نشرت دار اللواء للصحافة والنشر اقوال لرئيس الوزراء الأسبق الشهيد وصفي التل في عدة مقابلات صحفية ومحاضرات، منشورة في كتابه 'كتابات في القضايا العربية'، الصادر عام 1980 عن الدار.
وتاليًا نص ما نشرت دار اللواء:
لم أكن مرتاحا : بعد استقالتي في تشرين الثاني 1966 ، نشأ تيار سياسي في الأردن يدعو للتقارب مع عبد الناصر ، واقصد بالتيار خليطا من كل شيء ( بطانة الملك الجديدة ، ضغط محترفي السياسة ، انفعالات الرأي العام ، مناورات الولايات المتحدة الامريكية ) ولم أكن مرتاحا لتطور الأمور على هذا الشكل لأنني كنت أتوقع حدوث ما حدث ، وما توانيت لحظة واحدة عن تحذير أصحاب العلاقة ، لكنهم اصموا أذانهم عن سماعي ، كان رأيي اننا غير مستعدين للحرب ، وكان بوسعنا ان نتفادى هذه الحرب التي سبقت أوانها ، وربما لم يكن احد يتوقع هزيمة من هذا العيار ، مع ان المعلومات التي كانت متوافرة لدينا لم تكن تفسح مجالا للتفاؤل بإمكان خروجنا منتصرين ، لقد عمد عبدالناصر الى اظهار عكس ما يضمر ، وفي نيته ان يذهب في لعبته الى ابعد الحدود ، وهو لم يكن راغبا بالحرب ، وفي رأيي ان الرجل بالغ في تقدير مهارته السياسية ، اما السوريون فقد كان السائد في اذهانهم انهم في حرز حريز وان الأردن الذي لا يحبونه ومصر التي لم يكونوا على وفاق تام معها سيدفعان الثمن ، والواقع انهم ما أرادوا قط مقاتلة الإسرائيليين.
غلطتان للفريق عبد المنعم رياض :
ارتكب عبد المنعم رياض ( القائد المصري للجيش الأردني خلال الحرب ) غلطتين كبيرتين ، الأولى تصديقه ما كانت تردده القاهرة ، ولم يكن لدينا ضابط ارتباط في مصر ، لذلك كنا تحت رحمة الاخبار التي تذيعها وسائل الاعلام المصرية ، وفي اليوم الأول ظل رياض جاهلا حقيقة ما حل بسلاح الجو المصري حتى المساء ، حتى وصلت برقية ونحن محيطون به تعترف بما حصل ، ورياض هو الذي نقل اللواءين المدرعين 40 ، 60 ، من مواقعهما على الرغم من معارضة جميع من يعنيهم امر هذه الحركات ، ولم يكن لهذا التدبير أي مبرر استراتيجي ، وانطلقت الدبابات الأردنية نحو المواقع الجديدة فوجدت نفسها هدفا سهلا لطائرات العدو ، وكان ضباطنا يعترضون على أوامر الفريق رياض بالرغم من ادراكهم انهم ملزمون بتنفيذها على علاتها ، فقد كان رياض محاطا بأربعة او خمسة ضباط مصريين كبار يؤلفون اركان حربه ، ويقبضون على الزمام ويتحكمون بالمواقف والقرارات ، الا ان هذا لم يمنع اللواء الأردني عاطف المجالي من انتقاد بعض القرارات ، غير ان رياض كان متشبثا برأيه دائما ، انه رجل ذكي يضج بالحيوية ما في ذلك ريب ، لكنه بدا لي في الظروف العصيبة دون المستوى المطلوب ، بالرغم من هالة الوقار التي أحاط بها نفسه ليدخل في روع الاخرين انه يعرف اكثر مما يبدو انه يعرف ، وكان من المفترض فيه بحكم انه رئيس اركان القيادة العربية الموحدة منذ عام 1964 وزار الأردن مرارا ، ان يعرف الجيش الذي دعي لقيادته والأرض التي سيناور عليها ، لقد دار نقاش طويل وشتائم طويلة وغضب اللواء المجالي واراد مغادرة غرفة العمليات ، كما تشاتم رياض مع قائد الجبهة الغربية ، وحدثت فوضى.
