أخبار اليوم - قال المحرر الدبلوماسي في صحيفة “الغارديان” باتريك وينتور إن نوابا في البرلمان البريطاني يضغطون على وزارة الخارجية للاعتراف بالدولة الفلسطينية. ودعت إيميلي ثورنبيري، رئيسة اللجنة المختارة للشؤون الخارجية في مجلس العموم بريطانيا لأن تنضم إلى دعوات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قال إن مؤتمر الأمم المتحدة في حزيران/يونيو يجب أن يكون حاسما.
وقال وينتور إن وزارة الخارجية البريطانية تتعرض لضغوط من النواب للاعتراف بالدولة الفلسطينية لو نفذ ماكرون خطته واعترف بالدولة الفلسطينية في مؤتمر دولي عن حل الدولتين سيعقد في نيويورك، بحزيران/يونيو.
وتترأس فرنسا المؤتمر مشاركة مع السعودية حيث دعا الرئيس الفرنسي لأن يكون المؤتمر لحظة حاسمة.
وزارة الخارجية البريطانية تتعرض لضغوط من النواب للاعتراف بالدولة الفلسطينية لو نفذ ماكرون خطته واعترف بالدولة الفلسطينية
وقالت ثورنبيري إن اللحظة قد حانت لأن تعترف بريطانيا بالدولة الفلسطينية، مضيفة “نحن بحاجة إلى عمل هذا مع أصدقائنا وأن نعمله مع الفرنسيين، وهناك الكثير من الدول الجالسة وتنتظر”. وأضافت أنه لو لم يتحرك الغرب سريعا، فلن تكون هناك فلسطين للاعتراف بها.
ودعم كريس دويل، رئيس مجلس التفاهم العربي- البريطاني (كابو) الخطوة، قائلا إنه كان يجب اتخاذها منذ فترة طويلة وان تحركا من عضوين دائمين في مجلس الأمن سيرسل رسالة قوية. وقال أيضا إنه لو لم تتحرك بريطانيا بسرعة، فستتأخر نظرا لنية إسرائيل ضم الضفة الغربية فعليا. ويحظى كابو بدعم قوي بين نواب حزب العمال، وعدد كبير منهم غاضب على إسرائيل وتصرفها في غزة. وهناك أيضا غضب بسبب منعها لنائبتين من حزب العمال زيارة الضفة الغربية.
ولا يزال الموقف الرسمي لوزارة الخارجية هو أنها ستعترف بفلسطين في اللحظة المناسبة ذات التأثير الأكبر، ولكن عندما كان ديفيد كاميرون وزيرا للخارجية، قدم تعديلا بسيطا على هذا الموقف عندما قال إن على بريطانيا الانتظار حتى نهاية العملية السياسية لكي تعترف بالدولة الفلسطينية. وفي إشارة إلى إسرائيل، قال إنه لا يمكن لأي دولة أن تستخدم حق النقض (الفيتو) ضد قرار بريطانيا بالاعتراف بفلسطين.
وفاجأ ماكرون المراقبين الأسبوع الماضي عندما أعلن عن أمله في أن يكون مؤتمر حزيران/يونيو حافزا لمجموعة من الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهي تصريحات زادت بوضوح من الضغط الدبلوماسي على بريطانيا لاتباع المبادرة الفرنسية.
وقال لقناة فرانس 5: “يجب أن نتحرك نحو الاعتراف [بالدولة الفلسطينية]، وسنفعل ذلك خلال الأشهر المقبلة”. وأضاف في إشارة إلى بعض دول الخليج، بما فيها السعودية: “أريد أيضا المشاركة في ديناميكية جماعية، تسمح لجميع المدافعين عن فلسطين بالاعتراف بإسرائيل بدورهم، وهو ما لا يفعله الكثيرون منهم”. وقال ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي اتهم إسرائيل شخصيا بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، إن السعودية لن تعترف بإسرائيل إلا كجزء من اتفاق يتضمن مسارا لا رجعة فيه نحو دولة فلسطينية.
رغم وجود شكوك في بعض الأوساط البريطانية حول مدى استعداد ماكرون لمعاداة إسرائيل، إلا أن العلاقات الشخصية والسياسية بين كير ستارمر وماكرون قوية
ورغم وجود شكوك في بعض الأوساط البريطانية حول مدى استعداد ماكرون لمعاداة إسرائيل، إلا أن العلاقات الشخصية والسياسية بين كير ستارمر وماكرون قوية، وسيكون من الصعب على وزارة الخارجية مقاومة أي ضغط فرنسي قوي للاعتراف بفلسطين، خاصة إذا نظر إليه كجزء من مسعى سلام أوروبي خليجي.
واختارت فرنسا في أيار/مايو عدم متابعة أيرلندا وإسبانيا والنرويج في الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وفي الوقت الحالي تعترف 148 دولة من أعضاء الجمعية العامة في الأمم المتحدة البالغ عددهم 193 دولة بالدولة الفلسطينية. ولم تتخذ أي دولة غربية عضو في مجموعة العشرين، بما فيها كندا وألمانيا وإيطاليا الخطوة بعد.
