روحٌ لا تُهزم .. النَّاجي "أبو العوف" يواجه الألم بالأمل

mainThumb
روحٌ لا تُهزم.. النَّاجي "أبو العوف" يواجه الألم بالأمل

24-04-2025 11:12 AM

printIcon

أخبار اليوم - لم يكن حازم أبو العوف، التاجر المعروف في سوق الزاوية وهو من الأسواق الشعبية في مدينة غزة، يتخيّل أن تنقلب حياته في لحظات من رجل يملأ السوق حركة ونشاطًا إلى جريح مقعد، فقد ذراعه، وأصيب في وجهه، وخسر محلاته وأحلامه دفعة واحدة.

أبو العوف، (46 عامًا)، هو أبٌ لأربعة أبناء، كان يملك سلسلة محلات تجارية لبيع المواد الغذائية، أبرزها في سوق الزاوية الشهير، حيث يعرفه الجميع بتعامله الطيب وبضائعه ذات الجودة. لم يتردد كثيرًا حين بدأ الاحتلال حرب الإبادة في غزة وأصرّ على البقاء في منزله، متمسكًا بمبدأ "لن أترك بيتي مهما كان الثمن".

البقاء رغم التهديد

يقول لـ "فلسطين أون لاين": "كنت أصرّ على البقاء في منزلي، رغم اشتداد الغارات وتصاعد وتيرة الحرب، أرفض النزوح، فهذا بيتي ولن أتركه، قلتها مرارًا لأبنائي الأربعة"، متمسكًا بما تبقى من الشعور بالأمان في جدران باتت مهددة بالانهيار في أي لحظة.

ففي الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠٢٤ سقط صاروخ اسرائيلي بشكل مباشر على منزله، حوّل المكان إلى ركام، وأبو العوف وأطفاله كانوا في الداخل، لحظات مرعبة عاشوها وسط الدخان والدمار، انتهت بإصابة جميع أفراد عائلته وبتر يده اليسرى بالكامل، بينما أُصيبت يده اليمنى بجروح بليغة، استدعت عدة عمليات جراحية معقدة لمحاولة إنقاذها.

ويوضح أن يده اليمنى تعرضت لتمزق في الأعصاب وكسور متشعبة في العظام، وخضعت لعمليات تثبيت خارجية، لكن وضعها يتطلب تركيب بلاتين داخلي، وربما لاحقًا إعادة تأهيل مكثف لتحسين الحركة وإستعادة شيئًا من وظيفتها.

ويشير أبو العوف إلى أن الحصار المطبق على قطاع غزة منذ بداية الحرب وخاصة في الفترة الأخيرة حرمه من استكمال علاجه، عدا عن حاجته إلى أدوية وعلاجات مختلفة لتضميد جروحه، ويواجه صعوبة في الحصول عليها.

فلم يحصل على هذا العلاج، كما أنه سعى لتقديم أوراقه لأجل العلاج بالخارج خاصة أن الأطباء أخبروه أن يده اليسرى تحتاج إلى عملية أخرى بسبب هبوط العظمة في الجلد، ولكن إغلاق المعابر حال دون سفره، وغياب الإمكانيات الطبية داخل غزة جعله أسيرًا لوضع صحي معقد، يزداد سوءًا مع الوقت.

لم تكن تلك الإصابة هي الوحيدة فبعد أيام قليلة من محاولة التعافي خرج لأجل البحث عن مكان آخر لعائلته، وبينما كان يحاول تأمين مكان آمن لعائلته، أصيب مرة أخرى بشظايا في وجهه خلال غارة جوية أخرى، خلّفت آثارًا واضحة على ملامحه.

أما من الناحية النفسية، فلم يكن مر هينًا خاصة أن أبو العوف قد فقد بيته الذي كان يأويه وعائلته، ومصدر رزقه فقد كان يملك محلين تجاريين وكليهما تم قصفهما، عدا عن إصابته وفقدانه لجزء أساسي في جسده.

يتابع حديثه: "كنت أعمل من الفجر حتى منتصف الليل.. اليوم أحتاج من يربط لي الحذاء، من يساعدني بشرب قهوتي، لم تعد حياتي كما أعرفها واعتدت عليها، خاصة بعدما فقدت تجارتي بشكل كامل، وهو ما شكّل ضربة اقتصادية قاضية لي ولعائلتي".

في عينيه تسكن دمعة مكبوتة، وفي قلبه حسرة لا توصف، ومع ذلك، لا يزال أبو العوف متمسكًا بخيط رفيع من الأمل، ليس لنفسه، بل لأبنائه الأربعة الذين يحتاجون لأب، حتى لو كان بلا يد، وبلا تجارة، وبلا وطن آمن.

المصدر / فلسطين أون لاين