الهزيمة بحد ذاتها :
الهزيمة بحد ذاتها شيء بسيط ، الجيوش تنتصر وتنهزم ، وأقول الحقيقة من نوع الحب والتعصب لجيشنا ، فقد تألمت من الطريقة التي اندحر بها جيشنا بقدر ألمي على ضياع القدس ، ان ضباطنا وجنودنا لا يستحقون الاندحار بهذا الشكل ، لكن سوء القيادة وسوء الإدارة والكذب في المعلومات والتشويش والفوضى وانهيار الاعصاب والقرارات المتخذة استنادا الى معلومات كاذبة ، هي التي تسببت في الاندحار الذي لا يستحقه جيشنا ابدا ، ولا اعتقد ان الوقت قد حان لكتابة القصة الكاملة لهزيمة العرب في حزيران لأن فيها ضررا نفسيا وسياسيا ، ولكن معرفتها بدقة وتفصيل ليس بقصد التلاوم ولكن بقصد الاستفادة من دروسها ، فهي مهمة التاريخ العسكري ، لكي تتحول هذه الاستفادة الى نصر بعون الله.
بعد الهزيمة :
قبل الحرب كنت مقتنعا ان أي عمل يعطي العدو فرصة لشن الحرب علينا عمل خاطئ ، وجاهرت بهذا الرأي وخاصمت القاصي والداني ، ولسوء الحظ اثبتت الاحداث انني كنت على حق ، والان وبنفس القدرة والعقلية الصريحة التي جعلتني اركب المركب الوعر قبل الحرب ، فإنني اؤمن بان بدء المشاغلة المسلحة المؤثرة هي وحدها طريق الخلاص ، فالعدو الان يريد الوقت ونحن نمنحه الوقت وهو قادر على استغلال هذا الوقت ويسير بموجب خطة شاملة لا يحيد عنها ، اما نحن فالوقت ضدنا وليس بجانبنا ، الوقت قاتل بالنسبة لنا ، كان الاحتواء قبل الحرب ممكنا ، اما الان فعملية الاحتواء مستحيلة ، وعدم مشاغلة العدو يجعله يتمكن من تثبيت اقدامه اكثر ، انا سجنت في سجن المزة السوري شهرين عام 1949 لأنني كنت ضد الرأي القائل بإلقاء السلاح ، كما سجن وعذب زملاء لي ، قناعتي كعربي وكعسكري وكسياسي ، ان العرب قادرون على هذه المشاغلة ، انها قناعة مبنية على دراسة وعلى عملية عقلية لا علاقة للعواطف بها ، وكل تأجيل لذلك سواء بانتظار الحل السياسي او غيره من الأسباب ، هو تكريس لاغتصاب العدو للأرض العزيزة.
نشرت دار اللواء للصحافة والنشر اقوال لرئيس الوزراء الأسبق الشهيد وصفي التل في عدة مقابلات صحفية ومحاضرات، منشورة في كتابه 'كتابات في القضايا العربية'، الصادر عام 1980 عن الدار.
وتاليًا نص ما نشرت دار اللواء:
لم أكن مرتاحا : بعد استقالتي في تشرين الثاني 1966 ، نشأ تيار سياسي في الأردن يدعو للتقارب مع عبد الناصر ، واقصد بالتيار خليطا من كل شيء ( بطانة الملك الجديدة ، ضغط محترفي السياسة ، انفعالات الرأي العام ، مناورات الولايات المتحدة الامريكية ) ولم أكن مرتاحا لتطور الأمور على هذا الشكل لأنني كنت أتوقع حدوث ما حدث ، وما توانيت لحظة واحدة عن تحذير أصحاب العلاقة ، لكنهم اصموا أذانهم عن سماعي ، كان رأيي اننا غير مستعدين للحرب ، وكان بوسعنا ان نتفادى هذه الحرب التي سبقت أوانها ، وربما لم يكن احد يتوقع هزيمة من هذا العيار ، مع ان المعلومات التي كانت متوافرة لدينا لم تكن تفسح مجالا للتفاؤل بإمكان خروجنا منتصرين ، لقد عمد عبدالناصر الى اظهار عكس ما يضمر ، وفي نيته ان يذهب في لعبته الى ابعد الحدود ، وهو لم يكن راغبا بالحرب ، وفي رأيي ان الرجل بالغ في تقدير مهارته السياسية ، اما السوريون فقد كان السائد في اذهانهم انهم في حرز حريز وان الأردن الذي لا يحبونه ومصر التي لم يكونوا على وفاق تام معها سيدفعان الثمن ، والواقع انهم ما أرادوا قط مقاتلة الإسرائيليين.
