الدكتور فؤاد اياد خصاونة، نائب عميد كلية الفنون والتصميم / الجامعة الاردنية
في الأربعاء القادم، السادس عشر من نيسان، ستعلو رايات الوطن كما تعلو دائمًا، خافقةً في السماء، شاهدةً على مجدٍ لا ينطفئ، إنه يوم العَلم الأردني، يوم ستتوحد فيه القلوب والرايات مرة أخرى، ويهتف الأردنيون من كل محافظة وقرية وحي: "سر بنا للفخار والعُلا، وارعنا للنضال جحفلا..."
في هذا اليوم المنتظر، ستشهد شوارع المملكة مشهدًا لا يشبه سواه، حين ترتفع الأعلام فوق المنازل والمدارس والمباني الحكومية والخاصة، وتزين الساحات والميادين، ألوانه ليست مجرد درجات، ومعاني بل هي حكايات... الأسود يروي قصة القوة والمنعة العباسية، والأبيض يضيء فترات الازدهار والفتوحات الأموية، والأخضر يبعث الحياة وراية نبيا وحبيبنا محمد ص، المثلث الأحمر فهو وهج الثورة وميراث الكرامة، النجمة السباعية، سبع المثاني فهي تُضيء كـ"شعار الجلال وتماع الجمال والإباء في الربى".
وزارة الثقافة هذا العام تتصدر المشهد، تقود الاحتفال بـ"يوم العلم" بخطة وطنية شاملة، جعلت من المناسبة حدثًا حيًا نابضًا في كل بقعة من الوطن، من خلال حملة "علمنا عالٍ"، دعت الوزارة الجميع لرفع العلم، لا كرمز فقط، بل كقيمة تعيش في كل أردني.
فعاليات ثقافية، عروض فنية، مسابقات شبابية، وأناشيد وطنية، ستنطلق في كل المحافظات، تحت إشراف مباشر من الوزارة، في تأكيد على أن الثقافة هي الوعاء الذي يحفظ الهوية ويصون الذاكرة.
وفي تصريح لمعالي وزير الثقافة، معالي الأستاذ مصطفى الرواشدة، قال:
"في هذه الحملة نؤكد على قيم الاعتزاز برمزية العلم، ونجسد المعنى الذي يرتفع فيه العلم بشموخ في أردن المجد والحضارة والتاريخ والإباء، وفي ظل القيادة الهاشمية، وسليل دوحتها، الحفيد الثالث والأربعون للرسول العربي محمد صلى الله عليه وسلم، جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، وولي عهده الميمون سمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، ندعو أبناء شعبنا العظيم على امتداد ساحات وطننا الحبيب في الأردن للمشاركة في هذه الحملة، حيث سنرفع العلم على صدورنا وبيوتنا."
وقد أنتجت الوزارة نشيدًا وطنيًا خاصًا بالمناسبة، يعكس روح الفخر والانتماء، وهو النشيد الذي ستتردد كلماته في المدارس والساحات وقلوب الأجيال، ويُبعث من خلاله في النفوس الإيمان بأن "من نسيج الجهاد والفدا... واحتدام الطراد في المدى"، وُلد هذا العلم، وسيبقى.
ان العلم ليس قطعة قماش، بل قصة شعب، وذاكرة وطن، وعهد لا يُنكَر، نريده أن يُجسد الانتماء، ويغني بلسان كل أردني: في الذرى والأعالي فوق هام الرجال... زاهياً أهيبا".
في كل خطوة تخطوها وزارة الثقافة في "يوم العلم"، يتجلى إيمانها بأن الهوية ليست مجرد شعارات، بل روح تُنمى وتُصان، فالثقافة هي الحارس الصامت للانتماء، وهي التي تمنح الرموز معناها الحقيقي، من خلال إحياء الرمزية الوطنية للعلم، لا تكتفي الوزارة بالتذكير بالتاريخ، بل تُعيد ربط الإنسان الأردني بجذوره، وتفتح أمامه أبواب الفخر بموروثه، هي تعيد تشكيل العلاقة بين الفرد والرمز، فتجعل من العلم شاهدًا حيًا على قصة وطن، ومصدرًا دائمًا للقوة والانتماء.
#يوم_العلم ليس مجرد ذكرى… بل هو لحظة وعي وولاء، محطة يُعاد فيها التأكيد على أن الهوية الأردنية ليست كلمات في كتب، بل راية تُرفع، ونشيد يُتلى، وكرامة تُصان.
وها هو الأردن، كما كل عام، يستعد ليقول للعالم:
"ظافراً أغلبا... يا علمنا العالي، حيّه في الصباح والسُرى."