعدم وجوب الفِدية، إلّا أنّه يُستحَبّ إطعام مسكينٍ عن كلّ يومٍ؛ قياساً على المريض مرضاً لا يُرجى شفاؤه منه إلى موته، والذي لا تجب الفِدية عليه. مقدار فدية الصيام تعدّدت آراء أهل العلم في مقدار فدية الصيام، وذهبوا في ذلك إلى ثلاثة أقوالٍ، بيانها على النحو الآتي:
القول الأوّل: قال الحنفيّة بأنّ الفدية تُقدَّر بصاعٍ* من التمر، أو الشعير، أو بنصف صاعٍ من القمح، عن كلّ يومٍ.
القول الثاني: قال كلٌّ من الشافعيّة، والمالكيّة بأنّ الفدية تُقدَّر بمُدٍّ من الطعام عن كلّ يومٍ.
القول الثالث: قدّر الحنابلة الفِدية بمُدٍّ من القمح، أو نصف صاعٍ من التمر، أو الشعير. مسائل مُتعلّقةٌ بفِدية الصيام تكرار الفِدية تعدّدت آراء علماء المالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة القائلين بترتُّب الفِدية على الإفطار في رمضان في حكم تكرار الفدية بتكرار الأعوام، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما آتياً:
القول الأول: قال المالكيّة، والحنابلة بأنّ الفِدية لا تتكرّر بتكرار الأعوام، بل تتداخل قياساً على الحدود.
القول الثاني: قال الشافعيّة بتكرار الفِدية بتكرّر الأعوام؛ لأنّ الحقوق الماليّة لا تتداخل. سقوط الفِدية بالعجز تسقط الفِدية حال العجز عن أدائها، كالعجز؛ بسبب الفقر، ولا يترتّب أيّ إثمٍ على ذلك، قال -تعالى-: (لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، إذ إنّ العجز خارجٌ عن الإرادة، ولا علاقة للعبد به.
وقت دفع الفِدية
تُخرَج الفِدية عن كلّ يومٍ بعد استباحة إفطاره؛ أي حين تحقّق طلوع فجره، وبذلك تثبت بالذّمة، أمّا قبل ذلك فلا تثبت؛ إذ لا تكليف بالصيام إلّا بتحقّق طلوع الفجر، ويصحّ أداء الفِدية عن كلّ يومٍ، أو أداؤها مرّةً واحدةً عن كامل ما تمّ إفطاره في شهر رمضان بعد انقضائه .
تعريف فِدية الصيام تُعّرف الفِدية في اللغة والاصطلاح الشرعيّ كما يأتي: الفِدية لغةً: مفردٌ، والجمع منه: فِدْيات، وفدىً، ويُراد بالفِدية عدّة معانٍ؛ منها: المال المُقدّم؛ لتخليص شيءٍ ما، والكفّارة المُقدّمة لله -سبحانه-؛ جزاء التقصير في عبادةٍ ما. الفِدية شرعاً: عِوضٌ يقدّمه العبد المكلّف؛ للتخلّص من مكروهٍ وُجّه إليه.
فدية الصيام في الاصطلاح الشرعيّ: هو عِوض يقدّمه مَن عجز عن الصيام؛ كفّارة لما أفطره.
أسباب وجوب فدية الصيام إفطار الحامل أو المُرضع اتّفق العلماء على جواز إفطار الحامل أو المُرضع في شهر رمضان؛ سواءً خافتا على نفسَيهما، أو ولدَيهما، أو على كلَيهما، إلّا أنّ آرائهم تعدّدت في وجوب الفِدية عليهما، وذهبوا في ذلك إلى عدّة أقوالٍ، بيانها فيما يأتي:
القول الأوّل: قال الحنفيّة بجواز إفطار الحامل والمُرضع؛ خوفاً على النفس، أو الولد، أو كليهما، ويجب عليهما القضاء عند المقدرة، دون ترتّب الفِدية، ولا يَلزمهما الصيام متتابعاً، ولا فرق في المُرضعة إن كانت أُمّاً، أم مُستأجرةً للإرضاع؛ سواءً تعيّن عليها الإرضاع أم لا، ويُقصد بالتعيين: ألّا تُوجَد مُرضعةٌ سواها، واستدلّوا على ذلك بقول الله -تعالى-: (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، وتُقاس كلٌّ من الحامل والمُرضع على المريض، ولم يُوجب الله -سبحانه- على المريض إلّا القضاء، دون فديةٍ، وزيادة الفدية كالزيادة على النصّ.