غلطتان للفريق عبد المنعم رياض :
ارتكب عبد المنعم رياض ( القائد المصري للجيش الأردني خلال الحرب ) غلطتين كبيرتين ، الأولى تصديقه ما كانت تردده القاهرة ، ولم يكن لدينا ضابط ارتباط في مصر ، لذلك كنا تحت رحمة الاخبار التي تذيعها وسائل الاعلام المصرية ، وفي اليوم الأول ظل رياض جاهلا حقيقة ما حل بسلاح الجو المصري حتى المساء ، حتى وصلت برقية ونحن محيطون به تعترف بما حصل ، ورياض هو الذي نقل اللواءين المدرعين 40 ، 60 ، من مواقعهما على الرغم من معارضة جميع من يعنيهم امر هذه الحركات ، ولم يكن لهذا التدبير أي مبرر استراتيجي ، وانطلقت الدبابات الأردنية نحو المواقع الجديدة فوجدت نفسها هدفا سهلا لطائرات العدو ، وكان ضباطنا يعترضون على أوامر الفريق رياض بالرغم من ادراكهم انهم ملزمون بتنفيذها على علاتها ، فقد كان رياض محاطا بأربعة او خمسة ضباط مصريين كبار يؤلفون اركان حربه ، ويقبضون على الزمام ويتحكمون بالمواقف والقرارات ، الا ان هذا لم يمنع اللواء الأردني عاطف المجالي من انتقاد بعض القرارات ، غير ان رياض كان متشبثا برأيه دائما ، انه رجل ذكي يضج بالحيوية ما في ذلك ريب ، لكنه بدا لي في الظروف العصيبة دون المستوى المطلوب ، بالرغم من هالة الوقار التي أحاط بها نفسه ليدخل في روع الاخرين انه يعرف اكثر مما يبدو انه يعرف ، وكان من المفترض فيه بحكم انه رئيس اركان القيادة العربية الموحدة منذ عام 1964 وزار الأردن مرارا ، ان يعرف الجيش الذي دعي لقيادته والأرض التي سيناور عليها ، لقد دار نقاش طويل وشتائم طويلة وغضب اللواء المجالي واراد مغادرة غرفة العمليات ، كما تشاتم رياض مع قائد الجبهة الغربية ، وحدثت فوضى.
الهزيمة بحد ذاتها :
الهزيمة بحد ذاتها شيء بسيط ، الجيوش تنتصر وتنهزم ، وأقول الحقيقة من نوع الحب والتعصب لجيشنا ، فقد تألمت من الطريقة التي اندحر بها جيشنا بقدر ألمي على ضياع القدس ، ان ضباطنا وجنودنا لا يستحقون الاندحار بهذا الشكل ، لكن سوء القيادة وسوء الإدارة والكذب في المعلومات والتشويش والفوضى وانهيار الاعصاب والقرارات المتخذة استنادا الى معلومات كاذبة ، هي التي تسببت في الاندحار الذي لا يستحقه جيشنا ابدا ، ولا اعتقد ان الوقت قد حان لكتابة القصة الكاملة لهزيمة العرب في حزيران لأن فيها ضررا نفسيا وسياسيا ، ولكن معرفتها بدقة وتفصيل ليس بقصد التلاوم ولكن بقصد الاستفادة من دروسها ، فهي مهمة التاريخ العسكري ، لكي تتحول هذه الاستفادة الى نصر بعون الله.
