الجوع يدفع سكان غزة إلى أكل السلاحف البحرية

mainThumb
الجوع يدفع سكان غزة إلى أكل السلاحف البحرية

27-04-2025 10:46 AM

printIcon

أخبار اليوم - تتعمق المجاعة بشكل متصاعد ومقلق في قطاع غزة، وذلك في أعقاب إغلاق الاحتلال الإسرائيلي معابر القطاع مطلع آذار/مارس الماضي، حيث حرم الاحتلال السكان من الحصول على الغذاء والدواء بحجج أمنية واهية، فيما يلجأ الناس إلى تناول أكلات لم يعهد أن تناولوها من قبل في ظل اشتداد حدة المجاعة.


وفي ظل ضيق الخيارات أمام السكان مع استمرار منع الاحتلال فتح المعابر، والتذرع بضرورة إيجاد جهة دولية لتوزيع المساعدات تحسبا من وصولها إلى حركة حماس، بدأ المواطنون باستهلاك ما تبقى لديهم من معلبات البقوليات واللحوم، في ظل عدم توفر مواد غذائية في الأسواق التي باتت شبه خالية، ونتيجة لهذا الشح الحاد، لجأ المواطنون وفي سابقة هي الأولى من نوعها إلى أكل لحم السلاحف البحرية التي تنتشر على شواطئ غزة.


وتحذر جهات دولية إغاثية وحقوقية من تصاعد حدة المجاعة في قطاع غزة ووصولها إلى مراحل خطيرة، في ظل منع الجانب الإسرائيلي إدخال المساعدات والمواد الغذائية منذ ما يزيد عن خمسين يوما، وتسجيل حالات وفاة بين الأطفال والمرضى وكبار السن نتيجة سوء التغذية، حيث حذرت منظمة الأغذية العالمية من خطورة منع الجانب الإسرائيلي إمداد قطاع غزة بالغذاء منذ ما يزيد عن شهر ونصف، حيث نفدت المساعدات من كافة مخازن المنظمة، وتأثر بذلك قرابة مليون مواطن في غزة مع استمرار إغلاق المعابر، حيث يعاني السكان من الجوع بسبب صعوبة الحصول على المواد الغذائية، في مقابل ذلك ناشدت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني «حشد» الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والصليب الأحمر، بضرورة التحرك العاجل لإنقاذ قطاع غزة من المجاعة التي يتعرضون لها، محذرة من سياسة إسرائيل تحويل غزة إلى معسكرات معزولة، لتجويع السكان والضغط عليهم من أجل تهجيرهم.

سياسة التجويع والتعطيش

ومنذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2023، اتبع الاحتلال الإسرائيلي سياسة التجويع والتعطيش ضد السكان كأول عقاب جماعي يستهدف كل الشرائح، إلى جانب القتل والقصف العشوائي للأحياء السكنية، وبعد مرور عام ونصف على الحرب، يواصل الاحتلال سياسة التجويع والتعطيش، فما أن يسمح بفتح المعابر لفترة قصيرة إلا ويعود يغلقها لفترات أطول.
على شاطئ بحر مدينة غزة، بدأت تصل منذ أيام أعداد من السلاحف البحرية وتخرج إلى الرمال، وخلال الأعوام السابقة كانت تأتي هذه السلاحف، ولكن الصيادين كانوا يعيدونها إلى المياه للحفاظ عليها، لكن في ظل المجاعة القائمة ومنع الاحتلال الصيادين من الصيد، بدأ صيد هذه السلاحف وبيع لحومها في الأسواق، حيث تشهد إقبالا واسعا من المواطنين على شرائها وطهيها.

