"وجبة الجمعة المميزة" أصبحت حلمًا يراود سكان قطاع غزة

mainThumb
"وجبة الجمعة المميزة" أصبحت حلمًا يراود سكان قطاع غزة

13-04-2025 10:55 AM

printIcon

أخبار اليوم - في يوم الجمعة الذي كان يومًا للفرح العائلي والموائد العامرة، تتحول ملامح أبناء قطاع غزة إلى وجوه شاحبة، وأطفال ينظرون إلى أمهاتهم بأعين يملؤها الرجاء، ليس من أجل ألعاب أو ملابس، بل من أجل وجبة طعام تحفظ كرامتهم وتُشعرهم بأنهم ما زالوا على قيد الحياة. منذ أن شدد الاحتلال الإسرائيلي حصاره على قطاع غزة، وواصل عدوانه المتواصل منذ السابع من أكتوبر وحتى اليوم، تغيّرت تفاصيل الحياة في القطاع الذي بات يئن من مجاعة خانقة تضرب أكثر من مليوني إنسان، حوّلتهم من سكّان إلى لاجئين داخل أرضهم، ومن أمهات وآباء إلى من يبحثون عن بقايا الطعام، ومن يوم الجمعة الذي كان يومًا للتماسك العائلي إلى يومٍ تتجدّد فيه الحسرة.

وأعلنت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية أن قطاع غزة دخل فعليًا "مرحلة متقدمة من المجاعة"، مشيرةً إلى أن 91% من سكان القطاع يعيشون في مراحل حرجة من انعدام الأمن الغذائي، بينما يُصنّف 345 ألف شخص ضمن المرحلة الخامسة، وهي الأعلى في سُلّم انعدام الغذاء عالميًا. في الوقت ذاته، تشير التقارير إلى أن 92% من الأطفال بين 6 أشهر وسنتين، إضافةً إلى الأمهات المُرضعات، لا يحصلون على الحد الأدنى من حاجاتهم التغذوية، في ظل انعدام المياه الصالحة للشرب والطهي لأكثر من نصف السكان. كل ذلك نتيجة الحصار المشدد، ومنع دخول المساعدات الغذائية، وتوقّف نشاط "التكيّات" التي كانت تُسهم في إطعام آلاف العائلات.

"في كل يوم جمعة، كنت أُعدّ وجبة مميزة لأطفالي، فيها ما تيسّر من لحم أو دجاج أو حتى سمك، كان ذلك جزءًا من طقوس العائلة، لكنه اليوم صار ذكرى لا أكثر"، هكذا بدأ علي أبو عودة (37 عامًا) حديثه لـ "فلسطين أون لاين"، بينما يحاول تهدئة أطفاله الخمسة الجوعى. يُضيف بحرقة: "اليوم لا أستطيع توفير قوت يومي، فكيف بوجبة مميزة؟ لا وجود لأي نوع من اللحوم أو الأسماك في السوق، وإن وُجد شيء منها، فهو بأسعار خيالية تفوق القدرة على الشراء.

أصبحت أمنيتي أن أوفّر لعائلتي وجبة جيدة في الشهر، لا في الأسبوع." أما صالح حسونة (50 عامًا)، وهو نازح من شمال غزة إلى أحد مراكز الإيواء في منطقة الشاطئ، ويعيش مأساة الفقد بعد استشهاد ابنته، فيصف الوضع بالكارثي: "خلال الحرب نسينا طعم الجمعة. كنا ننتظرها كفرصة لنلتقي حول الطعام، اليوم نبحث عن أي شيء يؤكل، حتى لو لم يكن مغذيًا أو صحيًا.

أطفالي باتوا يشتهون وجبة مميزة كل جمعة كما كنا في السابق، ولكن لا تكيّات توزع، ولا بضائع لنشتريها. صرنا نأكل ما يتوفّر، إن توفّر." في زاوية أخرى من مأساة غزة، يتحدث محمد الخطيب (40 عامًا)، وهو نازح فقد منزله في قصف إسرائيلي، ويعيش الآن مع أسرته في مدرسة تحوّلت إلى مركز إيواء، عن "جمعة الأحلام"، قائلًا: "صارت وجبة الجمعة حلمًا نراه في المنام، بعد أن فرض الاحتلال حصاره الخانق والممنهج لتجويع الناس.

أصبح توفير طعام يحتوي على أي نوع من اللحوم ضربًا من الخيال، حتى العدس والفول باتا من الكماليات." شبكة المنظمات الأهلية تؤكد أن ما يجري في قطاع غزة ليس مجرد أزمة إنسانية، بل "جريمة ممنهجة بحاجة إلى تدخّل دولي عاجل"، مطالبةً العالم بالتحرك لوقف ما وصفته بسياسة التجويع الجماعي التي يمارسها الاحتلال، عبر منع إدخال المساعدات، واستهداف المنشآت الزراعية والمخابز والمراكز الصحية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني. ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن الجوع في قطاع غزة وصل إلى مستويات غير مسبوقة في العالم خلال العقود الأخيرة، وسط مؤشرات تؤكد أن المجاعة قد تحصد أرواح الآلاف إذا استمر الحصار ومنع المساعدات.

في قطاع غزة، ما تزال الأرواح تُصارع الجوع، بينما عيون الأطفال تبحث عن طعام لا يأتي، وعن جمعة مختلفة لا تعود. الوجبة التي كانت تجمع العائلة في حضن الدفء، باتت ذكرى تختنق في صدور الأمهات، بينما يواصل الاحتلال سلب الحياة من مدينة أنهكها الحصار والعدوان، ويستمر صمت العالم في خذلانٍ لا يُغتفر.



فلسطين أون لاين