وفي الوقت الذي صوتت فيه الكنيست الإسرائيلي الشهر الماضي، ضد حل الدولتين إلا أن زعيم المعارضة يائير لبيد يرى فرصة على المدى المتوسط لهذا الحل، طالما لم تكن حماس جزءا من الحكومة.
وقد تغضب الخطوة الفرنسية إسرائيل والولايات المتحدة، إلا أن ماكرون يعتقد أن تحالفا مع دول الخليج، قد يدفع الرئيس دونالد ترامب لإعادة النظر في موقفه الداعم لبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، على وسائل التواصل الاجتماعي: “الاعتراف الأحادي الجانب بدولة فلسطينية وهمية… هو مكافأة للإرهاب وتعزيز لحماس”.
وفي مواجهة ردود الفعل العنيفة، ادعى ماكرون، الذي كتب على منصة إكس بالعبرية أنه كان ضحية لمجموعة من التفسيرات التي لا أساس لها. وقال إن موقف فرنسا هو “نعم للسلام، نعم لأمن إسرائيل، نعم لدولة فلسطينية بدون حماس”. وكتب: “هذا يتطلب إطلاق سراح جميع الأسرى ووقف إطلاق نار مستدام واستئناف فوري للمساعدات الإنسانية وتعزيز حل سياسي قائم على دولتين. لا يوجد طريق آخر سوى الحل السياسي. أنا أؤيد الحق الشرعي للفلسطينيين في دولة وسلام، تماما كما أؤيد حق الإسرائيليين في العيش بسلام وأمن، طالما أن كلتا الدولتين معترف بهما من قبل جيرانهما”. وأضاف: “يجب أن يكون مؤتمر حل الدولتين في يونيو حاسما. أبذل قصارى جهدي، جنبا إلى جنب مع شركائنا لتحقيق هدف السلام هذا. نحن بأمس الحاجة إليه”.
وفي إشارة إلى استعداد الولايات المتحدة الواضح لقبول ضم الضفة الغربية، صوت مجلس الشيوخ الأمريكي، الذي اتسم بالتوافق الحزبي إلى حد كبير الأسبوع الماضي، على تعيين مايك هاكابي، حاكم ولاية أركنساس السابق، سفيرا للولايات المتحدة لدى إسرائيل. وقد أشار هاكابي إلى الضفة الغربية بأسمائها التوراتية اليهودية “يهودا والسامرة”. وفي جلسة تثبيته، زعم أن دونالد ترامب لم يدعم التهجير القسري للفلسطينيين من غزة.
من جهة أخرى دعا فينسيت فين، القنصل البريطاني العام السابق في القدس إلى الاعتراف بفلسطين، حيث قال بمقال نشرته صحيفة “إندبندنت” يوم السبت إن الاعتراف بفلسطين لا يعني الانحياز لأي طرف وليس مكافأة الإرهاب أو نزع الشرعية عن إسرائيل بل بالمساواة وتطبيق القانوني الدولي.
وقال إن على بريطانيا أن تكون قائدة في هذه القضية وليست تابعة و”يتحمل بلدنا مسؤولية تاريخية، نابعة من الوعود المنقوصة لوعد بلفور وسوء تطبيقنا للانتداب على فلسطين حتى عام 1948. هناك حاجة ماسة: ففي عهد بنيامين نتنياهو، تعمل إسرائيل بشكل ممنهج على تقويض أي أمل في تعايش دولتين بسلام وهي السياسة الحزبية التي انتهجتها الحكومات البريطانية المتعاقبة”. وقال إن “حكومتنا انتخبت على أساس التزامها بالاعتراف بفلسطين واحترام القانون الدولي دون خوف أو محاباة. علينا أن نقود أوروبا والكومنولث بما يتوافق مع قيمنا ويخدم مصالحنا الوطنية. سيادة القانون في مصلحتنا”.
و”بالنسبة لبريطانيا، لا تقتصر المسألة على الدبلوماسية فحسب، بل تشمل أيضا العدالة والمساءلة التاريخية. قبل أكثر من قرن، تفاوضت بريطانيا وفرنسا سرا على اتفاقية سايكس بيكو، التي قسمت فيها الولايات العربية التابعة للإمبراطورية العثمانية إلى مناطق نفوذ. سيطرت بريطانيا على فلسطين بموجب انتداب عصبة الأمم، مع واجب معلن بمساعدة شعبها على تحقيق الاستقلال”.
وقال إن الإمبراطورية البريطانية ساهمت في رسم حدود الشرق الأوسط الحديث، للأحسن أو الأسوا. و”لدى حكومتنا الآن فرصة لمساعدة شعوب الشرق الأوسط على إعادة تشكيل مستقبلها، من خلال قيادة هذه الجهود”.