مراكب الصيد تم قصفها

يقول الصياد محمود أبو جراد «الاحتلال دمر كل مناحي الحياة في غزة، حتى مراكب الصيد تم قصفها وحرقها منذ بداية الحرب، وما تبقى يمكن استعمالها في الصيد لمسافات قصيرة، لكن في كثير من الأوقات يمنع الاحتلال الصيد وكل من يحاول الدخول يطلق عليه النار، وهذا زاد من معاناتنا ودفعنا إلى صيد السلاحف التي تأتي في هذا التوقيت من كل عام لتضع بيوضها على رمال الشاطئ وبيع لحومها».
وأشار في حديثه لـ»القدس العربي»: «تعتبر السلاحف من الكائنات البحرية النادرة وهما نوعان بحرية وبرية، وكان هناك اهتمام كبير من الصيادين للحفاظ عليها وعدم قتلها، وفي السابق كنا نحرص على حمل السلاحف من على الرمال، وإعادتها بقوارب الصيد إلى عمق البحر كي لا تعود إلى الشاطئ، لكن اليوم مجبرين على بيع لحومها للناس، في ظل المجاعة وشح الأسماك واللحوم بشكل عام».


ولفت إلى أن «لحم السلاحف يميل إلى اللون الأحمر وهو قريب من حيث الشكل إلى لحم العجول، وسعر بيع لحم السلاحف مرتفع قد يصل الكيلو الواحد إلى 90 شيكلا، وهذا الارتفاع في الأسعار يعود إلى شح الكميات التي تخرج، لكن ما يتم صيده هو عبارة عن سلحفاة ضخمة، يتم سلخها وبيعها حسب طلب الزبون، واللافت هنا أن الناس لم يعهد من قبل أن تناولوا لحم السلاحف، لكن هناك إقبالا واسعا من المواطنين لعدم توفر بدائل».


وحول تجربة أكل لحم السلاحف لأول مرة، رصد مراسل «القدس العربي» آراء المواطنين في سوق السمك الشعبي داخل مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، حيث يتوافد المواطنون إلى السوق في كل صباح لإلقاء نظرة على السلاحف التي يأتي بها الصيادون ويقومون بتجهيز لحمها للبيع، حيث يقول المواطن أبو منير «جئت إلى السوق كي أشتري لحم السلحفاة، بعد أن قمت بتناولها قبل أيام، ولقي لحمها إقبالا من قبل أفراد الأسرة، حيث تعتبر هذه المرة الأولى في حياتنا نأكل فيها لحم السلاحف».


وأوضح أن «طعم لحم السلحفاة لذيذ ولا يحتاج إلى طهي لفترة طويلة، كما يمكن تناوله إما شيا أو بنظام صيادية مع الأرز أو قلي بالزيت، وبكل الطرق يمكن تناول هذه الوجبة التي تعتبر بالنسبة لمواطني غزة غريبة»، مشيرا إلى «نحن محرومون من أكل الأسماك منذ بداية الحرب، بعد ضرب الاحتلال الميناء وتدمير كل القوارب والمعدات ومنع الصيادين من الإبحار، لذلك نشتهي الأكلات البحرية، واشتداد المجاعة زاد من رغبتنا في تناول لحم السلاحف».
أما المواطن أبو أحمد «فهو ينظر إلى الصيادين وهم يقومون بسلخ السلاحف داخل السوق ويرغب بتجربة تناول لحم السلاحف، لكن يبدي خوفه من تجربة تناولها لأول مرة مع غلاء سعر بيعها وعدم قبوله لطعمها، خاصة وأن لحمها يميل للأحمر الداكن وهذا ما يجعله يتراجع عن شرائه».


يشير إلى أنه «سيقوم بتجربة أكلها بعد أخذ نصائح من بعض الزبائن حول تجربة طهيها، وما إن كان يمكن قبول طعمها أم لا، وهذا الإلحاح من قبله يعود إلى حاجته لتناول اللحم، بعد منع الاحتلال توريد اللحوم إلى غزة وحاجة جسمه إلى الغذاء، بعد أن ظهرت عليه أعراض الهزال وسوء التغذية، وهذا حال الآلاف في غزة ممن يعانون من هزال وضعف في أجسادهم».