هل تقترب الحرب على غزَّة من نهايتها مع توسع الداخل "الإسرائيلي" ؟

mainThumb
هل تقترب الحرب على غزَّة من نهايتها مع توسع الداخل "الإسرائيلي" ؟

22-04-2025 10:09 AM

printIcon

أخبار اليوم - تعيش دولة الاحتلال الإسرائيلي أزمة داخلية عميقة تتجسّد في تزايد المطالبات بإنهاء الحرب على قطاع غزة، فقد تصاعدت الأصوات المنتقدة للعدوان المستمر، سواء من داخل الحكومة أو من المواطنين العاديين. وتسلّط هذه المطالبات، التي تصدّرت جميع الأوساط الرسمية والشعبية، الضوء على حالة الانقسام الداخلي في (إسرائيل) بين مؤيدين للحرب ومعارضين لها.

وفي هذا السياق، يؤكد محللون سياسيون أن استمرار هذه الضغوط الداخلية قد يؤدي إلى تأثيرات كبيرة على قرارات الحكومة الإسرائيلية، بما في ذلك احتمالية إنهاء الحرب أو تعديل استراتيجيتها.

يشير المحلل السياسي محمد جرادات إلى أن الموقف الذي اتخذه رئيس أركان جيش الاحتلال السابق، دان حلوتس، ضد قرارات الحكومة بفصل الطيارين العسكريين الذين وقّعوا على عريضة احتجاجية ضد الحرب، يكشف عن عمق الأزمة التي يواجهها النظام العسكري الإسرائيلي.

حلوتس، الذي كان أحد الموقعين على العريضة، أكد أن 400 ألفًا من جنود الاحتياط لا يمكن إسكاتهم، وأن لهم حق التعبير عن آرائهم كأفراد في المجتمع قبل أن يكونوا جزءًا من الجيش. هذا الموقف يعكس تصاعد الرفض داخل المؤسسة العسكرية للحرب، ويضع الحكومة أمام تحدٍّ صعب في الحفاظ على الدعم العسكري في ظل هذه الاحتجاجات المتزايدة.

ويضيف جرادات أن العرائض الاحتجاجية التي وقّع عليها العديد من العسكريين والمتقاعدين، تعكس تراجعًا في التركيز على القضايا الوطنية الأساسية مثل قضية الأسرى، وتحويلها إلى موضوع خلاف داخلي.

وهذا التحول يعمق الشرخ السياسي والاجتماعي داخل (إسرائيل)، ويؤثر سلبًا على معنويات الجيش والمجتمع الإسرائيلي. ومن وجهة نظره، فإن استمرار هذه الاحتجاجات قد يؤدي إلى تصعيد الأزمة إلى ما هو أبعد من مجرد خلافات سياسية، مما ينذر بحدوث انقسامات عميقة داخل المؤسسة العسكرية نفسها.

وقد حذر خبراء أمنيون، مثل أريئيل هايمن، من أن خطأ واحدًا في التعامل مع هذه الاحتجاجات قد يؤدي إلى تآكل قدرة الجيش على تنفيذ خطط القيادة السياسية، وهو ما يعرّض النظام العسكري بأكمله للخطر.

بدوره، يرى المحلل السياسي أحمد عبد الرحمن أن الرقعة الداعية لإنهاء الحرب قد توسعت بشكل ملحوظ داخل المجتمع الإسرائيلي، لتشمل ليس فقط أهالي الأسرى الإسرائيليين، بل أيضًا قطاعات واسعة من المثقفين والفنانين والأكاديميين. وقد شهدنا في الآونة الأخيرة توقيع نحو 1700 مثقف إسرائيلي على عريضة تطالب بوقف الحرب على غزة، كما وقّع مئات الجنود السابقين والأطباء العسكريين على بيانات مشابهة.

ويضيف عبد الرحمن أن هذه الاحتجاجات تعكس حالة من الرفض العميق للعدوان العسكري، خاصة مع تدهور الوضع الإنساني في غزة وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين.

ويشير عبد الرحمن إلى أن أهالي الأسرى الإسرائيليين في غزة يمثلون أحد الأصوات الرئيسية المعارضة للحرب، إذ يعتقدون أن استمرار القتال يعرّض حياة ذويهم للخطر. وقد شهد هذا الحراك دعمًا قويًا من مختلف الأوساط الإسرائيلية، ما يعكس حالة من القلق المتزايد داخل المجتمع من تداعيات استمرار الحرب.

هذا الحراك الجماهيري دفع المؤسسة العسكرية إلى اتخاذ خطوات تصعيدية، كان أبرزها قرار رئيس الأركان إيال زامير بفصل قادة وأفراد من الاحتياط ممن وقّعوا على العرائض المطالِبة بإنهاء الحرب، في خطوة تعكس مدى تآكل العلاقة بين الجيش والحكومة، لا سيما مع التحذيرات من نقص حاد في القوات القتالية.

ويتجلّى الشرخ الداخلي في المجتمع الإسرائيلي بشكل واضح من خلال انقسامه بين تيارين متناقضين: الأول يطالب بتصعيد الحرب مهما كانت التكلفة، ويرى أن ضرب الفلسطينيين حتى القضاء على المقاومة هو السبيل الوحيد لضمان الأمن على المدى الطويل. هذا التيار، الذي يحظى بدعم رئيسي من اليمين الإسرائيلي، يعتقد أن التوصل إلى "نصر عسكري" في غزة ضروري لحفظ هيبة الدولة في مواجهة المقاومة الفلسطينية.

أما التيار الثاني، فيرى أن الاستمرار في المجازر سيؤدي إلى تدمير (إسرائيل) على الصعيدين الدولي والمحلي. هذا التيار يدعو إلى اتخاذ خطوات سياسية لحل الأزمة، والضغط على الحكومة للبحث عن مخرج سياسي يضمن الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين ويجنّب المجتمع مزيدًا من التدهور الاقتصادي والمعنوي.

ويعتبر هؤلاء المعارضون أن استمرار الحرب يعمّق العزلة الدولية لـ(إسرائيل) ويحوّلها إلى كيان منبوذ في المحافل الدولية.

ويتفق المحللان على أن هذه الضغوط الداخلية مرشحة للازدياد مع مرور الوقت، ما قد يجبر الحكومة على إعادة تقييم استراتيجيتها في غزة. وتشير المعطيات إلى أن المجتمع الإسرائيلي في حالة من الانقسام الحاد، وهو ما يعكس ضعفًا داخليًا قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تغييرات في الموقف السياسي الرسمي. وقد لا تتمكن حكومة نتنياهو من الاستمرار في تجاهل هذه الضغوط طويلًا، خاصة مع تصاعد الاحتجاجات العسكرية والشعبية.

ورغم محاولات الحكومة الإسرائيلية إظهار صلابة في موقفها تجاه الحرب، إلا أن استمرار الاحتجاجات الداخلية قد يدفعها إلى إعادة التفكير في جدوى الحرب وأهدافها. ويبدو في النهاية أن الضغوط الشعبية والعسكرية قد تُجبر القيادة الإسرائيلية على النظر في سيناريوهات سياسية بديلة، تضمن إنهاء الحرب، أو على الأقل تعديل أهدافها بما يحقّق مخرجًا يحفظ ماء وجه "إسرائيل" في الساحتين الدولية والمحلية.

فلسطين أون لاين