أخبار اليوم - كانت عائلة عديلي من قرية أوصرين في قضاء محافظة نابلس تعد العدة لاستقبال ابنها مصعب، الذي لم يتبق سوى أيام على موعد تحرره من سجون الاحتلال الإسرائيلي. لكنها تلقت خبرًا صادمًا قلب مخططاتها من احتفال ينهي ألم غياب دام أكثر من عام دون معرفة شيء عن ابنها، إلى وداع مؤلم دون سابق إنذار، ودون التمكن من إلقاء النظرة الأخيرة عليه.
الشاب عديلي (19 عامًا) هو الابن الأكبر لوالده حسن، ولديه شقيقان هما محمد وأحمد. لم يتمتع مصعب بالكفاءة في مسيرته التعليمية، فترك المدرسة باكرًا وكان يعمل بالمياومة في عدة أعمال منها البناء.
يقول عمه لؤي عديلي: "كان مصعب هادئًا قليل العلاقات الاجتماعية، يقضي أغلب وقته في العمل. شرع مؤخرًا في مساعدة والده في بناء شقة له على أمل أن يتزوج قريبًا، فكان يدخر مصاريف الزواج من عمله".
ولكن ما حدث في الثالث والعشرين من مارس من العام الماضي قلب حياة مصعب وعائلته رأسًا على عقب، فقد فوجئت العائلة بقوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي تقتحم منزلها باحثة عن مصعب، وتقوم باعتقاله بعد الاعتداء عليه بالضرب المبرح في فيديو تم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي!
ومن ذلك الحين، غابت أخبار مصعب في سجون الاحتلال الإسرائيلي التي تنقطع فيها أخبار الأسرى عن ذويهم، خاصة بعد السابع من أكتوبر 2023م. فلم تعرف العائلة سوى أنه تم الحكم عليه بالسجن لمدة سنة وشهر بتهمة إلقاء حجارة على قوات الاحتلال، وبغرامة قدرها 4000 شيكل.
يقول عديلي: "غابت أخبار مصعب، فلا زيارات أو مكالمات، ولم نعرف عنه شيئًا منذ اعتقاله سوى مدة محكوميته. وما إن قاربت محكوميته على الانتهاء، قمنا بدفع مبلغ الغرامة، وأعددنا العدة لاستقباله كما يليق بأي أسير محرر".
لكن القدر حمل للعائلة أمرًا لم يخطر ببالها أبدًا، فقد فوجئت باتصال من بعض شباب البلد يطلبون منهم قطع أعمالهم والقدوم لأمر هام. "خطر ببالي أن يكون قد حدث مع والدي (جد مصعب) مكروه، حيث كان في المستشفى بصدد إجراء عملية قسطرة للقلب. ولكنهم فاجأوني بأن مصعب مريض".
ويستدرك بالقول: "لكن تلك لم تكن الحقيقة بل تمهيد لإخبارنا باستشهاده. كان وقع الخبر قاسيًا على العائلة، خاصة والده الذي كان يتجهز لاستقباله واحتضانه بعد غياب. وما زاد صعوبة الموقف أن الاحتلال لم يسلم جثمانه حتى اللحظة كي نحظى بوداعه ودفنه".
وما زاد ألم العائلة أنهم لا يعلمون ما الذي حدث لمصعب في سجنه، وما الذي أدى لاستشهاده. لكن منشورًا لأحد الأسرى الذين كانوا معه حتى اللحظات الأخيرة حمل لهم حقيقة الخبر، فقد بين أن أغلب الأسرى في سجن النقب كانوا يعانون من مرض الجرب (السكابيوس) دون أن تقدم لهم إدارة السجن أي علاج.
ويقول: "جسد مصعب لم يحتمل هذا المرض، وكان يدق على باب السجن طالبًا من سجانيه أن يصطحبوه للمشفى، لكنهم لم يلقوا بالا لطلبه. فأخذت حالته تسوء يومًا بعد يوم حتى دخل في حالة إعياء شديد، وتم نقله للمشفى يوم الثلاثاء، ثم تم الإفراج عن زميله، ولم يعلم عنه شيئًا حتى صدم بخبر استشهاده في الإعلام".
ويرى عديلي أن مصعب هو ضحية الظروف القاسية واللا إنسانية التي يعانيها الأسرى في سجون الاحتلال منذ السابع من أكتوبر، من تعذيب وتجويع وإهمال طبي. "هذا قدرنا كشعب فلسطيني، كل يوم نودع شهداء، والعالم مش سامع بمعاناتنا ومعاناة أسرانا".
فلسطين أون لاين