أخبار اليوم - نشر موقع “أكسيوس” تقريرا أشار فيه إلى انقسام فريق إدارة دونالد ترامب بشأن إيران بين مطالب بالضرية العسكرية أو الحوار كوسيلة لإنهاء التهديد النووي الإيراني.
وفي تقرير أعده باراك رافيد، قال فيه إن الرئيس ترامب تعهد بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، لكن داخل فريقه للأمن القومي، ثمة انقسام حول أفضل السبل لتحقيق ذلك. وأضاف ان الخلافات ليست نقاشا نظريا. فقد أرسل ترامب مفاوضين لمحاولة التوصل إلى اتفاق، وقاذفات بي-2 وحاملات طائرات للخطة البديلة. ورغم اختلاف المسؤولين حول المسار الأفضل لمنع البرنامج النووي، لكنهم متفقون على أنه بدون اتفاق، فستندلع حرب على الأرجح. ونقل مسؤول أمريكي مطلع على النقاشات الداخلية لموقع أكسيوس: ” سياسة إيران ليست واضحة تماما ويرجع ذلك أساسا إلى أنها لا تزال قيد الدراسة، إنها معقدة لأنها قضية ذات طابع سياسي مشحون جدا”.
ويأتي الحديث عن خلافات المواقف داخل فريق ترامب، بعدما عقد الرئيس اجتماعا في غرفة العمليات مع كبار مستشاريه يوم الاثنين، ضم مسؤولين من كلا الجانبين في الخلاف السياسي. وقال المسؤول الأمريكي: “هناك وجهات نظر مختلفة، لكن الناس لا يطلقون الأصوات”. وقالت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، لموقع “أكسيوس”: “يفخر الرئيس بوجود فريق لديه آراء مختلفة. يستمع إليهم جميعا، ثم يتخذ القرار الذي يراه في مصلحة الشعب الأمريكي”.
وخلف الكواليس هناك معسكر وإن لم يكن رسميا يقوده نائب الرئيس جيه دي فانس ويرى أن الحل الدبلوماسي هو الأفضل والممكن، وأن الولايات المتحدة يجب أن تكون مستعدة لتقديم تنازلات لتحقيقه.
خلف الكواليس هناك معسكر وإن لم يكن رسميا يقوده نائب الرئيس جيه دي فانس ويرى أن الحل الدبلوماسي هو الأفضل والممكن، وأن الولايات المتحدة يجب أن تكون مستعدة لتقديم تنازلات لتحقيقه
وقال مسؤول أمريكي آخر إن فانس مشارك بشكل كبير في مناقشات السياسة الإيرانية.
ويضم هذا المعسكر أيضا مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي مثّل الولايات المتحدة في الجولة الأولى من المحادثات الإيرانية يوم السبت ووزير الدفاع بيت هيغسيث. كما يحظى بدعم خارجي من تاكر كارلسون، المؤثر في حركة “لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” والمقرب من ترامب.
ويخشى هذا المعسكر من أن يؤدي ضرب المنشآت النووية الإيرانية إلى تعريض الجنود الأمريكيين في المنطقة للخطر عند رد إيران. ويجادلون بأن أي صراع جديد في المنطقة سيؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط في وقت حساس للاقتصاد الأمريكي.
أما الجانب الآخر، فيقول مسؤولون أمريكيون إنه يضم مستشار الأمن القومي مايك والتز ووزير الخارجية ماركو روبيو. ويبدي هذا المعسكر، شكوكا شديدة تجاه إيران، ويقلل من فرص التوصل إلى اتفاق يقلص البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير. كما ويتبنى أعضاء مجلس الشيوخ المقربين من ترامب، مثل السناتور الجمهوري عن نورث كارولينا ليندزي غراهام، والسناتور الجمهوري عن ولاية اكنساس توم كوتن، هذا الرأي أيضا.
ويعتقد هذا المعسكر أن إيران أضعف من أي وقت مضى، وعلى الولايات المتحدة ألا تتنازل، بل عليها المطالبة بتفكيك برنامج إيران النووي بالكامل. وعليها إما توجيه ضربة مباشرة لإيران أو دعم ضربة إسرائيلية إذا لم تفعل.
يعتقد المعسكر الثاني في إدارة ترامب أن إيران أضعف من أي وقت مضى، وعلى الولايات المتحدة المطالبة بتفكيك برنامجها النووي بالكامل. وعليها إما توجيه ضربة مباشرة لإيران أو دعم ضربة إسرائيلية إذا لم تفعل
ويضغط صقور إيران، مثل مارك دوبوفيتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، بقوة من أجل هذا النهج. وقال دوبوفيتز لموقع “أكسيوس”: “وصف الرئيس ذات مرة اتفاق أوباما لعام 2015 بأنه سيء جدا، والسؤال الآن هو ما إذا كان لا يزال يؤمن به”، محذرا من قبول “اتفاق أوباما المعدل”.
وتتزامن الخلافات بعد أول لقاء رسمي وعالي المستوى بين ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في عمان يوم السبت، استمر لـ 45 دقيقة، وهو أرفع اتصال منذ إدارة أوباما. وكان لقاء محفوفا بالمخاطر بشكل خاص، نظرا لأن ترامب هو من انسحب من اتفاق أوباما وأمر باغتيال القائد العسكري الإيراني البارز ، الجنرال قاسم سليماني.