القول الثاني: قال المالكيّة بجواز الإفطار للحامل أو المُرضع في حالة الخوف على النفس، أو الولد، أو كليهما، وتترتّب الفِدية على المُرضع دون الحامل، وقالوا بوجوب إفطارهما إن خافتا الهلاك، أو الضرر الشديد، ومحلّ جواز إفطار المُرضع التعيين؛ فإن تعيّن عليها الإرضاع، جاز لها الفطر، أمّا إن وُجِدت غيرها، وقَبِلَها الولد، وجب عليها الصيام، وتكون أُجرة المُرضعة من مال الولد إن كان له مال، فإن لم يكن فمن مال أبيه؛ لوجوب نفقته عليه، واستدلّوا بأنّ الحامل كالمريضة تُفطر، وتقضي دون فديةٍ، أمّا المُرضع؛ فإفطارها لغيرها، فتُلزَم بالفِدية والقضاء.
القول الثالث: قال الشافعيّة بوجوب إفطار الحامل أو المُرضع إن خافتا على نفسيهما، أو ولدهما، أو كليهما الضرر الشديد الذي لا يُحتمل، ويجب عليهما القضاء دون الفِدية، إلّا في حالة الخوف على ولدهما فقط؛ فتُلزمان بالقضاء والفِدية، ولا يختلف الحكم سواءً كانت المُرضعة أُمّاً، أو مُستأجرةً، أو مُتبرّعةً، ومَحلّ وجوب الفِطْر على المُرضع إن تعيّن عليها الإرضاع، فإن وُجِدت غيرها، جاز لها الإفطار، وجاز لها الصيام مع ترك الإرضاع، واستدلّوا على رأيهم بقول الله -تعالى-: (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)؛ فعموم الآية يشمل الحامل والمُرضع؛ لأنّهما من الذين يستطيعون الصيام.
القول الرابع: قال الحنابلة بجواز الإفطار للحامل أو المُرضع إن خافتا الضرر على نفسيهما، أو ولديهما، أو كليهما، ويجب عليهما القضاء دون الفِدية إلّا في حالة الخوف على ولدهما فقط، فيجب عليهما القضاء والفِدية، وإن وُجِدت مرضعةٌ أخرى، وقَبِلَها الولد، تُستأجَر إن ملكت الأم الأجرة، أو دفعتها من مال الولد، وبذلك لا تفطر الأم.
تأخير قضاء رمضان إلى دخول رمضان آخرٍ
ذهب جمهور أهل العلم إلى وجوب قضاء ما أفطره المسلم في رمضان قبل حلول رمضان التالي، وإن أُخِّر القضاء إلى حين دخول رمضان التالي، وكان التأخير لعذرٍ ما، فلا يترتّب أيّ إثمٍ، وإنّما القضاء فقط، وإن لم يستطع القضاء؛ بسبب العذر، فلا شيء عليه باتّفاق العلماء، كالمرض، والحمل، والجهل بوجوب القضاء، أو نسيانه، ومَن أخّر قضاء ما أفطره في رمضان حتى دخول رمضان آخرٍ بغير عذرٍ، فإنّه يُعدّ آثماً، ويجب عليه القضاء، وترخّص الحنفية في المسألة، وذهبوا إلى أنّ وجوب قضاء رمضان وجوباً موسعاً، ولا يُقيد بوقت؛ وبناءً عليه لا يأثم المسلم بتأخير القضاء إلى أن يدخل رمضان الثاني، أمّا الفدية؛ فجمهور أهل العلم على وجوبها إضافة إلى القضاء، وتكون بإطعام مسكينٍ عن كلّ يومٍ، في حين ذهب الحنفية إلى وجوب القضاء دون الفدية.
