أخبار اليوم - على خلفية تزايد خسائر جيش الاحتلال والتسريبات عن قرب توسيع الحرب على غزة، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك، إن بنيامين نتنياهو قد أعلن الحرب على إسرائيل، ويعبث بمقدّراتها ويخلق ضررا فادحا بمكانتها وصورتها.
وفي حديث للإذاعة العبرية الرسمية صباح اليوم الأحد، وجّه باراك إصبع الاتهام مجددا لنتنياهو بخلط الأوراق، واتهمه بأنه يهرب إلى الأمام استبعادا للجنة تحقيق رسمية لا بد أن تقام فور توقف الحرب.
وتابع: “إسرائيل فعلا على حافة هاوية وديموقراطيتها ومكانتها الدولية بخطر، ونتنياهو هو المسؤول عن النزيف. نتنياهو يسعى لنسج صورة مزورة في أذهان الإسرائيليين والعالم مفادها أنه على تنسيق تام مع الرئيس الأمريكي ترامب، لكن الحقيقة أن ترامب تراجع عن فكرة الريفييرا في غزة منذ زمن بعيد، ومنشغل في قضايا أخرى، والآن هو يستعد لزيارة المنطقة وحساباته مختلفة عن حسابات نتنياهو، وهذا انعكس في تصريحاته الأخيرة”.
وقال باراك أيضا إنه يتفق بكل كلمة مع رئيس الشاباك الأسبق عامي أيالون في دعوته للعصيان المدني. وكان أيالون قد شارك في مهرجان خطابي في تل أبيب احتجاجا على استمرار الحرب وتعطيل الصفقة، فدعا الإسرائيليين للتمرد: “أخرجوا للشوارع. فعصيان غير عنيف هو واجب مدني لكل مواطن كجزء من المعركة على هوية وروح الدولة التي أسسها الآباء”.
الحرب تعود لوعي الإسرائيليين
وأشغل مقتل أربعة جنود وإصابة عدد أكبر في أسبوع، عددا كبيرا من المراقبين في إسرائيل، ويحذر معظمهم من أن هذه النتيجة هي البداية وأن الدولة تتجه للتورّط في أوحال غزة.
ويتوقّف المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هارئيل اليوم عند دلالة هذه الخسارة في صفوف الجيش، فيقول إن الإسرائيليين منذ انهيار وقف النار وتجدد الحرب على غزة في آذار الماضي، لم يشعروا بها لأنها لم تكن منوطة بخسارة جنود، وقد تغير ذلك هذا الأسبوع.
ويقول هارئيل إن الإسرائيليين باتوا يدركون أن زيادة الضغط العسكري يحتاج قوات كثيرة ووقتا طويلا وهذا لا يكفل عودة المخطوفين أحياء، وإسرائيل لا تستطيع مواصلة تجويع الغزيين إلى الأبد، منوها أن هذه أمور واضحة لنتنياهو أيضا، لكنه يرفض الاستنتاج الصحيح.
ويضيف: “فيما تواصل الحكومة إطلاق شعارات فارغة، يجتاز الجيش مسيرة يقظة تتعارض مع الطموحات الغيبية لدى الائتلاف الحاكم”.
ويتبعه المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” بن درور يميني، الذي يقول إنه كما هو متوقع، إسرائيل تتورط في الوحل بغزة.
ويتساءل: “هذه طريقة لتحرير رهائن؟ هل يخضع الضغط العسكري حماس؟ ما الذي يجب أن يحدث حتى نفهم أن قادة حماس مستعدون للتضحية بآلاف الفلسطينيين ولن يستسلموا؟ هل يظن نتنياهو أننا أغبياء؟”.
علينا أن نصرخ حتى متى؟
وهذا ما يؤكده المحاضر الخبير بالشؤون الفلسطينية الجنرال في الاحتياط دكتور ميخائيل ميليشتاين، في مقال تنشره “يديعوت أحرونوت” تحت عنوان “جذور الفشل” محذّرا من مغبة حرب استنزاف مكلفة دون استعادة بقية المخطوفين.
ويكّرر ميليشتاين تحذيراته المتتالية منذ بدء الحرب، بأن إسرائيل دون إستراتيجية، وإنها عالقة بمفاهيم الماضي. كما ينبه إلى أن إسرائيل تتغير للأسوأ، ويعلل ذلك بالقول إنه إلى جانب احتلال القطاع بالكامل، فإن ضمّ الضفة الغربية يجري بهدوء.
ويؤكد زميله المحلل السياسي شيمعون شيفر أن نتنياهو يرفض الاستجابة لأهواء الإسرائيليين بإنهاء الحرب واستعادة المحتجزين. ويقول إن كل الذرائع بمواصلة الحرب بجيش متعب غير منطقية، وإن حماس لم تُهزم، بل شرعت بحرب عصابات.
في الأثناء، تقول تسريبات إعلامية عبرية إن جيش الاحتلال الذي يتريث ولا يسارع لاجتياح بري واسع للقطاع لعدة أسباب تتعلق بالقوة والأثمان، يوصي أمام المستوى السياسي بتصعيد درجة الضغط العسكري على حماس من جهة، ويرفض تولي مهمة توزيع المساعدات الإنسانية التي تتحدث عنها إسرائيل رسميا نتيجة ضغوط دولية بما فيها ترامب، الذي دعا لإدخالها للقطاع ضمن كشفه عن بعض ما جاء في مكالمته الهاتفية مع نتنياهو قبل أسبوع، ولكن حتى الآن تبقى مجرد ثرثرة.
بالتزامن، تقول مصادر إسرائيلية أيضا إن رئيس الموساد ديفيد بارنياع ما زال متواجدا في الدوحة لمتابعة مساعي الصفقة، ويبدو أن هذا أيضا يندرج ضمن مناورات نتنياهو كي لا يبدو كمن تنازل عن المحتجزين دون سعي صادق لتحقيق اتفاق سبق وانتهكه بنفسه بشكل فظ عدة مرات.
من جهتها، تبدي حماس جاهزية لصفقة “الكل مقابل الكل” تشمل إنهاء الحرب أو هدنة طويلة لخمس أو سبع سنوات، لكن إسرائيل ترفض الفكرة.
وفي توقيت مريب، بثّت القناة 12 العبرية “تحقيقا” يستند لـ”وثائق ضبطها الجيش داخل قطاع غزة، تظهر فيه أن فكرة الهدنة استخدمتها حماس قبيل السابع من أكتوبر للتغرير بإسرائيل وتضليلها”. فهل هذه محاولة استباقية إسرائيلية رسمية لقطع الطريق أمام فكرة الهدنة؟