أخبار اليوم - كشف عضو اللجنة الوطنية لليقظة الدوائية ومستشار العلاج الدوائي السريري للأمراض المعدية الدكتور ضرار بلعاوي أن التبديل بين العلامات التجارية المختلفة لنفس الدواء حتى من دواء جنيس إلى آخر ليس دائما انتقالًا سلسا أو آمنا لا سيما بالنسبة لفئات دوائية حساسة معينة.
وبين أنه بالنسبة لملايين المرضى، توفر الأدوية الجنيسة (البديلة) ملاذًا مرحبا به من التكاليف الباهظة للأدوية ذات العلامات التجارية الأصلية، حيث يبدو المبدأ بسيطًا إذا كان دواءان يحتويان على نفس المادة الفعالة وبنفس الجرعة، فيجب أن يعملا بشكل متطابق.
وبينما يصح هذا الأمر بالنسبة للكثيرين وفق بلعاوي، فإن أصوات قلق متزايدة من المرضى ومتخصصي الرعاية الصحية تسلط الضوء على أن التبديل بين العلامات التجارية المختلفة لنفس الدواء حتى من دواء جنيس إلى آخر ليس دائما انتقالا امنا.
وأشار إلى أن هذه القضية تعتمد على ما هو أكثر من مجرد المادة الفعالة، فبينما تلزم الهيئات التنظيمية الأدوية الجنيسة بإثبات التكافؤ الحيوي أي أنها توصل نفس كمية المادة الفعالة إلى مجرى الدم خلال فترة زمنية مماثلة للدواء الأصلي ذي العلامة التجارية، قد توجد اختلافات دقيقة.
وأوضح أن التغيرات في المكونات غير الفعالة، المعروفة باسم السواغات (مثل المواد المالئة والرابطة والملونة)، أو عمليات التصنيع، أو حتى الطلاء الخارجي للأقراص، يمكن أن تغير بشكل طفيف طريقة امتصاص الدواء أو توزيعه أو استقلابه (أيضه) في جسم الفرد، فبالنسبة لمعظم الأدوية ذات الهامش العلاجي الواسع (فارق كبير بين الجرعة الفعالة والسامة)، تكون هذه الاختلافات الطفيفة غير ذات أهمية سريرية.
واعتبر بلعاوي أن الصورة بشكل كبير تتغير بالنسبة للأدوية ذات المؤشر العلاجي الضيق (NTI)، وهي الأدوية التي يكون فيها الفرق بين الجرعة الفعالة والجرعة السامة صغيرا جدا، فمثلا تُعد مضادات الصرع مثالًا رئيسا على ذلك، حيث يمكن لأي تغيير طفيف في تركيز الدواء بالدم ناتج عن تبديل العلامة التجارية أن يؤدي إلى حدوث نوبات صرع غير مسيطر عليها (نوبات اختراقية) لدى مريض كانت حالته مستقرة سابقا، أو على العكس، قد يؤدي إلى ظهور آثار جانبية منهكة.
وتابع بأنه قد يجد المرضى الذين يعتمدون على مضادات الاكتئاب أو مثبتات المزاج أن حالتهم تتزعزع بسبب تغيير العلامة التجارية، مما قد يؤدي إلى انتكاسة أو زيادة الآثار الجانبية، حتى لو بقيت المادة الفعالة اسميا كما هي، كما تتطلب أدوية أخرى ذات مؤشر علاجي ضيق، مثل مميع الدم وارفارين ودواء القلب ديجوكسين، ثباتا تاما في الاستخدام.
ونوه أنه من وجهة نظر الطبيب، يظل ضمان استقرار حالة المريض أمرا بالغ الأهمية، سواء كان يتعامل مع أدوية ذات مؤشر علاجي ضيق أو أدوية بيولوجية معقدة، وقد يصبح العديد من الأطباء قلقين بشكل مفهوم عندما يتم تبديل دواء مريض كان مستقرا على علامة تجارية معينة (سواء كانت أصلية أو جنيسة أو بيولوجية مرجعية) فجأة بوساطة الصيدلية أو شركة التأمين.
وعلى الرغم من إدراك الأطباء لضغوط التكلفة، لفت إلى أنهم قد يكتبون «يصرف كما هو مكتوب» (DAW) أو «العلامة التجارية ضرورية طبياً» على الوصفات الطبية للمرضى الحساسين، الذين يستخدمون هذه الأدوية الحرجة، للإشارة إلى أنه لا ينبغي إجراء أي استبدال.
واعتبر أن التعامل مع قوائم الأدوية المعتمدة للتأمين (الكتيبات الدوائية) ومتطلبات الموافقة المسبقة، لا سيما للأدوية البيولوجية باهظة الثمن وبدائلها، يمكن أن يستغرق وقتا طويلا وفي بعض الأحيان لا يكون ناجحا، مما يترك المريض عرضة للخطر المحتمل.
وشدد بلعاوي أن الشركات المصنعة للأدوية الأصلية (العلامات التجارية والبيولوجية) والشركات المصنعة للأدوية اللاحقة (الجنيسة والمثائل الحيوية)، تشارك في جهود تسويقية واسعة النطاق تستهدف الأطباء، وبشكل متزايد، الصيادلة.
ونبه بلعاوي الى أنه في حين أن الأدوية الجنيسة والمثائل الحيوية تعد مكونات حيوية للرعاية الصحية ميسورة التكلفة، فإن افتراض قابلية التبادل الشاملة والخالية من العواقب يحتاج إلى تدقيق دقيق، والنسبة للمرضى الذين يتناولون مضادات الصرع أو مضادات الاكتئاب أو الأدوية البيولوجية، أو غيرها من الأدوية ذات المؤشر العلاجي الضيق، غالبا ما يكون الاتساق هو المفتاح.
ودعا بلعاوي أنظمة الرعاية الصحية وشركات التأمين إلى موازنة استراتيجيات احتواء التكاليف مع الواقع السريري، الذي يشير إلى أنه بالنسبة لبعض الأفراد، فإن النسخة المحددة من الدواء ليست مجرد تفضيل، بل هي عامل حاسم في صحتهم وعافيتهم.
الرأي