أخبار اليوم - بعد جولة بحث عن دقيق بسعر مناسب، عثر أحمد دلول على كيس دقيق لدى أحد الباعة في سوق الصحابة شرقي مدينة غزة. أخذ يشم الكيس ويتفحصه جيدًا ليتأكد من خلوه من السوس والديدان.
طلب دلول من البائع أن يفتح الكيس ليتأكد من نظافته، لكن البائع رفض ذلك، فاضطر إلى أخذه على مضض، إذ كان سعره ٤٠٠ شيقل (الدولار يعادل ٣.٦٠)، وهو أقل مما يباع في الأسواق. غاب بضع دقائق، ليعود حاملاً الكيس ويطلب من البائع إرجاعه لأنه مليء بالسوس والديدان، وسط رفض قاطع من البائع.
يقول دلول لصحيفة "فلسطين": "رائحة الدقيق لا تطاق، وطعمه بعد الخبز لا يمكن بلعه. فقد أكلته في أثناء المجاعة وانقطاع الدقيق من الأسواق، واليوم لا أريد أن يكرر أطفالي هذه التجربة، ومن النادر أن تجد دقيقًا خاليًا من الشوائب في الأسواق".
ويتابع: "خزنت ثلاثة أكياس دقيق قبل خمسة أشهر، ولكن أصابه السوس، فاضطررت إلى بيعه بثمن بخس لمربي الطيور، ولم أكن أعلم أنه سينقطع وسأضطر إلى شرائه بمئة ضعف عن السابق".
أما جيهان أسليم (٥٠ عامًا)، فبسبب عدم توفر الدقيق لديها، اضطرت إلى شراء خبز الصاج من أحد الخبازين بالقرب منها. وما إن تذوقته حتى تغيرت ملامح وجهها، فقد كان طعمه عفنًا للغاية.
تقول أسليم لـ"فلسطين": "لم تكن المرة الأولى التي أشتري فيها خبز الصاج من نفس الخباز، لكنها المرة الأولى التي أتذوق فيها طعم العفن فيه. وذات مرة أيضًا ابتعت من أحد الباعة المتجولين ثلاثة أقراص من خبز الفينو، وللأسف كان طعمه عفنًا، فاضطررت للتخلص منه".
وتردف: "صار أغلب الدقيق في الأسواق طعمه عفنًا، ويباع بأسعار خيالية، والناس مضطرة إلى شرائه لصعوبة توفير دقيق نظيف".
وتتابع أسليم: "في إحدى المرات أخبرت جارتي بأنه لا يوجد لدي دقيق، فأرسلت لي ثلاثة كيلوات من الدقيق الذي خزّنته لديها، فتفاجأت بأنه مليء بالديدان. وحينما أخبرتها بذلك قالت لي إنها تقوم بتنخيله ثم إضافة الفانيلا وحبة البركة وقطرات من الخل لتغطية طعمه ورائحته، لأنها ستدفع مبلغًا كبيرًا وستشتريه من السوق بنفس العفن".
أما يسرى حمادة (٦٠ عامًا)، فتعبّر عن الحال الذي وصلنا إليه بتهكم: "أصبحنا اليوم نفاضل بين الدقيق المليء بالسوس والدقيق المليء بالديدان. فالذي أصابه السوس طعمه أخف وطأة من الذي غزته الديدان".
وتتابع حمادة لـ"فلسطين": "اليوم لا نجد بديلاً للدقيق العفن، بل ونشتريه بسعر مرتفع للغاية، فنحن مضطرون إلى سد جوع أطفالنا مع اشتداد فصول المجاعة، وانقطاع الفواكه واللحوم والدجاج، وشح الخضار".
ومنذ 2 مارس/آذار الماضي، تغلق (إسرائيل) معابر قطاع غزة أمام دخول المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية الأساسية، التي تعتبر شريان حياة لنحو 2.4 مليون فلسطيني في القطاع.
ومنذ استئناف الإبادة الجماعية بغزة في 18 من مارس/آذار الماضي، قفز سعر كيس الدقيق بوزن 25 كيلو غرامًا من 20 شيقلًا (الدولار يعادل 3.60 شواكل) إلى أكثر من 500 شيقل، ما يزيد من الأعباء على النازحين الذين يواجهون أوضاعًا معيشية كارثية.
المصدر / فلسطين أون لاين