العاجز عن الصيام
اتّفق العلماء على جواز الإفطار في رمضان للعاجز عن الصيام؛ لمرضٍ أو هرمٍ لا يُرجى الشفاء منه، إلّا أنّهم تعدّدت آراءهم في وجوب الفِدية عليه، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما فيما يأتي:
القول الأوّل: قال جمهور العلماء من الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة بوجوب الفِدية على العاجز عن الصيام، واستدلّوا على ذلك بقول الله -تعالى-: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)، فمَن كان قادراً على الصيام، ثمّ عَجِز عنه، فإنّ الفدية تجب عليه.
القول الثاني: قال المالكيّة بعدم وجوب الفِدية، إلّا أنّه يُستحَبّ إطعام مسكينٍ عن كلّ يومٍ؛ قياساً على المريض مرضاً لا يُرجى شفاؤه منه إلى موته، والذي لا تجب الفِدية عليه. مقدار فدية الصيام تعدّدت آراء أهل العلم في مقدار فدية الصيام، وذهبوا في ذلك إلى ثلاثة أقوالٍ، بيانها على النحو الآتي:
القول الأوّل: قال الحنفيّة بأنّ الفدية تُقدَّر بصاعٍ* من التمر، أو الشعير، أو بنصف صاعٍ من القمح، عن كلّ يومٍ.
القول الثاني: قال كلٌّ من الشافعيّة، والمالكيّة بأنّ الفدية تُقدَّر بمُدٍّ من الطعام عن كلّ يومٍ.
القول الثالث: قدّر الحنابلة الفِدية بمُدٍّ من القمح، أو نصف صاعٍ من التمر، أو الشعير. مسائل مُتعلّقةٌ بفِدية الصيام تكرار الفِدية تعدّدت آراء علماء المالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة القائلين بترتُّب الفِدية على الإفطار في رمضان في حكم تكرار الفدية بتكرار الأعوام، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما آتياً:
القول الأول: قال المالكيّة، والحنابلة بأنّ الفِدية لا تتكرّر بتكرار الأعوام، بل تتداخل قياساً على الحدود.
القول الثاني: قال الشافعيّة بتكرار الفِدية بتكرّر الأعوام؛ لأنّ الحقوق الماليّة لا تتداخل. سقوط الفِدية بالعجز تسقط الفِدية حال العجز عن أدائها، كالعجز؛ بسبب الفقر، ولا يترتّب أيّ إثمٍ على ذلك، قال -تعالى-: (لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، إذ إنّ العجز خارجٌ عن الإرادة، ولا علاقة للعبد به.
وقت دفع الفِدية
تُخرَج الفِدية عن كلّ يومٍ بعد استباحة إفطاره؛ أي حين تحقّق طلوع فجره، وبذلك تثبت بالذّمة، أمّا قبل ذلك فلا تثبت؛ إذ لا تكليف بالصيام إلّا بتحقّق طلوع الفجر، ويصحّ أداء الفِدية عن كلّ يومٍ، أو أداؤها مرّةً واحدةً عن كامل ما تمّ إفطاره في شهر رمضان بعد انقضائه .
تعريف فِدية الصيام تُعّرف الفِدية في اللغة والاصطلاح الشرعيّ كما يأتي: الفِدية لغةً: مفردٌ، والجمع منه: فِدْيات، وفدىً، ويُراد بالفِدية عدّة معانٍ؛ منها: المال المُقدّم؛ لتخليص شيءٍ ما، والكفّارة المُقدّمة لله -سبحانه-؛ جزاء التقصير في عبادةٍ ما. الفِدية شرعاً: عِوضٌ يقدّمه العبد المكلّف؛ للتخلّص من مكروهٍ وُجّه إليه.
فدية الصيام في الاصطلاح الشرعيّ: هو عِوض يقدّمه مَن عجز عن الصيام؛ كفّارة لما أفطره.