والآن يريد ترامب الحصول على صفقة نووية، سريعة وضع لها مهلة زمنية من شهرين بدون تقديم تفاصيل عما سيفعل حالة فشلت المفاوضات. ويعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أحد أبرز المعارضين للدبلوماسية مع إيران. وقال مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إن زيارة نتنياهو للبيت الأبيض الأسبوع الماضي اتسمت بالتوتر، لا سيما عندما ناقش مع ترامب الملف الإيراني. وأشار أحد المسؤولين، إلى المؤتمر الصحفي الذي كشف فيه ترامب عن محادثات إيران، والذي بدا فيه نتنياهو غير مرتاح: “استمتع الرئيس نوعا ما بمواجهته بشأن إيران. نفس الديناميكية التي رأيتموها في العلن حدثت في السر”. وقال المسؤول: “يرى ترامب وبيبي الأمور بشكل مختلف تماما بشأن قضية توجيه ضربة عسكرية لإيران”. كما يرى البعض في “معسكر الحوار” أن إصرار نتنياهو على ضرورة تخلي إيران عن برنامجها النووي بالكامل بموجب أي اتفاق أمر غير واقعي.
من جهة أخرى، قالت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير أعده ديفيد سانغر، مراسل شؤون البيت الأبيض والأمن القومي إن إدارة ترامب بدأت بهدف بسيط: إجبار إيران على تفكيك برامجها النووية والصاروخية. ثم بدأ كبير مفاوضيها بتخفيف لهجته، فاضطر إلى التراجع.
وقبل بضعة أسابيع فقط، أوضح مستشار الأمن القومي مايكل والتز هدف الإدارة في المفاوضات بشأن برنامج طهران النووي بعبارات واضحة وضوح الشمس.
قال: “التفكيك الكامل” أي: إجبار إيران على التخلي عن منشآت تخصيب الوقود النووي، ومنشآت “التسليح”، وحتى صواريخها بعيدة المدى. لكن ما بدا هدفا بسيطا وصعب المنال في برنامج حواري يوم الأحد بدأ يتكشف.
وخلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، ترك المسؤولون مجموعة من الرسائل المتناقضة والمربكة، مما يشير إلى أن الإدارة قد تكتفي بوضع حدود لأنشطة إيران – كما فعل الرئيس باراك أوباما قبل عقد من الزمان – قبل التراجع يوم الثلاثاء.
وعلقت الصحيفة أن هذا يعكس، ببساطة قلة الخبرة في التعامل مع برامج الأسلحة النووية. كبير مفاوضي ترامب هو ستيف ويتكوف، وهو صديق للرئيس، والذي، بصفته مطورا عقاريا في نيويورك مثله، قضى حياته في التعامل مع ناطحات السحاب ولكنه لم يبدأ في الخوض في أجهزة الطرد المركزي النووية الإيرانية تحت الأرض ومختبرات الأسلحة المشتبه بها إلا قبل بضعة أسابيع.
لكن يبدو أن التناقض متجذر أيضا في الانقسامات داخل فريق الأمن القومي لترامب وهو يتصارع من جديد مع واحدة من أطول المشاكل وأكثرها إزعاجا في السياسة الخارجية الأمريكية: كيفية وقف البرنامج النووي الإيراني دون الدخول في حرب بسببه. حتى الآن، كانت النتيجة سلسلة من الرسائل المختلطة والإشارات المتضاربة والتهديدات الصاخبة، على غرار الطريقة التي يتحدث بها ترامب ومساعدوه عن استراتيجيتهم المتطورة باستمرار بشأن التعريفات الجمركية.
يبدو أن التناقض متجذر أيضا في الانقسامات داخل فريق الأمن القومي لترامب وهو يتصارع من جديد مع واحدة من أطول المشاكل وأكثرها إزعاجا في السياسة الخارجية الأمريكية: كيفية وقف البرنامج النووي الإيراني دون الدخول في حرب
برزت القضية إلى الواجهة ليلة الاثنين عندما بدأ ويتكوف الحديث عن لقائه الأول مع وزير الخارجية الإيراني يوم السبت الماضي في عُمان. وقال إن الاجتماع سار على ما يرام، حيث انغمس في عالم البرنامج النووي الإيراني المعقد، الذي أوصله إلى عتبة بناء سلاح نووي.
خرج ويتكوف من ذلك الاجتماع وهو يتصور نوعا مختلفا تماما من الاتفاق مع إيران عن ذلك الذي وصفه والتز.
وفي مقابلة مع قناة فوكس نيوز، تحدث عن بناء نظام “تحقق” لإنتاج اليورانيوم المخصب، “وفي النهاية التحقق من التسليح، والذي يشمل الصواريخ، ونوع الصواريخ التي خزنوها هناك، ويتضمن ذلك الزناد لقنبلة”. أشار إلى أن إيران قد تبقى قادرة على إنتاج اليورانيوم بمستويات منخفضة – تلك اللازمة لإنتاج الطاقة النووية – ولم يتطرق قط إلى “تفكيك” البرنامج النووي الإيراني. وباختصار، كان يصف نسخة منقحة ترامبية ربما أكثر تشابها مع الاتفاق الذي أبرمته إدارة أوباما مع إيران قبل عقد من الزمن. ولم يدم تصريح ويتكوف طويلا. وبحلول منتصف الصباح، نشر ويتكوف رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي أعلن فيها أن “إيران يجب أن توقف برنامجها للتخصيب والتسليح النووي وتقضي عليه”، وهو وصف لم يستخدمه قط في الليلة السابقة.