صيادو غزَّة .. لقمة عيش مهدَّدة وقوارب مثقلة بالجراح

mainThumb
صيادو غزَّة.. لقمة عيش مهدَّدة وقوارب مثقلة بالجراح

28-04-2025 01:05 PM

printIcon

أخبار اليوم - في ساعات الفجر الأولى يوميا، يهبّ صيادو غزة للانطلاق في البحر، وسط ظروف محفوفة بمخاطر متزايدة، منذ أن اندلعت حرب الإبادة الجماعية على القطاع في السابع من أكتوبر 2023.

البحر الذي كان يوماً مصدراً للرزق والمأوى لهؤلاء الصيادين أصبح اليوم ساحة صراع وتهديد. شباكهم لم تعد تحمل سوى أمل ضئيل في الحصول على رزق يسدّ جوع العائلات، والبحر الذي كانوا يعرفونه جيداً أصبح مليئاً بالتهديدات.

عاش الصيادون في غزة سنوات من الحصار المستمر، وقد أصبح قاربهم رمزاً للمقاومة اليومية في مواجهة حياة مليئة بالتحديات، من القصف الإسرائيلي الذي يستهدف المناطق البحرية إلى توجيه قوات الاحتلال تحذيرات للصيادين، مما جعل الصيد بعيداً عن الموانئ أمراً شبه مستحيل.

في ميناء دير البلح شبه المدمر، ترسو قوارب خشبية مهترئة كأنها تحمل جراح أهلها، فيما يجلس الصياد حسن النجار (53 عامًا) على شاطئ البحر يراقب الأفق الرمادي، حيث كانت الشمس تشرق يومًا على رزق وفير، وتحولت اليوم إلى مشهد يتكرر فيه الموت والخوف أكثر من تكرار المد والجزر.

يقول النجار لـ "فلسطين أون لاين" : "كنا نخاف من البحر بسبب الاحتلال، الآن صرنا نخاف من البر والبحر والسماء. كل شيء يقتل في غزة".

ومع الحصار البحري المستمر منذ أكثر من 18سنة، أصبح الصيد مهنة تنزف كما ينزف أصحابها.

رائد أبو ندى (29 عامًا)، صياد شاب نازح من مدينة رفح نحو دير البلح فقد أخاه في قصف استهدف قاربهم، يتحدث بنبرة حزينة: "ما معنا سلاح، معنا شباك. أخوي استُشهد وهو بيحاول يرجّع الشباك للمينا." رائد لا يفكر بترك المهنة رغم الخطر: "لو تركت البحر، أولادي بجوعوا. البحر هو حياتنا رغم كل شيء."

صمود رغم الخراب

وسط هذا الجحيم، يحاول الصيادون النجاة بالحد الأدنى من الحياة. يشتركون في كميات ضئيلة من الوقود، يصنعون الشباك يدويًا، ويتقاسمون الرزق مهما قل. "ما بدنا مساعدات، بدنا نعيش بكرامة، نشتغل بأمان"، يقول محمد بكر أحد الصيادين في ميناء غزة.

وأمس استشهد صياد وأصيب آخر برصاص زوارق الاحتلال الحربية في خانيونس.

واستهدفت سلطات الاحتلال خلال حرب الإبادة قطاع الصيد والثروة الحيوانية بشكل مباشر وممنهج في إطار تدميرها الزراعة كقطاع حيوي.

وقدرت خسائر قطاع الصيد منذ بداية حرب الإبادة الجماعية في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حتى شهر حزيران/يونيو 2024 بحوالي 60 مليون دولار.

ودمرت قوات الاحتلال 144 غرفة للصيادين في ميناء غزة، و10 غرف في ميناء شمال غزة و50 غرفة في وسط قطاع غزة، و30 غرفة في ميناء خانيونس جنوب قطاع غزة و25 غرفة في ميناء رفح جنوب القطاع.

كما دمرت نحو 1050 قارباً بمحرك بما يشمل 96 من اللانشات و900 قارب بدون محرك، بما نسبته 87% من إجمالي مراكب الصيد الموجودة في قطاع غزة.

ويقدر عدد الصيادين في قطاع غزة قبيل الحرب بحوالي 5 آلاف صياد، حيث إرتقى حوالي 150 صياد خلال الحرب، 20 منهم أثناء ممارسة مهنة الصيد.

كما بلغ معدل انتاج قطاع غزة من الأسماك 5100 طناً سنوياً، كما أن القطاع كان يسوق سنوياً قبل الحرب إلى الضفة الغربية (100) طناً من الأسماك الاقتصادية، سواء المصطادة من البحر أو المنتجة داخل المزارع.

وتظل قصص صيادي غزة رمزاً للصلابة والإصرار في وجه المصاعب. فعلى الرغم من الحرب والدمار، يبقى البحر هو الملاذ الوحيد لهؤلاء الناس الذين لا يتوقفون عن السعي وراء لقمة العيش، حتى وإن كانت محفوفة بالمخاطر.

فلسطين أون لاين