أسباب وجوب فدية الصيام إفطار الحامل أو المُرضع اتّفق العلماء على جواز إفطار الحامل أو المُرضع في شهر رمضان؛ سواءً خافتا على نفسَيهما، أو ولدَيهما، أو على كلَيهما، إلّا أنّ آرائهم تعدّدت في وجوب الفِدية عليهما، وذهبوا في ذلك إلى عدّة أقوالٍ، بيانها فيما يأتي:
القول الأوّل: قال الحنفيّة بجواز إفطار الحامل والمُرضع؛ خوفاً على النفس، أو الولد، أو كليهما، ويجب عليهما القضاء عند المقدرة، دون ترتّب الفِدية، ولا يَلزمهما الصيام متتابعاً، ولا فرق في المُرضعة إن كانت أُمّاً، أم مُستأجرةً للإرضاع؛ سواءً تعيّن عليها الإرضاع أم لا، ويُقصد بالتعيين: ألّا تُوجَد مُرضعةٌ سواها، واستدلّوا على ذلك بقول الله -تعالى-: (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، وتُقاس كلٌّ من الحامل والمُرضع على المريض، ولم يُوجب الله -سبحانه- على المريض إلّا القضاء، دون فديةٍ، وزيادة الفدية كالزيادة على النصّ.
القول الثاني: قال المالكيّة بجواز الإفطار للحامل أو المُرضع في حالة الخوف على النفس، أو الولد، أو كليهما، وتترتّب الفِدية على المُرضع دون الحامل، وقالوا بوجوب إفطارهما إن خافتا الهلاك، أو الضرر الشديد، ومحلّ جواز إفطار المُرضع التعيين؛ فإن تعيّن عليها الإرضاع، جاز لها الفطر، أمّا إن وُجِدت غيرها، وقَبِلَها الولد، وجب عليها الصيام، وتكون أُجرة المُرضعة من مال الولد إن كان له مال، فإن لم يكن فمن مال أبيه؛ لوجوب نفقته عليه، واستدلّوا بأنّ الحامل كالمريضة تُفطر، وتقضي دون فديةٍ، أمّا المُرضع؛ فإفطارها لغيرها، فتُلزَم بالفِدية والقضاء.
القول الثالث: قال الشافعيّة بوجوب إفطار الحامل أو المُرضع إن خافتا على نفسيهما، أو ولدهما، أو كليهما الضرر الشديد الذي لا يُحتمل، ويجب عليهما القضاء دون الفِدية، إلّا في حالة الخوف على ولدهما فقط؛ فتُلزمان بالقضاء والفِدية، ولا يختلف الحكم سواءً كانت المُرضعة أُمّاً، أو مُستأجرةً، أو مُتبرّعةً، ومَحلّ وجوب الفِطْر على المُرضع إن تعيّن عليها الإرضاع، فإن وُجِدت غيرها، جاز لها الإفطار، وجاز لها الصيام مع ترك الإرضاع، واستدلّوا على رأيهم بقول الله -تعالى-: (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)؛ فعموم الآية يشمل الحامل والمُرضع؛ لأنّهما من الذين يستطيعون الصيام.
القول الرابع: قال الحنابلة بجواز الإفطار للحامل أو المُرضع إن خافتا الضرر على نفسيهما، أو ولديهما، أو كليهما، ويجب عليهما القضاء دون الفِدية إلّا في حالة الخوف على ولدهما فقط، فيجب عليهما القضاء والفِدية، وإن وُجِدت مرضعةٌ أخرى، وقَبِلَها الولد، تُستأجَر إن ملكت الأم الأجرة، أو دفعتها من مال الولد، وبذلك لا تفطر الأم.