بعد الهزيمة :
قبل الحرب كنت مقتنعا ان أي عمل يعطي العدو فرصة لشن الحرب علينا عمل خاطئ ، وجاهرت بهذا الرأي وخاصمت القاصي والداني ، ولسوء الحظ اثبتت الاحداث انني كنت على حق ، والان وبنفس القدرة والعقلية الصريحة التي جعلتني اركب المركب الوعر قبل الحرب ، فإنني اؤمن بان بدء المشاغلة المسلحة المؤثرة هي وحدها طريق الخلاص ، فالعدو الان يريد الوقت ونحن نمنحه الوقت وهو قادر على استغلال هذا الوقت ويسير بموجب خطة شاملة لا يحيد عنها ، اما نحن فالوقت ضدنا وليس بجانبنا ، الوقت قاتل بالنسبة لنا ، كان الاحتواء قبل الحرب ممكنا ، اما الان فعملية الاحتواء مستحيلة ، وعدم مشاغلة العدو يجعله يتمكن من تثبيت اقدامه اكثر ، انا سجنت في سجن المزة السوري شهرين عام 1949 لأنني كنت ضد الرأي القائل بإلقاء السلاح ، كما سجن وعذب زملاء لي ، قناعتي كعربي وكعسكري وكسياسي ، ان العرب قادرون على هذه المشاغلة ، انها قناعة مبنية على دراسة وعلى عملية عقلية لا علاقة للعواطف بها ، وكل تأجيل لذلك سواء بانتظار الحل السياسي او غيره من الأسباب ، هو تكريس لاغتصاب العدو للأرض العزيزة.
نشرت دار اللواء للصحافة والنشر اقوال لرئيس الوزراء الأسبق الشهيد وصفي التل في عدة مقابلات صحفية ومحاضرات، منشورة في كتابه 'كتابات في القضايا العربية'، الصادر عام 1980 عن الدار.
وتاليًا نص ما نشرت دار اللواء:
لم أكن مرتاحا : بعد استقالتي في تشرين الثاني 1966 ، نشأ تيار سياسي في الأردن يدعو للتقارب مع عبد الناصر ، واقصد بالتيار خليطا من كل شيء ( بطانة الملك الجديدة ، ضغط محترفي السياسة ، انفعالات الرأي العام ، مناورات الولايات المتحدة الامريكية ) ولم أكن مرتاحا لتطور الأمور على هذا الشكل لأنني كنت أتوقع حدوث ما حدث ، وما توانيت لحظة واحدة عن تحذير أصحاب العلاقة ، لكنهم اصموا أذانهم عن سماعي ، كان رأيي اننا غير مستعدين للحرب ، وكان بوسعنا ان نتفادى هذه الحرب التي سبقت أوانها ، وربما لم يكن احد يتوقع هزيمة من هذا العيار ، مع ان المعلومات التي كانت متوافرة لدينا لم تكن تفسح مجالا للتفاؤل بإمكان خروجنا منتصرين ، لقد عمد عبدالناصر الى اظهار عكس ما يضمر ، وفي نيته ان يذهب في لعبته الى ابعد الحدود ، وهو لم يكن راغبا بالحرب ، وفي رأيي ان الرجل بالغ في تقدير مهارته السياسية ، اما السوريون فقد كان السائد في اذهانهم انهم في حرز حريز وان الأردن الذي لا يحبونه ومصر التي لم يكونوا على وفاق تام معها سيدفعان الثمن ، والواقع انهم ما أرادوا قط مقاتلة الإسرائيليين.
