أخبار اليوم - بين الوجودي والقيمي تبدو إسرائيل في مفترق طرق عظيم الأهمية. المسألة الإيرانية وجودية. والولايات المتحدة بدأت بمفاوضات مع الإيرانيين، والتقارير التي خرجت من هناك روت عن تفاؤل حذر. بل إن الطرفين حددا موعداً ثانياً.
ولكن، قبل لحظة من الاحتفال، ثمة أمران مهمان ينبغي أن يؤخذا بالحسبان الآن:
أولاً، إن إيران ليست ليبيا، وعملية تحولها النووي مختلفة كمسافة الشرق عن الغرب عن عملية تحول النووي الليبي من عهد القذافي. وعليه، فإن طلب إسرائيل وصول المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران إلى نزع السلاح كما في ليبيا، يبدو خيالياً.
ثانياً، ينبغي أن نسمع أصوات الولايات المتحدة والأقوال التي تصدر عن ترامب، بأن توقعاتهم لنجاح المفاوضات محدودة. وكما قال ترامب مؤخراً: إذا ما فشلت المحادثات، فسيطرح الخيار العسكري على الطاولة. لكن ينبغي وضع نجمة صغيرة أيضاً: الرئيس الأمريكي وضع إسرائيل في الواجهة لهجوم على إيران، وقال: “فلتقد إسرائيل الخطوة”.
إيران ليست ليبيا، وعملية تحولها النووي مختلفة كمسافة الشرق عن الغرب عن عملية تحول النووي الليبي من عهد القذافي
مسألة إيران هي التحدي الوجودي لإسرائيل. نافذة فرص العمل تصغر من يوم إلى يوم. في كل ساحة أمنية وسياسية سليمة، كانت هذه المسألة تشغل بال القادة من الصباح حتى الليل. غير أننا نعيش في واقع مركب. مسألة غزة تقف على رأس السلم اليوم: 59 مخطوفاً ومخطوفة في أسر حماس، وجيش بثلاث فرق في غزة.
رغم أنهم يروون لنا بأن الجيش ينفذ مناورة واسعة في القطاع، من المهم أن نستمع إلى تقارير المقاتلين في الجبهة. وهؤلاء يروون بأنهم يديرون نوعاً من الأمن الجاري القوي أكثر مما يديرون مناورة. ثمة حكاية صغيرة في هذا الشأن: الفرقة 36 أدخلت لاحتلال محور موراغ – بطول 12 كيلومتراً، بعد أسبوعين من ضربة بدء الحملة. الفرقة الأكبر والأقوى في الجيش الإسرائيلي قامت بهذه الخطوة نحو عشرة أيام. بالمتوسط، تقدم لكيلومتر و200 متر في كل يوم. ربما أقل بقليل. هذه ليست خطوة جيش يهاجم بقوة ويفكك كل ما يصطدم به على الطريق. ما هكذا يمارس الضغط الحاد المكثف.
مقارنة مع مسألة إيران الوجودية، فإن مسألة المخطوفين قيمية. لكن الجيش الإسرائيلي والمجتمع الإسرائيلي لم يتصرفا كالماضي إذا لم يتحرر المخطوفون حتى آخر واحد منهم من جحيم غزة. الشعب اليهودي والجيش الإسرائيلي لا يبقيان واحداً في الخلف. وهذا هو الحال عندما يكون المرء يهودياً، وعندما يكون إسرائيلياً، وهذا يسمى “التكافل”، ببساطة.
فضلاً عن القيمية، هناك الموضوع العملياتي. أمس، حاول رئيس الأركان الفريق أيال زامير، أن يشرح للمحافل في المستوى السياسي بأن الجيش الإسرائيلي محدود في قدراته من حيث العتاد والقوة البشرية. وهو مطالب بإجراء تفضيلات.
في أهداف الحرب أيضاً، ينبغي -برأي محافل أمنية- إجراء تفضيل في ظل الفصل بين تحرير مخطوفين وتقويض حماس. في نظرة عملياتية، ينبغي تحرير المخطوفين أولاً، قبل عملية بقوة هائلة في القطاع.
بين الوجودي والقيمي، يبدو أن إسرائيل تجد صعوبة في المناورة وتحديد التفضيلات المناسبة.