تحت وطأة الحرب .. عمالة الأطفال تسرق زهرة حياتهم في غزة

mainThumb
تحت وطأة الحرب.. عمالة الأطفال تسرق زهرة حياتهم في غزة

24-04-2025 11:26 AM

printIcon

أخبار اليوم - في قطاع غزة المدمّر بفعل حرب الإبادة لم يعد غريبًا أن ترى طفلًا يجرّ عربة يدوية، أو يبيع المثلجات على أرصفة الطرق، أو يعمل في ورش ميكانيكا، أو بسطة شعبية وسط ظروف لا تليق ببراءته ولا تنصف طفولته.

فقد تسببت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في تعميق عمالة الأطفال لتتحول الى ظاهرة مقلقة حيث أجبر آلاف الأطفال عنوة على الانخراط في سوق العمل، بعد أن فقدوا معيلهم، وسط تعطّل خدمات الحماية الاجتماعية قسرا.

الطفل وليد "ع"، البالغ من العمر 11 عامًا، يعمل في بيع المثلجات منذ قرابة شهر، بعد أن اضطر إلى ترك مقاعد الدراسة في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة. يقول وليد لـ "فلسطين أون لاين" إن عمله البسيط يساعده في توفير بعض المال لمساعدة أسرته في شراء احتياجاتها الأساسية.

ويجوب وليد، برفقة شقيقه الذي يصغره بعامين، الشوارع والأزقة لبيع المثلجات التي يشتريانها من أحد المنتجين المحليين، الذي يعتمد على الطاقة الشمسية لتشغيل معداته في ظل انقطاع الكهرباء الدائم.

يقول وليد: "الحرب لم تترك شيئًا للطفولة، حُرمنا من التعليم، وكلما حاولنا العودة إلى مراكز تعليمية بديلة تتوقف بسبب القصف المستمر هناك أطفال استشهدوا وآخرون أصيبوا أثناء محاولتهم التعلم أو اللعب".

ويشير إلى أن عائلته لا تملك أي مصدر دخل، فوالده من مستحقي الشؤون الاجتماعية، لكنه لم يتلقَّ مخصصاته منذ أكثر من ثلاث سنوات.

كما توقفت المساعدات التي كانت تصله من مراكز الإيواء التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، بينما ترتفع الأسعار في السوق بشكل جنوني، ما يجعل حياة أسرته تزداد صعوبة يومًا بعد يوم.

في أحد الأسواق الشعبية بقطاع غزة، يفترش الطفل عماد "م"، البالغ من العمر 13 عامًا، طاولة مربعة الشكل، يضع عليها بعض السلع التموينية التي كان يشتريها من أفراد يمتلكون فائضًا، قبل أن تجدد سلطات الاحتلال إغلاق المعابر وتُوقف تدفق البضائع في الثاني من مارس/آذار.

يقضي عماد يومه كاملاً في السوق، من ساعات الصباح وحتى غروب الشمس، في محاولة لجني بعض المال لتأمين احتياجات أسرته، بعد أن فقد والده وشقيقته في قصف استهدف مدرسة كانوا يأوون إليها قبل عام ونصف.

يقول عماد لـ "فلسطين أون لاين": "أنا لست راضيًا عن وضعي، لكن ماذا أفعل؟ استشهد والدي ولم يبقَ من يعيلنا السوق هو خياري الوحيد الآن".

ورغم قساوة التجربة، يشير عماد إلى أن السوق علمه الاعتماد على النفس وعدم طلب المساعدة من أحد، إلا أنه سرق طفولته، مؤكدًا أنه يخشى أن يضطر لاحقًا لترك الدراسة والاستمرار في العمل، حتى لو توقفت الحرب.

وكشف تقرير أممي نُشر بتاريخ 18 مارس 2025 أن ما لا يقل عن 39,000 طفل في قطاع غزة فقدوا أحد الوالدين أو كليهما منذ بدء الاحتلال حرب الإبادة في أكتوبر 2023، مما يدفع العديد منهم للبحث عن سبل دخل لتعويض غياب المعيل.

مؤشر خطير الاختصاصي الاقتصادي خالد أبو عامر يحذر من تداعيات تفشي عمالة الأطفال في قطاع غزة، مؤكدًا أن الظاهرة تمثل مؤشرًا خطيرًا على الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الناتج عن الحرب المستمرة.

ويقول أبو عامر لـ "فلسطين أون لاين": "عمالة الأطفال ليست فقط انتهاكًا لحقوق الطفولة، بل تعكس أيضًا غياب الحماية الاجتماعية وانعدام الأمن المعيشي، وهي تهدد مستقبل جيل كامل بالحرمان من التعليم والنمو السليم".

ويضيف أن استمرار الظاهرة سيؤدي إلى رفع نسب الفقر والجهل على المدى الطويل، كما يساهم في خلق طبقة مهمشة يصعب دمجها مستقبلًا في سوق العمل الرسمي.

ويدعو أبو عامر إلى تدخل دولي عاجل، يضمن حماية الأطفال وتوفير بدائل اقتصادية واجتماعية تعيدهم إلى مقاعد الدراسة، وتوفر دعمًا حقيقيًا لأسرهم المنكوبة.

وأفاد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في تقريره الصادر بتاريخ 15 أبريل 2025، أن عدد الأطفال العاملين في قطاع غزة تضاعف خلال السنوات الخمس الأخيرة ليصل إلى نحو 9,700 طفل تتراوح أعمارهم بين 10 و17 عامًا، من بينهم 2,900 طفل تحت السن القانونية للعمل (15 عامًا).

فلسطين أون لاين