غلطتان للفريق عبد المنعم رياض :
ارتكب عبد المنعم رياض ( القائد المصري للجيش الأردني خلال الحرب ) غلطتين كبيرتين ، الأولى تصديقه ما كانت تردده القاهرة ، ولم يكن لدينا ضابط ارتباط في مصر ، لذلك كنا تحت رحمة الاخبار التي تذيعها وسائل الاعلام المصرية ، وفي اليوم الأول ظل رياض جاهلا حقيقة ما حل بسلاح الجو المصري حتى المساء ، حتى وصلت برقية ونحن محيطون به تعترف بما حصل ، ورياض هو الذي نقل اللواءين المدرعين 40 ، 60 ، من مواقعهما على الرغم من معارضة جميع من يعنيهم امر هذه الحركات ، ولم يكن لهذا التدبير أي مبرر استراتيجي ، وانطلقت الدبابات الأردنية نحو المواقع الجديدة فوجدت نفسها هدفا سهلا لطائرات العدو ، وكان ضباطنا يعترضون على أوامر الفريق رياض بالرغم من ادراكهم انهم ملزمون بتنفيذها على علاتها ، فقد كان رياض محاطا بأربعة او خمسة ضباط مصريين كبار يؤلفون اركان حربه ، ويقبضون على الزمام ويتحكمون بالمواقف والقرارات ، الا ان هذا لم يمنع اللواء الأردني عاطف المجالي من انتقاد بعض القرارات ، غير ان رياض كان متشبثا برأيه دائما ، انه رجل ذكي يضج بالحيوية ما في ذلك ريب ، لكنه بدا لي في الظروف العصيبة دون المستوى المطلوب ، بالرغم من هالة الوقار التي أحاط بها نفسه ليدخل في روع الاخرين انه يعرف اكثر مما يبدو انه يعرف ، وكان من المفترض فيه بحكم انه رئيس اركان القيادة العربية الموحدة منذ عام 1964 وزار الأردن مرارا ، ان يعرف الجيش الذي دعي لقيادته والأرض التي سيناور عليها ، لقد دار نقاش طويل وشتائم طويلة وغضب اللواء المجالي واراد مغادرة غرفة العمليات ، كما تشاتم رياض مع قائد الجبهة الغربية ، وحدثت فوضى.
الهزيمة بحد ذاتها :
الهزيمة بحد ذاتها شيء بسيط ، الجيوش تنتصر وتنهزم ، وأقول الحقيقة من نوع الحب والتعصب لجيشنا ، فقد تألمت من الطريقة التي اندحر بها جيشنا بقدر ألمي على ضياع القدس ، ان ضباطنا وجنودنا لا يستحقون الاندحار بهذا الشكل ، لكن سوء القيادة وسوء الإدارة والكذب في المعلومات والتشويش والفوضى وانهيار الاعصاب والقرارات المتخذة استنادا الى معلومات كاذبة ، هي التي تسببت في الاندحار الذي لا يستحقه جيشنا ابدا ، ولا اعتقد ان الوقت قد حان لكتابة القصة الكاملة لهزيمة العرب في حزيران لأن فيها ضررا نفسيا وسياسيا ، ولكن معرفتها بدقة وتفصيل ليس بقصد التلاوم ولكن بقصد الاستفادة من دروسها ، فهي مهمة التاريخ العسكري ، لكي تتحول هذه الاستفادة الى نصر بعون الله.
بعد الهزيمة :
قبل الحرب كنت مقتنعا ان أي عمل يعطي العدو فرصة لشن الحرب علينا عمل خاطئ ، وجاهرت بهذا الرأي وخاصمت القاصي والداني ، ولسوء الحظ اثبتت الاحداث انني كنت على حق ، والان وبنفس القدرة والعقلية الصريحة التي جعلتني اركب المركب الوعر قبل الحرب ، فإنني اؤمن بان بدء المشاغلة المسلحة المؤثرة هي وحدها طريق الخلاص ، فالعدو الان يريد الوقت ونحن نمنحه الوقت وهو قادر على استغلال هذا الوقت ويسير بموجب خطة شاملة لا يحيد عنها ، اما نحن فالوقت ضدنا وليس بجانبنا ، الوقت قاتل بالنسبة لنا ، كان الاحتواء قبل الحرب ممكنا ، اما الان فعملية الاحتواء مستحيلة ، وعدم مشاغلة العدو يجعله يتمكن من تثبيت اقدامه اكثر ، انا سجنت في سجن المزة السوري شهرين عام 1949 لأنني كنت ضد الرأي القائل بإلقاء السلاح ، كما سجن وعذب زملاء لي ، قناعتي كعربي وكعسكري وكسياسي ، ان العرب قادرون على هذه المشاغلة ، انها قناعة مبنية على دراسة وعلى عملية عقلية لا علاقة للعواطف بها ، وكل تأجيل لذلك سواء بانتظار الحل السياسي او غيره من الأسباب ، هو تكريس لاغتصاب العدو للأرض العزيزة.
التعليقات
افادة وصفي التل حول حرب حزيران
 
طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور
اظهار التعليقات
التعليقات