حي الشيخ رضوان .. نازحون بين قسوة الحرب وضيق الحياة

mainThumb
حي الشيخ رضوان.. نازحون بين قسوة الحرب وضيق الحياة

16-04-2025 01:53 PM

printIcon

أخبار اليوم - داخل خيمة من القُماش الخفيف نصب أوتادها في أرض صغيرة فارغة تقع في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، بعدما أزال أكوام القمامة المتراكمة فيها برفقة عائلات أخرى رافقته النزوح من مناطق شمالي قطاع غزة، يعيش المُسن مصطفى مصطفى برفقة زوجته وأولاده. منذ ما يزيد على 15 يوماً نزح "مصطفى" (72 عاماً) من منطقة عزبة بيت حانون، ومعاناته تشتد أكثر يوماً بعد آخر، من قلّة الطعام الذي يقوي جسده النحيل لكونه مصابا بمرض السرطان في الكليتين يجعله بحاجة ماسة لتناول غذاء صحي يساعده على قضاء احتياجاته وأسرته.

"نعيش وضعاً مأساوياً من جوع وإرهاق ومرض" يُعبر مصطفى لـ "فلسطين أون لاين"، عما يجول في قلبه وهو يستند على عكاز خشبي يساعده في التنقل من مكان لآخر، وقد بدت عليه علامات الإرهاق والتعب، ثم يردد "لم نجد مكاناً سوى هذه المنطقة في إشارة لحي الشيخ رضوان غرب مدينة غزة". يقول بصوت يملأه القهر: "لا يتوفر لدينا الطعام ونعتمد على التكيّات الخيرية بشكل كامل، ولكّنها الآن تقلّصت بشكل كبير منذ اغلاق المعابر مع قطاع غزة، وحتى الحصول على الماء يتطلب جهداً كبيراً والتنقل لمسافات طويلة".

ويضيف "كل يوم ينقص وزني أكثر، حيث خسرت حتى الآن 12 كيلوغرام، من قلّة الطعام والشراب، ولا استطيع شراء الدواء الخاص بمرضي، ولا يتوفر لدي الخشب لإشعال النار واضطر لإرسال بنتي لجمع النايلون والكرتون"، يتنهد ويضرب كفيه يمنى بيسرى ويردد "الوضع كارثي بكل ما تحمله الكلمة".

تعيش المعاناة ذاتها أم ماجد الفالوجي التي نزحت عدّة مرات من شمال غزة إلى جنوبه، وانتهى بها المطاف في حي الشيخ رضوان غربي مدينة غزة، في النزوح الأخير عقب استئناف الاحتلال العدوان العسكري في 18 مارس/ آذار الماضي. تقول أم ماجد وهي تعيش داخل خيمة قماشية لا تحمي عائلتها برد الشتاء ولا حر الصيف لصحيفة "فلسطين": "منذ أكثر من أسبوعين نزحت من بيت حانون إلى غرب غزة، بعدما ألقى الاحتلال مناشير إخلاء للمنطقة، ولم نتمكن حينها من جلب كل المتطلبات اللازمة لنا من أغطية ومأكل وملابس للأولاد". ما يزيد معاناة أم ماجد التي تُعيل أسرة مكونة من أربعة أفراد، هو إصابتها بمرض مناعي ألزمها الفراش وجعلها غير قادرة الحركة والاعتماد على العكاز الحديدي "الووكر"، وتضيف: "الحياة هنا معدومة ومنذ وصولنا بدأنا حياتنا من الصفر، والأوضاع الاقتصادية صعبة جداً حيث لا يتوفر عمل ولا نتلقى مساعدات منذ اغلاق المعبر".

وتبعث رسالة مليئة بالألم "إلى كل الضمائر الحية أوقفوا الحرب، وكل ما نتمناه هو توفير حياة كريمة نستطيع خلالها إعالة الأسرة، وتوفير الأدوية اللازمة لشفائي من المرض". مقومات معدومة لا تتوقف أوجاع النازحين من مناطق شمال قطاع غزة عند تكرار مأساة النزوح والتنقل من مكان لآخر بل تتضاعف أكثر في كل مرّة، لأن كل مقومات الحياة تكون معدومة، خصوصاً أنهم لا يستطيعوا جلب كل أمتعتهم واحتياجاتهم من الطعام والملابس وغيرها.

تحت نيران القصف الإسرائيلي وأزيز الطائرات الحربية بدون طيار التي غطّت سماء قطاع غزة، نزح الشاب خليل صالح برفقة عائلته المكونة من أربعة أفراد من بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع، بعدما أمرهم جيش الاحتلال بإخلاء تلك المنطقة. وجد صالح ضالته في حي الشيخ رضوان، حيث اضطر للعيش في حاصل صغير في سبيل النجاة بعائلته من ذلك البطش الإسرائيلي، إذ يقول: "شهدت تلك الليلة قصفاً عنيفاً وهو ما دفعنا للنزوح ولم يكن أمامنا خيارات سوى التوجه إلى غربي غزة، حيث أن هذه المرّة هي الثانية التي أتوجه فيها إلى تلك المنطقة".

ويضيف صالح لصحيفة "فلسطين"، أن هذا النزوح لم يكن الأول حيث أجبر على مغادرة منطقة الشيماء الواقعة في بيت لاهيا عدة مرات هرباً من جحيم الموت الذي كان يطاردهم ولا يزال مستمراً. ويوضح أن معاناته تضاعفت بعد النزوح سيّما أنه لم يصطحب ما يكفيه من الأطعمة والملابس لأطفاله، الأمر الذي يزيد الأعباء الملقاة على عاتقه في توفير متطلبات عائلته من المأكل والمشرب والملابس والأغطية.

ويؤكد أنه يواجه صعوبة في الحصول على المياه حيث يضطر لقطع مسافات طويلة في سبيل تعبئة جالونات قليلة من المياه الصالحة للشرب والأخرى للاستخدام الآدمي، فيما بات توفير الأخشاب اللازمة لإشعال النيران لطهي الطعام أمراً صعبة، "واقع الحياة مرير"، يختصر معاناته بتلك الكلمات.

تجدر الإشارة إلى أن حي الشيخ رضوان غرب مدينة غزة يشهد اكتظاظاً كبيراً بالنازحين وأهالي المنطقة، مع استمرار حالة المجاعة التي تفرضها سلطات الاحتلال على قطاع غزة، عقب إغلاق المعابر المؤدية إلى القطاع في الثاني من مارس/ اذار الماضي، ومنع إدخال السلع الغذائية والمساعدات الاغاثية. وحي الشيخ رضوان هو أحد أحياء مدينة غزة، واجتاحه جيش الاحتلال في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لمدة 100 يوم متواصلة، ما أدى إلى تدمير الحي بحاراته وأسواقه ومدارسه ومساجده كباقي أحياء غزة، إضافة إلى تشريد سكانه ونزوحهم قسرا إلى مناطق أخرى.



فلسطين أون لاين