تأخير قضاء رمضان إلى دخول رمضان آخرٍ
ذهب جمهور أهل العلم إلى وجوب قضاء ما أفطره المسلم في رمضان قبل حلول رمضان التالي، وإن أُخِّر القضاء إلى حين دخول رمضان التالي، وكان التأخير لعذرٍ ما، فلا يترتّب أيّ إثمٍ، وإنّما القضاء فقط، وإن لم يستطع القضاء؛ بسبب العذر، فلا شيء عليه باتّفاق العلماء، كالمرض، والحمل، والجهل بوجوب القضاء، أو نسيانه، ومَن أخّر قضاء ما أفطره في رمضان حتى دخول رمضان آخرٍ بغير عذرٍ، فإنّه يُعدّ آثماً، ويجب عليه القضاء، وترخّص الحنفية في المسألة، وذهبوا إلى أنّ وجوب قضاء رمضان وجوباً موسعاً، ولا يُقيد بوقت؛ وبناءً عليه لا يأثم المسلم بتأخير القضاء إلى أن يدخل رمضان الثاني، أمّا الفدية؛ فجمهور أهل العلم على وجوبها إضافة إلى القضاء، وتكون بإطعام مسكينٍ عن كلّ يومٍ، في حين ذهب الحنفية إلى وجوب القضاء دون الفدية.
العاجز عن الصيام
اتّفق العلماء على جواز الإفطار في رمضان للعاجز عن الصيام؛ لمرضٍ أو هرمٍ لا يُرجى الشفاء منه، إلّا أنّهم تعدّدت آراءهم في وجوب الفِدية عليه، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما فيما يأتي:
القول الأوّل: قال جمهور العلماء من الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة بوجوب الفِدية على العاجز عن الصيام، واستدلّوا على ذلك بقول الله -تعالى-: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)، فمَن كان قادراً على الصيام، ثمّ عَجِز عنه، فإنّ الفدية تجب عليه.
القول الثاني: قال المالكيّة بعدم وجوب الفِدية، إلّا أنّه يُستحَبّ إطعام مسكينٍ عن كلّ يومٍ؛ قياساً على المريض مرضاً لا يُرجى شفاؤه منه إلى موته، والذي لا تجب الفِدية عليه. مقدار فدية الصيام تعدّدت آراء أهل العلم في مقدار فدية الصيام، وذهبوا في ذلك إلى ثلاثة أقوالٍ، بيانها على النحو الآتي:
القول الأوّل: قال الحنفيّة بأنّ الفدية تُقدَّر بصاعٍ* من التمر، أو الشعير، أو بنصف صاعٍ من القمح، عن كلّ يومٍ.
القول الثاني: قال كلٌّ من الشافعيّة، والمالكيّة بأنّ الفدية تُقدَّر بمُدٍّ من الطعام عن كلّ يومٍ.
القول الثالث: قدّر الحنابلة الفِدية بمُدٍّ من القمح، أو نصف صاعٍ من التمر، أو الشعير. مسائل مُتعلّقةٌ بفِدية الصيام تكرار الفِدية تعدّدت آراء علماء المالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة القائلين بترتُّب الفِدية على الإفطار في رمضان في حكم تكرار الفدية بتكرار الأعوام، وذهبوا في ذلك إلى قولَين، بيانهما آتياً:
القول الأول: قال المالكيّة، والحنابلة بأنّ الفِدية لا تتكرّر بتكرار الأعوام، بل تتداخل قياساً على الحدود.
القول الثاني: قال الشافعيّة بتكرار الفِدية بتكرّر الأعوام؛ لأنّ الحقوق الماليّة لا تتداخل. سقوط الفِدية بالعجز تسقط الفِدية حال العجز عن أدائها، كالعجز؛ بسبب الفقر، ولا يترتّب أيّ إثمٍ على ذلك، قال -تعالى-: (لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، إذ إنّ العجز خارجٌ عن الإرادة، ولا علاقة للعبد به.
وقت دفع الفِدية
تُخرَج الفِدية عن كلّ يومٍ بعد استباحة إفطاره؛ أي حين تحقّق طلوع فجره، وبذلك تثبت بالذّمة، أمّا قبل ذلك فلا تثبت؛ إذ لا تكليف بالصيام إلّا بتحقّق طلوع الفجر، ويصحّ أداء الفِدية عن كلّ يومٍ، أو أداؤها مرّةً واحدةً عن كامل ما تمّ إفطاره في شهر رمضان بعد انقضائه .
التعليقات